ت
تابعت هذا الأسبوع فيلما لا يزال بقاعات العروض..فيلم كوميدي يريد مخرجه إيصال رسائل داخل قوالب فنية ساخرة، الفيلم يتناول مجموعة من القضايا حتى لا نقول الظواهر لأنها أوسع من ذلك بكثير..فلكل موضوع معرفي "حدوده الإيبيستيمولوجية "حتى في الفن.
كانت القاعة ممثلة، حتى اللحظات الأخيرة كان ما يزال هناك وافدون على ما تبقى من الكراسي، وصف الجانب المضيء من القصة كلها هو أن المغاربة مستعدون للسماع ، وللمشاهدة ، مستعدون أن يجلسوا بقاعات ومسارح لمشاهدة حياتهم تعكس أمامهم..وتتحول مشاهدها اليومية إلى السخرية التي تدفعهم إلى أن يضحكوا كثيرا..أو يبكوا بإفراط من الضحك
الوجه الممتع في كل هذا هو أننا إلى غاية اليوم لم نراهن على الفن من أجل الغزو !
غزو الأخر، من خلال ثقافتنا، ويوجد الفن ضمن "الكل المعقد داخل الثقافة الذي يشمل المعارف والمعتقدات والقانون والأخلاق والتقاليد وكل القابليات والتطبيقات الأخرى التي يكتسبها الإنسان كعضو في مجتمع ما"
هذا التعريف "لتايلور" الذي بقي خالدا لواحد من الانثربولوجيين الانجليز الكبار.
المهم تابعت الفيلم وهناك أفكار تتسارع للخروج باحثة عن إجابات مني ..على بساطتها ، وعلى حسب قدرتي في تفسير وفهم الفن من خلال هذا الفيلم المغربي إنتاجا وتشخيصا وتمثيلا.
الجمهور تفاعل، ضحك في زحمة الأزمات، حتى الذين لا يملكون أزمات في المجتمع المغربي سيضحكون، فقط لأنها السينما الغرائبية التي تغري..
العرض بالنسبة لي كقارئ فضولي يحب السينما والأدب، ولأنهما خصمان لا يفترقان..المشهد والقصة تجسدان بعدا لا يكتب للشخصيات أن ترى النور فيهما إلا ما يسطرعلى الورق، ليأتي سيانريست أو مخرج ويبعث في تلك الأوراق حياة ويعطيها معنى..الفن هو مقاومة مجتمعية بتعبير "جيل دولوز" أكثر الذين حاضروا في زمنه عن وجهة نظر فلسفية نوعية تهم هذا الموضوع .
التصاعد الدرامي Clim-ixe ، مشتت، الإضاءة أحيانا تصيبك ببعض صعوبات فهم معنى الليل والنهار...الزوايا ..، الحوار لولا جهود الممثلين وتعبيراتهم الجسدية لكان أصعب، غياب عقدة في ذروة النص الذي يكتب في المغرب إلى غاية اليوم بشكل يضع صناعة المسرح والسينما في أزمة.
تنتج في العقدين الأخيرين أفلام كثيرة، ويرصد لمخرجين ملايين من الدولارات من أجل إنتاجياتهم، ويوجد أكثر من ممثل وممثلة مغربية قادرة على إعطاء خبرتها المتراكمة بين معاهد وأدوار بمختلف المحطات "كاستينغ" ما يمكنه أن يجعل السينما المغربية تراهن على أدواتها بالفعل، إلا أنه يعيق المجال تداخل الاختصاصات ، يصبح صاحب رأس مال يحب السينما ويمثل بإمكانه أن يخرج فيلما من ماله الخاص ، وأن يكون بطله ومخرجه ومنتجه ،في الحين الذي لا يدرك هذا النوع من الناس أن النجومية ومساعدة السينما الخروج من المأزق ليس "بسبع صنايع".
