غزوة بدر عبر وفوائد وانتصارات المسلمين في رمضان بقلم الشيخ عبد الحميد امين امام وخطيب مسجد الهلالي بابن جرير رحمه الله

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية غزوة بدر عبر وفوائد وانتصارات المسلمين في رمضان بقلم الشيخ عبد الحميد امين امام وخطيب مسجد الهلالي بابن جرير رحمه الله

غزوة بدر عبر وفوائد وانتصارات المسلمين في رمضان بقلم الشيخ عبد الحميد امين امام وخطيب مسجد الهلالي بابن جرير رحمه الله

الشيخ عبد الحميد أمين إمام مسجد الهلالي رحمه الله - Home | Facebookالحمد لله أيها الناس إن شهر رمضان شهر مبارك شهر الانتصارات عبرتاريخ المسلمين.ففي اليوم الثاني من رمضان كانت معركة بلاط الشهداء عام 114هجرياً بين المسلمين والفرنجة وأبلي فيها المسلمين بلاء حسنا وانتهت دون انتصار أي من الطرفين......و في اليوم الثالث من رمضان كانت حادثة التحكيم عام 37 هجرياً بين كل من علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما لتولي خلافة المسلمين بعد استشهاد عثمان بن عفان ثالث الخلفاء الراشدين...
وفي الرابع من رمضان عام 927 هجرياً نجح السلطان العثماني سليمان القانوني في فتح مدينة بلغراد التي كانت تعد مفتاح أوروبا الوسطى...
وفي السادس من رمضان عام 1005 ميلادياً وصل إلى مصر العالم الكبير حسن ابن الهيثم، ملبياً دعوة خليفتها الحاكم بأمر الله الفاطمي، لإستشارته في أمر استغلال مياه نهر النيل والتحكّم في فيضانه...
وفي الثامن من الشهر الكريم أرسل الرسول (صلى الله عليه وسلّم) أبا قتادة الأنصاري إلى بطن غضا، للتمويه على المشركين بخط سير المسلمين لفتح مكة متبعا بذلك مبدأ أن الحرب خدعة....
وفي اليوم التاسع من رمضان نزل المسلمون على شواطئ جزيرة صقلية واستولوا عليها لينشروا الإسلام في ربوعها، وتم فتح صقلية على يد زياد بن الأغلب...
وفي العاشر من رمضان كان انتصار الجيش المصري على نظيره الإسرائيلي في حرب دمرت أسطورة الجيش الذي لا يقهر..
وفي اليوم الحادي عشر من رمضان قدم وفد من ثقيف على رسول الله مُحَمّد صلى الله عليه وسلّم فأسلموا وكان سيدهم عروة بن مسعود قد جاء رسول الله وجيوشه منصرفة من حنين والطائف وقبل وصوله إلى المدينة أسلم وحسُن إسلامه وأستأذن الرسول صلى الله عليه وسلّم في الرجوع إلى قومه ليدعوهم إلى الإسلام ، فأذن له وهو يخشى عليه، فلما رجع إليهم ودعاهم إلى الإسلام رموه بالنبل فقتلوه، ثم ندموا.. ورأوا أنهم لا طاقة لهم بحرب الرسول عليه الصلاة والسلام، فبعثوا وفدهم هذا اليوم معلنين إسلامهم، فقبل منهم الرسول ذلك وبعث معهم أبا سفيان صخر بن حرب والمغيرة ابن شعبة لتحطيم أصنامهم...
وفي الثاني عشر من شهر رمضان كان فتح مكة، والتي دخلها الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقول للذين عذبوه وطاردوه وحاولوا قتله وبذلوا كل جهدهم لفتنة أصحابه على مدار ثلاثة عشر عاماً، "ما تظنون أني فاعلاً بكم، فيقولون له: خيراً، أخٌ كريم وابن أخٍ كريم، فيقول مُحَمّد عليه الصلاة والسلام : أذهبوا فأنتم الطلقاء...
وفي الثالث عشر من الشهر الكريم كان فتح بيت المقدس بعد وصول الفاروق رضي الله عنه لديار الشام...وكتب للنصارى أن تؤمن أرواحهم وأموالهم وكنائسهم...
وفي الرابع عشر من شهر رمضان كان وضع حجر الأساس للجامع الأزهر الشريف في عام 359 هجرياً

وفي السادس عشر من رمضان الموافق لـ 20 فبراير عام 1799م تمت مطاردة نابليون بونابرت للمماليك في العريش ثم اندحاره أمام عكا...
وفي اليوم السابع عشر كانت أول غزوة للمسلمين وأول مواجهة بين الحق والباطل وهي غزوة بدر الكبرى التي انتهت بانتصار المسلمين بقيادة نبي الحق محمد صلى الله عليه وسلم..
وفي التاسع عشر من شهر رمضان عام 1375 هجريا الموافق 30 إبريل 1956م: أصدرت الحكومة التونسية قرارًا بأن يكون جامع الزيتونة بتونس جامعة مختصة بالعلم وأن تسمى الجامعة الزيتونية وأصبحت بها خمس كليات...
وفي اليوم العشرين من الشهر الكريم الموافق 29 سبتمبر 671م تم بناء مسجد القيروان على يد عقبة بن نافع...
وفي اليوم الحادي والعشرون من رمضان كان بدء أعمال الحفر في قناة السويس التي تربط بين البحرين الأبيض والأحمر، واستمر الحفر 10 سنوات ونصف شارك في حفرها 60 ألف فلاح مصري، وبلغ طولها آنذاك 162.5 كم، وافتتحت للملاحة في 19 نوفمبر 1869م...
وفي الثاني والعشرين من رمضان وفي العام الأول للهجرة النبوية كان بدء إرسال السرايا النبوية لتحقيق بعض الأهداف الإسلامية، منها سرية حمزة بن عبد المطلّب إلى العيث، سرية محمد ابن مسلمة لقتل كعب ابن الأشرف، الشاعر الذي كان يحارب الإسلام بشعره وماله، وغيرها من السرايا التي ساعدت في دعم قواعد الدين الإسلامي الحنيف...
وفي الثالث والعشرين من شهر رمضان بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في أداء صلاة التراويح لتصبح سنة من بعده.......
وفي الخامس والعشرين من شهر رمضان عام 8 هجريا والموافق 15 يناير عام 630م بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد لهدم الأصنام ومنها العزى، كما بعث عمرو بن لعاص لهدم سواع، وبعث سعد بن زيد الأشهلي لهدم مناة، فأدَّى كل منهم مهمته بنجاح......وأيضا قد نصر الله المؤمنين يوم بدر ويوم حنين وفي الحروب الصليبية التسعة فقيض الله لهذه الأمة رجلا كصلاح الدين فأعاد الاعتبار إلى الأمة في معركة حطين كما نصر الله المسلمين على التتار في معركة <عين جالوت> التي وقعت في 25 من رمضان سنة 658 هـ بعد سقوط بغداد بسنتين.
