الأساتذة في المغرب.. كاد المعلم أن يكون قتيلا! لحبيب آيت أ صالح كاتب صحفي

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية الأساتذة في المغرب.. كاد المعلم أن يكون قتيلا! لحبيب آيت أ صالح كاتب صحفي

الأساتذة في المغرب.. كاد المعلم أن يكون قتيلا! لحبيب آيت أ صالح كاتب صحفي

لحبيب آيت أ صالح
اختار الأساتذة المتعاقدون في المغرب التصعيد في احتجاجاتهم ضد مخطط التعاقد الذي يعتبرونه بأنه فرض عليهم، ومن خلال المظاهرات الحاشدة التي نظمتها التنسيقيات الخاصة بهؤلاء الأساتذة، والتي لقيت قمعا متواصلا من طرف المخزن، بالإضافة إلى الإضراب الذي شارك فيه الأساتذة المتدربون في المراكز الجهوية مساندة للقضية التي تعنيهم، من خلال ذلك يبدو أن هذه القضية ستأخذ منحى تصاعديا، في ظل غياب التعامل الجدي من طرف الوزارة المسؤولة مع القضية، في ظل ذلك اختارت الوزارة المعنية سن مقترحات تعتقد بأنها يمكن أن تحل هذا الإشكال، لكن هذا الإشكال أكبر من أن يحل هكذا، لأنه لم يعد قضية أستاذ فحسب، بل مرتبط بمستقبل المدرسة المغربية، دون أن ننسى أن من شأن هذا الإضراب أن يؤثر على مسار المدرسة هذه السنة، وبالتالي لا بد من البحث عن حلول من شأنها أن توقف نزيف التصعيد الذي يمكن أن يخوض فيه الأساتذة المتعاقدون، ومن زاوية أخرى فهذا الأمر سيكون له تأثير سلبي على مستوى تنفيذ الرؤية الاستراتيجية التي تخص قطاع التربية، ذلك أن حرمان الأستاذ من حقوقه أو إجباره على الشروط التي لا تناسب وضعيته، فذلك ضرب للمدرسة، وانتهاك لكرامة الأستاذ، وهذا الأمر لا يليق بما تطمح إليه المنظومة التربوية المغربية.

تعتبر المطالب التي يطالب بها الأساتذة بمثابة حقوق مشروعة، كما أن المظاهرات التي خاضوها ويخوضونها هي حق مشروع أيضا، لكن القمع والتعنيف الذي تعرضوا له ليس فعلا مقبولا بتاتا، وهو الفعل الذي استنكره الجميع، إذ لا يعقل أن يمارس المخزن حق القوة من أجل منع تظاهرات تهدف إلى إحلال قوة الحق، وهذه المطالبة بإلغاء مخطط التعاقد والإدماج في الوظيفة العمومية، جاءت كنتيجة للتمييز الذي يعيشه الأساتذة سواء من خلال مخطط التعاقد الذي ضرب حياة الأستاذ عرض الحائط، وسواء داخل المؤسسات التي يعملون فيها، وهو التمييز الذي يُشعر هؤلاء الأساتذة بأن علاقتهم بوظيفتهم مهددة بالتوقف في أية لحظة، وبالتالي فهم يسيرون في خط مجهول لا يتضمن ما يؤكد على أن مستقبلهم المهني مضمون، وهذه الأمور هي التي دفعت هؤلاء الأساتذة إلى الإضراب والتظاهر والمطالبة بحقوق مشروعة، وهذه الحقوق لا محيد عنها من أجل معالجة هذه القضية.

