الحياء بين السلف وجرأة الخلف بواسطة المرحوم عبد الحميد امين خطيب وامام مسجد الهلالي رحمه الله

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية الحياء بين السلف وجرأة الخلف بواسطة المرحوم عبد الحميد امين خطيب وامام مسجد الهلالي رحمه الله

الحياء بين السلف وجرأة الخلف بواسطة المرحوم عبد الحميد امين خطيب وامام مسجد الهلالي رحمه الله

نتيجة بحث الصور عن صور عبد الحميد امين امام مسجد الهلالينتيجة بحث الصور عن صور عبد الحميد امين امام مسجد الهلالي
الحمد لله الذي الواهب المنن المتصف بالجميل والإحسان غافر الزلات ومقيل العثرات ورافع الدرجات قابل التوب لاإله إلا هو من رب رحيم نحمده بكل ماحمد به نفسه ونشكره على آلائه ونصلي ونسلم على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين الحيي الكريم الرؤف الرحيم وعلى آله ومن والاه .وبعد" موضوع اليوم :
"بين حياء السلف وجرأة الخلف أيها الناس الحياء :خلق فاضل قال الإمام ابن القيم رحمه الله والحياء من الحياة ومنه الحيا للمطر وعلى حسب حياة القلب يكون فيه قوة خلق الحياء وقلة الحياء من موت القلب والروح فكلما كان القلب أحيى كان الحياء أتم فحقيقة الحياء أنه خلق يبعث على ترك القبائح ويمنع من التفريط في حق صاحب الحق والحياء يكون بين العبد وبين ربه عز وجل فيستحي العبد من ربه أن يراه على معصيته ومخالفته ويكون بين العبد وبين الناس فالحياء الذي بين العبد وربه قد بينه صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي جاء في سنن الترمذي مرفوعا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :<استحيوا من الله حق الحياء قالوا إنا نستحيي يا رسول الله قال ليس ذلكم ولكن من استحيى من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى وليحفظ البطن وما حوى وليذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحيى من الله حق الحياء>>
فقد بين صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث علامات الحياء من الله عز وجل أنها تكون بحفظ الجوارح عن معاصي الله وبتذكر الموت وتقصير الأمل في الدنيا وقد جاء في الحديث الآخر أن من استحيى من الله استحيى الله تعالى منه والله تبارك وتعالى حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفرا ويستحيي أن يعذب ذا شيبة شابت في الإسلام وأما الحياء الذي بين العبد وبين الناس فهو الذي يكف العبد عن فعل مالا يليق به فيكره أن يطلع الناس منه على عيب ومذمة فيكفه الحياء عن ارتكاب القبائح ودناءة الأخلاق فالذي يستحيي من الله يجتنب ما نهاه عنه في حالاته في حال حضوره مع الناس وفي حال غيبته عنهم وهذا حياء العبودية والخوف والخشية من الله عز وجل وهو الحياء المكتسب من معرفة الله ومعرفة عظمته وقربه من عباده وإطلاعه عليهم وعلمه بخائنة الأعين وما تخفي الصدور وهذا الحياء من أعلى خصال الإيمان بل هو من أعلى درجات الإحسان كما في الحديث :<الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك> والذي يستحي من الناس لا بد أن يكون مبتعدا عما يذم من قبيح الخصال وسيئ الأعمال والأقوال فلا يكون سبابا ولا نماما ومغتابا ولا يكون فاحشا ولا متفحشا ولا يجاهر بمعصية ولا يتظاهر بقبيح حياؤه من الله يمنعه من فساد الباطن وحياؤه من الناس يمنعه من فساد الظاهر فيكون صالحا في باطنه وظاهره في سره وعلانيته فلهذا صار الحياء من الإيمان ومن سلب الحياء لم يبق له ما يمنعه من ارتكاب القبيح والأخلاق الدنيئة وصار كأنه لا إيمان له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :"إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت" رواه البخاري ومعناه إن من لم يستح صنع ما شاء من القبائح والنقائص فإن المانع له من ذلك هو الحياء وهو غيرموجود ومن لم يكن له حياء انهمك في كل فحشاء ومنكر
2722
ولهذا لما قل الحياء في هذا الزمان أو انعدم عند بعض الناس كثرت المنكرات وظهرت العورات وجاهروا بالفضائح واستحسنوا القبائح وقلت الغيرة على المحارم أو انعدمت عند كثير من الناس بل صارت القبائح والرذائل عند بعض الناس فضائل وافتخروا بها فمنهم المطرب والملحن والمغني الماجن ومنهم اللاعب التاعب الذي أنهك جسمه وضيع وقته في أنواع اللعب وفنون الرياضة التافهة كاشفا لعورته أمام الناس إلا سترة يسيرة يضعها على عورته المغلظة وأقل حياء وأشد تفاهة من هؤلاء المغنين واللاعبين من يستمع لغوهم أو ينظر ألعابهم ويضع كثيرا من أوقاته في ذلك ومن قلة الحياء وضعف الغيرة في قلوب بعض الرجال استقدامهم النساء الأجنبيات السافرات أو الكافرات وخلطهم لهن مع عوائلهم داخل بيوتهم وجعلهن يزاولن الأعمال بين الرجال وربما يستقبلن الزائرين ويقمن بصب القهوة للرجال أو استقدامهم للرجال الأجانب سائقين وخدامين يطلعون على محارمهم ويخلون مع نسائهم في البيوت وفي السيارات في الذهاب بهن إلى المدارس والأسواق فأين الغيرة وأين الحياء وأين الشهامة والرجولة ومن ذهاب الحياء في النساء اليوم ما ظهر في الكثير منهن من عدم التستر والحجاب والخروج إلى الأسواق متطيبات متجملات لابسات لأنواع الحلي والزينة لا يبالين بنظر الرجال إليهن بل ربما يفتخرن بذلك ومنهن من تغطي وجهها في الشارع وإذا دخلت المعرض كشفت عن وجهها وذراعيها عند صاحب المعرض ومازحته بالكلام وخضعت له بالقول لتطمع الذي في قلبه مرض ومن ذهاب الحياء من بعض الرجال أو النساء شغفهم باستماع الأغاني والمزامير من إن الذي حمل هؤلاء على النزول إلى هذه المستويات الهابطة هو ذهاب الحياء كما قال صلى الله عليه وسلم إذا لم تستح فاصنع ما شئت فاتقوا الله عباد الله وراقبوا الله في تصرفاتكم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم } إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير >>.
عباد الله إن الحياء خصلة حميدة تكف صاحبها عما لا يليق وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الحياء لا يأتي إلا بخير وأخبر أنه شعبة من شعب الإيمان فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال الإيمان بضع وسبعون شعبة أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان وقد مر النبي صلى الله عليه وسلم برجل وهو يعظ أخاه في الحياء أي يلومه عليه فقال دعه فإن الحياء من الإيمان. عِباد اللهِ أرأيتُمْ إنَّ الحياءَ خُلُقٌ عظيمْ يحْفَظُ لِلرَجُلِ هيْبَتَهُ ورُجولَتَهُ ويَحْفظُ لِلمرأةِ عِزْتَها وأُنوثتَهَا، ويُلْبِسُ الشَّابَ الْجَمالَ والْكرَامةَ. فالأبُ عليهِ أن يُربي ولده على الحياءِ، والأمُ عليها أن تُربي بنتها على الحياءِ والمُدرِسُ عليه أن يُربي تلاميذَهُ على الحياءِ، وبهذا تمشي سفينةُ الحياةِ التي هي أصلُ اشْتِقاقِ الحياءِ منها، فكأن حياةً لا حياءَ في أهلِها ليست بحياة ،والأمرُ كذلك واللهِ عِبادَ اللهِ.
