هو ليس ساعي البريد في فيلم "ساعي البريد" للمخرج المغربي حكيم نوري ومن بطولة عزيز سعد الله، والذي كان أول شريط سينمائي (فئة 35 ملم) افتتحنا به في نادي الإقلاع السينمائي بابن جرير بسينما شهرزاد، موسمنا السينمائي عام 1986 في إطار الجامعة الوطنية للأندية السينمائية. وكان من حظ هذا الشريط أن عرضناه مكرهين للمرة الثانية بعد خطإ للمسؤول الموزع في البيضاء الذي بدل أن يرسل لنا شريطا آخر، أعاد لنا "ساعي البريد".
وهو أيضا ليس ساعي البريد في فيلم "الحوالة" لأب السينما الإفريقية المخرج السينغالي الكبير "عصمان سمبين"، والذي عرضه نادي الإقلاع بنفس قاعة السينما في ذات نفس الزمن الثقافي/ السينمائي الجميل.
ولكنه ساعي البريد السي أحمد التادلاوي الذي كان يأتينا بتلك الرسائل التي تفيض مشاعر صادقة تنتهي ب" أنا بخير ولا يخصني سوى النظر في وجهكم العزيز" أو يأتينا بتلك البشائر المضمنة في رسائل النجاح في مباراة من مباريات التوظيف التي كانت تعرض بالجملة، وكنا نصطفي منها ما نشاء، أو حين يأتينا السي التدلاوي بحوالة في حقيبته تفرج عنا الكرب، وتزرع فينا الروح لاستقبال سوق الثلاث بكل انشراح، والأعياد بكل سكينة واطمئنان. وإذا كانت "الحوالة" في فيلم الكبير عصمان سمبين لم تصل، فإن كل الحوالات التي كان يرسلها المرحوم والدي "با لحسن" من زنقة ملوية بدرب السبنيول بالدار البيضاء ويحملها السي التادلاوي، كانت تصل في وقتها.
كان مجرد ظهور السي التدلاوي على دراجته في الحي، يعطينا الانطباع أنه قد يكون في حقيبته شيء ما يخصنا، خاصة إذا كنا ننتظر استدعاء لاجتياز مباراة ما أو نتيجة لمباراة كنا اجتزناها من قبل. وفي غالب الأحوال فإن حضوره لم يكن "مزعجا" لنا إلا في الحالات النادرة التي يصلنا خبر مرض أو وفاة قريب أو أسف إدارة ما على عدم توفقنا في مباراة ما. عدا ذلك لم يكن السي التدلاوي في ذلك الزمن الورقي الجميل، سوى بشير خير.
حل السي أحمد التادلاوي بابن جرير في العام 1960، قادما من مراكش التي اشتغل بها كساعي بريد رئيسي بعد اجتيازه مباراة الدخول بنجاح، وحين قدومه عمل بالوكالة البريدية التي كانت من قبل قباضة ، إلى جانب رئيسها الفرنسي "ريفيير" الذي لعب الكرة كما سبقت الإشارة في النبش الرياضي الخاص بالسي حسن لكصير.
تكلف السي التادلاوي بالهاتف، وعمل موزعا للمكالمات الهاتفية، كما اشتغل في الوكالة ذاتها مكلفا بتأدية أجور قدماء المحاربين، ولاحقا عمل ساعيا للبريد في ابن جرير الصغيرة التي لم يكن يتعدى مجال عمله بعض الأحياء القديمة القليلة ومحطة القطار والمحكمة والدرك والقيادة. بعد ذلك توسع مجال عمله بتوسع أحياء الجماعة.
اشتغل السي أحمد التادلاوي إلى جانب عدد من رؤساء الوكالة يذكر منهم السي السرحاني والسي بنصالح والسي عبد الكريم المخ والسي حسن بلحودي والمرحوم السي بنمصور (صهر الصديق الحاج علي جبوج) والسي مصطفى ركبان.
بعد أن قضى كل هذا العمر الطويل متنقلا بين أحياء ومنازل ابن جرير التي يعرفها دار دار، زنكة زنكة، وكان يطرق أبوابها في قر البرد والمطر وحرارة الصيف، موصلا للناس رسائلهم وحوالاتهم وإشعاراتهم بالبرقيات والمضمونات والسريعة والطرود وغيرها من الخدمات، أحيل السي أحمد التادلاوي على التقاعد سنة 1992 بعد أن أدى مهمته على أكمل وجه، لكن دون أن ينال لقاء ذلك ما يستحق من التكريم والاعتبار الماديين والمعنويين، باستثناء وسام ملكي من الدرجة الأولى وزيارة لأداء مناسك الحج سنة 1998.
وإذا كان من شيء يلملم جراحات الجحود، فهو حب الناس الذين عرفوا السي أحمد عن قرب على امتداد سبعة عقود خلت، وهو حب ولديه (منير ونور الدين) اللذين ساهما وضحيا من جانبهما بعرقهما وجسديهما وصحتيهما كلاعبين متميزين في صفوف فريق المدينة لكرة القدم، إضافة إلى شقيقتهما الأستاذة المحترمة مليكة التادلاوي التي جاورتها للسنوات الثلاث الأخيرة من مساري المهني بمدرسة الحسن بوعياد، وكانت بحق نعم المربية ونعم الأستاذة ونعم الزميلة.
