مغانم لا تفوتوها بقلم الاشيخ عبد الحميد امين امام وخطيب مسجد الهلالي بابن جرير رحمه الله
الأربعاء 23 يوليو 2025

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية مغانم لا تفوتوها بقلم الاشيخ عبد الحميد امين امام وخطيب مسجد الهلالي بابن جرير رحمه الله

مغانم لا تفوتوها بقلم الاشيخ عبد الحميد امين امام وخطيب مسجد الهلالي بابن جرير رحمه الله

محتويات المقال

        



    ;الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد حمدا يليق بوجهه وعظيم سلطانه ونصلي ونسلم على الرحمة المهداة والنعمة المسداة سيدنا محمد بن عبدالله وعى ىله وصحبه وسلم تسليما كثيرا مباركا فيه وبعد موضوعنا اليوم " مغانم لاتفوتها " أيها الناس إن من الناس من مثله مثل قانص الصيد يتحين الفرص فلا يترك فرصة تمر دون أن يغتنمها ومن الناس من تقعده الآمال عن اكتساب المعالي فالأول مثل المؤمن والثاني مثل للغافل اللاهي الذي حظه من يومه وليلته ملء بطنه وإشباع فرجه تشبه به الأنعام في الرغبات ولا يشبه بها لأنها تسبح الواحد ولا تغفل عن ذكره كما قال تعالى " وإن من شيء إلا يسبح بحمده فهو على حد قوله :

    أبني إن من الرجال بهيمة** في صورة الرجل السميع المبصر
    فطن بكل مصيبة في ماله **وإذا يصاب بدينه لم يشعــــــــــر
    غير أن المؤمن يقظ ممتمرس غير غافل عن رسالته لامجال عنده لإضاعة الأوقات يعبر عن هذا ما قاله أبو حفص: مَن لم يتهم نفسه على دوام الأوقات، ولم يخالفها في جميع الأحوال، ولم يَجُرَّها إلى مكروهها في سائر أوقاته؛ كان مغرورًا.. ومَن نظر إليها باستحسان شيء منها فقد أهلكها.فالنفس داعية إلى المهالك، معينة للأعداء، طامحة إلى كل قبيح، متبعة لكل سوء.. فهي تجري بطبعها في ميدان المخالفة؛ فالنعمة التي لا خطر لها الخروج منها، والتخلص من رِقِّها؛ فإنها أعظم حجاب بين العبد وبين الله تعالى. وأعرف الناس بها أشدهم إزراءً عليها، ومقتًا لها.
    احذر أيها الجاد من البطالين ولصوص الأوقات فإنهم من أعظم الأسباب لضياع العمر وقتل الأوقات؛ وهم ينشطون ويكثرون في الإجازات الصيفية، وهم معك في كل شيء إلا الحرص على الوقت ولاستفادة منه وهؤلاء قد شكا منهم ابن الجوزي رحمه الله تعالى كثيراً فقال في صيد الخاطر:
    فصلٌ في أهل الفراغ بلاء ثم قال: أعوذ بالله من صحبة البطالين. لقد رأيت خلقاً كثيراً يجرون معي فيما اعتاده الناس من كثرة الزيارة ويسمون ذلك التردد خدمة، ويطلبون الجلوس ويجرون فيه أحاديث الناس ومالا يعني وما يتخلله غيبة، وهذا شيءٌ يفعله في زماننا كثير من الناس.
    إلى أن قال: ((إن أنكرت عليهم وقعت وحشة تقطع المألوف، وإن تقبله منهم ضاع الزمان. فصرت أدفع اللقاء جهدي، فإذا غلب قصرت في الكلام لأتعجل الفراق ثم أعددت أعمالاً تمنع من المحادثة لأوقات لقائهم، لئلا يمضي الزمان فارغاً فجعلت من المستعد للقائهم قطع الكاغد، وبري الأقلام وحزم الدفاتر. فإن هذه الأشياء لابد منها ولا تحتاج إلى فكر وحضور قلب، فأرصدتها لأوقات زيارتهم لئلا يضيع شيء من وقتي)) أرأيت كيف يستغلون الأوقات_رحمة الله عليهم_؟ نسأل الله عز وجل أن يعرفنا شرف أوقات العمر وأن يوفقنا لاغتنامه.

