من الذاكرة الرياضية المستريحة على جناح السِّلم والسلامة: مولاي بوبكر بلفقيه: المروحة التي لا تتوقف عن الجري. بقلم عبلد الكريم التابي

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية من الذاكرة الرياضية المستريحة على جناح السِّلم والسلامة: مولاي بوبكر بلفقيه: المروحة التي لا تتوقف عن الجري. بقلم عبلد الكريم التابي

من الذاكرة الرياضية المستريحة على جناح السِّلم والسلامة: مولاي بوبكر بلفقيه: المروحة التي لا تتوقف عن الجري. بقلم عبلد الكريم التابي


         























بعض الأشخاص ممن لعبوا الكرة زمن الثمانينيات في دوري الصداقة الشهير، لم يتركوا آثار الكرة ودحرجتها على الأرضية الصلبة في ذاكرة الناس فحسب، بل تركوا أيضا من حسن السلوك والطيبة والمعاملة، ما يلازمهم ويلازم من جاورهم وتعرف إليهم عن قرب، وما يحفظون من جميل القول وحسن المعشر، رغم مرور ما يناهز أربعين سنة على تاريخ البدايات الأولى.




























كنت في سياق استحضار بعض اللاعبين الذين برزوا بشكل لافت داخل فرقهم للأحياء سنة 1981، جئت على ذكر اثنين من لاعبي فريق الDJA (المرحوم المهندس مصطفى الناوي وجمال القدميري)، ولكن من زاويتين مختلفتين تتعلقان بالمصير الاجتماعي الذي انتهى إليه كل منهما.
وما قيل عن الأشبال والنهضة بخصوص الحيرة التي تصادف المرء وهو يغامر باختيار واحد من مجموعة لاعبين لا تفرق بينهم إلا بعض التفاصيل الصغيرة التي يراها كل من زاوية نظره الخاصة، يقال أيضا عن ذلك الفريق المتناغم المتماسك الذي كانت لغة العيون والإشارات داخل الملعب، كافية لخلق حالات من الانسجام الذي كانت من خلاله تلك المجموعة التي أتقنت الكرة وأمتعت الجمهور، تقدم كرة قدم عصرية سابقة على زمنها.
ولكن لأن أمر الاختيار يتطلب الحسم على الرغم من أنني لست على دراية بعوالم الكرة وتقنياتها وخططها ومعايير اصطفاء هذا اللاعب من ذاك، فقد خمنت وقدرت استنادا إلى معايير شخصية، أن مولاي بوبكر بلفقيه يستحق في اعتقادي، أن يحظى بأن يمر عبر هذه الذاكرة الرياضية التي نتمنى أن تحظى عند الجمهور ببعض القبول مادام الإجماع لا يرتبط إلا بالحالات النادرة.
سيجد مولاي بوبكر بلفقيه داخل فريق ال DJA ، المجال فسيحا ومتاحا لتفجير إمكانياته الفنية، حينما يجد لاعبين متمرسين يلعبون الكرة للاستمتاع والإمتاع كجمال القدميري وحميدة والمرحوم مصطفى الناوي والعبروقي وعبد الله الزاوي والحارس المتألق السي عبد الرحيم بنعامة أحد أجود من دافع عن مرمى ال DJA وبعدها الشباب.
كانت السرعة والاختراق من أهم مميزات مولاي بوبكر كجناح أيمن يبذل أقصى ما يملك من الطاقة، ليجري وراء الكرة، ويوصلها عرضية إلى من يتواجد في عمق معسكر الفريق الخصم.
خاصية السرعة هذه التي ميزت مولاي بوبكر كما ميزت غيره كالمحجوب زروال، مكنته من المساهمة مع زملائه في فريق ال DJA من تحقيق سلسلة من الانتصارات، وبالتالي ضمان مرتبة ضمن الخمسة الأوائل في دوري الصداقة الشهير.
كان طبيعيا واعتبارا لإمكانيات الشاب مولاي بوبكر الفنية والبدنية، أن يبرز كاسم قادم في صفوف كبار فريق الشباب الذي سيعود إلى المنافسة بعد توقف اضطراري، بعدما سبق له أن لعب لفريق شبان نفس الفريق خلال الموسم الرياضي 1978.
قضى مولاي بوبكر موسما واحدا مع فريق الشباب (81/ 82)، وكانت آخر مقابلة خاضها بقميص الفريق، هي تلك التي واجه فيها فريق وداد قلعة السراغنة. هذا الانقطاع كان اضطراريا بعد أن تمكن من ولوج مدرسة الدرك الملكي بالدار البيضاء التي ابتدأ منها مشواره المهني في سلك "الجندرمة".
إذا كانت ظروف البحث عن الرزق خارج ميادين الكرة في ذلك الزمن الكروي الفقير من حيث إمكانياته المالية، التي لا تدر دخلا ولا تعويضا ولا تأمينا لمستقبل ما، قد عجلت بتوقيف مولاي بوبكر لمساره الكروي، فإنها لم تمنعه من أن يترك أثره كإنسان خلوق على درجة كبيرة من الاحترام الذي لا يختلف عليه أحد ممن جاوره أو عرفه عن قرب في ذلك الزمن السبعيني المتأخر أو الثمانيني المتقدم في بلدة ابن جرير.
حينما يكلمك مولاي بوبكر بصوته الخافت، يكلمك بتقدير ووقار ومحبة صادقة. وإلى جانب ذلك لم يقطع صلاته ببلدته وتتبع أخبار فريقه السابق، والإشادة بكل اللاعبين القدامى عبر تعاليقه التي لم تتوقف منذ أن بدأت سلسلة النبش في الذاكرة الرياضية لابن جرير، الشيء الذي يبين أن الرجل سمح جوَّاد يقتسم مشاعر الفرح والألم مع الآخرين، عكس البعض الذي يبدو أنه ما إن مر في منشور خاص واحتفل به الناس وزملاؤه السابقون والمقربون، حتى اختفى عن الأنظار، ولم يعد يكلف نفسه كتابة جملة أو كلمة أو حتى بصمة إعجاب أو "إيموتيكون ضاحك" في حق بعض زملائه الأحياء أو "إيموتيكون" دامع في حق زملائه الموتى.
الكريم يبقى كريما، واللئيم الذي لا يرى سوى نفسه، لا يمكن أن يبقى إلا لئيما.

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button