فليس كل ممثل ناجح بإمكانه أن يصبح مخرجا ومنتجا ، في السينما العالمية أنتج "مارلون براندو وتوم هانكس وبراد بيت وكيفن كوسنر "،وفي الشرق أنتجت جل السينما الهندية والمصرية لحظات بنفس الشكل، إنما يختار الممثل" المخرج" نجوما من أجل عائدات أكبر لفيلمه وتوقيعه أسفل الممثلين كفيل بأن يشاهد داخل دور العرض وعلى "يوتوب" من لدن جمهور كبير.
تكفي أن تكون هناك قصة وإخراج جيدين وبقية الإمكانيات التي يعرف المخرج بقدراته توظيفها، في المغرب نحن اليوم في حاجة إلى صناعة سينمائية من أجل "المثاقفة" والقدرة على غزو الآخرين.
السوق المغربية تنتج أفلاما قليل من يعتمد فيها إلى إبداعات القصاصين والروائيين، ومعرض الدار البيضاء لهذه السنة قدم ما مجموعه 4204 إنتاجا من الكتب والترجمات ولو أنه هزيل في بلد 30 مليون نسمة، ويكاد يصيب الفرد المهتم بحالة "الوفاة السريرية" على مستوى الإنتاج العلمي والأدبي والترجمات بكل اللغات التي تتجاوز في بعض البلدان مليون إنتاج سنويا . إلا أن السينما هي الأخرى والمسرح لها مسؤولية جعل هذا المجال على الجانب.
باستثناء الكبير الطيب الصديقي الذي اشتغل على نصوص لكبار المبدعين العالميين وبعض المسرحيات التي نجحت في العقد الماضي تبقى الإنتاجات جلها ضعيفة المضمون والفرجة والوقع والمقاومة، ويبقى جمهور متعطش للفن في واحدة من أقبح المعضلات.
طبعا، هناك غياب الرغبة في الاستثمار في هذا المجال ممن لديهم الأموال بحكم الخوف وجهل هذا العالم لبداوة "الرأسمال" أحيانا عند أصحابه الغير "مدينيين"، وهناك غياب جودة النصوص التي غالبا ما يتكلف المنتجون والمخرجون تخيلها على الورق وجعلها سيناريوهات لأفلام "كوكوت مينوت" يعتقدون أنها ستنجح، في الحين الذي تتفاجأ كلما حل أكبر مهرجان للسينما الأمريكية بزخم الاشتغال المشترك لتلك الصناعة مع باقي الفاعلين..إنتاجات علمية وأدبية ..سياسية وبوليسية وقصص وأبحاث وخيال علمي وأبعاد وما إلى ذلك ، تدور رحى كبرى يتقاسم فيها جنود كثر إنتاجا صار يغزو العالم ..أخرهم فيلم "الجوكر".
في مصر حتى عهود قريبة توجد دائما قصة أو رواية أو سيناريست كبير ومؤلفين موسيقيين، فكم اشتغل أسامة أنور عكاشة مع المخرجين؟ وكم تناولت أعمال نجيب محفوظ وعلاء الأسواني عند صناع السينما من موضوع يجدر بناقلي تلك النصوص إلى أنه بإمكانها أن تمشي على أرجلها وتبني لها شكلا "للمثاقفة" الغازي.
السينما المغربية تكافح منذ مدة كالقاعات لإثبات الذات وسط عالم صار ينظر إلى الفن بأنه أداة للغزو الثقافي ، إذا ما خذلتك الصناعة والتجارة العالمية والقروض وجميع المؤشرات.
المصريون قبل أكثر من نصف قرن "وسينماهم" تمتص أيامنا إلى غاية هذه السنوات ، قبل أن يخفت نور البلد العربي سوريا الذي عول على جودة نصوص ومخرجين وكتاب كبار، في الطرف الأخر من العالم توجد الهند التي تبيع العالم أفلامها ، وفي الغرب هناك أمريكا التي تبيع ماسح الأحدية عندنا فيلم "المهرج" لفونيكس ب16 درهم مدبلج.
