تملك حورية قدرة تواصلية كبيرة، تمتلك قاموسا يجعل كلماتها تنفذ سريعا إلى أذن وعقل المتلقي، منذ أن اشتغلت كقائدة في مقاطعة حضرية بحي بيلفدير بالدار البيضاء، وهي تمارس عملها بطريقة لم يعهدها المواطنون في رجل سلطة ارتبط في الأذهان بلغة تخاطب قاسية ولا تقبل الرد.
ولأنها بيضاوية فقد لجأت في تواصلها مع المواطنين إلى لهجة سهلة الاختراق، بل إن أبناء الأحياء الشعبية للعاصمة الاقتصادية يجمعون على أن القائدة خبرت كلام العامة خاصة البيضاويين، لكنها جمعت بينه وبين خطاب يرقى إلى أعلى الدرجات، حين يتطلب منها الغوص في أعماق الفصول القانونية.
تابعت حورية تعليمها العالي في كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالدار البيضاء، وحين حصلت على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية والقانون الدستوري التحقت بالمعهد الملكي للإدارة الترابية، وحين تخرجت عينت قائدة بمنطقة بيلفدير بالدار البيضاء.
لكن أم المفارقات في مسار حورية المهني كانت في انتقالها من حي بورجوازي تقطنه طبقة اجتماعية معينة، إلى حي عزيب الدرعي بآسفي، والذي يضم أكثر من بؤرة صراع، خاصة الأسواق العشوائية. لكنها تمكنت بسرعة من الاندماج في المجتمع العبدي، الذي أنجب أشهر قائد في تاريخ المملكة، القايد سي عيسى.
وعلى الرغم من بنيتها الجسدية الضئيلة، إلا أن قدرتها على تدبير الأزمات جعلت منها عنوانا لسلطة بصيغة أخرى، حتى في معاركها لتحرير الملك العمومي من الباعة المتجولين ظلت وفية للتواصل السلس والحوار الذي يجعلها تنزل درجات في سلم النقاش، بل إن سلوكها جعل المواطن يغير نظرته للقائد ويعتبره عنصرا من عناصر التنمية، من خلال مقاربة سلطة القرب في إدارة الشأن المحلي.
أخرج وباء كورونا القائدة من جديد إلى الواجهة، بعد أن ظلت خرجاتها رفقة فيلقها تقتصر على معارك تحرير الملك العمومي، لكن هي الآن في مهمة أخرى تتطلب مضاعفة الجهد والابتعاد عن عمل المكتب، ما دفعها إلى قضاء الجزء الأكبر من يومها في أزقة ودروب نفوذها الترابي، فالطوارئ تحتاج إلى رجال ونساء قادرين على تنزيل هذا القرار بالحزم تارة، وباللين تارة أخرى.
في كل تدخلاتها تعمد حورية إلى استعمال قاموسها البسيط والمؤثر في الوقت نفسه، ومن أقوالها الشهيرة المتداولة على نطاق واسع في مختلف منصات التواصل الاجتماعي: «اللي عندها شي دري مجتهد تشدو، واللي عندها شي كسول تعطيه ليا نتولاه»، و«العالم كيموت ونتا كتكركر دخل لدارك»، «كتكركر على مزيناتك»، و«نقصو علي شوية من خيطي بيطي زيطي»، وقس على ذلك، لكنها لا تتردد في مخاطبة الناس بأسمائهم الخاصة وألقابهم، مع حثهم على الالتزام بالإجراءات الاحترازية التي أقرتها السلطات العمومية للتصدي لجائحة كورونا، ما جعلها تخلق لنفسها مكانا في قلوب كل المغاربة، إلا الذين انسحبوا مكرهين من ملك عمومي احتلوه قبل حلول كورونا.https://www.alakhbar.press.ma/ حسن البصري
لست ربوت