البناء القصصي عند عبد الغفور خوى الناقد محمد داني.

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية البناء القصصي عند عبد الغفور خوى الناقد محمد داني.

البناء القصصي عند عبد الغفور خوى الناقد محمد داني.


نتيجة بحث الصور عن امسار القاص عبد الغفور الخوى






يعتبر الكاتب عبد الغفور خوى من الكتاب الشباب ، الذين يشقون طريقهم في صمت...يمارس الكتابة بشغف وألفة...فيها يرى إنسانيته ، وراهنه... ومن خلالها (أي الكتابة) يقدم صورة لواقع مغربي، تنوعت أوجهه، وتعددت ملامحه السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية...
فهل فعلا هذا هو منظوره لفعل الكتابة؟...
ألا يخاف الأديب عبد الغفور خوى في ملامسته للواقع المغربي، وملازمته له في كتابته من أن يسقط في التسطيح والسطحية؟... ويسقط أيضا في التصويرية والنسخ الرتيب؟...
ثم هناك سؤال يطرح نفسه بإلحاح: لماذا الكتابة؟.. ماذا يرى فيها المبدع عبد الغفور خوى؟...
إنه يرى في الكتابة نوعا من الحكي المر...وبالتالي تصبح الكتابة عنده نوبات ألم... وطوفانا يلبس البدن دونما ميعاد...
الكتابة عنده وجود... فهي نوع من الكوجيطو :"أنا أكتب إذن أنا موجود". وهي عنده – أيضا- امتداد للروح في إشراقها...وتطلعها...
هذا الشغف الكتابي، والتعلق بالقصة .. جعل عبد الغفور خوى يصدر مجموعتين قصصيتين. الأولى في 2009 تحت عنوان:(عندما تغادر العصافير أقفاصها). والثانية في 2010 تحت عنوان:(سنوقد ما تبقى من قناديل)...
وفي مجموعتيه القصصيتين ، نجده يحرص أشد الحرص :"في بناء مادتهما الحكائية على المزاوجة الفنية بين استلهام الذاكرة والواقع من جهة، وبين استشراف عالم المتخيل من جهة ثانية. تلك المادة/ المواد الحكائية التي تعكس مدى تأثيرها، بشكل من الأشكال في المسار القصصي الذي يتبناه المبدع في عمله، شخوصا وأحداثا، رموزا ودلالات"[1]…
وتضم مجموعة (عندما تغادر العصافير أقفاصها) 33 نصا قصصيا، تتفاوت طولا وقصرا...حيث نجد أربعة أنواع من نصوص، هي:
1- النصوص الطويلة، التي تتجاوز الثلاثين سطرا، عددها 6 نصوص قصصية، بلغت نسبتها 18.18%هي:
- يوميات السي أحمد39 سطرا.
- حوار مع المتنبي 40 سطرا.
- رواد المقهى 45 سطرا.
- عابرون 36 سطرا.
- لفياق بكري 42 سطرا.
- المتحول 32 سطرا
2- النصوص المتوسطة الطول ، والتي تجاوزت العشرين سطران وعددها 15 نصا قصصيا،بلغت نسبتها 45.45% وهي:
- المطر الأحمر 22 سطرا.
- مجمر السعدية 26 سطرا.
- محاكمة 29 سطرا.
- المهاجرون 29 سطرا.
- عندما تغادر العصافير أقفاصها 22 سطرا.
- إبليس 29 سطرا.
- الإخوة الأربعة 26 سطرا.
- الرحيل 21 سطرا.
- الرحيل 21 سطرا.
- فتاة المتجر 27 سطرا.
- الراعي 29 سطرا.
- بلا رأس 22 سطرا.
- المدينة 29 سطرا.
- في غزة 21 سطرا.
- في قاعة الانتظار 28 سطرا.
- المرشد 21 سطرا.
3- النصوص القصيرة والتي تجاوزت العشرة أسطرا،وعددها8 نصوص،بلغت نسبتها24.24% وهي:
- حلم 18 أسطر.
- أبو دينار 14 سطرا.
- الملهى 18 سطرا.
- أحلام 19 سطرا.
- الحصار 16 سطرا.
- المسرحية 17 سطرا.
- القناص 16 سطرا.
- طفل ينتصر 12 سطرا.
4- النصوص القصيرة جدا، والتي تتجاوز عشرة أسطر، وعددها نصان قصصيان ، بلغت نسبتها12.13%هما:
- القاص 7 أسطر.
- الصعود إلى القمة 10 أسطر.
وهذه النصوص القصصية تتفاوت عناوينها بين الكلمة المفردة وبين الجملة ، وشبه الجملة...
وهذه القصص لا تخلو من واقعية، ولا تخلو من حقيقة...إنها في مضمونها اختزال لحياة الناس، بشتى تلاوينها... بالإضافة إلى توفرها على تماسك الحكي، المتميز بالفنية والمحافظة على مقومات القصة القصيرة...
إن المجموعة (عندما تغادر العصافير أقفاصها)، تواجه القارئ/ المتلقي بعنوانها الإخباري... وهو يحمل واقعية انتظارية.. كما يحمل شفرة إخبارية تجعل القارئ يبحث عن جواب لإشراطية الجملة: وماذا بعد مغادرة العصافير أقفاصها؟...إنه البحث في زمنية الفعل... فعل العصافير.. وهو مغادرة الأقفاص.. فهل بعد المغادرة تنعم بالحرية؟... أم ستبقى والهة... ،مندهشة ومصدومة غير عارفة بماذا تفعل أمام هذا الموقف؟.. فيدب إليها اليأس والتردد...وبالتالي تقرر العودة إلى الأقفاص...
إن قصص المجموعة ، تشكل الواقع المغربي إطارها العام... ويجعلها تتحرك داخله...
هذا يجعل من المنجز السردي الذي تنوعت فضاءاته، يتطلب من الكاتب توظيف تقنيات تعبيرية مختلفة... من قبيل: السخرية، والوصف السردي، والتقطيع، والمشهد السينمائي، والعرض، والتلميح، والتفسير، والتبرير...
صحيح أن قصص المجموعة يشكل فيها المجتمع المغربي مساحة كبيرة... تلبس فيها الكتابة لباس التعرية والفضح، والنقد والانتقاد..وهذا يبين علاقة عبد الغفور خوى بالاجتماعين والسياسي.. وبالمواطن عامة.. ورفضه بعض السلوكات التي تسود الحياة الاجتماعية عامة...
كما يصور في نوع من الحسرة هذا المواطن المسحوق، والبئيس الذي لا يختلف عن بؤساء فيكتور هيغو...

