<<الأوقات المباركه>>
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ
فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }أما بعد موضوع اليوم "الأوقات المباركة "من حرص المسلم على الوقت ولا سيما الفاضلة منها أنه يفتش على ما فيه الخيرفيها . عن أبي بزرة الأسلمي t قال: قال رسول الله e: "لا تزولُ قدمَا عبدٍ حتى يُسألَ عن: عمرِهِ فيمَ أفناهُ، وعن علمِهِ ما عملَ فيهِ، وعن مالِهِ من أين اكتسبهُ وفيمَ أنفقهُ، وعن جسمه فيمَ أبلاه". [رواه الطبراني، وصححه الألباني في "صحيح الجامع"]وعن عبد الله بن مسعود أن النبي ص> قال: "لا تزولُ قَدَمَا ابنِ آدمَ يومَ القيامةِ مِن عِندِ ربِّهِ حتى يُسأَلَ عن خمسٍ: عن عمرِهِ فيمَ أفناهُ؟ وعن شبابِهِ فيمَ أبلاهُ؟ وعن مالِهِ مِن أين اكتسبَهُ، وفيمَ أنفقَهُ؟ وماذا عملَ فيما علمَ." [رواه الترمذي وحسنه الألباني]
*إن شأن الناس في الدنيا غريب؛ يلهون والقَدَر معهم جاد، وينسون وكل ذرة من أعمالهم محسوبة.. ومن الخداع أنْ يحسب المرء نفسه واقفًا والزمن يسير! إنه خداع النظر حين يخيل لراكب القطار أنّ الأشياء تجري وهو جالس، والواقع أن الزمن يسير بالإنسان نفسه إلى مصيره العتيد.إن عمرك رأس مالك الضخم، ولسوف تُسأل عن إنفاقك منه، وتصرفك فيه.. والإسلام نظر إلى قيمة الوقت في كثير من أوامره ونواهيه؛ فعندما جعل الإعراض عن اللغو من معالم الإيمان كان حكيمًا في محاربة طوائف المتبطلين؛ الذين ينادي بعضهم بعضًا: تعالَ نقتل الوقت بشيء من التسلية!! وما درى الحمقى أن هذا لعب بالعمر، وأنّ قتل الوقت على هذا النحو إهلاك للفرد، وإضاعة للجماعة.
قال الحسن البصري: ما مِن يوم ينشق فجره إلا نادى منادٍ: يا ابن آدم! أنا خَلْقٌ جديد، وعلى عملك شديد، فتزوَّدْ مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة.وإنه لمن فضل الله ودلائل توفيقه أنْ يُلهَم المرء استغلال كل ساعة من عمره في العمل، والاستجمام من جهد استعدادًا لجهد آخر.. وصدق رسول الله ص>: "نعمتانِ مغبونٌ فيهِما كثيرٌ من الناسِ: الصحةُ والفراغُ" [متفق عليه]. ومن استغلال الإسلام للوقت بأفضل الوسائل حثه على مداومة العمل وإنْ كان قليلاً، وكراهيته للكثير المنقطع؛ وذلك أن استدامة العمل القليل مع اطِّراد الزمن وسيره الموصول يجعل من التافه الضئيل زنة الجبال من حيث لا يشعر المرء.
أما أنْ تهيج بالإنسان رغبة سريعة فتدفعه إلى الإكثار والإسراف، ثم يغلب عليه السآمة فينقطع، فهذا ما يكرهه الإسلام.
وفي الحديث: "يا أيها الناسُ خذوا مِنَ الأعمالِ ما تُطيقون، فإنَّ اللهَ تعالى لا يَمَلُّ حتى تَمَلُّوا، وإنَّ أحبَّ الأعمالِ إلى اللهِ ما دامَ وإنْ قَلََّ". [متفق عليه]والذي يجب أنْ نعقله أن حياتنا هذه ليست سدى.. وأن الله أجل من أنْ يجعلها كذلك.. وإذا انتفعنا بمرور
<<1759>>
الزمن على خير وجه؛ سجلنا لأنفسنا خلودًا لا يناوشه الزمن بِهَرَم ولا بِلَى عند الرفيق الأعلى..] [خلق المسلم للغزالي (ملخصًا)]قال عبد الله بن مسعود t: ما ندمتُ على شيء إلا على يوم غربت شمسه؛ نقص فيه أجَلِي، ولم يزد فيه عملي.وقال الحسن البصري: أدركتُ أقوامًا كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصًا على دراهمكم ودنانيركم!
وقال يحيى بن معاذ: المغبون مَن عطَّل أيامه بالبطالات، وسلَّط جوارحه على الهلكات، ومات قبل إفاقته من الجنايات.
وقال بعض السلف: مَن أمضى يومه في غير حق قَضَاه، أو فرض أدَّاه، أو مجد أثَّلَه أو حمد حَصَّله، أو خير أسَّسه، أو علم اقتبسه؛ فقد عَقَّ يومه، وظلم نفسه.قال أبو الوفاء ابن عقيل: إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة، وبصري عن مطالعة أُعمِل فكري في حال راحتي وأنا مستطرح، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره، وإني لأجد من حرصي على العلم وأنا في عشر الثمانين أشد مما كنتُ أجده وأنا ابن عشرين!وكان / دائم الاشتغال بالعلم، قد جمع علوم الأصول والفروع، وصنف فيها الكتب الكبار. ..وبعد هذه الجولة أعوذ فاقص عليكم الأوقات المباركة التي لها ميزة على بقية الأوقات
أولا>>بعد الصبح حتى تطلع الشمس:
عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَكُنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَعَمْ كَثِيرًا كَانَ لَا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْحَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَإِذَا طَلَعَتْ قَامَ وَكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فَيَأْخُذُونَ فِي أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ فَيَضْحَكُونَ وَيَتَبَسَّمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.أخرجه مسلم (ح/4286)والترمذي (ح/534)والنسائي (ح/1341)وأبو داود (ح/1102)وأحمد (ح/19928)
قال النووي: قَوْله : ( كَانَ لَا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الصُّبْح حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْس , وَكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فَيَأْخُذُونَ فِي أَمْر الْجَاهِلِيَّة , فَيَضْحَكُونَ , وَيَتَبَسَّم ) فِيهِ اِسْتِحْبَاب الذِّكْر بَعْد الصُّبْح , وَمُلَازَمَة مَجْلِسهَا مَا لَمْ يَكُنْ عُذْر . قَالَ الْقَاضِي : هَذِهِ سُنَّة كَانَ السَّلَف وَأَهْل الْعِلْم يَفْعَلُونَهَا , وَيَقْتَصِرُونَ فِي ذَلِكَ الْوَقْت عَلَى الذِّكْر وَالدُّعَاء حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ .
ثانيا>>ــ بين الأذان والإقامة
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ .أخرجه الترمذي (ح/196) وقال: حَدِيثُ أَنَسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌوأبو داود (ح/437)وأحمد (ح/11755)
قال في تحفة الأحوذي: قَوْلُهُ : ( الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ ) بَلْ يُقْبَلُ وَيُسْتَجَابُ , وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ أَنَسٍ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ مُسْتَجَابٌ ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ , وَلَفْظُ الدُّعَاءُ بِإِطْلَاقِهِ شَامِلٌ لِكُلٍّ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِمَا فِي الْأَحَادِيثِ الْأُخْرَى مِنْ أَنَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ دُعَاءً بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ . قَالَ الْمُنَاوِيُّ تَحْتَ قَوْلِهِ مُسْتَجَابٌ أَيْ بَعْدَ جَمْعِ شُرُوطِ الدُّعَاءِ وَأَرْكَانِهِ وَآدَابِهِ فَإِنْ تَخَلَّفَ شَيْءٌ مِنْهَا فَلَا يَلُومُ إِلَّا نَفْسَهُ اِنْتَهَى .
<<1760>>
ثالثا>>قبل غروب الشمس
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعَةً مِنْ وَلَدِ إِسْمَعِيلَ وَلَأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إِلَيَّ مَنْ أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعَةً.أخرجه أبو داود (ح/2305)
وأحمد (ح/21224) من طريق أبي أمامة الباهلي.
قال في عون المعبود: ( لِأَنَّ ) : بِفَتْحِ الْهَمْزَة ( يَذْكُرُونَ اللَّه تَعَالَى ) : مِنْ قِرَاءَة الْقُرْآن وَالتَّسْبِيح وَالتَّهْلِيل وَالتَّحْمِيد وَالصَّلَاة عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ وَيُلْحَق بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَدَرْسِ عِلْم التَّفْسِير وَالْحَدِيث وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ عُلُوم الشَّرِيعَة ( مِنْ صَلَاة الْغَدَاة ) : أَيْ الصُّبْح ( مِنْ أَنْ أُعْتِق ) : بِضَمِّ الْهَمْزَة وَكَسْر التَّاء ( أَرْبَعَة ) : أَنْفُس ( مَعَ قَوْم يَذْكُرُونَ اللَّه ) : ظَاهِره وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا , بَلْ مُسْتَمِعًا وَهُمْ الْقَوْم لَا يَشْقَى جَلِيسهمْ . وَفِيهِ أَنَّ الذِّكْر أَفْضَلُ مِنْ الْعِتْق وَالصَّدَقَة .
رابعا>>ـ بين العشائين
عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ سَأَلَتْنِي أُمِّي مَتَى عَهْدُكَ تَعْنِي بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ مَا لِي بِهِ عَهْدٌ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا فَنَالَتْ مِنِّي فَقُلْتُ لَهَا دَعِينِي آتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُصَلِّيَ مَعَهُ الْمَغْرِبَ وَأَسْأَلُهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِي وَلَكِ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الْمَغْرِبَ فَصَلَّى حَتَّى صَلَّى الْعِشَاءَ ثُمَّ انْفَتَلَ فَتَبِعْتُهُ فَسَمِعَ ......إلخ الحديث
أخرجه الترمذي (ح/3714) وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ إِسْرَائِيلَ.وأحمد (ح/22339)وعَنْ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ كَانُوا قَلِيلًا مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ قَالَ كَانُوا يُصَلُّونَ فِيمَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ زَادَ فِي حَدِيثِ يَحْيَى وَكَذَلِكَ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ.أخرجه أبو داود (ح/1127)
قال في عون المعبود: وَأَخْرَجَ اِبْن مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيره مِنْ طَرِيق مَالِك بْن دِينَار قَالَ : سَأَلْت أَنَس بْن مَالِك عَنْ قَوْله تَعَالَى { تَتَجَافَى جَنُوبهمْ عَنْ الْمَضَاجِع } فَقَالَ كَانَ نَاس مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلُّونَ مِنْ صَلَاة الْمَغْرِب إِلَى صَلَاة الْعِشَاء الْآخِرَة فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِمْ { تَتَجَافَى جَنُوبهمْ } وَفِي سَنَده ضَعْف . وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ رِوَايَة سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة عَنْ قَتَادَة عَنْ أَنَس فِي هَذِهِ الْآيَة قَالَ : يُصَلُّونَ مَا بَيْن الْمَغْرِب وَالْعِشَاء قَالَ الْعِرَاقِيّ : وَإِسْنَاده جَيِّد وَأَخْرَجَ نَحْوه أَيْضًا مِنْ رِوَايَة يَزِيد بْن أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ بِلَال لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة تَتَجَافَى كُنَّا نَجْلِس فِي الْمَجْلِس وَنَاس مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يُصَلُّونَ بَعْد الْمَغْرِب إِلَى الْعِشَاء . وَرَوَى اِبْن أَبِي شَيْبَة فِي الْمُصَنَّف عَنْ حُمَيْدِ بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ عُمَارَة بْن زَاذَانَ عَنْ ثَابِت عَنْ أَنَس أَنَّهُ يُصَلِّي مَا بَيْن الْمَغْرِب وَالْعِشَاء وَيَقُول هِيَ نَاشِئَة اللَّيْل . وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْ التَّابِعِينَ أَبُو حَازِم وَمُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَزَيْن الْعَابِدِينَ ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيّ كَذَا فِي النَّيْل . وَأَخْرَجَ أَحْمَد فِي مُسْنَده عَنْ حُذَيْفَة قَالَ : " صَلَّيْت مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَغْرِب فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاة قَامَ يُصَلِّي فَلَمْ يَزَلْ يُصَلِّي حَتَّى صَلَّى الْعِشَاء ثُمَّ خَرَجَ " وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ . وَحَدِيث الْبَاب سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ .
<<1761>>
وقال: وَرَوَى أَيْضًا مُحَمَّد بْن نَصْر عَنْ أَنَس أَنَّ قَوْله تَعَالَى { كَانُوا قَلِيلًا مِنْ اللَّيْل مَا يَهْجَعُونَ } نَزَلَتْ فِيمَنْ كَانَ يُصَلِّي مَا بَيْن الْعِشَاء وَالْمَغْرِب . قَالَ الْعِرَاقِيّ : سَنَده صَحِيح . وَقَالَ : وَمِمَّنْ كَانَ يُصَلِّي مَا بَيْن الْمَغْرِب وَالْعِشَاء مِنْ الصَّحَابَة عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود وَعَبْد اللَّه بْن عَمْرو وَسَلْمَان الْفَارِسِيّ وَابْن عُمَر وَأَنَس فِي نَاس مِنْ الْأَنْصَار اِنْتَهَى . وَالْحَدِيث سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ .
خامسا>>الثلث الأخير من الليل
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ وَمَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ،أخرجه البخاري (ح/1077)
ومسلم (ح/1261)
قال الحافظ ابن حجر: وَفِي حَدِيث الْبَاب مِنْ الْفَوَائِد تَفْضِيل صَلَاة آخِر اللَّيْل عَلَى أَوَّله , وَتَفْضِيل تَأْخِير الْوِتْر لَكِنْ ذَلِكَ فِي حَقّ مَنْ طَمِعَ أَنْ يَنْتَبِه , وَأَنَّ آخِر اللَّيْل أَفْضَل لِلدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَار , وَيَشْهَد لَهُ قَوْله تَعَالَى ( وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ) وَأَنَّ الدُّعَاء فِي ذَلِكَ الْوَقْت مُجَاب , وَلَا يُعْتَرَض عَلَى ذَلِكَ بِتَخَلُّفِهِ عَنْ بَعْض الدَّاعِينَ لِأَنَّ سَبَب التَّخَلُّف وُقُوع الْخَلَل فِي شَرْط مِنْ شُرُوط الدُّعَاء كَالِاحْتِرَازِ فِي الْمَطْعَم وَالْمَشْرَب وَالْمَلْبَس أَوْ لِاسْتِعْجَالِ الدَّاعِي أَوْ بِأَنْ يَكُون الدُّعَاء بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَة رَحِم , أَوْ تَحْصُل الْإِجَابَة وَيَتَأَخَّر وُجُود الْمَطْلُوب لِمَصْلَحَةِ الْعَبْد أَوْ لِأَمْرٍ يُرِيدهُ اللَّه .
سادسا>>ـ الاثنين والخميس
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا.أخرجه مسلم (ح/4652)والترمذي (ح/1946)وأبو داود (ح/4270)وابن ماجه (1730)
قال النووي: قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تُفْتَح أَبْوَاب الْجَنَّة يَوْم الِاثْنَيْنِ وَيَوْم الْخَمِيس . . الْحَدِيث ) قَالَ الْقَاضِي : قَالَ الْبَاجِيّ : مَعْنَى ( فَتْحهَا ) كَثْرَة الصَّفْح وَالْغُفْرَان وَرَفْع الْمَنَازِل , وَإِعْطَاء الثَّوَاب الْجَزِيل . قَالَ الْقَاضِي : وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون عَلَى ظَاهِره , وَأَنَّ فَتْح أَبْوَابهَا عَلَامَة لِذَلِكَ .
سابعا>>يوم الجمعة وساعته
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ.أخرجه مسلم (ح/1411)والترمذي (ح/450)والنسائي (ح/1356)وأحمد ( 10547)وأخرجه أبو داود باختلاف يسير في ألفاظه (ح/882)...وفي البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا >أخرجه البخاري (ح/883)ومسلم (ح/1406)
<<1762>>
فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا }أما بعد موضوع اليوم "الأوقات المباركة "من حرص المسلم على الوقت ولا سيما الفاضلة منها أنه يفتش على ما فيه الخيرفيها . عن أبي بزرة الأسلمي t قال: قال رسول الله e: "لا تزولُ قدمَا عبدٍ حتى يُسألَ عن: عمرِهِ فيمَ أفناهُ، وعن علمِهِ ما عملَ فيهِ، وعن مالِهِ من أين اكتسبهُ وفيمَ أنفقهُ، وعن جسمه فيمَ أبلاه". [رواه الطبراني، وصححه الألباني في "صحيح الجامع"]وعن عبد الله بن مسعود أن النبي ص> قال: "لا تزولُ قَدَمَا ابنِ آدمَ يومَ القيامةِ مِن عِندِ ربِّهِ حتى يُسأَلَ عن خمسٍ: عن عمرِهِ فيمَ أفناهُ؟ وعن شبابِهِ فيمَ أبلاهُ؟ وعن مالِهِ مِن أين اكتسبَهُ، وفيمَ أنفقَهُ؟ وماذا عملَ فيما علمَ." [رواه الترمذي وحسنه الألباني]
*إن شأن الناس في الدنيا غريب؛ يلهون والقَدَر معهم جاد، وينسون وكل ذرة من أعمالهم محسوبة.. ومن الخداع أنْ يحسب المرء نفسه واقفًا والزمن يسير! إنه خداع النظر حين يخيل لراكب القطار أنّ الأشياء تجري وهو جالس، والواقع أن الزمن يسير بالإنسان نفسه إلى مصيره العتيد.إن عمرك رأس مالك الضخم، ولسوف تُسأل عن إنفاقك منه، وتصرفك فيه.. والإسلام نظر إلى قيمة الوقت في كثير من أوامره ونواهيه؛ فعندما جعل الإعراض عن اللغو من معالم الإيمان كان حكيمًا في محاربة طوائف المتبطلين؛ الذين ينادي بعضهم بعضًا: تعالَ نقتل الوقت بشيء من التسلية!! وما درى الحمقى أن هذا لعب بالعمر، وأنّ قتل الوقت على هذا النحو إهلاك للفرد، وإضاعة للجماعة.
قال الحسن البصري: ما مِن يوم ينشق فجره إلا نادى منادٍ: يا ابن آدم! أنا خَلْقٌ جديد، وعلى عملك شديد، فتزوَّدْ مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة.وإنه لمن فضل الله ودلائل توفيقه أنْ يُلهَم المرء استغلال كل ساعة من عمره في العمل، والاستجمام من جهد استعدادًا لجهد آخر.. وصدق رسول الله ص>: "نعمتانِ مغبونٌ فيهِما كثيرٌ من الناسِ: الصحةُ والفراغُ" [متفق عليه]. ومن استغلال الإسلام للوقت بأفضل الوسائل حثه على مداومة العمل وإنْ كان قليلاً، وكراهيته للكثير المنقطع؛ وذلك أن استدامة العمل القليل مع اطِّراد الزمن وسيره الموصول يجعل من التافه الضئيل زنة الجبال من حيث لا يشعر المرء.
أما أنْ تهيج بالإنسان رغبة سريعة فتدفعه إلى الإكثار والإسراف، ثم يغلب عليه السآمة فينقطع، فهذا ما يكرهه الإسلام.
وفي الحديث: "يا أيها الناسُ خذوا مِنَ الأعمالِ ما تُطيقون، فإنَّ اللهَ تعالى لا يَمَلُّ حتى تَمَلُّوا، وإنَّ أحبَّ الأعمالِ إلى اللهِ ما دامَ وإنْ قَلََّ". [متفق عليه]والذي يجب أنْ نعقله أن حياتنا هذه ليست سدى.. وأن الله أجل من أنْ يجعلها كذلك.. وإذا انتفعنا بمرور
<<1759>>
الزمن على خير وجه؛ سجلنا لأنفسنا خلودًا لا يناوشه الزمن بِهَرَم ولا بِلَى عند الرفيق الأعلى..] [خلق المسلم للغزالي (ملخصًا)]قال عبد الله بن مسعود t: ما ندمتُ على شيء إلا على يوم غربت شمسه؛ نقص فيه أجَلِي، ولم يزد فيه عملي.وقال الحسن البصري: أدركتُ أقوامًا كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصًا على دراهمكم ودنانيركم!
وقال يحيى بن معاذ: المغبون مَن عطَّل أيامه بالبطالات، وسلَّط جوارحه على الهلكات، ومات قبل إفاقته من الجنايات.
وقال بعض السلف: مَن أمضى يومه في غير حق قَضَاه، أو فرض أدَّاه، أو مجد أثَّلَه أو حمد حَصَّله، أو خير أسَّسه، أو علم اقتبسه؛ فقد عَقَّ يومه، وظلم نفسه.قال أبو الوفاء ابن عقيل: إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة، وبصري عن مطالعة أُعمِل فكري في حال راحتي وأنا مستطرح، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره، وإني لأجد من حرصي على العلم وأنا في عشر الثمانين أشد مما كنتُ أجده وأنا ابن عشرين!وكان / دائم الاشتغال بالعلم، قد جمع علوم الأصول والفروع، وصنف فيها الكتب الكبار. ..وبعد هذه الجولة أعوذ فاقص عليكم الأوقات المباركة التي لها ميزة على بقية الأوقات
أولا>>بعد الصبح حتى تطلع الشمس:
عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَكُنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَعَمْ كَثِيرًا كَانَ لَا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْحَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَإِذَا طَلَعَتْ قَامَ وَكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فَيَأْخُذُونَ فِي أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ فَيَضْحَكُونَ وَيَتَبَسَّمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.أخرجه مسلم (ح/4286)والترمذي (ح/534)والنسائي (ح/1341)وأبو داود (ح/1102)وأحمد (ح/19928)
قال النووي: قَوْله : ( كَانَ لَا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الصُّبْح حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْس , وَكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فَيَأْخُذُونَ فِي أَمْر الْجَاهِلِيَّة , فَيَضْحَكُونَ , وَيَتَبَسَّم ) فِيهِ اِسْتِحْبَاب الذِّكْر بَعْد الصُّبْح , وَمُلَازَمَة مَجْلِسهَا مَا لَمْ يَكُنْ عُذْر . قَالَ الْقَاضِي : هَذِهِ سُنَّة كَانَ السَّلَف وَأَهْل الْعِلْم يَفْعَلُونَهَا , وَيَقْتَصِرُونَ فِي ذَلِكَ الْوَقْت عَلَى الذِّكْر وَالدُّعَاء حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ .
ثانيا>>ــ بين الأذان والإقامة
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ .أخرجه الترمذي (ح/196) وقال: حَدِيثُ أَنَسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌوأبو داود (ح/437)وأحمد (ح/11755)
قال في تحفة الأحوذي: قَوْلُهُ : ( الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ ) بَلْ يُقْبَلُ وَيُسْتَجَابُ , وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ أَنَسٍ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ مُسْتَجَابٌ ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ , وَلَفْظُ الدُّعَاءُ بِإِطْلَاقِهِ شَامِلٌ لِكُلٍّ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِمَا فِي الْأَحَادِيثِ الْأُخْرَى مِنْ أَنَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ دُعَاءً بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ . قَالَ الْمُنَاوِيُّ تَحْتَ قَوْلِهِ مُسْتَجَابٌ أَيْ بَعْدَ جَمْعِ شُرُوطِ الدُّعَاءِ وَأَرْكَانِهِ وَآدَابِهِ فَإِنْ تَخَلَّفَ شَيْءٌ مِنْهَا فَلَا يَلُومُ إِلَّا نَفْسَهُ اِنْتَهَى .