    أيها الناس إن الوقت قصير والمسافة بعيدة والعقبة كئود والدقائق معدودة والأسفار المقبلة طويلة المدى شاقة متعبة .ألا فلنغتنم مواسم الأعمار ولنعمرها بالصالحات والأذكار ولنسأل أنفسنا كم مراحل من حياتنا قطعناها وأشواطا من العمر سلكناها فإن
    <<1944>>
    قطار العمر يطوى الأرض طيا لايتوانى في السير ولا يعرف التخفيف من السرعة ولا الملل فيه ورضي الله عن الفضيل بن عياض إذ قال لرجل :<كم أتى عليك قال ستون سنة .قال له أنت منذ سنتين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تصل> . وقال أبو الدرداء {ض}إنما أنت أيام كلما أمضى منك يوم مضى بعضك}ولقد كانت للوقت قيمة عند السلف ومن هنا قال قتادة : اعلموا أن طول العمر حجة، فنعوذ بالله أن نُعَيَّر بطول العمر، قد نزلت هذه الآية: { أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ } ، وإن فيهم لابن ثماني عشرة سنة. عن مسروق أنه كان يقول: إذا بلغ أحدكم أربعين سنة، فليأخذ حذره من الله عز وجل. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان يوم القيامة قيل: أين أبناء الستين؟ وهو العمر الذي قال الله فيه: { أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِير } ابن جرير..اهـ ابن كثير
    إن قضاء الأوقات في الهوامش وعلى الأعراض وتتبع العورات لمما يسبب لصاحبه النكد يوم تعلن نتائج السباق ويعرض الناس فيه على ربهم
    واعلمواأيها الناس أننا ننتقل في هذا الكون بستة أسفار <الأول> سفر السلالة من الطين <والثاني>:سفر النطفة من الصلب <والثالث> السفر من ظلمة البطون إلى نور الدنيا <والرابع> السفرمن بهرج الدنيا إلى ظلمة القبور<و الخامس> السفر من القبور إلى العرض والحساب <والسادس >السفر إلى منزل الإقامة الجنة أو النار أعادنا الله منها وجعلنا من ساكن الجنان:
    إن مما ينتظرنا سؤال العبد على أيام عمره وكيف صرفها وفي أي شيء عَنْ مُعَاذِ بن جَبَلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"لا تَزُولُ قَدِمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ: عَنْ عُمُرُهِ فِيمَا أَفْنَاهُ؟ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاهُ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ عَلِمهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ؟"المعجم الكبير للطبراني .. ولقد غير الله أهل النار بطول العمر المفرغ من محتواه المضاع في المتاهات قال قتادة {اعلموا أن طول العمر حجة فنعود بالله أن نير بطول العمر قال تعالى مؤنبا قوما ضيعوا أوقاتهم في غير مرضات الله {أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير}أي أو ما عشتم في الدنيا أعمارا لو كنتم ممن ينتفع بالحق لا نتفعتم فيه مدى عمركم وقد تذهب حجة المرء أمام ربه إذا جاوز الستين ولم يتب إلى رشده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَى امْرِئٍ أَخَّرَ أَجَلَهُ حَتَّى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً}رواه البخاري وإنما كانت الستون حدا لأنها قريبة من المعترك وهي سن الإنابة والخشوع .وقد ذم الشارع ممن شابت نواصيه وتحكم حب الدنيا وطول العمر منه كاحتكام قوة الشباب في شبابه

    عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ الَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْبَرُ ابْنُ آدَمَ وَيَكْبَرُ مَعَهُ اثْنَانِ حُبُّ الْمَالِ وَطُولُ الْعُمُرِ> البخاري ومَعْنَاهُ : أَنَّ قَلْب الشَّيْخ كَامِل الْحُبّ لِلْمَالِ مُتَحَكِّم فِي ذَلِكَ كَاحْتِكَامِ قُوَّة الشَّابّ فِي شَبَابه ، ... وَذَلِكَ أَنَّ الشَّيْخ مِنْ شَأْنه أَنْ تَكُون آمَاله وَحِرْصه عَلَى الدُّنْيَا قَدْ بَلِيَتْ عَلَى بَلَاء جِسْمه إِذَا اِنْقَضَى عُمْره وَلَمْ يَبْقَ لَهُ إِلَّا اِنْتِظَار الْمَوْت ، فَلَمَّا كَانَ الْأَمْر بِضِدِّهِ ذَمّ . قَالَ : وَالتَّعْبِير بِالشَّابِّ إِشَارَة إِلَى كَثْرَة الْحِرْص وَبُعْد الْأَمَل الَّذِي هُوَ فِي الشَّبَاب أَكْثَر وَبِهِمْ أَلْيَق لِكَثْرَةِ الرَّجَاء عَادَة
    <<1945>>
    عِنْدهمْ فِي طُول أَعْمَارهمْ وَدَوَام اِسْتِمْتَاعهمْ وَلَذَّاتهمْ فِي الدُّنْيَا . قَالَ الْقُرْطُبِيّ : فِي هَذَا الْحَدِيث كَرَاهَة الْحِرْص عَلَى طُول الْعُمْر وَكَثْرَة الْمَال وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَحْمُودٍ .اهـ فتح الباري ...ولقد بين النبي {ص}أن أسباب النجاة هي اغتنام خمس قبل خمس فعن اِبْن عَبَّاس أَيْضًا مَرْفُوعًا أَخْرَجَهُ الْحَاكِم " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظهُ : اِغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْل خَمْس ، شَبَابك قَبْل هَرَمك ، وَصِحَّتك قَبْل سَقَمك ، وَغِنَاك قَبْل فَقْرك ، وَفَرَاغك قَبْل شُغْلك ، وَحَيَاتك قَبْل مَوْتك " وَأَخْرَجَهُ اِبْن الْمُبَارَك فِي الزُّهْد بِسَنَدٍ صَحِيح مِنْ مُرْسَل عَمْرو بْن مَيْمُون رواه الحاكم وقال صحيح على شرطهما وقال شارح الجامع إسناده حسن ..
    المغنم الأول : الجوار من النار ويكون
    بالتعوذ بالله والاستئجار به من أليم عذابه وشديد عقابه روى أبو داود عَنْ مُسْلِمِ بْنِ الْحَارِثِ التَّمِيمِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَسَرَّ إِلَيْهِ فَقَالَ إِذَا انْصَرَفْتَ مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَقُلْ اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنْ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ ثُمَّ مِتَّ فِي لَيْلَتِكَ كُتِبَ لَكَ جِوَارٌ مِنْهَا وَإِذَا صَلَّيْتَ الصُّبْحَ فَقُلْ كَذَلِكَ فَإِنَّكَ إِنْ مِتَّ فِي يَوْمِكَ كُتِبَ لَكَ جِوَارٌ مِنْهَا> في عون المعبود : ( اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنْ النَّار )
    : أَجِرْنِي أَمْر مِنْ الْإِجَارَة مِنْ بَاب الْإِفْعَال مِنْ الْجَوْر مَعْنَاهُ أَمِّنِّي وَأَعِذْنِي وَأَنْقِذْنِي وَخَلِّصْنِي مِنْ النَّار .قَالَ فِي لِسَان الْعَرَب : وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز : { وَإِنْ أَحَد مِنْ الْمُشْرِكِينَ اِسْتَجَارَك فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَع كَلَام اللَّه } : قَالَ الزَّجَّاج : الْمَعْنَى إِنْ طَلَبَ أَحَد مِنْ أَهْل الْحَرْب أَنْ تُجِيرهُ مِنْ الْقَتْل إِلَى أَنْ يَسْمَع كَلَام اللَّه فَأَجِرْهُ أَيْ أَمِّنْهُ .
