في بداية سبعينيات القرن الماضي، كان المغرب لايزال كطفل حديث الولادة يحتاج إلى الرعاية ومساعدة الغير ليستطيع الوقوف على رجليه و"الاستقلال" بذاته في كثير من المجالات ومنها قطاع التربية والتعليم الذي كان الأجانب مدرسين يستوطنون عددا كبيرا من ثانوياته كما كانت الحال بكوليج ابن جرير الذي لم يقطع صلاته مع عدد منهم إلا نهاية الستينيات. بعدها لم تجد الإدارة من حل سوى الاستنجاد بمعلمي التعليم الابتدائي الذين انتدبتهم للتدريس بالكوليج والاستعانة فيما بعد بمن سموا وقتها ب" المكلفين بالتدريس" أو (Les chargés de cours) الذين يتم توظيفهم بالمباشر في السلك الإعدادي دون أن يكونوا ولجوا المراكز التربوية الجهوية.
ومما لاشك فيه أن تلك الفئة من الأساتذة وأمثالهم من معلمي السلك الابتدائي الذين ولجوا القطاع عن طريق التوظيف المباشر وكانوا يسمون بالمؤقتين أو البدلاء (Les suppléants)، قد ساهموا بشكل كبير في تثبيت دعائم المدرسة العمومية وسد الخصاص المهول الذي كانت تعاني منه، وبذلوا كثيرا من الجهد والتضحيات التي لم تقابل بما ينبغي أن يكون مطلوبا من حوافز مالية أو معنوية.
الفقيد السي عمر لكريني كان واحدا من هؤلاء الأساتذة الذين تركوا بصمتهم في تاريخ كوليج ابن جرير، وهو واحد ممن يذكره كثير ممن تتلمذ على يديه في ذلك الزمن السبعيني الهادئ الصاخب، زمن الكوليج بالجلابيب الصوفية محلية الصنع ذات الاستعمالات المتعددة بدءا من كونها لباسا للشياكة أحيانا ولستر العورة أحيانا و"كليماتيزورا" يقي من الحر وقت الحر ويقي من البرد وقت القر.
هو السي عمر ابن الفقيه السي الحسين الذي يتحدر من دوار "لكرينات" نواحي نزالة لعظم. ساقته ظروف كسب الرزق إلى مولاي بوعزة بالأطلس المتوسط. بعدها عاد واستقر بالدوار الجديد بالقرب من جامع "السي الهلالي". قد يكون السي عمر هو ثاني أبناء الفقيه الحسين بعد المرحوم السي أحمد الذي عمل هو الآخر بسلك التعليم معلما ثم مديرا، ويقاسمه الأخوة أيضا السي عبد اللطيف والسي ادريس زميلنا في القسم من الابتدائي إلى نهاية الإعدادي، والأستاذة خديجة زوجة صديقنا خالد مصباح.
التحق السي عمر بسلك التعليم كأستاذ مكلف بتدريس الرياضيات بداية السبعينيات بكوليج ابن جرير، وجاور عددا من الأساتذة الذين أتيت على ذكرهم في سلسلة النبش في ذاكرة ابن جرير التعليمية، كالأستاذ مولاي علي بوساكية والسي محمد لعبادي ومولاي الطيب الزاهدي والسي مرطوب والسي الجرني والسي الضراوي والسي الحنيوي وغيرهم.
كان المرحوم السي عمر إلى جانب جديته، ميالا في مجالسه مع أصدقائه ومعارفه وزملائه إلى النكتة والحكم والأمثال، بل أنه كان يعتبر واحدا من "النخبة" العالمة للحي الذي يعتبر جامع السي الهلالي منارته ومجمع شبابه سواء في ذلك الوقت أو لما صار يعرف بحي البشريين.
في واقعة ذلك الرجل الأمريكي الذي هرب ليلا لما حاول بعض المجهولين الاعتداء عليه بالقرب من محطة القطار، ولا حقوه حتى تمكن من الإفلات منهم بعد أن اقتحم جردة بلمحجوب المحروسة بالكلب ونبات الصبار، ولم يشعر بالاطمئنان حتى كان في فناء منزل السي قدور "كَاكَا" بحي افريقيا، والذي أطعمه وآواه من الخوف.
بعد أن عاد الأمريكي إلى بلده، استمرت علاقته بالسي قدور، وكان يبعث إليه من حين لآخر رسائل تقدير وعرفان، فكان السي عمر هو من يجتمع عليه الخلق لما يكون بصدد قراءة إحدى الرسائل، أو بصدد الجواب عنها نظرا لكونه يكتسب بعضا من مهارة اللغة الانجليزية قراءة وكتابة.