وفي السادس والعشرين من رمضان كانت عودة نبي الأمة محمد صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك وهي الغزوة التي تخلف فيها بعض الصحابة وقاطع رسول الله كعب بن مالك وصاحبيه إلى أن رضي الله عنهم..
وفي السابع والعشرين من رمضان فُرضت زكاة الفطر في المدينة المنّورة، ويقال لها أيضاً صدقة الفطر...
وفي الثامن والعشرين من شهر رمضان عام 9 هجريا والموافق 1 يناير عام 631م جاء وفد ثقيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلنوا دخولهم في الإسلام... وشهد مثل هذا اليوم أيضا خطبة القائد الشهير طارق بن زياد لجيشه ليحثهم على المجاهدة لفتح بلاد الأندلس...
وفي التاسع والعشرين من الشهر الكريم رحل في مدينة بخاري بأوزبكستان الإمام العلاّمة البخاري علامة الحديث النبوي الذي جمع صحيحه في واحد من أشهر الكتب الدينية وهو صحيح البخاري...وفي آخر يوم من أيام هذا الشهر المبارك كانت وفاة الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه الملقب بداهية العرب في عام 43 هجريا عن عمر يناهز 100عام...اهـ منتديات الحزين فلسطين
أيها الناس قد اطلنا الكلام في هذا الجانب ليعلم الأحفاد أن الأجداد لم يكن رمضان عندهم بتحقيق الفوز السحيق ولم يتخذوه للراحة والنوم والإخلاد إلى الأرض وبهذه المقدمة نخلص إلى حديث موضوعنا وهو المستفاد من غزوة بدر التي مرت أنها في السابع عشر من رمضان فنوجز الكلام عليها من نقطتين
1>ـ النقطة الأولى: سبب الغزوة .2>ـ والثانية الفوائد والدروس المستقاة منها .وإليكم ذالك مفصلا:
أولا>>ـ سبب الغزوة أقول بدر عين ماء مشهورة بين مكة والمدينة وتنسب إلى بدر بن مخلد بن النضر، وكانت غزوة بدر يوم الجمعة الموافق السابع عشر من رمضان في السنة الثانية من الهجرة. كما في الطبقات لابن سعد (1/ص10)
وسببها أن النبي- صلى الله عليه وسلم- ندب أصحابه للتعرض لقافلة قريش العائدة من الشام إلى مكة، ولم يكن يريد قتالاً، ولكن القافلة التي كان يقودها أبو سفيان نجت بعد أن كان أرسل إلى قريش يستنفرها لحماية القافلة، فخرجت قريش في نحوٍ من ألف مقاتل، منهم ستمائة دارع (لابس للدرع) ومائة فرس عليها مائة درع سوى دروع المشاة، وسبعمائة بعير، ومعهم القيان يضربن بالدفوف، ويغنين بهجاء المسلمين. أما المسلمون فكانت عدتهم ثلاثمائة وثلاثة عشر أو أربعة عشر رجلاً، وأكثرهم من الأنصار، وكان معهم سبعون جملاً، وفرسان أو ثلاثة أفراس فحسب، وكان يتعاقب النفر اليسير على الجمل الواحد فترةً بعد أخرى. عندما سمع الرسول عليه الصلاة والسلام بأبي سفيان مقبلاً من الشام في تجارة لقريش، ندب المسلمين إليه، وقال لهم : ((هذه عير قريش ، فيها أموالهم ، فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها)).

وفي رواية عن أبي أيوب الأنصاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بالمدينة: ((إني أخبرت عن عير أبي سفيان أنهامقبلة، فهل لكم أن نخرج قبل هذه العير،لعل الله يغنمناها؟ قلنا: نعم. فخرج وخرجنا معه)).


ولم يستنفر الرسول صلى الله عليه وسلم كل الناس، بل طلب أن يخرج معها من كان ظهره حاضراً، ولم يأذن لمن أردا أن يأتي بظهره من علو المدينة، لذا لم يعاتب أحداً تخلف عنها. وكان عددهم ما بين 313 والـ 317 رجلاً، منهم ما بين الـ 82 والـ 86 من المهاجرين و 61 من الأوس و 170 من الخزرج، معهم فَرَسان وسبعون بعيراً، يتعقب الرجلان والثلاثة على البعير الواحد.
وكان أبو لبابة وعلي بن إبي طالب زميلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعندما جاء دوره في المشي ، قالا له: ((نحن نمشي عنك)). فقال لهما : ((ما أنتما بأقوى مني ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما)).
ثانيا>>ـ الفوائد والعبر:
1>>ـ وجوب الالتجاء إلى الله عندما ترى عدوك أقوى منك .والإخلاص في الدعاء من أعظم أسباب النصر على الأعداء كان ذلك عندما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم عريشه ومعه أبو بكر الصديق، فأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم يناشد ربه بالدعاء قائلاً: اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آتني ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض. فما زال يهتف لربه مادًا يديه مستقبلاً القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه وألقاه على منكبيه ثم التزمه وقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله عز وجل: ﴿إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين﴾ [الأنفال: 9] ، فأمده الله بالملائكة. [مسلم حديث 1763]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا: (اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادك وتكذب رسولك، اللهم نصرك الذي وعدت، اللهم أحنهم الغداة أي: انصرنا عليهم). [سيرة ابن هشام ج2 ص225] قال الله سبحانه : ﴿وقال ربكم ادعوني أستجب لكم﴾ [غافر: 60] ، وقال سبحانه: ﴿أم من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون﴾
فروى مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال:((لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ
مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ وَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ{ إِذ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ } فَأَمَدَّهُ اللَّهُ بِالْمَلَائِكَةِ قَالَ أَبُو زُمَيْلٍ فَحَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ يَشْتَدُّ فِي أَثَرِ رَجُلٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ أَمَامَهُ إِذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بِالسَّوْطِ فَوْقَهُ وَصَوْتَ الْفَارِسِ يَقُولُ أَقْدِمْ حَيْزُومُ فَنَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِ أَمَامَهُ فَخَرَّ مُسْتَلْقِيًا فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ خُطِمَ أَنْفُهُ وَشُقَّ وَجْهُهُ كَضَرْبَةِ السَّوْطِ فَاخْضَرَّ ذَلِكَ أَجْمَعُ فَجَاءَ الْأَنْصَارِيُّ فَحَدَّثَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ صَدَقْتَ ذَلِكَ مِنْ مَدَدِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ فَقَتَلُوا يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ وَأَسَرُوا سَبْعِينَ قَالَ أَبُو زُمَيْلٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَلَمَّا أَسَرُوا الْأُسَارَى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا نَبِيَّ اللَّهِ هُمْ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ أَرَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمْ فِدْيَةً فَتَكُونُ لَنَا قُوَّةً عَلَى الْكُفَّارِ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ لِلْإِسْلَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ قُلْتُ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَرَى الَّذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ تُمَكِّنَّا فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ فَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ وَتُمَكِّنِّي مِنْ فُلَانٍ نَسِيبًا لِعُمَرَ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَصَنَادِيدُهَا فَهَوِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَدِ
جِئْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ قَاعِدَيْنِ يَبْكِيَانِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَبْكِي أَنْتَ وَصَاحِبُكَ فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنْ أَخْذِهِمْ الْفِدَاءَ لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ شَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ{ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ إِلَى قَوْلِهِ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا فَأَحَلَّ اللَّهُ الْغَنِيمَةَ لَهُمْ>
.وهذا قتيبة ا بن مسلم القائد البطل حاصر كابل وطوقها ولما اقتربت ساعة الصفر قال قتيبة التمسوا لي محمد بن واسع الأزدي أحد الصالحين فوجوده قد صلى الضحى وهو يدعوا الله بالنصر:((يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام نصرك الذي وعدتنا))فجاء الخبر إلى قتيبة فبكى وقال:
((والله الذي لا إله إلا هو إن أ صبع محمد بن واسع خير عندي من مائة ألف سيف شهير ومن مائة ألف شاب طرير)).....
