زيارتي لمسجد الحسن الثاني، الدار البيضاء

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية زيارتي لمسجد الحسن الثاني، الدار البيضاء

زيارتي لمسجد الحسن الثاني، الدار البيضاء

الحكاية أنّه مسجد رأيته من بعيد غير ما مرّة، ولم أزره ولا مرّة! ربّما لأنّه في الدار البيضاء: التجمّع العمراني الذي لا أرتاح له، أو ربّما لأنّه البعد الجغرافي..

على أيّ، أنا اليوم في رحلة العودة للمغرب، العبور Transit عبر الدار البيضاء كما العادة (أكره هذا الجزء من السفر!)، فترة العبور اليوم طويلة نسبيا فكانت فرصة لاستكشاف الدار البيضاء!

بعد حوالي 5 كيلومترات مشيا من محطّة القطار نحو المسجد، اتّضح أنّها مدينة لا تصلح للمشي! (من كان يتوقّع خلاف هذا؟) لا بأس، هذا أوّل مشهد أصادفه:



أبهرتني هندسة المسجد والمعمار المغربي الأصيل، المكان متخم بفنون الصناعة التقليدية المغربية.

كان المسجد مقفلا لحظة وصولي، لذلك أخذت جولة سياحية مع مرشد. التذكرة من 30 إلى 120 درهم (إن لم تخني الذاكرة) حسب كلّ حالة، الاختلاف الشاسع في ثمن التذكرة أزعج البعض، فعليا المفترض أن تكون هناك تذكرة واحدة ما دامت الخدمة واحدة، لا أميل كثيرا لمنطق رفع الثمن على السياح/الأجانب وتخفيضه على المواطنين.

الملاحظة الأولى هي أنّ إدارة المسجد لا تحترم مواقيت انطلاق الجولات السياحية! 11:50 هي نفسها 12:00 هي نفسها 12:20، أحدهم مستعجل؟

لديهم دليل سياحي يتحدّث الفرنسية، آخر الإسبانية، الإنكليزية، الألمانية ولغات أخرى. غير أنّني لم أجد أيّ مرشد للعربية! تفاجأت من الأمر فعلا. المطويات المتواجدة في عين المكان متوفّرة بعدّة لغات ليس من بينها العربية طبعا، والغريب في الأمر أنّ قائمة أثمنة المنتوجات في متجر المسجد وكذلك نظام الجولة متاحان بالفرنسية فقط! قليل من الاحترام للعربية يا سادة :)

وبدأت الجولة..
المرشد ذاك لديه معلومات وفيرة عن المسجد وتفاصيله. ما الذي يحصل حينما تتلقّى سيلا من المعلومات دفعة واحدة وبرتابة؟ الجواب سهل: ستتذكّر المعلومات الأولى ثم.. ستنسى البقية! ما أذكره هو: طول القاعة الرئيسية للمسجد 200 متر، عرضها 100 متر، ارتفاعها 70 متر والسلام! ذكر معلومات عن كتلة الأبواب وارتفاعاتها والمواد المصنوعة منها (سرد مملّ قليلا)، طبعا نسيت تلك المعلومات!

أكّد المرشد المعلومة القائلة بأنّنا الآن في أكبر مسجد في العالم بعد الحرمين. مسألة "أكبر" هاته فيها نقاش، ما المقصود بأكبر مسجد؟ الأكبر من حيث المساحة (مساحة المسجد بمرافقه أم بدونها) أم من حيث عدد المصلّين الذي يستوعبهم (داخل المسجد أم نحتسب الساحات الخارجية أيضا). الاختلاف في تفاصيل الحساب هاته تضع مسجد الشيخ زايد في الإمارات في رتبة أكبر مسجد في العالم، الجزائر تقول نفس الشيء بالنسبة لمسجدها (في طور البناء).
بالمناسبة، لم التنافس على "أكبر" هاته؟

انتهت الجولة داخل قاعة الصلاة الرئيسية بالحديث عن مكان إلقاء الدروس الحسنية في رمضان (العلماء/الفقهاء)، المسلك الرسمي الذي كان يعبر منه الحسن الثاني وتفاصيل عن تمازج الديانات التوحيدية الثلاث في تصميم القاعة (في الواقع لم أفهم هذه النقطة جيدا، لا أعرف كيف يصمّم اليهود معابدهم حتّى أقارن!).