<<1760>>
ثالثا>>قبل غروب الشمس
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعَةً مِنْ وَلَدِ إِسْمَعِيلَ وَلَأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إِلَيَّ مَنْ أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعَةً.أخرجه أبو داود (ح/2305)
وأحمد (ح/21224) من طريق أبي أمامة الباهلي.
قال في عون المعبود: ( لِأَنَّ ) : بِفَتْحِ الْهَمْزَة ( يَذْكُرُونَ اللَّه تَعَالَى ) : مِنْ قِرَاءَة الْقُرْآن وَالتَّسْبِيح وَالتَّهْلِيل وَالتَّحْمِيد وَالصَّلَاة عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ وَيُلْحَق بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَدَرْسِ عِلْم التَّفْسِير وَالْحَدِيث وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ عُلُوم الشَّرِيعَة ( مِنْ صَلَاة الْغَدَاة ) : أَيْ الصُّبْح ( مِنْ أَنْ أُعْتِق ) : بِضَمِّ الْهَمْزَة وَكَسْر التَّاء ( أَرْبَعَة ) : أَنْفُس ( مَعَ قَوْم يَذْكُرُونَ اللَّه ) : ظَاهِره وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا , بَلْ مُسْتَمِعًا وَهُمْ الْقَوْم لَا يَشْقَى جَلِيسهمْ . وَفِيهِ أَنَّ الذِّكْر أَفْضَلُ مِنْ الْعِتْق وَالصَّدَقَة .
رابعا>>ـ بين العشائين
عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ سَأَلَتْنِي أُمِّي مَتَى عَهْدُكَ تَعْنِي بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ مَا لِي بِهِ عَهْدٌ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا فَنَالَتْ مِنِّي فَقُلْتُ لَهَا دَعِينِي آتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُصَلِّيَ مَعَهُ الْمَغْرِبَ وَأَسْأَلُهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِي وَلَكِ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الْمَغْرِبَ فَصَلَّى حَتَّى صَلَّى الْعِشَاءَ ثُمَّ انْفَتَلَ فَتَبِعْتُهُ فَسَمِعَ ......إلخ الحديث
أخرجه الترمذي (ح/3714) وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ إِسْرَائِيلَ.وأحمد (ح/22339)وعَنْ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ كَانُوا قَلِيلًا مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ قَالَ كَانُوا يُصَلُّونَ فِيمَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ زَادَ فِي حَدِيثِ يَحْيَى وَكَذَلِكَ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ.أخرجه أبو داود (ح/1127)
قال في عون المعبود: وَأَخْرَجَ اِبْن مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيره مِنْ طَرِيق مَالِك بْن دِينَار قَالَ : سَأَلْت أَنَس بْن مَالِك عَنْ قَوْله تَعَالَى { تَتَجَافَى جَنُوبهمْ عَنْ الْمَضَاجِع } فَقَالَ كَانَ نَاس مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلُّونَ مِنْ صَلَاة الْمَغْرِب إِلَى صَلَاة الْعِشَاء الْآخِرَة فَأَنْزَلَ اللَّه فِيهِمْ { تَتَجَافَى جَنُوبهمْ } وَفِي سَنَده ضَعْف . وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ رِوَايَة سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة عَنْ قَتَادَة عَنْ أَنَس فِي هَذِهِ الْآيَة قَالَ : يُصَلُّونَ مَا بَيْن الْمَغْرِب وَالْعِشَاء قَالَ الْعِرَاقِيّ : وَإِسْنَاده جَيِّد وَأَخْرَجَ نَحْوه أَيْضًا مِنْ رِوَايَة يَزِيد بْن أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ بِلَال لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة تَتَجَافَى كُنَّا نَجْلِس فِي الْمَجْلِس وَنَاس مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يُصَلُّونَ بَعْد الْمَغْرِب إِلَى الْعِشَاء . وَرَوَى اِبْن أَبِي شَيْبَة فِي الْمُصَنَّف عَنْ حُمَيْدِ بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ عُمَارَة بْن زَاذَانَ عَنْ ثَابِت عَنْ أَنَس أَنَّهُ يُصَلِّي مَا بَيْن الْمَغْرِب وَالْعِشَاء وَيَقُول هِيَ نَاشِئَة اللَّيْل . وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْ التَّابِعِينَ أَبُو حَازِم وَمُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَزَيْن الْعَابِدِينَ ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيّ كَذَا فِي النَّيْل . وَأَخْرَجَ أَحْمَد فِي مُسْنَده عَنْ حُذَيْفَة قَالَ : " صَلَّيْت مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَغْرِب فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاة قَامَ يُصَلِّي فَلَمْ يَزَلْ يُصَلِّي حَتَّى صَلَّى الْعِشَاء ثُمَّ خَرَجَ " وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ . وَحَدِيث الْبَاب سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ .
<<1761>>
وقال: وَرَوَى أَيْضًا مُحَمَّد بْن نَصْر عَنْ أَنَس أَنَّ قَوْله تَعَالَى { كَانُوا قَلِيلًا مِنْ اللَّيْل مَا يَهْجَعُونَ } نَزَلَتْ فِيمَنْ كَانَ يُصَلِّي مَا بَيْن الْعِشَاء وَالْمَغْرِب . قَالَ الْعِرَاقِيّ : سَنَده صَحِيح . وَقَالَ : وَمِمَّنْ كَانَ يُصَلِّي مَا بَيْن الْمَغْرِب وَالْعِشَاء مِنْ الصَّحَابَة عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود وَعَبْد اللَّه بْن عَمْرو وَسَلْمَان الْفَارِسِيّ وَابْن عُمَر وَأَنَس فِي نَاس مِنْ الْأَنْصَار اِنْتَهَى . وَالْحَدِيث سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ .
خامسا>>الثلث الأخير من الليل
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ وَمَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ،أخرجه البخاري (ح/1077)
ومسلم (ح/1261)
قال الحافظ ابن حجر: وَفِي حَدِيث الْبَاب مِنْ الْفَوَائِد تَفْضِيل صَلَاة آخِر اللَّيْل عَلَى أَوَّله , وَتَفْضِيل تَأْخِير الْوِتْر لَكِنْ ذَلِكَ فِي حَقّ مَنْ طَمِعَ أَنْ يَنْتَبِه , وَأَنَّ آخِر اللَّيْل أَفْضَل لِلدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَار , وَيَشْهَد لَهُ قَوْله تَعَالَى ( وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ) وَأَنَّ الدُّعَاء فِي ذَلِكَ الْوَقْت مُجَاب , وَلَا يُعْتَرَض عَلَى ذَلِكَ بِتَخَلُّفِهِ عَنْ بَعْض الدَّاعِينَ لِأَنَّ سَبَب التَّخَلُّف وُقُوع الْخَلَل فِي شَرْط مِنْ شُرُوط الدُّعَاء كَالِاحْتِرَازِ فِي الْمَطْعَم وَالْمَشْرَب وَالْمَلْبَس أَوْ لِاسْتِعْجَالِ الدَّاعِي أَوْ بِأَنْ يَكُون الدُّعَاء بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَة رَحِم , أَوْ تَحْصُل الْإِجَابَة وَيَتَأَخَّر وُجُود الْمَطْلُوب لِمَصْلَحَةِ الْعَبْد أَوْ لِأَمْرٍ يُرِيدهُ اللَّه .
سادسا>>ـ الاثنين والخميس
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا.أخرجه مسلم (ح/4652)والترمذي (ح/1946)وأبو داود (ح/4270)وابن ماجه (1730)
قال النووي: قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( تُفْتَح أَبْوَاب الْجَنَّة يَوْم الِاثْنَيْنِ وَيَوْم الْخَمِيس . . الْحَدِيث ) قَالَ الْقَاضِي : قَالَ الْبَاجِيّ : مَعْنَى ( فَتْحهَا ) كَثْرَة الصَّفْح وَالْغُفْرَان وَرَفْع الْمَنَازِل , وَإِعْطَاء الثَّوَاب الْجَزِيل . قَالَ الْقَاضِي : وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون عَلَى ظَاهِره , وَأَنَّ فَتْح أَبْوَابهَا عَلَامَة لِذَلِكَ .
سابعا>>يوم الجمعة وساعته
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ.أخرجه مسلم (ح/1411)والترمذي (ح/450)والنسائي (ح/1356)وأحمد ( 10547)وأخرجه أبو داود باختلاف يسير في ألفاظه (ح/882)...وفي البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا >أخرجه البخاري (ح/883)ومسلم (ح/1406)
<<1762>>
"font-family: Times New Roman;">في الفتح : وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل اَلْعِلْمِ مِنْ اَلصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي هَذِهِ اَلسَّاعَةِ هَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ أَوْ رُفِعَتْ ؟ وَعَلَى اَلْبَقَاءِ هَلْ هِيَ فِي كُلِّ جُمُعَة أَوْ فِي جُمُعَة وَاحِدَة مِنْ كُلِّ سَنَة ؟ وَعَلَى اَلْأَوَّلِ هَلْ هِيَ وَقْت مِنْ اَلْيَوْمِ مُعَيَّن أَوْ مُبْهَم ؟ وَعَلَى اَلتَّعْيِينِ هَلْ تَسْتَوْعِبُ اَلْوَقْت أَوْ تُبْهَمُ فِيهِ ؟ وَعَلَى اَلْإِبْهَامِ مَا اِبْتِدَاؤُهُ وَمَا اِنْتِهَاؤُهُ ؟ وَعَلَى كُلِّ ذَلِكَ هَلْ تَسْتَمِرُّ أَوْ تَنْتَقِلُ ؟ وَعَلَى اَلِانْتِقَالِ هَلْ تَسْتَغْرِقُ اَلْيَوْمَ أَوْ بَعْضه ؟ وَهَا أَنَا أَذْكُرُ تَلْخِيصَ مَا اِتَّصَلَ إِلَيَّ مِنْ اَلْأَقْوَالِ مَعَ أَدِلَّتِهَا ، ثُمَّ أَعُودُ إِلَى اَلْجَمْعِ بَيْنَهَا وَالتَّرْجِيحِ .فَالْأَوَّل : إنَّهَا رُفِعَتْ ، حَكَاهُ اِبْن عَبْد اَلْبَرّ عَنْ قَوْمٍ وَزَيَّفَهُ ، وَقَالَ عِيَاض : رَدَّهُ اَلسَّلَف عَلَى قَائِلِهِ . وَرَوَى عَبْد اَلرَّزَّاق عَنْ اِبْن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي دَاوُد بْن أَبِي عَاصِم عَنْ عَبْد اَللَّه بْن عَبْسٍ مَوْلَى مُعَاوِيَة قَالَ " قُلْت لِأَبِي هُرَيْرَة : إِنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّ اَلسَّاعَةَ اَلَّتِي فِي يَوْم اَلْجُمُعَةِ يُسْتَجَابُ فِيهَا اَلدُّعَاءُ رُفِعَتْ ، فَقَالَ : كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ . قُلْت : فَهِيَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ ؟ قَالَ نَعَمْ " إِسْنَاده قَوِيّ . وَقَالَ صَاحِب اَلْهُدَى : إِنْ أَرَادَ قَائِله أَنَّهَا كَانَتْ مَعْلُومَة فَرُفِعَ عِلْمُهَا عَنْ اَلْأُمَّةِ فَصَارَتْ مُبْهَمَة اِحْتُمِلَ ، وَإِنْ أَرَادَ حَقِيقَتَهَا فَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَى قَائِلِهِ ،اَلْقَوْل اَلثَّانِي : إنَّهَا مَوْجُودَة لَكِنَْ فِي جُمُعَةٍ وَاحِدَة مِنْ كُلِّ سَنَة ، قَالَهُ كَعْب اَلْأَحْبَار لِأَبِي هُرَيْرَة ، فَرَدَّ عَلَيْهِ فَرَجَعَ إِلَيْهِ ، رَوَاهُ مَالِك فِي اَلْمُوَطَّأِ وَأَصْحَاب اَلسُّنَنِ .اَلثَّالِث : إنَّهَا مَخْفِيَّةٌ فِي جَمِيعِ اَلْيَوْمِ كَمَا أُخْفِيَتْ لَيْلَةُ اَلْقَدْر فِي اَلْعَشْرِ . رَوَى اِبْن خُزَيْمَة وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيد بْن اَلْحَارِث عَنْ أَبِي سَلَمَة " سَأَلْت أَبَا سَعِيد عَنْ سَاعَة اَلْجُمُعَة فَقَالَ : سَأَلْت اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا فَقَالَ : قَدْ أُعْلِمْتهَا ثُمَّ أُنْسِيتهَا كَمَا أُنْسِيت لَيْلَةَ اَلْقَدْرِ " .
