المغرب.. معاناة شعب في صمت! عثمان سحبان مدون مغربي

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية المغرب.. معاناة شعب في صمت! عثمان سحبان مدون مغربي

المغرب.. معاناة شعب في صمت! عثمان سحبان مدون مغربي

عثمان سحبان
إن المتتبع للشأن المغربي قد يرى أننا شبه منعزلين عما وقع ويقع بالدول العربية، وأقصد بذلك أحداث الربيع أو الخريف العربي إن صح التعبير. لكن خروجنا عن هذا المسار، كان نتيجة تحرك ذكي للسلطة الحاكمة إبان حركة 20 فبراير 2011 وما شهدته هذه الفترة من مظاهرات متأثرة بموجة الاحتجاجات العارمة التي اندلعت في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مطلع عام 2011 وخاصة بالثورة التونسية وثورة 25 يناير المصرية.

لقد طالب المتظاهرون في احتجاجات 20 فبراير بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية، وفي تحرك ذكي للسلطة الحاكمة تمت الاستجابة الشكلية لهذه للمطالب التي تم رفعها من خلال القيام بتعديلات جوهرية في الدستور، واقرار العديد من مشاريع القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد. بالإضافة إلى الإفراج عن مجموعة من المعتقلين السياسيين، وذلك في محاولة ناجحة للحيلولة دون تطور هذه المظاهرات. لكن هذه الخطوة وإن بدت في ظاهرها أنها مشروع سياسي وتنموي سيكون له دور كبير في ازدهار وتطور الدولة والمجتمع. لكنه على العكس، لم يأت بأية نتائج تُذكر، إذ استمر الوضع على حاله إلى الآن؟!
التعليم
على الرغم من المشاريع والمخططات التي نهجتها الحكومة المغربية والتي سعت من خلالها إلى النهوض بمستوى الخدمات التعليمية والتربوية، إلا أنها تبقى مجرد محاولات ترقيعية لا أكثر. ففي احصاء أجرته اليونيسكو، صنفت المغرب في مراتب متأخرة في لائحة البلدان التي تتوفر فيها أحسن المدارس، إذ احتل المركز 73 من أصل 76 بلد شمله الإحصاء. ونسبة انقطاع التلاميذ في التعليم الاعدادي، سجلت ارتفاعاً ملحوظاً، حيث انتقلت النسبة من 2.5 في المائة سنة 2014 إلى 2.8 في المائة سنة 2016.
إن مشكلة الفساد في القطاعين العام والخاص من بين أكثر المشاكل التي لا زال يعاني منها المغرب منذ عقود، والتي لم ينجح دستور 2011 في أن يضع حدا لها.
أما التعليم الثانوي فيشهد هو كذلك تصاعداً خلال كل سنة، إذ انتقلت نسبة الهدر المدرسي من 11.9 في المائة عام 2014 إلى 14.4 عام 2016 لتبلغ ما يقارب 16 في المائة مع حلول سنة 2018. كما أن التلاميذ الذين ينتقلون في الأسلاك الثلاثة (التعليم الابتدائي، الإعدادي، والثانوي) بدون تكرار في تراجع من 10.1 في المائة سنة 2014 إلى 8.7 في المائة سنتي 2016 و2017، أما الذين ينتقلون بتكرار فتفوق نسبتهم 30 في المائة.
البطالة
 في آخر تقرير لها، صرحت المندوبية العامة للتخطيط أن معدل البطالة بالمغرب ارتفع من 10 إلى 10.6 في المائة على المستوى الوطني، من 14.3 إلى 14.9 في المائة بالمناطق الحضرية ومن 3.9 إلى 4.6 في المائة بالمناطق الريفية خلال الربع الثالث عام 2018. رغم هذه التقارير والاحصاءات التي تتعلق بنسب البطالة بالمغرب والتي لا تبدو واقعية بالنسبة لي إذ أن واقع الحال يظهر عكس هذه الارقام، فحوالي 3 من كل 5 اشخاص يعانون من البطالة، خصوصاً ضمن فئة الشباب.

أليس من الغريب مثلاً سنة 2016 أن تتضارب الأرقام المصرح بها من قبل المؤسسات الحكومية في نسب البطالة بالمغرب بين من يصرح ب 9.7 في المائة (تصريح الحكومة) و10 في المائة (بنك المغرب) و16.2 في المائة (المندوبية السامية للتخطيط)! وفي تصريح ساخر متهكم لرئيس الحكومة المغربي سعد الدين العثماني حول نسب البطالة بالمغرب، حيث قال أن نسبة البطالة بالمغرب 5 في المائة مقابل 15 في المائة بفرنسا!! عجيب أمر هؤلاء كيف لهم أن يقولوا مثل هذا الكلام! هل يعلم أن نسبة البطالة بالأقاليم الجنوبية 
الثلاثة فقط قد تجاوزت 35 في المائة، هذا أن لم نقل أنها ازدادت في السنوات الأخيرة إلى نسبة 40 المائة حسب النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية!
الفقر
نسب الفقر بالمغرب في تزايد مستمر، إذ أن حوالي 15 في المائة من السكان تعيش تحت ظروف الفقر، كما يعيش60 المائة من نسبة الفقراء بالعالم القروي في الوقت الذي تتزايد فيه نسبة الفقر في المدن، ويمكن اعتبار 25 في المائة من إجمالي السكان مهددين بالفقر في أية لحظة. حصة المواطن المغربي من الناتج الداخلي يعد ضعيفاً للغاية، فهو لا يتجاوز 4550 دولار في السنة، في حين أن المعدل العربي يفوق 6700 دولار للفرد سنوياً، فيما يصل المعدل العالمي إلى أزيد من 9540 دولار ونسبة السكان الذين يعيشون تحت عتبة الفقر المطلق بالمغرب قد انتقلت من 6.6 في المائة إلى 11.7 في المائة داخل المناطق القروية.