شاهدت الفيلم الذي ما هو إلا جمع ودمج لحلقات غير متداخلة ولا منتظمة ولا روح فيها ، مجموعة وقفات "ستاند اب" يؤدي فيها كل ممثل فرصته ، أراد المخرج بجهده الفردي ربما إنتاج فيلم رديء، بغطاء كوميدي يعالج بنظره مؤامرة الزمن على مجموعة من الشباب الراهن ، ليعطينا دروسا حول وضع ما؟ فيه المتسول وفيه النصاب والمجرمون "بارونات المخدرات" وشابات يكافحن وسط عالم متحرش، والسجون وما يوجد داخلها من الاستقواء والاستغلال؟ ولو أنني وجدت المشاهد المتعلقة بهذا العالم مثلا لم تلامس الحقيقة ..حقيقة أن الوضع ليس كما تصوره المخرج داخل السجون..كان ينقص "التقصي الميداني". السينما اليوم علم قائم ومنذ نشأتها، فجيمس كامرون أشهر مخرج أمريكي هو مستشار وكالة "نازا" من خلال أفكاره وعلمه.
بعد ذلك هناك مزج درامي لتفسير الواقع بشكل يبدو أنه مزري وساخر من خلال أبطال على رقبتهم تحويل واقعهم إلى أخبار تضحك، في غياب حبكة قانونية لفهم كيف أن الفرد بإمكانه أن يقوم بأفعال يجرمها القانون ويصبح حرا بدون تعليل يفهمه المشاهد بأنه وجيه.
الفيلم بتقديري أنقد فيه ماء الوجه ممثلوه الشباب ، أما قضية أنه يريد أن يكشف لنا على وقائع بالعالم الخارجي فهو أمر معروف. السينما لا تفضح وليس عليها إيجاد أداوت وإيقاظ إجابات لنا ولا تقديم حلول..السينما في اعتقادي أبعد من ذلك ..حينما يصبح ممثل كمحمد رمضان داخل كل الفئات المصرية اليوم "نجما" بالنسبة لهم يؤسس لقناعات مجتمعية تفسد بقدر ما تصلح ، هي ذي السينما أن تخلق إما الرداءة لبناء و"عي اجتماعي "معين على حساب ما تريده أن يصبح "تنشئة اجتماعية" تفعل فعلها في ملايين الأجيال والمتابعين والمستهلكين. وإما إنتاجا جيدا يؤسس "لوعي جمعي" بنفس درجة السوء وينتج قيما مهمة ..قد تكرس لحب الوطن وتمجيد العلم والعمل والصدق والوفاء فليس كل شيء يصلح بمؤسسات الأسرة والمدرسة وما إلى ذلك .
معظمنا يتذكر أفلاما ومسرحيات بالتحديد ونجوما تعاطف معهم المشاهد حد قبوله التضحية في سبيل البطل أو البطلة من أجل ما يحمله من صور البطولات التي ما هي إلا عوالم افتراضية، إنما لها وقع للتسامي "السيكو حركي"مع استعدادات الفرد كل من زاويته.
الإنسان في الأخير شحم ولحم مهما كان عالما أو رجلا ساذجا عاطفيا فإنه يتأثر، وفي وجود إمكانيات "اليوتوب" الرهان على الفن في المغرب لغزو بقية الأقطار إمكانية واردة وقرارها بيد المشرفين على الثقافة..وإلا فإن ندرة الإنتاجات وهزالة المضمون ليس بإمكانه أن يترك في عقولنا شيئا.