والحاصل ياعباد الله أن خلق الحياء بدأنا نرى ندرته بين الرجل والمرأة كليهما


2723
أولا>>ـ حقيقة الحياء\يكاد أصحاب اللغة أن يجمعوا على أن الحياء هو : تغير وانكساريعتري الإنسان من خوف ما يعاب به أو يلام عليهوهو خلق كريم يدفع صاحبه لترك البيح من الأقوال والأفعال والحياء قسمان :
1>ـ حياء فطري وهو ما فطر الله عليه الرجل والمرأة بحيث يمتنع كل منهما على كشف عورته أمام الناس وبكل ما يخل بالحياءوهذا هو الحياء الفطري الجيلي ومن هذا الحياء ما ثبت في الصحيحين من حديث الأشج .روى أبو داود عن أُم أَبَانَ بِنْت الْوَازِعِ بْنِ زَارِعٍ عَنْ جِدِّهَا زَارِعٍ وَكَانَ فِي وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ قَالَ
لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَجَعَلْنَا نَتَبَادَرُ مِنْ رَوَاحِلِنَا فَنُقَبِّلُ يَدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِجْلَهُ قَالَ وَانْتَظَرَ الْمُنْذِرُ الْأَشَجُّ حَتَّى أَتَى عَيْبَتَهُ فَلَبِسَ ثَوْبَيْهِ ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ إِنَّ فِيكَ خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أَتَخَلَّقُ بِهِمَا أَمْ اللَّهُ جَبَلَنِي عَلَيْهِمَا قَالَ بَلْ اللَّهُ جَبَلَكَ عَلَيْهِمَا قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ>
وقد انتكس هذا النوع من الحياء من كثير من فطر الناس خصوصا المرأة المسلمة فقد نزعت حياءها وقلدت المرة الغربية فتراها عارية كشفت عن مفاتنها وخير دليل مارأينا وما تناقلته وسائل الإعلام من خروج فتاتين إلى السوق نازعة عنهما ثيابهما في يوم رمضان لعام 1436اهـ بمدينة أكادير بالمغرب فابتدرهما الناس بالضرب وهما الآن قيدا الاعتقال ومع الأسف ظهر في الإعلام المغربي عاريات يستنكرن ما فعل بهن الناس ويدعون إلى الحرية المطلقة.وهذا دب لهم من الانحطاط الذي وصلت إليه المرأة الغربية حيث ذهبوا إلى أكثر من العري بل الزنا الجماعي مما يسمى بالعرض الجماعي حيث يجامع الرجل المرأة أمام الجمهور قبحهم الله وكذالك خروج بعض الشاب إلى الشارع في الرباط يشربون الماء في يوم رمضان متحدين القرار المكلي أن من أكل نهار رمضان أمام الناس يعاقب بالسجن وكل مانراه اليوم من قبائح فهي ناتجة عن فقدان الحياء من الله والله غالب على أمره .
2>ـ حياء مكتسب\ وهو الذي يتولد من النظر إلى نعم الله .
ثانيا\>حق الحياء\
الحياء خلق عظيم يحمل معاني عظيمة واسعة، وقد عرفه الرسول تعريفاً جامعاً مانعاً شاملاً شافياً وافياً كافياً، فاستمعوا معي - أيها الأحبة - إلى هذا الحديث الذي أخرجه الترمذي والطبراني والحاكم من حديث عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله : ((استحيوا من الله حق الحياء))، قلنا: إنا لنستحي من الله يا رسول الله، والحمد لله، قال: ((ليس ذلك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء، أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، وآثر الآخرة على الأولى، فمن فعل ذلك فقد استحى من الله حق الحياء)). الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، أن تحفظ عقلك وفكرك وسمعك وبصرك ولسانك، فتسخر هذه الأعضاء في طاعة الله سبحانه وتعالى، وتصرفها عن معصية الخالق جل في علاه، وتعلم أنك مسؤول محاسب على هذه الأعضاء: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولائِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الإسراء:36].

2724
من الحياء - يا عباد الله - أن تحفظ لسانك، وتجعله رطباً بذكر الله، وتشغله في طاعة الله، وتصرفه عن معصية الله، تصرفه عن الكذب وعن الغيبة والنميمة والسخرية والفحش والهمز واللمز، وتعلم أن هذا اللسان إما أن يكون سبباً في رفع درجتك عند الله، وإما أن يكون سبباً في هوانك وضياعك، فكم من كلمة قالها صاحبها مستخفياً بها وقد هوت به في نار جهنم سبعين خريفاً؟! وكم من كلمة خير قالها صاحبها لا يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله بها رضوانه أبداً؟!
لذلك يقول الرسول لمعاذ بن جبل وهو يوصيه بوصية عظيمة وغالية يختم الرسول هذه الوصايا بقوله: ((يا معاذ، ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟))، قال: بلى، يا نبي الله، قال: ((كف عليك هذا)) وأشار إلى لسانه، قال: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به، قال: ((ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم - أو قال: على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم؟!!)). نعم يا عباد الله، ولذلك أيضاً لما جاء عقبة بن عامر وأرضاه يسأل الرسول عن طريق النجاة قال له: ((أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك)).
لذلك كان الصديق أبو بكر يبكي ويخرج لسانه ويقول: (هذا الذي أوردني الموارد)، ويقول عبد الله بن مسعود : (والله ما شيء أحق بطول حبس من اللسان
من الحياء أن يحفظ الإنسان بصره عن الحرام، فلا ينظر إلا إلى ما أحل الله، فالعين إذا انطلقت إلى الحرام فهي سهم من سهام إبليس، ومن غضَّ طرفه عن الحرام أبدله الله إيماناً يجد حلاوته في صدره قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذالِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30]. إن على المؤمن أن يوجه بصره للنظر في ملكوت السموات والأرض والتفكير بما فيها من الآيات العظيمة، وعليه أن يصرف بصره عن الحرام، عن النساء، عن الصور الخليعة، ويبتعد عن أماكن الفتنة، وليحذر كل الحذر، فرب نظرة واحدة أودت بصاحبها، ورب نظرة أعقبها ندم وأسى وحزن ولوعة وحسرة.
كل الحوادث مبدؤها من النظر ... ومعظم النار من مستصغر الشرر
من الحياء أن يحفظ الإنسان سمعه، فيوجه سمعه إلى ما ينفعه ويفيده في أخراه ودنياه، يستمع لكتاب الله، يستمع للذكر والعلم، يستمع للمواعظ، يستمع لأخبار وأحوال المسلمين في كل مكان، يصرف سمعه عن الحرام عن الكذب عن البهتان عن الغيبة والنميمة والزور وعن الفحش والغناء وعن كل ما يغضب رب الأرض والسماء.
الحياء - يا عبد الله - ((أن تحفظ البطن وما حوى))، فيحفظ البطن عن المطعم الحرام فلا تأكل إلا مما أباحه الله سبحانه وتعالى، فيتخلى المسلم عن كل مصدر للمال حرام فلا يأكل الربا ولا الرشوة ولا الغش ولا يأكل إلا مما أباحه الله سبحانه، فيطيب المؤمن مأكله ومشربه ليجيب الله دعوته، في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله : ((يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: يأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ الطَّيّبَاتِ وَاعْمَلُواْ صَالِحاً إِنّى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ [المؤمنون:51]. وقال: يأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا
2725
رَزَقْنَاكُمْ [البقرة:172]. ثم قال: وذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يده إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك). ((أن تحفظ البطن وما حوى)) يعني يحفظ الإنسان فرجه عن الحرام ولا يستعمله إلا فيما أباحه الله له يقول تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْواجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذالِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المؤمون:5-7]. وأما من حفظ فرجه فجزاؤه أُوْلَئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [المؤمنون:10-11]. والرسول يقول: ((من يضمن لي ما بين فخذيه وما بين لحييه أضمن له الجنة)).
يأتي رجل إلى رسول الله وكان حديث عهد بالإسلام، وقد امتلأ قلبه بحب الزنا - عياذاً بالله - فيقول: يا رسول الله ائذن لي في الزنا، فأنا لا أستطيع أن أترك الزنا، فقال له الرسول : ((هل ترضاه لأمك؟))، قال: لا، قال: ((هل ترضاه لأختك؟))، قال: لا، قال: ((هل ترضاه لابنتك؟))، قال: لا، قال: ((هل ترضاه لمحارمك؟))، قال: لا، ثم دعا له الرسول بخير، فخرج من عند رسول الله وليس في قلبه أبغض من الزنا.
