- الرحامنة.. روح بداوة المغرب - الرحامنة العيطة.. تَجلّي النساء بالشعر المُغنى والدعاء

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية - الرحامنة.. روح بداوة المغرب - الرحامنة العيطة.. تَجلّي النساء بالشعر المُغنى والدعاء

- الرحامنة.. روح بداوة المغرب - الرحامنة العيطة.. تَجلّي النساء بالشعر المُغنى والدعاء

  www.aljazeera.net
منذ القدم اشتهرت قبيلة الرحامنة بفن "العيطة" الغنائي الشعبي. وينخرط فيه الرجال والنساء معا، على تفوق للنساء منحتهن إياه الحياة القروية التي ترتبط مشقة العمل فيها بتسلية الغناء، الذي سرعان ما يتحول إلى حياة من المعاني عن البداوة ومشاغل أهلها، ومشاغل الوطن أيضا عندما كان في فترة الاستعمار الفرنسي للمغرب واحدا من أهم الأسلحة الحماسية.

في اللهجة المغربية تعني كلمة "العيطة" النداء، إذ كان الهدف الأساسي من هذا الفن هو المناداة على أفراد القبيلة، واستنهاض هممهم وشحذ عزيمتهم، وبقي هذا الاسم ملاصقا لهذا الفن دون أن يتغير، وإن أخذ سمات القبائل بتنوعها، فباتت لدينا العيطة الحوزية التي تعتبر منطقة الرحامنة من معاقلها، والعيطة المرساويّة، والعيطة الملاّلية، والعيطة الدكالية، وعيوط أضاف إليها الباحثون في المجال، العيطة الحصباوية والعيطة الخريبكية، وكل منها يسمى باسم المنطقة التي نشأ فيها وذاع منها.

 ويعتمد هذا الفن بالأساس على طريقة أو نمط إلقاء الكلمات، في ما يسمى في اللهجة المحلية بالرحامنة، كأمر للأجود بين نسائها في ذلك، "هزي الغنّاية" أي "ارفعي مطلع الأغنية/العيطة"، تصاحبها بعد ذلك آلات موسيقية قليلة، أهمها الطعريجة و"المقص"، والتحق بركبهما الكمان (الكمنجة) كما يسمى في المحكي المحلي.

في قبيلة/إقليم الرحامنة وعلى عكس قبائل أخرى، كان عدد النساء المشهورات بفن العيطة أكثر من عدد الرجال، ومن بين أيقونات المنطقة "الشيخة السعدية نقيرة" )الشيخة تعني السيدة الفنانة التي تخصصت بفن العيطة( التي تحكي عنها لمجلة الجزيرة أختها الصغرى "الخالة رقية" (91 عاما).

تقول الخالة رقية إن شقيقتها "كانت ذات صوت شجي طرب له كل من سمعه، وكان أعيان المنطقة وقادتها يتسابقون إلى دعوتها لإحياء حفلاتهم وسهراتهم الفنية، التي يفاخرون بها الأعيان وكبار الفلاحين وأعيان القبائل الأخرى، وهو ما كان محط غيرة نساء الرحامنة، بالأخص الشيخات، فعمدت واحدة منهن إلى تسميم أكلها، فلقيت حتفها في عز شبابها وعطائها".

تختتم الشيخة الغناء بالدعاء وهي من تقوم بكتابة كلمات الأغنية حتى وإن كانت أمية  (الجزيرة)
تضيف الخالة رقية أن شقيقتها الشيخة السعدية "جابت القبائل بالعيطة الحوزية، وكانت لها فرقة بين أفرادها سيدة من الجزائر استقر بها المقام في الرحامنة، وأصبحت لاحقا واحدة من الشيخات المعروفات".

ومن بين أشهر مقاطع أغاني العيطة التي تغنت بها الشيخة السعدية وغيرها من شيخات الرحامنة، هذا المقطع الذي يؤرخ لمعركة سيدي بوعثمان عام 1912 بين الجيش الفرنسي وجيش المقاوم المغربي أحمد الهيبة، وهزم فيها هذا الأخير، إذ تقول فيها "فين أيامك بوعثمان؟ كان موسم ولا حـرْكة لا خـزانة ولا عود بقا، شعلات النار بلا دخان ورا الطرابش كي بلعمان، ورا الموتى كيف الذبان، ورا العسكر حابس البيبان"، وتتحسر فيها على انكسار منطقة سيدي بوعثمان في الرحامنة بهذه الهزيمة، ومذبحة المستعمر في أهلها.

في العيطة غالبا ما تقوم الشيخة -بالإضافة إلى الغناء- بكتابة وتأليف كلمات الأغاني أيضا. ولا يحتاج الأمر إلى أن تكون متعلمة، بل تُنظم شفهيا وتُتناقل سماعا. كما لا يحتاج أن تكون السيدة شيخة، فهناك نساء كثيرات هاويات لهذا الفن في جميع دواوير وقرى الرحامنة، يعكفن على تأليف أغان تتغنى على سبيل المثال بأزواجهن وأبنائهن، ويرد فيها ذكر اسم الشخص الذي أريد للأغنية أن تكون له. ويمكن أن تغنى تلك الأغنية في قرية أخرى بحيث يتم استبدال اسم صاحبها باسم شخص جديد، وهكذا دواليك.

ومن الطرائف التي تحكى في هذا الباب بالرحامنة، عن سيدتين تنازعتا على نسبة أغنية/عيطة، أنهما تخاصمتا لأجلها عند الدرك الملكي، وهو المكلف بحفظ الأمن في قرى المغرب، وكان قائد فرع الدرك رجلا فطينا فقال لهما "من غنتها أفضل ستنسب إليها"، فغنتاها على التوالي أمامه، أطرب ثم فصل في أمرهما حسب ذوق استماعه.

التصنيفات:
تعديل المشاركة
Back to top button