الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى والهاد ي المرتضى وعلى آله وصحبه وسلم تسليما وبعد < موضوع اليوم < معاملة النبي ص..>
إن الأمة الإسلامية لها مشاكل بعد الحصى وحلها ميسور بين يديها سهل المنال ألا وهواتباع النور الذي أتانا به سيد الخلق عليه من ربي الصلاة والسلام غير أنها تناسته وأخذت تبحث عن حل مجدي فيما كتبه غيرها فزادها ذاك تشرذما وتمزيقا وبعدا فظهر بين صفوفها من المنكرات والأهواء والتنطع والتفرق ما جعلها سهلة الاختراق من لدن عدوها الذي لم يألوا جهدا في السيطرة على خيراتها فهذه القضايا الكبرى المعلقة للأمة تنبيك عن حجم المشكلة واتساع الخرق ..أما الأمة الإسلامية الآن أمام شريعة محمد بن عبد الله النبي الأمي فثلاثة أصناف.
الصنف الأول أفراد قليلون مشرذمون ممن عضوا على هدي الحبيب بالنواجذ حتى ماتوا على ذالك ويخلفهم أفراد آخرون يساوونهم في الندرة .أما الصنف الثالث فهم أفراد كثر غلب عليهم الجهل وسيطرت عليهم الأهواء بالرغم من حبهم للدين وهدي الحبيب .أما الصنف الثالث فهم قلة من مثقفي بني جلدتنا لهم ميول لما عند الغرب وحنق وحقد لمبادئ الشريعة الغراء ليس في نصوصها التي تحتمل الاجتهاد ولكن في النصوص القطعية التي بث فيها القرآن أوالسنة النبوية يتمنون أن تمحى من المصحف أو يشطب عليها بخط أحمر من ثم تراهم في إعلامهم المسموع والمرءي يثيرون الزوبعات ويفتنون الأمة وهؤلاء أكثر ضررا على الأمة من عدوها الخارجي ولو عدنا إلى التاريخ القريب لوجدنا أنهم السبب في استقدام العدو لبلدانهم وقد كان رئدهم في هذا ابن العلقمي الذي مهد للتر في احتلال بغداد وما بلادنا قد نجت من أمثاله فقد سجل التاريخ عليهم تواطؤهم مع العدو الخارجي من أمثال ابن عرفة وبعض رجال الزوايا .إن من نكد الدنيا أن ترى عدوا ما من صدقاته بد .
أيها الناس إن التذكير بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم الهدف منه الامتثال والرجوع لها بعد الكبوة والعض عليها بعد الغفوة ففيها الخلاص والنجاة من التشرذم والفوضى .فتنكب الجم الغفير عن سيرة الحبيب أبعدهم عن مصادفة الصواب وإصابة الحق .من ثم ترى الجريمة أمرها يتفاقم ويزداد يوما بعد آخر والأحوال تسوء أخلاقيا عاما بعد آخر .لهذا تتأكد العودة إلى ألأصل الأول والمعين الصافي وهذه مقتطفاة من أخلاقه ومواقف في بعض أحواله فلنعض عليها بالنواجذ ولنجعلها نصب أعيننا
الا>>تعامله مع أزواجه الطاهرات أمهات المومنين.في سنن الترمذي \عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي وَإِذَا مَاتَ صَاحِبُكُمْ فَدَعُوهُ >قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ.في حاشية السند : قَوْله ( خَيْركُمْ )أَيْ مِنْ خَيْرِكُمْ لِأَهْلِهِ فَمُرَاده أَنَّ حَسَن الْعِشْرَة مَعَ الْأَهْل مِنْ جُمْلَة الْأَشْيَاء الْمَطْلُوبَة فِي الدِّين فَالْمُتَّصِف بِهِ مِنْ جُمْلَة الْخِيَار مِنْ هَذِهِ الْجِهَة وَيَحْتَمِل أَنَّ الْمُتَّصِف بِهِ يُوَفَّق لِسَائِرِ الصَّالِحَات حَتَّى يَصِير خَيْرًا عَلَى الْإِطْلَاق وَاَللَّه أَعْلَم وَفِي الزَّوَائِد الْحَدِيث.
<2297>
وفي صحيح البخاري \عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ فَضَرَبَتْ الَّتِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهَا يَدَ الْخَادِمِ فَسَقَطَتْ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ فَجَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِلَقَ الصَّحْفَةِ ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ وَيَقُولُ غَارَتْ أُمُّكُمْ ثُمَّ حَبَسَ الْخَادِمَ حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا وَأَمْسَكَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ .قَوْله ( غَارَتْ أُمّكُمْ ) الْخِطَاب لِمَنْ حَضَرَ ، وَالْمُرَاد بِالْأُمِّ هِيَ الَّتِي كَسَرَتْ الصَّحْفَة وَهِيَ مِنْ أُمَّهَات الْمُؤْمِنِينَ
ثانيا>>ـ معامتله مع أعدائه روى مسلم عن حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ قَالَ
مَا مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْرًا إِلَّا أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي حُسَيْلٌ قَالَ فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ قَالُوا إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا فَقُلْنَا مَا نُرِيدُهُ مَا نُرِيدُ إِلَّا الْمَدِينَةَ فَأَخَذُوا مِنَّا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَا نُقَاتِلُ مَعَهُ فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ فَقَالَ انْصَرِفَا نَفِي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ وَنَسْتَعِينُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ....وروى مالك في الموطإ والبخاري عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ امْرَأَةً مَقْتُولَةً فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ
قال النووي \أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى الْعَمَل بِهَذَا الْحَدِيث ، وَتَحْرِيم قَتْل النِّسَاء وَالصِّبْيَان إِذَا لَمْ يُقَاتِلُوا ، فَإِنْ قَاتَلُوا قَالَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء : يُقْتَلُونَ ، وَأَمَّا شُيُوخ الْكُفَّار فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ رَأْي قُتِلُوا ، وَإِلَّا فَفِيهِمْ وَفِي الرُّهْبَان خِلَاف ، قَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة : لَا يُقْتَلُونَ ، وَالْأَصَحّ فِي مَذْهَب الشَّافِعِيّ : قَتْلهمْ .
++وروى البخاري عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا أَسْلَمْنَا فَجَعَلُوا يَقُولُونَ صَبَأْنَا صَبَأْنَا فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ مِنْهُمْ وَيَأْسِرُ وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمٌ أَمَرَ خَالِدٌ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا أَقْتُلُ أَسِيرِي وَلَا يَقْتُلُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِي أَسِيرَهُ حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْنَاهُ فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ مَرَّتَيْنِ
اين هذا مما يحدث اليوم في ارض الشام من سفك دم المسلم على يد أخيه بل رأينا في هذه الأسبوع قتالا مريرا بين جماعتين كبيرتين رفعتا شعار الدين ألا وهي << الجبهة الإسلامية والجماعة الإسلامية >>
أين هم من معاملته الحسنة مع المناوئين له من أهل مكة لما تمكن منهم . ففي معرفة السنن والآثار للبيهقي حدثنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي قال : سئل أبو حنيفة عن رجل مسلم دخل دار الحرب بأمان فاشترى دارا ، أو أرضا ، أو رقيقا ، أو ثيابا ، فظهر (1) عليه المسلمون ؟ قال : « أما الدور والأرضون فهي من فيء المسلمين وأما الرقيق والمتاع فهو للرجل الذي اشتراه » وقال الأوزاعي : « فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عنوة ، فخلى بين المهاجرين وأرضهم ودورهم بمكة ، ولم يجعلها فيئا » وقال أبو يوسف : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عفا
<2298>
عن مكة وأهلها وقال : « من أغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن ، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن » ونهى عن القتل إلا نفرا قد سماهم ، إلا أن يقاتل أحد فيقاتل ، وقال لهم حين اجتمعوا في المسجد : « ما ترون أني صانع بكم ؟ » قالوا : خيرا ، أخ كريم ، وابن أخ كريم قال : « اذهبوا فأنتم الطلقاء » ، ولم يجعل منها فيئا قليلا ولا كثيرا ، لا دارا ولا أرضا ولا مالا ، ولم يسب من أهلها أحدا ، وقد قاتله قوم فيها فقتلوا وهربوا فلم يأخذ من متاعهم شيئا ، ولم يجعله فيئا>> الطلقاء : أهل مكة الذين أسلموا في الفتح وبعده وليس لهم هجرة وقد سموا الطلقاء لقول الرسول (ص) لهم : إذهبوا فانتم الطلقاء.