وهكذا يا عباد الله لنعلم أن هذه ديون، ومن أراد أن يحفظ الله عليه زوجته وابنته ومحارمه فليتق الله في نساء المسلمين، يقول : ((يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإن من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في قعر بيته)). نعم يا عباد الله فهذه ديون وكما تدين تدان.
حصادك يوماً ما زرعت وإنما ... ... يدان الفتى يوماً كما هو دائن
وهذا تاجر كان وزوجته الصالحة يعيشان حياة هنيئة، وكان عندهما سقاء طيب، رجل صالح يعمل عندهم ويجلب لهم الماء وكان رجلاً عفيفاً حيياً غاضاً طرفه، ظل يعمل عندهم عشرين سنة وما رأوا منه سوءاً، خرج التاجر ذات يوم إلى تجارته ودكانه، وأتى السقاء بالماء لزوجته فأرادت الزوجة أن تأخذ الماء فمدت يدها إليه لتحمل منه الماء فأمسك يدها وأخذ يتحسسها ويتلمس نعومتها، ففرت منه خائفة وهي تتفكر في نفسها ما الذي غير هذا السقاء، ولما عاد زوجها قالت له: ماذا صنعت اليوم؟ قال لها: لم أصنع شيئاً، قالت: اصدقني القول ماذا صنعت اليوم؟ فقد فعل بي السقاء كذا وكذا، قال: أما وقد أخبرتني فسوف أخبرك، لقد جاءت إلي اليوم في الدكان امرأة جميلة فمدت يدها لتأخذ شيئاً من البضاعة فأمسكت يدها فقالت له: تلك المرأة، دقة بدقة، ولو زدت لزاد السقاء، فأصبحت هذه القصة مثلاً مشهوراً.
اهـ موسوعة الخطب
والحاصل أن حق الحياء هو حفظ الجوارح السبعة .1]ـ حفظ اللسان .2]ـ حفظ البصرمن النظر في المحرمات.3]ـ خفظ الرأس.4]ـ الأذن من الأذن إلى القبيح 5]ـ حفظ البطن من الحرام 6]ـ حفظ الفرج من الزنا. لماذا أصبحنا نسمع كثيراً عن نساء وبنات مجتمعنا ،في كل يوم تقريباً تسمع بخبر في مدرسة بنات ،أو كلية ،أو سوق ،أو شاطئ أو حديقة أو نحو ذلك ،بل تعدى الأمر إلى شقق كاملة للدعارة ،لا يكاد
2726
يغيب شمس يوم إلا ويصيبك الغثيان من مثل هذه الأخبار المزعجة ،والذي يريد منكم أن يقف على حقائق وأرقام بل حتى أسماء فليتصل ببعض أعضاء الهيئة وسيسمع العجب العجاب ،أقول لماذا كثرت هذه الظاهرة عندنا ،لأنه في المقابل فسد الكثير من شباب ورجال المجتمع ،بالألوف المؤلفة من يسافرون إلى الخارج لممارسة الجنس ،فالعقوبة بمثلها آلاف مؤلفة من بنات المجتمع يزنى بهن، والعياذ بالله.
كما تدين تدان ، وجزاء سيئة بمثلها .وهناك الكثير من الأخبار والقصص التي تؤكد هذا الأمر ،منها ما ذكره الحافظ ابن كثير رحمه الله في كتابه التاريخ.
أن رجلاً تاجراً في إحدى بلاد الشام: أراد أن يرسل إبنه للتجارة إلى بلاد أخرى وهذه التجارة ،كانت تجارة الصابون ،فلما عزم الإبن المكلف على السفر أخذه أبوه على حدة، وأسدى إليه نصائح عظيمة بليغة ،وكان هذا التاجر له ابن وابنة فقط، لا ثالث لهما ،فقال لابنه: يا بني حافظ على عرض أختك، فذهب الابن وكان خير مرسول ومطبق للأمانة ويصدق عليه قول الشاعر:
إذا كنت في حاجة مرسلاً ... فأرسل حكيماً ولا توصه
وبينما الأب ينظر يوماً إلى بنته من أعلى منزله إذ بالسَّقاء يحضر الماء يسكبها في مكانه المعهود ،وبعد ما سكبه إذ بالبنت قريبة منه فنال منها قبلة ثم خرج. فتعجب الوالد من هذا الصنيع ،فلما قفل الإبن عائداً من سفره ،وقد ربح كثيراً أخذ أبوه في استجوابه وسؤاله عن ما فعل، فأخذ الإبن يذكر لوالده ما عمل من أمور التجارة ،وكان الأب لا يريد هذا، فسأله عن سلوكه في ذهابه وغيابه فقال الإبن: والله يا أبت لم أصنع سوءً قط. فكان الأب يكرر عليه السؤال وكان الإبن يعيد نفس الجواب. ثم بعد ذلك قال الإبن: إلا أني يا أبت في عودتي أصبت من امرأة قبلة فقط ،فقال الأب: وكذلك السّقاء أصاب من أختك قبلة فقط ،ولو زدت لزاد ورحم الله الشافعي حيث قال:
وتجنبوا ما لا يليق بمسلم+++طرق الفساد فأنت غير مُكــــــرّم
في أهله يزنى بربع الدرهم+++كان الوفا من أهل بيتك فاعلـــم
ما كنت هتاكاً لحرمة مسلم+++إن كنت يا هذا لبيباً فافــــــــــهم
عُفّوا تعف نساؤكم في المحرم+++يا هاتكاً حُرم الرجال وتابعاً
من يزن في قوم بألفي درهم+++إن الزنا دين إن استقرضــــــته
لو كنت حراً من سلالة ماجد+++من يزن يزن به ولو بجــــداره
اهـ موسوعة الخطب الشاملة أعدها للشاملة .إمام مسجد الحُــجاج
.8>ـ حفظ الرجلين من المشي إلى المحرم
ثالثا>>ـ فضل الحياء\
يكفي في فضل الحياء نه صفة من صفات الله يستحي من خلقه وهم لايستحيون منه قال تعالى "إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا> وقال : < والله لايستحي من الحق>
وروى ابن ماجه وسنده صحيح والترمذي . عَنْ سَلْمَانَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ رَبَّكُمْ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ أَنْ يَرْفَعَ إِلَيْهِ يَدَيْهِ فَيَرُدَّهُمَا صِفْرًا أَوْ
2727
قَالَ خَائِبَتَيْنِ> قال ابن القيم رحمه الله: "وهو سبحانه يدعو عباده إلى أن يعرفوه بأسمائه وصفاته، ويثنوا عليه بها، ويأخذوا بحظهم من عبوديتها، وهو سبحانه يحب موجب أسمائه وصفاته، فهو عليم يحب كل عليم، جواد يحب كل جواد، وتر يحب الوتر، جميل يحب الجمال، عفوّ يحب العفو، هو حييّ يحب الحياء وأهله، بَرٌّ يحب الأبرار، شكور يحب الشاكرين، صبور يحب الصابرين، حليم يحب أهل الحلم" انتهى.
أيها المسلمون، إن الله حيِيٌّ ستِّير، يحب الحياء والستر، إنه سبحانه وتعالى يحب الستر، فيجب على من ابتُلي بمعصية أن يستتر، ويجب عدم فضحه، فإذا جاهر لقد هتك الستر الذي ستره به الستِّير وهو الله عز وجل، وأحلّ للناس عِرضه. وقد أجمع العلماء على أن من اطلع على عيب أو ذنب لمؤمن ممّن لم يُعرف بالشر والأذى ولم يشتهر بالفساد ولم يكن داعيًا إليه وإنما يفعله متخوِّفًا متخفِّيًا أنه لا يجوز فضحُه، ولا كشفه للعامة ولا للخاصّة، ولا يُرفَع أمره إلى القاضي، لماذا؟ لأن النبي حثّ على ستر عورةِ المسلم، وحذّر من تتبُّع زلاته: ((من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته)) رواه ابن ماجه وصححه في صحيح الجامع. ولأن كشف هذه العورات والعيوب والتحدّث بما وقع من هذا المؤمن أو المسلم قد يؤدّي إلى غيبة محرَّمة وإشاعة للفاحشة وترويج لها، المؤمن يستُر وينصَح، والفاجر يهتك ويعيِّر، كما قال الفضيل رحمه الله.