    قَالَ أَبُو الْهَيْثَم : الْجَار وَالْمُجِير وَالْمُعِيذ وَاحِد ، وَمَنْ عَاذَ بِاَللَّهِ اِسْتَجَارَ بِهِ أَجَارَهُ اللَّه وَأَجَارَهُ اللَّه مِنْ الْعَذَاب أَنْقِذْهُ . اِنْتَهَى مُلَخَّصًا .
    وَأَمَّا فِي قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اللَّهُمَّ آجِرْنِي فِي مُصِيبَتِي " فَآجِرْ هَا هُنَا أَمْر مِنْ الْإِيجَار مِنْ بَاب الْإِفْعَال مِنْ الْأَجْر ، وَأَيْضًا يُرْوَى فِيهِ أَجِرْنِي بِسُكُونِ الْهَمْزَة وَضَمِّ الْجِيم مِنْ بَاب نَصَرَ يَنْصُر مِنْ الْأَجْر ، وَعَلَى كِلْتَا الرِّوَايَتَيْنِ مَعْنَى وَاحِد أَيْ أَعْطِنِي أَجْرًا وَثَوَابًا فِي مُصِيبَتِي ..قَالَ فِي اللِّسَان : وَفِي حَدِيث أُمّ سَلَمَة : " آجِرْنِي اللَّه فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا " آجَرَهُ يُوجِرهُ إِذَا أَثَابَهُ وَأَعْطَاهُ الْأَجْر وَالْجَزَاء وَكَذَلِكَ أَجَرَهُ يَأْجُرهُ وَيَأْجُرهُ وَالْأَمْر مِنْهُمَا آجِرْنِي وَأَجِرْنِي اِنْتَهَى .( سَبْع مَرَّات ): ظَرْف لَقَلَّ أَيْ كَرَّرَ ذَلِكَ سَبْع مَرَّات( فَإِنَّك إِذَا قُلْت ذَلِكَ ): أَيْ الدُّعَاء الْمَذْكُور سَبْعًا( ثُمَّ مُتّ ): بِالضَّمِّ وَالْكَسْر( كُتِبَ لَك جِوَار ): بِكَسْرِ الْجِيم وَإِهْمَال الرَّاء وَفِي بَعْض النُّسَخ بِفَتْحِ الْجِيم وَإِعْجَام الزَّاي أَيْ أَمَان وَخَلَاص .قَالَ فِي الْمِرْقَاة : وَالْجَوَاز فِي الْأَصْل لِلْبَرَاءَةِ الَّتِي تَكُون مَعَ الرَّجُل فِي الطَّرِيق حَتَّى لَا يَمْنَعهُ أَحَد مِنْ الْمُرُور وَحِينَئِذٍ فَلَا يَدْفَعهُ إِلَّا تَحِلَّة الْقَسَم اِنْتَهَى
    أيها الناس إن هذا المكسب عظيم والمغنم جسيم وكيف لا والمجير والمعيذ هو الرب القوي المتين وكيف لايستعيذ منها المؤمن فرقا وقد ذكر الخالق من بين أوصافها ما تقشعر له الجلود قال تعالى : وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (28) انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (29) انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ (30) لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (31) إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32) كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ> أي :يقال للكافرين يوم
    <<1946>>
    القيامة: سيروا إلى عذاب جهنم الذي كنتم به تكذبون في الدنيا، سيروا، فاستظلوا بدخان جهنم يتفرع منه ثلاث قطع، لا يُظِل ذلك الظل من حر ذلك اليوم، ولا يدفع من حر اللهب شيئًا. إن جهنم تقذف من النار بشرر عظيم، كل شرارة منه كالبناء المشيد في العِظم والارتفاع. كأن شرر جهنم المتطاير منها إبل سود يميل لونها إلى الصُّفْرة.اهـ الميسر.وقال سيد الخلق في وصف الكافر الداخل إليها .روى مسلم : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضِرْسُ الْكَافِرِ أَوْ نَابُ الْكَافِرِ مِثْلُ أُحُدٍ وَغِلَظُ جِلْدِهِ مَسِيرَةُ ثَلَاثٍ>قال النووي : هَذَا كُلّه لِكَوْنِهِ أَبْلَغ فِي إِيلَامه ، وَكُلّ هَذَا مَقْدُور لِلَّهِ تَعَالَى يَجِب الْإِيمَان بِهِ لِإِخْبَارِ الصَّادِق بِهِ وروى البخاري عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ
    ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّارَ فَتَعَوَّذَ مِنْهَا وَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ ثُمَّ ذَكَرَ النَّارَ فَتَعَوَّذَ مِنْهَا وَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ قَالَ شُعْبَةُ أَمَّا مَرَّتَيْنِ فَلَا أَشُكُّ ثُمَّ قَالَ اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ
    المغنم الثاني :
    تكفير الذنوب الصغائر الأسبوعية شريطة التأدب بالآداب التالية : 1>التَّنْظِيف بِأَخْذِ الشَّارِب وَالظُّفْر وَالْعَانَة ، و غَسْل الْجَسَد..2> إِزَالَة شَعَث الشَّعْر. وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى التَّزَيُّن يَوْم الْجُمُعَة ..3>.استعمال الطيب..4>عدم تَخَطَّ رِقَاب النَّاس يوم الجمعة.. 5>يركع ما شاء الله عند الدخول.6>.الإنصات للإمام
    في صحيح البخاري : عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ
    قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ ثُمَّ يَخْرُجُ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى
    في الفتح :
    وَفِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد أَيْضًا كَرَاهَة التَّخَطِّي يَوْم الْجُمُعَة ، قَالَ الشَّافِعِيّ : أَكْرَه التَّخَطِّيَ إِلَّا لِمَنْ لَا يَجِد السَّبِيل إِلَى الْمُصَلَّى إِلَّا بِذَلِكَ ا ه . وَهَذَا يَدْخُل فِيهِ الْإِمَام وَمَنْ يُرِيد وَصْل الصَّفّ الْمُنْقَطِع إِنْ أَبَى السَّابِقُ مِنْ ذَلِكَ وَمَنْ يُرِيد الرُّجُوع إِلَى مَوْضِعه الَّذِي قَامَ مِنْهُ لِضَرُورَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَاسْتَثْنَى الْمُتَوَلِّي مِنْ الشَّافِعِيَّة مَنْ يَكُون مُعَظَّمًا لِدِينِهِ أَوْ عِلْمه أَوْ أَلِفَ مَكَانًا يَجْلِس فِيهِ أَنَّهُ لَا كَرَاهَة فِي حَقّه ، وَفِيهِ نَظَرٌ ، وَكَانَ مَالِك يَقُول : لَا يُكْرَه التَّخَطِّي إِلَّا إِذَا كَانَ الْإِمَام عَلَى الْمِنْبَر . وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّة النَّافِلَة قَبْل صَلَاة الْجُمُعَة لِقَوْلِهِ " صَلَّى مَا كُتِبَ لَهُ " ثُمَّ قَالَ " ثُمَّ يُنْصِت إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَام " فَدَلَّ عَلَى تَقَدُّم ذَلِكَ عَلَى الْخُطْبَة ، وَقَدْ بَيَّنَهُ أَحْمَد مِنْ حَدِيث نُبَيْشَة الْهُذَلِيّ بِلَفْظِ " فَإِنْ لَمْ يَجِد الْإِمَام خَرَجَ صَلَّى مَا بَدَا لَهُ " وَفِيهِ جَوَاز النَّافِلَة نِصْفَ النَّهَار يَوْم الْجُمُعَة ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ التَّبْكِير لَيْسَ مِنْ اِبْتِدَاء الزَّوَال لِأَنَّ خُرُوج الْإِمَام يَعْقُب الزَّوَال فَلَا يَسَع وَقْتًا يَتَنَفَّل فِيهِ . وَتَبَيَّنَ بِمَجْمُوعِ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ تَكْفِير الذُّنُوب مِنْ الْجُمُعَة إِلَى الْجُمُعَة مَشْرُوط بِوُجُودِ جَمِيع مَا تَقَدَّمَ مِنْ غُسْل وَتَنْظِيف وَتَطَيُّب أَوْ دَهْن وَلُبْس أَحْسَن الثِّيَاب وَالْمَشْي بِالسَّكِينَةِ وَتَرْك التَّخَطِّي وَالتَّفْرِقَة بَيْن الِاثْنَيْنِ وَتَرْك الْأَذَى وَالتَّنَفُّل وَالْإِنْصَات وَتَرْك اللَّغْو . وَوَقَعَ فِي حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو " فَمَنْ تَخَطَّى أَوْ لَغَا كَانَتْ لَهُ ظُهْرًا " وَدَلَّ
    <<1947>>
    التَّقْيِيد بِعَدَمِ غِشْيَان الْكَبَائِر عَلَى أَنَّ الَّذِي يُكَفَّر مِنْ الذُّنُوب هُوَ الصَّغَائِر فَتُحْمَل الْمُطْلَقَات كُلّهَا عَلَى هَذَا الْمُقَيَّد ، وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلُهُ " مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِر " أَيْ فَإِنَّهَا إِذَا غُشِيَتْ لَا تُكَفَّر ، وَلَيْسَ الْمُرَاد أَنَّ تَكْفِير الصَّغَائِر شَرْطه اِجْتِنَاب الْكَبَائِر إِذْ اِجْتِنَاب الْكَبَائِر بِمُجَرَّدِهِ يُكَفِّرهَا كَمَا نَطَقَ بِهِ الْقُرْآن ، وَلَا يَلْزَم مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا يُكَفِّرهَا إِلَّا اِجْتِنَاب الْكَبَائِر ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْءِ صَغَائِر تُكَفَّر رُجِيَ لَهُ أَنْ يُكَفَّر عَنْهُ بِمِقْدَارِ ذَلِكَ مِنْ الْكَبَائِر ، وَإِلَّا أُعْطِيَ مِنْ الثَّوَاب بِمِقْدَارِ ذَلِكَ ، وَهُوَ جَارٍ فِي جَمِيع مَا وَرَدَ فِي نَظَائِر ذَلِكَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
    المغنم الثالث
    خيرية الكلام في تقريب المتباعدين والإصلاح بينهم وزرع بذور المحبة ولو على حساب الكلام المختلق. فالمجتمع المحظوظ من كثر فيه رواد البناء وناشرو الكلمة الطيبة والمشئوم عكسه وهو من غزته الجاسوسية والافتراء والتبليغ بقصد إشاعة الفوضى ورمي الأبرياء وبث فقدان الثقة وزرع روح العداوة
    .عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:كَلامُ ابْنِ آدَمَ كُلُّهُ عَلَيْهِ لا لَهُ إِلا أَمْرًا بِمَعْرُوفٍ، أَوْ نَهْيًا عَنْ مُنْكَرٍ، أَوْ ذِكْرًا لِلَّهِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: مَا أَشَدَّ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: وَمَا شِدَّة هذا الحديث ، إنما جاءت به امرأة عن امرأة هذا في كتاب الله عز وجل الذي أرسل به نبيكم صلى الله عليه وسلم : أما سمعت الله يقول : ( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ) فهو هذا بعينه أو ما سمعت قول الله عز وجل يقول : ( يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا) فهو هذا بعينه . أوما سمعت الله يقول : ( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) فهو هذا بعينه دخل لفظ حديث أحدهما في حديث الآخر ».رواه البيهقي وقد روى هذا الحديث الترمذي وابن ماجه كما قال ابن كثير
    عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن أحدكم يتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات ، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط ) الله ما يلقي لها بالا ، فهو يهوي بها في جهنم » رواه البخاري في الصحيح من وجه آخر... السخط : الغضب أو كراهية الشيء وعدم الرضا به...وقال تعالى : لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا> أي : لا نفع في كثير من كلام الناس سرّاً فيما بينهم، إلا إذا كان حديثًا داعيًا إلى بذل المعروف من الصدقة، أو الكلمة الطيبة، أو التوفيق بين الناس، ومن يفعل تلك الأمور طلبًا لرضا الله تعالى راجيًا ثوابه، فسوف نؤتيه ثوابًا جزيلا واسعًا..... قال ابن العربي في «أحكام القرآن» عند قوله تعالى : { لا خير في كثير من نجواهم } الآية [ 114 ] في سورة النساء : إن الله تعالى أمر عباده بأمرين عظيمين : أحدهما : الإِخلاص وهو أن يستوي ظاهر المرء وباطنه ، والثاني : النصيحة لكتاب الله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ، فالنجوى خلاف هذين الأصلين وبعدَ هذا فلم يكن بد للخلق من أمر يختصون به في
    <<1948>>
    أنفسهم ويَخُص به بعضهم بعضاً فرخص في ذلك بصفة الأمر بالمعروف والصدقة وإصلاح ذات البين اهـ ....
    .في التحرير : لم تَخْلُ الحوادث التي أشارت إليها الآي السابقة ، ولا الأحوال التي حذّرت منها ، من تناج وتحاوُر ، سِرّا وجهراً ، لتدبير الخيانات وإخفائها وتبييتها ، لذلك كان المقام حقيقاً بتعقيب جميع ذلك بذكر النجوى وما تشتمل عليه ، لأنّ في ذلك تعليماً وتربية وتشريعاً ، إذ النجوى من أشهر الأحوال العارضة للناس في مجتمعاتهم ، لا سيما في وقت ظهور المسلمين بالمدينة ، فقد كان فيها المنافقون واليهود وضعفاء المؤمنين ، وكان التناجي فاشياً لمقاصد مختلفة ، فربما كان يثير في نفوس الرائين لتلك المناجاة شكّا ، أي خوفاً ، إذ كان المؤمنون في حال مناواة من المشركين وأهللِ الكتاب ، فلذلك تكرّر النهي عن النجوى في القرآن نحو { ألَمْ تَرَ إلى الذين نُهوا عن النجوى } [ المجادلة : 8 ] الآيات ، وقوله : { إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى } [ الإسراء : 47 ] وقوله : { وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنّا معكم } [ البقرة : 14 ] ، فلذلك ذمّ الله النجوى هنا أيضاً ، فقال : { لا خير في كثير من نجواهم } . فالجملة مستأنفة استئنافاً ابتدائياً لإفادة حكم النجوى ، والمناسبةُ قد تبيّنت
    والنجوى مصدر ، هي المسَارّة في الحديث ، وهي مشتقّة من النجو ، وهو المكان المستتر الذي المفضِي إليه ينجو من طالبه ، ويطلق النجوى على المناجين ، وفي القرآن { إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى } ، وهو وصف بالمصدر والآية تحتمل المعنيين . والضمير الذي أضيف إليه { نجوى } ضمير جماعة الناس كلّهم ، نظير قوله تعالى : { ألا إنّهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه } إلى قوله : { وما يُعلنون } في سورة هود ( 5 ) ، وليس عائداً إلى ما عادت إليه الضمائر التي قبله في قوله : { يستخفون من الناس } [ النساء : 108 ] إلى هنا؛ لأنّ المقام مانع من عوده إلى تلك الجماعة إذ لم تكن نجواهم إلاّ فيما يختصّ بقضيتهم ، فلا عموم لها يستقيم معه الاستثناء في قوله : { إلاّ من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس } . وعلى هذا فالمقصود من الآية تربية اجتماعية دعت إليها المناسبة ، فإنّ شأن المحادثات والمحاورات أن تكون جهرة ، لأنّ الصراحة من أفضل الأخلاق لدلالتها على ثقة المتكلّم برأيه ، وعلى شجاعته في إظهار ما يريد إظهاره من تفكيره ، فلا يصير إلى المناجاة إلاّ في أحوال شاذّة يناسبها إخفاء الحديث . فمَن يناجي في غير تلك الأحوال رُمي بأنّ شأنه ذميم ، وحديثه فيما يستحيي من إظهاره ، كما قال صالح بن عبد القدوس :
    الستر دون الفاحشات ولا ... يَغشاك دون الخير مِنْ ستْرِ
    وقد نهى الله المسلمين عن النجوى غير مرّة ، لأنّ التناجي كان من شأن المنافقين فقال : { ألم تر إلى الذين نُهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهو عنه } [ المجادلة : 8 ] وقال : { إنّما النجوى من الشيطان ليُحزن الذين آمنوا } [ المجادلة : 10 ]
    روى البخاري : عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةٌ فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ

    <<1949>>
    .وقد ظهر من نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يتناجى اثنان دون ثالث أنّ النجوى تبعث الريبة في مقاصد المتناجين ، فعلمنا من ذلك أنّها لا تغلب إلاّ على أهل الريَب والشبهات ، بحيث لا تصير دأباً إلاّ لأولئك ، فمن أجل ذلك نفى الله الخير عن أكثر النجوى . ومعنى { لا خير } أنّه شرّ ، بناء على المتعارف في نفي الشيء أن يراد به إثبات نقيضه ، لعدم الاعتداد بالواسطة ، كقوله تعالى : { فماذا بعد الحقّ إلاّ الضلال } [ يونس : 32 ] ، ولأنّ مقام التشريع إنّما هو بيان الخير والشرّ .