ثالثا>> معاملته مع جيرانه الكفار.عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ
كُنَّا فِي غَزَاةٍ قَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً فِي جَيْشٍ فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ يَا لَلْأَنْصَارِ وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ فَسَمِعَ بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فَقَالَ فَعَلُوهَا أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُ لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ وَكَانَتْ الْأَنْصَارُ أَكْثَرَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ ثُمَّ إِنَّ الْمُهَاجِرِينَ كَثُرُوا بَعْدُ
أين هذا ممن يبخلون حتى بالسلام على الآخرين من إخوانهم فقد بلغني عن شاب متشدد سلم عليه أحد الصالحين كما نحسبهم فلم يرد عليهم لما يدور في خلده أنهم على باطل وهو على حق ثم بعد هذه الفترة حصل له تنازل عن موقفه المتحجر .وفي صحيح البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ أَسْلِمْ فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ>
رابعا>> تعامله مع زبنائه .روى أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ بَعِيرًا فَجَاءَ يَتَقَاضَاهُ بَعِيرَهُ فَقَالَ اطْلُبُوا لَهُ بَعِيرًا فَادْفَعُوهُ إِلَيْهِ فَلَمْ يَجِدُوا إِلَّا سِنًّا فَوْقَ سِنِّهِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ نَجِدْ إِلَّا سِنًّا فَوْقَ سِنِّ بَعِيرِهِ فَقَالَ أَعْطُوهُ فَإِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ قَضَاءً>...
وفي صحيح البخاري \عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَقَاضَاهُ فَأَغْلَظَ فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا ثُمَّ قَالَ أَعْطُوهُ سِنًّا مِثْلَ سِنِّهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا أَمْثَلَ مِنْ سِنِّهِ فَقَالَ أَعْطُوهُ فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ أَحْسَنَكُمْ قَضَاءً>.في الفتح \وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ الْمُطَالَبَةِ بِالدَّيْنِ إِذَا حَلَّ أَجَلُهُ . وَفِيهِ حُسْنُ خُلُقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِظَمُ حِلْمِهِ وَتَوَاضُعه وَإِنْصَافه ، وَأَنَّ مَنْ عَلَيْهِ دَيْن لَا يَنْبَغِي لَهُ مُجَافَاة صَاحِبِ الْحَقِّ ، وَأَنَّ مَنْ أَسَاءَ الْأَدَب عَلَى الْإِمَامِ كَانَ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ بِمَا يَقْتَضِيه الْحَالُ إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ صَاحِبُ الْحَقِّ
<2299>
. قَوْله : ( فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا )أَيْ صَوْلَة الطَّلَب وَقُوَّة الْحُجَّةِ ، لَكِنْ مَعَ مُرَاعَاةِ الْأَدَبِ الْمَشْرُوعِ .
.وروى الطبراني عَبْدِ اللَّهِ بن سَلامٍ، قَالَ:"إِنَّ اللَّهَ لَمَّا أَرَادَ هُدَى زَيْدِ بن سَعْنَةَ، قَالَ زَيْدُ بن سَعْنَةَ: مَا مِنْ عَلامَاتِ النُّبُوَّةِ شَيْءٌ إِلا وَقَدْ عَرَفْتُهَا فِي وَجْهِ مُحَمَّدٍ حِينَ نَظَرْتُ إِلَيْهِ، إِلا اثْنَيْنِ لَمْ أُخْبَرْهُمَا مِنْهُ: يَسْبِقُ حِلْمُهُ جَهْلَهُ، وَلا يَزِيدُهُ شِدَّةُ الْجَهْلِ عَلَيْهِ إِلا حِلْمًا، فَكُنْتُ أَلْطَفُ لَهُ إِلَى أَنْ أُخَالِطَهُ، فَأَعْرِفَ حِلْمَهُ مِنْ جَهْلِهِ، قَالَ زَيْدُ بن سَعْنَةَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا مِنَ الْحُجُرَاتِ، وَمَعَهُ عَلِيُّ بن أَبِي طَالِبٍ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَتِهِ كَالْبَدَوِيِّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ بِقِرَايَ قَرْيَةَ بني فُلانٍ، قَدْ أَسْلَمُوا وَدَخَلُوا فِي الإِسْلامِ، وَكُنْتُ حَدَّثْتُهُمْ إِنْ أَسْلَمُوا أَتَاهُمُ الرِّزْقُ رَغَدًا، وَقَدْ أَصَابَتْهُمْ سِنَةٌ وَشِدَّةٌ وَقُحُوطٌ مِنَ الْغَيْثِ، فَأَنَا أَخْشَى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ الإِسْلامِ طَمَعًا كَمَا دَخَلُوا فِيهِ طَمَعًا، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُرْسِلَ إِلَيْهِمْ بِشَيْءٍ تُغِيثُهُمْ بِهِ فَعَلْتَ، فَنَظَرَ إِلَى رَجُلٍ إِلَى جَانِبِهِ أُرَاهُ عَلِيًّا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ، قَالَ زَيْدُ بن سَعْنَةَ: فَدَنَوْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا مُحَمَّدُ، هَلْ لَكَ أَنْ تَبِيعَنِي تَمْرًا مَعْلُومًا فِي حَائِطِ بني فُلانٍ إِلَى أَجَلِ كَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ:"لا يَا يَهُودِيُّ، وَلَكِنْ أَبِيعُكَ تَمْرًا مَعْلُومًا إِلَى أَجَلِ كَذَا وَكَذَا، وَلا يُسَمِّي حَائِطَ بني فُلانٍ"، قُلْتُ: نَعَمْ، فَبَايِعْنِي، فَأَطْلَقْتُ هِمْيَانِي، فَأَعْطَيْتُهُ ثَمَانِينَ مِثْقَالا مِنْ ذَهْبٍ فِي تَمْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلِ كَذَا وَكَذَا، فَأَعْطَاهَا الرَّجُلَ، وَقَالَ: اعْدِلْ عَلَيْهِمْ، وَأَغِثْهُمْ بِهَا، قَالَ زَيْدُ بن سَعْنَةَ: فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ مَحِلِّ الأَجَلِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاثٍ، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ، وَدَنَا مِنْ جِدَارٍ لِيَجْلِسَ، أَتَيْتُهُ، فَأَخَذْتُ بِمَجَامِعِ قَمِيصِهِ وَرِدَائِهِ، وَنَظَرْتُ إِلَيْهِ بِوَجْهٍ غَلِيظٍ، فَقُلْتُ لَهُ: أَلا تَقْضِينِي يَا مُحَمَّدُ حَقِّي، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُكُمْ بني عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِمُطْلٍ، وَلَقَدْ كَانَ لِي بِمُخَالَطَتِكُمْ عِلْمٌ. وَنَظَرْتُ إِلَى عُمَرَ وَإِذَا عَيْنَاهُ تَدُورَانِ فِي وَجْهِهِ كَالْفَلَكِ الْمُسْتَدِيرِ، ثُمَّ رَمَانِي بِبَصَرِهِ، فَقَالَ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ، أَتَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ مَا أَسْمَعُ، وَتَصْنَعُ بِهِ مَا أَرَى، فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ، لَوْلا مَا أُحَاذِرُ فَوْتَهُ، لَضَرَبْتُ بِسَيْفِي رَأْسَكَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ إِلَى عُمَرَ فِي سُكُونٍ وَتُؤَدَةٍ وَتَبَسُّمٍ، ثُمَّ قَالَ:"يَا عُمَرُ، أَنَا وَهُوَ كُنَّا أَحْوَجَ إِلَى غَيْرِ هَذَا، أَنْ تَأْمُرَنِي بِحُسْنِ الأَدَاءِ، وَتَأْمُرَهُ بِحُسْنِ اتِّبَاعِهِ، اذْهَبْ بِهِ يَا عُمَرُ، وأَعْطِهِ حَقَّهُ وَزِدْهُ عِشْرِينَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ مَكَانَ مَا رَوَّعْتَهُ ، قَالَ زَيْدٌ : فَذَهَبَ بِي عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، فَأَعْطَانِي حَقِّي ، وَزَادَنِي عِشْرِينَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ ، فَقُلْتُ : مَا هَذِهِ الزِّيَادَةُ يَا عُمَرُ ؟ فَقَالَ : أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَزِيدَكَ مَكَانَ مَا رَوَّعْتُكَ ، قُلْتُ : وتَعْرِفُنِي يَا عُمَرُ ؟ قَالَ : لا ، مَنْ أَنْتَ ؟ قُلْتُ : أَنَا زَيْدُ بن سَعْنَةَ ، قَالَ : الْحَبْرُ ، قُلْتُ : الْحَبْرُ ، قَالَ : فَمَا دَعَاكَ أَنْ فَعَلْتَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فَعَلْتَ وَقُلْتَ لَهُ مَا قُلْتَ ؟ قُلْتُ : يَا عُمَرُ لَمْ تَكُنْ مِنْ عَلامَاتِ النُّبُوَّةِ شَيْءٌ إِلا وَقَدْ عَرَفْتُهُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَظَرْتُ إِلَيْهِ إِلا اثْنَتَيْنِ لَمْ أَخْبُرْهُمَا مِنْهُ ، يَسْبِقُ حِلْمُهُ جَهْلَهُ ، وَلا يَزِيدُهُ الْجَهْلُ عَلَيْهِ إِلا حِلْمًا ، فَقَدْ أُخْبِرْتُهُمَا ، فَأُشْهِدُكَ يَا عُمَرُ أَنِّي قَدْ رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا ، وَأُشْهِدُكَ أَنَّ شَطْرَ مَالِي وَإِنِّي أَكْثَرُهَا مَالا صَدَقَةٌ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ . فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ
<2300>
: أَوْ عَلَى بَعْضِهِمْ ، فَإِنَّكَ لا تَسَعُهُمْ . قُلْتُ : أَوْ عَلَى بَعْضِهِمْ ، فَرَجَعَ عُمَرُ وَزَيْدٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ زَيْدٌ : أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَآمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ وَبَايَعَهُ وَشَهِدَ مَعَهُ مَشَاهِدَ كَثِيرَةً ، ثُمَّ تُوُفِّي زَيْدٌ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ مُقْبِلا غَيْرَ مُدْبِرٍ ، رَحِمَ اللَّهُ زَيْدًا .