واعلموا ـ عباد الله ـ أن هذه الصفة الكريمة عظيمة الشأن رفيعة القدر، بل ويكفي لعظمها وجلالها أن الله سبحانه وتعالى متصف بها، فالحياء صفة من صفات الرحمن، قال : ((إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسّتْرَ))، وقال : ((إنَّ اللهَ حييٌّ كريمْ يَسْتَحي مِنْ عبدِه إذا رفع يديهِ إليهِ أن يرُدَهُما صِفْرًا)) قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "وأما حياء الرب تعالى من عبده فذاك نوع آخر، لا تدركه الأفهام، ولا تكتنفه العقول، فإنه حياء كرم وبرٍّ وجود وجلال، فإنه تبارك وتعالى حيي كريم، يستحيي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفرًا، ويستحي أن يعذّب ذا شيبة شابت في الإسلام". نعم الحياء صفة من صفاته تعالى، وصفاته تعالى كلها صفات كمال، منزهة عن أي وضعف ونقصان.
ولا يخفى علينا جميعا ـ أيها المسلمون ـ ما كان لنبينا من هذه الصفة الجليلة، فقد وصفه أبو سعيد الخضري بقوله: لرسول الله أشد حياء من العذراء في خدرها، فإذا رأى شيئا يكرهه عرفناه في وجهه. والعذراءُ هي البنتُ التي لم يَسبقْ لها زواج، وخِدرُها موضعُها الذي تُصانُ فيه عن الأعْيُنِ. نعم، هكذا كان رسولنا وقدوتنا .
ويتجلّى ـ عباد الله ـ عظم وأهمية صفة الحياء في ديننا بما أخبر به أن الحياء شعبة من شعب الإيمان، فقال : ((الإيمان بضعٌ وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من شعب الإيمان))، وقال أيضا : ((الحياء والإيمان قرناء جميعا، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر))، أي: كل واحد منهما مرتبط بالآخر، فإذا ذهب الواحد ذهب الآخر.
2728
والحياء كما عرفه العلماء: هو خلق يبعث على ترك القبيح ويمنع من التقصير في حق من الحقوق، فالحياء خلق فاضل يدعوك إلى التحلي بالفضائل والبعد عن الرذائل، والحياء يدعوك أن تخجل في نفسك، وتستحي من ربك، ثم تستحي من الناس. وإن الاستحياء من الله هو أسمى وأعظم مرتبة للحياء، وقد أمر به النبي أصحابه فقال: ((استحيوا من الله حق الحياء))، فقالوا: يا رسول الله، إنا نستحي من الله حق الحياء! قال : ((ليس ذلك؛ الاستحياء من الله أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطنَ وما حوى، وتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا، من فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء)). فحقيقة الاستحياء من الله أن تحفظ لسانك وسمعك وبصرك وبطنك وفرجك عما حرم الله سبحانه وتعالى عليك، وإن الاستحياء من الله يشمل كذلك أن لا تعصيه في خلوتك وقد قال بعض السلف: "خف الله على قدر قدرته عليك، واستح منه على قدر قربه منك".
وصدق من قال:
وإذا خلوتَ بِريبةٍ في ظُلْمَةٍ ... والنَّفْسُ داعيةٌ إلى الطُغْيانِ
فاستحي من نظرِ الإلهِ وقُلْ لها ... إنَّ الذي خلقَ الظلامَ يَرَاني
وإن من الحياء ـ عباد الله ـ أن تستحي من الناس، فحياؤكَ من الناسِ يمنعك من أن تقع أعينهم على ما يعيبونه عليك، وحياؤك من الناس يقودُكَ إلى رفعِ الأذى عنهم، قال ابنُ القيمِ رحِمَهُ الله: "فالحياءُ هو من أعظمِ الأخلاقِ وأكْرَمِها، ذلك لأنه مصدرُ الفضائِلِ، فالولدُ يبرُ بوالديهِ بسبب الحياءِ، وصاحِبُ الدارِ يُكْرِمُ ضيفَهُ بسبب الحياءِ، والعبدُ يفي بالموعدِ بسبب الحياءِ أيضًا، لذلك عندما سُئِلَ المصطفى عليه الصلاة والسلام قالَ: ((إنَّ لِكُلِ دين خُلُقًا، وخُلُقُ الإسلامِ الحياء))" مروي بإسناد حسن عن أنس.
والحياء ـ عباد الله ـ مأثور عن الأنبياء المتقدمين، وأن الناس توارثوه عنهم قرنا بعد قرن، ففي صحيح البخاري من حديث أبي مسعود رضي الله عنه أن النبي قال: ((إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت))، وفي فهم قوله : ((إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت)) معنيان، أحدهما: أنه أمر بمعنى التهديد والوعيد، أي: إذا لم يكن لك حياء فاعمل ما شئت فالله يجازيك عليه بما تستحق، وهو من باب قوله تعالى: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [فصلت:40]، والمعنى الآخر: أنه بمعنى الخبر، أي: أن الإنسان الذي لم يستح صنع ما شاء، فإن المانع من فعل القبائح هو الحياء، فمن لم يكن له حياء انهمك في كل فحشاء ومنكر، كما ذكر ذلك ابن رجب رحمه الله. فالمرء حينما يفقد حياءه يتدرج في المعاصي من سيئ إلى أسوأ، من رذيلة إلى أرذل، ولا يزال يهوي حتى ينحدر إلى الدرك الأسفل.
وكذلك المرء إذا لم يكن له حياء جهر بالمعاصي أمام الناس ولا يبالي، فالمجاهرون بالجرائم والمعاصي والمعلنون لها أمام الناس جهارا نهارا ولا يبالون بما يفعلون هؤلاء لا يستحيون من الله، ولا يستحيون من الناس، ولهذا استحقوا الوعيد الشديد الذي أخبر به النبي بقوله: ((كل أمتي معافى إلا المجاهرين))، ونفهم من هذا ـ عباد الله ـ أن الجهر بالمعصية أخطر من الإسرار بها، والجهر بالمعصية أعظم إثما وأشدّ
2729
جرما عند الله من الإسرار بها، فالذي يشرب الخمر أو يعصي الله بنوع من أنواع الفجور والفسوق على قارعة الطريق أمام أعين الناس أعظم إثما عند الله من الذي يعصيه في كل هذا وهو ساتر لنفسه، بينه وبين نفسه، ساتر لمعصيته عن أعين الناس، بينه وبين ربه؛ لأن الجهر بالمعصية أمام الناس ـ عباد الله ـ فيه تحدٍّ لله عز وجل في محارمه أمام عباده، ولأن الجهر بالمعصية يقود إلى استحلالها، والجهر بالمعصية فيه دعاية ودعوة وإشهار للحرام، ويورث في قلوب الناس الرغبة في ارتكابه، فالناس مفطورون على حبّ التوافق والمشابهة بعضهم ببعض، خاصة عند قصار العقول وضعاف النفوس، فيزين لهم الشيطان ارتكاب الحرام، فيكثر الفساد ويشيع وينتشر في أوساط المسلمين، وكما أن الجهر بالمعصية من موجبات غضب الله وسخطه وعذابه في الدنيا، ولهذه الأسباب كلها كان الجهر بالمعصية أعظم وأشد إثما من الإسرار بها، فمن استحيى من الله ومن الناس وستر معصيته عن أعين الناس وستر نفسه معترفا بذنبه أدركته عافية الله وستره في الدنيا والآخرة، وأما من فضح نفسه وخلع ثوب حيائه وأعلن وجاهر بذنبه أمام الناس كان وبال أمره خسرا، وعقابه عند الله شديدا، ولم يكن من المعافين، قال تعالى: أَفَمَن زُيّنَ لَهُ سُوء عَمَلِهِ فَرَءاهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِى مَن يَشَاء [فاطر:8].