    وقد نفى الخير عن كثير من نجواهم أو مُتناجيِهم ، فعلم من مفهوم الصفة أنّ قليلاً من نجواهم فيه خير ، إذ لا يخلو حديث الناس من تناج فيما فيه نفع . والاستثناء في قوله : { إلاّ من أمر بصدقة } على تقدير مضاف ، أي : إلاّ نجوى من أمر ، أو بدون تقدير إن كانت النجوى بمعنى المتناجين ، وهو مستثنى من { كثير } ، فحصل من مفهوم الصفة ومفهوم الاستثناء قسمان من النجوى يثبت لهما الخير ، ومع ذلك فهما قليل من نجواهم . أمّا القسم الذي أخرجَته الصفة ، فهو مجمل يصدق في الخارج على كلّ نجوى تصدر منهم فيها نفع ، وليس فيها ضرر ، كالتناجي في تشاور فيمن يصلح لمخالطة ، أو نكاح أو نحو ذلك .
    وأمّا القسم الذي أخرجه الاستثناء فهو مبيّن في ثلاثة أمور : الصدقة ، والمعروف ، والإصلاح بين الناس . وهذه الثلاثة لو لم تذكر لدخلت في القليل من نجواهم الثابت له الخير ، فلمّا ذكرت بطريق الاستثناء علمنا أنّ نظم الكلام جرى على أسلوب بديع فأخرج ما فيه الخير من نجواهم ابتداء بمفهوم الصفة ، ثم أريد الاهتمام ببعض هذا القليل من نجواهم ، فأخرج من كثير نجواهم بطريق الاستثناء ، فبَقي ما عدا ذلك من نجواهم ، وهو الكثير ، موصوفاً بأن لا خير فيه وبذلك يتّضح أنّ الاستثناء متّصل ، وأنْ لا داعي إلى جعله منقطعاً . والمقصد من ذلك كلّه الاهتمام والتنويه بشأن هذه الثلاثة ، ولو تناجى فيها مَن غالب أمره قصد الشرّ .
    وقوله : { ومن يفعل ذلك } إلخ وعد بالثواب على فعل المذكورات إذا كان لابتغاء مرضاة الله . فدلّ على أنّ كونها خيراً وصف ثابت لها لما فيها من المنافع ، ولأنّها مأمور بها في الشرع ، إلاّ أنّ الثواب لا يحصل إلاّ عن فعلها ابتغاء مرضاة الله كما في حديث : « إنما الأعمال بالنيات » .اهـ
    روى أبو داود َنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَمْ يَكْذِبْ مَنْ نَمَى بَيْنَ اثْنَيْنِ لِيُصْلِحَ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُسَدَّدٌ لَيْسَ بِالْكَاذِبِ مَنْ أَصْلَحَ بَيْنَ النَّاسِ فَقَالَ خَيْرًا أَوْ نَمَى خَيْرًا > قال صاحب عون المعبود : قوله ( لَمْ يَكْذِب مَنْ نَمَى )
    : بِالتَّخْفِيفِ أَيْ رَفَعَ الْحَدِيث لِلْخَيْرِ وَالْإِصْلَاح ، يُقَال نَمَيْت الْحَدِيث بِتَخْفِيفِ الْمِيم إِذَا رَفَعَهُ لِلْخَيْرِ.......قوله ( بَيْن اِثْنَيْنِ لِيُصْلِح ): أَيْ بَيْنهمَا يَعْنِي لَا إِثْم عَلَيْهِ فِي الْكَذِب بِقَصْدِ الْإِصْلَاح بَيْنهمَا ...قوله ( فَقَالَ خَيْرًا ): يَعْنِي كَلَام خَيْر أَوْ قَوْل خَيْر أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَخَاصِمَيْنِ مَا يُفِيد النَّصِيحَة الْمُقْتَضِيَة إِلَى الْخَيْر أَوْ يَقُول كَلَام خَيْر الَّذِي رُبَّمَا سَمِعَهُ مِنْهُ وَيَدَع شَرّه عَنْهُ...... قوله( أَوْ نَمَى خَيْرًا )
    : أَيْ بَلَغَهُ لَهُمَا مَا لَمْ يَسْمَعهُ مِنْهُمَا مِنْ الْخَيْر ، بِأَنْ يَقُول فُلَان يُسَلِّم عَلَيْك وَيُحِبّك وَمَا يَقُول فِيك إِلَّا خَيْرًا ، وَنَحْو ذَلِكَ .وَالْحَدِيث سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ .
    المغنم الرابع <<1950>>
    صلاة الصبح تؤهلك إلى الكون في ضمان الله وأمانه من شر الفتن والقلاقل والمحن.فلا تترك هذه الفرصة تتفلت منك تنازلا لرغبات أهوائك وشهواتك فانفض عنك غبار التقاعس واعقد العزم على مواصلة صلاة الصبح لتتصل عليك ذمة الله إلى نهاية المطاف والمعين على ذالك هوالنوم مبكرا والتقليل من بذخ الليالي اسوة بنبيك ففي صحيح البخاري عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
    كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ قَالَتْ كَانَ يَنَامُ أَوَّلَهُ وَيَقُومُ آخِرَهُ فَيُصَلِّي> ......وإلى التحلي بهذا المكسب يروي مسلم عن جُنْدَبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُول: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ فَلَا يَطْلُبَنَّكُمْ اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ فَيُدْرِكَهُ فَيَكُبَّهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ>قال النووي: قِيلَ : الذِّمَّة هُنَا الضَّمَان . وَقِيلَ : الْأَمَان .
    وروى الترمذي : عَنْ جُنْدَبِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ فَلَا تُخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ>قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
    في تحفة الأحوذي (مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ )
    أَيْ فِي عَهْدِهِ وَأَمَانِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَهَذَا غَيْرُ الْأَمَانِ الَّذِي ثَبَتَ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ " فَلَا تَخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ " قَالَ فِي النِّهَايَةِ : خَفَرْت الرَّجُلَ أَجَرْته وَحَفِظْته وَأَخْفَرْتُ الرَّجُلَ إِذَا نَقَضْت عَهْدَهُ وَذِمَامَهُ ، وَالْهَمْزَةُ فِيهِ لِلْإِزَالَةِ أَيْ أَزَلْت خَفَارَتَهُ كَأَشْكَيْتُهُ إِذَا أَزَلْت وَهُوَ الْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ اِنْتَهَى.... وَفِي الْمَصَابِيحِ بِشَيْءٍ مِنْ ذِمَّتِهِ قِيلَ أَيْ بِنَقْضِ عَهْدِهِ وَإِخْفَارِ ذِمَّتِهِ بِالتَّعَرُّضِ لِمَنْ لَهُ ذِمَّةٌ ، أَوْ الْمُرَادُ بِالذِّمَّةِ الصَّلَاةُ الْمُوجِبَةُ لِلْأَمَانِ أَيْ لَا تَتْرُكُوا صَلَاةَ الصُّبْحِ فَيُنْتَقَضُ بِهِ الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ فَيَطْلُبُكُمْ بِهِ اِنْتَهَى
    وروى الترمذي أيضا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ فَلَا يُتْبِعَنَّكُمْ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذِمَّتِهِ>
    ( فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ )بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ عَهْدِهِ أَوْ أَمَانِهِ أَوْ ضَمَانِهِ فَلَا تَتَعَرَّضُوا لَهُ بِالْأَذَى ، وَهَذَا غَيْرُ الْأَمَانِ الَّذِي ثَبَتَ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ..( فَلَا يُتْبِعَنكُمْ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذِمَّتِهِ )ظَاهِرُهُ النَّهْيُ عَنْ مُطَالَبَتِهِ إِيَّاهُمْ بِشَيْءٍ مِنْ عَهْدِهِ ، لَكِنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا وَقَعَ عَلَى مَا يُوجِبُ الْمُطَالَبَةَ فِي نَقْضِ الْعَهْدِ وَإِخْفَارِ الذِّمَّةِ ، لَا عَلَى نَفْسِ الْمُطَالَبَةِ .وَفِي حَدِيثِ جُنْدُبٍ الْقَسْرِيِّ عِنْدَ مُسْلِمٍ : فَلَا يَطْلُبَنكُمْ اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ . قَالَ الْقَارِي أَيْ لَا يُؤَاخِذُكُمْ مِنْ بَابِ لَا أَرَيْنَك ، الْمُرَادُ نَهْيُهُمْ عَنْ التَّعَرُّضِ لِمَا يُوجِبُ مُطَالَبَةَ إِيَّاهُمْ ، وَمِنْ بِمَعْنَى لِأَجْلِ ، وَالضَّمِيرُ فِي ذِمَّتِهِ إِمَّا لِلَّهِ وَإِمَّا لِمِنْ ، وَالْمُضَافُ مَحْذُوفٌ أَيْ لِأَجْلِ تَرْكِ ذِمَّتِهِ أَوْ بَيَانِيَّةٌ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ حَالٌ مِنْ شَيْءٍ . وَفِي الْمَصَابِيحِ بِشَيْءٍ مِنْ ذِمَّتِهِ قِيلَ أَيْ بِنَقْضِ عَهْدِهِ وَإِخْفَارِ ذِمَّتِهِ بِالتَّعَرُّضِ لِمَنْ لَهُ ذِمَّةٌ ، أَوْ الْمُرَادُ بِالذِّمَّةِ الصَّلَاةُ الْمُوجِبَةُ لِلْأَمَانِ أَيْ لَا تَتْرُكُوا صَلَاةَ الصُّبْحِ فَيُنْتَقَضُ بِهِ الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ فَيَطْلُبُكُمْ بِهِ اِنْتَهَى .