[1]- زنيبر، (أحمد)، قبعة الساحر، دار التوحيدي، الرباط، ط1، 2009، ص: 29/30



وقهره وشعوره باليأس والغبن، يجعله يمل آدميته، ويفكر في التخلص منها... ويريد أن يتحول إلى حيوان كي يرتاح من إنسانيته التي لم تجلب له سوى الضجر والمعاناة..."تسابقت الأفكار في مخيلة صالح كسرب من العصافير. إن الله قد كرم الإنسان. قال صالح ذلك ثم ضحك بصمت وتساءل: أهذا القتل والدمار والبطش والحرق هو التكريم؟.. لا..لا.. لا بد أن أتخلص من هذه الإنسانية وأغير شكل وجودي ولو بقط شارد"[1]..
وأمام استحالة تحقق هذه الأمنية، لا يجد هذا المواطن المسحوق، والبئيس في وطنه ملاذا..فيلجأ إلى المغامرة و(الحريك)/الهجرة السرية إلى الضفة الأخرى... وهو يعلم أنه ربما لن يصل إلى هنا حيا...وأن الحيتان في انتظاره...وكم تكون المفارقة دامية حين يلفظ الموج جثته على الساحل الإسباني.."كانت جماعة من الرجال تتقاذفهم أمواج البحر غرب المتوسط في منطقة وسطى بين الحب والكراهية، بين العقل واللاعقل، تراودهم أنوار الشمال عن نفسها..
رجال غير واضحة: فالرذاذ يطوف في الفضاء والظلام يحجب الرؤية، على حافة المركب وقف شاب ثلاثيني، وجهه بلون أوراق الأشجار اليابسة. فمه بدون شكل حتى بدا كجرح قديم، على أديم وجهه شعيرات متباعدة، وواقفة كالإبر...
صاح الشاب ملء حنجرته:
- لماذا تكرهوننا؟...لماذا تطردوننا من بيوتنا؟.. قال ذلك وهو ينظر إلى الضفة الجنوبية للمتوسط"[2]...
ويشدد الكاتب على إدانته لهذا الوطن الذي يتنكر لأبنائه.. وينكر عيهم أحلامهم وطموحهم:"قال شاعر من الجماعة:
- يطردوننا لأننا اقترفنا الحب في حق عشب أرضننا عندما يبلله الندى في حق رائحة الخبز في الصباح الباكر، في حق هذا الفضاء الواسع الذي يسمى الوطن، يطردوننا لنموت مجانا في مكان ما كما تموت القطط الشاردة"[3]...

[1]- خوى،(عبد الغفور)،عندما تغادر العصافير أقفاصها، المطبعة والوراقة الوطنية الداوديات، مراكش، ط1، 2009، ص:56

[2]- عندما تغادر العصافير أقفاصها، ص: 45

[3]- المجموعة القصصية، ص: 46


- البناء الفني لقصص المجموعة:
الشكل القصصي الذي اتبعه عبد الغفور خوى:"تميز بالتنوع والخصوبة، إذ ثمة طرائق لغوية وبنائية متعددة، أضفت على المتن الحكائي بعدا جماليا وإبداعيا"[1]...نحدد بعضها في:
1- المتح من المخزون القرآني: حيث ضمن بعض الآيات القرآنية في قصصه. وهذا شكل تناصا أعطى لكتابته بعدا دلاليا، وجماليا...
"إنه ليس على القطط الشاردة حرج"..(ص:56).
"ويصيح بصوت مدو:
يا إخوتي والعصر إنكم لفي خسر ، يا إخوتي والتين، والزيتون ، إنكم لفي ظلال مبين"(ص:60).
" إن أمريكا إذا دخلت قرية أفسدتها، وجعلت أعزة أهلها أذلة"(77).
2- المتح من الحديث النبي الشريف... حيث ضمن الصياغة... في بعض قصصه.. كما في قوله:"العنوا أمريكا إذا أصبحتم، وإذا أمسيتم...العنوا أمريكا واطردوا أمريكا من قراكم ما استطعتم لذلك سبيلا"(ص: 77).
"سأشنف ذلك الوحش الذي يتهددكم، سأمزق أوصال الفقر وأصلبه في ساحات المدينة.. لن أكون رحيما معه، فإنه يكاد يكون كفرا، بل هو الكفر بعينه"(ص:80).
"في قاعة الانتظار كان المنتظرون سواسية كأسنان التمساح: للقوي قديمة: ومثل حظ الضعيفين، وللنساء حق الطمث، وللكلاب حق النباح، وللرجال حق النكاح، وللكبارحق الفيتو"(ص:83).
3- توظيف الأمثال والحكم العربية والشعبية لإغناء الخطاب القصصي، وتدعيم محتوى العبارة..."كل النوافذ تؤدي إلى روما أيام حكم نيرون فيها إلا نافذة واحدة، لكنها كانت مغلقة"(ص:35).
"لقد كانت أمه توصيه دائما بأن : الفياق بكري بالذهب مشري"...
4- توظيف عناوين أعمال روائية عربية، لإعطاء سرده القصصي بعدا قوميا.. وجماليا:"الوقت مساء، شمس الأصيل تنزلق كدمعة حمراء. المكان : مدينة ما من مدن الملح، شرق المتوسط ، أو غربه لا أعرف... المهم الآن هنا في عالم بلا خرائط"(ص:19).
5- توظيف الخطب العربية القديمة: وهذا أعطى للغته القصصية بعض البريق، والمتانة اللغوية.. فنجده يوظف بعضا من كلمات الكهانة التي وظفها من قبل قس بن ساعدة في خطبته الشهيرة..."أيها العابرون ، اسمعوا وعوا، حرم عليكم السفر، والعبور والحلم والعشق، وحب الندى ووجه القمر...فاجتنبوا ذلك لعلكم تفلحون"(ص:28).
6- توظيف الشعر العربي في سرده القصصي. وهذا أضفى بعدا جماليا وفنيا على خطابه القصصي كما في قوله:
"أنتم كائنات إن تشرب النيل لا ترتوي، وإن تأكل كل جيف الدنيا لا تشبع، وحوش الأرض أنتم، هذا فراقي معكم، ثم أنشد قول الشاعر:
قوم إذا خرجوا من سوأة ولجوا**في سوأة لم يجنوا بأستار"
وقبل أن يكمل انشد رجل أعمى من جماعة الملتحين:
ولما رأيت الجهل في الناس فاشيا**تجاهلت حتى ظن أني جاهل
فوا عجبا كم يدعي الفضل ناقص**ووا أسفا كم يظهر النقص فاضل
وقال ثالث:
كفى واعظا للمرء أيام دهره***نزوح عليه النائبات وتغتدي"(ص:86)
7- توظيف المشهد الساخر، والنقدي اللاذع.. كما في قوله:
"قبل أن يكمل كلامه هوى بعصاه على مؤخرة التلميذ عدة مرات وأردف:
- ما دمت غير مهذب فعقوبتك أن تكتب" أنا تلميذ مهذب"، ألف مرة وتأتي بذلك غدا صباحا، أثناء عودته من المدرسة أخرج التلميذ إحليله وكتب ببوله على الأرض" أنا تلميذ غير مهذب"[2]...
8- اعتماده الحوار ،والحوار الداخلي لإغناء الحكي..كما في قوله:
"من وراء التل الأوسط ناداه مناد:
- اخلع نعليك إنك بالممر المقدس.
- إني حاف ليس لدي نعل أيها المنادي (رد العابر).
- إلى أين تسير؟..
- إلى ما وراء التلال...
- وماذا وراء التلال؟..
- لي عرائس البحر وعطر الخزامى..
- عد إلى ديارك قبل هجوم الليل أيها العابر..إن ليل الصحراء موغل في الوحشة والقساوة"(ص:24).
" قال لنفسه:إنها هي، هي منى"(ص:41)...