وقد أحسن من أنشد بقوله:
إذا لم تخش عاقبة الليالي ... ولم تستح فاصنع ما تشاء
فلا والله ما في العيش خير ... ولا الدنيا إذا ذهب الحيـــاء
يعيش المرء ما استحيى بخير ... ويبقى العود ما بقي اللحاء
وقال الآخر:
إذا قلّ ماء الوجه قلّ حياؤه ... ولا خير في وجه إذا قل ماؤه
حياءك فاحفظه عليك فإنما ... يدلّ على وجه الكريم حــياؤه
إن الحياء ـ عباد الله ـ كله خير، رأى النبي رجلا يعاتب أخاه في الحياء، فقال له : ((دعه؛ فإن الحياء لا يأت إلا بخير)). والحياء المقصود في هذا الحديث هو الحياء الشرعي الذي يحمل صاحبه على ترك القبيح، ويمنعه من التقصير في حق من الحقوق، وليس الحياء المذموم، قال الإمامُ النووي في شرحِ هذا الحديث: "وأما كونُ الحياءِ خيرًا كُلُه ولا يأتي إلا بخيرٍ فَقَدْ يُشْكِلُ على بعضِ الناسِ من حيثُ أن صاحِبَ الحياءِ قد يسْتحي أن يواجه بالحقِ من يُجِلُه، فيتْرُكَ أمْرَه بالمعْروفِ ونهيه عنِ المُنْكرِ، وقدْ يحْمِلُه الحياءُ على الإِخْلالِ بِبعضِ الحُقوقِ وغيرِ ذلك مما هو معْروفٌ في العادة".فلا ينبغي أن يكون الحياء مانعًا من قول الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا حائلا عن طلب العلم، وقد قال : ((اثنان لا يتعلمان: مستحي ومستكبر))، وهذا من قبيل الحياء المذموم، فلا يمنعك الحياء ـ أخي المسلم ـ أن تسأل عما أوجب الله عليك، وأن تستفسر عما أشكل عليك في أمور دينك ودنياك، فإن الله لا يستحي من الحق.اهـ موسوعة الخطب .....ومن فضائل الحياء ويكفيه فضلا كونه معدا من الإيمان.روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ>
2730
قال النووي \ وَأَصْل الْإِيمَان : التَّصْدِيق ، وَأَصْل الْإِسْلَام : الِاسْتِسْلَام وَالِانْقِيَاد ؛ فَقَدْ يَكُون الْمَرْء مُسْتَسْلِمًا فِي الظَّاهِر ، غَيْرَ مُنْقَادٍ فِي الْبَاطِن ، وَقَدْ يَكُون صَادِقًا فِي الْبَاطِن غَيْرَ مُنْقَادٍ فِي الظَّاهِر . وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ أَيْضًا فِي قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْإِيمَان بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً " فِي هَذَا الْحَدِيث بَيَانُ أَنَّ الْإِيمَان الشَّرْعِيّ اِسْم لِمَعْنًى ذِي شُعَب وَأَجْزَاء لَهُ أَدْنَى وَأَعْلَى ، وَالِاسْم يَتَعَلَّق بِبَعْضِهَا ، كَمَا يَتَعَلَّق بِكُلِّهَا ، وَالْحَقِيقَة تَقْتَضِي جَمِيع شُعَبه ، وَتَسْتَوْفِي جُمْلَة أَجْزَائِهِ ؛ كَالصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّة لَهَا شُعَب وَأَجْزَاء ، وَالِاسْم يَتَعَلَّق بِبَعْضِهَا ، وَالْحَقِيقَة تَقْتَضِي جَمِيع أَجْزَائِهَا وَتَسْتَوْفِيهَا . وَيَدُلّ عَلَيْهِ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْحَيَاء شُعْبَة مِنْ الْإِيمَان " . وَفِيهِ : إِثْبَات التَّفَاضُل فِي الْإِيمَان ، وَتَبَايُنُ الْمُؤْمِنِينَ فِي دَرَجَاتِهِ . هَذَا آخِر كَلَام الْخَطَّابِيّ . وَقَالَ الْإِمَام أَبُو مُحَمَّد الْحُسَيْن بْن مَسْعُود الْبَغَوِيُّ الشَّافِعِيّ - رَحِمَهُ اللَّه - فِي حَدِيث سُؤَال جِبْرِيلَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْإِيمَان وَالْإِسْلَام وَجَوَابه ، قَالَ : جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِسْلَامَ اِسْمًا لِمَا ظَهَرَ مِنْ الْأَعْمَال ، وَجَعَلَ الْإِيمَان اِسْمًا لِمَا بَطَنَ مِنْ الِاعْتِقَاد ؛ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ لَيْسَتْ مِنْ الْإِيمَانِ ، وَالتَّصْدِيقَ بِالْقَلْبِ لَيْسَ مِنْ الْإِسْلَامِ ؛ بَلْ ذَلِكَ تَفْصِيلٌ لِجُمْلَةٍ هِيَ كُلُّهَا شَيْءٌ وَاحِدٌ ، وَجِمَاعهَا الدِّين ، وَلِذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ذَاكَ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ " وَالتَّصْدِيقُ وَالْعَمَلُ يَتَنَاوَلُهُمَا اِسْمُ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ جَمِيعًا ؛ يَدُلّ عَلَيْهِ قَوْله - سُبْحَانه وَتَعَالَى - { إِنَّ الدِّين عِنْد اللَّه الْإِسْلَام } { وَرَضِيت لَكُمْ الْإِسْلَام دِينًا } وَ { مَنْ يَبْتَغِ غَيْر الْإِسْلَام دِينًا فَلَنْ يُقْبَل مِنْهُ } فَأَخْبَرَ سُبْحَانه وَتَعَالَى أَنَّ الدِّين الَّذِي رَضِيَهُ وَيَقْبَلهُ مِنْ عِبَاده هُوَ الْإِسْلَام ، وَلَا يَكُون الدِّين فِي مَحَلّ الْقَبُول وَالرِّضَا إِلَّا بِانْضِمَامِ التَّصْدِيق إِلَى الْعَمَل . هَذَا كَلَام الْبَغَوِيِّ .وَقَالَ الْإِمَام أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن الْفَضْل التَّمِيمِيّ الْأَصْبَهَانِي الشَّافِعِيّ - رَحِمَهُ اللَّه - فِي كِتَابه التَّحْرِير فِي شَرْح صَحِيح مُسْلِم : الْإِيمَان فِي اللُّغَة هُوَ التَّصْدِيق فَإِنْ عَنَى بِهِ ذَلِكَ فَلَا يَزِيد وَلَا يَنْقُص ؛ لِأَنَّ التَّصْدِيق لَيْسَ شَيْئًا يَتَجَزَّأ حَتَّى يُتَصَوَّرَ كَمَالُهُ مَرَّة وَنَقْصُهُ أُخْرَى . وَالْإِيمَان فِي لِسَان الشَّرْع هُوَ التَّصْدِيق بِالْقَلْبِ وَالْعَمَل بِالْأَرْكَانِ . وَإِذَا فُسِّرَ بِهَذَا تَطَرَّقَ إِلَيْهِ الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ . وَهُوَ مَذْهَب أَهْل السُّنَّة ، قَالَ : فَالْخِلَاف فِي هَذَا عَلَى التَّحْقِيق إِنَّمَا هُوَ أَنَّ الْمُصَدِّق بِقَلْبِهِ إِذَا لَمْ يَجْمَعْ إِلَى تَصْدِيقِهِ الْعَمَلَ الْإِيمَان هَلْ يُسَمَّى مُؤْمِنًا مُطْلَقًا أَمْ لَا ؟ وَالْمُخْتَار عِنْدنَا أَنَّهُ لَا يُسَمَّى بِهِ . قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يَزْنِي الزَّانِي حِين يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِن " لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَل بِمُوجَبِ الْإِيمَان فَيَسْتَحِقَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ . هَذَا آخِر كَلَام صَاحِب التَّحْرِير .
