واجه المغرب منذ عقود مجموعة من التأثيرات الطبيعية -كوارث طبيعية، أوبئة، مجاعات- غالبا ما كانت تخلف من ورائها سيلا من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية على فئات واسعة من مكونات المجتمع المغربي، فكان أبرزها في الزمن الراهن وباء كورونا الذي يعيد إلى الذهن، محطات من تاريخ الأوبئة في المغرب، وبتالي الرغبة في محاولة معرفة كيف أثرت الأوبئة في المجتمع المغربي في تلك الفترة؟
"في ظل وضعية متأزمة ماديا ومعنويا وبطون جائعة، لا يسع للمرء إلا انتظار المرض والعوز والوباء الذي يتربص به بين الفينة والأخرى حسب تعبير فرناند بروديل Ferdinand Braudel. وهذا ما يمكن للقارء استنتاجه بالفعل في صفحات تاريخ الأوبئة في المغرب ومن الأمثلة على ذلك:
الكولير أو الحمى الصفراء
أثرت الأوبئة والمجاعات بقوة على نسيج المجتمع المغربي، فقد تضافرت مع عوامل أخرى كالإستبداد وتوسع النهب الرأسمالي الأجنبي وثقل الضرائب، لتجعل منه مجتمعا مفقّرا يعاني الفاقة والحاجة ويفتقد لكل مقومات التطور والتقدم |
حلت الكوليرا بمدن مغربية كثيرة أهمها تلك التي حلت بالشمال المغربي وفاس ما بين 1854م و1857م كان مصدر وباء الكوليرا حسب ما ورد عند الأستاذ محمد الأمين البزاز: "الحجاج المسلمون لدى عودتهم من الديار المقدسة"، للوباء أعراض كما لفيروس كورونا ومن بين أعراضه كما يصف الناصري، الإسهال المفرط مع وجع حاد في البطن والساقين ويعقبه تشنج وبرودة وإسوداد اللون، أمام غياب التأطير الطبي في مغرب القرن التاسع عشر غالبا ما كان الوباء ينتصر بموت الموبوء في وقت قصير، وكان لا يفرق في حصد الأرواح ما بين جندي في حركة السلطان -يقصد بها تنقلات السلطان من أجل ضبط القبائل الثائرة- وأعيان الحواضر الكبرى مثل عامل سلا أبو عبد الله "محمد بن عبد الهادي زنبير" والعلامة "محمد الحراق" بتطوان، لتخلف الكوليرا حسب ما استحضره المؤرخ " هنري تيراس H. Terrasse مليون من الموتى في حدود نهاية القرن التاسع عشر.
ولم تكن الكوليرا هي المرض الوحيد الذي حصد عددا هائلا في الأرواح بل واجه المغرب أيضا في نفس الفترة وباء الحمى الصفراء الدي انتقل أيضا عبر الحجاج حسب ما ذكره المؤرخ جون لوي مييج L.Miege وخلف الوباء العديد من الضحايا من سكان فاس ومراكش سنة 1868م، كما اشتد النزيف الديموغرافي مع موجات الكوليرا والمساغب التي ضربت المنطقة خلال القرن التاسع عشر. فمدينة طنجة على سبيل المثال وحدها فقدت 441 ضحية خلال كوليرا 1868 و700 ضحية أثناء كوليرا 1895.
ولم تكن الكوليرا هي المرض الوحيد الذي حصد عددا هائلا في الأرواح بل واجه المغرب أيضا في نفس الفترة وباء الحمى الصفراء الدي انتقل أيضا عبر الحجاج حسب ما ذكره المؤرخ جون لوي مييج L.Miege وخلف الوباء العديد من الضحايا من سكان فاس ومراكش سنة 1868م، كما اشتد النزيف الديموغرافي مع موجات الكوليرا والمساغب التي ضربت المنطقة خلال القرن التاسع عشر. فمدينة طنجة على سبيل المثال وحدها فقدت 441 ضحية خلال كوليرا 1868 و700 ضحية أثناء كوليرا 1895.
