من ذاكرة ابن جرير الرياضية الموجعة: المرحوم حسن بلهبالي الشهير ب (كالا): عندما يختلط اليتم والفقر والإعاقة بعشق الكرة وخدمتها بلا حدود.

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية من ذاكرة ابن جرير الرياضية الموجعة: المرحوم حسن بلهبالي الشهير ب (كالا): عندما يختلط اليتم والفقر والإعاقة بعشق الكرة وخدمتها بلا حدود.

من ذاكرة ابن جرير الرياضية الموجعة: المرحوم حسن بلهبالي الشهير ب (كالا): عندما يختلط اليتم والفقر والإعاقة بعشق الكرة وخدمتها بلا حدود.

                                                                                                                                                                            لا هو غيتانو "كالا" الإيطالي، ولا هو خوسي لويس "كالا" ولا دافيد "كالا" الاسبانيين، ولا هو ريموند "كالا" الكامروني، ولا هو "كالا" النادي القنيطري والمنتخب المغربي زمن ستينيات وبداية سبعينيات القرن الماضي. هو حسن بلهبالي المعروف على نطاق واسع داخل ابن جرير. والراجح أن الجيل الذي أطلق عليه لقب "كالا" قد يكون اختار ذلك تشبها ببعض ملامح الشبه على مستوى الوجه بينه وبين لاعب النادي القنيطري والمنتخب الذي جاور اللاعب الدولي المرحوم حسينة أنفال وآخرين.
في اعتقادي، إن كان من وجه رياضي يستحق أن يكرم الأمس قبل اليوم والغد، فهو ذلك الشاب اليتيم الذي ينسدل الشعر الكثيف على كتفيه، ويمشي بخطوات سريعة تتمايل يمنة ويسرة، وعندما يتحدث إليك تعلو وجهه حمرة فيها من التقدير والاحترام أكثر ما فيها من الوجل والضعف، والذي عاش في قلب الأحداث وعلى هامشها في نفس الوقت، ووضع نفسه وجوارحه كلها رهن إشارة الكرة بلا حدود، حتى وهو دون عمل، ودون دفء أسري، ودون أفق حالم كبقية أقرانه، باستثناء أخويه عبد اللطيف وامبارك اللذين احتضنهما معا وأحسن إليهما بما يلزم من الرعاية في سلوك إنساني استثنائي.
ولأنه كان على ذلك الوضع الاجتماعي الهش، فقد كان عشقه المجنون للكرة ولفريق البلدة، متنفسه الذي يفرغ فيه انكساراته الداخلية، وهو ما يجعله لا يتردد في خدمة كل ما ومن يطلب منه الخدمة المتعلقة بكل ما يدور في محيط الفريق ومحيط التظاهرات والدوريات التي كانت تنظم بين الفينة والأخرى.
وثاني الأشياء التي تعتبر في اعتقادي سببا على درجة من الأهمية في ضرورة رد بعض الاعتبار واستحضار ذكراه على الأقل، هي أن المرحوم حسن لم يسبق له أن ولج المدرسة، وعلى الرغم من ذلك امتلك معجما لغويا لا يوحي أن الرجل لم يمر من مقاعد المدرسة، وذلك راجع إلى احتكاكه الدائم ببعض أصدقائه الدائمين كالسي محمد بودن والسي محمد حميدشات والحاج ادريس تومرت، الذين بلا شك كان لهم تأثيرعلى مكتسباته المعرفية واللغوية والسلوكية.
كان السي حسن كثير التردد على الملعب، ويتدرب باستمرار بشكل فردي أو داخل المجموعة صحبة صديقه السي محمد بودن، ثم أدمجا في صنف الشبان قبل أن يتم إلحاقهما بفريق الكبار سنة 1974، وكان من مميزاته التي شفعت له كثيرا في المشاركة رسميا في بعض المباريات، هي قوة تسديداته في الضربات الثابتة المرعبة .
بعد أن اعتزل اللعب، تكلف بأمتعة الفريق من حيث كل ما يلزمها من تصبين وصيانة وحفظ، وذلك مقابل تعويض لا يرد عليه وعلى أخويه غائلة الجوع في أيام ذات مسغبة.
إن كان المرحوم السي حسن "كالا" يبدو مجروحا في دواخله للوضع الاجتماعي الذي عاشه رفقة أخويه شبه المعاقين، فإن ذلك لم يمنعه من الاعتناء بمظهره مكابرا ومعاندا مصيره ومصير أخويه والذين لم يختاروا جميعهم ذلك المصير، إلى أن انتهت رحلته في الحياة، واختطفه الموت سنة 2006 دون أن يترك ذرية ولا ولدا، مادام كرس كل حياته لأخويه الذي كان لهما في مقام الأب والأم اعتبارا لكونهما كانا معا يعانيان من اضطرابات عقلية غير طبيعية. توفي الأكبر (عبد اللطيف) سنة 2017، فيما لازال الثاني (امبارك) على قيد الحياة، من حسن الحظ أن السي حسن ترك له بيتا جاهد قيد حياته حتى بناه آجورة آجورة.
لا أخفي أنني بمجرد ما لاحت لي صورة الراحل حسن "كالا" على جدار الصديق الحاج ادريس تومرت، حتى انتابني شعور بالأسى والندم، لأنني وغيري ممن يزعم أنه يحمل قلما، لم نقم بما كان يتوجب القيام به إزاء حالة استثنائية إنسانية وهي لازالت تمشي على الأرض وتعاني في صمت، لا ترتبط بالرياضة والكرة بشكل مخصوص، بل تتعداها إلى ما يعتمل في القعر الاجتماعي من معاناة وآلام يواجهها أصحابها في العلن بالابتسامة، وفي التوحد مع الذات بالحرقة والدموع.
مت يا حسن ومن يشبهك في القعر، فتكفيهم مواسم الخيل وصهيلها وما يأتي منها.
لروح السي حسن "كالا" كل السكينة والسلام.
بقلم عبد الكريم التابي 

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button