الصحة
يعيش القطاع الصحي بالمغرب أزمة كارثية لم تستطع الحكومة المتعاقبة إيجاد منفذ لها طيلة مدة تدبيرها، وإن كانت البلاغات الرسمية وتصريحات كبار المسؤولين بالقطاع الصحي بالمغرب تأخذ طابعاً تفاؤلياً ضداً على الواقع. وهكذا يفضح لنا واقع الحال وكذا التقارير الميدانية المنجزة من قبل خبراء مغاربة وأجانب هذا الواقع المزري، الذي يعيشه القطاع الصحي ومن ذلك: (قلة عدد المستشفيات - نقص في عدد الأطباء - سوء التدبير- تردي مستوى الخدمات الصحية - غلاء أثمنة الأدوية على الأسر الفقيرة - انعدام الخدمات الصحية بالمناطق الريفية). تلك المشاكل يذهب كل سنة ضحيتها أرواح عديدة، خصوصاً في صفوف الأمهات خلال الولادة.
الفساد
إن مشكلة الفساد في القطاعين العام والخاص من بين أكثر المشاكل التي لا زال يعاني منها المغرب منذ عقود، والتي لم ينجح دستور 2011 في أن يضع حدا لها. ويحتل المغرب المرتبة 90 عالمياً في مؤشر مدركات الفساد العالمي، حسب تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2016. إذ يعرف المغرب انتشاراً كبيراً للرشوة واختلاس الأموال والزبونية مع غياب أي رقابة أو محاسبة. ولعل المظاهرات التي عرفتها مناطق الريف فيما سمي بحراك الريف، كانت أكبر دليل على سخط المغاربة على هذا الوضع، واظهرت مدى فشل الحكومة في تنزيل مشاريع سياسية واقتصادية واجتماعية، تضع حداً نهائياً لهذا الوضع. مما ساهم في انعدام الثقة في النخب السياسية الشيء الذي يجعل الشعب يلجئ إلى الملك بين الفينة والأخرى لمطالبته بالتدخل باعتباره الحكم الأعلى بين المؤسسات السياسية بالمغرب.
أما عدد الأسر المعوزة فقد انتقل بدوره من 56.8 في المائة إلى 60.5 في المائة، والمعدل الإجمالي للفقر على المستوى الوطني قد انتقل هو الآخر من 13.6 في المائة إلى 22.1 في المائة. الوضع الاجتماعي بالمغرب يتجه إلى مزيد من التدهور بسبب التدبير السيء للشأن العام، من أصغر جماعة إلى أكبر وزارة. والوضعية هذه دامت لسنوات طوال، عانت خلالها فئات عريضة من المجتمع خصوصاً في مناطق المغرب العميق والقرى والمناطق النائية وبالأحياء الهامشية واحياء الصفيح والمدن القديمة.
 
الهجرة
لقد عاد مشكل الهجرة إلى الواجهة خلال هذه السنة، ظهر ذلك من خلال انتشار مقاطع فيديو عديدة في مواقع التواصل الاجتماعي لشباب وأطفال مغاربة يهاجرون إلى اسبانيا عبر قوارب الموت. وموجة الهجرة الجماعية للشباب المغربي إلى أوروبا تفسيرها واضح، هو اليأس الذي تسرب إلى أذهان كل شاب نتيجة الإحساس بفقدان الأمل وانسداد الآفاق مستقبلاً، وفقدانهم الثقة في الاختيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي جاء بها دستور 2011.

تلك اختيارات بينت عن فشلها الذريع في عناصر أساسية أهمها النمو الديمغرافي (زيادة الساكنة)، فشل المشروع التعليمي (التعاقد)، فشل البرامج الاقتصادية، وغياب استراتيجية محكمة في مجال التشغيل (الرشوة والمحسوبية والمحزوبية). وكذلك فشل تنزيل ورش الجهوية المتقدمة، وغياب سياسة واضحة للاستثمار وخلق الثروة كبديل اقتصادي منتج لمناصب الشغل بدلاً من الحلول الترقيعية (المبادرة الوطنية للتنمية البشرية: مشروع بيع الحلزون، تربية الارانب، والدجاج...).

"سامحني يا وطني، جئتك اشتكي، ما لي بعد الله والصبر إلا أنت، إليك اشتكي، حائر لا أدري أمذنب أنت أم أنا أم الزمن؟!" عبارة أرددها كثيراً كلما شعرت باليأس والحزن. صدق من قال أن الفقر في الوطن غُربة والغِنى في الغربة وطن. ربما من سيقرأ هذه المقالة سيقول أنني متشائم أو غير موضوعي لأنني ركزت على السلبيات وتناسيت الايجابيات، لكن كل شيء اكتبه أعايشه وألامسه، فكل نقطة تطرقت لها عايشتها وأعايشها الآن. وكذلك لا أنفي أن هنالك الكثير من المشاريع الفعالة والمخططات التنموية الناجحة عرفها المغرب في شتى المجالات، ومغرب اليوم أفضل من مغرب الأمس. لكن أقول أنا إنسان عاش الفقر والتشرد والتهميش، ونام في الخلاء وأكل من القمامة، درست، تعلمت، ولم أجد عملاً. فلا تنتظروا مني أن أكتب لكم عن بهاء المغرب وجمال مراكش وطنجة، أو عن روتين العمل ورحلاتي بجبال الاطلس.

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button