وَرَوَى عَبْد اَلرَّزَّاق عَنْ مَعْمَرٍ أَنَّهُ سَأَلَ اَلزُّهْرِيَّ فَقَالَ : لَمْ أَسْمَعْ فِيهَا بِشَيْءٍ ، إِلَّا أَنَّ كَعْبًا كَانَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ إِنْسَانًا قَسَمَ جُمُعَةً فِي جُمَعٍ لَأَتَى عَلَى تِلْكَ اَلسَّاعَةِ ، قَالَ اِبْن اَلْمُنْذِر : مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَبْدَأُ فَيَدْعُو فِي جُمُعَة مِنْ اَلْجُمَعِ مِنْ أَوَّلِ اَلنَّهَارِ إِلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ ، ثُمَّ فِي جُمُعَة أُخْرَى يَبْتَدِئُ مِنْ ذَلِكَ اَلْوَقْتِ إِلَى وَقْتٍ آخَرَ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى آخِرِ اَلنَّهَار . قَالَهُ : وَكَعْبٌ هَذَا هُوَ كَعْب اَلْأَحْبَار ، قَالَ : وَرُوِّينَا عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ طَلَبَ حَاجَةٍ فِي يَوْمٍ لَيَسِير ، قَالَ : مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَنْبَغِي اَلْمُدَاوَمَة عَلَى اَلدُّعَاءِ يَوْم اَلْجُمُعَةِ كُلّه لِيَمُرّ بِالْوَقْتِ اَلَّذِي يُسْتَجَابُ فِيهِ اَلدُّعَاء اِنْتَهَى . وَاَلَّذِي قَالَهُ اِبْن عُمَر يَصْلُحُ لِمَنْ يَقْوَى عَلَى ذَلِكَ ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي قَالَهُ كَعْب سَهْل عَلَى كُلِّ أَحَد ، وَقَضِيَّة ذَلِكَ أَنَّهُمَا كَانَا يَرَيَانِ أَنَّهَا غَيْرُ مُعَيَّنَة ، وَهُوَ قَضِيَّة كَلَام جَمْعٍ مِنْ اَلْعُلَمَاءِ كَالرَّافِعِيِّ وَصَاحِب اَلْمُغْنِي وَغَيْرهمَا حَيْثُ قَالُوا : يُسْتَحَبُّ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ اَلدُّعَاءِ يَوْم اَلْجُمُعَةِ رَجَاء أَنْ يُصَادِفَ سَاعَة اَلْإِجَابَة ، وَمِنْ حُجَّةِ هَذَا اَلْقَوْلِ تَشْبِيههَا بِلَيْلَةِ اَلْقَدْرِ وَالِاسْم اَلْأَعْظَم فِي اَلْأَسْمَاءِ اَلْحُسْنَى ، وَالْحِكْمَةِ فِي ذَلِكَ حَثُّ اَلْعِبَادَ عَلَى اَلِاجْتِهَادِ فِي اَلطَّلَبِ وَاسْتِيعَاب اَلْوَقْت بِالْعِبَادَةِ ، بِخِلَافٍ مَا لَوْ تَحَقَّقَ اَلْأَمْر فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَكَانَ مُقْتَضِيًا لِلِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ وَإِهْمَال مَا عَدَاهُ ....الخ إلى أن قال : اَلثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ : مِنْ حِينِ يَغِيبُ نِصْف قُرْصِ اَلشَّمْسِ ، أَوْ مِنْ حِينِ تُدْلِي اَلشَّمْس لِلْغُرُوبِ إِلَى أَنْ يَتَكَامَلَ غُرُوبهَا رَوَاهُ اَلطَّبَرَانِيّ فِي اَلْأَوْسَطِ. فَهَذَا جَمِيع مَا اِتَّصَلَ إِلَيَّ مِنْ اَلْأَقْوَالِ فِي سَاعَة اَلْجُمُعَة مَعَ ذِكْرِ أَدِلَّتِهَا وَبَيَانِ حَالِهَا فِي اَلصِّحَّةِ وَالضَّعْفِ وَالرَّفْعِ وَالْوَقْفِ وَالْإِشَارَةِ إِلَى مَأْخَذِ بَعْضِهَا ، وَلَيْسَتْ كُلّهَا مُتَغَايِرَة مِنْ كُلِّ جِهَةٍ بَلْ كَثِير مِنْهَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَّحِدَ مَعَ غَيْرِهِ . ثُمَّ ظَفَرْت بَعْدَ كِتَابَةِ هَذَا
<<1763>>
بِقَوْلٍ زَائِدٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ غَيْرُ مَنْقُول ، اِسْتَنْبَطَهُ صَاحِبُنَا اَلْعَلَّامَةُ اَلْحَافِظُ شَمْس اَلدِّينِ اَلْجَزَرِيُّ وَأَذِنَ لِي فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُ فِي كِتَابِهِ اَلْمُسَمَّى " اَلْحِصْن اَلْحَصِين " فِي اَلْأَدْعِيَةِ لَمَّا ذَكَرَ اَلِاخْتِلَافَ فِي سَاعَة اَلْجُمُعَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَقْوَالٍ مِمَّا تَقَدَّمَ ثُمَّ قَالَ مَا نَصُّهُ : وَاَلَّذِي أَعْتَقِدُهُ أَنَّهَا وَقْتُ قِرَاءَةِ اَلْإِمَامِ اَلْفَاتِحَةَ فِي صَلَاة اَلْجُمُعَةِ إِلَى أَنْ يَقُولَ آمِينَ ، جَمْعًا بَيْنَ اَلْأَحَادِيثِ اَلَّتِي صَحَّتْ .
كَذَا قَالَ ، وَيَخْدِشُ فِيهِ أَنَّهُ يُفَوِّتُ عَلَى اَلدَّاعِي حِينَئِذٍ اَلْإِنْصَات لِقِرَاءَةِ اَلْإِمَامِ ، فَلْيُتَأَمَّلْ . قَالَ اَلزَّيْن بْن اَلْمُنِيرِ : يَحْسُنُ جَمْع اَلْأَقْوَالِ ، وَكَانَ قَدْ ذَكَرَ مِمَّا تَقَدَّمَ عَشْرَة أَقْوَالٍ تَبَعًا لِابْنِ بَطَّالٍ . قَالَ : فَتَكُونُ سَاعَة اَلْإِجَابَة وَاحِدَة مِنْهَا لَا بِعَيْنِهَا ، فَيُصَادِفُهَا مَنْ اِجْتَهَدَ فِي اَلدُّعَاءِ فِي جَمِيعِهَا وَاَللَّهُ اَلْمُسْتَعَانُ.. وَفِي اَلْحَدِيثِ مِنْ اَلْفَوَائِدِ غَيْر مَا تَقَدَّمَ فَضْل يَوْم اَلْجُمُعَةِ لِاخْتِصَاصِهِ بِسَاعَة اَلْإِجَابَة ، وَفِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ خَيْر يَوْم طَلَعَتْ عَلَيْهِ اَلشَّمْسُ . وَفِيهِ فَضْلُ اَلدُّعَاءِ وَاسْتِحْبَابُ اَلْإِكْثَارِ مِنْهُ.
ثامنا>>الأيام البيض
عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَصُومَ مِنْ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ الْبِيضَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ.أخرجه النسائي (ح/2379)والترمذي (ح/692)..عن عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قُدَامَةَ بْنِ مِلْحَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِصَوْمِ أَيَّامِ اللَّيَالِي الْغُرِّ الْبِيضِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ،أخرجه النسائي (ح/2389)وأبو داود (ح/2093)وابن ماجه (ح/1697)وأحمد (ح/16859)..وفي النسائي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُفْطِرُ أَيَّامَ الْبِيضِ فِي حَضَرٍ وَلَا سَفَرٍ.
تاسعا>>ـ شهر رمضان
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ.أخرجه البخاري (ح/1765)ومسلم (ح/1793) وزاد في آخره ((وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين)).
عاشرا>>العشر الأواخر
روى البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ.>أخرجه البخاري (ح/1885)وفيه أيضا :عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ >>في الفتح : " حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّه ، ثُمَّ اِعْتَكَفَ أَزْوَاجه مِنْ بَعْده "
، فَيُؤْخَذ مِنْ الْأَوَّل اِشْتِرَاطُ الْمَسْجِد لَهُ ، وَمِنْ الثَّانِي أَنَّهُ لَمْ يُنْسَخْ وَلَيْسَ مِنْ الْخَصَائِصِ . وَأَمَّا قَوْلُ اِبْن نَافِع عَنْ مَالِك : فَكَّرْت فِي الِاعْتِكَافِ وَتَرْكِ الصَّحَابَة لَهُ مَعَ شِدَّةِ اِتِّبَاعِهِمْ لِلْأَثَرِ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهُ كَالْوِصَالِ ، وَأَرَاهُمْ تَرَكُوهُ لِشِدَّتِهِ وَلَمْ يَبْلُغْنِي عَنْ أَحَد مِنْ السَّلَف أَنَّهُ اِعْتَكَفَ إِلَّا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْن عَبْد الرَّحْمَن ا ه . وَكَأَنَّهُ أَرَادَ صِفَةً مَخْصُوصَةً ، وَإِلَّا فَقَدْ حَكَيْنَاهُ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَة ، وَمِنْ كَلَام مَالِك أَخَذَ بَعْض أَصْحَابه أَنَّ الِاعْتِكَاف جَائِزٌ ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ اِبْن الْعَرَبِيِّ وَقَالَ : إِنَّهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ ، وَكَذَا قَالَ اِبْن بَطَّال : فِي مُوَاظَبَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى تَأْكِيدِهِ ،
<<1764>>
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَد : لَا أَعْلَمُ عَنْ أَحَد مِنْ الْعُلَمَاءِ خِلَافًا أَنَّهُ مَسْنُونٌ ...وفي مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَاأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ قَالَ نَافِعٌ وَقَدْ أَرَانِي عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمَكَانَ الَّذِي كَانَ يَعْتَكِفُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَسْجِدِ
حادي عشر >>ـ ليلة القدر عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.>أخرجه البخاري (ح/34)
ومسلم (ح/1269) .عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ.أخرجه البخاري (ح/1878) ومسلم (ح/1998) ولم يذكر الوتر.