وقد جاء الحث من الشارع على سؤال الدعاء من سائر المسلمين وإن كان السائل أشرف من المسئول منه وهذا يدل على أن الدعاء ينفع الأحياء لما جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:((استأذنت النبي(ص)في العمرة فأذن وقال:
((لا تنسانا يا أخي من دعائك))رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح...وقد جاء في الحديث أن النبي(ص)قال لعمر إذا لقيت رجلا من التابعين يقال له أويس فاسأله أن يستغفر لك
روى مسلم عن عمر(ض)قال:((سمعت رسول الله(ص)يقول((يأتي عليكم أو يس بن عامر من أمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم له والدة هو بها بر لوا قسم على الله لأ بره فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل))فاستغفر لي فاستغفر له))وفي رواية له عن عمر قال:(إني سمعت رسول الله(ص)يقول:((إن خير التابعين رجل يقال له أويس وله والدة وكان به بياض فمروه فليستغفر لكم))...
وحقيقة الدعاء:هو إظهار الافتقار إلى الله والتبري من الحول والقوة وهو سمة العبودية .والآن فإليكم أيها الناس فوائد الدعاء:
1)ــ يرفع البلاء ويرده لقوله تعالى:
((قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم))والمعنى لولا دعاؤكم إياه له وحده عند الشدائد والكروب لهلكتم فإن الله يستجيب لمن دعاه ولو كان كافرا لقوله تعالى:
((فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين))أي الدعاء
وقال((فلولا إذ جاءهم باسنا تضرعوا))أي: { فلولا } فهلاَّ { إذ جاءهم بأسنا } عذابنا { تضرعوا } تذلَّلوا ، والمعنى : لم يتضرعوا
فالقسوة التي تكون في القلوب هي من آثار المعاصي وهي سبب في عدم التضرع إلى الله والخضوع له حتى في حال الضراء فمن لم يتضرع لمولاه حتى في حال الضراء فقلبه قاس والقسوة نذير الهلاك .
2)ـــ يرد العذاب بعد ما تظهر معالمه فقد رد الله العذاب عن قوم يونس بعد ما انعقدت أسبابه وظهرت معالمه لكن لما ضجوا إلى الله بالدعاء رد الله عنهم عقابه قال تعالى:((فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين))
قال ابن القيم رحمه الله ما نصه:((الدعاء من أقوى الأسباب في دفع المكروه وحصول المطلوب ولكن قد يتخلف عنه أثره إما لضعف القلب وعدم إقباله على الله وجمعيته عليه وقت الدعاء وإما الحصول المانع من أكل الحرام واستيلاء الغفلة ؟.
والدعاء من أنفع الأدوية وهو عدو البلاء يدافعه ويعالجه ويمنع نزوله ويرفعه أو يخففه إذا نزل اهـ الجواب الكافي . وللدعاء آداب منها ترصد أوقات الإجابة كالثلث الأخير من الليل ومنها خفض الصوت في الدعاء ومنها عدم تكلف السجع ومنها مصاحبة الخشوع للدعاء ومنها حضور القلب وجمعه .ومن أسباب رفع البلاء التوبة من جميع المعاصي لقول علي رضي الله عنه:
((ما نزل بلاء إلا بذنب ولا يرتفع إلا بتوبة))فما رفعت العافية عن المسلمين اليوم إلا بسبب إعلانهم المعاصي
**ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم لربه وكثرة تضرعه في هذه الغزوة وفي غيرها دليل على مسألتين :

الأولى\\ : أن الدعاء عامل رئيس من عوامل النصر على الأعداء ، فهو السلاح الفتّاك المهمل .
الثانية \\: أنّ العبادة لا ينبغي أن تكون إلا لله ، فالكل فقير إلى ربه ، والله هو الغني الحميد الصمد الذي تصمد إليه الخلائق في حوائجها ، فكيف يُلجأ إلى غيره وخير خلق الله كان يلجأ إليه ؟!روى البخاري : عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ

لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ وَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
{ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ }
فَأَمَدَّهُ اللَّهُ بِالْمَلَائِكَةِ
2>>ـ من الفوائد : بركة الاستشارة ، فلقد استشار صلى الله عليه وسلم أصحابه وهو نبي يوحى إليه، قال الله له :{ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: 159] . قيل : المشاورة مشتقّة من شار الدابّة إذا اختبر جَريها عند العرض على المشتري ، وفعل شار الدابّة مشتقّ من المِشْوَار وهو المكان الَّذي تُركض فيه الدوابّ . وأصله معرّب ( نَشْخُوَار ) بالفارسية وهو ما تبقيه الدابّة من علفها . وقيل : مشتقّة من شار العسل أي جناه من الوقَبَة
قال ابن عطية : والشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام من لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب هذا ما لا خلاف فيه وقد مدح الله المؤمنين بقوله : { وأمرهم شورى بينهم } [ الشورى : 38 ] قال أعرابي : ما غبنت قط حتى يغبن قومي قيل : وكيف ذلك ؟ قال لا أفعل شيئا حتى أشاورهم وقال ابن خويز منداد : واجب على الولاة مشاورة العلماء فيما لا يعلمون وفيما أشكل عليهم من أمور الدين ووجوه الجيش فيما يتعلق بالحرب ووجوه الناس فيما يتعلق بالمصالح ووجوه الكتاب والوزراء والعمال فيما يتعلق بمصالح البلاد وعمارتها وكان يقال : ما ندم من استشار وكان يقال : من أعجب برأيه ضل قوله تعالى : { وشاورهم في الأمر } يدل على جواز الاجتهاد في الأمور والأخذ بالظنون مع إمكان الوحي فإن الله أذن لرسوله صلى الله عليه وسلم في ذلك واختلف أهل التأويل في المعنى الذي أمر الله نبيه عليه السلام أن يشاور فيه أصحابه فقالت طائفة : ذلك في مكائد الحروب وعند لقاء العدو وتطييبا لنفوسهم ورفعا لأقدارهم وتألفا على دينهم وإن كان الله تعالى قد أغناه عن رأيهم بوحيه روي هذا عن قتادة و الربيع و ابن إسحاق و الشافعي قال الشافعي : هو كقوله : والبكر تستأمر تطيبا لقلبها لا أنه واجب وقال مقاتل و قتادة و الربيع : كانت سادات العرب إذا لم يشاوروا في الأمر شق عليهم فأمر الله تعالى نبيه عليه السلام أن يشاورهم في الأمر : فإن ذلك أعطف لهم عليه وأذهب لأضغانهم وأطيب لنفوسهم فإذا شاورهم عرفوا إكرامه لهم .قال الحسن : ما كمل دين امرئ ما لم يكمل عقله فإذا استشير من هذه صفته واجتهد في الصلاح وبذل جهده فوقعت الإشارة خطأ فلا غرامة عليه قاله الخطابي وغيره