أين هذه المعاملة اليوم ممن يرفعون شعار التدين فضلا عن الغافلين
خامسا >> تعامله مع أهل الرأي تأصيلا لما يسمى اليوم بحرية الرأي .روى البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِسْمَةَ حُنَيْنٍ قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ مَا أَرَادَ بِهَا وَجْهَ اللَّهِ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ ثُمَّ قَالَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى مُوسَى لَقَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ
وفي صحيح مسلم : عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجِعْرَانَةِ مُنْصَرَفَهُ مِنْ حُنَيْنٍ وَفِي ثَوْبِ بِلَالٍ فِضَّةٌ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبِضُ مِنْهَا يُعْطِي النَّاسَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ اعْدِلْ قَالَ وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ لَقَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَقْتُلَ هَذَا الْمُنَافِقَ فَقَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنِّي أَقْتُلُ أَصْحَابِي إِنَّ هَذَا وَأَصْحَابَهُ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ.قال النووي \قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَقْرَءُونَ الْقُرْآن لَا يُجَاوِز حَنَاجِرهمْ ). قَالَ الْقَاضِي : فِيهِ تَأْوِيلَانِ : أَحَدهمَا : مَعْنَاهُ : لَا تَفْقَهُهُ قُلُوبهمْ وَلَا يَنْتَفِعُونَ بِمَا تَلَوْا مِنْهُ ، وَلَا لَهُمْ حَظّ سِوَى تِلَاوَة الْفَم وَالْحَنْجَرَة وَالْحَلْق إِذْ بِهِمَا تَقْطِيع الْحُرُوف ، الثَّانِي : مَعْنَاهُ : لَا يَصْعَد لَهُمْ عَمَل وَلَا تِلَاوَة وَلَا يُتَقَبَّل . قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَمْرُقُونَ مِنْهُ كَمَا يَمْرُق السَّهْم مِنْ الرَّمْيَة )وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى : ( يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَام ) . وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى : ( يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّين ) قَالَ الْقَاضِي : مَعْنَاهُ : يَخْرُجُونَ مِنْهُ خُرُوج السَّهْم إِذَا نَفَذَ الصَّيْد مِنْ جِهَة أُخْرَى ، وَلَمْ يَتَعَلَّق بِهِ شَيْء مِنْهُ ، وَ ( الرَّمْيَة ) هِيَ الصَّيْد الْمَرْمِيّ ، وَهِيَ فَعِيلَة بِمَعْنَى مَفْعُولَة . قَالَ : وَ ( الدِّين ) هُنَا هُوَ الْإِسْلَام ، كَمَا قَالَ سُبْحَانه وَتَعَالَى : { إِنَّ الدِّين عِنْد اللَّه الْإِسْلَام } وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : هُوَ الطَّاعَة أَيْ مِنْ طَاعَة الْإِمَام ، وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيث دَلِيل لِمَنْ يُكَفِّرُ الْخَوَارِجَ ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاض - رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى - : قَالَ الْمَازِرِيّ : اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي تَكْفِير الْخَوَارِج ، قَالَ : وَقَدْ كَادَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَة تَكُون أَشَدّ إِشْكَالًا مِنْ سَائِر الْمَسَائِل ، وَلَقَدْ رَأَيْت أَبَا الْمَعَالِي وَقَدْ رَغَّبَ إِلَيْهِ الْفَقِيه عَبْد الْحَقّ - رَحِمَهُمَا اللَّه تَعَالَى - فِي الْكَلَام عَلَيْهَا فَرَهَّبَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ ، وَاعْتَذَرَ بِأَنَّ الْغَلَط فِيهَا يَصْعُبُ مَوْقِعُهُ ؛ لِأَنَّ إِدْخَال كَافِر فِي الْمِلَّة وَإِخْرَاج مُسْلِم مِنْهَا عَظِيم فِي الدِّين ، وَقَدْ اِضْطَرَبَ فِيهَا قَوْل الْقَاضِي أَبِي بَكْر الْبَاقِلَّانِيّ ، وَنَاهِيك بِهِ فِي عِلْم الْأُصُول ، وَأَشَارَ اِبْن الْبَاقِلَّانِيّ إِلَى أَنَّهَا مِنْ الْمُعَوِّصَات ؛ لِأَنَّ الْقَوْم لَمْ يُصَرِّحُوا بِالْكُفْرِ ، وَإِنَّمَا قَالُوا أَقْوَالًا تُؤَدِّي إِلَيْهِ ، وَأَنَا أَكْشِف لَك نُكْتَة الْخِلَاف وَسَبَب الْإِشْكَال ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُعْتَزِلِيَّ مَثَلًا يَقُول : إِنَّ اللَّه تَعَالَى عَالِم ، وَلَكِنْ لَا عِلْمَ لَهُ ، وَحَيٌّ وَلَا حَيَاةَ لَهُ . يُوقِع الِالْتِبَاس فِي تَكْفِيره ؛ لِأَنَّا عَلِمْنَا مِنْ دَيْن الْأُمَّة ضَرُورَةً أَنَّ مَنْ قَالَ : إِنَّ اللَّه تَعَالَى لَيْسَ بِحَيٍّ وَلَا عَالِم كَانَ كَافِرًا ، وَقَامَتْ الْحُجَّة عَلَى اِسْتِحَالَة كَوْن الْعَالَم لَا عِلْم لَهُ ، فَهَلْ نَقُول : إِنَّ الْمُعْتَزِلِيَّ إِذَا نَفَى الْعِلْم نَفَى أَنْ
<2301>
يَكُون اللَّه تَعَالَى عَالِمًا ، وَذَلِكَ كُفْر بِالْإِجْمَاعِ وَلَا يَنْفَعُهُ اِعْتِرَافُهُ بِأَنَّهُ عَالِم مَعَ نَفْيِهِ أَصْل الْعِلْم ، أَوْ نَقُول قَدْ اِعْتَرَفَ بِأَنَّ اللَّه تَعَالَى عَالِم ، وَإِنْكَاره الْعِلْم لَا يُكَفِّرهُ ، وَإِنْ كَانَ يُؤَدِّي إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِعَالِمٍ ، فَهَذَا مَوْضِع الْإِشْكَال . هَذَا كَلَام الْمَازِرِيّ وَمَذْهَب الشَّافِعِيّ وَجَمَاهِير أَصْحَابه الْعُلَمَاء أَنَّ الْخَوَارِج لَا يَكْفُرُونَ ، وَكَذَلِكَ الْقَدَرِيَّة وَجَمَاهِير الْمُعْتَزِلَة وَسَائِر أَهْل الْأَهْوَاء ، قَالَ الشَّافِعِيّ - رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى - : أَقْبَلُ شَهَادَة أَهْل الْأَهْوَاء إِلَّا الْخَطَّابِيَّة ، وَهُمْ طَائِفَة مِنْ الرَّافِضَة يَشْهَدُونَ لِمُوَافِقِيهِمْ فِي الْمَذْهَب بِمُجَرَّدِ قَوْلهمْ ، فَرَدَّ شَهَادَتَهُمْ لِهَذَا لَا لِبِدْعَتِهِمْ . وَاَللَّه أَعْلَم .
سادسا تعامله مع السياسة الهادفة والمجردة .أما السياسة الهادفة فهي الموافقة لهدي القرآن ونوره لما روى أحمد عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ
أَتَيْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرِينِي بِخُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ أَمَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ{ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ }قُلْتُ فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتَبَتَّلَ قَالَتْ لَا تَفْعَلْ أَمَا تَقْرَأُ{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }فَقَدْ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ وُلِدَ لَهُ
وروى الطبراني في المعجم \ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ:"كَانَ خَلْقُهُ الْقُرْآنَ، يَغْضَبُ لِغَضَبِهِ، وَيَرْضَى لِرِضَاهُ". لا يُرْوَى عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنْ عَائِشَةَ إِلا بِهَذَا الإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: زَيْدُ بن وَاقِدٍ>......
