(لمن تعاود زابورك يا داوود)
طابور من سيارات الدولة وبجانبه رجالات السلطة على اختلاف تلويناتها،وفي مقدمة الطابور سيارة صغيرة يصدر منها صوت قوي يحث المواطنين على التزام بيوتهم ويطنب في التعريف بمضار كورونا وخطورتها ،مهددا ثارة ومتوسلا ثارة اخرى من المواطنين العودة الى بيوتهم ، والناس على اختلاف اعمارهم يمارسون حياتهم العادية غير مكترثين بمايحدث حولهم ،هدا صاحب عربة حشرت فيها جثت ادمية تضع امامها مشتريات مختلفة غير ابهة بتوجيهات صاحب السيارة الصغيرة ،وبحديقة الحي يجلس مجموعة من الشيوخ يلهون ويلعبون الورق او ضامة وكانهم قدموا من عالم اخر ،تسمع قهقهتم من بعيد ، وصبية صغار استغلوا توقف الدراسة ليمارسوا شغبهم الطفولي من عدو وصياح ولعب لكرة القدم تاركين لدعاة التعليم عن بعد ان يجلسوا لمتابعة ما أعدوه من دروس وتوجيهات وكأن الأمر لايهمهم، وعلى الرصيف رصت بانتظام عربات مجرورة بالحمير رائحة بول حميرها وروث حميرها تزكم الانوف بينما أصحابها يدخنون بشراهة في انتظار قدوم ركاب لنقلهم الى منازلهم بأحياء مختلفة بالمدينة ،وعلى مرمى حجر منهم امتدت فراشات باعة الخضر والفواكه ،التي تنال حظها من رداد البول ورائحة الروث ، تحلق فوقها اصناف مختلفة من الحشرات والناس يملأون قففهم مما لد وطاب لهم من خضر وفواكه دون مبالاة لما قد يلحقه تلوث هده السلع بهم وعلى يسارهم باعة يعرضون بضاعتهم دون مراعاة لأبسط شروط النظافة ، مياه ملوثة وازبال متناثرة وصبية صغار يزيلون بقايا ومخلفات هده البضاعة بسرعة جنونية ويقدفون بها داخل عرباتهم لتقديمها لماشيتهم أو بقرهم اتقاء مخلفات الجفاف وما يبثه من ذعر في نفوس اصحابها ، ومجموعة من الكلاب هجرت دواويرها لتتخذ جنبات الشارع مقاما امنا لها ، تيمنا بكرم أزبال الساكنة او ما يقدفه اصحاب الدكاكين من فضلات تقيهم شر الجوع ،فيتمددون بكل تلقائية امام هده الدكانين المتناثرة في انتظار أن يجود عليهم
احدهم ببقايا أزباله، بينما بائعات الخبز على اختلاف أنواعه يعرضن بضاعتهن ، مطالبات من المارة اقتنائها ،و دخان اصحاب المأكولات الجاهزة يتصاعد الى السماء وزبنائهم يلتهمون ما يقدمونه لهم بشراهة وبجانبهم صبيات صغيرات قدفت بهن أمهاتهن للتسول وجمع ما استطعن اليه سبيلا من تقود وخبز وخضر ،بينما أمهاتهن تتمددن على الرصيف ملتمسات من رواد الشارع مساعدتهن على ضنك العيش ،كل منهم تردد ترنيمتها الخاصة للتأثير عليهم ،هده تتدعي حاجتها لمن يؤدي عليها واجب الكراء والاخرى الماء والكهرباء وهكدا دواليك
تلكم صورة شارعنا في ظل انتشار وباء كورونا وكأنني برواده يردون على صاحب السيارة الصغيرة ( لمن تعاود زابوك يا داوود)
لست ربوت