[1]- أحمد زنبير،قبعة الساحر، ص: 38

[2]- خوى، (عبد الغفور )،سنوقد ما تبقى من قناديل،مطبعة مغنيش، ابن جرير، ط1،2010، ص: 20


- الاستيهام:
نعرف أن الاستيهام هو : الرضوخ لفعل الوهم والاستسلام لعالمه ، وطلب المزيد منه[1]..وهو ينبئ بعلاقة ذهن الّإنسان بكل ما هو عجيب وغريب، ولا واقعي.. ولا يتقبله العقل...
إن الاستيهام يجعلنا نبحث في (عندما تغادر العصافير أقفاصها) عن التداخل ما بين الحقيقة والوهم، وبين الواقع والحلم في ذهن الإنسان، ودواخله... ويتجلى هذا التداخل في سلوكيات الإنسان... ومواقفه.
وقد استطاع عبد الغفور خوى ، أن يصور بعض مظاهر الاستيهام في بعض قصصه، ويوظفه في منظور شخوصها...
هل يمكن أن نتلمس في هذا التوظيف نوعا من الكفكاوية؟.. وتأثرا خاصا برواية فرانز كافكا (المسخ)؟...أو تأثرا برواية الأديب المغربي محمد الهرادي (أحلام بقرة)، أو برواية (عين الفرس) للروائي المغربي الدكتور الميلودي شغموم؟...
إن قصته (المتحول ، ص:55) تمتاز بنزعتها الكفكاوية.. ويجوز لنا ربطها بالأدب الاستيهامي.. فهي تنطوي على حدث غريب ، عجيب... تجعل القارئ/ المتلقي لا يتوحد مع الشخصية المحورية ، لغرابة موقفها،وتفرده.. ولا واقعيته.. لأن الواقعة يستحيل وقوعها...
لكن الجميل ، هو توظيف الأديب عبد الغفور خوى للاستيهام ، ليعطي لهذا الفعل الخارق مشروعيته... وبالتالي توفر فيها ثلاثة أشياء هامة:
- عنصر الإدهاش.
- عنصر الاستغراب.
- عنصر العبث .
وهذه العناصر بثلاثتها، تبين مدى الرعب من الزمن، ومن الواقع... وكيف تغلبت على مقومات النفس واتزانها... الشيء الذي أفقد الإنسان الثقة في نفسه، وقدراته.. والآخر... وأصبح عاجزا عن ممارسة إنسانيته، ووجوده...إنه نوع من القلق الوجودي....
وإذا ما عدنا إلى (عندما تغادر العصافير أعشاشها)، نجد أربعة نصوص قصصية تتوفر على خاصية الاستيهام... وتوظيفها للغيبي والخارق، واللامعقول، والعبثي، والخرافي، وهي:
- مجمر السعدية، ص:31.
- إبليس، ص: 53.
- المتحول، ص: 55.
- بلا رأس، ص: 73.
فعندما نتمعن في قصة(المتحول)، وقصة (بلا رأس)، نجد فيهما تأثرا واضحا بالكفكاوية، لما تحملانه من تلميح وترميز، ومجاز... جراء انفتاحهما على عوالم الاستيهام، والحلم ، واللاوعي، واللامعقول.. متجاوزتين في ذلك قوانين العلية والسببية، التي يتأسس عليها العادي لكل ظاهرة كيفما كانت...
"صالح رجل طيب، لكنه مل آدميته، ففكر في التخلص منها، لأنها لم تجلب له سوى الضجر . فكر صالح في التحول إلى كلب"(ص: 55).
إن الشبه قريب بينه وبين سامسا غريغوار بطل (المسخ) لكافكا..وللمساعد التقني بطل (أحلام بقرة) لمحمد الهرادي،من حيث:
- التحول: فالأول تحول إلى حشرة غريبة، والثاني تحول إلى بقرة، وصالح تحول إلى شجرة ثابتة...
- الشعور بالقلق، والرتابة من الحياة: (قلق وجودي)... فسامسا كان ينظر إلى مهنته وحياته بسخط، وعدم الرضى.. والمساعد التقني في أزمة مستمرة مع واقعه"ذلك المساعد التقني الذي استنفذ حياته في توقع الترقيات"[2]... وصالح مل آدميته، واعتبرها سبب ضجره وملله وسأمه من الحياة.
- الموت: غريغوار في رواية (المسخ) يموت بعد بضعة اشهر من التحول، والمساعد التقني يموت على حال بقرة، بعد بضعة شهور. وصالح يموت كشجرة واقفة...
وفي قصة (بلا رأس)، نجد الشخصية المحورية تتخلص من رأسها الذي كان يحمله على كتفيه.. فهو يراه بلا فائدة.. لا تأثير له على الحياة والوجود...والإنسان... لذا يستحسن استئصاله لأنه شيء زائد.. وهذه منتهى العبثية...
إنه شعور بالقلق، ونزعة كاموية (نسبة إلى ألبير كامو).. وتمرد من نوع خاص على القيم، والوجود.. وإنسانية الإنسان في علاقاته، ومواقفه.. وأفكاره وعواطفه...
إنه نوع من الانسلاخ عن المسؤولية الذاتية، والتشاركية في هذه الحياة... فالشخصية ترى في الحياة عبثا، وفي القراءة مضيعة للوقت ما دام واقع الحال يبين مأساة خريجي الجامعات واعتصامهم من أجل وظيفة وعيش كريم...
"وهو يذرع الشارع تذكر أنه لم يعد قادرا على مغازلة سيجارته الصباحية كالمعتاد لأن شفتيه في رأسه. لكن سرعان ما تنبه إلى أن التدخين مضر بالصحة. وهذه هي المناسبة للتخلص منه. بعد ذلك قال لنفسه بصوت غير مسموع: والقراءة؟..إني أحب القراءة. كيف سأقرأ إذن؟...هه....... ولماذا تصلح القراءة؟...تصلح للجوع، للفقر، للتبول في السراويل"(ص: 73).
فأمام هذا التحول الغرائبي (التحول إلى شجرة/ جسد بلا رأس)، يجعل من الشخصيتين مجردتين من أي قيمة.. ومن أي تأثير ، وتفاعل...
كما لا يخلو هذا التحول من إيديولوجيا... فالاستيهامي هنا هو في مضمونه قناع من أجل الإفصاح عن مواقف... وصراع ضد الرقابة.. وهذا تؤكده مقولة " بيتر بترولد".."بالنسبة إلى كثير من الكتاب لم يكن الماورائي سوى ذريعة لوصف أشيائي لم يكن لهم أن يجرأوا على وسمها بكلمات واقعية"[3]...
وإذا ما وقفنا على الاشتغال اللغوي في (المتحول)و(بلا رأس)، نجد التوظيف الكبير للاستفهام، والمونولوج الداخلي(الحديث النفسي)، والتبرير... وهذا مقصود من الكاتب عبد الغفور خوى.. ليكسر بذلك رتابة السرد، ويخرق خطيته...
"وماذا عن الحمار؟ لو تحولت إلى حمار؟.. هكذا تساءل صالح: فالحمارية لها خصلتا الصبر والتفاني في العمل... هه...... سيقولون لي يا غبي.. وماذا بعد؟ من قال لي يا غبي أقول له يا أخي. آه يبدو أنهم على حق ، فالحمر أغبياء ، لا ليس كلها: الحمر الوحشية هي فقط الغبية، وإلا لماذا لا تقاتل وحوش الغابة بشكل جماعي، فتشبعها ركلا بحوافرها القوية؟"(المتحول،ص: 55/56)...
"إني أحب القراءة. كيف سأقرأ إذن؟...هه.....ولماذا تصلح القراءة؟.. تصلح للجوع، للفقر، للتبول في السراويل...لم أعد أرغب في ذلك.. لكنني قد أحتاج لساني لقول كلمة حق. ومتى قلتها عندما كنت أحمل تلك البطيخة؟.. لكن لا بأس إذا ما أردت تغيير المنكر فبقلبي وذلك أضعف الإيمان"(بلا رأس، ص: 74)...
والسؤال المطروح، لم هذا التحول:(إلى شجرة، وجثة بلا رأس)؟... وما الوظيفة السردية التي يؤديها في القصتين؟...
يقول طازفاتان تودوروف ب"أن العنصر الاستيهامي هو الأداة السردية التي تشغل بصورة جيدة وظيفة محددة تتمثل في تعديل الوضع السابق، وكسر التوازن أو عدم التوازن القائم"[4]...
فالتحول إلى شجرة/ جسد بلا رأس، جاء لكسر عدم التوازن، وإعادته بين الوضع السابق واللاحق...بين الواقعي والاستيهامي، بين الحقيقة والقناع...
فالعلاقة بين الشخصيتين وواقعهما، علاقة متوترة انبنت على الرفض والتمرد... والغربة، والدهشة، والاندهاش، والإحساس بالتشيؤ...من هذا الواقع المتفسخ...
إن هذا الواقع يجعل من صالح كائنا يمل آدميته.. ويرفضها ما دام يعيش في واقع ، يعيش فيه كالبهيمة.. لا تأثير له فيه... والشخصية في (بلا رأس) أحس أن الرأس التي يحملها لم تفده في شيء، لا في تعليم، ولا في قراءة ولا في جهر بالحقن ولا في تصد للظلم... لذا رأى أن قطعه أحسن وأريح...
فالواقع يشكل للشخصيتين معا حالة وسواسية، تجعلهما يعيشان نوعا من الفصام والذهانية تبعدانهما عن الواقع بكل تجلياته...
من هنا نجزم أن الاستيهام جاء لإعادة التوازن بين البطلين وواقعهما.. الذي صادر منهما آدميتهما... ونفى عنهما إنسانيتهما... وغمسهما في التشيؤ...
فالتحول إلى شجرة واقفة يجعل صالحا يحس بنوع من التوازن، يعفيه السؤال، والانحناء والخضوع، والاستسلام، والإحساس بالقهر...
والتحول إلى جثة بلا رأس يجعل الشخصية تحس هي أيضا بنوع من التوازن يجنبها التفكير في الوضع الاجتماعي والسياسي، والثقافي والاقتصادي، وحتى القيمي للبلد... وبالتالي يحسان أنهما آدميان يعيشان في واقع غير آدمي...