وصفة المستشار في أمور الدنيا أن يكون عاقلا مجربا والشورى بركة وقال عليه السلام : [ ما ندم من استشار ولا خاب من استخار ] وروى سهل بن سعد الساعدي [ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما شقي قط عبد بمشورة وما سعد باستغناء رأي ]
قلت } حديث ماندم من استشار الخ قال مخرج أحاديث القرطبي لم أجده . وقدروى ابن أبي شيبة بسند ضعيف إلى سعيد ابن المسيب إلى رسول الله { لن يهلك امرؤ بعد مشورة }وقال أيضا في حديث { ماشقي قط عبد بمشورة الخ إسناده ضعيف رواه أحمد
ولقد تكلم العلماء كلاما طويلا عن حكم المشورة وعن معناها ، وعن فوائدها ، فقد قال القرطبى ما ملخصه : واختلف أهل التأويل في المعنى الذي أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يشاور فيه أصحابه فقالت طائفة : ذلك في مكائد الحروب ، وعند لقاء العدو ، تطييبا لنفوسهم ورفعاً لأقدارهم وإن كان الله - تعالى - قد أغناه عن رأيهم بوحيه .وقال آخرون : ذلك فيما لم يأته فيه وحي . فقد قال الحسن : ما أمر الله - تعالى - نبيه بالمشاورة لحاجة منه إلى رأيهم ، وإنما أراد أن يعلمهم ما في المشاورة من الفضل وليقتدي به أمته من بعده . ثم قال : والشورى من قواعد


الشريعة ، وعزائم الأحكام ، والذي لا يستشير أهل العلم والدين - والخبرة - فعزله واجب وهذا لا خلاف فيه .وقد استشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في كثير من الأمور ، وقال " المستشار مؤتمن " أبو داود تحقيق الألباني :صحيح ابن ماجة.وقال " ما ندم من استشار ولا خاب من استخار "المعجم الكبير .ــ قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة:موضوع . رواه الطبراني في " الصغير "ــ وقال البخاري: " وكانت الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها " .وقال الفخر الرازي ما ملخصه : " اتفقوا على أن كل ما نزل فيه وحي من عند الله لم يجز للرسول صلى الله عليه وسلم أن يشاور فيه الأمة ، لأنه إذا جاء النص بطل الرأي والقياس ، فأما مالا نص فيه فهل تجوز المشاورة فيه في جميع الأشياء أولا؟قال بعضهم : هذا الأمر مخصوص بالمشاورة في الحروب ، لأن الألف واللام في لفظ " الأمر " تعود على المعهود السابق وهو ما يتعلق بالحروب - إذ الكلام في غزوة أحد - .وقال آخرون : اللفظ عام خص منه ما نزل فيه وحي فتبقى حجته في الباقي وظاهر الأمر في قوله { وَشَاوِرْهُمْ } للوجوب وحمله الشافعي على الندب . .والحق أن الشورى أصل من أصول الحكم في الإسلام ، وقد استشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في غزوات بدر وأحد والأحزاب وفى غير ذلك من الأمور التي تتعلق بمصالح المسلمين ، وسار على هذا المنهج السلف الصالح من هذه الأمة ولقد كان عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - يكتب لعماله يأمرهم بالتشاور أهـ طنطاوي . وفي التحرير : وقد دلّت الآية على أن الشُّورى مأمور بها الرسُول صلى الله عليه وسلم فيما عبّر عنه ب ( الأمر ) وهو مُهمّات اللأمّة ومصالحها في الحرب وغيره ، وذلك في غير أمر التَّشريع لأنّ أمر التَّشريع إن كان فيه وحي فلا محيد عنه ، وإن لم يكن فيه وحي وقلنا بجواز الاجتهاد للنبي صلى الله عليه وسلم في التَّشريع فلا تدخل فيه الشورى لأنّ شأن الاجتهاد أن يستند إلى الأدلّة لا للآراء ، والمجتهد لا يستشير غيره إلاّ عند القضاء باجتهاده . كما فعل عُمر وعُثمان .فتعيّن أنّ المشاورة المأمور بها هنا هي المشاورة في شؤون الأمَّة ومصالحها ، وقد أمر الله بها هنا ومدحها في ذكر الأنصار في قوله تعالى : { وأمرهم شورى بينهم } [ الشورى : 38 ] واشترطها في أمر العائلة فقال : { فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما } [ البقرة : 233 ] . فشرع بهاته الآيات المشاورة في مراتب المصالح كلّها : وهي مصالح العائلة ومصالح القبيلة أو البلد ، ومصالح الأمَّة .واختلف العلماء في مدلول قوله : { وشاورهم } هل هو للوجوب أو للندب ، وهل هو خاصّ بالرسول عليه الصلاة السَّلام ، أو عامّ له ولولاة أمور الأمَّة كلّهم . فَذهب المالكية إلى الوجوب والعموم ، قال ابن خُوَيْز منداد : واجب على الولاة المشاورة ، فيُشاورون العلماء فيما يشكل من أمور الدّين ، ويشاورون وجوه الجيش فيما يتعلّق بالحرب ، ويشاورون وجوه النَّاس فيما يتعلَّق بمصالحهم ويشاورون وجوه الكتّاب والعمّال والوزراء فيما يتعلّق بمصالح البلاد وعمارتها . وأشار ابن العربي إلى وجوبها بأنَّها سبب للصّواب.. وعن الشافعي أنّ هذا الأمر للاستحباب ، ولتقتدي به الأمّة ، وهو عامّ للرسول وغيره ، تطييباً لنفوس أصحابه ورفعاً لأقدارهم ، وروى مثله عن قتادة ، والرّبيع ، وابن إسحاق . وردّ هذا أبو بكر أحمدُ بن عليّ الرازي الحنفي المشهور بالجَصّاص بقوله : لو كان معلوماً عندهم أنَّهم إذا استَفرغوا جهدهم في استنباط الصّواب عمَّا سُئِلُوا عنه ، ثُمّ لم يكن معمولاً به ، لم يكن في ذلك تطييب لنفوسهم ولا رفع لأقدارهم ، بل فيه إيحاشُهم فالمشاورة لم تفد شيئاً فهذا تأويل ساقط . وقال النووي ، في صدر كتاب الصلاة من «شرح مسلم» : الصحيح عندهم وجوبها وهو المختار . وقال الفخر : ظاهر الأمر أنَّه للوجوب . ولم ينسب العلماء للحنفية قولاً في هذا الأمر إلا أنّ الجَصّاص قال في كتابه أحكام القرآن عند قوله تعالى : { وأمرهم شورى بينهم } ) : هذا يدلّ على جلالة وقع المَشُورة لذكرها مع الإيمان وإقامة الصّلاة ويدلّ على أنَّنا مأمورون بها . ومجموع كلامي الجصّاص يدلّ أن مذهب أبي حنيفة وجوبها .ومن السلف من ذهب إلى اختصاص الوجوب بالنبي صلى الله عليه وسلم قاله الحسن وسفيان ، قالا : وإنَّما أمر بها ليقتدى به غيره وتشيع في أمَّته وذلك فيما لا وحي فيه . وقد استشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في الخروج لبدر ، وفي الخروج إلى أحُد ، وفي شأن الأسرى يوم بدر ، واستشار عموم الجيش في رَدِّ سبي هوازن .