توجّهنا بعدها لصحن المسجد الداخلي، حيث نوافير الوضوء. المكان يسع كذا شخص (ألم أقل إنّ تذكّر الأرقام مهمّة صعبة؟) ملاحظتي على هذا الجزء من المسجد هو عدم استخدامه فعليا. النوافير هناك ولا يتم تشغيلها إلّا نادرا، وبالتالي لا تتحقّق الفائدة والمتعة الجمالية من تواجدها. حسب المرشد ف"حينما يستقبل المسجد أعدادا وفيرة من الزوّار يتمّ فتح هذا الجزء للعموم، وإلّا فأماكن الوضوء التقليدية تفي بالغرض". على أيّ، حتى أماكن الوضوء تلك تحتاج للمسة "إعادة هيكلة"، نحن في 2012 وعلى المرافق الصحية أن تنتمي لنفس الحقبة الزمنية (لا أريد تفصيل هذه النقطة).

ملاحظة أخرى وهي أنّ المرافق الصحية (والمسجد بشكل عام) لا تعترف بحكاية تسهيل الولوج. التوجّه للحمام يتطلّب نزول عشرات الأدراج، ماذا عن كبار السنّ؟ بل ماذا عن ذوي الحركة المحدودة؟ نحن في موضوع آخر الآن!

بعد النوافير توجّهنا للحمام! لديهم حمّام في المسجد؛ حسب المرشد دوما ف"ليس (أي الحمّام) مكوّنا دينيا بل اجتماعيا، الحمّام أحد المرافق الخمسة الأساسية المتوفّرة في كلّ حيّ شعبي مغربي: المسجد، المدرسة (تحفيظ القرآن)، النافورة، الحمّام وفرن الخبز"، لم أنتبه يوما لنقطة "المرافق الخمسة" تلك! عدت بذاكرتي للوراء: فعلا في كلّ حيّ شعبي (المدن القديمة) تجد المرافق تلك.

الحمّام جميل بالمناسبة، هما حمّامين: مغربي وتركي. لكن مهلا: الحمّامات استعراض للهندسة المغربية وحسب! بمعنى أنّها لا تعمل :)

انتهى دور المرشد هنا..

يفتقد المكان لمساحة توجيه ودعوة للإسلام؛ لاحظت يوم زرت إسطنبول مثلا أنّ معظم مساجدها الكبيرة والسياحية تحتوي على مكتب/غرفة جانبية صغيرة وشخص مستعدّ للإجابة عن أي سؤال/استفسار عن الإسلام، مطويات مجانية عن الإسلام بل وحتى نسخ مجّانية من القرآن الكريم (وبعدّة لغات). الكثير ممّن يزور مسجد الحسن الثاني لديه فضول عن الإسلام/المسلمين ويودّ معرفة المزيد فهل من مجيب؟

هذه صورة للمكتب ذاك في أحد مساجد إسطنبول، هنا على شكل صندوق بلاستيكي كبير وفي مساجد أخرى غرفة مبنية:


نفس الشيء بالنسبة للمرافق/الإرشادات المرئية والمكتوبة، فقر تام! في المقابل ملصق بأحد مساجد إسطنبول:


عودة للمغرب. ملاحظة أخرى عن الحمام المتواجد في المكان: من الجميل أن يرفرف الحمام في المنطقة، لكن قليل من التنظيم لا يضرّ :)
كان هناك بعض الريش داخل المسجد بسبب رفرفة الحمام. الحلّ كما رأيته في مساجد إسطنبول: مسامير صغيرة (وغير واضحة للعيان) حيث يحتمل الاستقرار غير المرغوب فيه للحمام، وانتهت المشكلة!

الملاحظة الأخيرة عن هندام المرشد السياحي، كنت لأفضّل لو اختار اللباس المغربي التقليدي عوض البذلة الغربية. قيمة جمالية أخرى للمكان أليس كذلك؟ بعض موظّفي المسجد لا يجيدون فنّ التعامل مع السياح: سائح أجنبي أراد دخول المسجد وقت الصلاة فسأله: "أنت مسلم؟"، أجاب الأخير: "لا"، فلم يدعه يدخل بدون تفاصيل إضافية. المفترض أن يخبره عن المنع المؤقّت وقت الصلاة وحسب تجنّبا لأيّ سوء فهم، هذا مجرّد مثال.