[1]- د. العمراني، (الأمين)، الرواية المغربية، مطبعة ألطوبريس، طنجة، ط1، 2003، ص: 283

[2]- الهرادي، (محمد)، أحلام بقرة، دار الخطابي للطباعة والنشر،الدار البيضاء، نوفمبر 1988، ص: 30

[3]- الأمين العمراني، المرجع نفسه، ص:294

[4]- طازفاتان تودوروف، الأدب والستيهامي، ترجمة الصديق بوعلام، نجلة الكرمل، ع 17، 1988، ص: 190



- الشخصيات:
لا يمكن للعالم القصصي أن يقوم بدون الشخصية القصصية.. من خلالها يقدم لنا هذا الألم الوجودي الذي هو جزء من الكتابة...
وفي (عندما تغادر العصافير أقفاصها)، نجدها تتضمن 164 شخصية، وردت منها 16 شخصية معرفة بالعلمية، أي أنها جاءت أعلاما، وهي:( أحمد- السعدية- صابر- البودالي- خليفة- المتنبي- خالد- عباس- طامو- نيرون- العربي- أم كلثوم- إبليس- صالح- برطوم- صلاح الدين)...
كما نجد بعض الشخصيات جاءت دون اسم ، ولكنها جاءت معروفة بمهنتها:( الجزار- شرطي- كبير الشرطة- الفقيه- الرباع- الشوافة- المزارعون- حاكم القرية- الفلاحون- المذيعة- البوليس- الممثلون- الحطاب- المتوسل- الحاكم- عساكر- الجنود- اللص- الباعة- العاهرات- نخاس- سلطان- تجار- مرشد)...
كما أن هناك شخصيات عرفت بأوصافها أو ما تلقب به بين الناس، مثل( أبو دينار- رجل قصير- شاعر- ملتح- الحاج- الصقور الصلعاء- صاحب البغل)...
ومن خلال هذا الركام من الشخصيات ، يمكن لنا تصنيفها إلى فئات ، كالتالي:
1- الشخصية السلبية الانهزامية: كما في قصة (المطر الأحمر- رواد المقهى- الفياق بكري- المهاجرون- المتحول- المرشح- - المسرحية).. وهي شخصية تمتاز بترددها، وقناعتها بأن الدنيا حد أنفها.. يسودها الصمت، والاستسلام.. تؤجل كل شيء إلى أجل مسمى..."شاب بثياب مهملة، يستجدي المارة. الراجلون يمرون من أمامه كالشريط، منهم من يدس في يده شيئا ما ومنهم من يقول له" الله يسهل""(المسرحية، ص: 63)..
2- الشخصية الانتهازية ، المتطفلة: كما نجد في قصة (رواد المقهى- الراعي- المدينة- في غزة). وهذه الشخصية تتدخل في أمور بعيدة عن اختصاصها.. فمثلا نجد راع لم يسبق له ولوج المدرسة... يصبح بقوة قادر نائبا برلمانيا،ثم مدير جريدة يومية.."في المساء يجالس برطوم أهل القرية بجانب المسجد الذي يتوسط الأكواخ، يناقش معهم أمورا عديدة، يقارن بين موسم المطر لهذه السنة، والعام الفارط.. يحب الخوض في أمور السياسة ، أثناء حديثه لا يفرق بين الحكومة والمحكمة. يسمي البرلمان " برنمان"، ويسمي الشهادة الطبية " سرفتيكا"...
تعب برطوم من امتهان الرعي، وبين وجبة انتخابية وضحاها أصبح برلمانيا مشهورا، ولتعميم تجربته ونشر أفكاره، جمع رهطا من الذين يعرفون القراءة والكتابة من أهل قريته.. وأسس جريدة أو ما يسميه هو (جرنان)، اختار لها عنوان من (كلب) الحدث"(الراعي، ص: 72).
3- الشخصية الجاهلة، الأمية: كما نجد في قصة (من يوميات السي أحمد- مجمر السعدية- الملهى- فتاة المتجر)...حيث نجد هذه الشخصية لا تفرق بين تذكرة الحافلة القروية، والورقة النقدية.. ولا تفرق بين المرأة كإنسان، والدمية البلاستيكية لعرض الملابس.
"لف الجزار اللحم بعد وزنه في ورق ثم وضعه في كيس بلاستيكي وناوله للسي أحمد قائلا:
- مائة درهم السي أحمد...
دس السي أحمد يده في جيب قميصه الذي كان أسود ثم صار رماديا، وأخرج ورقة لونها أصفر فاقعا، كتب عليها: إن لم تحضر في وقت السفر لن تقبل منك شكاية"(من يوميات السي أحد، ص: 15).
4- الشخصية المتطرفة ، الظلامية: كما نجد في قصة (أبو دينار- إبليس- الإخوة الأربعة).. حيث أن هذه الشخصية التي تحشر أنفها في كل شيء، تفتي بدون علم حيث يحلل المحرم ويحرم المحلل... يهدي بخرافات يسميها حديثا في الدين والتفسير..
"أبو دينار كثير الكلام في أمور الدين ونواقض الوضوء، يهذي بخرافات يسميها علم التفسير.. قليل التفكير، سريع التكفير.؟ يحرص بشدة على ضرورة الطهارة إذا تبول أو تغوط أو مس أشياءه(...) سألت يوما أبا دينار عن أمريكا قال كافرة، وعن المرأة قال سافرة، وعن الطرب قال أم الكبائر، وعن الديمقراطية قال بدعة، وعن المساواة، قال فتنة، وعن الحب ، قال رجس من عمل الشيطان، وعن حظه من التعلم قال ، أعوذ بالله من الشيطان"(أبو دينار، ص: 41).
5- الشخصية المثقفة، المتعلمة، المتنورة: كما نجد في قصة ( القاص- بلا رأس).. وهي شخصية إما منغمسة في عالمها المتخيل، تجد في الكتابة ملاذها، والحضن الذي تأوي إليه.. أو تجد في السؤال هروبا من واقع مزر...ونكوص إلى الذات ، وتقوقع في النفس:"بعد ذلك قال لنفسه بصوت غير مسموع: القراءة؟.. إني أحب القراءة. كيف سأقرأ إذن؟."(بلا رأس،ص: 73).
6- الشخصية المندفعة: كما في القصة (الإخوة الأربعة- بلا رأس).. وهي شخصية غير مترددة، متهورة، لا تفكر في ما تقوم به إلا قبل فوات الأوان..."كثير الكلام في أمور السياسة، يسب أمريكا في كل صلواته السرية، يعشق الخوض في موضوع الحداثة يعلن الإمبريالية. يكره العرب لأنه إباحي ويمج الشرق لأنه إصلاحي. وإذا ما خلا إلى نفسه في المساء يقول الحمد لله على نعم الله"(الغخوة الأربعة، ص: 59).
7- الشخصية المتمردة،الغاضبة: كما في قصة (الحصار- القناص- المرشد- الإخوة الأربعة)... إذ نجد هذه الشخصية لا تسكن للظلم ولا تسكت عنه....قلبها على لسانها.. تعبر عن عدم رضاها وسخطها..."ستون عاما وأنتم جاثمون على ضفاف ذاكرتي، تأكلون من زادي، تنامون فوق أعشاب قبري القديم. تسرقون مني رائحة الليمون، تمنعون عني الأغنيات، وصهيل الخيل وكل المرادفات التي تركب كلمة الوطن"(الحصار، ص: 61)..
8- الشخصية المتسلطة، والعدوانية: كما نجد في قصة (نعجة الحاج)، حيث لا تتوانى هذه الشخصية في ظلم الناس، وسلبهم حريتهم، ومالهم، وقتلهم أحيانا... شخصية متسلطة، عدوانية، قاهرة.. سادية تتلذذ بآلام الغير، وتعذيبهم..."لكل فرد من أدرار آراؤه الخاصة في أمور الحياة.. لكنهم يجتمعون في إحساس واحد: هو خوفهم الجماعي من حاكم القرية.(...) يحكي الشيخ رحال أنه ذات ربيع سرقت للحاج نعجة هزيلة من قطيعه فاتصل بصديقه الحاكم. هذا الأخير أرسل عساكره على التو إلى القرية ليبحثوا عن اللص الذي تجرأ على ممتلكات الحاج.
ساق الجنود كل شباب القرية إلى المعتقل القريب، مارسوا عليهم كل أشكال التعذيب ولعدة أيام... لم يعترف أي منهم بالتهمة. هذا الإنكار زاد من حدة التعذيب إلى أن قتل شاب على أيدي الجند"(نعجة الحاج، ص: 69/70)...


