خلدت الشيخة حويدة تراثا فنيا رائعا، ما تزال الذاكرة العبدية تحتفظ به كملحمة درامية لقبيلة عبدة، يعرف تحت اسم العيطة الحصباوية.
يدخل هد التراث الفني فيما اصطلح على تسميته عيطة. وما تبقى في مخزون الذاكرة الجماعية العبدية، من هذه الملحمة الدرامية التي خلدتها الشيخة خربوشة رغم ندرته، يشكل وثيقة تاريخية لها دلالة عميقة في مجرى الصراع السياسي والاجتماعي، الذي كانت تخوضة البادية، ضد استبداد وتسلط ممثلى السلطة المخزنية.
فالشيخة حويدة “خربوشة”، من هذا المنظور، ليست مجرد شيخة، تؤدي أغنية فقط، بل هي رمز للمرأة البدوية المناضلة، التي كانت لا تتردد في رفع صوتها عاليا، معلنة عن رفضها وتمردها باسم قبيلتها، لكل أنواع الهيمنة والاستعباد والقهر، صارخة في وجه قايدها، الجبروت بقولها:
«أنا عبد لعبدة، وللسي عيسى لا»
وبذلك تعتبر عيوط الشيخة حويدة بمثابة وثيقة تاريخية، تسجل أحداثا بتطوراتها وانكساراتها ومعاناتها.
ومع الأسف، فإن مخزون الذاكرة من هذا التراث الفني للشيخة حويدة، كان ضئيلا جدا، والبعض منه محرفا أو منتحلا، وهو شيء طبيعي ما دامت العيطة كلاما شفويا غير مكتوب. وهذا ما جعل أحمد بن محمد الصبيحي، الذي كان ناظرا لأحباس آسفي منذ سنة 1920، وهو من القلائل الذين نقبوا في مخزون الذاكرة العبدية، ودون ذلك داخل مخطوط سماه «عيسى بن عمر وفضائحه». وكان من الأوائل الذين سجلوا ما احتفظت به الذاكرة العبدية من بقايا كلام وغناء خربوشة، فلم يعثر إلا على النزر القليل.
https://maghrebhistory.com/
لست ربوت