كل التقدير للسي أحمد التادلاوي من زمن الشوق للنظر في الوجه العزيز.
وهو أيضا ليس ساعي البريد في فيلم "الحوالة" لأب السينما الإفريقية المخرج السينغالي الكبير "عصمان سمبين"، والذي عرضه نادي الإقلاع بنفس قاعة السينما في ذات نفس الزمن الثقافي/ السينمائي الجميل.
ولكنه ساعي البريد السي أحمد التادلاوي الذي كان يأتينا بتلك الرسائل التي تفيض مشاعر صادقة تنتهي ب" أنا بخير ولا يخصني سوى النظر في وجهكم العزيز" أو يأتينا بتلك البشائر المضمنة في رسائل النجاح في مباراة من مباريات التوظيف التي كانت تعرض بالجملة، وكنا نصطفي منها ما نشاء، أو حين يأتينا السي التدلاوي بحوالة في حقيبته تفرج عنا الكرب، وتزرع فينا الروح لاستقبال سوق الثلاث بكل انشراح، والأعياد بكل سكينة واطمئنان. وإذا كانت "الحوالة" في فيلم الكبير عصمان سمبين لم تصل، فإن كل الحوالات التي كان يرسلها المرحوم والدي "با لحسن" من زنقة ملوية بدرب السبنيول بالدار البيضاء ويحملها السي التادلاوي، كانت تصل في وقتها.
كان مجرد ظهور السي التدلاوي على دراجته في الحي، يعطينا الانطباع أنه قد يكون في حقيبته شيء ما يخصنا، خاصة إذا كنا ننتظر استدعاء لاجتياز مباراة ما أو نتيجة لمباراة كنا اجتزناها من قبل. وفي غالب الأحوال فإن حضوره لم يكن "مزعجا" لنا إلا في الحالات النادرة التي يصلنا خبر مرض أو وفاة قريب أو أسف إدارة ما على عدم توفقنا في مباراة ما. عدا ذلك لم يكن السي التدلاوي في ذلك الزمن الورقي الجميل، سوى بشير خير.
حل السي أحمد التادلاوي بابن جرير في العام 1960، قادما من مراكش التي اشتغل بها كساعي بريد رئيسي بعد اجتيازه مباراة الدخول بنجاح، وحين قدومه عمل بالوكالة البريدية التي كانت من قبل قباضة ، إلى جانب رئيسها الفرنسي "ريفيير" الذي لعب الكرة كما سبقت الإشارة في النبش الرياضي الخاص بالسي حسن لكصير.
تكلف السي التادلاوي بالهاتف، وعمل موزعا للمكالمات الهاتفية، كما اشتغل في الوكالة ذاتها مكلفا بتأدية أجور قدماء المحاربين، ولاحقا عمل ساعيا للبريد في ابن جرير الصغيرة التي لم يكن يتعدى مجال عمله بعض الأحياء القديمة القليلة ومحطة القطار والمحكمة والدرك والقيادة. بعد ذلك توسع مجال عمله بتوسع أحياء الجماعة.
اشتغل السي أحمد التادلاوي إلى جانب عدد من رؤساء الوكالة يذكر منهم السي السرحاني والسي بنصالح والسي عبد الكريم المخ والسي حسن بلحودي والمرحوم السي بنمصور (صهر الصديق الحاج علي جبوج) والسي مصطفى ركبان.
بعد أن قضى كل هذا العمر الطويل متنقلا بين أحياء ومنازل ابن جرير التي يعرفها دار دار، زنكة زنكة، وكان يطرق أبوابها في قر البرد والمطر وحرارة الصيف، موصلا للناس رسائلهم وحوالاتهم وإشعاراتهم بالبرقيات والمضمونات والسريعة والطرود وغيرها من الخدمات، أحيل السي أحمد التادلاوي على التقاعد سنة 1992 بعد أن أدى مهمته على أكمل وجه، لكن دون أن ينال لقاء ذلك ما يستحق من التكريم والاعتبار الماديين والمعنويين، باستثناء وسام ملكي من الدرجة الأولى وزيارة لأداء مناسك الحج سنة 1998.
وإذا كان من شيء يلملم جراحات الجحود، فهو حب الناس الذين عرفوا السي أحمد عن قرب على امتداد سبعة عقود خلت، وهو حب ولديه (منير ونور الدين) اللذين ساهما وضحيا من جانبهما بعرقهما وجسديهما وصحتيهما كلاعبين متميزين في صفوف فريق المدينة لكرة القدم، إضافة إلى شقيقتهما الأستاذة المحترمة مليكة التادلاوي التي جاورتها للسنوات الثلاث الأخيرة من مساري المهني بمدرسة الحسن بوعياد، وكانت بحق نعم المربية ونعم الأستاذة ونعم الزميلة.
كل التقدير للسي أحمد التادلاوي من زمن الشوق للنظر في الوجه العزيز.
لست ربوت