المرأة وصورتها في المتن القصصي المدروس:
المرأة حاضرة في قصص عبد الغفور خوى.. لكن ما مدى هذا الحضور؟... وكيف هو؟...
تتخذ صورة المرأة في (عندما تغادر العصافير أقفاصها)، تجليات عدة، مختلفة ومتباينة... لكن الملاحظ هو أن فضاء حضورها في هذه المجموعة القصصية ضيق جدا... إذ يشغل حضور الرجل مساحة كبيرة.. وهنا يجعل هيمنة السمة الذكورية طاغية في قصص عبد الغفور خوى...
والسؤال المطروح، هو: ما هي مواصفات المرأة التي يقدمها لنا عبد الغفور خوى في (عندما تغادر العصافير أقفاصها)...؟
إن الكاتب يقدم لنا المرأة، فنتعرف على اسمها أو لقبها، مثل(السعدية-أحلام- طامو).. كما يقدم لنا بعض الأوصاف.. والملامح الوصفية:"اسمها أحلام. قصيرة القامة، لها وجه موغل في النقاء كقطعة ثلج. في العشرينات من عمرها، لكنها تبدو أكبر من ذلك بقليل.. لها شفتان شهيتان، عندما تزمهما يتشكل خاتم وردي على وجهها. لها نهدان صلبان يدفعان قميصها نحو الخارج بعناد"[1]...أو نجده يعريها من الاسم، فتأتي في القصة تحت اسم ( امرأة- فتاة- الأم- عجوز)...
وعندما نتمعن في هذا النموذج/ المرأة الموظفة في المجموعة القصصية (عندما تغادر العصافير أقفاصها)، نجد أن الصورة المقدمة ، هي: صورة تقزم من حجم المرأة، وربما يتغيى الكاتب من ورائها الإثارة والتلميح إلى دور المرأة في المجتمع والذي ما زال ينظر إليها نظرة دونية ، واستصغار...إنها إثارة إلى وضعها الاجتماعي المزري...
ولو أردنا تحديد نوعية العلاقة بين هذه المرأة والرجل في المتن الحكائي المدروس، ونستشف منه مدى تحرر هذه المرأة ومدى مكانتها وحظوتها عند الرجل.. نجد أن هذا الدور غير كامل.. وما زال تحررها وتحضرها لم يرقيا إلى المستوى المطلوب... فالمرأة تحضر كجسد ومتعة.."كعوب النساء تداعب الرصيف محدثة رنات متوازية كدقات القلب، فتجعل مؤخراتهن ترتعد كسمكات خارجة لتوها من الماء"(ص: 53).
وهذا يحول المرأة إلى فتنة وغواية،وأداة إغراء...
"داخل المتجر المقابل للمقهى ، كانت هي واقفة ، لمحها بزاوية عينه، ثم انزلق بصره نحو كعبها، وزحف على صدرها، ثم مسح كل جسدها بتلذذ"(ص: 67)..
" في عينيها جاذبية نادرة، في أردافها أنوثة زائدة...
بدأ الدم يتدفق بسرعة في كل أقاليم جسده.. عيناه تبحثان عن مرفأ تسافران وراء الزجاج" (ص: 67)...
و من خلال هذه النماذج النسوية المقدمة، لا نجد علاقة المحبة والألفة بين هذه المرأة والرجل...ولا نجد ملمحا على ذكائها، وفكرها، ودورها الفعال في المجتمع، ومشاركتها في بنائه...
فجل النماذج النسائية في المتن القصصي المدروس، تمتاز بقصورها، وضعفها، وانهزاميتها.. وارتباطها وتشبثها بالشعوذة والخرافة، والتسلطن والشك،والدعارة...
وهذه النماذج النسائية، نجدها على الشكل التالي:
1- قصة (القاص) ص: 11: نجد في هذه القصة القصيرة جدا، صورة لامرأة متخلفة فكريان يملأ الشك صدرها كلما رأت زوجها يخلو إلى نفسه، وينشغل بالكتابة...فتظن أنه يكتب لامرأة أخرى:"أصبحت تعتريه حالات يخلو فيها لذاته، لم يعد يطلب اللجوء العاطفي إلى حضنها أو يتطهر بأنفاسها كما كان.. أصبحت زوجته تشك في تصرفاته: هل يقترف الحب في حق امرأة أخرى؟..
ذات أصيل تعقبت خطواته: وجدتهما معا رأسا لرأس. كانت قصيرة جدا لكنها كانت قادرة على تحمل قلقه. كان متلبسا بكتابة قصة قصيرة"(ص: 11).
إن العلاقة التي بين هذه المرأة وزوجها الكاتب، علاقة شك، وريبة..فقد لاحظت ابتعاده شيئا ما.. وانشغاله، فظنت أنه منشغل بأنثى أخرى...ولم تفهم أن زوجها في لحظة مخاض وإبداع...
هنا يريد أن يبين لنا عبد الغفور خوى فداحة سوء التوافق الثقافي، والفكري بين الزوجين.. فقد تكون له عواقب وخيمة على مسار العلاقة الزوجية...
2- قصة(من يوميات السي أحمد) ص: 13: في هذه القصة يقدم لنا السارد شخصية السعدية. نموذج المرأة البدوية في الخمسين من عمرها... قسمات الزمان تبدو على محياها ، الشيء الذي يجعلها تبدو أكبر من سنها.. تنظر إلى زوجها بنظرات قاسية.. ومعبرة ، يفهم من خلالها أنها تطلب منه التسوق، وإحضار بعض لوازم البيت:"هه.... تريدين تذكيري بأن اليوم هو يوم السوق- قال السي أحمد، ثم أضاف بافتخار كأنه أحرز نصرا ثمينا- لا، لا تخافي فزوجك يا عزيزتي كما تعرفين ، دائما يحتفظ بالدرهم الأبيض لليوم الأسود. هيا ، أسرعي ، هات السلة الكبيرة"..
والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا تبدو أكبر من سنها؟... ما نوع العلاقة التي بينها وبين زوجها السي أحمد؟...
من خلال السرد نفهم أن هذه المرأة عانت مشاكل كثيرة... ولاقت محنا أثرت على نفسيتها وجسدها... والشاهد في ذلك الفقرة التالية:"السعدية امرأة في سن الخمسينات أيضا، لكنها تبدو أكبر من سنها. تفسر السعدية ذلك بتوالي نوائب الزمن وبعض المشاكل التي غالبا ما يتسبب فيها السي أحمد" (ص: 14).
فزوجها السي أحمد يلقب في الدوار ب(حميدة)، ثم (العجاج).. وذلك لخفة حركاته ، وتواجده في عدة أمكنة في أوقات متقاربة.. والرجل الذي يكون على هذه الصفة، هو رجل استهتاري، لا يعبأ بالمسؤولية.. ولا يعير للبيت والأسرة اهتماما.. وهذا ما زاد من معاناة السعدية.. ولم تجد بدا من تحمله.. والصبر على محنتها...وهذا يبين مدى الرؤية الدونية للمرأة المغربية...وكيف تتحمل وتكابد ، وتصبر ، حتى لا ترجع إلى دار أبيها ، وتعير بذلك... وهذا يزيد من أزمتها النفسية، والصحية...
3- قصة (مجمر السعدية)، ص: 31: في هذه القصة يقدم لنا الكاتب نموذج المرأة الأمية، المتخلفة، التي تؤمن بالشعوذة والسحر، والخرافة... يدفعها شكها إلى اقتراف الحماقات، ظنا منها أن الشعوذة وممارسة السحر ، واعتماد التعويذات والتمائم، والأبخرة ، تعيد لها زوجها، وتحافظ بها على بيتها...وتجعل العلاقة بينها وبين زوجها متينة.لكن النتائج لا تكون إلا عكسية..
