من ذاكرة مناضلي الاستقلال القدامى: الحاج سْعيد بلحبشية: نقطة من إحداثيات حزب الاستقلال المهمة في الدوار الجديد. التابي عبد الكريم

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية من ذاكرة مناضلي الاستقلال القدامى: الحاج سْعيد بلحبشية: نقطة من إحداثيات حزب الاستقلال المهمة في الدوار الجديد. التابي عبد الكريم

من ذاكرة مناضلي الاستقلال القدامى: الحاج سْعيد بلحبشية: نقطة من إحداثيات حزب الاستقلال المهمة في الدوار الجديد. التابي عبد الكريم

ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏                                                                                                                                    سْعيد بتسكين السين هكذا ينبغي أن ننطقها وإلا ضاع وسط كثير من أسماء سَعيد المفتوحة السين، والتي في الغالب لا ترتبط إلا بطفل أو شاب. وقلما نستسيغ أن رجلا متقدما في السن اسمه سَعيد مفتوح السين. وقلما نجد الناس ينادونه بها إلا إذا كانوا اعتادوا عليها من الصغر، كحالة لاعب الرجاء والمنتخب في الستينيات والسبعينيات سَعيد غاندي، والذي كنا ولازلنا نسمعها وننطقها مفتوحة، باستثناء عميد المنتخب في مونديال ميكسيكو 1970 المرحوم الجنرال ادريس باموس الذي كان يناديه ب"سْعيد" مسكونة السين.
ولهذا فالحاج سْعيد شاءت السين الساكنة، أن تجعل منه اسما علما بارزا متفردا في زمنه وجيله، وتعرفه كل ساكنة ابن جرير وكثير من ساكنة الرحامنة. وليس هذا فحسب، بل أن شهرة أبنائه وخاصة الحسين وإبراهيم لاعبي الفريق المحلي لكرة القدم زمن ستينيات القرن المنقضي، زادته شهرة على شهرة انتسابه بالروح والدم إلى حزب الاستقلال. فالحسين كان مدافعا أوسط أنيقا بمهارات الضربات المقصية الهوائية التي كان يتفرد بها، والتي جعلت منه مدافعا يقترب من مواصفات لاعب المنتخب في السبعينيات المرحوم قاسم السليماني. أما إبراهيم، فلم نكن نعر بالا للتقنيات الفنية التي يفتقر إليها، بقدر ما كان يعجبنا ببنيته القوية التي كان "يشلظ" بها سيقان كل من يسوقه إليه القدر غير الرحيم، شأنه شأن مدافعي ذلك الزمن الأقوياء من طينة السي أحمد تركية، والذي على المهاجم الذي "سخطت" عليه أمه ويلعب بجانبه، أن يصلي بعد نهاية المباراة ركعتين حمدا وشكرا لله على السلامة، خاصة في ذلك الملعب المغطى بالصخر والجلمود كأنه قطعة من مستوية من جبال "تورابورا".
وإن كان من أحد سكن الحاج كبور عقله في الحلم واليقظة كما في الغدو والرواح، فهو السي إبراهيم الذي كان يتطير من هذا الاسم، ويعتبره مسؤولا عن كل خطايا البشر منذ بدء الخليقة، وصارت عبارة "أ سيحة الحاج كبور" تجري على لسانه كلما حدث أو كاد يحدث مكروه له أو لأحد أقاربه في البيت أو لأحد المارة في الشارع العام. وقد حدث مرة أن انزلق لوحده بالحمام العمومي، فلم يجد من مشجب يعلق عليه سقطته سوى أن قال وبصوت عال: (أ سيحة الحاج كبور).
ويبدو من خلال هذا الحشو والحشر لأبناء الحاج سعيد في هذا النبش الخاص به بالأساس، طبيعة النقاش الذي كان يدور في البيت وربما كنقطة فريدة يركز عليها الرايس سْعيد داخل مجاله العائلي، ويشحذ بها همم أبنائه وجيرانه ليدعموا حزب الاستقلال، ويكونوا بالتالي في حالة تأهب قصوى للحروب الكلامية أو البدنية مع (العدو) الأبدي والذي لا عدو إلاه، حتى ولو كان "عازر وايزمان" أو "موشي ديان".
ارتبط السي سعيد ولد الحبشية ( كما يعرف في ابن جرير) كغيره من مجايليه مبكرا بحزب الاستقلال، وشب وشاب عليه متمسكا به، يحفظه في القلب ويصرفه باللسان واليدين إذا لزم الأمر. حاضر في كل محطاته الأساسية، وله عشاقه ومريدوه وأنصاره في الدوار الجديد، وإلا ما كان له أن يظفر بمقعد له في المجلس القروي للولاية الجماعية 76/83، وذلك طبعا بعد انتخابات شاقة وعسيرة ومحمومة مع منافس لم يكن بالهين، والذي لا يدخر أي جهد وأية وسيلة في دحر (أعدائه) مسنودا بجرعات من المهيجات التي يوفرها له رجال السلطة وأعوانهم قبل الانتخابات وأثناء الحملة وحتى يوم الاقتراع بما فيها الفرز وتدوين المحاضر بما يروق ويرضي (الصفرا العزيزة).
شكل إلى جانب السي عبد القادر الحنين والسي عمر المعتقد والسي بن الطاهر والسي عبد الله بوستة والسي عزوز عامر والسي حسن الناصري والسي عبد الرحمان سلامة، من جهة الواجهة الأمامية للحزب التي عادة ما تضمن مقاعدها في المجالس القروية التي تعاقبت على جماعة ابن جرير، ومن جهة أخرى الجبهة الأمامية التي تخوض الصراع الميداني في استمالة الجماهير إلى صفها وتأليبها على (عدوها) اللذوذ (الحركة الشعبية) غير عابئة بما يجري من صراع خارج مجال ابن جرير حول السلطة وضد الاستبداد وضد نظام الحكم، ما دامت تعتقد أن مركز الصراع هو الحركة الشعبية والحاج كبور بشكل مخصوص.
لم يسبق أن تعرفت إليه كما أنه لا يعرفني عكس السي عبد القادر الحنين والسي عبد الوهاب بنطالب والسي عبد الرحمان سلامة، الذين تعرفت إليهم واستمعت إليهم بشكل مباشر، وتتبعت مداخلاتهم ومواقفهم خلال الولاية الجماعية 92/97 التي رأسها السيد الهمة. وهذا ما لا يسمح لي بالمعرفة الدقيقة بالرجل ومواقفه الشخصية في صراع حزب الاستقلال ضد الحركة، وهل ظل صامدا مستميتا دون أن "يتعثر" أم استمر كما كانت البدايات، إلا أن ما علمته وتأكدت منه من بعض رفاقه من جيله، أنه ( بقى معانا ف الحزب والشهادة لله وما راغش علينا). يكفي أنه ورفاقه وبما كانوا يملكون من ثقافة سياسية محدودة بالمعنى العالم للثقافة، كان لهم دور في زمنهم، والأهم أنهم ظلوا أوفياء لما يعتقدونه صوابا في ممارستهم للشأن العام من داخل إطار سياسي اعتبروه ملاذا للروح والجسد.
ملحوظة لن تمر: أحببت حفيده رشيد الهماز لما كان تلميذا مجدا في القسم الخامس الذي درسته منتصف الثمانينيات، وزاد تقديري له لما أراه اليوم قلما "منجورا" يصنع كلاما "أرابيسك" على سطح موج الفايسبوك.

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button