من ذاكرة الحوانيت الشهيرة في ابن جرير القديمة: بقلم التابي عبد الكريم

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية من ذاكرة الحوانيت الشهيرة في ابن جرير القديمة: بقلم التابي عبد الكريم

من ذاكرة الحوانيت الشهيرة في ابن جرير القديمة: بقلم التابي عبد الكريم

لا يتوفر وصف للصورة.


من ذاكرة الحوانيت الشهيرة في ابن جرير القديمة:
السي ْلهْلالي والبلجيكي وبرمضان: تجار الدوار الجديد مع "كريبة" "دوب" وشامبوان "بالموليف" وسكر النمر وأتاي القافلة
لم تكن بعض نقط بيع المواد الغذائية بابن جرير القديمة، مجرد أمكنة يمارس فيها النشاط التجاري فحسب، بل كانت علامات مميزة في نطاق وجودها، كما كانت نقطا إحداثية في الخريطة الكارطوغرافية للبلدة، منها يستنير كل عابر سبيل غريب يسأل عن شخص ما أو قريب ما، فكان لابد أن يسأله من التجأ لإرشاده: هاد السيد اللي كتسول عليه، إلى كان فدوار الجديد ما عرفتيش واش حدا حانوت السي الهلالي ولى حدا حانوت البلجيكي؟
ورغم أن السي الهلالي النافعي ـ كما عرفت لقبه من ابنه السي عبد اللطيف الذي درس إلى جواري بالقسم المتوسط الأول ابتدائي عام 1968 ـ غادر الدنيا منذ سنين طويلة، ورغم أن المكان الذي كان يشغله، تحول هو الآخر إلى حانوت في ملكية السيد عبد اللطيف الضاوي "الكريشي" (الكاف فوقها ثلاث نقط)، فإن اسم السي الهلالي لازال مسكونا في وجدان الجيل القديم حتى وإن كان حانوت عبد اللطيف صار يأخذ له بعض النصيب في وجدان الجيل الجديد، إلا أن هذا المستجد التاريخي لن ينسيَ الناس ما اعتادوا عليه، اعتبارا لكون المسجد المجاور له والذي بنته "الجْماعة" لازال يحمل اسم مسجد السي الهلالي والذي مر منه عدد من الأئمة منهم المرحوم السي عبد الحميد أمين.
في أغلب الظن أن السي الهلالي أقام ذلك الحانوت في الخمسينيات من القرن الماضي في ذلك الموقع من دوار الجديد الذي لا يبعد كثيرا عن دوار جلود باري من جهة ومن دوار لفريقية من جهة أخرى، وكانت الطاحونة المعروفة باسمه مجاورة للحانوت، وكان يقصدها الناس من ابن جرير ومن خارجها من ادواوير المجاورة، لطحن ما يحملون من حبوب القمح والشعير والذرة وخاصة أيام الخير الوفير بعد موسم صائف و"مصيف" بامتياز. وفي نفس النطاق كانت هناك "صاكة" لبيع التبغ كان يشرف عليها شقيقه المرحوم السي قدور كاكا والد الفقيد الشهيد ادريس كاكا أحدا ضحايا انتفاضة 20 ينيو 1981بالدارالبيضاء..
كان حانوت السي الهلالي وبقية المرافق التابعة له، محجا لعدد كبير من سكان ابن جرير وخاصة القاطنين بدوار لفريقية والجلود، كما كان أحد المزودين لبعض الحوانيت الصغيرة التي كان أصحابها يشقون بعض الفتحات على شكل نوافذ صغيرة من البيوت المتربة، من خلالها يتعاملون مع زبنائهم بما كان متوفرا ساعتها من مواد أساسية وحيوية في ذلك الزمن.
توفي السي الهلالي في تسعينيات القرن الماضي، ولم يتبق من ذلك "المركز" التجاري المتعدد، سوى اسم الهلالي كمعلمة شاهدة على جزء من تاريخ ابن جرير زمن الستينيات والسبعينيات على وجه الخصوص، وهي إلى جانب هذا وذاك معقل الدعوة "البَشَرِيَّة" التي أنجبت فريق الحي الشهير "البشريين" الذي ارتبطت حلقاته وتجمعاته على الجدران الإسمنتية ل"دار الضو"، والذي يعتبر السي عبد العالي بلقايد واحدا ممن لازالوا يخلصون لملهمهم "سيدي البشير" إلى جانب رفاق الدرب الآخرين المنصوري والماحي وبلكملات ومتصدق وربما حتى أحد أبناء السي الهلالي وغيرهم.
وفي اتجاه القشلة مركز ابن جرير، كان حانوت آخر مملوك للمرحوم السي محمد المراكشي المعروف ببنمحراش صاحب الفران المشهور، يسيره شخص سيصير اسمه أو بعبارة أصح كنيته كنار على علم في كل أنحاء البلدة. الأمر يتعلق بالرجل الأمازيغي الذي لا أدري من وأين وكيف سمي ب"البلجيكي"، على الرغم من كونه رجلا بسيطا حافظا للقرآن. قد يكون للأمر علاقة بسحنته التي تميل إلى الشقرة وعينيه اللتي تميلان إلى بعض الاخضرار.
يقع حانوت البلجيكي الأول غير بعيد كثيرا عن حانوت السي الهلالي، ويوجد بالضبط في الزاوية التي يؤدي الزقاق المحاذي لها إلى فران السي محمد بنمحراش.
عرف حانوت البلجيكي كواحد من أشهر الحوانيت التي يرتادها كثير من الزبناء المتعددين، وذلك لوجود مواد غير متوفرة في الحوانيت الصغيرة، ونظرا أيضا للعلاقة الطيبة التي كانت تربطه بالناس كبارا وصغارا.
انتهى زمن البلجيكي بعد التحولات التي عرفتها البلدة مجاليا وديمغرافيا، وعلى الرغم من أنه انتقل إلى حانوت آخر، فلم تعد الحال هي الحال، ولم يعد الزمن هو الزمن، وصار البلجيكي يعرفه الناس هو الآخر كجزء من تاريخ البلدة، إضافة إلى ما يرتبط بكونه فقيها، يقوم ببعض الأمور الأخرى التي يقوم بها بعض الفقها ك"السبوب" وغيره مما يدخل في هذا النطاق.
على مقربة من السوق وغير بعيد عن حمام الحاج عمر نعمان المعروف ب"الشراوطي"، كان هناك حانوت و"صاكة" لا يقلان شهرة في أوساط ساكنة ابن جرير، عن شهرة السي لهلالي. وكانتا تغطيان حاجيات السكان المجاورين وكذا أهالي البوادي الوافدين على سوق "الثلاث" الأسبوعية.
ظهرت حوانيت وأسماء لأصحاب حوانيت، لكن السي الهلالي والبلجيكي لهما مذاق حاص في حلق الجيل الذي شرب الكوكاكولا التي كانت تخرج من الأنف، وزيت لوسيور مع المربع الأحمر، وشامبوات "دوب" و"بالموليف"، وسكر النمر والتخلة، وشاي القافلة.




التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button