وقال ابن حجر بعد أن ذكر اختلاف العلماء في تعيين ليلة القدر وذكر ستة وأربعين قولاً: هَذَا آخَر مَا وَقَفَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْأَقْوَال وَبَعْضهَا يُمْكِنُ رَدُّهُ إِلَى بَعْض , وَإِنْ كَانَ ظَاهِرهَا التَّغَايُر , وَأَرْجَحهَا كُلّهَا أَنَّهَا فِي وِتْرٍ مِنْ الْعَشْر الْأَخِير وَأَنَّهَا تَنْتَقِل كَمَا يَفْهَم مِنْ أَحَادِيث هَذَا الْبَاب , وَأَرْجَاهَا أَوْتَار الْعَشْر , وَأَرْجَى أَوْتَار الْعَشْر عِنْد الشَّافِعِيَّة لَيْلَة إِحْدَى وَعِشْرِينَ أَوْ ثَلَاث وَعِشْرِينَ عَلَى مَا فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد وَعَبْد اللَّه بْن أُنَيْسٍ , وَأَرْجَاهَا عِنْد الْجُمْهُور لَيْلَة سَبْع وَعِشْرِينَ , وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أَدِلَّة ذَلِكَ (في ذكره للأقوال) . قَالَ الْعُلَمَاء : الْحِكْمَة فِي إِخْفَاء لَيْلَة الْقَدْر لِيَحْصُل الِاجْتِهَاد فِي اِلْتِمَاسهَا , بِخِلَافِ مَا لَوْ عُيِّنَتْ لَهَا لَيْلَةٌ لَاقْتُصِرَ عَلَيْهَا.
ثاني عشر >>ـ صيام ستة أيام من شوال .في صحيح مسلم عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ>قال النووي : فِيهِ دَلَالَة صَرِيحَة لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَدَاوُد وَمُوَافِقَيْهِمْ فِي اِسْتِحْبَاب صَوْم هَذِهِ السِّتَّة ، وَقَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة : يُكْرَه ذَلِكَ ، قَالَ مَالِك فِي الْمُوَطَّإِ : مَا رَأَيْت أَحَدًا مِنْ أَهْل الْعِلْم يَصُومهَا ، قَالُوا : فَيُكْرَهُ ؛ لِئَلَّا يُظَنَّ وُجُوبُهُ . وَدَلِيل الشَّافِعِيّ وَمُوَافِقِيهِ هَذَا الْحَدِيث الصَّحِيح الصَّرِيح ، وَإِذَا ثَبَتَتْ السُّنَّة لَا تُتْرَكُ لِتَرْكِ بَعْضِ النَّاسِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ أَوْ كُلِّهِمْ لَهَا ، وَقَوْلهمْ : قَدْ يُظَنّ وُجُوبهَا ، يُنْتَقَض بِصَوْمِ عَرَفَة وَعَاشُورَاء وَغَيْرهمَا مِنْ الصَّوْم الْمَنْدُوب . قَالَ أَصْحَابنَا : وَالْأَفْضَل أَنْ تُصَامَ السِّتَّةُ مُتَوَالِيَةً عَقِبَ يَوْم الْفِطْرِ ، فَإِنْ فَرَّقَهَا أَوْ أَخَّرَهَا عَنْ أَوَائِل شَوَّال إِلَى أَوَاخِره حَصَلَتْ فَضِيلَة الْمُتَابَعَةُ ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ أَنَّهُ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّال ، قَالَ الْعُلَمَاء : وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ كَصِيَامِ الدَّهْر ؛ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، فَرَمَضَانُ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ ، وَالسِّتَّة بِشَهْرَيْنِ ، وَقَدْ جَاءَ هَذَا فِي حَدِيث مَرْفُوع فِي كِتَاب النَّسَائِيِّ .
ثالث عشر >>ـ عند إفطار الصائم
عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ لَدَعْوَةً مَا تُرَدُّ قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ إِذَا أَفْطَرَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَغْفِرَ لِي.أخرجه ابن ماجه (ح/1743)وقال في الزوائد: إسناده صحيح...قلت> قال الألباني في الكلم الطيب ( ضعيف الإسناد)
<<1765>>
رابع عشر >>ـ ليلتي العيدين
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَامَ لَيْلَتَيْ الْعِيدَيْنِ مُحْتَسِبًا لِلَّهِ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ.
أخرجه ابن ماجة (ح/1772) قال السندي في شرحه: قَوْله ( مَنْ قَامَ لَيْلَتَيْ الْعِيدَيْنِ ) ظَاهِره أَنْ يُحْيِي كُلّ اللَّيْلَة بِالْعِبَادَةِ وَالْمَرْجُوّ أَنَّ قِيَام التَّهَجُّد يَكْفِي ( يَوْم تَمُوت الْقُلُوب ) أَيْ لِكَثْرَةِ الذُّنُوب وَالْمُرَاد إِنْ أَدْرَكَهُ ذَلِكَ الْيَوْم يَكُون هُوَ مَخْصُوصًا مِنْ بَيْن النَّاس بِحَيَاةِ الْقَلْب وَفِي الزَّوَائِد إِسْنَاده ضَعِيف لِتَدْلِيسِ بَقِيَّة وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم ....قلت> قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 11 ) :ضعيف جدا . أخرجه ابن ماجة ( 1 / 542 ) عن بقية بن الوليد عن ثور بن يزيدعن خالد بن معدان عن أبي أمامة مرفوعا . قال في " الزوائد " : " إسناده ضعيف لتدليس بقية " . و قال العراقي في " تخريج الإحياء " ( 1 / 328 ) : "إسناده ضعيف " . قلت : بقية سيء التدليس ، فإنه يروي عن الكذابين عن الثقات ثم يسقطهم من بينه و بين الثقات و يدلس عنهم ! فلا يبعد أن يكون شيخه الذي أسقطه في هذا الحديث من أولئك الكذابين ، فقد قال ابن القيم في هديه صلى الله عليه وسلم ليلة النحر من المناسك ( 1 / 212 ) : " ثم نام حتى أصبح ، و لم يحي تلك الليلة ، و لا صح عنه في إحياء ليلتي العيدين شيء " . ثم رأيت الحديث من رواية عمر بن هارون الكذاب ، و المذكور في الحديث السابق ، يرويه عن ثور بن يزيد به .فلا أستبعد أن يكون هو الذي تلقاه بقية عنه ثم دلسه و أسقطه . اهـ
خامس عشر >>عشر ذي الحجة
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ .أخرجه الترمذي (ح/688)وأبو داود (ح/2082)وابن ماجه (ح/1717)وأحمد (ح/1867)..وللبخاري بلفظ((مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ قَالُوا وَلَا الْجِهَادُ قَالَ وَلَا الْجِهَادُ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ)) (ح/916)
قال ابن حجر: . وَفِي الْحَدِيثِ تَعْظِيمُ قَدْرِ الْجِهَادِ وَتَفَاوُتُ دَرَجَاتِهِ وَأَنَّ الْغَايَةَ الْقُصْوَى فِيهِ بَذْلُ النَّفْسِ لِلَّهِ , وَفِيهِ تَفْضِيلُ بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ عَلَى بَعْضٍ كَالْأَمْكِنَةِ , وَفَضْلُ أَيَّامِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ عَلَى غَيْرِهَا مِنْ أَيَّامِ السَّنَةِ , وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِيمَنْ نَذَرَ الصِّيَامَ أَوْ عَلَّقَ عَمَلًا مِنْ الْأَعْمَالِ بِأَفْضَلِ الْأَيَّامِ , فَلَوْ أَفْرَدَ يَوْمًا مِنْهَا تَعَيَّنَ يَوْمُ عَرَفَةَ , لِأَنَّهُ عَلَى الصَّحِيحِ أَفْضَلُ أَيَّامِ الْعَشْرِ الْمَذْكُورَةِ , فَإِنْ أَرَادَ أَفْضَلَ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ تَعَيَّنَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ , جَمْعًا بَيْنَ حَدِيثِ الْبَابِ وَبَيْنَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا " خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ , أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ كُلِّهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ.
وقال: وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى فَضْلِ صِيَامِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِانْدِرَاجِ الصَّوْمِ فِي الْعَمَلِ
وقال: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ السَّبَبَ فِي اِمْتِيَازِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِمَكَانِ اِجْتِمَاعِ أُمَّهَاتِ الْعِبَادَةِ فِيهِ , وَهِيَ الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَالْحَجُّ , وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ.
<<1766>>
خامس عشر >> صيام يوم عرفة لغير الحاج
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ.>أخرجه الترمذي قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ (ح/680)وابن ماجه (ح/1720)وأحمد (ح/21496) قال النووي قَوْلُهُ : ( إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ )أَيْ أَرْجُو مِنْهُ . قَالَ الطِّيبِيُّ : كَأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ يُقَالَ أَرْجُو مِنْ اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ فَوَضَعَ مَوْضِعَهُ أَحْتَسِبُ وَعَدَّاهُ بِعَلَى الَّذِي لِلْوُجُوبِ عَلَى سَبِيلِ الْوَعْدِ مُبَالَغَةً لِحُصُولِ الثَّوَابِ اِنْتَهَى( أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ )قَالَ النَّوَوِيُّ : قَالُوا الْمُرَادُ بِالذُّنُوبِ الصَّغَائِرُ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الصَّغَائِرُ يُرْجَى تَخْفِيفُ الْكَبَائِرِ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُفِعَتْ الدَّرَجَاتُ . وَقَالَ الْقَارِي فِي الْمِرْقَاةِ : قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ : الْمُكَفَّرُ الصَّغَائِرُ . وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ . وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ ، وَأَمَّا الْكَبَائِرُ فَلَا يُكَفِّرُهَا إِلَّا التَّوْبَةُ . أَوْ رَحْمَةُ اللَّهِ اِنْتَهَى . فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ يَكُونُ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلرَّجُلِ ذَنْبٌ فِي تِلْكَ السَّنَةِ . قِيلَ : مَعْنَاهُ أَنْ يَحْفَظَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الذُّنُوبِ فِيهَا ، وَقِيلَ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ الرَّحْمَةِ الثَّوَابَ قَدْرًا يَكُونُ كَكَفَّارَةِ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ وَالسِّتَّةِ الْقَابِلَةِ إِذَا جَاءَتْ وَاتَّفَقَتْ لَهُ ذُنُوبٌ اِنْتَهَى . قَوْلُهُ : ( حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ )وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مُطَوَّلًا .
سادس عشر >>ـ يوم عاشوراء
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ.أخرجه البخاري (ح/1867)ومسلم (ح/1914)
قال ابن حجر: قَوْله : ( مَا رَأَيْت إِلَخْ ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ يَوْم عَاشُورَاء أَفْضَلُ الْأَيَّامِ لِلصَّائِمِ بَعْد رَمَضَان , لَكِنَّ اِبْن عَبَّاس أَسْنَدَ ذَلِكَ إِلَى عِلْمِهِ فَلَيْسَ فِيهِ مَا يَرُدُّ عِلْمَ غَيْره , وَقَدْ رَوَى مُسْلِم مِنْ حَدِيث أَبِي قَتَادَةَ مَرْفُوعًا " إِنَّ صَوْم عَاشُورَاء يُكَفِّر سَنَةً , وَإِنَّ صِيَام يَوْم عَرَفَة يُكَفِّر سَنَتَيْنِ " وَظَاهِره أَنَّ صِيَام يَوْم عَرَفَة أَفْضَل مِنْ صِيَام يَوْم عَاشُورَاء , وَقَدْ قِيلَ فِي الْحِكْمَة فِي ذَلِكَ إِنَّ يَوْمَ عَاشُورَاء مَنْسُوبٌ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَيَوْمَ عَرَفَة مَنْسُوبٌ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلِذَلِكَ كَانَ أَفْضَلَ .