أما تعامله مع السياسة المجردة الخرقاء التي تنبني على الأهواء فقد قال بأبي هو وأمي .روى الطبراني في المعجم الكبير \ عَنْ مُعَاذِ بن جَبَلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:"خُذُوا الْعَطَاءَ مَا دَامَ عَطَاءً، فَإِذَا صَارَ رِشْوَةً فِي الدِّينِ فَلا تَأْخُذُوهُ، وَلَسْتُمْ بِتَارِكِيهِ، يَمْنَعْكُمُ الْفَقْرَ وَالْحَاجَةَ، أَلا إِنَّ رَحَى الإِسْلامِ دَائِرَةٌ، فَدُورُوا مَعَ الْكِتَابِ حَيْثُ دَارَ، أَلا إِنَّ الْكِتَابَ وَالسُّلْطَانَ سَيَفْتَرِقَانِ، فَلا تُفَارِقُوا الْكِتَابَ، أَلا إِنَّهُ سَيَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يَقْضُونَ لأَنْفُسِهِمْ مَا لا يَقْضُونَ لَكُمْ، إِنْ عَصَيْتُمُوهُمْ قَتَلُوكُمْ، وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ أَضَلُّوكُمْ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ نَصْنَعُ؟ قَالَ:"كَمَا صَنَعَ أَصْحَابُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، نُشِرُوا بِالْمَنَاشِيرَ، وَحُمِلُوا عَلَى الْخَشَبِ، مَوْتٌ فِي طَاعَةِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ حَيَاةٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ"أَبُو بَحْرِيَّةَ عَنْ مُعَاذِ بن جَبَلٍ. ) ...قوله العطاء : الهبة أو نصيب الفرد من بيت المال ......العطاء : نصيب الفرد من بيت المال.....قوله الرحى : الأداة التي يطحن بها والمراد استقامة أمر الدين واستمراره أو الحرب والقتال....قوله القَضاء في اللغة على وجوه : مَرْجعها إلى انقطاع الشيء وتَمامه. وكلُّ ما أُحكِم عَملُه، أو أتمّ، أو خُتِم، أو أُدِّي، أو أُوجِبَ، أو أُعْلِم، أو أُنفِذَ، أو أُمْضيَ فقد قُضِيَ......قوله الضلال : بُطْلاَنَ العمَل وضَياعه ، والميل عن الحق.
سابعا معاملته مع الرأي السديد .ففي دلائل النبوة للبيهقي فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم يبادرهم إلى الماء حتى نزل بدرا فسبق قريشا إليه ، فلما جاء أدنى ماء من بدر نزل عليه ، فقال له الحباب بن المنذر : يا رسول الله ، منزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتعداه ولا نقصر عنه ، أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « بل هو الرأي والحرب والمكيدة » ، فقال الحباب : يا
<2302>
رسول الله ، فإن هذا ليس بمنزل ، ولكن انهض حتى تجعل القلب كلها من وراء ظهرك ، ثم غور كل قليب بها إلا قليبا واحدا ، ثم احفر عليه حوضا ، فنقاتل القوم فنشرب ولا يشربون ، حتى يحكم الله بيننا وبينهم ، فقال : « قد أشرت بالرأي » ، ففعل ذلك ، فغورت القلب ، وبنى حوضا على القليب الذي نزل عليه فملئ ماء ، ثم قذفوا فيه الآنية . وأقبلت قريش حين أصبحت يقدمها عتبة بن ربيعة على جمل له أحمر ، فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ينحطون من الكثيب قال : « اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادك وتكذب رسولك ، اللهم فأحنهم الغداة » الكَثِيب : الرَّمْل المسْتَطِيل المُحْدَوْدِب
ثامنا معاملته مع الخادم اولا>>سلوكه صلى الله عليه و سلم مع الخدم فهذا خادمه أنس يحدثنا عن رحمته وشفقته ~ صلى الله عليه و سلم ~ بالخدم..فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا فَأَرْسَلَنِي يَوْمًا لِحَاجَةٍ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا أَذْهَبُ وَفِي نَفْسِي أَنْ أَذْهَبَ لِمَا أَمَرَنِي بِهِ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجْتُ حَتَّى أَمُرَّ عَلَى صِبْيَانٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي السُّوقِ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَبَضَ بِقَفَايَ مِنْ وَرَائِي قَالَ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقَالَ يَا أُنَيْسُ أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ أَنَا أَذْهَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَنَسٌ وَاللَّهِ لَقَدْ خَدَمْتُهُ تِسْعَ سِنِينَ مَا عَلِمْتُهُ قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا أَوْ لِشَيْءٍ تَرَكْتُهُ هَلَّا فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا> رواه مسلم ثانيًا: حثه على العفو عن الخادم
كان سيدنا محمد ~ صلى الله عليه و سلم ~ يوصي أصحابه بالعفو عن الخدم ..فعن عبد الله بن عمر " يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمْ نَعْفُو عَنْ الْخَادِمِ فَصَمَتَ ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ الْكَلَامَ فَصَمَتَ فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ قَالَ اعْفُوا عَنْهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً> رواه أبو داود.ثالثًا: توبيخه مَنْ ضرب الخادم\\
في صحيح مسلم \\ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ لَطَمْتُ مَوْلًى لَنَا فَهَرَبْتُ ثُمَّ جِئْتُ قُبَيْلَ الظُّهْرِ فَصَلَّيْتُ خَلْفَ أَبِي فَدَعَاهُ وَدَعَانِي ثُمَّ قَالَ امْتَثِلْ مِنْهُ فَعَفَا ثُمَّ قَالَ كُنَّا بَنِي مُقَرِّنٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ لَنَا إِلَّا خَادِمٌ وَاحِدَةٌ فَلَطَمَهَا أَحَدُنَا فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَعْتِقُوهَا قَالُوا لَيْسَ لَهُمْ خَادِمٌ غَيْرُهَا قَالَ فَلْيَسْتَخْدِمُوهَا فَإِذَا اسْتَغْنَوْا عَنْهَا فَلْيُخَلُّوا سَبِيلَهَا في سنن أبي داود عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَادِمًا وَلَا امْرَأَةً قَطُّ
رابعًا: ترغيبه ~ صلى الله عليه و سلم ~ في إطعام الخادم \\
في مسند احمد عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَطْعَمْتَ نَفْسَكَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ وَمَا أَطْعَمْتَ وَلَدَكَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ وَمَا أَطْعَمْتَ زَوْجَكَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ وَمَا أَطْعَمْتَ خَادِمَكَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ
خامسًا: نهيه عن الدعاء على الخادم :
فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ~ صلى الله عليه و سلم ~ : "لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ،وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى خَدَمِكُمْ، وَلَاتَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لَا تُوَافِقُوا مِنْ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَاعَةَ نَيْلٍ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبَ لَكُمْ" ابو داود
<2303>
اين هذه المعاملة مع الخدم فكم أطلعتنا الأخبار عن ضرب للخادمات وتعذيبهن وتحميلهن ما لايطقن
تاسعا>> معاملته مع الأجير .روى ابن ماجه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطُوا الْأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ>
أين هذا ممن يتعبون الأجير ثم يتنكرون له فأخبار عن العمال الذين هضمت حقوقهم ما أكثرها
10>>ـ معاملة النبي صلى الله عليه وسلم للأطفال فطن الرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى أن التعامل الناجح مع الطفل يعتمد على أساليب تربوية مدروسة، تقوم على العلم والخبرة والتجربة وسعة الصدر والصبر والاحتواء؛ ونظرًا لأهمية تلك المرحلة العمرية فقد صاغ لها صلى الله عليه وعلى آله وسلم منهجًا في التعامل التربوي والعلمي، أنتج شخصيات ناجحة منجزة، وقيادات متميزة فذة، وعلماء متفردين عباقرة، ومن أهم محاور المنهج التربوي في تعامله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مع الأطفال: اللطف بالأطفال والبساطة في التعامل معهم:فروى البخاري : عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ صَغِيرَةٌ فَقَالَ مَنْ تَرَوْنَ أَنْ نَكْسُوَ هَذِهِ فَسَكَتَ الْقَوْمُ قَالَ ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِدٍ فَأُتِيَ بِهَا تُحْمَلُ فَأَخَذَ الْخَمِيصَةَ بِيَدِهِ فَأَلْبَسَهَا وَقَالَ أَبْلِي وَأَخْلِقِي وَكَانَ فِيهَا عَلَمٌ أَخْضَرُ أَوْ أَصْفَرُ فَقَالَ يَا أُمَّ خَالِدٍ هَذَا سَنَاهْ وَسَنَاهْ بِالْحَبَشِيَّةِ حَسَنٌ>
في الفتح قَوْله : ( فَأُتِيَ بِهَا تُحْمَل )كَذَا فِيهِ ، وَفِيهِ اِلْتِفَات أَوْ تَجْرِيد ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي الْوَلِيد " فَأُتِيَ بِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى صِغَر سِنّهَا إِذْ ذَاكَ ، وَلَكِنْ لَا يَمْنَع ذَلِكَ أَنْ تَكُون حِينَئِذٍ مُمَيَّزَة . وفي مسند أحمد : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ فَإِذَا سَجَدَ وَثَبَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَى ظَهْرِهِ فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ أَخَذَهُمَا بِيَدِهِ مِنْ خَلْفِهِ أَخْذًا رَفِيقًا وَيَضَعُهُمَا عَلَى الْأَرْضِ فَإِذَا عَادَ عَادَا حَتَّى إِذَا قَضَى صَلَاتَهُ أَقْعَدَهُمَا عَلَى فَخِذَيْهِ قَالَ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرُدُّهُمَا فَبَرَقَتْ بَرْقَةٌ فَقَالَ لَهُمَا الْحَقَا بِأُمِّكُمَا قَالَ فَمَكَثَ ضَوْءُهَا حَتَّى دَخَلَا>
يقول حميد أمين هذا ما من به العلي القدير نسأل الله أن يمن علينا بمنه ويحفظ علينا إيماننا الذي هو عصمة أمرنا من القلاقل والفتن إنه قريب مجيب
إن الأمة الإسلامية لها مشاكل بعد الحصى وحلها ميسور بين يديها سهل المنال ألا وهواتباع النور الذي أتانا به سيد الخلق عليه من ربي الصلاة والسلام غير أنها تناسته وأخذت تبحث عن حل مجدي فيما كتبه غيرها فزادها ذاك تشرذما وتمزيقا وبعدا فظهر بين صفوفها من المنكرات والأهواء والتنطع والتفرق ما جعلها سهلة الاختراق من لدن عدوها الذي لم يألوا جهدا في السيطرة على خيراتها فهذه القضايا الكبرى المعلقة للأمة تنبيك عن حجم المشكلة واتساع الخرق ..أما الأمة الإسلامية الآن أمام شريعة محمد بن عبد الله النبي الأمي فثلاثة أصناف.