وَقَالَ الْإِمَام أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بْن خَلَف بْن بَطَّال الْمَالِكِيّ الْمَغْرِبِيّ فِي شَرْح صَحِيح الْبُخَارِيّ : مَذْهَب جَمَاعَة أَهْل السُّنَّة مِنْ سَلَف الْأُمَّة وَخَلَفِهَا : أَنَّ الْإِيمَان قَوْل وَعَمَل يَزِيد وَيَنْقُص ، وَالْحُجَّة عَلَى زِيَادَته وَنُقْصَانه : مَا أَوْرَدَهُ الْبُخَارِيّ مِنْ الْآيَات ، يَعْنِي قَوْله عَزَّ وَجَلَّ : { لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانهمْ } ، وَقَوْله تَعَالَى : { وَزِدْنَاهُمْ هُدًى } ، وَقَوْله تَعَالَى : { وَيَزِيد اللَّه الَّذِينَ اِهْتَدَوْا هُدًى } وَقَوْله تَعَالَى : { وَاَلَّذِينَ اِهْتَدَوْا زَادَهُمْ } وَقَوْله تَعَالَى : { وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا } وَقَوْله تَعَالَى : { أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا } وَقَوْله تَعَالَى : { فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا } وَقَوْله تَعَالَى : { وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا } قَالَ اِبْن بَطَّال : فَإِيمَان مَنْ لَمْ تَحْصُلْ
2731
لَهُ الزِّيَادَةُ نَاقِصٌ ، قَالَ : فَإِنْ قِيلَ : الْإِيمَان فِي اللُّغَة التَّصْدِيق ، فَالْجَوَاب : أَنَّ التَّصْدِيق يَكْمُلُ بِالطَّاعَاتِ كُلِّهَا ، فَمَا اِزْدَادَ الْمُؤْمِن مِنْ أَعْمَال الْبِرّ كَانَ إِيمَانُهُ أَكْمَلَ ، وَبِهَذِهِ الْجُمْلَة يَزِيد الْإِيمَان وَبِنُقْصَانِهَا يَنْقُص ، فَمَتَى نَقَصَتْ أَعْمَال الْبِرّ نَقَصَ كَمَالُ الْإِيمَان ، وَمَتَى زَادَتْ زَادَ الْإِيمَان كَمَالًا . هَذَا تَوَسُّطُ الْقَوْلِ فِي الْإِيمَان . وَأَمَّا التَّصْدِيق بِاَللَّهِ تَعَالَى وَرَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَلَا يَنْقُص وَلِذَلِكَ تَوَقَّفَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّه - فِي بَعْض الرِّوَايَات عَنْ الْقَوْل بِالنُّقْصَانِ ؛ إِذْ لَا يَجُوز نُقْصَان التَّصْدِيق ؛ لِأَنَّهُ إِذَا نَقَصَ صَارَ شَكًّا ، وَخَرَجَ عَنْ اِسْم الْإِيمَان . قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْإِيمَان بِضْع وَسَبْعُونَ شُعْبَة ) هَكَذَا رَوَاهُ عَنْ أَبِي عَامِر الْعَقَدِيّ عَنْ سُلَيْمَان بْن بِلَال عَنْ عَبْد اللَّه بْن دِينَار عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَفِي رِوَايَة زُهَيْر عَنْ جَرِير عَنْ سُهَيْل عَنْ عَبْد اللَّه بْن دِينَار عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة بِضْع وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْع وَسِتُّونَ كَذَا وَقَعَ فِي مُسْلِم مِنْ رِوَايَة سُهَيْل بِضْع وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْع وَسِتُّونَ عَلَى الشَّكِّ .اهـ في حَاشِيَةُ السِّيُوطِيِّ :( الْإِيمَان بِضْع وَسَبْعُونَ )بِكَسْرِ الْبَاء وَحُكِيَ فَتْحُهَا وَهُوَ عَدَد مُبْهَم يُقَيَّد بِمَا بَيْن الثَّلَاث إِلَى التِّسْع كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَزَّاز
روى مالك في الموطإ والبخاري ومسلم \ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنْ الْإِيمَانِ> قال النووي\ وْله : ( يَعِظ أَخَاهُ فِي الْحَيَاء )أَيْ يَنْهَاهُ عَنْهُ ، وَيُقَبِّح لَهُ فِعْله ، وَيَزْجُرهُ عَنْ كَثْرَته . فَنَهَاهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ : دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاء مِنْ الْإِيمَان . أَيْ دَعْهُ عَلَى فِعْل الْحَيَاء وَكُفَّ عَنْ نَهْيه . وَوَقَعَتْ لَفْظَة ( دَعْهُ ) فِي الْبُخَارِيِّ وَلَمْ تَقَع فِي مُسْلِم .
وفي حَاشِيَة السِّنْدِيِّ :قَوْله ( يَعِظ أَخَاهُ فِي الْحَيَاء ) أَيْ يُعَاتَب عَلَيْهِ فِي شَأْنه وَيَحُثّهُ عَلَى تَرْكه( مِنْ الْإِيمَان )أَيْ مِنْ شُعَبه كَمَا تَقَدَّمَ وَلَيْسَ فِيهِ تَسْمِيَة الْحَيَاء بِاسْمِ الْإِيمَان كَمَا ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ نَقْلًا عَنْ غَيْره ...وفي حَاشِيَة السِّيُوطِيِّ :( مَرَّ عَلَى رَجُل )فِي رِوَايَة مُسْلِم مَرَّ بِرَجُلٍ وَمَرَّ بِمَعْنَى اِجْتَازَ يُعَدَّى بِعَلَى وَبِالْبَاءِ( يَعِظ أَخَاهُ فِي الْحَيَاء )فِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ يُعَاتِب أَخَاهُ فِي الْحَيَاء يَقُول إِنَّك تَسْتَحْيِي حَتَّى كَأَنَّهُ يَقُول قَدْ أَضْرِبك فِي سَبَبه( فَقَالَ دَعْهُ )أَيْ اُتْرُكْهُ عَلَى هَذَا الْخُلُق السَّيِّئ( فَإِنَّ الْحَيَاء مِنْ الْإِيمَان )قَالَ اِبْن قُتَيْبَة مَعْنَاهُ أَنَّ الْحَيَاء يَمْنَع صَاحِبه مِنْ اِرْتِكَاب الْمَعَاصِي كَمَا يَمْنَع الْإِيمَان فَسُمِّيَ إِيمَانًا كَمَا يُسَمَّى الشَّيْء بِاسْمِ مَا قَامَ مَقَامه
رابعا>ـ بستان الحياء\
وبعبارة نمذج ممن ضربوا أروع الأمثلة في الحياء . أولهم سيد الخلق. روى البخري ومسلم\ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ>
قال النووي الْعَذْرَاء الْبِكْر ، لِأَنَّ عُذْرَتَهَا بَاقِيَة ، وَهِيَ جِلْدَة الْبَكَارَة . وَالْخِدْر سِتْر يُجْعَل لِلْبِكْرِ جَنْب الْبَيْت . وَمَعْنَى ( عَرَفْنَا الْكَرَاهَة فِي وَجْهه ) أَيْ لَا يَتَكَلَّمُ بِهِ لِحَيَائِهِ ، بَلْ يَتَغَيَّرُ وَجْهه ، فَنَفْهَم نَحْنُ كَرَاهَته . وَفِيهِ فَضِيلَة الْحَيَاء ، وَهُوَ مِنْ شُعَب الْإِيمَان ، وَهُوَ خَيْر كُلّه ، وَلَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ ،>. في الفتح \ وَأَخْرَجَ الْبَزَّار هَذَا الْحَدِيث مِنْ
2732