غادرت القاعة وأنا أتحسس بأن هناك إرادتان..إرادة تريد أن تتفرج على إنتاجات بلدها لدعمها بكل ما فيها إلى حد بطاقة الولوج ، وإرادة أخرى "تتعدي بلي كاين " لغاية ما لا أعرف؟
بقلم: صبري يوسف
تابعت هذا الأسبوع فيلما لا يزال بقاعات العروض..فيلم كوميدي يريد مخرجه إيصال رسائل داخل قوالب فنية ساخرة، الفيلم يتناول مجموعة من القضايا حتى لا نقول الظواهر لأنها أوسع من ذلك بكثير..فلكل موضوع معرفي "حدوده الإيبيستيمولوجية "حتى في الفن.
كانت القاعة ممثلة، حتى اللحظات الأخيرة كان ما يزال هناك وافدون على ما تبقى من الكراسي، وصف الجانب المضيء من القصة كلها هو أن المغاربة مستعدون للسماع ، وللمشاهدة ، مستعدون أن يجلسوا بقاعات ومسارح لمشاهدة حياتهم تعكس أمامهم..وتتحول مشاهدها اليومية إلى السخرية التي تدفعهم إلى أن يضحكوا كثيرا..أو يبكوا بإفراط من الضحك
الوجه الممتع في كل هذا هو أننا إلى غاية اليوم لم نراهن على الفن من أجل الغزو !
غزو الأخر، من خلال ثقافتنا، ويوجد الفن ضمن "الكل المعقد داخل الثقافة الذي يشمل المعارف والمعتقدات والقانون والأخلاق والتقاليد وكل القابليات والتطبيقات الأخرى التي يكتسبها الإنسان كعضو في مجتمع ما"
هذا التعريف "لتايلور" الذي بقي خالدا لواحد من الانثربولوجيين الانجليز الكبار.
المهم تابعت الفيلم وهناك أفكار تتسارع للخروج باحثة عن إجابات مني ..على بساطتها ، وعلى حسب قدرتي في تفسير وفهم الفن من خلال هذا الفيلم المغربي إنتاجا وتشخيصا وتمثيلا.
الجمهور تفاعل، ضحك في زحمة الأزمات، حتى الذين لا يملكون أزمات في المجتمع المغربي سيضحكون، فقط لأنها السينما الغرائبية التي تغري..
العرض بالنسبة لي كقارئ فضولي يحب السينما والأدب، ولأنهما خصمان لا يفترقان..المشهد والقصة تجسدان بعدا لا يكتب للشخصيات أن ترى النور فيهما إلا ما يسطرعلى الورق، ليأتي سيانريست أو مخرج ويبعث في تلك الأوراق حياة ويعطيها معنى..الفن هو مقاومة مجتمعية بتعبير "جيل دولوز" أكثر الذين حاضروا في زمنه عن وجهة نظر فلسفية نوعية تهم هذا الموضوع .
التصاعد الدرامي Clim-ixe ، مشتت، الإضاءة أحيانا تصيبك ببعض صعوبات فهم معنى الليل والنهار...الزوايا ..، الحوار لولا جهود الممثلين وتعبيراتهم الجسدية لكان أصعب، غياب عقدة في ذروة النص الذي يكتب في المغرب إلى غاية اليوم بشكل يضع صناعة المسرح والسينما في أزمة.
تنتج في العقدين الأخيرين أفلام كثيرة، ويرصد لمخرجين ملايين من الدولارات من أجل إنتاجياتهم، ويوجد أكثر من ممثل وممثلة مغربية قادرة على إعطاء خبرتها المتراكمة بين معاهد وأدوار بمختلف المحطات "كاستينغ" ما يمكنه أن يجعل السينما المغربية تراهن على أدواتها بالفعل، إلا أنه يعيق المجال تداخل الاختصاصات ، يصبح صاحب رأس مال يحب السينما ويمثل بإمكانه أن يخرج فيلما من ماله الخاص ، وأن يكون بطله ومخرجه ومنتجه ،في الحين الذي لا يدرك هذا النوع من الناس أن النجومية ومساعدة السينما الخروج من المأزق ليس "بسبع صنايع".
