شيخ الإسلام… القطيعة مع القصر والتوجه نحو اليسار 3/3 دانية الزعيمي

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية شيخ الإسلام… القطيعة مع القصر والتوجه نحو اليسار 3/3 دانية الزعيمي

شيخ الإسلام… القطيعة مع القصر والتوجه نحو اليسار 3/3 دانية الزعيمي

                                                                                               كان يرى أن الدستور لا يعطي السلطة للشعب، فيما ينص على أن سلطة الملك تعلو كل ما سواها… هذا التوجه حسب رأيه، يخالف ما كان يحلم أن تذهب بلاده في اتجاهه؛ خاصة وأن الدعاية للتصويت على دستور 1962، قيل فيها إن من يصوت بـ”لا”، قد خرج عن الإسلام، وهو ما رأى فيه شيخ الإسلام بوادر خلط بين الدين والسياسية.
بعدما تابعنا في الجزء الأول نشأة محمد بن العربي العلوي، ثم في الجزء الثاني بعضا من الخصال التي شكلت معدن شخصيته، في هذا الجزء، الثالث، نتطرق إلى المحطات الأخيرة من حياة شيخ الإسلام.
عام 1960، بعد نيل المغرب لاستقلاله، اعتقل ثلاثون من قادة المقاومة وجيش التحرير، من بينهم محمد بن سعيد ايت يدر، وعبد الرحمن اليوسفي ومحمد البصري وغيرهم، فيما سمي آنذاك بـ”مؤامرة اغتيال ولي العهد”.
هذا المعطى أنذر بنهاية علاقة شيخ الإسلام مع القصر، حيث أنه أعلن استقالته من منصبه وزيرا مستشارا بمجلس التاج، وهو المنصب الذي شغله لسنوات.
ساند شيخ الإسلام الاتحاد الوطني للقوات الشعبية في مقاطعته للدستور، بل وحضر تجمهرا خطابيا لبوعبيد يدعو فيه إلى مقاطعة الدستور وكان بجانبه، ثم ترأس المؤتمر الثاني للحزب، ليستمر مسلسل ثباته على آرائه والمواقف التي عرفت عنه.
بالرغم من أن شيخ الإسلام كان الرجل الذي صلى صلاة الجنازة على محمد الخامس، غداة وفاته سنة 1961، إلا أن علاقته مع القصر شارفت على نهايتها فعليا مع مشروع دستور سنة 1962، ذلك أنه ساند التصويت بـ”لا” في الاستفتاء على الدستور، بل واعترض على نصه وما جاء فيه.

كان شيخ الإسلام يرى أن الدستور لا يعطي السلطة للشعب، فيما ينص على أن سلطة الملك تعلو كل ما سواها. وكان يرى أن هذا التوجه يخالف ما كان يحلم أن تذهب بلاده في اتجاهه؛ خاصة وأن الدعاية للتصويت على الدستور، قيل فيها إن من يصوت بـ”لا”، قد خرج عن الإسلام، وهو ما رأى فيه شيخ الإسلام بوادر خلط بين الدين والسياسية.
أمام هذا الوضع الجديد، لم يجد بدا من مساندة اليسار، واختلف في ذلك اختلافا صريحا مع الحسن الثاني. حين وقع الانشقاق في حزب الاستقلال الذي ظل فيه علال الفاسي وأحمد بلافريج وغيرهما، كان قد نحى شطر التوجه الثاني، الذي ذهب فيه المهدي بنبركة وعبد الرحيم بوعبيد وغيرهما.
هكذا، ساند شيخ الإسلام الاتحاد الوطني للقوات الشعبية في مقاطعته للدستور، بل وحضر تجمهرا خطابيا لبوعبيد يدعو فيه إلى مقاطعة الدستور وكان بجانبه، ثم ترأس المؤتمر الثاني للحزب، ليستمر مسلسل ثباته على آرائه والمواقف التي عرفت عنه.

نهاية عالم شجاع

سيعود شيخ الإسلام بعدما فض علاقته مع القصر إلى حياته العادية في فاس، سنة 1962، وسيرفض راتب تقاعده، وسيعيش على ما يبيعه من حليب بقراته وبيض دجاجاته. استمر على حاله تلك، إلى غاية 4 يونيو 1964، اليوم الذي سيوافي فيه أجله في بيته البسيط. لم يكن لأبنائه الأحد عشرة، سوى أن نفذوا وصيته بدفنه جنب والديه في مسقط رأسه بمدغرة، كما نفذوا رغبته في أن يبقى قبره أكوام حجر وألا يعتليه شاهد أو بناء أو زخرفة.
جدير بالإشارة أن البعض يأخذ على عالم مرموق، كشيخ الإسلام، أنه لم يترك آثارا مكتوبة، غير بعض الأشعار المنسوبة إليه، وبعض أحكامه الشرعية حين كان رئيسا للاستنئناف الشرعي بالرباط.

في الأخير، يقول محمد بن سعيد آيت يدر[1]: “يقدم لنا محمد بن العربي العلوي أبلغ مثال على حقيقة أنه عندما نحلّ، كمناضلين، تناقضاتنا الخاصة مع أنفسنا أولا، كما فعل الشيخ، لن تفلح أية قوة في أن تكسرنا أو تستوعبنا أو تستعملنا، ونستطيع في كل حين أن نخرج من فم السبع أحياء نرزق. يعني أن نبقى، رغم الوزارة وبعد الوزارة، ما كنا إياه قبل الوزارة، أي مناضلين”.

[1]  عن كتاب: “شيخ الإسلام محمد بن العربي العلوي، السلفية المستنيرة”.

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button