تسعى تنسيقيات الأساتذة المتعاقدين لمواصلة الإضرابات والتصعيد والتظاهر من أجل تحقيق هدفها المنشود وهو إدماج الأساتذة في سلك الوظيفة العمومية
باتت قضية الأساتذة المتعاقدين قضية وطنية بكل ما تحمل القضية من هموم، لأنها تتداخل مع قضية أخرى أكبر وهي قضية التعليم، وبقدر ما تتداخل هاتان القضيتان، بقدر ما تدفعان بالمنظومة التربوية المغربية نحو مسار غامض لا يليق بالمسعى الذي ينبغي أن تكون عليه هذه المنظومة، وإذا كان الأستاذ يشكل جزء مهما من المنظومة، وإذا كان هذا الأستاذ يعيش وضعا لا يحسد عليه، وإذا كانت هذه المنظومة في حاجة إلى إصلاحات صارمة، فإننا أمام أزمة حقيقية، هذه الأزمة التي يعيشها التعليم المغربي تؤكد أن مسألة الإصلاح التي يتم الحديث عنها بين الفينة والأخرى ما تنفك تكون إفسادا أو بالأحرى تدميرا لهذه المنظومة ومكوناتها، ومن هنا يتضح أن إصلاح هذه المنظومة يمكن أن يتأسس على الاعتناء بالأساتذة، وجعلهم يعملون في ظروف ملائمة، الشيء الذي سيحفزهم إلى بذل مجهود يليق بتنمية المنظومة التربوية الوطنية.

كاد المعلم أن يكون مقتولا، أصبحت هذه المقولة تنطبق على حال الأساتذة المتعاقدين، فبعد التعديلات والإجراءات التي قامت بها الدولة في حق هؤلاء الأساتذة، وبعد أن بات التعليم المغربي يعاني من عدة هفوات، قرر هؤلاء الأساتذة ممارسة الحق الذي خوله لهم الدستور المغربي، وهو الحق في التظاهر والمطالبة بتغيير الوضع الذي يجب أن يتغير، وهكذا نظمت التنسيقيات الخاصة بهؤلاء الأساتذة إضرابا وطنيا تم خلاله تنظيم تظاهرات في العاصمة الرباط، وهدفت هذه التظاهرات إلى المطالبة بتغيير الأوضاع التي لا تناسب حاضر ومستقبل الأستاذ، لكن هذه التظاهرات لقيت عنفا وقمعا كاد فيه العديد من الأساتذة أن يُقتلوا، أما الإصابات فحدث ولا حرج، وهذا الفعل هو الذي وضع حياة الأستاذ على المحك، والحق أن حياته تظل على المحك في ظل مخطط التعاقد.

يمكن أن نعتبر بأن هذا المخطط الارتجالي، والذي كان سببا في كل ما يحصل الآن، والذي يؤثر سلبا على الأستاذ بالدرجة الأولى، هذا المخطط يمكن وصفه بأنه مخطط إذعان وتحايل وتربص، كما أنه عشوائي وتم تنفيذه بشكل مرتجل، إذ أنه في اللحظة التي أصبحت فيها المنظومة التربوية تعيش عدة أزمات أبرزها الاكتظاظ داخل الأقسام، سعت الوزارة إلى مواجهة هذه الأزمة عن طريق توظيف عدد مهم من الأساتذة، لكن هذا التوظيف سيتم بواسطة تعاقد تحدد من خلاله الوزارة الشروط التي ستجعل الأستاذ لقمة سائغة في يدها، بدل التركيز على الشروط التي يمكن أن تساهم في معالجة هذه الأزمة بشكل شامل، ثم التركيز على دور ومكانة الأستاذ في معالجة هذه الأزمة، وذلك عن طريق تحفيزه وتشجيعه لممارسة مهمته بارتياح.

في ظل كل هذه الإشكالات التي تحيط بالأستاذ المتعاقد، تسعى تنسيقيات الأساتذة المتعاقدين لمواصلة الإضرابات والتصعيد والتظاهر من أجل تحقيق هدفها المنشود وهو إدماج الأساتذة في سلك الوظيفة العمومية، لأن هذا الأخير هو الحل الوحيد الذي يمكن أن يجعل الأمور تسير كما ينبغي، كما من شأنها أن تدفع بالمنظومة التربوية لكي تحقق الغايات والمبادئ الكبرى التي تهدف إليها، وهذه الأمور لن تتم إلا بتشجيع الأستاذ وتحفيزه على ممارسة دوره ووظيفته بارتياح، ومن ثم بات لزاما أن يتم التعامل مع هذه القضية المعقدة بعقلانية، ومعالجة الإشكالات التي تطرحها، من أجل الارتقاء بالمنظومة التربوية المغربية.

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button