المصدر: منتدى نور الرحمن – مقال مدير الموقع محمد مع بعض الإضافات
سابع عشر >>ـ بين الأذان والإقامة
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُرَدُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ>أبو داود. قوله ( لَا يُرَدّ الدُّعَاء بَيْن الْأَذَان وَالْإِقَامَة ): أَيْ فَادْعُوَا كَمَا فِي رِوَايَة ، وَذَلِكَ لِشَرَفِ الْوَقْت . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ فِي عَمَل الْيَوْم وَاللَّيْلَة ، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ : حَدِيث حَسَن ،اهـ عون المعبود
ثامن عشر >>فيمَنْ جَلَسَ فِي الْمَسْجِد يَنْتَظِر الصَّلَاة
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ >قَالَ مَالِك لَا أَرَى قَوْلَهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ إِلَّا الْإِحْدَاثَ الَّذِي يَنْقُضُ الْوُضُوءَ..وروى البخاري : هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى
<<1767>>
صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلْ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ وَلَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ> في الفتح قَوْله : ( فِي مُصَلَّاهُ )أَيْ فِي الْمَكَان الَّذِي أَوْقَعَ فِيهِ الصَّلَاة مِنْ الْمَسْجِد ، وَكَأَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَج الْغَالِب ، وَإِلَّا فَلَوْ قَامَ إِلَى بُقْعَة أُخْرَى مِنْ الْمَسْجِدِ مُسْتَمِرًّا عَلَى نِيَّة اِنْتِظَار الصَّلَاة كَانَ كَذَلِكَ .قَوْله : ( اللَّهُمَّ اِرْحَمْهُ ) )أَيْ قَائِلِينَ ذَلِكَ ، زَادَ اِبْن مَاجَهْ " اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ " وَفِي الطَّرِيق الْمَاضِيَة فِي بَاب مَسْجِد السُّوق " اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لَهُ " وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَفْضَلِيَّة الصَّلَاة عَلَى غَيْرهَا مِنْ الْأَعْمَال لِمَا ذُكِرَ مِنْ صَلَاة الْمَلَائِكَة عَلَيْهِ وَدُعَائِهِمْ لَهُ بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَة وَالتَّوْبَة ، وَعَلَى تَفْضِيل صَالِحِي النَّاس عَلَى الْمَلَائِكَة لِأَنَّهُمْ يَكُونُونَ فِي تَحْصِيل الدَّرَجَات بِعِبَادَتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ مَشْغُولُونَ بِالِاسْتِغْفَارِ وَالدُّعَاء لَهُمْ...فيه : بَيَان فَضِيلَة مَنْ اِنْتَظَرَ الصَّلَاة مُطْلَقًا سَوَاء ثَبَتَ فِي مَجْلِسه ذَلِكَ مِنْ الْمَسْجِد أَمْ تَحَوَّلَ إِلَى غَيْره ،اهـ والوقت الذي يحصل فيه الشرف هو ما بين دخول المرء إلى المسجد وبين إقامة الصلاة .
تاسع عشر >> تعليم القرآن
من الأوقات الفاضلة هي تلك اللحظات التي تقضى في المكتب تعليما وتدريسا وتفقيها .ففي صحيح البخاري عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ قَالَ وَأَقْرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي إِمْرَةِ عُثْمَانَ حَتَّى كَانَ الْحَجَّاجُ قَالَ وَذَاكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي مَقْعَدِي هَذَا>.في الفتح ... لَا شَكّ أَنَّ الْجَامِع بَيْن تَعَلُّم الْقُرْآن وَتَعْلِيمه مُكَمِّل لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ جَامِع بَيْن النَّفْع الْقَاصِر وَالنَّفْع الْمُتَعَدِّي وَلِهَذَا كَانَ أَفْضَل ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَة مَنْ عَنَى سُبْحَانه وَتَعَالَى بِقَوْلِهِ : ( وَمَنْ أَحْسَن قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّه وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ ) وَالدُّعَاء إِلَى اللَّه يَقَع بِأُمُورٍ شَتَّى مِنْ جُمْلَتهَا تَعْلِيم الْقُرْآن وَهُوَ أَشْرَف الْجَمِيع ، وَعَكْسه الْكَافِر الْمَانِع لِغَيْرِهِ مِنْ الْإِسْلَام كَمَا قَالَ تَعَالَى ( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا ) فَإِنْ قِيلَ : فَيَلْزَم عَلَى هَذَا أَنْ يَكُون الْمُقْرِئ أَفْضَل مِنْ الْفَقِيه قُلْنَا : لَا ، لِأَنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِذَلِكَ كَانُوا فُقَهَاء النُّفُوس لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَهْل اللِّسَان فَكَانُوا يَدْرُونَ مَعَانِي الْقُرْآن بِالسَّلِيقَةِ أَكْثَر مِمَّا يَدْرِيهَا مَنْ بَعْدهمْ بِالِاكْتِسَابِ ، فَكَانَ الْفِقْه لَهُمْ سَجِيَّة ، فَمَنْ كَانَ فِي مِثْل شَأْنهمْ شَارَكَهُمْ فِي ذَلِكَ ، لَا مَنْ كَانَ قَارِئًا أَوْ مُقْرِئًا مَحْضًا لَا يَفْهَم شَيْئًا مِنْ مَعَانِي مَا يَقْرَؤُهُ أَوْ يُقْرِئهُ . فَإِنْ قِيلَ فَيَلْزَم أَنْ يَكُون الْمُقْرِئ أَفْضَل مِمَّنْ هُوَ أَعْظَم غِنَاء فِي الْإِسْلَام بِالْمُجَاهَدَةِ وَالرِّبَاط وَالْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر مَثَلًا ، قُلْنَا حَرْف الْمَسْأَلَة يَدُور عَلَى النَّفْع الْمُتَعَدِّي فَمَنْ كَانَ حُصُوله عِنْده أَكْثَر كَانَ أَفْضَل ،...... قَوْله : ( قَالَ وَأَقْرَأَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن فِي إِمْرَة عُثْمَان حَتَّى كَانَ الْحَجَّاج )
أَيْ حَتَّى وَلِيَ الْحَجَّاج عَلَى الْعِرَاق قُلْت : بَيْنَ أَوَّل خِلَافَة عُثْمَان وَآخِر وِلَايَة الْحَجَّاج اِثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ سَنَة إِلَّا ثَلَاثَة أَشْهُر وَبَيْن آخِر خِلَافَة عُثْمَان وَأَوَّل وِلَايَة الْحَجَّاج الْعِرَاق ثَمَانٍ وَثَلَاثُونَ سَنَة ، وَلَمْ أَقِف عَلَى تَعْيِين اِبْتِدَاء إِقْرَاء أَبِي عَبْد الرَّحْمَن وَآخِره فَاللَّه أَعْلَم بِمِقْدَارِ ذَلِكَ.... قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن : فَذَاكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي مَقْعَدِي هَذَا ، وَكَانَ يُعَلِّم الْقُرْآن " وَالْإِشَارَة بِذَلِكَ إِلَى الْحَدِيث....والله أعلم وصلى الله على نبيه وآله حرره حميد أمين بورك فيه
وَرَوَى عَبْد اَلرَّزَّاق عَنْ مَعْمَرٍ أَنَّهُ سَأَلَ اَلزُّهْرِيَّ فَقَالَ : لَمْ أَسْمَعْ فِيهَا بِشَيْءٍ ، إِلَّا أَنَّ كَعْبًا كَانَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ إِنْسَانًا قَسَمَ جُمُعَةً فِي جُمَعٍ لَأَتَى عَلَى تِلْكَ اَلسَّاعَةِ ، قَالَ اِبْن اَلْمُنْذِر : مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَبْدَأُ فَيَدْعُو فِي جُمُعَة مِنْ اَلْجُمَعِ مِنْ أَوَّلِ اَلنَّهَارِ إِلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ ، ثُمَّ فِي جُمُعَة أُخْرَى يَبْتَدِئُ مِنْ ذَلِكَ اَلْوَقْتِ إِلَى وَقْتٍ آخَرَ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى آخِرِ اَلنَّهَار . قَالَهُ : وَكَعْبٌ هَذَا هُوَ كَعْب اَلْأَحْبَار ، قَالَ : وَرُوِّينَا عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ طَلَبَ حَاجَةٍ فِي يَوْمٍ لَيَسِير ، قَالَ : مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَنْبَغِي اَلْمُدَاوَمَة عَلَى اَلدُّعَاءِ يَوْم اَلْجُمُعَةِ كُلّه لِيَمُرّ بِالْوَقْتِ اَلَّذِي يُسْتَجَابُ فِيهِ اَلدُّعَاء اِنْتَهَى . وَاَلَّذِي قَالَهُ اِبْن عُمَر يَصْلُحُ لِمَنْ يَقْوَى عَلَى ذَلِكَ ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي قَالَهُ كَعْب سَهْل عَلَى كُلِّ أَحَد ، وَقَضِيَّة ذَلِكَ أَنَّهُمَا كَانَا يَرَيَانِ أَنَّهَا غَيْرُ مُعَيَّنَة ، وَهُوَ قَضِيَّة كَلَام جَمْعٍ مِنْ اَلْعُلَمَاءِ كَالرَّافِعِيِّ وَصَاحِب اَلْمُغْنِي وَغَيْرهمَا حَيْثُ قَالُوا : يُسْتَحَبُّ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ اَلدُّعَاءِ يَوْم اَلْجُمُعَةِ رَجَاء أَنْ يُصَادِفَ سَاعَة اَلْإِجَابَة ، وَمِنْ حُجَّةِ هَذَا اَلْقَوْلِ تَشْبِيههَا بِلَيْلَةِ اَلْقَدْرِ وَالِاسْم اَلْأَعْظَم فِي اَلْأَسْمَاءِ اَلْحُسْنَى ، وَالْحِكْمَةِ فِي ذَلِكَ حَثُّ اَلْعِبَادَ عَلَى اَلِاجْتِهَادِ فِي اَلطَّلَبِ وَاسْتِيعَاب اَلْوَقْت بِالْعِبَادَةِ ، بِخِلَافٍ مَا لَوْ تَحَقَّقَ اَلْأَمْر فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَكَانَ مُقْتَضِيًا لِلِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ وَإِهْمَال مَا عَدَاهُ ....الخ إلى أن قال : اَلثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ : مِنْ حِينِ يَغِيبُ نِصْف قُرْصِ اَلشَّمْسِ ، أَوْ مِنْ حِينِ تُدْلِي اَلشَّمْس لِلْغُرُوبِ إِلَى أَنْ يَتَكَامَلَ غُرُوبهَا رَوَاهُ اَلطَّبَرَانِيّ فِي اَلْأَوْسَطِ. فَهَذَا جَمِيع مَا اِتَّصَلَ إِلَيَّ مِنْ اَلْأَقْوَالِ فِي سَاعَة اَلْجُمُعَة مَعَ ذِكْرِ أَدِلَّتِهَا وَبَيَانِ حَالِهَا فِي اَلصِّحَّةِ وَالضَّعْفِ وَالرَّفْعِ وَالْوَقْفِ وَالْإِشَارَةِ إِلَى مَأْخَذِ بَعْضِهَا ، وَلَيْسَتْ كُلّهَا مُتَغَايِرَة مِنْ كُلِّ جِهَةٍ بَلْ كَثِير مِنْهَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَّحِدَ مَعَ غَيْرِهِ . ثُمَّ ظَفَرْت بَعْدَ كِتَابَةِ هَذَا
<<1763>>
بِقَوْلٍ زَائِدٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ غَيْرُ مَنْقُول ، اِسْتَنْبَطَهُ صَاحِبُنَا اَلْعَلَّامَةُ اَلْحَافِظُ شَمْس اَلدِّينِ اَلْجَزَرِيُّ وَأَذِنَ لِي فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُ فِي كِتَابِهِ اَلْمُسَمَّى " اَلْحِصْن اَلْحَصِين " فِي اَلْأَدْعِيَةِ لَمَّا ذَكَرَ اَلِاخْتِلَافَ فِي سَاعَة اَلْجُمُعَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَقْوَالٍ مِمَّا تَقَدَّمَ ثُمَّ قَالَ مَا نَصُّهُ : وَاَلَّذِي أَعْتَقِدُهُ أَنَّهَا وَقْتُ قِرَاءَةِ اَلْإِمَامِ اَلْفَاتِحَةَ فِي صَلَاة اَلْجُمُعَةِ إِلَى أَنْ يَقُولَ آمِينَ ، جَمْعًا بَيْنَ اَلْأَحَادِيثِ اَلَّتِي صَحَّتْ .
