الجميع يصرّ على اتّهام “الفيس بوك” بأنّه افتراضيّ و يصرّون على شخصيّاتنا الافتراضيّة فيه، أمّا أنا فأرى العكس تماماً، في هذا الفضاء أنا حقيقيّة وأقرب إلى شخصيّتي الدّاخليّة، جرأتي في التّعبير عن نفسي عن طريق الكتابة ( طبعاً لا أقصد الكتابة في الأدب الذي لا علاقة لي به.. وإنّما قد يكون تعليقاً بسيطاً في صفحة أحد الأصدقاء أو فكرة معيّنة أنشرها على صفحتي )، هذه الجرأة الكتابيّة تفوق جرأتي في المحادثات الشّفهيّة.
ما هو “الفيس بوك” ؟
من منظوري الشّخصيّ (أعلم بأنّه لا يُعوَّل على رأيي)
“الفيس”هو تبادل للآراء والأفكار وحتّى الصّوَر والمراسلات، عندما أفكّر في هذه الطّريقة و التي أراها الأقرب إلى الواقع ، فأنا أجزم بأنّ فكرة “الفيس” قديمة جدّاً!.
* أوليست الصّحف والمجلّات المطبوعة منذ عشرات السّنين هي قراءة الأخبار المتنوّعة و الاطلاع على آراء البعض من النّاس إزاء مواقف و وقائع معيّنة, (كما يجري اليوم على صفحات “الفيس بوك”)!؟.
* أوليست المراسلات التي جرت منذ القِدم وعلى جميع الصّعد, ( بين الأقارب، بين العشّاق، بين السّياسيّين،….), هي كالتي تجري اليوم على أحد تطبيقات المراسلة ؟!
* أوليست صورنا الفوتوغرافيّة ، والتي كنّا ننتظر أيّاماً لنراها و نضطرّ آسفين لتمزيق نصفها أو أكثر لأسبابٍ تعرفونها جميعكم ، هي نفس صورنا اليوم و التي نراها مباشرة و نرسلها إلى مَن نريد في نفس اللحظة ؟!
بالله عليكم.. هل تخافون السّرعة ؟
لم يقدّم “الفيس بوك” سوى السّرعة في نقل الأخبار و الرّسائل و الصّور!
نحن نتقدّم في الوسائل و ليس في الأفكار!
وأكثر ما يثير استغرابي هو استهزاء البعض من بعض الأشخاص الذين تآلفت أرواحهم بدون لقاء مُسبَق! (ليس شرطاً أن يكون التآلف بين رجل و امرأة)
ألمْ تسمعوا بقصّة العشق بين الأديبة مي زيادة والأديب جبران خليل جبران؟
لماذا لم يتجرّأ أحد على المساس بصدق مشاعرهم ؟!
مي زيادة كانت تتقن تسع لغات، درست الأدب العربيّ والتّاريخ الإسلاميّ والفلسفة، لم تكن امرأة عاديّة خاصّة في ذاك الزّمن، عشقت جبران عن طريق المراسلة فقط ، والتي بدأت برسالةٍ منها لنقده!
عشقها جبران كما لم يعشق امرأة من قبل !
دامت المراسلات بينهما لعشرين عاماً و بدون لقاء واحد .
بعد وفاة جبران قضت مي بعض الوقت بمستشفى للأمراض العقليّة واتّشحت بالسّواد واعتبرت نفسها أرملة جبران! ولم تتزوّج مطلقاً بالرّغم من كثرة عشّاقها.
( أنصحكم بقراءة بعض نصوص الرسائل بين مي و جبران و المتوفرة على غوغل).
نحن البشر بشكلٍ عامّ و العرب بشكل خاصّ لا نراعي مشاعر الآخرين وتربّينا على الاستهزاء من كلّ ما يخالفنا، لا نقتنع بأمرٍ حتّى نجرّبه ونقع فيه, (وقد ننكر أيضاً!)..
هناك الكثير من قصص الارتباط الحقيقيّ و الجادّ التي جرت من خلال هذا العالم الأزرق!
( منذ يومين كنّا في نقاش حول هذا الموضوع على صفحة أحد أصدقائي), طرق تفكيرنا ساذجة و بدائيّة ولا تمتّ للإنسانيّة بِصِلَةٍ..
أتستطيعون القول بأنّ مسكّنات الألم مُحرّمة ومؤذية لأنّ أحدهم أدمنها؟!
هكذا نتعامل مع وسائل الاتّصال الحديثة و مع كلّ ما هو عصريّ!.
هكذا نتعامل مع وسائل الاتّصال الحديثة و مع كلّ ما هو عصريّ!.