حَدِيث أَنَس وَزَادَ فِي آخِره " وَكَانَ يَقُول الْحَيَاء خَيْر كُلّه " وَأَخْرَجَ مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس قَالَ : " كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِل مِنْ وَرَاء الْحُجُرَات ، وَمَا رَأَى أَحَد عَوْرَته قَطّ ، وَإِسْنَاده حَسَن
في صحيح مسلم\عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَأَلَتْ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ تَغْتَسِلُ مِنْ حَيْضَتِهَا قَالَ فَذَكَرَتْ أَنَّهُ عَلَّمَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ فَتَطَهَّرُ بِهَا قَالَتْ كَيْفَ أَتَطَهَّرُ بِهَا قَالَ تَطَهَّرِي بِهَا سُبْحَانَ اللَّهِ وَاسْتَتَرَ وَأَشَارَ لَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ بِيَدِهِ عَلَى وَجْهِهِ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ وَاجْتَذَبْتُهَا إِلَيَّ وَعَرَفْتُ مَا أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ>
قال النووي\وَفِي هَذَا : جَوَاز التَّسْبِيح عِنْد التَّعَجُّب مِنْ الشَّيْء وَاسْتِعْظَامه ، وَكَذَلِكَ يَجُوز عِنْد التَّثَبُّت عَلَى الشَّيْء ، وَالتَّذَكُّر بِهِ . وَفِيهِ اِسْتِحْبَاب اِسْتِعْمَال الْكِنَايَات فِيمَا يَتَعَلَّق بِالْعَوْرَاتِ
ثانيهم نبي الله موسى. الأنبياء كلهم أهل حياء لكن موسى أوثر عنه ما يلي .في الصحيحين .البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلًا حَيِيًّا سِتِّيرًا لَا يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ فَآذَاهُ مَنْ آذَاهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالُوا مَا يَسْتَتِرُ هَذَا التَّسَتُّرَ إِلَّا مِنْ عَيْبٍ بِجِلْدِهِ إِمَّا بَرَصٌ وَإِمَّا أُدْرَةٌ وَإِمَّا آفَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ أَرَادَ أَنْ يُبَرِّئَهُ مِمَّا قَالُوا لِمُوسَى فَخَلَا يَوْمًا وَحْدَهُ فَوَضَعَ ثِيَابَهُ عَلَى الْحَجَرِ ثُمَّ اغْتَسَلَ فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ إِلَى ثِيَابِهِ لِيَأْخُذَهَا وَإِنَّ الْحَجَرَ عَدَا بِثَوْبِهِ فَأَخَذَ مُوسَى عَصَاهُ وَطَلَبَ الْحَجَرَ فَجَعَلَ يَقُولُ ثَوْبِي حَجَرُ ثَوْبِي حَجَرُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَرَأَوْهُ عُرْيَانًا أَحْسَنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ وَأَبْرَأَهُ مِمَّا يَقُولُونَ وَقَامَ الْحَجَرُ فَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَلَبِسَهُ وَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا بِعَصَاهُ فَوَاللَّهِ إِنَّ بِالْحَجَرِ لَنَدَبًا مِنْ أَثَرِ ضَرْبِهِ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا فَذَلِكَ قَوْلُهُ{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا }
قال النووي قَوْله : ( أَنَّهُ آدَر )بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَة ثُمَّ دَال مُهْمَلَة مَفْتُوحَة ثُمَّ رَاءٍ ، وَهُوَ عَظِيم الْخُصْيَتَيْنِ .وَجَمَعَ الْحَجَرأَيْ ذَهَبَ مُسْرِعًا إِسْرَاعًا بَلِيغًا .
وَطَفِقَ ضَرْبًاأَيْ جَعَلَ يَضْرِبُ ، يُقَالُ : طَفِقَ يَفْعَلُ كَذَا . وَطَفِقَ بِكَسْرِ الْفَاء وَفَتْحهَا . وَجَمَلَ وَأَخَذَ وَأَقْبَلَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ .وَأَمَّا النَّدَب فَهُوَ بِفَتْحِ النُّون وَالدَّال وَأَصْله أَثَر الْجُرْح إِذَا لَمْ يَرْتَفِعْ عَنْ الْجِلْدِ .وَقَوْله : ( ثَوْبِي حَجَر )أَيْ دَعْ ثَوْبِي يَا حَجَرُ .في فتح الباري\ قَوْلُهُ : ( ثَوْبِيَ حَجَرُ ، ثَوْبِيَ حَجَرُ )هُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ الْأَخِيرَةِ مِنْ ثَوْبِي أَيْ أَعْطِنِي ثَوْبِي ، أَوْ رُدَّ ثَوْبِي ، وَحَجَرُ بِالضَّمِّ عَلَى حَذْفِ حَرْفِ النِّدَاءِ ، وَتَقَدَّمَ فِي الْغُسْلِ بِلَفْظِ ثَوْبِي يَا حَجَرُ .
3>ـ أبو بكر .
4>ـ عمر.
5]ـ عثمان \ذو النورين فقد كان حيّيا، كأنه العذراء في خدرها من شدة حيائه. فقد كان إذا اغتسل يغتسل جالساً لئلا يكشف شيء منه مع أنه في بيت مغلق عليه.
وتروي لنا عائشة قصة عجيبة يشهد فيها رسول الله أنه الملائكة تستحي من عثمان. في صحيح مسلم\عَائِشَةَ قَالَتْ
2733
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِي كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيْهِ أَوْ سَاقَيْهِ فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَتَحَدَّثَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَتَحَدَّثَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَوَّى ثِيَابَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا أَقُولُ ذَلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ فَقَالَ أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ
الله أكبر، لا إله إلا الله عبجباً لك يا ابن عفان تستحي منك الملائكة لشدة حيائك وتشد عليك ثيابك حتى لا يظهر شيء منك وتغتسل وحدك فلا تقيم صلبك حياءً من الله أن ترى شيئاً من عورتك وتحدثنا عن نفسك، وتقول: إنك ما مسست فرجك بيمينك منذ بايعت رسول الله ، فكيف لو رأيت زماننا هذا الذي ظهرت فيه النساء لا أقول الرجال بل النساء ظهرن بلباس فاتن وأظهرن مفاتنهن للرجال.اهـ موسوعة الخطب
كان عثمان بن عفان - رضي الله عنه أرضاه - يصوم النهار ويقوم الليل، وكان إذا وقف على قبر يبكي حتى تخضل لحيته من البكاء، وكان يذكر عنده الموت والجنة والنار أحياناً فلا يبكي، فسئل عن ذلك فقال، قال : ((ما رأيت منظراً قط إلا القبر أفظع منه)) [رواه الترمذي]. وقد روي عنه أنه ما اغتسل مرة واحدة واقفاً بل كان يغتسل جالساً حياء من الله جل وعلا، وقد روي عنه أنه كان يختم القرآن في ركعة ثم يوتر بها.