والظاهر أنَّها لا تكون في الأحكام الشرعية لأنّ الأحكام إن كانت بوحي فظاهر ، وإن كانت اجتهادية ، بناء على جواز الاجتهاد للنَّبيء صلى الله عليه وسلم في الأمور الشرعية ، فالاجتهاد إنَّما يستند للأدلَّة لا للآراء وإذا كان المجتهد من أمَّته لا يستشير في اجتهاده ، فكيف تجب الاستشارة على النبي صلى الله عليه وسلم مع أنَّه لو اجتهد وقلنا بجواز الخطإ عليه فإنَّه لا يُقرّ على خطإ باتّفاق العلماء . ولم يزل من سنّة خلفاء العدل استشارة أهل الرأي في مصالح المسلمين ، قال البخاري في كتاب الاعتصام من «صحيحه» : «وكانت الأئمة بعد النَّبيء صلى الله عليه وسلم يستشيرون الأمناء من أهل العلم ، وكان القُرّاء أصحابَ مشُورة عمَرَ : كُهولاً كانوا أو شُبَّاناً ، وكان وقّافاً عند كتاب الله» . وأخرج الخطيب عن عليّ قال : «قلت : يا رسول الله الأمر ينزل بعدَك لم يَنزل فيه قرآن ولم يسْمع منك فيه شيء قال : اجمعوا له العابِد من أمّتي واجعلوه بينكم شُورى ولا تقضوه برأي واحد» واستشار أبو بكر في قتال أهل الردّة ، وتشاور الصّحابةُ في أمر الخليفة بعد وفاة النَّبيء صلى الله عليه وسلم وجعل عمر رضي الله عنه الأمر شورى بعده في ستَّة عيّنهم ، وجعل مراقبة الشورى لِخمسين من الأنصار ، وكان عمر يكتب لعمّاله يأمرهم بالتَّشاور ،واستشارت بلقيس في شأن سليمان عليه السلام فيما حكى الله عنها بقوله : { قالت يأيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون وإنَّما يلهي النَّاس عنها حبّ الاستبداد ، وكراهية سماع ما يخالف الهوى ، وذلك من انحراف الطبائع وليس من أصل الفطرة ،
**واستشار النبي صلى الله عليه وسلم مع أم سلمة زوجته في قصة الحديبية روى البخاري :... عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثَ صَاحِبِهِ قَالَا
خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ فِي خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةٌ فَخُذُوا ذَاتَ الْيَمِينِ فَوَاللَّهِ مَا شَعَرَ بِهِمْ خَالِدٌ حَتَّى إِذَا هُمْ بِقَتَرَةِ الْجَيْشِ فَانْطَلَقَ يَرْكُضُ نَذِيرًا لِقُرَيْشٍ وَسَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالثَّنِيَّةِ الَّتِي يُهْبَطُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ فَقَالَ النَّاسُ حَلْ حَلْ فَأَلَحَّتْ فَقَالُوا خَلَأَتْ الْقَصْوَاءُ خَلَأَتْ الْقَصْوَاءُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا خَلَأَتْ الْقَصْوَاءُ وَمَا ذَاكَ لَهَا بِخُلُقٍ وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ ثُمَّ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا ثُمَّ زَجَرَهَا فَوَثَبَتْ قَالَ فَعَدَلَ عَنْهُمْ حَتَّى نَزَلَ بِأَقْصَى الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَمَدٍ قَلِيلِ الْمَاءِ يَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ تَبَرُّضًا فَلَمْ يُلَبِّثْهُ النَّاسُ حَتَّى نَزَحُوهُ وَشُكِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَطَشُ فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ فِيهِ فَوَاللَّهِ مَا زَالَ يَجِيشُ لَهُمْ بِالرِّيِّ حَتَّى صَدَرُوا عَنْهُ..........فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا قَالَ فَوَاللَّهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنْ النَّاسِ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَتُحِبُّ ذَلِكَ اخْرُجْ ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ نَحَرَ بُدْنَهُ وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا فَنَحَرُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا ثُمَّ جَاءَهُ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ حَتَّى بَلَغَ بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ }
فَطَلَّقَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا لَهُ فِي الشِّرْكِ فَتَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَالْأُخْرَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّة
3) من الفوائد جواز الخروج بقصد أخذ أموال الكفار ، إذ إن أموالهم ودماءهم مباحة للمسلمين.
قال القرطبي رحمه الله: ( ودل خروج النبي صلى الله عليه وسلم ليلقى العير على جواز النفير للغنيمة لأنها كسب حلال ). اهـ [3]
4) من الفوائد أن الكفار ما يدفعهم إلى قتال المسلمين إلا حب الإفساد في الأرض ، والكبر وإرادة استئصال أهل الإسلام حتى لا يبقى في الأرض من يقول " لا إله إلا الله " ، وقد أخبرنا الله تعالى أن الكفار قد انبعثت همتهم لقتالنا حتى يردونا عن ديننا ولن يرضوا بأقل من ذلك قال تعالى { ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا } [سورة البقرة:217] ، فالحرب قائمة بين أهل الإيمان والكفر لا محالة ، ولو أراد المسلمون إيقافها فليس هناك ثمن يعطونه لذلك إلا دينهم ، كما قال تعالى { ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم } [سورة البقرة:120].
5)من الفوائد جواز اتخاذ العيون على الكفار وأهل الحرب ، فقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة من الصحابة للاستعلام عن حجم العدو ، كما خرج النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه ومعه صاحبه الصديق لنفس الغرض ، ولذا ينبغي على أمير القوم أن يستطلع عدوه ليُعدّ للأمر عدّته.
6)من الفوائد أهمية مشورة القائد لأتباعه ، وخاصة أهل البصيرة والرأي والحكمة ومن له بصر بأمر الحروب. قلت\\سبق هذا مفصلا
7)من الفوائد : تثبيت الله تعالى لعباده المؤمنين الذين يخرجون دفاعاً عن دينه وابتغاء مرضاته ، فقد أيدهم الله تعالى بالملائكة وإنزال المطر ، ورحمهم بالنعاس الذي ألقاه عليهم أمنة منه ، وبارك في عددهم وعدتهم حتى أظهرهم على عدوهم مع قلة عددهم وعدتهم.