الصنف الأول أفراد قليلون مشرذمون ممن عضوا على هدي الحبيب بالنواجذ حتى ماتوا على ذالك ويخلفهم أفراد آخرون يساوونهم في الندرة .أما الصنف الثالث فهم أفراد كثر غلب عليهم الجهل وسيطرت عليهم الأهواء بالرغم من حبهم للدين وهدي الحبيب .أما الصنف الثالث فهم قلة من مثقفي بني جلدتنا لهم ميول لما عند الغرب وحنق وحقد لمبادئ الشريعة الغراء ليس في نصوصها التي تحتمل الاجتهاد ولكن في النصوص القطعية التي بث فيها القرآن أوالسنة النبوية يتمنون أن تمحى من المصحف أو يشطب عليها بخط أحمر من ثم تراهم في إعلامهم المسموع والمرءي يثيرون الزوبعات ويفتنون الأمة وهؤلاء أكثر ضررا على الأمة من عدوها الخارجي ولو عدنا إلى التاريخ القريب لوجدنا أنهم السبب في استقدام العدو لبلدانهم وقد كان رئدهم في هذا ابن العلقمي الذي مهد للتر في احتلال بغداد وما بلادنا قد نجت من أمثاله فقد سجل التاريخ عليهم تواطؤهم مع العدو الخارجي من أمثال ابن عرفة وبعض رجال الزوايا .إن من نكد الدنيا أن ترى عدوا ما من صدقاته بد .
أيها الناس إن التذكير بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم الهدف منه الامتثال والرجوع لها بعد الكبوة والعض عليها بعد الغفوة ففيها الخلاص والنجاة من التشرذم والفوضى .فتنكب الجم الغفير عن سيرة الحبيب أبعدهم عن مصادفة الصواب وإصابة الحق .من ثم ترى الجريمة أمرها يتفاقم ويزداد يوما بعد آخر والأحوال تسوء أخلاقيا عاما بعد آخر .لهذا تتأكد العودة إلى ألأصل الأول والمعين الصافي وهذه مقتطفاة من أخلاقه ومواقف في بعض أحواله فلنعض عليها بالنواجذ ولنجعلها نصب أعيننا
الا>>تعامله مع أزواجه الطاهرات أمهات المومنين.في سنن الترمذي \عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي وَإِذَا مَاتَ صَاحِبُكُمْ فَدَعُوهُ >قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ.في حاشية السند : قَوْله ( خَيْركُمْ )أَيْ مِنْ خَيْرِكُمْ لِأَهْلِهِ فَمُرَاده أَنَّ حَسَن الْعِشْرَة مَعَ الْأَهْل مِنْ جُمْلَة الْأَشْيَاء الْمَطْلُوبَة فِي الدِّين فَالْمُتَّصِف بِهِ مِنْ جُمْلَة الْخِيَار مِنْ هَذِهِ الْجِهَة وَيَحْتَمِل أَنَّ الْمُتَّصِف بِهِ يُوَفَّق لِسَائِرِ الصَّالِحَات حَتَّى يَصِير خَيْرًا عَلَى الْإِطْلَاق وَاَللَّه أَعْلَم وَفِي الزَّوَائِد الْحَدِيث.
<2297>
وفي صحيح البخاري \عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ فَضَرَبَتْ الَّتِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهَا يَدَ الْخَادِمِ فَسَقَطَتْ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ فَجَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِلَقَ الصَّحْفَةِ ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ وَيَقُولُ غَارَتْ أُمُّكُمْ ثُمَّ حَبَسَ الْخَادِمَ حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا وَأَمْسَكَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ .قَوْله ( غَارَتْ أُمّكُمْ ) الْخِطَاب لِمَنْ حَضَرَ ، وَالْمُرَاد بِالْأُمِّ هِيَ الَّتِي كَسَرَتْ الصَّحْفَة وَهِيَ مِنْ أُمَّهَات الْمُؤْمِنِينَ
ثانيا>>ـ معامتله مع أعدائه روى مسلم عن حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ قَالَ
مَا مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْرًا إِلَّا أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي حُسَيْلٌ قَالَ فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ قَالُوا إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا فَقُلْنَا مَا نُرِيدُهُ مَا نُرِيدُ إِلَّا الْمَدِينَةَ فَأَخَذُوا مِنَّا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَا نُقَاتِلُ مَعَهُ فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ فَقَالَ انْصَرِفَا نَفِي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ وَنَسْتَعِينُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ....وروى مالك في الموطإ والبخاري عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ امْرَأَةً مَقْتُولَةً فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ
قال النووي \أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى الْعَمَل بِهَذَا الْحَدِيث ، وَتَحْرِيم قَتْل النِّسَاء وَالصِّبْيَان إِذَا لَمْ يُقَاتِلُوا ، فَإِنْ قَاتَلُوا قَالَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء : يُقْتَلُونَ ، وَأَمَّا شُيُوخ الْكُفَّار فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ رَأْي قُتِلُوا ، وَإِلَّا فَفِيهِمْ وَفِي الرُّهْبَان خِلَاف ، قَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة : لَا يُقْتَلُونَ ، وَالْأَصَحّ فِي مَذْهَب الشَّافِعِيّ : قَتْلهمْ .
++وروى البخاري عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا أَسْلَمْنَا فَجَعَلُوا يَقُولُونَ صَبَأْنَا صَبَأْنَا فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ مِنْهُمْ وَيَأْسِرُ وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمٌ أَمَرَ خَالِدٌ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا أَقْتُلُ أَسِيرِي وَلَا يَقْتُلُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِي أَسِيرَهُ حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْنَاهُ فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ مَرَّتَيْنِ
اين هذا مما يحدث اليوم في ارض الشام من سفك دم المسلم على يد أخيه بل رأينا في هذه الأسبوع قتالا مريرا بين جماعتين كبيرتين رفعتا شعار الدين ألا وهي << الجبهة الإسلامية والجماعة الإسلامية >>
أين هم من معاملته الحسنة مع المناوئين له من أهل مكة لما تمكن منهم . ففي معرفة السنن والآثار للبيهقي حدثنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي قال : سئل أبو حنيفة عن رجل مسلم دخل دار الحرب بأمان فاشترى دارا ، أو أرضا ، أو رقيقا ، أو ثيابا ، فظهر (1) عليه المسلمون ؟ قال : « أما الدور والأرضون فهي من فيء المسلمين وأما الرقيق والمتاع فهو للرجل الذي اشتراه » وقال الأوزاعي : « فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عنوة ، فخلى بين المهاجرين وأرضهم ودورهم بمكة ، ولم يجعلها فيئا » وقال أبو يوسف : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عفا
<2298>
عن مكة وأهلها وقال : « من أغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن ، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن » ونهى عن القتل إلا نفرا قد سماهم ، إلا أن يقاتل أحد فيقاتل ، وقال لهم حين اجتمعوا في المسجد : « ما ترون أني صانع بكم ؟ » قالوا : خيرا ، أخ كريم ، وابن أخ كريم قال : « اذهبوا فأنتم الطلقاء » ، ولم يجعل منها فيئا قليلا ولا كثيرا ، لا دارا ولا أرضا ولا مالا ، ولم يسب من أهلها أحدا ، وقد قاتله قوم فيها فقتلوا وهربوا فلم يأخذ من متاعهم شيئا ، ولم يجعله فيئا>> الطلقاء : أهل مكة الذين أسلموا في الفتح وبعده وليس لهم هجرة وقد سموا الطلقاء لقول الرسول (ص) لهم : إذهبوا فانتم الطلقاء.
ثالثا>> معاملته مع جيرانه الكفار.عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ
كُنَّا فِي غَزَاةٍ قَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً فِي جَيْشٍ فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ يَا لَلْأَنْصَارِ وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ فَسَمِعَ بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فَقَالَ فَعَلُوهَا أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُ لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ وَكَانَتْ الْأَنْصَارُ أَكْثَرَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ ثُمَّ إِنَّ الْمُهَاجِرِينَ كَثُرُوا بَعْدُ
أين هذا ممن يبخلون حتى بالسلام على الآخرين من إخوانهم فقد بلغني عن شاب متشدد سلم عليه أحد الصالحين كما نحسبهم فلم يرد عليهم لما يدور في خلده أنهم على باطل وهو على حق ثم بعد هذه الفترة حصل له تنازل عن موقفه المتحجر .وفي صحيح البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ أَسْلِمْ فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ>
رابعا>> تعامله مع زبنائه .روى أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ بَعِيرًا فَجَاءَ يَتَقَاضَاهُ بَعِيرَهُ فَقَالَ اطْلُبُوا لَهُ بَعِيرًا فَادْفَعُوهُ إِلَيْهِ فَلَمْ يَجِدُوا إِلَّا سِنًّا فَوْقَ سِنِّهِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ نَجِدْ إِلَّا سِنًّا فَوْقَ سِنِّ بَعِيرِهِ فَقَالَ أَعْطُوهُ فَإِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ قَضَاءً>...
