درست الحقوق والعلوم السياسية، عملت في الإعلام وتعلمت الإنسانية عند طبيب منذ نعومة أظافري استشعرت بنفسي القوة للسعي إلى ما أحب اجتهدت درست تعلمت أصررت فتارة تعثرت وتارة وصلت كلما كبرت تعلقت وتركت استسلمت عدت وآمنت أن النجاح لا يكون إلا بالإصرار والثبات هنالك خيبات ولكن في المقابل هنالك إنجازات لم نكن لنصل إلى هذه المرحلة لولا التناقضات والعقبات، عندما تخسر في فرصتك الأولى ستعيش ألم الخسارة وكأنها النهاية ستمضي بك الأيام متشابهة لن تتحملها إذا لم تكن قوياً كفاية، وفي المرة الثانية أيضاً سيكون الخوف مسيطراً عليك سوف تتجنب أي مبادرة أو فكرة ذكية تخطر لك سوف ترضى بالقليل وكأنه كثير جداً.
ولكن أأمن أن الفرصة تأتي كل يوم جاءتني الفرصة الأخيرة لا لأكون شيئاً فقط لأكون إنسانية لأرى الوجه الآخر للحياة، كنت دائماً أقول الطب مهنة سامية، ويجب أن يكون الطبيب سفيراً للإنسانية هنالك من اقسموا على أن يكونوا واهبي الحياة دون مقابل وهنالك من اتخذ مهنته تجارة يحصد بها الأرواح فكان يمينه غموسا باطلا ولكن أنا حظيت بفرصة الانخراط بعالم الطب وجربت الشعور بآلام من ليس لهم أحد بعد الله سوى طبيب، عملت عند طبيب عظام ورأيته كيف يجبر الروح قبل الكسور بابتسامة صادقة ويد معطائة لمن لا يملك ما يعطيه له أيقنت أن الله يمنح مفتاح الخلاص لمن يستحقه كنت دائماً أقول أظنه كان من المقدر له أن يكون طبيبا فكل ما فيه يصرخ بالاستحقاق لمكانته هذه.
تعلمت أنه لتكون طبيباً يجب عليك أن تتعب تكد تسهر تتأخر تنضبط لا يجوز لك أن تتأخر سوف تضيع الكثير من اللحظات التي لن تتكرر ويمضي بك العمر وأنت لا تتذكر نفسك إلا ما ندر |
الإنسانية لها أناسها لا تصلح لغيرهم تأتي على مقاس صاحبها يوهبها الله لأحبته ليكونوا تجليا ولله المثل الأعلى لصورة الرحمة التي أمر الله أن تكون في الأرض، فلا عجب فيما قيل عن سمو الطب ورفعته: لا أعلم علما بعد الحلال والحرام أنبل من الطب إلا أن أهل الكتاب غلبونا، الطب بلا إنسانية كالصلاة بلا وضوء فلا الصلاة تقرب دون وضوء.. ولا المريض يشفى دون إنسانية إن الشفاء يبدأ بالحصول على الأمل فإن أعطيت الإنسان الأمل بادلك إياها بالثقة ولا شيء يضاهي ثقة إنسان بك لدرجة أن يجعل روحه بين يديك يغلق عينيه بعد التوكل على الله موقنا أنه سيرى النور من جديد بفضلك.
تعلمت أن الصورة لن تكون واضحة الدقة إذا لم نقترب ونلقي نظرة عليها بتمعن. لست غاضبة من عدم إنجازي لأمر عظيم حتى الآن فالماديات لم تعد تعنيني فروحي تجلت في هذا المكان تعلمت الصبر والانتظام في الوقت أكثر تعلمت الحديث مع غير المثقفين تعلمت اللغة البسيطة والكلمات التي تسمو بالروح دون تعقيدات تعلمت أن الناس مختلفين مهما تشابهوا وأن الشكل الخارجي مجرد واجهة وهمية إن لم تكن حذراً سوف تصدم بها وتكسر شيئاً ما فيك، تعلمت التنازل والمطالبة والأهم من ذلك تعلمت الإنسانية فشكراً لك أيها الطبيب على هذه الفرصة التي لو لم تمنحها لي لما تغيرت نظرتي لكثير من الأمور وأنه من الممكن جداً أن تكون شخص سيء بحياة الكثيرين في هذا العالم لمجرد أنك مختلف وفي الطرف الآخر يكون طيفك هو وجه الخير لكثير من الناس الآخرين.
تعلمت أنه لتكون طبيباً يجب عليك أن تتعب تكد تسهر تتأخر تنضبط لا يجوز لك أن تتأخر سوف تضيع الكثير من اللحظات التي لن تتكرر ويمضي بك العمر وأنت لا تتذكر نفسك إلا ما ندر، تعلمت أن الاحترام يكون لذات الإنسان وشغفه لا لما يملكه أو ما يستطع أن يقدمه ماديا فالعطاء المعنوي يضاهي أي عطاء بالوجود، فلا عجب أن الأديب عبد الرحمن العشماوي قد قال في قصيدته الشهيرة
قد يعشقُ المرء من لا مال في يده
ويكره القلب من في كفّه الذهبُ
ما قيمة الناس إلا في مبادئهم
لا المال يبقى ولا الألقاب والرتبُ
فهنيئا لمن أدرك أسمى منازل الحياة ألا وهي الإنسانية فتدارك الدنيا وضمن الآخرة بدعاء أو جبر خاطر فالله يسمع اسمك بين شفاه العاجزين والملائكة تقول لدعائهم اللهم تقبل اللهم آمين.
لست ربوت