كنت أودّ الوصول للواجهة الأمامية للمسجد، حيث المحيط الأطلسي. للأسف هي مغلقة بدون أدنى إشارة أو تعليل! استكشفت المنطقة فوجدت أنّ هناك معرضا عن الابتكارات/الاختراعات/الاكتشافات/الفلسفات التي ظهرت خلال العهود الإسلامية الغابرة. أعجبني تصميم المعرض، توزيع المعلومات، توفير عروض مرئية مع سمّاعات. المعرض مجّاني.
ولكن! (ضروري من "ولكن" هاته؟)، اللغة يا أعزّائي! جميع المعلومات بالفرنسية حصرا! لست أدري ما السرّ وراء الإصرار العجيب على "فرنسة" المنطقة، أضعف الإيمان أن يكون المعرض بالعربية والفرنسية بالتوازي، وبما أنّ المسجد ومرافقه هي عناصر جذب سياحي للمنطقة فالمفترض أن تكون التفاصيل هاته بأكثر من لغة: الإنكليزية، الإسبانية، الفرنسية والعربية. لمن تحكي زبورك يا داود؟


مرفق آخر أثار إعجابي وهي المكتبة، طابق للأطفال، الثاني للشباب والأخير للكبار. بدت لي مجهّزة بالمرافق الضرورية وتستحقّ الاهتمام. حسب جولتي فثلثي الكتب فرنسية، الثلث الآخر بالعربية، كتاب وحيد بالإسبانية ووحيد آخر بالإنكليزية! رغم أنّ الكثير من الأقسام فقيرة من حيث الكتب فهناك ما يستحقّ القراءة، أمضيت سويعات هناك ولو كان مثلها في طنجة لما تردّدت في الانخراط.. "لو" هذه باب من أبواب الشيطان لذلك لا مكتبات تستحقّ الذكر في طنجة إلى أن يشاء الله. مسكينة وزارة الثقافة عندنا، مشغولة بالمهرجانات!


السؤال المهمّ الآن: تعبت من انتظار رحلتي في هذا المطار الكئيب! سأرفع بعض الصور..






الأبواب ضخمة للغاية (لم أر أبوابا أكبر سابقا)، أحدهم بالقرب:


هنا إرشادات الجولة السياحية، بالإنكليزية، الفرنسية والإسبانية (لا داع للعربية، أليس كذلك؟)


هذه تذكرتي مع ملصق على الصدر للتمييز بين السائح وزائر المسجد:


هذا سقف المسجد، لديهم قبة متحرّكة. مجرى مائي ونافورة في الوسط:


مصلى النساء هو الجزء المرفوع ذاك:


وسط القاعة الرئيسية، في الوسط مجموعة السياح التي كنت معها:


مشهد آخر:


هنا المحراب:


من زاوية أخرى:


حيث تلقى دروس العلم:



هذه قاعدة الصومعة (جرت العادة على تسمية المئذنة صومعة في المغرب)، من هاته النقطة يرتفع البنيان ل200 متر، وبالتالي فهي أعلى معلمة دينية في العالم:


هذا سقف الصومعة من الداخل:


هذا أحد أبواب الصومعة من الداخل، الأبواب ترفع للأعلى عوض أن تفتح بالشكل العادي:


هذا سقف الصومعة من تحت:



هذه نافورات الوضوء، لم تكن أيّ منها تعمل لحظة تواجدي هناك:


هنا الحمام المغربي:





جانب من الحمام التركي، أعجبني الزليج المغربي:


هنا مسبح داخل الحمام، انعكاس جميل للفسيفساء على الماء:




بعض الأبواب من الخارج:



المسجد كما يبدو من ناحية المكتبة:


جانب من المعرض، لم أجد أحدا هناك غير فتاة تستمع لشرح عن تاريخ العلوم في العصور الإسلامية الغابرة:




زاوية داخل المكتبة:


التصنيفات:
تعديل المشاركة
Back to top button