8) من الفوائد جواز الفتح على الأمير بما يفيد الجيش وإن لم يطلب المشورة في ذلك.

9) من الفوائد شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم وبطولته حيث كان مع قومه في قلب المعركة وفي ميدانها ، بل كان يسوي صفوفهم بيده الشريفة الكريمة صلى الله عليه وسلم .
10)من الفوائد أن النصر لا يتعلق بالأسباب بقدر ما يتعلق بتوفيق الله تعالى لعباده ، فالأسباب وإن كان مأمورا بها إلا أن أعظم عوامل النصر وأسبابه هو التضرع إلى الله تعالى ، وإظهار المذلة والخضوع بين يديه ، والإلحاح في الدعاء ، وحسن العبادة.
11)من الفوائد أن الله تعالى لا يوفق من أشرك أوكفر به وعادى دينه ، وإن ظهر للناس غير ذلك ، فإن العاقبة للمتقين والآخرة خير وأبقى.
12)من الفوائد جواز المبارزة وإظهار القوة أمام أعداء الله تعالى لإرهابهم وتقوية عزيمة المؤمنين. وقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه يومئذ خاله العاص بن هشام... ونادى أبو بكر الصديق رضي الله عنه ابنه عبد الرحمن ـ وهو يومئذ مع المشركين.... ـ كان عبد الرحمن بن عوف وأمية بن خلف صديقين في الجاهلية بمكة، فلما كان يوم بدر مر به عبد الرحمن، وهو واقف مع ابنه على بن أمية، آخذًا بيده، ومع عبد الرحمن أدراع قد استلبها، وهو يحملها، فلما رآه قال‏:‏ هل لك في‏؟‏ فأنا خير من هذه الأدراع التي معك، ما رأيت كاليوم قط، أما لكم حاجة في اللبن‏؟‏ ـ يريد أن من أسرني افتديت منه بإبل كثيرة اللبن ـ فطرح عبد الرحمن الأدراع، وأخذهما يمشى بهما، قال عبد الرحمن‏:‏ قال لي أمية بن خلف، وأنا بينه وبين ابنه‏:‏ من الرجل منكم المعلم بريشة النعامة في صدره‏؟‏ قلت‏:‏ ذاك حمزة بن عبد المطلب، قال‏:‏ ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل‏.‏ .....
ولما طلع المشركون وتراءى الجمعان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏(‏اللهم هذه قريش قد أقبلت بخُيَلائها وفَخْرها تُحَادُّك وتكذب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني، اللهم أحْنِهُم ‏[‏الغداة‏]‏‏)‏ المبـــارزة

وكان هذا أول قتل أشعل نار المعركة، فقد خرج بعده ثلاثة من خيرة فرسان قريش كانوا من عائلة واحدة، وهم عتبة وأخوه شيبة ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة، فلما انفصلوا من الصف طلبوا المبارزة، فخرج إليهم ثلاثة من شباب الأنصار عَوْف ومُعَوِّذ ابنا الحارث ـ وأمهما عفراء ـ وعبد الله بن رواحة، فقالوا‏:‏ من أنتم‏؟‏ قالوا‏:‏ رهط من الأنصار‏.‏ قالوا‏:‏ أكِِفَّاء كرام، ما لنا بكم حاجة، وإنما نريد بني عمنا، ثم نادى مناديهم‏:‏ يا محمد، أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏(‏قم يا عبيدة بن الحارث، وقم يا حمزة، وقم يا على‏)‏، فلما قاموا ودنوا منهم، قالوا‏:‏ من أنتم‏؟‏ فأخبروهم، فقالوا‏:‏ أنتم أكفاء كرام، فبارز عبيدة ـ وكان أسن القوم ـ عتبة بن ربيعة، وبارز حمزة شيبة، وبارز على الوليد‏.‏ فأما حمزة وعلى فلم يمهلا قرنيهما أن قتلاهما، وأما عبيدة فاختلف بينه وبين قرنه ضربتان، فأثخن كل واحد منهما صاحبه، ثم كَرَّ على وحمزة على عتبة فقتلاه، واحتملا عبيدة وقد قطعت رجله، فلم يزل ضَمِنًا حتى مات بالصفراء،بعد أربعة أو خمسة أيام من وقعة بدر، حينما كان المسلمون في طريقهم إلى المدينة‏.‏ وكان على يقسم بالله أن هذه الآية نــزلت فيهم‏:‏ ‏{‏هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ‏}‏ الآية ‏[‏الحج‏:‏19‏]‏‏.‏
الهجوم العام
وكانت نهاية هذه المبارزة بداية سيئة بالنسبة للمشركين؛ إذ فقدوا ثلاثة من خيرة فرسانهم وقادتهم دفعة واحدة،فاستشاطوا غضبًا،وكروا على المسلمين كرة رجل واحد‏.‏
وأما المسلمون فبعد أن استنصروا ربهم واستغاثوه وأخلصوا له وتضرعوا إليه تلقوا هجمات المشركين المتتالية، وهم مرابطون في مواقعهم، واقفون موقف الدفاع، وقد ألحقوا بالمشركين خسائر فادحة، وهم يقولون‏:‏ أحَد أحَد‏.‏
الرسول صلى الله عليه وسلم يناشد ربه
أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان منذ رجوعه بعد تعديل الصفوف يناشد ربه ما وعده من النصر، ويقول‏:‏ ‏‏(‏اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك‏)‏، حتى إذا حَمِىَ الوَطِيسُ، واستدارت رحى الحرب بشدة واحتدم القتال، وبلغت المعركة قمتها، قال‏:‏ ‏‏(‏اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم أبدًا‏)‏‏.‏ وبالغ في الابتهال حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فرده عليه الصديق، وقال‏:‏ حسبك يا رسول الله، ألححت على ربك‏.
وأوحى الله إلى ملائكته‏:‏ ‏{‏أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 12‏]‏،وأوحى إلى رسوله‏:‏ ‏{‏أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏9‏]‏ ـ أي إنهم ردف لكم، أو يردف بعضهم بعضًا أرسالًا، لا يأتون دفعة واحدة‏.‏
13)من الفوائد الرد على القدرية الذين يزعمون أن العبد ليس له أي كسب ، والذين يزعمون أن الله لا يعلم الأشياء إلا بعد وقوعها تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا ، فلقد أثبت الله لنبيه صلى الله عليه وسلم رميه بالتراب { إذ رميت } ومع ذلك جعل الأثر الأعظم لفعله سبحانه فقال تعالى { ولكن الله رمى } فللعبد فعل ولله تعالى فعل ، وفعل العبد سبب لظهور أثر فعل الله تعالى ، والله أعلم.