فليس كل ممثل ناجح بإمكانه أن يصبح مخرجا ومنتجا ، في السينما العالمية أنتج "مارلون براندو وتوم هانكس وبراد بيت وكيفن كوسنر "،وفي الشرق أنتجت جل السينما الهندية والمصرية لحظات بنفس الشكل، إنما يختار الممثل" المخرج" نجوما من أجل عائدات أكبر لفيلمه وتوقيعه أسفل الممثلين كفيل بأن يشاهد داخل دور العرض وعلى "يوتوب" من لدن جمهور كبير.
تكفي أن تكون هناك قصة وإخراج جيدين وبقية الإمكانيات التي يعرف المخرج بقدراته توظيفها، في المغرب نحن اليوم في حاجة إلى صناعة سينمائية من أجل "المثاقفة" والقدرة على غزو الآخرين.
السوق المغربية تنتج أفلاما قليل من يعتمد فيها إلى إبداعات القصاصين والروائيين، ومعرض الدار البيضاء لهذه السنة قدم ما مجموعه 4204 إنتاجا من الكتب والترجمات ولو أنه هزيل في بلد 30 مليون نسمة، ويكاد يصيب الفرد المهتم بحالة "الوفاة السريرية" على مستوى الإنتاج العلمي والأدبي والترجمات بكل اللغات التي تتجاوز في بعض البلدان مليون إنتاج سنويا . إلا أن السينما هي الأخرى والمسرح لها مسؤولية جعل هذا المجال على الجانب.
باستثناء الكبير الطيب الصديقي الذي اشتغل على نصوص لكبار المبدعين العالميين وبعض المسرحيات التي نجحت في العقد الماضي تبقى الإنتاجات جلها ضعيفة المضمون والفرجة والوقع والمقاومة، ويبقى جمهور متعطش للفن في واحدة من أقبح المعضلات.
طبعا، هناك غياب الرغبة في الاستثمار في هذا المجال ممن لديهم الأموال بحكم الخوف وجهل هذا العالم لبداوة "الرأسمال" أحيانا عند أصحابه الغير "مدينيين"، وهناك غياب جودة النصوص التي غالبا ما يتكلف المنتجون والمخرجون تخيلها على الورق وجعلها سيناريوهات لأفلام "كوكوت مينوت" يعتقدون أنها ستنجح، في الحين الذي تتفاجأ كلما حل أكبر مهرجان للسينما الأمريكية بزخم الاشتغال المشترك لتلك الصناعة مع باقي الفاعلين..إنتاجات علمية وأدبية ..سياسية وبوليسية وقصص وأبحاث وخيال علمي وأبعاد وما إلى ذلك ، تدور رحى كبرى يتقاسم فيها جنود كثر إنتاجا صار يغزو العالم ..أخرهم فيلم "الجوكر".
في مصر حتى عهود قريبة توجد دائما قصة أو رواية أو سيناريست كبير ومؤلفين موسيقيين، فكم اشتغل أسامة أنور عكاشة مع المخرجين؟ وكم تناولت أعمال نجيب محفوظ وعلاء الأسواني عند صناع السينما من موضوع يجدر بناقلي تلك النصوص إلى أنه بإمكانها أن تمشي على أرجلها وتبني لها شكلا "للمثاقفة" الغازي.
السينما المغربية تكافح منذ مدة كالقاعات لإثبات الذات وسط عالم صار ينظر إلى الفن بأنه أداة للغزو الثقافي ، إذا ما خذلتك الصناعة والتجارة العالمية والقروض وجميع المؤشرات.
المصريون قبل أكثر من نصف قرن "وسينماهم" تمتص أيامنا إلى غاية هذه السنوات ، قبل أن يخفت نور البلد العربي سوريا الذي عول على جودة نصوص ومخرجين وكتاب كبار، في الطرف الأخر من العالم توجد الهند التي تبيع العالم أفلامها ، وفي الغرب هناك أمريكا التي تبيع ماسح الأحدية عندنا فيلم "المهرج" لفونيكس ب16 درهم مدبلج.