وفي صحيح البخاري \عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَقَاضَاهُ فَأَغْلَظَ فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا ثُمَّ قَالَ أَعْطُوهُ سِنًّا مِثْلَ سِنِّهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا أَمْثَلَ مِنْ سِنِّهِ فَقَالَ أَعْطُوهُ فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ أَحْسَنَكُمْ قَضَاءً>.في الفتح \وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ الْمُطَالَبَةِ بِالدَّيْنِ إِذَا حَلَّ أَجَلُهُ . وَفِيهِ حُسْنُ خُلُقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِظَمُ حِلْمِهِ وَتَوَاضُعه وَإِنْصَافه ، وَأَنَّ مَنْ عَلَيْهِ دَيْن لَا يَنْبَغِي لَهُ مُجَافَاة صَاحِبِ الْحَقِّ ، وَأَنَّ مَنْ أَسَاءَ الْأَدَب عَلَى الْإِمَامِ كَانَ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ بِمَا يَقْتَضِيه الْحَالُ إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ صَاحِبُ الْحَقِّ
<2299>
. قَوْله : ( فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا )أَيْ صَوْلَة الطَّلَب وَقُوَّة الْحُجَّةِ ، لَكِنْ مَعَ مُرَاعَاةِ الْأَدَبِ الْمَشْرُوعِ .
.وروى الطبراني عَبْدِ اللَّهِ بن سَلامٍ، قَالَ:"إِنَّ اللَّهَ لَمَّا أَرَادَ هُدَى زَيْدِ بن سَعْنَةَ، قَالَ زَيْدُ بن سَعْنَةَ: مَا مِنْ عَلامَاتِ النُّبُوَّةِ شَيْءٌ إِلا وَقَدْ عَرَفْتُهَا فِي وَجْهِ مُحَمَّدٍ حِينَ نَظَرْتُ إِلَيْهِ، إِلا اثْنَيْنِ لَمْ أُخْبَرْهُمَا مِنْهُ: يَسْبِقُ حِلْمُهُ جَهْلَهُ، وَلا يَزِيدُهُ شِدَّةُ الْجَهْلِ عَلَيْهِ إِلا حِلْمًا، فَكُنْتُ أَلْطَفُ لَهُ إِلَى أَنْ أُخَالِطَهُ، فَأَعْرِفَ حِلْمَهُ مِنْ جَهْلِهِ، قَالَ زَيْدُ بن سَعْنَةَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا مِنَ الْحُجُرَاتِ، وَمَعَهُ عَلِيُّ بن أَبِي طَالِبٍ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَتِهِ كَالْبَدَوِيِّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ بِقِرَايَ قَرْيَةَ بني فُلانٍ، قَدْ أَسْلَمُوا وَدَخَلُوا فِي الإِسْلامِ، وَكُنْتُ حَدَّثْتُهُمْ إِنْ أَسْلَمُوا أَتَاهُمُ الرِّزْقُ رَغَدًا، وَقَدْ أَصَابَتْهُمْ سِنَةٌ وَشِدَّةٌ وَقُحُوطٌ مِنَ الْغَيْثِ، فَأَنَا أَخْشَى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ الإِسْلامِ طَمَعًا كَمَا دَخَلُوا فِيهِ طَمَعًا، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُرْسِلَ إِلَيْهِمْ بِشَيْءٍ تُغِيثُهُمْ بِهِ فَعَلْتَ، فَنَظَرَ إِلَى رَجُلٍ إِلَى جَانِبِهِ أُرَاهُ عَلِيًّا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ، قَالَ زَيْدُ بن سَعْنَةَ: فَدَنَوْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا مُحَمَّدُ، هَلْ لَكَ أَنْ تَبِيعَنِي تَمْرًا مَعْلُومًا فِي حَائِطِ بني فُلانٍ إِلَى أَجَلِ كَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ:"لا يَا يَهُودِيُّ، وَلَكِنْ أَبِيعُكَ تَمْرًا مَعْلُومًا إِلَى أَجَلِ كَذَا وَكَذَا، وَلا يُسَمِّي حَائِطَ بني فُلانٍ"، قُلْتُ: نَعَمْ، فَبَايِعْنِي، فَأَطْلَقْتُ هِمْيَانِي، فَأَعْطَيْتُهُ ثَمَانِينَ مِثْقَالا مِنْ ذَهْبٍ فِي تَمْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلِ كَذَا وَكَذَا، فَأَعْطَاهَا الرَّجُلَ، وَقَالَ: اعْدِلْ عَلَيْهِمْ، وَأَغِثْهُمْ بِهَا، قَالَ زَيْدُ بن سَعْنَةَ: فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ مَحِلِّ الأَجَلِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاثٍ، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ، وَدَنَا مِنْ جِدَارٍ لِيَجْلِسَ، أَتَيْتُهُ، فَأَخَذْتُ بِمَجَامِعِ قَمِيصِهِ وَرِدَائِهِ، وَنَظَرْتُ إِلَيْهِ بِوَجْهٍ غَلِيظٍ، فَقُلْتُ لَهُ: أَلا تَقْضِينِي يَا مُحَمَّدُ حَقِّي، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُكُمْ بني عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِمُطْلٍ، وَلَقَدْ كَانَ لِي بِمُخَالَطَتِكُمْ عِلْمٌ. وَنَظَرْتُ إِلَى عُمَرَ وَإِذَا عَيْنَاهُ تَدُورَانِ فِي وَجْهِهِ كَالْفَلَكِ الْمُسْتَدِيرِ، ثُمَّ رَمَانِي بِبَصَرِهِ، فَقَالَ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ، أَتَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ مَا أَسْمَعُ، وَتَصْنَعُ بِهِ مَا أَرَى، فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ، لَوْلا مَا أُحَاذِرُ فَوْتَهُ، لَضَرَبْتُ بِسَيْفِي رَأْسَكَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ إِلَى عُمَرَ فِي سُكُونٍ وَتُؤَدَةٍ وَتَبَسُّمٍ، ثُمَّ قَالَ:"يَا عُمَرُ، أَنَا وَهُوَ كُنَّا أَحْوَجَ إِلَى غَيْرِ هَذَا، أَنْ تَأْمُرَنِي بِحُسْنِ الأَدَاءِ، وَتَأْمُرَهُ بِحُسْنِ اتِّبَاعِهِ، اذْهَبْ بِهِ يَا عُمَرُ، وأَعْطِهِ حَقَّهُ وَزِدْهُ عِشْرِينَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ مَكَانَ مَا رَوَّعْتَهُ ، قَالَ زَيْدٌ : فَذَهَبَ بِي عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، فَأَعْطَانِي حَقِّي ، وَزَادَنِي عِشْرِينَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ ، فَقُلْتُ : مَا هَذِهِ الزِّيَادَةُ يَا عُمَرُ ؟ فَقَالَ : أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَزِيدَكَ مَكَانَ مَا رَوَّعْتُكَ ، قُلْتُ : وتَعْرِفُنِي يَا عُمَرُ ؟ قَالَ : لا ، مَنْ أَنْتَ ؟ قُلْتُ : أَنَا زَيْدُ بن سَعْنَةَ ، قَالَ : الْحَبْرُ ، قُلْتُ : الْحَبْرُ ، قَالَ : فَمَا دَعَاكَ أَنْ فَعَلْتَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فَعَلْتَ وَقُلْتَ لَهُ مَا قُلْتَ ؟ قُلْتُ : يَا عُمَرُ لَمْ تَكُنْ مِنْ عَلامَاتِ النُّبُوَّةِ شَيْءٌ إِلا وَقَدْ عَرَفْتُهُ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَظَرْتُ إِلَيْهِ إِلا اثْنَتَيْنِ لَمْ أَخْبُرْهُمَا مِنْهُ ، يَسْبِقُ حِلْمُهُ جَهْلَهُ ، وَلا يَزِيدُهُ الْجَهْلُ عَلَيْهِ إِلا حِلْمًا ، فَقَدْ أُخْبِرْتُهُمَا ، فَأُشْهِدُكَ يَا عُمَرُ أَنِّي قَدْ رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا ، وَأُشْهِدُكَ أَنَّ شَطْرَ مَالِي وَإِنِّي أَكْثَرُهَا مَالا صَدَقَةٌ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ . فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ
<2300>
: أَوْ عَلَى بَعْضِهِمْ ، فَإِنَّكَ لا تَسَعُهُمْ . قُلْتُ : أَوْ عَلَى بَعْضِهِمْ ، فَرَجَعَ عُمَرُ وَزَيْدٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ زَيْدٌ : أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَآمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ وَبَايَعَهُ وَشَهِدَ مَعَهُ مَشَاهِدَ كَثِيرَةً ، ثُمَّ تُوُفِّي زَيْدٌ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ مُقْبِلا غَيْرَ مُدْبِرٍ ، رَحِمَ اللَّهُ زَيْدًا .