6>ـ علي رضي الله عنه .روى البخاريعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ
كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ فِيهِ الْوُضُوءُ>
قال النووي\قَوْله : ( كُنْت رَجُلًا مَذَّاء ) أَيْ كَثِير الْمَذْي ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْمِيم وَتَشْدِيد الذَّال وَبِالْمَدِّ . وَأَمَّا حُكْم خُرُوج الْمَذْي : فَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهُ لَا يُوجِب الْغُسْل . قَالَ أَبُو حَنِيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَالْجَمَاهِير : يُوجِب الْوُضُوء لِهَذَا الْحَدِيث ، وَفِي الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد : أَنَّهُ لَا يُوجِب الْغُسْل ، وَأَنَّهُ يُوجِب الْوُضُوء ، وَأَنَّهُ نَجَس ، وَلِهَذَا أَوْجَبَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَسْلَ الذَّكَر ، وَالْمُرَاد بِهِ عِنْد الشَّافِعِيّ وَالْجَمَاهِير غَسْل مَا أَصَابَهُ الْمَذْي لَا غَسْلُ جَمِيع الذَّكَر ، وَحُكِيَ عَنْ مَالِك وَأَحْمَد فِي رِوَايَة عَنْهُمَا إِيجَاب غَسْلِ جَمِيع الذَّكَر ، وَفِيهِ أَنَّ الِاسْتِنْجَاء بِالْحَجَرِ ، إِنَّمَا يَجُوز الِاقْتِصَار عَلَيْهِ فِي النَّجَاسَة الْمُعْتَادَة وَهِيَ الْبَوْل وَالْغَائِط ، أَمَّا النَّادِر كَالدَّمِ وَالْمَذْي وَغَيْرهمَا فَلَا بُدّ فِيهِ مِنْ الْمَاء ، وَهَذَا أَصَحّ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبنَا . وَالْقَائِل الْآخَر بِجَوَازِ الِاقْتِصَار فِيهِ عَلَى الْحَجْر قِيَاسًا عَلَى الْمُعْتَاد ، أَنْ يُجِيب عَنْ هَذَا الْحَدِيث بِأَنَّهُ خُرِّجَ عَلَى الْغَالِب فِيمَنْ هُوَ فِي بَلَد أَنْ يَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ أَوْ يَحْمِلهُ عَلَى الِاسْتِحْبَاب ، وَفِيهِ جَوَاز الِاسْتِنَابَة فِي الِاسْتِفْتَاء ، وَأَنَّهُ يَجُوز الِاعْتِمَاد عَلَى الْخَبَر الْمَظْنُون مَعَ الْقُدْرَة عَلَى الْمَقْطُوع بِهِ ؛ لِكَوْنِ عَلِيّ اِقْتَصَرَ عَلَى قَوْل الْمِقْدَاد مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ سُؤَال النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِلَّا أَنَّ هَذَا قَدْ يُنَازَعُ فِيهِ ، وَيُقَال : فَلَعَلَّ عَلِيًّا كَانَ حَاضِرًا مَجْلِس رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقْت السُّؤَال وَإِنَّمَا اِسْتَحْيَا أَنْ يَكُون السُّؤَال مِنْهُ بِنَفْسِهِ . وَفِيهِ اِسْتِحْبَاب حُسْنِ الْعِشْرَة مَعَ الْأَصْهَار ، وَأَنَّ الزَّوْج يُسْتَحَبّ لَهُ أَنْ لَا يَذْكُر مَا يَتَعَلَّق بِجِمَاعِ النِّسَاء وَالِاسْتِمْتَاع
2734
بِهِنَّ بِحَضْرَةِ أَبِيهَا وَأَخِيهَا وَابْنهَا ، وَغَيْرهمْ مِنْ أَقَارِبهَا ، وَلِهَذَا قَالَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : فَكُنْت أَسْتَحْيِيَ أَنْ أَسْأَل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَكَانِ اِبْنَته ، مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَذْي يَكُون - غَالِبًا - عِنْد مُلَاعَبَة الزَّوْجَة وَقُبْلَتهَا ، وَنَحْو ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاع الِاسْتِمْتَاع . وَاللَّهُ أَعْلَم .
7>ـ عائشة الصديقية .روى أحمد عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَدْخُلُ بَيْتِي الَّذِي دُفِنَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي فَأَضَعُ ثَوْبِي فَأَقُولُ إِنَّمَا هُوَ زَوْجِي وَأَبِي فَلَمَّا دُفِنَ عُمَرُ مَعَهُمْ فَوَاللَّهِ مَا دَخَلْتُ إِلَّا وَأَنَا مَشْدُودَةٌ عَلَيَّ ثِيَابِي حَيَاءً مِنْ عُمَرَ>.
أين هذا ممن كشفنا ثيابهن وأبدين مفاتنهن.
خامسا>>ـ الوسائل التي تقوي الحياء الإيماني المكتسب.
1>ـ تجيد الإيمان بالله في القلب كما قال تعالى :< ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم> .عَنِ ابْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللّاهُ عَنْهُما قَالَ: قَالَ رَسولُ اللّاهِ صَلَّى اللّاهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الإيمَانَ لَيَخْلَقُ فِي جَوفِ أَحَدِكُم كَمَا يَخلَقُ الثَّوْبُ، فَاسْأَلُوا اللّاهَ أَنْ يُجَدِّدَ الإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُم» رواه الحاكم (1/4)، وحسنه الألباني رحمه الله فِي «الصحيحة» (1585).يَخْلَقُ: أَي يَبْلَى....ومن الأدعية لزيادة الإيمان : اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّه إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالفُسُوقَ وَالعِصْيَانَ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ>رواه البخاري فِي الأدب المفرد (699)، وصححه الألباني رحمه الله فِي «صحيح الأدب المفرد»
2>ـ زيارة القبور 3>زيارة المرضى 4>ـ الاستغفار5>ـ مصاحبة الصالحين قال تعالى : {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً}..6>ـ تحري الصدق.روى البخاري وغيره : عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا>
قال النووي\قَالَ الْعُلَمَاء : مَعْنَاهُ أَنَّ الصِّدْق يَهْدِي إِلَى الْعَمَل الصَّالِح الْخَالِص مِنْ كُلّ مَذْمُوم ، وَالْبِرّ اِسْم جَامِع لِلْخَيْرِ كُلّه . وَقِيلَ : الْبِرّ الْجَنَّة . وَيَجُوز أَنْ يَتَنَاوَل الْعَمَل الصَّالِح وَالْجَنَّة . وَأَمَّا الْكَذِب فَيُوصِل إِلَى الْفُجُور ، وَهُوَ الْمَيْل عَنْ الِاسْتِقَامَة ، وَقِيلَ ؛ الِانْبِعَاث فِي الْمَعَاصِي .قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَإِنَّ الرَّجُل لَيَصْدُق حَتَّى يُكْتَب عِنْد اللَّه صِدِّيقًا ،..) وَفِي رِوَايَة ( لِيَتَحَرَّى الصِّدْق وَلِيَتَحَرَّى الْكَذِب ) وَفِي رِوَايَة ( عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْق يَهْدِي إِلَى الْبِرّ . وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِب ) قَالَ الْعُلَمَاء : هَذَا فِيهِ حَثٌّ عَلَى تَحَرِّي الصِّدْق ، وَهُوَ قَصْده ، وَالِاعْتِنَاء بِهِ ، وَعَلَى التَّحْذِير مِنْ الْكَذِب وَالتَّسَاهُل فِيهِ ؛ فَإِنَّهُ إِذَا تَسَاهَلَ فِيهِ كَثُرَ مِنْهُ ، فَعُرِفَ بِهِ ، وَكَتَبَهُ اللَّه لِمُبَالَغَتِهِ صِدِّيقًا إِنْ اِعْتَادَهُ ، أَوْ كَذَّابًا إِنْ اِعْتَادَهُ . وَمَعْنَى يُكْتَب هُنَا يُحْكَم لَهُ بِذَلِكَ ، وَيَسْتَحِقّ الْوَصْف بِمَنْزِلَةِ الصِّدِّيقِينَ وَثَوَابهمْ ، أَوْ صِفَة الْكَذَّابِينَ وَعِقَابهمْ ، وَالْمُرَاد إِظْهَار ذَلِكَ لِلْمَخْلُوقِينَ إِمَّا بِأَنْ يَكْتُبهُ فِي ذَلِكَ لِيَشْتَهِر بِحَظِّهِ مِنْ الصِّفَتَيْنِ فِي الْمَلَأ الْأَعْلَى ، وَإِمَّا بِأَنْ يُلْقِي ذَلِكَ فِي قُلُوب النَّاس وَأَلْسِنَتهمْ ، وَكَمَا يُوضَع لَهُ الْقَبُول وَالْبَغْضَاء وَإِلَّا فَقَدَر اللَّه تَعَالَى وَكِتَابه السَّابِق بِكُلِّ ذَلِكَ . وَاَللَّه أَعْلَم .

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button