يقدم حنا مينة الأحداث في "غيم أسود" و التي هي عنوان افتراضي للرواية المعروفة " بقايا صور"من خلال عيون طفل نظراته شبه محايدة، تقوم مقام كلمات الراوي، أو الشخص الثالث الذي يتكلم بضمير الأنا، مثلما فعل هنري، الذي هو هموارنست همنغواي ذاته، في "وداع للسلاح" لكننا في عملية إزاحة التمويه عن وجه الحقيقة، نطالع صور حياة المؤلف بالذات، الصور التي منها بقايا في الوعي اللاواعي، وبقايا في الوعي غير الكامل، وبقايا في الوعي الكامل تماماً، عندما يخبرنا الصبيا في نهاية الرواية، أنه كف عن لملمة عناصر صورة من ذكرياته الغاربة، وأقوال أهله العالقة في ذهنه، وأنه يعتمد في الفصول الأخيرة على ما شهده بنفسه. وإذا كان الخوف قدر أسرة هذا الطفل في الرواية، وقدر كل فرد من أفرادها، كما تكشف عنه الأحداث المتتالية، فإنه قدر اجتماعي يحيط الأسرة بكل أطر الفقر والقهر والاضطهاد. وذلك لأن قوة أكبر، قوة الإقطاع والأمراء والدرك، تفرضه عليها.
من هنا فإن القراءة الاجتماعية للرواية تجد مبرراتها حين نحاول أن نبحث عن الخوف وجذوره في إطار نظام اجتماعي يصادر حرية الفرد منذ الولادة، ولا يقدم أية فرصة للذين يولدون في البيئات الفقيرة، ويبهظهم بالحرمان والجهل والمرض صفاراً، والبطالة والقلق والتشتت كباراً. لذلك فإن القراءة الاجتماعية للرواية تضع اليد على الكثير من فواجع المجتمع الأساسية أو على جذورها، وهي تطرح البؤس الإنساني، من الداخل والخارج، بكلمات بسيطة تخرق حاجز الزمان والمكان وتغدو القضية برمتها قضية عدالة اجتماعية مفقودة، وصراع متخبط لأجلها. وتكشف الوقائع عن مصادر الخوف، كما تكشف عن المحاولات الفردية والجماعية، الجامحة ولكن العفوية، للكفاح ضد تلك المصادر فما لم تتبدل شروط الحياة الاجتماعية فلا سبيل إلى الانتصار وتحقيق الأمن الاجتماعي. غير أن الفقراء، في ذلك الزمن، ما كانوا يعون كفاحهم، ولا ضد أي شيء يكافحون، ولا بأية وسيلة. كان مقاومتهم تتخذ أشكال التمرد والثأر والانفجارات الفجائية ضد هذا الإقطاعي أو ذاك، وليس ضد الإقطاعيات بذاتها، ولهذا يبدو الصراع متقطعاً، فردياً، عاطفياً، غير قابل للحسم، وغير قادر على تحقيق أيما نتيجة، سوى التعبير من السخط، والإبقاء على بذور النقمة. مقابل هذا، سبباً ونتيجة يتراوح الخوف والجرأة في غير حسم أيضاً، الخوف والجرأة اللذان كانا في روايته هذه، كما في روايات حنا مينه كلها عماد الحركة الداخلية للرواية مهما يكن موضوعها كما يتضح للقارئ.
من هنا فإن القراءة الاجتماعية للرواية تجد مبرراتها حين نحاول أن نبحث عن الخوف وجذوره في إطار نظام اجتماعي يصادر حرية الفرد منذ الولادة، ولا يقدم أية فرصة للذين يولدون في البيئات الفقيرة، ويبهظهم بالحرمان والجهل والمرض صفاراً، والبطالة والقلق والتشتت كباراً. لذلك فإن القراءة الاجتماعية للرواية تضع اليد على الكثير من فواجع المجتمع الأساسية أو على جذورها، وهي تطرح البؤس الإنساني، من الداخل والخارج، بكلمات بسيطة تخرق حاجز الزمان والمكان وتغدو القضية برمتها قضية عدالة اجتماعية مفقودة، وصراع متخبط لأجلها. وتكشف الوقائع عن مصادر الخوف، كما تكشف عن المحاولات الفردية والجماعية، الجامحة ولكن العفوية، للكفاح ضد تلك المصادر فما لم تتبدل شروط الحياة الاجتماعية فلا سبيل إلى الانتصار وتحقيق الأمن الاجتماعي. غير أن الفقراء، في ذلك الزمن، ما كانوا يعون كفاحهم، ولا ضد أي شيء يكافحون، ولا بأية وسيلة. كان مقاومتهم تتخذ أشكال التمرد والثأر والانفجارات الفجائية ضد هذا الإقطاعي أو ذاك، وليس ضد الإقطاعيات بذاتها، ولهذا يبدو الصراع متقطعاً، فردياً، عاطفياً، غير قابل للحسم، وغير قادر على تحقيق أيما نتيجة، سوى التعبير من السخط، والإبقاء على بذور النقمة. مقابل هذا، سبباً ونتيجة يتراوح الخوف والجرأة في غير حسم أيضاً، الخوف والجرأة اللذان كانا في روايته هذه، كما في روايات حنا مينه كلها عماد الحركة الداخلية للرواية مهما يكن موضوعها كما يتضح للقارئ.