كَذَا قَالَ ، وَيَخْدِشُ فِيهِ أَنَّهُ يُفَوِّتُ عَلَى اَلدَّاعِي حِينَئِذٍ اَلْإِنْصَات لِقِرَاءَةِ اَلْإِمَامِ ، فَلْيُتَأَمَّلْ . قَالَ اَلزَّيْن بْن اَلْمُنِيرِ : يَحْسُنُ جَمْع اَلْأَقْوَالِ ، وَكَانَ قَدْ ذَكَرَ مِمَّا تَقَدَّمَ عَشْرَة أَقْوَالٍ تَبَعًا لِابْنِ بَطَّالٍ . قَالَ : فَتَكُونُ سَاعَة اَلْإِجَابَة وَاحِدَة مِنْهَا لَا بِعَيْنِهَا ، فَيُصَادِفُهَا مَنْ اِجْتَهَدَ فِي اَلدُّعَاءِ فِي جَمِيعِهَا وَاَللَّهُ اَلْمُسْتَعَانُ.. وَفِي اَلْحَدِيثِ مِنْ اَلْفَوَائِدِ غَيْر مَا تَقَدَّمَ فَضْل يَوْم اَلْجُمُعَةِ لِاخْتِصَاصِهِ بِسَاعَة اَلْإِجَابَة ، وَفِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ خَيْر يَوْم طَلَعَتْ عَلَيْهِ اَلشَّمْسُ . وَفِيهِ فَضْلُ اَلدُّعَاءِ وَاسْتِحْبَابُ اَلْإِكْثَارِ مِنْهُ.
ثامنا>>الأيام البيض
عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَصُومَ مِنْ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ الْبِيضَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ.أخرجه النسائي (ح/2379)والترمذي (ح/692)..عن عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ قُدَامَةَ بْنِ مِلْحَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِصَوْمِ أَيَّامِ اللَّيَالِي الْغُرِّ الْبِيضِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ،أخرجه النسائي (ح/2389)وأبو داود (ح/2093)وابن ماجه (ح/1697)وأحمد (ح/16859)..وفي النسائي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُفْطِرُ أَيَّامَ الْبِيضِ فِي حَضَرٍ وَلَا سَفَرٍ.
تاسعا>>ـ شهر رمضان
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ.أخرجه البخاري (ح/1765)ومسلم (ح/1793) وزاد في آخره ((وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين)).
عاشرا>>العشر الأواخر
روى البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ.>أخرجه البخاري (ح/1885)وفيه أيضا :عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ >>في الفتح : " حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّه ، ثُمَّ اِعْتَكَفَ أَزْوَاجه مِنْ بَعْده "
، فَيُؤْخَذ مِنْ الْأَوَّل اِشْتِرَاطُ الْمَسْجِد لَهُ ، وَمِنْ الثَّانِي أَنَّهُ لَمْ يُنْسَخْ وَلَيْسَ مِنْ الْخَصَائِصِ . وَأَمَّا قَوْلُ اِبْن نَافِع عَنْ مَالِك : فَكَّرْت فِي الِاعْتِكَافِ وَتَرْكِ الصَّحَابَة لَهُ مَعَ شِدَّةِ اِتِّبَاعِهِمْ لِلْأَثَرِ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهُ كَالْوِصَالِ ، وَأَرَاهُمْ تَرَكُوهُ لِشِدَّتِهِ وَلَمْ يَبْلُغْنِي عَنْ أَحَد مِنْ السَّلَف أَنَّهُ اِعْتَكَفَ إِلَّا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْن عَبْد الرَّحْمَن ا ه . وَكَأَنَّهُ أَرَادَ صِفَةً مَخْصُوصَةً ، وَإِلَّا فَقَدْ حَكَيْنَاهُ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَة ، وَمِنْ كَلَام مَالِك أَخَذَ بَعْض أَصْحَابه أَنَّ الِاعْتِكَاف جَائِزٌ ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ اِبْن الْعَرَبِيِّ وَقَالَ : إِنَّهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ ، وَكَذَا قَالَ اِبْن بَطَّال : فِي مُوَاظَبَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى تَأْكِيدِهِ ،
<<1764>>
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَد : لَا أَعْلَمُ عَنْ أَحَد مِنْ الْعُلَمَاءِ خِلَافًا أَنَّهُ مَسْنُونٌ ...وفي مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَاأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ قَالَ نَافِعٌ وَقَدْ أَرَانِي عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمَكَانَ الَّذِي كَانَ يَعْتَكِفُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَسْجِدِ
حادي عشر >>ـ ليلة القدر عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يَقُمْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.>أخرجه البخاري (ح/34)
ومسلم (ح/1269) .عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ.أخرجه البخاري (ح/1878) ومسلم (ح/1998) ولم يذكر الوتر.
وقال ابن حجر بعد أن ذكر اختلاف العلماء في تعيين ليلة القدر وذكر ستة وأربعين قولاً: هَذَا آخَر مَا وَقَفَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْأَقْوَال وَبَعْضهَا يُمْكِنُ رَدُّهُ إِلَى بَعْض , وَإِنْ كَانَ ظَاهِرهَا التَّغَايُر , وَأَرْجَحهَا كُلّهَا أَنَّهَا فِي وِتْرٍ مِنْ الْعَشْر الْأَخِير وَأَنَّهَا تَنْتَقِل كَمَا يَفْهَم مِنْ أَحَادِيث هَذَا الْبَاب , وَأَرْجَاهَا أَوْتَار الْعَشْر , وَأَرْجَى أَوْتَار الْعَشْر عِنْد الشَّافِعِيَّة لَيْلَة إِحْدَى وَعِشْرِينَ أَوْ ثَلَاث وَعِشْرِينَ عَلَى مَا فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد وَعَبْد اللَّه بْن أُنَيْسٍ , وَأَرْجَاهَا عِنْد الْجُمْهُور لَيْلَة سَبْع وَعِشْرِينَ , وَقَدْ تَقَدَّمَتْ أَدِلَّة ذَلِكَ (في ذكره للأقوال) . قَالَ الْعُلَمَاء : الْحِكْمَة فِي إِخْفَاء لَيْلَة الْقَدْر لِيَحْصُل الِاجْتِهَاد فِي اِلْتِمَاسهَا , بِخِلَافِ مَا لَوْ عُيِّنَتْ لَهَا لَيْلَةٌ لَاقْتُصِرَ عَلَيْهَا.
ثاني عشر >>ـ صيام ستة أيام من شوال .في صحيح مسلم عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ>قال النووي : فِيهِ دَلَالَة صَرِيحَة لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَدَاوُد وَمُوَافِقَيْهِمْ فِي اِسْتِحْبَاب صَوْم هَذِهِ السِّتَّة ، وَقَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة : يُكْرَه ذَلِكَ ، قَالَ مَالِك فِي الْمُوَطَّإِ : مَا رَأَيْت أَحَدًا مِنْ أَهْل الْعِلْم يَصُومهَا ، قَالُوا : فَيُكْرَهُ ؛ لِئَلَّا يُظَنَّ وُجُوبُهُ . وَدَلِيل الشَّافِعِيّ وَمُوَافِقِيهِ هَذَا الْحَدِيث الصَّحِيح الصَّرِيح ، وَإِذَا ثَبَتَتْ السُّنَّة لَا تُتْرَكُ لِتَرْكِ بَعْضِ النَّاسِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ أَوْ كُلِّهِمْ لَهَا ، وَقَوْلهمْ : قَدْ يُظَنّ وُجُوبهَا ، يُنْتَقَض بِصَوْمِ عَرَفَة وَعَاشُورَاء وَغَيْرهمَا مِنْ الصَّوْم الْمَنْدُوب . قَالَ أَصْحَابنَا : وَالْأَفْضَل أَنْ تُصَامَ السِّتَّةُ مُتَوَالِيَةً عَقِبَ يَوْم الْفِطْرِ ، فَإِنْ فَرَّقَهَا أَوْ أَخَّرَهَا عَنْ أَوَائِل شَوَّال إِلَى أَوَاخِره حَصَلَتْ فَضِيلَة الْمُتَابَعَةُ ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ أَنَّهُ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّال ، قَالَ الْعُلَمَاء : وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ كَصِيَامِ الدَّهْر ؛ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، فَرَمَضَانُ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ ، وَالسِّتَّة بِشَهْرَيْنِ ، وَقَدْ جَاءَ هَذَا فِي حَدِيث مَرْفُوع فِي كِتَاب النَّسَائِيِّ .
ثالث عشر >>ـ عند إفطار الصائم
عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ لَدَعْوَةً مَا تُرَدُّ قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ إِذَا أَفْطَرَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَغْفِرَ لِي.أخرجه ابن ماجه (ح/1743)وقال في الزوائد: إسناده صحيح...قلت> قال الألباني في الكلم الطيب ( ضعيف الإسناد)
<<1765>>
رابع عشر >>ـ ليلتي العيدين
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَامَ لَيْلَتَيْ الْعِيدَيْنِ مُحْتَسِبًا لِلَّهِ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ.
أخرجه ابن ماجة (ح/1772) قال السندي في شرحه: قَوْله ( مَنْ قَامَ لَيْلَتَيْ الْعِيدَيْنِ ) ظَاهِره أَنْ يُحْيِي كُلّ اللَّيْلَة بِالْعِبَادَةِ وَالْمَرْجُوّ أَنَّ قِيَام التَّهَجُّد يَكْفِي ( يَوْم تَمُوت الْقُلُوب ) أَيْ لِكَثْرَةِ الذُّنُوب وَالْمُرَاد إِنْ أَدْرَكَهُ ذَلِكَ الْيَوْم يَكُون هُوَ مَخْصُوصًا مِنْ بَيْن النَّاس بِحَيَاةِ الْقَلْب وَفِي الزَّوَائِد إِسْنَاده ضَعِيف لِتَدْلِيسِ بَقِيَّة وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم ....قلت> قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 11 ) :ضعيف جدا . أخرجه ابن ماجة ( 1 / 542 ) عن بقية بن الوليد عن ثور بن يزيدعن خالد بن معدان عن أبي أمامة مرفوعا . قال في " الزوائد " : " إسناده ضعيف لتدليس بقية " . و قال العراقي في " تخريج الإحياء " ( 1 / 328 ) : "إسناده ضعيف " . قلت : بقية سيء التدليس ، فإنه يروي عن الكذابين عن الثقات ثم يسقطهم من بينه و بين الثقات و يدلس عنهم ! فلا يبعد أن يكون شيخه الذي أسقطه في هذا الحديث من أولئك الكذابين ، فقد قال ابن القيم في هديه صلى الله عليه وسلم ليلة النحر من المناسك ( 1 / 212 ) : " ثم نام حتى أصبح ، و لم يحي تلك الليلة ، و لا صح عنه في إحياء ليلتي العيدين شيء " . ثم رأيت الحديث من رواية عمر بن هارون الكذاب ، و المذكور في الحديث السابق ، يرويه عن ثور بن يزيد به .فلا أستبعد أن يكون هو الذي تلقاه بقية عنه ثم دلسه و أسقطه . اهـ
خامس عشر >>عشر ذي الحجة
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ .أخرجه الترمذي (ح/688)وأبو داود (ح/2082)وابن ماجه (ح/1717)وأحمد (ح/1867)..وللبخاري بلفظ((مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ قَالُوا وَلَا الْجِهَادُ قَالَ وَلَا الْجِهَادُ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ)) (ح/916)
قال ابن حجر: . وَفِي الْحَدِيثِ تَعْظِيمُ قَدْرِ الْجِهَادِ وَتَفَاوُتُ دَرَجَاتِهِ وَأَنَّ الْغَايَةَ الْقُصْوَى فِيهِ بَذْلُ النَّفْسِ لِلَّهِ , وَفِيهِ تَفْضِيلُ بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ عَلَى بَعْضٍ كَالْأَمْكِنَةِ , وَفَضْلُ أَيَّامِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ عَلَى غَيْرِهَا مِنْ أَيَّامِ السَّنَةِ , وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِيمَنْ نَذَرَ الصِّيَامَ أَوْ عَلَّقَ عَمَلًا مِنْ الْأَعْمَالِ بِأَفْضَلِ الْأَيَّامِ , فَلَوْ أَفْرَدَ يَوْمًا مِنْهَا تَعَيَّنَ يَوْمُ عَرَفَةَ , لِأَنَّهُ عَلَى الصَّحِيحِ أَفْضَلُ أَيَّامِ الْعَشْرِ الْمَذْكُورَةِ , فَإِنْ أَرَادَ أَفْضَلَ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ تَعَيَّنَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ , جَمْعًا بَيْنَ حَدِيثِ الْبَابِ وَبَيْنَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا " خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ , أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ كُلِّهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ.