13)من الفوائد جواز حمل الرجل على العدو حاسرا وليس هذا من قبيل الإلقاء في التهلكة ولكن من قبيل حب الشهادة وإهلاك النفس في سبيل الله تعالى. والحمد لله أولاً وآخراًاهـ منتديات العاصفة
14>>ـ من الفوائد نزول الملائكة للجهاد مع المسلمين نصرة لهم وليس نزول الملائكة خاصة برسول الله في غزوة بدر كما هو اختيار طائفة من العلماء
وأغفي رسول الله صلى الله عليه وسلم إغفاءة واحدة، ثم رفع رأسه فقال‏:‏ ‏‏(‏أبشر يا أبا بكر، هذا جبريل على ثَنَاياه النَّقْعُ‏)‏ ‏[‏أي الغبار‏]‏ وفي رواية ابن إسحاق‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏(‏أبشر يا أبا بكر، أتاك نصر الله، هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده، وعلى ثناياه النقع‏)‏‏.‏
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من باب العريش وهو يثب في الدرع ويقول‏:‏ ‏{‏سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ‏}‏ ‏[‏القمر‏:‏45‏]‏ ،ثم أخذ حَفْنَةً من الحَصْبَاء، فاستقبل بها قريشًا وقال‏:‏ ‏‏(‏شاهت الوجوه‏)‏ ورمى بها في وجوههم، فما من المشركين من أحد إلا أصاب عينيه ومنخريه وفمه من تلك القبضة، وفي ذلك أنزل الله‏:‏ ‏{‏وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللهَ رَمَى‏}‏ ‏[‏الأنفال‏:‏17‏]‏‏.‏
15>>ـ من الفوائد مصرع رأس الكفرتأثيرا على نفسية المشركين مصرع أبي جهل
قال عبد الرحمن بن عوف رضي اله عنه إني لفي الصف يوم بدر إذ التفت، فإذا عن يمينى وعن يسارى فتيان حديثا السن، فكأني لم آمن بمكانهما، إذ قال لي أحدهما سرًا من صاحبه‏:‏ يا عم، أرني أبا جهل، فقلت‏:‏ يابن أخي، فما تصنع به‏؟‏ قال‏:‏ أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏ والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا، فتعجبت لذلك‏.‏ قال‏:‏ وغمزني الآخر، فقال لي مثلها، فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس‏.‏ فقلت‏:‏ ألا تريان‏؟‏ هذا صاحبكما الذي تسألاني عنه، قال‏:‏ فابتدراه فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فـقال‏:‏ ‏‏(‏أيكما قتله‏؟‏‏)‏ فقـال كـل واحد منهما‏:‏ أنا قتلته، قال‏:‏ ‏‏(‏هل مسحتما سيفيكما‏؟‏‏)‏ فـقالا‏:‏ لا‏.‏ فنـظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلــى السيفـين فقال‏:‏ ‏‏(‏كلاكما قتله‏)‏، وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسَلَبِه لمعاذ بن عمرو بن الجموح، والرجلان معاذ بن عمرو بن الجموح ومُعَوِّذ ابن عفراء‏.‏
16>>ـ من روائع الإيمان في هذه المعركة ما يلي /
1 ـ روى ابن إسحاق عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه‏:‏ ‏‏(‏إني قد عرفت أن رجالًا من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرهًا، لا حاجة لهم بقتالنا، فمن لقى أحدًا من بني هاشم فلا يقتله، ومن لقى أبا البَخْتَرِيّ بن هشام فلا يقتله، ومن لقى العباس بن عبد المطلب فلا يقتله، فإنه إنما أخرج مستكرهًا‏)‏، فقال أبو حذيفة بن عتبة‏:‏ أنقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وعشيرتنا ونترك العباس، والله لئن لقيته لألحمنه ـ أو لألجمنه ـ بالسيف، فبلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لعمر بن الخطاب‏:‏ ‏‏(‏يا أبا حفص، أيضرب وجه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف‏)‏، فقال عمر‏:‏ يا رسول الله، دعني فلأضرب عنقه بالسيف، فوالله لقد نافق‏.‏
فكان أبو حذيفة يقول‏:‏ ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلت يومئذ، ولا أزال منها خائفًا إلا أن تكفرها عنى الشهادة‏.‏ فقتل يوم اليمامة شهيدًا‏.‏
2 ـ وكان النهي عن قتل أبي البختري؛ لأنه كان أكف القوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة، وكان لا يؤذيه، ولا يبلغ عنه شيء يكرهه، وكان ممن قام في نقض صحيفة مقاطعة بني هاشم وبني المطلب‏.‏
ولكن أبا البختري قتل على رغم هذا كله، وذلك أن المُجَذَّر بن زياد الْبَلَوِىّ لقيه في المعركة ومعه زميل له، يقاتلان سويًا، فقال المجذر‏:‏ يا أبا البخترى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهانا عن قتلك، فقال‏:‏ وزميلي‏؟‏ فقال المجذر‏:‏ لا والله ما نحن بتاركي زميلك، فقال‏:‏والله إذن لأموتن أنا وهو جميعًا، ثم اقتتلا، فاضطر المجذر إلى قتله‏.‏
3 ـ كان عبد الرحمن بن عوف وأمية بن خلف صديقين في الجاهلية بمكة، فلما كان يوم بدر مر به عبد الرحمن، وهو واقف مع ابنه على بن أمية، آخذًا بيده، ومع عبد الرحمن أدراع قد استلبها، وهو يحملها، فلما رآه قال‏:‏ هل لك في‏؟‏ فأنا خير من هذه الأدراع التي معك، ما رأيت كاليوم قط، أما لكم حاجة في اللبن‏؟‏ ـ يريد أن من أسرني افتديت منه بإبل كثيرة اللبن ـ فطرح عبد الرحمن الأدراع، وأخذهما يمشى بهما، قال عبد الرحمن‏:‏ قال لي أمية بن خلف، وأنا بينه وبين ابنه‏:‏ من الرجل منكم المعلم بريشة النعامة في صدره‏؟‏ قلت‏:‏ ذاك حمزة بن عبد المطلب، قال‏:‏ ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل‏.‏
قال عبد الرحمن‏:‏ فوالله إني لأقودهما إذ رآه بلال معي ـ وكان أمية هو الذي يعذب بلالًا بمكة ـ فقال بلال‏:‏ رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوت إن نجا‏.‏ قلت‏:‏ أي بلال، أسيري‏.‏ قال‏:‏ لا نجوت إن نجا‏.‏ قلت‏:‏ أتسمع يابن السوداء‏.‏ قال‏:‏ لا نجوت إن نجا‏.‏ ثم صرخ بأعلى صوته‏:‏ يا أنصار الله، رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوت إن نجا‏.‏ قال‏:‏ فأحاطوا بنا حتى جعلونا في مثل الْمَسَكَة، وأنا أذب عنه، قال‏:‏ فأخلف رجل السيف، فضرب رجل ابنه فوقع، وصاح أمية صيحة ما سمعت مثلها قط، فقلت‏:‏ انج بنفسك، ولا نجاء بك، فوالله ما أغني عنك شيئًا‏.‏ قال‏:‏ فَهَبَرُوهُمَا بأسيافهم حتى فرغوا منهما، فكان عبد الرحمن يقول‏:‏ يرحم الله بلالًا، ذهبت أدراعي، وفجعني بأسيري‏.‏