أين هذه المعاملة اليوم ممن يرفعون شعار التدين فضلا عن الغافلين
خامسا >> تعامله مع أهل الرأي تأصيلا لما يسمى اليوم بحرية الرأي .روى البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِسْمَةَ حُنَيْنٍ قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ مَا أَرَادَ بِهَا وَجْهَ اللَّهِ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ ثُمَّ قَالَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى مُوسَى لَقَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ
وفي صحيح مسلم : عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجِعْرَانَةِ مُنْصَرَفَهُ مِنْ حُنَيْنٍ وَفِي ثَوْبِ بِلَالٍ فِضَّةٌ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبِضُ مِنْهَا يُعْطِي النَّاسَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ اعْدِلْ قَالَ وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ لَقَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَقْتُلَ هَذَا الْمُنَافِقَ فَقَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنِّي أَقْتُلُ أَصْحَابِي إِنَّ هَذَا وَأَصْحَابَهُ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْهُ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ.قال النووي \قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَقْرَءُونَ الْقُرْآن لَا يُجَاوِز حَنَاجِرهمْ ). قَالَ الْقَاضِي : فِيهِ تَأْوِيلَانِ : أَحَدهمَا : مَعْنَاهُ : لَا تَفْقَهُهُ قُلُوبهمْ وَلَا يَنْتَفِعُونَ بِمَا تَلَوْا مِنْهُ ، وَلَا لَهُمْ حَظّ سِوَى تِلَاوَة الْفَم وَالْحَنْجَرَة وَالْحَلْق إِذْ بِهِمَا تَقْطِيع الْحُرُوف ، الثَّانِي : مَعْنَاهُ : لَا يَصْعَد لَهُمْ عَمَل وَلَا تِلَاوَة وَلَا يُتَقَبَّل . قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَمْرُقُونَ مِنْهُ كَمَا يَمْرُق السَّهْم مِنْ الرَّمْيَة )وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى : ( يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَام ) . وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى : ( يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّين ) قَالَ الْقَاضِي : مَعْنَاهُ : يَخْرُجُونَ مِنْهُ خُرُوج السَّهْم إِذَا نَفَذَ الصَّيْد مِنْ جِهَة أُخْرَى ، وَلَمْ يَتَعَلَّق بِهِ شَيْء مِنْهُ ، وَ ( الرَّمْيَة ) هِيَ الصَّيْد الْمَرْمِيّ ، وَهِيَ فَعِيلَة بِمَعْنَى مَفْعُولَة . قَالَ : وَ ( الدِّين ) هُنَا هُوَ الْإِسْلَام ، كَمَا قَالَ سُبْحَانه وَتَعَالَى : { إِنَّ الدِّين عِنْد اللَّه الْإِسْلَام } وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : هُوَ الطَّاعَة أَيْ مِنْ طَاعَة الْإِمَام ، وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيث دَلِيل لِمَنْ يُكَفِّرُ الْخَوَارِجَ ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاض - رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى - : قَالَ الْمَازِرِيّ : اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي تَكْفِير الْخَوَارِج ، قَالَ : وَقَدْ كَادَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَة تَكُون أَشَدّ إِشْكَالًا مِنْ سَائِر الْمَسَائِل ، وَلَقَدْ رَأَيْت أَبَا الْمَعَالِي وَقَدْ رَغَّبَ إِلَيْهِ الْفَقِيه عَبْد الْحَقّ - رَحِمَهُمَا اللَّه تَعَالَى - فِي الْكَلَام عَلَيْهَا فَرَهَّبَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ ، وَاعْتَذَرَ بِأَنَّ الْغَلَط فِيهَا يَصْعُبُ مَوْقِعُهُ ؛ لِأَنَّ إِدْخَال كَافِر فِي الْمِلَّة وَإِخْرَاج مُسْلِم مِنْهَا عَظِيم فِي الدِّين ، وَقَدْ اِضْطَرَبَ فِيهَا قَوْل الْقَاضِي أَبِي بَكْر الْبَاقِلَّانِيّ ، وَنَاهِيك بِهِ فِي عِلْم الْأُصُول ، وَأَشَارَ اِبْن الْبَاقِلَّانِيّ إِلَى أَنَّهَا مِنْ الْمُعَوِّصَات ؛ لِأَنَّ الْقَوْم لَمْ يُصَرِّحُوا بِالْكُفْرِ ، وَإِنَّمَا قَالُوا أَقْوَالًا تُؤَدِّي إِلَيْهِ ، وَأَنَا أَكْشِف لَك نُكْتَة الْخِلَاف وَسَبَب الْإِشْكَال ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُعْتَزِلِيَّ مَثَلًا يَقُول : إِنَّ اللَّه تَعَالَى عَالِم ، وَلَكِنْ لَا عِلْمَ لَهُ ، وَحَيٌّ وَلَا حَيَاةَ لَهُ . يُوقِع الِالْتِبَاس فِي تَكْفِيره ؛ لِأَنَّا عَلِمْنَا مِنْ دَيْن الْأُمَّة ضَرُورَةً أَنَّ مَنْ قَالَ : إِنَّ اللَّه تَعَالَى لَيْسَ بِحَيٍّ وَلَا عَالِم كَانَ كَافِرًا ، وَقَامَتْ الْحُجَّة عَلَى اِسْتِحَالَة كَوْن الْعَالَم لَا عِلْم لَهُ ، فَهَلْ نَقُول : إِنَّ الْمُعْتَزِلِيَّ إِذَا نَفَى الْعِلْم نَفَى أَنْ
<2301>
يَكُون اللَّه تَعَالَى عَالِمًا ، وَذَلِكَ كُفْر بِالْإِجْمَاعِ وَلَا يَنْفَعُهُ اِعْتِرَافُهُ بِأَنَّهُ عَالِم مَعَ نَفْيِهِ أَصْل الْعِلْم ، أَوْ نَقُول قَدْ اِعْتَرَفَ بِأَنَّ اللَّه تَعَالَى عَالِم ، وَإِنْكَاره الْعِلْم لَا يُكَفِّرهُ ، وَإِنْ كَانَ يُؤَدِّي إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِعَالِمٍ ، فَهَذَا مَوْضِع الْإِشْكَال . هَذَا كَلَام الْمَازِرِيّ وَمَذْهَب الشَّافِعِيّ وَجَمَاهِير أَصْحَابه الْعُلَمَاء أَنَّ الْخَوَارِج لَا يَكْفُرُونَ ، وَكَذَلِكَ الْقَدَرِيَّة وَجَمَاهِير الْمُعْتَزِلَة وَسَائِر أَهْل الْأَهْوَاء ، قَالَ الشَّافِعِيّ - رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى - : أَقْبَلُ شَهَادَة أَهْل الْأَهْوَاء إِلَّا الْخَطَّابِيَّة ، وَهُمْ طَائِفَة مِنْ الرَّافِضَة يَشْهَدُونَ لِمُوَافِقِيهِمْ فِي الْمَذْهَب بِمُجَرَّدِ قَوْلهمْ ، فَرَدَّ شَهَادَتَهُمْ لِهَذَا لَا لِبِدْعَتِهِمْ . وَاَللَّه أَعْلَم .
سادسا تعامله مع السياسة الهادفة والمجردة .أما السياسة الهادفة فهي الموافقة لهدي القرآن ونوره لما روى أحمد عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ
أَتَيْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرِينِي بِخُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ أَمَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ{ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ }قُلْتُ فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتَبَتَّلَ قَالَتْ لَا تَفْعَلْ أَمَا تَقْرَأُ{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ }فَقَدْ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ وُلِدَ لَهُ
وروى الطبراني في المعجم \ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ:"كَانَ خَلْقُهُ الْقُرْآنَ، يَغْضَبُ لِغَضَبِهِ، وَيَرْضَى لِرِضَاهُ". لا يُرْوَى عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنْ عَائِشَةَ إِلا بِهَذَا الإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ: زَيْدُ بن وَاقِدٍ>......