فالسعدية المرأة البدوية، شكت في سلوكات زوجها، واعتبرت أن سلامه على طامو زوجة الرباع ليس بريئا، وقد غير مجرى حياتها... فقد أصبح زوجها أكثر قسوة،يعاملها بنرفزة زائدة،وقد ردت هذا التغير في السلوك والمعاملة إلى طامو... فلم تجد بدا من اللجوء إلى عرافة، والتي أخبرتها بأن زوجها تريد أخذه منها امرأة بيضاء طويلة، لها خال... فربطت هذه الأوصاف بجارتها طامو... ولحماية بيتها التجأت إلى الفقيه السي عبد انبي، الذي مدها بتميمة، طلب منها حرقها بالمجمر... لكن المفارقة العجيبة، أنها لم تنتبه إلى الجمر ، فشبت النار في البيت...
إنها صورة المرأة المتخلفة ، الأمية ، التي تتبع أهواءها وعواطفها، وهواجسها.. ولا تستعمل فكرها.. وتتميز بقصور فكرها:"وضعت السعدية في مجمرها الجديد بعض الحشائش اليابسة وروث الحيوانات. أضرمت النار، وأخرجت من كمها ورقة كان الفقيه السي عبد النبي قد كتب عليها حروفا ورموزا، ورسم خطوطا على شكل شبكة للكلمات المسهمة. وطلب من السعدية أن تقوم بحرقها يوم الخميس قبل صلاة العصر مع قليل من الشبة والحرمل، وجزء من ثوب كان السي عباس زوجها قد استعمله"(ص: 31).
4- قصة(أحلام)، ص: 49: يستعين السارد بأوصاف سردية ، لتقديم الشخصية المحورية أحلام.. حتى نكون صورة كاملة لها... فنعرف بأنها فتاة قصيرة القامة.. بيضاء المحيا.. في العشرين من عمرها.. شفتاها شهيتان.. ورديتان... نهداها نافران يدفعان قميصها نحو الخارج بعناد... ويخبرنا عن مهنتها...إنها مومس، تمارس الدعارة ليلا مع طالبي الهوى...وهي تمتهن هذه المهنة القذرة لتدبير حياتها، وتوفير متطلباتها... تعيش انفصاما ، وازدواجية.. فهي غير راضية عن نفسها، ولكن تجد نفسها مجبرة على ذلك.. لأن الحياة صعبة، والزمن لا يرحم...
"أحلام فتاة طارئة في زمن طارئ. تغتال العنفوان فيها بتؤدة.. تؤجل أحلامها باستمرار، ولكنها لا تؤجل زبون اليوم إلى الغد. فللغد زبون آخر. لأن الجوع وجه قاس، وله حضور مبتسم بخاصية الخلود.
أحلام فقدت التواصل مع تضاريس جسدها الذي أصبح له طعم البلح القديم، وأصبحت تكره الرجال والكلاب والغلاء، ورائحة الندى بعد منتصف الليل، وتخاف البوليس وزحام الأوتوبيس وكل ما يفعله إبليس. لكن أحلام تريد أن تعيش وفي قلبها لا تزال مساحة للحب"(ص: 50).
أمام هذه الصورة القاتمة، نستشف الإدانة التي يبطنها الكاتب سطوره...فأين هي الدولة في جانبها الاجتماعي لحماية المرأة المغربية من الفقر،والسقوط في الرذيلة؟... أين دور الجمعيات، والمجتمع المدني في توفير بعض فرص الشغل لمثل هؤلاء الفتيات، كي لا تدفعهم الحاجة إلى الدعارة، والفساد الأخلاقي؟...أين هو تضامن المجتمع، وتكافله الاجتماعي؟..
والسؤال المطروح:ألا يوجد نمط للمرأة العصرية، المتعلمة في (عندما تغادر العصافير أقفاصها)؟...
نجد في المجموعة القصصية نموذجين للمرأة المتعلمة.. وذلك في قصة(الفياق بكري)، حيث نجد صورة لمقدمة الأخبار في إحدى القنوات العربية، لكن يقدمها السارد في صورة كئيبة، مغايرة للواقع:"توقف السي العربي عند قناة إخبارية عربية، أطل عليه من وراء الشاشة وجه نسائي طلي بأصباغ من عدة ألوان. يبدو أن صاحبة الوجه حاولت قدر المستطاع إخفاء آثار مسغبة قديمة كانت قد ألمت بها في زمن ما ، وتحمل على كتفيها شعرا حريريا قص بعناية، لونه قمحي لإخفاء سنها الحقيقي، لكن صدرها نصف العاري والمترهل ينوب عنها في قول الحقيقة.
بابتسامة متكلفة ووجه متكلس، سردت المذيعة أخبار الصباح بسرعة كأنها تريد التخلص من عبء ما"(ص: 38/39)..
لكن لا يقدم لنا صورة غنية، نستشف منها التطور الفكري لهذه الشخصية/ المرأة، أو مساهمتها في سيرورة المجتمع. بل يقدم لنا صورة سوداوية لامرأة ترتدي قناعا ، تخفي وراءه حقيقة سنها، وحقيقة جسدها، ونفسها...تتصنع الابتسامة.. وطريقة القراءة...وهذا يبين أنها تعاني مشاكل كثيرة... ...فهي رغم ثقافتها ، وإطلالتها اليومية من التلفزيون، فهي جزء من تلك المرأة العربية التي مازالت تعيش في عالم ذكوري، ينظر إلى المرأة كجسد، ومتعة.. وما زالت تعاني الكثير في إثبات الذات والحصول على رضا الرجل...
والنموذج الثاني للمرأة / المغنية، الفنانة... والتي بفنها تستقطب جمهورا عريضا...لكننا نجد الصورة المقدمة لهذه الفنانة لا تخرج عن سابقتها.. فهي تقف أمام الجمهور بجسدها الفتان المصطنع.. والذي خضع لكثير من عمليات التجميل... لكن رغم فتنة الجسد، فالصوت نشاز.. الشيء الذي يجعل أزمة الأغنية تكبر، لما أصبحت تعرفه من أصوات لا يتوفر فيها الحس الفني والجمالي...
"انتبه السي العربي بعد انبعاث صوت من مذياعه يشبه النعيق: إنه صوت مغنية عربية شابة وحدت الأمة العربية بسهراتها وحب الملايين لجسدها الاصطناعي، وتغنجها ودالها. تأفف السي العربي ولعن كل الأغاني الرخيصة ثم ترحم على أم كلثوم"(ص:38).
هكذا تقدم لنا (عندما تغادر العصافير أقفاصها) نموذجا للمرأة المغربية/ العربية المقهورة.. والمغلوبة على أمرها.. في غياب علاقتها بالتربية، وبالنضال، وبالبناء والتنمية، وبالثقافة وبالعلم...مثلا ... وهذا نعتبره إقصاء لوظائف المرأة في المجتمع، وتعتيما لدورها البناء في الحياة...
فالصورة بينت لنا ارتباط المرأة بالرجل ومجاله... ولم تستطع رغم الكثير من الفلتات في مسارها النضالي والحياتي أن تسلخ عن مدار الجنس والجسد، وهو المنظور الذي يضع فيه الرجل المرأة... وبالتالي فهو يقصيها كإنسان وكذات مفكرة، ومؤثرة في الحياة... بل لا ينظر إليها إلا كعنصر يكمل به فحولته.. ومن ثم ف(عندما تغادر العصافير أقفاصها)، تبقى هي إلى جانب كثير من الإبداع القصصي المغربي، ذات خطاب ذكوري مهيمن، يتم فيه الانحياز الكلي إلى الرجل...

