لطالما همشت وأقصيت المرأة المغربية في كثير من المجالات ولم تعطى حقها رغم تضحياتها ومساهماتها في إصلاح بلدها، وكيف لا وهي المجتمع كله، فكم سهرت وقاست وبادرت و... لكن للأسف عند ذكر إصلاحات المغرب واستقلاله وحتى تاريخه لا يتبادر لأذهاننا سوى أبطال رجال، مما أشعل مشاعر الغيرة في قلبي بصفتي فتاة مغربية وبدأت بالتقاط مجموعة من المعلومات وجمعها من شتى المواقع والمراجع لكتابة هذا المقال، لعلني أمسح الغبار عن أسماء باتت محل نسيان ...
ولماذا لا نبدأ بأول امرأة تولت الوزارة في المغرب وهي ''خناثة بنت بكار'' عالمة وفقيهة وأدبية وسياسية مغربية، زوج السلطان ''إسماعيل بن الشريف''، تركت بصمة في عدة مجالات: سياسية كتوليها الوزارة كما ذكرت سابقا ومشاركتها في اتفاقيات السلام والتجارة التي عقدت مع ابريطانيا، علمية كتعليقها على كتاب ''الإصابة في تمييز الصحابة لابن العسقلاني" واجتماعية حيث كانت تهتم كثيرا بالفقراء والمحتاجين حتى مدحت في قصيدة لمحمد بن علي الحسيني الطبري قال فيها عند حجها للبيت الحرام : فاحت بها مكة **رغبة ومحبة من سائر الأخيار ** وهي الحقيقة بالجلالة في الورى** فجلالة الأضياف ليس بعار.
"عودة الزناتية" أميرة مرينية استطاعت أن تكون أول سفيرة ديبلوماسية في إسطانبول عاصمة الدولة العثمانية .
"عائشة بنت محمد بن الجبار" الطبيبة الماهرة التي تعلمت الطب على يد صهرها ''محمد الشريشي'' بسبتة و التي أصبحت عارفة بأسرار صناعة الأدوية والعقاقير، كانت أيضا نشيطة في الحياة الاجتماعية ومعروفة بمكارم الأخلاق، حيث كانت توصف بالعاقلة، عالية الهمة، نزيهة النفس وجزيلة الكلام، ختمت حياتها بصدقة جارية إذ عهدت بتوقيف رباعها في سبيل الخيرات.
"عائشة بنت علي بن راشد" تولت حكم مدينة تطوان بعد وفاة زوجها القائد "أبي الحسن المنظري"، حكمت لمدة ثلاثين سنة، اتصفت هذه الحرة بقوة الشخصية وبكونها قائدة للجهاد ميالة إلى الحروب.
"مسعودة الوزكيتة" عاشت في العصر السعدي، كانت عالمة غيورة على بلدها، تحمل هم إصلاحه وتقدمه، اعتنت بإصلاح السبل، وبنت القناطر والجسور والمدارس.
ولايمكن طبعا الحديث عن "مغربيات سطرن التاريخ" دون إطلالة على مغربيات عشن في عهد قريب من عهدنا ألا وهو عهد الاستعمار، نعم فلا يمكن نسيان النسوة اللواتي كافحن وناضلن وذقن مرارة الاعتداء والقمع إلى جانب شقائقهم الرجال لمكافحة المستعمر المعتدي الفرنسي والإسباني. فمنهم من شاركت بطريقة مباشرة كالانخراط في الأحزاب و المنظمات السياسية والعمل على تأطير النساء وتوعيتهم بالقضية الوطنية ونقل الأسلحة بل وحتى صنعها وكالطبخ للمقاومين وتضميد جراحهم...
ومنهم من شاركت بطريقة غير مباشرة كإرسال الرسائل الشفوية إلى المقاومين الذين يطرقون بابها وتسليمهم المناشير وكذالك حراسة الأسلحة المخزونة في بيتها.
ومن بين هؤلاء المجاهدات:
"رابحة أنوار" شاركت في حركة المقاومة وعمرها لا يتجاوز سبع عشرة سنة، وبالإضافة إلى مشاركتها في مثل هذه الأعمال شاركت أيضا في الهجوم على السجن المدني في ثورة غشت سنة 1955 قصد تسريح الوطنيين المعتقلين، كما شاركت في مهاجمة مركز الشرطة فألقي عليها القبض وسجنت ثم أبعدت عن إلى إحدى بوادي مدينة ''خنيفرة'' لإطفاء حماسها، فمكثت فيها إلى أن عاد الملك محمد الخامس من المنفى.
"ظهو نعيشة" من النساء اللواتي كن حريصات على الحصول على الأخبار ونوايا المستعمر لإبلاغها بسرية تامة إلى المجاهدين والوطنيين، ولم تقف مقاومتها على الاستخبار والتبليغ فقط بل بلغت بها إلى أن قتلت زوجها لما علمت خيانته وعمالته للمحتل، وفي هذا الفعل من الأدوار البطولية مافيه نصرة للدين ودفاعا عن قضية الوطن.
''فاطمة عزايز" الملقبة ب"فاما" المرأة التي أفنت عمرها في مواجهة الاستعمار الفرنسي والاسباني والدولي في طنجة، من مواليد مدينة شفشاون شمال المغرب، نزحت من مسقط رأسها هذا لتلتحق بالخلايا السرية التي تكبدت فيها كل المخاطر من أجل مغرب مستقل وذاقت كل صفوف التعذيب والقهر ووقعت في الأسر عدة مرات. وقد كانت في الأول ناشطة سياسية ثم غيرت مسارها إلى العمل الجمعوي للدفاع عن حقوق النساء وعن قضية الاعتقال السياسي وحرية الرأي والتعبير، توفيت سنة 2004.
وغيرها من المناضلات اللواتي رفعن راية التحرير كمليكة الفاسي المرأة الوحيدة التي وقعت على وثيقة الاستقلال وكفاطمة بنت علال أول شهيدة سقطت في معركة ''واد زم" سنة 1955...
وآخرا وليس أخيرا، هذا حال المغربيات المسلمات وكل النساء اللواتي تسلحن بقيم الإسلام والأخلاق والعلم والكفاح والصبر... فأين نحن منهن ؟!!