أما تعامله مع السياسة المجردة الخرقاء التي تنبني على الأهواء فقد قال بأبي هو وأمي .روى الطبراني في المعجم الكبير \ عَنْ مُعَاذِ بن جَبَلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:"خُذُوا الْعَطَاءَ مَا دَامَ عَطَاءً، فَإِذَا صَارَ رِشْوَةً فِي الدِّينِ فَلا تَأْخُذُوهُ، وَلَسْتُمْ بِتَارِكِيهِ، يَمْنَعْكُمُ الْفَقْرَ وَالْحَاجَةَ، أَلا إِنَّ رَحَى الإِسْلامِ دَائِرَةٌ، فَدُورُوا مَعَ الْكِتَابِ حَيْثُ دَارَ، أَلا إِنَّ الْكِتَابَ وَالسُّلْطَانَ سَيَفْتَرِقَانِ، فَلا تُفَارِقُوا الْكِتَابَ، أَلا إِنَّهُ سَيَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يَقْضُونَ لأَنْفُسِهِمْ مَا لا يَقْضُونَ لَكُمْ، إِنْ عَصَيْتُمُوهُمْ قَتَلُوكُمْ، وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ أَضَلُّوكُمْ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ نَصْنَعُ؟ قَالَ:"كَمَا صَنَعَ أَصْحَابُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، نُشِرُوا بِالْمَنَاشِيرَ، وَحُمِلُوا عَلَى الْخَشَبِ، مَوْتٌ فِي طَاعَةِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ حَيَاةٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ"أَبُو بَحْرِيَّةَ عَنْ مُعَاذِ بن جَبَلٍ. ) ...قوله العطاء : الهبة أو نصيب الفرد من بيت المال ......العطاء : نصيب الفرد من بيت المال.....قوله الرحى : الأداة التي يطحن بها والمراد استقامة أمر الدين واستمراره أو الحرب والقتال....قوله القَضاء في اللغة على وجوه : مَرْجعها إلى انقطاع الشيء وتَمامه. وكلُّ ما أُحكِم عَملُه، أو أتمّ، أو خُتِم، أو أُدِّي، أو أُوجِبَ، أو أُعْلِم، أو أُنفِذَ، أو أُمْضيَ فقد قُضِيَ......قوله الضلال : بُطْلاَنَ العمَل وضَياعه ، والميل عن الحق.
سابعا معاملته مع الرأي السديد .ففي دلائل النبوة للبيهقي فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم يبادرهم إلى الماء حتى نزل بدرا فسبق قريشا إليه ، فلما جاء أدنى ماء من بدر نزل عليه ، فقال له الحباب بن المنذر : يا رسول الله ، منزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتعداه ولا نقصر عنه ، أم هو الرأي والحرب والمكيدة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « بل هو الرأي والحرب والمكيدة » ، فقال الحباب : يا
<2302>
رسول الله ، فإن هذا ليس بمنزل ، ولكن انهض حتى تجعل القلب كلها من وراء ظهرك ، ثم غور كل قليب بها إلا قليبا واحدا ، ثم احفر عليه حوضا ، فنقاتل القوم فنشرب ولا يشربون ، حتى يحكم الله بيننا وبينهم ، فقال : « قد أشرت بالرأي » ، ففعل ذلك ، فغورت القلب ، وبنى حوضا على القليب الذي نزل عليه فملئ ماء ، ثم قذفوا فيه الآنية . وأقبلت قريش حين أصبحت يقدمها عتبة بن ربيعة على جمل له أحمر ، فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ينحطون من الكثيب قال : « اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادك وتكذب رسولك ، اللهم فأحنهم الغداة » الكَثِيب : الرَّمْل المسْتَطِيل المُحْدَوْدِب
ثامنا معاملته مع الخادم اولا>>سلوكه صلى الله عليه و سلم مع الخدم فهذا خادمه أنس يحدثنا عن رحمته وشفقته ~ صلى الله عليه و سلم ~ بالخدم..فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا فَأَرْسَلَنِي يَوْمًا لِحَاجَةٍ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا أَذْهَبُ وَفِي نَفْسِي أَنْ أَذْهَبَ لِمَا أَمَرَنِي بِهِ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجْتُ حَتَّى أَمُرَّ عَلَى صِبْيَانٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي السُّوقِ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَبَضَ بِقَفَايَ مِنْ وَرَائِي قَالَ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقَالَ يَا أُنَيْسُ أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ أَنَا أَذْهَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَنَسٌ وَاللَّهِ لَقَدْ خَدَمْتُهُ تِسْعَ سِنِينَ مَا عَلِمْتُهُ قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا أَوْ لِشَيْءٍ تَرَكْتُهُ هَلَّا فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا> رواه مسلم ثانيًا: حثه على العفو عن الخادم
كان سيدنا محمد ~ صلى الله عليه و سلم ~ يوصي أصحابه بالعفو عن الخدم ..فعن عبد الله بن عمر " يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمْ نَعْفُو عَنْ الْخَادِمِ فَصَمَتَ ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ الْكَلَامَ فَصَمَتَ فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ قَالَ اعْفُوا عَنْهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً> رواه أبو داود.ثالثًا: توبيخه مَنْ ضرب الخادم\\
في صحيح مسلم \\ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ لَطَمْتُ مَوْلًى لَنَا فَهَرَبْتُ ثُمَّ جِئْتُ قُبَيْلَ الظُّهْرِ فَصَلَّيْتُ خَلْفَ أَبِي فَدَعَاهُ وَدَعَانِي ثُمَّ قَالَ امْتَثِلْ مِنْهُ فَعَفَا ثُمَّ قَالَ كُنَّا بَنِي مُقَرِّنٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ لَنَا إِلَّا خَادِمٌ وَاحِدَةٌ فَلَطَمَهَا أَحَدُنَا فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَعْتِقُوهَا قَالُوا لَيْسَ لَهُمْ خَادِمٌ غَيْرُهَا قَالَ فَلْيَسْتَخْدِمُوهَا فَإِذَا اسْتَغْنَوْا عَنْهَا فَلْيُخَلُّوا سَبِيلَهَا في سنن أبي داود عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَادِمًا وَلَا امْرَأَةً قَطُّ
رابعًا: ترغيبه ~ صلى الله عليه و سلم ~ في إطعام الخادم \\
في مسند احمد عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَطْعَمْتَ نَفْسَكَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ وَمَا أَطْعَمْتَ وَلَدَكَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ وَمَا أَطْعَمْتَ زَوْجَكَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ وَمَا أَطْعَمْتَ خَادِمَكَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ
خامسًا: نهيه عن الدعاء على الخادم :
فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ~ صلى الله عليه و سلم ~ : "لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ،وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى خَدَمِكُمْ، وَلَاتَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لَا تُوَافِقُوا مِنْ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَاعَةَ نَيْلٍ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبَ لَكُمْ" ابو داود
<2303>
اين هذه المعاملة مع الخدم فكم أطلعتنا الأخبار عن ضرب للخادمات وتعذيبهن وتحميلهن ما لايطقن
تاسعا>> معاملته مع الأجير .روى ابن ماجه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطُوا الْأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ>
أين هذا ممن يتعبون الأجير ثم يتنكرون له فأخبار عن العمال الذين هضمت حقوقهم ما أكثرها
10>>ـ معاملة النبي صلى الله عليه وسلم للأطفال فطن الرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى أن التعامل الناجح مع الطفل يعتمد على أساليب تربوية مدروسة، تقوم على العلم والخبرة والتجربة وسعة الصدر والصبر والاحتواء؛ ونظرًا لأهمية تلك المرحلة العمرية فقد صاغ لها صلى الله عليه وعلى آله وسلم منهجًا في التعامل التربوي والعلمي، أنتج شخصيات ناجحة منجزة، وقيادات متميزة فذة، وعلماء متفردين عباقرة، ومن أهم محاور المنهج التربوي في تعامله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مع الأطفال: اللطف بالأطفال والبساطة في التعامل معهم:فروى البخاري : عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ صَغِيرَةٌ فَقَالَ مَنْ تَرَوْنَ أَنْ نَكْسُوَ هَذِهِ فَسَكَتَ الْقَوْمُ قَالَ ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِدٍ فَأُتِيَ بِهَا تُحْمَلُ فَأَخَذَ الْخَمِيصَةَ بِيَدِهِ فَأَلْبَسَهَا وَقَالَ أَبْلِي وَأَخْلِقِي وَكَانَ فِيهَا عَلَمٌ أَخْضَرُ أَوْ أَصْفَرُ فَقَالَ يَا أُمَّ خَالِدٍ هَذَا سَنَاهْ وَسَنَاهْ بِالْحَبَشِيَّةِ حَسَنٌ>
في الفتح قَوْله : ( فَأُتِيَ بِهَا تُحْمَل )كَذَا فِيهِ ، وَفِيهِ اِلْتِفَات أَوْ تَجْرِيد ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي الْوَلِيد " فَأُتِيَ بِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى صِغَر سِنّهَا إِذْ ذَاكَ ، وَلَكِنْ لَا يَمْنَع ذَلِكَ أَنْ تَكُون حِينَئِذٍ مُمَيَّزَة . وفي مسند أحمد : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ فَإِذَا سَجَدَ وَثَبَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَى ظَهْرِهِ فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ أَخَذَهُمَا بِيَدِهِ مِنْ خَلْفِهِ أَخْذًا رَفِيقًا وَيَضَعُهُمَا عَلَى الْأَرْضِ فَإِذَا عَادَ عَادَا حَتَّى إِذَا قَضَى صَلَاتَهُ أَقْعَدَهُمَا عَلَى فَخِذَيْهِ قَالَ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرُدُّهُمَا فَبَرَقَتْ بَرْقَةٌ فَقَالَ لَهُمَا الْحَقَا بِأُمِّكُمَا قَالَ فَمَكَثَ ضَوْءُهَا حَتَّى دَخَلَا>
يقول حميد أمين هذا ما من به العلي القدير نسأل الله أن يمن علينا بمنه ويحفظ علينا إيماننا الذي هو عصمة أمرنا من القلاقل والفتن إنه قريب مجيب
لست ربوت