[1]- المجموعة القصصية ، ص: 49
لرمز في (عندما عندما تغادر العصافير أقفاصها)
كلمة الرمز كانت في اليونانية تعني (قطعة من خزف)، أو من أي إناء ضيافة.. دلالة على الاهتمام بالضيق ...
والكلمة في أصلها مشتقة من الفعل اليوناني(ألقي في الوقت نفسه)، أي هو يعني :"الجمع في حركة واحدة بين الإشارة والشيء المشار إليه"[1]..وأرسطو تناول الرمز بمفهومه الفني، حيث قال:"الكلمات المنطوقة رموز لحالات النفس، والكلمات المكتوبة رموز للكلمات المنطوقة"[2]...
وقد قسم أرسطو الرمز إلى ثلاثة أنواع:
- الرمز النظري أو المنطقي، وهو الذي يستهدف المعرفة، وبالتالي هو مرتبط بالمنطق.
- الرمز العملي، وهو يستهدف الفعل. وهو مرتبط بالأخلاق.
- الرمز الشعري أو الجمالي، وهو الذي يعني حالة باطنية معقدة من أحوال النفس، وموقفا عاطفيا أو وجدانيا. وبالتالي هو مرتبط بالفن..
واللغة العربية عرفت كلمة الرمز... وتعني الإشارة والتعبير غير المباشر،والدليل على ذلك ، قوله تعالى في قصة زكريا:"قال رب اجعل لي آية. قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا"[3]...
وجاء قدامة بن جعفر، ليحوله من مفهومه الإشاري إلى المفهوم الاصطلاحي، حيث قال:"الرمز هو ما أخفي من الكلام، وأصله الصوت الخفي الذي لا يكاد يفهم، وإنما يستعمل المتكلم الرمز في كلامه فيما يريد طيه عن كافة الناس والإفضاء به إلى بعضهم. فيجعل للكلمة أو الحرف اسما من أسماء الطير أو الوحش أو سائر الأجناس، أو حرفا من حروف المعجم، ويطلع على ذلك الموضع من يريد إفهامه، فيكون ذلك قولا مفهوما بينهما، مرموزا عن غيرهما"[4] ...
واستعمل الرمز في الأدب"كوسيلة أدبية فعالة يكمن في محاولة الرمزيين استخدام تلك الأداة اللغوية كوسيلة لاختراق حجب الغيب، والنفاذ إلى عوالم لا تصل إليها الحواس.. وترتفع فوق تفاهات الحياة اليومية لتكشف عن أسرار الوجود، وتعبر عما يستحيل التعبير عنه"[5]..
والرمز قائم على الإيحاء والتكثيف ، والابتعاد عن المباشرة ، والاعتماد على اختزال الألفاظ، وتكثيف الدلالة... والكاتب يعتمد توظيف الرمز ليحث القارئ على سؤال النص، والقيام بالتأويل، ويدفع به إلى المشاركة في تحديد الدلالة والوقوف على جماليات الخطاب...
فالأدب الرمزي:"يفرض على القارئ قراءة واعية، ويدعوه إلى كشف المعاني الخفية في غوصه عليها، إذن القارئ مدعو إلى المساهمة في فكرة المؤلف، وإلى ملاقاته في تفكيره.. وهذه القراءة الواعية المسماة لا حقا خلاقة، تقرب القارئ من المقروء"[6]...
وأكد تشارلز تشادويك ، أن الرمز :"فن التعبير عن الأفكار والعواطف، ليس بوصفها مباشرة ، ولا بشرحها من خلال مقارنات صريحة وبصورة ملموسة. ولكن بالتلميح إلى ما يمكن أن تكون عليه صورة الواقع المناسب لهذه الأفكار والعواطف.. وذلك بإعادة خلقها في ذهن القارئ من خلال استخدام رموز غير مشروطة"[7]...
والسؤال المطروح هو: هل اللجوء إلى الرمز أمر ضروري، أم أنه أمر شكلي وفني؟...أين هي تجليات هذا الرمز والترميز في (عندما تغادر العصافير أقفاصها)؟...
يرى عبد الغفور خوى أن الرمز أداة من أداوات التعبير الفني...ولا يمكن الاستغناء عنه في كتاباته، حتى لا تتميز بالسطحية، والتقريرية، والمباشرة،والتوثيقية، والتسجيية... ولذا الرمز يخرجها من اعتياديتها، ومن مألوفيتها ليدخل بها في عوالم التشكيل والفنية، والجمالية...وهذا كله لإغواء القارئ/ المتلقين وجعله يدخل عوالم كتاباته بكل لذة ، ومتعة...
وتتجلى هذه الرمزية في:
1- رمزية العنوان: العناوين لا تأتي بطريقة عشوائية.. بل اختيارها متعمد ومقصود.. ودال على مضمون العمل الأدبي.. وما يحتويه من أفكار..."لأن العناوين من أبرز مفاتيح الدلالة ، لأن الأديب يصب فيه كل ما في عملية الإبداع من تيارات دلالية، وطاقات إيحائية. وتوحي بما يصطرع في ذهن الأديب من أفكارهن وفي وجدانه من أحاسيس ومشاعر"[8]...
وهذه العناوين تعم على جذب المتلقي..وإغرائه.. وتقريبه من عالم الكتاب وفضائه...:"وتحفز وعيه، وتستثير خبرته وثقافته، ليكتشف التيارات الدلالية، والطاقات الإيحائية التي تبشر بجوانب الإبداع المضموني للعمل الفني"[9]...
وعنوان المجموعة يحمل رمزية دلالية كبيرة.. فالعصافير يرمز بها إلى كل مواطن مغربي غيور، يجد في نفسه طموحا جامحا ، يجعله يغادر مكانه بحثا عن الأحسن.. كما أنه رمز لكل شاب مغربي يجد في مغادرة القفص ن والذي يرمز به الكاتب إلى الوطن لإيجاد غد أحسن.. وفرصة حياتية أجمل...
كما نجد عنوان(مجمر السعدية)يرمز إلى انحطاط المرأة المغربية وتخلفها...وأمام شكها وغيرتها تلجأ إلى الشعوذة ، والسحر، والخرافة...
2- رمزية التاريخ والواقع: ففي قصة (في غزة) نجد الكاتب يهتم بالقضية الفلسطينية.. وبذلك يتحول من الإقليمية إلى القومية.. وفي هذه القصة نجد توظيفا للرمز بكثرة...إذ يرمز للحرب والدمار الذي تتعرض له غزة من طرف الجيش الإسرائيلي ب (رائحة الكبريت)، لما تسقطه طائرات العدو من قنابل فسفورية على الشعب الفلسطيني الأعزل.. وما تتركه هذه القنابل من حرائق ، وغازات....
كما يرمز للدبابات الماركافا وكثرتها بالنمل... والصهاينة بالأجلاف.. هذا الشعب الصهيوني المكون من عديد من الجنسيات... يرمز إليهم بالخليط الهجين.. ويرأس هذه الجيوش الإسرائيلي، الجنرال موشي دايان، الذي يرمز إليه ب: النخاس الأعور... كما يرمز إلى وعد بلفور.. والأرض الموعودة، والتي عملت انجلترا على تحقيق الصهيونية اليهودية العالمية... وقد ترأست هذا الكيان المصطنع غولدا ما يير، والتي يرمز إليها الكاتب، ب(العاهرة الرخيصة)...
3- رمزية الواقع العربي المتردي: في قصة(القناص) والذي يرمز به إلى منتظر الزايدي.. الصحافي العراقي الذي قذف الرئيس الأمريكي والكر دوبليو بوش بحذائه.. وقد رمز إلى هذا الحذاء ب(بندقية)...
وأمام فعله هذا انقض عليه الحراس الخاصون، والذين رمز إليهم الكاتب ب(سرب من الصقور الصلعاء)....
"كان قناصا شابا، يهوى صيد الأيائل والحمام البري.. يمارس هذه الهواية منذ صباه. لقد ورثها عن أبيه الذي ورثها عن أبيه الذي ورثها بدوره عن جده.
من داخل أجمة باغته شيء ما . لم يتبين ملامحه ، ظن انه ذلك الوحش ذو العين الواحدة الذي حدثه عنه جده ذات مساء، وثب القناص فوق صخرة صماء كالنمر وصوب بندقيته نحو ذلك الشيء، وعالجه بطلقتي حذاء، من عيار 44، لكنه أخطأ الهدف فانزلقت يده نحو جيبه بسرعة وأخرج مسدسا بلا كاتم للصوت وأطلق صابت الهدف هذه المرة"(ص: 75)...