الطاعون الأسود:
عرفت منطقة مراكش والجهة الشرقية على مقربة من فيكيك بداية القرن العشرين انتشار ما سمي بالطاعون الأسود، الذي سبب كذلك ضحايا خصوصا سنة 1907م حسب ما ذكره الطبيب الفرنسي فولي Foley. خلفت الاوبئة التي تم ذكرها انعكاسات اقتصادية واجتماعية حسب ما تؤكده بعض المصادر التي تناولت الموضوع وضعية اجتماعية واقتصادية متردية وحالة من الفوضى والاضطرابات السياسية في مناطق متفرقة من التراب المغربي، كما أثرت أيضا على نظرة الرعية للحكام، إذ كانوا يعتبرون في بعض الأحيان أن سياستهم الظالمة هي سبب البلاء، ومن بين نتائج الأوبئة التي عصفت بالمغرب:
النتائج الديمغرافية:
تبدو النتائج المباشرة والفورية للأوبئة التي ضربت المغرب في هذه المرحلة هي ما خلفته من وفيات وضحايا تقدر بالآلاف وانطلاقا من المدة التي سكن بها الوباء هذه المدن والتقديرات اليومية لعدد الضحايا يمكننا تصور حجم الكارثة الديمغرافية التي تعرض لها المغرب، ومما كان يزيد من عدد الضحايا وزيادة سرعة انتشار عدوى الوباء الظروف غير الصحية التي كانت تشكل وسطا خصبا لسريانه.
النتائج الاجتماعية:
أثرت الأوبئة والمجاعات بقوة على نسيج المجتمع المغربي، فقد تضافرت مع عوامل أخرى كالإستبداد وتوسع النهب الرأسمالي الأجنبي وثقل الضرائب، لتجعل منه مجتمعا مفقّرا يعاني الفاقة والحاجة ويفتقد لكل مقومات التطور والتقدم. لقد أصبح هم الإنسان هو البحث عن ملجأ للنجاة من الوباء، أو البحث عن لقمة العيش ليقيم بها أوده بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة. وهكذا انتشرت ظاهرة اللصوصية بعد أن فقد المجتمع لحمته وقيمه الأصيلة.
النتائج الاقتصادية:
لا يمكن الحديث عن انعكاسات هذه الكوارث ونتائجها دون ذكر تأثيراتها القوية على الأنشطة الاقتصادية للبلد ومقدراته المالية. لقد شكلت عملا أساسيا من عوامل الضعف والتردي الذين كان يعيشهما المغرب، فقد كانت مداخيل الدولة تتراجع بشكل مهول عقب كل كارثة وبائية.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
المصادر:
- محمد الأمين البزاز، تاريخ الأوبئة والمجاعات بالمغرب، مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء، سنة 1992.
- أحمد بن خالد الناصري، الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، تحقيق جعفر الناصري، ومحمد الناصري، منشورات وزارة الثقافة والإتصال 2001.
Henri terrasse. Histoire du Maroc des origines à l’établissement du protectorat français. éd. Atlantis . Casablanca 1949.
النتائج الديمغرافية:
تبدو النتائج المباشرة والفورية للأوبئة التي ضربت المغرب في هذه المرحلة هي ما خلفته من وفيات وضحايا تقدر بالآلاف وانطلاقا من المدة التي سكن بها الوباء هذه المدن والتقديرات اليومية لعدد الضحايا يمكننا تصور حجم الكارثة الديمغرافية التي تعرض لها المغرب، ومما كان يزيد من عدد الضحايا وزيادة سرعة انتشار عدوى الوباء الظروف غير الصحية التي كانت تشكل وسطا خصبا لسريانه.
النتائج الاجتماعية:
أثرت الأوبئة والمجاعات بقوة على نسيج المجتمع المغربي، فقد تضافرت مع عوامل أخرى كالإستبداد وتوسع النهب الرأسمالي الأجنبي وثقل الضرائب، لتجعل منه مجتمعا مفقّرا يعاني الفاقة والحاجة ويفتقد لكل مقومات التطور والتقدم. لقد أصبح هم الإنسان هو البحث عن ملجأ للنجاة من الوباء، أو البحث عن لقمة العيش ليقيم بها أوده بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة. وهكذا انتشرت ظاهرة اللصوصية بعد أن فقد المجتمع لحمته وقيمه الأصيلة.
النتائج الاقتصادية:
لا يمكن الحديث عن انعكاسات هذه الكوارث ونتائجها دون ذكر تأثيراتها القوية على الأنشطة الاقتصادية للبلد ومقدراته المالية. لقد شكلت عملا أساسيا من عوامل الضعف والتردي الذين كان يعيشهما المغرب، فقد كانت مداخيل الدولة تتراجع بشكل مهول عقب كل كارثة وبائية.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
المصادر:
- محمد الأمين البزاز، تاريخ الأوبئة والمجاعات بالمغرب، مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء، سنة 1992.
- أحمد بن خالد الناصري، الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، تحقيق جعفر الناصري، ومحمد الناصري، منشورات وزارة الثقافة والإتصال 2001.
Henri terrasse. Histoire du Maroc des origines à l’établissement du protectorat français. éd. Atlantis . Casablanca 1949.
Jean Louis Miége. Le Maroc et L’Europe (1830-1894) Tome Sources Bibliographie par jean louis miége. 1961.
لست ربوت