يعد التعثر الدراسي، من الظواهر المقلقة التي يواجهها التعليم ببلادنا، حيث يعاني منها الكثير من المتعلمين والمتعلمات، مما يشكل عائقا أمامهم، يمنعهم من التحصيل الدراسي الجيد، الشيء الذي يفرز العديد من المشاكل، لعل أصعبها الهدر المدرسي.
إن التعثر الدراسي، دفع العديد من الدارسين والمهتمين بالحقل التربوي، إلى البحث عن سبل معالجته، حيث حاولوا مقاربته بالاعتماد على مؤثرات متعددة، تتداخل فيما بينها وبالتالي تضعنا أمام شخصية غير مكتملة، محطمة تعاني من تأخرت كثيرة.
1ـ تعريف التعثر الدراسي:
يمكن تعريفه بأنه عجز المتعلم، عن اكتساب مهارات ومعارف مثل باقي زملائه، داخل نفس المستوى الدراسي، وعدم القدرة على تحقيق الأهداف المسطرة أو الحد الأدنى منها، من طرف المدرس، الشيء الذي يتسبب له في الرسوب، بسبب عدم مسايرته للمقررات الدراسية.
ومن البديهي أن يكون للتعثر الدراسي، مجموعة من الأسباب المتحكمة فيه، إقتصادية واجتماعية، وأخرى ذاتية.
2ـ أسباب التعثر الدراسي:
- عوامل أسرية:
يقصد بالأسباب الموضوعية، الجوانب الاجتماعية، حيث يرى الباحثون من خلال دراساتهم، أن الأسرة تعد من بين أسباب فشلهم، ففي نظرهم أن الطفل المتعثر هو نتاج المشاكل الأسرية التي يعاني منها الوالدين، وحرمانه من الحنان والعطف، مما يجعله ينمو في جو مشحون غير ملائم، الشيء الذي يجعله يشعر بالقلق والإحباط، ويتركه في دوامة من الصراعات، مما يخلق له مشكلات نفسية جسيمة.
ليس هذا فقط، بل إن الإهمال للطفل وعدم التحقيق له الحاجيات الضرورية، كالتغذية الصحية مثلا، مما يسبب له الخمول والهزال، ولا يستطيع التركيز أثناء الدرس، ويساهم في تكوين شخصية عدوانية لديه، كما أن كثرة الخلافات، أو غياب دور الأم والأب بسبب الطلاق، أو الوفاة إلخ، يدفع الطفل إلى ملء الفراغ، مما قد يعرضه للتعرف على أصحاب السوء، فيصبح أكثر عرضة للتخلف الدراسي
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن تفضيل إخوته عليه لسبب من الأسباب، يشعره بالنقص والدونية، وكذلك الغيرة والحسد، وغيرها من المؤثرات التي تعرضه للفشل.
- عوامل اقتصادية:
إن المتأمل في مظهر المتعلمين والمتعلمات، والمتفرس في ملامحهم، يستطيع أن يلمس الاختلافات الواضحة بينهم، فالطفل الذي يعاني من المشاكل المادية نظرا لجملة من الأسباب، كفقر الوالدين، أو عطالتهم عن العمل، تساهم في جعل المتعلم يشعر بالنقص أمام زملائه، ويجعله أكثر عرضة للفشل الدراسي.
- عوامل تربوية:
قد يتعرض الطفل لتربية لا تؤهله للتحصيل الدراسي، أو قد يكون السبب في المناهج الدراسية التي لا تراعي فوارق المتعلمين والمتعلمات، وكذلك البنية التحتية للمؤسسة، الاكتظاظ والأقسام المشتركة، العلاقة المضطربة التي تجمع الأستاذ بالمتعلم، بسبب تحقيره له أو إهانته له، وتفضيل متعلم على آخر، كلها عوامل تساهم في جعل المتعلم يفقد ثقته في نفسه، بالإضافة إلى عدم الإلمام أو استخدام طرق التدريس الحديثة، يساهم في توسيع الهوة بين المتعلمين.
- أسباب ذاتية:
يمكن تلخيصها في ضعف ذكاء المتعلم، والذي يمكن إرجاعه “لعدم عمل الجهاز العصبي بشكل طبيعي”، أو معاناتهم من مشاكل جسمية، كضعف البصر والسمع، وكذلك صعوبات النطق، لا تسمح لهم بالتعبير بشكل سليم، مما قد يعرضهم للاستهزاء والسخرية من طرف زملائهم.
بالإضافة إلى التطورات الفيزيولوجية غير المفهومة، التي تجعل المتعلم في سن المراهقة، يعاني من قلق بسبب عدم قدرته على فهم التغيرات التي تطرأ على جسده.
3ـ طرق علاج التعثر الدراسي:
كما أشرنا سابقا فقد تعددت وتنوعت أسباب التعثر الدراسي، وتداخلت فيما بينها لكون شخصية سلبية متخلفة للمتعلم، تسحبه نحو الفشل، وتجعله غير قادر على تطوير ذاته، هي أسباب قوية لابد من إيجاد حلول لها، واستثمار تلك الحلول لمساعدة المتعلم على النمو بشكل جيد، فكريا وجسديا.
من بين سبل علاج التعثر الدراسي، مساعدة الأسرة على تقوية روابطها، وتحسيسها بدورها الفعال في تنشئة الطفل بشكل سليم، وهذا ما يتطلب توظيف طاقم خاص بالتتبع الاجتماعي للمتعلمين، ومحاولة التدخل بكل الطرق، لحل النزاعات بين الآباء والأمهات.
عدم تعميم المناهج الدراسية، وهذا ما باتت تنهجه مجموعة من الدول من بينها المغرب، وذلك من خلال جعل المقرر الدراسي ينطلق من بيئة المتعلم، ويوصل المعلومة له بأساليب بسيطة جدا، تراعي مساحة انفتاح المتعلم، على محيطه.
تعزيز العلاقة التي تجمع المتعلم بالمدرسين، ومنع أي ألفاظ تحط من كرامة المتعلم، وتعرضه للإساءة، فالمدرس هو الأب الثاني الذي يجب أن يجد فيه المتعلم، ما يفتقده من عطف واهتمام وحب.
تفعيل الصحة المدرسية، وتمكين المتعلمين الذين يعنون من مشاكل ذاتية وجسدية، من التتبع الطبي لصحتهم، حتى يصبحون في صحة جيدة.
مساعدة الأطفال الفقراء ماديا، لكي لا يشعروا بالنقص أمام زملائهم، وتوحيد الزي المدرسي بشكل صارم، حتى يصبح الكل سواسية، مما سيغيب التعالي والإساءة.
لست ربوت