شاهدت الفيلم الذي ما هو إلا جمع ودمج لحلقات غير متداخلة ولا منتظمة ولا روح فيها ، مجموعة وقفات "ستاند اب" يؤدي فيها كل ممثل فرصته ، أراد المخرج بجهده الفردي ربما إنتاج فيلم رديء، بغطاء كوميدي يعالج بنظره مؤامرة الزمن على مجموعة من الشباب الراهن ، ليعطينا دروسا حول وضع ما؟ فيه المتسول وفيه النصاب والمجرمون "بارونات المخدرات" وشابات يكافحن وسط عالم متحرش، والسجون وما يوجد داخلها من الاستقواء والاستغلال؟ ولو أنني وجدت المشاهد المتعلقة بهذا العالم مثلا لم تلامس الحقيقة ..حقيقة أن الوضع ليس كما تصوره المخرج داخل السجون..كان ينقص "التقصي الميداني". السينما اليوم علم قائم ومنذ نشأتها، فجيمس كامرون أشهر مخرج أمريكي هو مستشار وكالة "نازا" من خلال أفكاره وعلمه.
بعد ذلك هناك مزج درامي لتفسير الواقع بشكل يبدو أنه مزري وساخر من خلال أبطال على رقبتهم تحويل واقعهم إلى أخبار تضحك، في غياب حبكة قانونية لفهم كيف أن الفرد بإمكانه أن يقوم بأفعال يجرمها القانون ويصبح حرا بدون تعليل يفهمه المشاهد بأنه وجيه.
الفيلم بتقديري أنقد فيه ماء الوجه ممثلوه الشباب ، أما قضية أنه يريد أن يكشف لنا على وقائع بالعالم الخارجي فهو أمر معروف. السينما لا تفضح وليس عليها إيجاد أداوت وإيقاظ إجابات لنا ولا تقديم حلول..السينما في اعتقادي أبعد من ذلك ..حينما يصبح ممثل كمحمد رمضان داخل كل الفئات المصرية اليوم "نجما" بالنسبة لهم يؤسس لقناعات مجتمعية تفسد بقدر ما تصلح ، هي ذي السينما أن تخلق إما الرداءة لبناء و"عي اجتماعي "معين على حساب ما تريده أن يصبح "تنشئة اجتماعية" تفعل فعلها في ملايين الأجيال والمتابعين والمستهلكين. وإما إنتاجا جيدا يؤسس "لوعي جمعي" بنفس درجة السوء وينتج قيما مهمة ..قد تكرس لحب الوطن وتمجيد العلم والعمل والصدق والوفاء فليس كل شيء يصلح بمؤسسات الأسرة والمدرسة وما إلى ذلك .
معظمنا يتذكر أفلاما ومسرحيات بالتحديد ونجوما تعاطف معهم المشاهد حد قبوله التضحية في سبيل البطل أو البطلة من أجل ما يحمله من صور البطولات التي ما هي إلا عوالم افتراضية، إنما لها وقع للتسامي "السيكو حركي"مع استعدادات الفرد كل من زاويته.
الإنسان في الأخير شحم ولحم مهما كان عالما أو رجلا ساذجا عاطفيا فإنه يتأثر، وفي وجود إمكانيات "اليوتوب" الرهان على الفن في المغرب لغزو بقية الأقطار إمكانية واردة وقرارها بيد المشرفين على الثقافة..وإلا فإن ندرة الإنتاجات وهزالة المضمون ليس بإمكانه أن يترك في عقولنا شيئا.
غادرت القاعة وأنا أتحسس بأن هناك إرادتان..إرادة تريد أن تتفرج على إنتاجات بلدها لدعمها بكل ما فيها إلى حد بطاقة الولوج ، وإرادة أخرى "تتعدي بلي كاين " لغاية ما لا أعرف؟
بقلم: صبري يوسف
لست ربوت