وقال: وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى فَضْلِ صِيَامِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِانْدِرَاجِ الصَّوْمِ فِي الْعَمَلِ
وقال: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ السَّبَبَ فِي اِمْتِيَازِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِمَكَانِ اِجْتِمَاعِ أُمَّهَاتِ الْعِبَادَةِ فِيهِ , وَهِيَ الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَالْحَجُّ , وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ.
<<1766>>
خامس عشر >> صيام يوم عرفة لغير الحاج
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ.>أخرجه الترمذي قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ (ح/680)وابن ماجه (ح/1720)وأحمد (ح/21496) قال النووي قَوْلُهُ : ( إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ )أَيْ أَرْجُو مِنْهُ . قَالَ الطِّيبِيُّ : كَأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ يُقَالَ أَرْجُو مِنْ اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ فَوَضَعَ مَوْضِعَهُ أَحْتَسِبُ وَعَدَّاهُ بِعَلَى الَّذِي لِلْوُجُوبِ عَلَى سَبِيلِ الْوَعْدِ مُبَالَغَةً لِحُصُولِ الثَّوَابِ اِنْتَهَى( أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ )قَالَ النَّوَوِيُّ : قَالُوا الْمُرَادُ بِالذُّنُوبِ الصَّغَائِرُ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الصَّغَائِرُ يُرْجَى تَخْفِيفُ الْكَبَائِرِ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُفِعَتْ الدَّرَجَاتُ . وَقَالَ الْقَارِي فِي الْمِرْقَاةِ : قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ : الْمُكَفَّرُ الصَّغَائِرُ . وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ . وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ ، وَأَمَّا الْكَبَائِرُ فَلَا يُكَفِّرُهَا إِلَّا التَّوْبَةُ . أَوْ رَحْمَةُ اللَّهِ اِنْتَهَى . فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ يَكُونُ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلرَّجُلِ ذَنْبٌ فِي تِلْكَ السَّنَةِ . قِيلَ : مَعْنَاهُ أَنْ يَحْفَظَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الذُّنُوبِ فِيهَا ، وَقِيلَ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ الرَّحْمَةِ الثَّوَابَ قَدْرًا يَكُونُ كَكَفَّارَةِ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ وَالسِّتَّةِ الْقَابِلَةِ إِذَا جَاءَتْ وَاتَّفَقَتْ لَهُ ذُنُوبٌ اِنْتَهَى . قَوْلُهُ : ( حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ )وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مُطَوَّلًا .
سادس عشر >>ـ يوم عاشوراء
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ.أخرجه البخاري (ح/1867)ومسلم (ح/1914)
قال ابن حجر: قَوْله : ( مَا رَأَيْت إِلَخْ ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ يَوْم عَاشُورَاء أَفْضَلُ الْأَيَّامِ لِلصَّائِمِ بَعْد رَمَضَان , لَكِنَّ اِبْن عَبَّاس أَسْنَدَ ذَلِكَ إِلَى عِلْمِهِ فَلَيْسَ فِيهِ مَا يَرُدُّ عِلْمَ غَيْره , وَقَدْ رَوَى مُسْلِم مِنْ حَدِيث أَبِي قَتَادَةَ مَرْفُوعًا " إِنَّ صَوْم عَاشُورَاء يُكَفِّر سَنَةً , وَإِنَّ صِيَام يَوْم عَرَفَة يُكَفِّر سَنَتَيْنِ " وَظَاهِره أَنَّ صِيَام يَوْم عَرَفَة أَفْضَل مِنْ صِيَام يَوْم عَاشُورَاء , وَقَدْ قِيلَ فِي الْحِكْمَة فِي ذَلِكَ إِنَّ يَوْمَ عَاشُورَاء مَنْسُوبٌ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَيَوْمَ عَرَفَة مَنْسُوبٌ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلِذَلِكَ كَانَ أَفْضَلَ .
المصدر: منتدى نور الرحمن – مقال مدير الموقع محمد مع بعض الإضافات
سابع عشر >>ـ بين الأذان والإقامة
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُرَدُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ>أبو داود. قوله ( لَا يُرَدّ الدُّعَاء بَيْن الْأَذَان وَالْإِقَامَة ): أَيْ فَادْعُوَا كَمَا فِي رِوَايَة ، وَذَلِكَ لِشَرَفِ الْوَقْت . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَالْحَدِيث أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ فِي عَمَل الْيَوْم وَاللَّيْلَة ، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ : حَدِيث حَسَن ،اهـ عون المعبود
ثامن عشر >>فيمَنْ جَلَسَ فِي الْمَسْجِد يَنْتَظِر الصَّلَاة
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مَا لَمْ يُحْدِثْ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ >قَالَ مَالِك لَا أَرَى قَوْلَهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ إِلَّا الْإِحْدَاثَ الَّذِي يَنْقُضُ الْوُضُوءَ..وروى البخاري : هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى
<<1767>>
صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِي سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الصَّلَاةُ لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَّا رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلْ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ وَلَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ> في الفتح قَوْله : ( فِي مُصَلَّاهُ )أَيْ فِي الْمَكَان الَّذِي أَوْقَعَ فِيهِ الصَّلَاة مِنْ الْمَسْجِد ، وَكَأَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَج الْغَالِب ، وَإِلَّا فَلَوْ قَامَ إِلَى بُقْعَة أُخْرَى مِنْ الْمَسْجِدِ مُسْتَمِرًّا عَلَى نِيَّة اِنْتِظَار الصَّلَاة كَانَ كَذَلِكَ .قَوْله : ( اللَّهُمَّ اِرْحَمْهُ ) )أَيْ قَائِلِينَ ذَلِكَ ، زَادَ اِبْن مَاجَهْ " اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ " وَفِي الطَّرِيق الْمَاضِيَة فِي بَاب مَسْجِد السُّوق " اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لَهُ " وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَفْضَلِيَّة الصَّلَاة عَلَى غَيْرهَا مِنْ الْأَعْمَال لِمَا ذُكِرَ مِنْ صَلَاة الْمَلَائِكَة عَلَيْهِ وَدُعَائِهِمْ لَهُ بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَة وَالتَّوْبَة ، وَعَلَى تَفْضِيل صَالِحِي النَّاس عَلَى الْمَلَائِكَة لِأَنَّهُمْ يَكُونُونَ فِي تَحْصِيل الدَّرَجَات بِعِبَادَتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ مَشْغُولُونَ بِالِاسْتِغْفَارِ وَالدُّعَاء لَهُمْ...فيه : بَيَان فَضِيلَة مَنْ اِنْتَظَرَ الصَّلَاة مُطْلَقًا سَوَاء ثَبَتَ فِي مَجْلِسه ذَلِكَ مِنْ الْمَسْجِد أَمْ تَحَوَّلَ إِلَى غَيْره ،اهـ والوقت الذي يحصل فيه الشرف هو ما بين دخول المرء إلى المسجد وبين إقامة الصلاة .
تاسع عشر >> تعليم القرآن
من الأوقات الفاضلة هي تلك اللحظات التي تقضى في المكتب تعليما وتدريسا وتفقيها .ففي صحيح البخاري عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ قَالَ وَأَقْرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي إِمْرَةِ عُثْمَانَ حَتَّى كَانَ الْحَجَّاجُ قَالَ وَذَاكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي مَقْعَدِي هَذَا>.في الفتح ... لَا شَكّ أَنَّ الْجَامِع بَيْن تَعَلُّم الْقُرْآن وَتَعْلِيمه مُكَمِّل لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ جَامِع بَيْن النَّفْع الْقَاصِر وَالنَّفْع الْمُتَعَدِّي وَلِهَذَا كَانَ أَفْضَل ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَة مَنْ عَنَى سُبْحَانه وَتَعَالَى بِقَوْلِهِ : ( وَمَنْ أَحْسَن قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّه وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ ) وَالدُّعَاء إِلَى اللَّه يَقَع بِأُمُورٍ شَتَّى مِنْ جُمْلَتهَا تَعْلِيم الْقُرْآن وَهُوَ أَشْرَف الْجَمِيع ، وَعَكْسه الْكَافِر الْمَانِع لِغَيْرِهِ مِنْ الْإِسْلَام كَمَا قَالَ تَعَالَى ( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا ) فَإِنْ قِيلَ : فَيَلْزَم عَلَى هَذَا أَنْ يَكُون الْمُقْرِئ أَفْضَل مِنْ الْفَقِيه قُلْنَا : لَا ، لِأَنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِذَلِكَ كَانُوا فُقَهَاء النُّفُوس لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَهْل اللِّسَان فَكَانُوا يَدْرُونَ مَعَانِي الْقُرْآن بِالسَّلِيقَةِ أَكْثَر مِمَّا يَدْرِيهَا مَنْ بَعْدهمْ بِالِاكْتِسَابِ ، فَكَانَ الْفِقْه لَهُمْ سَجِيَّة ، فَمَنْ كَانَ فِي مِثْل شَأْنهمْ شَارَكَهُمْ فِي ذَلِكَ ، لَا مَنْ كَانَ قَارِئًا أَوْ مُقْرِئًا مَحْضًا لَا يَفْهَم شَيْئًا مِنْ مَعَانِي مَا يَقْرَؤُهُ أَوْ يُقْرِئهُ . فَإِنْ قِيلَ فَيَلْزَم أَنْ يَكُون الْمُقْرِئ أَفْضَل مِمَّنْ هُوَ أَعْظَم غِنَاء فِي الْإِسْلَام بِالْمُجَاهَدَةِ وَالرِّبَاط وَالْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر مَثَلًا ، قُلْنَا حَرْف الْمَسْأَلَة يَدُور عَلَى النَّفْع الْمُتَعَدِّي فَمَنْ كَانَ حُصُوله عِنْده أَكْثَر كَانَ أَفْضَل ،...... قَوْله : ( قَالَ وَأَقْرَأَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن فِي إِمْرَة عُثْمَان حَتَّى كَانَ الْحَجَّاج )
أَيْ حَتَّى وَلِيَ الْحَجَّاج عَلَى الْعِرَاق قُلْت : بَيْنَ أَوَّل خِلَافَة عُثْمَان وَآخِر وِلَايَة الْحَجَّاج اِثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ سَنَة إِلَّا ثَلَاثَة أَشْهُر وَبَيْن آخِر خِلَافَة عُثْمَان وَأَوَّل وِلَايَة الْحَجَّاج الْعِرَاق ثَمَانٍ وَثَلَاثُونَ سَنَة ، وَلَمْ أَقِف عَلَى تَعْيِين اِبْتِدَاء إِقْرَاء أَبِي عَبْد الرَّحْمَن وَآخِره فَاللَّه أَعْلَم بِمِقْدَارِ ذَلِكَ.... قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن : فَذَاكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي مَقْعَدِي هَذَا ، وَكَانَ يُعَلِّم الْقُرْآن " وَالْإِشَارَة بِذَلِكَ إِلَى الْحَدِيث....والله أعلم وصلى الله على نبيه وآله حرره حميد أمين بورك فيه
لست ربوت