ستنتهي فترة التدريس بالإعدادي بعد أن التحق بالسلك الابتدائي، إلا أن المرض بدأ ينخر جسده رويدا رويدا ولم ينفع معه علاج، حتى أسلم الروح تاركا وراءه ذكرا طيبا في أوساط تلامذته وأصدقائه، كما ترك اثنين من الأبناء حسب ما أعلم هما أمين وكوثر اللذين كنت أستاذهما بالمستوى السادس بمدرسة الحسن بوعياد (افريقيا للبنين قديما) وكانا بحق نجيبين مجتهدين خلوقين مثابرين متوفقين بلاشك.
ومما لاشك فيه أن تلك الفئة من الأساتذة وأمثالهم من معلمي السلك الابتدائي الذين ولجوا القطاع عن طريق التوظيف المباشر وكانوا يسمون بالمؤقتين أو البدلاء (Les suppléants)، قد ساهموا بشكل كبير في تثبيت دعائم المدرسة العمومية وسد الخصاص المهول الذي كانت تعاني منه، وبذلوا كثيرا من الجهد والتضحيات التي لم تقابل بما ينبغي أن يكون مطلوبا من حوافز مالية أو معنوية.
الفقيد السي عمر لكريني كان واحدا من هؤلاء الأساتذة الذين تركوا بصمتهم في تاريخ كوليج ابن جرير، وهو واحد ممن يذكره كثير ممن تتلمذ على يديه في ذلك الزمن السبعيني الهادئ الصاخب، زمن الكوليج بالجلابيب الصوفية محلية الصنع ذات الاستعمالات المتعددة بدءا من كونها لباسا للشياكة أحيانا ولستر العورة أحيانا و"كليماتيزورا" يقي من الحر وقت الحر ويقي من البرد وقت القر.
هو السي عمر ابن الفقيه السي الحسين الذي يتحدر من دوار "لكرينات" نواحي نزالة لعظم. ساقته ظروف كسب الرزق إلى مولاي بوعزة بالأطلس المتوسط. بعدها عاد واستقر بالدوار الجديد بالقرب من جامع "السي الهلالي". قد يكون السي عمر هو ثاني أبناء الفقيه الحسين بعد المرحوم السي أحمد الذي عمل هو الآخر بسلك التعليم معلما ثم مديرا، ويقاسمه الأخوة أيضا السي عبد اللطيف والسي ادريس زميلنا في القسم من الابتدائي إلى نهاية الإعدادي، والأستاذة خديجة زوجة صديقنا خالد مصباح.
التحق السي عمر بسلك التعليم كأستاذ مكلف بتدريس الرياضيات بداية السبعينيات بكوليج ابن جرير، وجاور عددا من الأساتذة الذين أتيت على ذكرهم في سلسلة النبش في ذاكرة ابن جرير التعليمية، كالأستاذ مولاي علي بوساكية والسي محمد لعبادي ومولاي الطيب الزاهدي والسي مرطوب والسي الجرني والسي الضراوي والسي الحنيوي وغيرهم.
كان المرحوم السي عمر إلى جانب جديته، ميالا في مجالسه مع أصدقائه ومعارفه وزملائه إلى النكتة والحكم والأمثال، بل أنه كان يعتبر واحدا من "النخبة" العالمة للحي الذي يعتبر جامع السي الهلالي منارته ومجمع شبابه سواء في ذلك الوقت أو لما صار يعرف بحي البشريين.
في واقعة ذلك الرجل الأمريكي الذي هرب ليلا لما حاول بعض المجهولين الاعتداء عليه بالقرب من محطة القطار، ولا حقوه حتى تمكن من الإفلات منهم بعد أن اقتحم جردة بلمحجوب المحروسة بالكلب ونبات الصبار، ولم يشعر بالاطمئنان حتى كان في فناء منزل السي قدور "كَاكَا" بحي افريقيا، والذي أطعمه وآواه من الخوف.
بعد أن عاد الأمريكي إلى بلده، استمرت علاقته بالسي قدور، وكان يبعث إليه من حين لآخر رسائل تقدير وعرفان، فكان السي عمر هو من يجتمع عليه الخلق لما يكون بصدد قراءة إحدى الرسائل، أو بصدد الجواب عنها نظرا لكونه يكتسب بعضا من مهارة اللغة الانجليزية قراءة وكتابة.
ستنتهي فترة التدريس بالإعدادي بعد أن التحق بالسلك الابتدائي، إلا أن المرض بدأ ينخر جسده رويدا رويدا ولم ينفع معه علاج، حتى أسلم الروح تاركا وراءه ذكرا طيبا في أوساط تلامذته وأصدقائه، كما ترك اثنين من الأبناء حسب ما أعلم هما أمين وكوثر اللذين كنت أستاذهما بالمستوى السادس بمدرسة الحسن بوعياد (افريقيا للبنين قديما) وكانا بحق نجيبين مجتهدين خلوقين مثابرين متوفقين بلاشك.
في الصورة يظهر المرحوم السي عمر مع تلامذته داخل القسم، ومنهم من تمكنت من معرفته كالأستاذ بوخار والغالي العوني وميلود الكترة.
لست ربوت