وروى البخاري عن عبد الرحمن بن عوف قال‏:‏ كاتبت أمية بن خلف كتابًا بأن يحفظني في صاغيتي ـ أي خاصتي ومالي ـ بمكة، وأحفظه في صاغيته بالمدينة‏.‏‏.‏‏.‏ فلما كان يوم بدر خرجت إلى جبل لأحرزه حين نام الناس، فأبصره بلال، فخرج حتى وقف على مجلس الأنصار فقال‏:‏ أمية بن خلف، لا نجوت إن نجا أمية، فخرج معه فريق من الأنصار في آثارنا، فلما خشيت أن يلحقونا خلفت لهم ابنه ليشغلهم، فقتلوه، ثم أبوا حتى يتبعونا، وكان رجلًا ثقيلًا، فلما أدركونا قلت له‏:‏ ابرك، فبرك، فألقيت عليه نفسي لأمنعه، فتخللوه بالسيوف من تحتي حتى قتلوه، وأصاب أحدهم رجلي بسيفه‏.‏ وكان عبد الرحمن يرينا ذلك الأثر في ظهر قدمه‏.‏
4 ـ وقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه يومئذ خاله العاص بن هشام بن المغيرة، ولم يلتفت إلى قرابته منه، ولكن حين رجع إلى المدينة قال للعباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في الأسر‏:‏ يا عباس أسلم، فوالله أن تسلم أحب إلى من أن يسلم الخطاب، وما ذاك إلا لما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه إسلامك‏.‏
5 ـ ونادى أبو بكر الصديق رضي الله عنه ابنه عبد الرحمن ـ وهو يومئذ مع المشركين ـ فقال‏:‏ أين مالي يا خبيث‏؟‏ فقال عبد الرحمن‏:‏
لَمْ يَبْقَ غَيْرُ شَكَّةٍ ويَعْبُوب ** وصَارِمٍ يَقْتُلُ ضُلاَّل الشِّيَبْ
6 ـ ولما وضع القوم أيديهم يأسرون، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في العريش، وسعد بن معاذ قائم على بابه يحرسه متوشحًا سيفه، رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجه سعد بن معاذ الكراهية لما يصنع الناس، فقال له‏:‏ والله لكأنك يا سعد تكره ما يصنع القوم‏؟‏ قال‏:‏ أجل والله يا رسول الله، كانت أول وقعة أوقعها الله بأهل الشرك، فكان الإثخان في القتل بأهل الشرك أحب إلىّ من استبقاء الرجال‏.‏
7 ـ وانقطع يومئذ سيف عُكَّاشَة بن مِحْصَن الأسدي، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه جِذْلًا من حطب، فقال‏:‏ ‏‏(‏قاتل بهذا يا عكاشة‏)‏، فلما أخذه من رسول الله صلى الله عليه وسلم هزه، فعاد سيفًا في يده طويل القامة، شديد المتن، أبيض الحديدة، فقاتل به حتى فتح الله تعالى للمسلمين، وكان ذلك السيف يسمى العَوْن، ثم لم يزل عنده يشهد به المشاهد، حتى قتل في حروب الردة وهو عنده‏.‏
8 ـ وبعد انتهاء المعركة مر مصعب بن عمير العبدري بأخيه أبي عزيز بن عمير الذي خاض المعركة ضد المسلمين،مر به وأحد الأنصار يشد يده، فقال مصعب للأنصاري‏:‏ شد يديك به، فإن أمه ذات متاع، لعلها تفديه منك، فقال أبو عزيز لأخيه مصعب‏:‏ أهذه وصاتك بي‏؟‏ فقال مصعب‏:‏ إنه ـ أي الأنصاري ـ أخي دونك‏.‏
9>>ـمال العباس المخبأ:ومما تحقق أيضا مما تبنا له النبي<ص>بشأن مال العباس وذلك أن العباس عم النبي<ص>كان يوم بدر من بين الأسرى فشد وثاقه فسهر النبي<ص>تلك الليلة ولم ينم فقال له بعض أصحابه:ما يسهرك يانبي الله فقال أسهر لأنين العباس فقام رجل من القوم فأرخى وثاقه فقال له رسول ما لي لا أسمع أنين العباس فقال الرجل أنا أرخيت وثاقه فقال <ص>فافعل ذلك بالأسرى كلهم قال له رسول الله<ص>أفد نفسك يا عباس وابني أخويك .فقال للنبي <ص>تركتني فقير قريش ..الخ وهذه القصة رواها أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ الَّذِي أَسَرَ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَبُو الْيَسَرِ بْنُ عَمْرٍو وَهُوَ كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو أَحَدُ بَنِي سَلِمَةَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ أَسَرْتَهُ يَا أَبَا الْيَسَرِ قَالَ لَقَدْ أَعَانَنِي عَلَيْهِ رَجُلٌ مَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ وَلَا قَبْلُ هَيْئَتُهُ كَذَا هَيْئَتُهُ كَذَا قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ أَعَانَكَ عَلَيْهِ مَلَكٌ كَرِيمٌ وَقَالَ لِلْعَبَّاسِ يَا عَبَّاسُ افْدِ نَفْسَكَ وَابْنَ أَخِيكَ عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَنَوْفَلَ بْنَ الْحَارِثِ وَحَلِيفَكَ عُتْبَةَ بْنَ جَحْدَمٍ أَحَدُ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ قَالَ فَأَبَى وَقَالَ إِنِّي كُنْتُ مُسْلِمًا قَبْلَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا اسْتَكْرَهُونِي قَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِشَأْنِكَ إِنْ يَكُ مَا تَدَّعِي حَقًّا فَاللَّهُ يَجْزِيكَ بِذَلِكَ وَأَمَّا ظَاهِرُ أَمْرِكَ فَقَدْ كَانَ عَلَيْنَا فَافْدِ نَفْسَكَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَخَذَ مِنْهُ عِشْرِينَ أُوقِيَّةَ ذَهَبٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ احْسُبْهَا لِي مِنْ فِدَايَ قَالَ لَا ذَاكَ شَيْءٌ أَعْطَانَاهُ اللَّهُ مِنْكَ قَالَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِي مَالٌ قَالَ فَأَيْنَ الْمَالُ الَّذِي وَضَعْتَهُ بِمَكَّةَ حَيْثُ خَرَجْتَ عِنْدَ أُمِّ الْفَضْلِ وَلَيْسَ مَعَكُمَا أَحَدٌ غَيْرَكُمَا فَقُلْتَ إِنْ أُصِبْتُ فِي سَفَرِي هَذَا فَلِلْفَضْلِ كَذَا وَلِقُثَمَ كَذَا وَلِعَبْدِ اللَّهِ كَذَا قَالَ فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عَلِمَ بِهَذَا أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ غَيْرِي وَغَيْرُهَا وَإِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ>

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button