[1]- بير،(هنري)، الأدب الرمزي، ترجمة، هنري زغيب، منشورات عويدات، بيروت، ط1، 1981، ص:7

[2]- الدكتور غنيمي هلال، (محمد)،النقد الأدبي الحديث، دار النهضة، مصر، القاهرة، 1979،ص: 39

[3]- سورة آل عمران،3/41

[4]- بن جعفر، (قدامة)، نقد النثر، تحقيق، كمال مصطفى، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1979،ص: 61/62

[5]- هنري بير، المرجع نفسه، ص:10

[6]- المرجع نفسه، ص: 10

[7]- تشارلز تشادويك، الرمزية ، ترجمة ، نسيم يوسف ابراهيم، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1992، ص: 41/42

[8]- د. أبو علي، (نبيل)، في نقد الأدب الفلسطيني ، دار المقداد للطباعة، غزة، ط1، 2001، ص: 94

[9]- المرجع نفسه، ص: 94


الخاتمة:
هكذا في هذه الجولة القصيرة استطعنا قدر الإمكان محاولة الدخول إلى عالم الأديب المغربي عبد الغفور خوى لاستجلاء فنياته القصصية، والوقوف على حدودها وتجلياتها... والتي استكشفنا من خلالها أننا أمام أديب سيعطي الكثير للقصة القصيرة المغربية...

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button