    المغنم الخمس
    الحظوة بنعيم الجنان يكون بنفع الناس وإنقاذهم من الورطات وإدخال السرور عليهم بالكلمة الطيبة وقضاء حوائجهم والذب عنهم والسعي في جلب الخير لهم.وسد حاجتهم وإشباع جائعهم وإصلاح ذات بينهم
    <<1951>>
    روى الطبراني في الأوسط : عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من أدخل على أهل بيت من المسلمين سرورا لم يرض الله له ثوابا دون الجنة » « لم يرو هذين الحديثين عن هشام بن عروة إلا عمر بن حبيب ، تفرد بهما : إبراهيم بن سلم »......روى البخاري > بَاب طِيبِ الْكَلَامِ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ> وروى مسلم : عَنْ أَنَسٍ
    أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ> وروى البخاري عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ
    ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّارَ فَتَعَوَّذَ مِنْهَا وَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ ثُمَّ ذَكَرَ النَّارَ فَتَعَوَّذَ مِنْهَا وَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ قَالَ شُعْبَةُ أَمَّا مَرَّتَيْنِ فَلَا أَشُكُّ ثُمَّ قَالَ اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ
    وروى أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ وَكُلُّ خُطْوَةٍ يَمْشِيهَا إِلَى الصَّلَاةِ أَوْ قَالَ إِلَى الْمَسْجِدِ صَدَقَةٌ
    وروى أحمد أيضا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ سُلَامَى مِنْ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ الشَّمْسُ قَالَ تَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ وَتُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ تَحْمِلُهُ عَلَيْهَا أَوْ تَرْفَعُ لَهُ مَتَاعَهُ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَقَالَ الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ وَقَالَ كُلُّ خُطْوَةٍ يَمْشِيهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ
    وفي المقابل أن أي أمة أنفقت الأموال على الترف وبددته في الأهواء والفروج والبذخ وبات من بينهم امرؤ جائع برئت منهم ذمة في الدنيا والآخرة .
    روى أحمد عَنِ ابْنِ عُمَرَعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ احْتَكَرَ طَعَامًا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَقَدْ بَرِئَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَبَرِئَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ وَأَيُّمَا أَهْلُ عَرْصَةٍ أَصْبَحَ فِيهِمْ امْرُؤٌ جَائِعٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ تَعَالَى> ولذا استنكر هود على قومه عبثهم بالأموال وغنفاقها فيما لايجدي قال تعالى : أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (128) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ >أي : أتبنون - على سبيل اللهو واللعب - فى كل مكان مرتفع ، بناء يعتبر آية وعلامة على عبثكم وترفكم ، وغروركم .{ وتتخذون } أى : وتعملون { مصانع } أى : قصورا ضخمة متينة ، أو حياضا تجمعون فيها مياه الأمطار . . . { لعلكم تخلدون } أى : عاملين عمل من يرجو الخلود فى هذه الحياة الفانية.... فأنت ترى أن هودا - عليه السلام - قد استنكر على قومه تطاولهم فى البنيان بقصد التباهى والعبث والتفاخر ، لا بقصد النفع العام لهم ولغيرهم . كما استنكر عليهم انصرافهم عن العمل الصالح الذى ينفعهم فى آخرتهم وانهماكهم فى التكاثر من شئون دنياهم حتى لكأنهم مخلدون فيها ، كما استنكر عليهم - كذلك - قسوة قلوبهم ، وتحجر مشاعرهم ، وإنزالهم الضربات القاصمة بغيرهم بدون رأفة أو شفقة .اهـ
    فما أشبه الليلة بالبارحة بل أعظم فهذه أمة محمد تنفق الملايين على النافورات بمفترق الطرق كما تنفق الكثير على كورة القدم وغيرها مما ينبئك بعظم الرزية والفسق المستشري عند من ولاهم الله أمر هذه الأمة بل كذلك معظم المسلمين تلحظ منهم البدخ وإنفاق المال في اللهو وعلى الفروج وغيره مثل مايرى اليوم من كبار
    <<1952>>
    الخلجيين الذين يبددون الأموال الطائلة على مسابقة الإبل أو اللعب بها في فضاء الصحاري
    وفي أخبار مكة للفاكهاني:عن ابن عمر ، رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من احتكر (1) طعاما أربعين ليلة ، فقد برئ (2) من الله تعالى ، وبرئ الله منه ، وأيما أهل عرصة (3) ظل فيهم امرؤ من المسلمين جائعا ، فقد برئت (4) منهم ذمة (5) الله عز وجل »
    المعنى : (1) احتكر الطعام : اشتراه وحبَسه ليَقلَّ فيَغْلُو..(2) برئ من الله : تباعد عن حفظه وعنايته..(3) العرصة : الأرض الخلاء والساحة ليس فيها بناء...(4) برئت منه الذمة : حُرِمَ من حفظ الله وعنايته، فإنَّ لكُلِّ أحَدٍ من اللّه عَهْداً بالحفْظ والكلاءَة، فإذا ألْقى بيده إلى التهْلُكة، أو فعَل ما حُرِّم عليه، أو خالف ما أُمِرَ به خَذلَتْه ذمَّةُ اللّه تعالى..(5) ذمة الله : عهده وأمانه في الدنيا والآخرة
    المغنم السادس :
    قضاء الوطر واستجابة الدعاء وذالك لايكون إلا بمصادفة ساعة الجمعة وهي لاتنال إلا بمواصلة الدعاء طيلة هذا اليوم وليلته وقد أوصال الأقوال في تعيينها الحافظ إلى اثنين وأربعين قولا .روى البخاري : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
    أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا.
    في الفتح : قَوْله : ( لَا يُوَافِقُهَا )
    أَيْ يُصَادِفُهَا وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَقْصِدَ لَهَا أَوْ يَتَّفِقَ لَهُ وُقُوعُ اَلدُّعَاءِ فِيهَا .قَوْله : ( وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اَللَّه )هِيَ صِفَاتٌ لِمُسْلِمٍ أُعْرِبَتْ حَالًا ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي حَالًا مِنْهُ لِاتِّصَافِهِ بِقَائِم وَيَسْأَلُ حَال مُتَرَادِفَة أَوْ مُتَدَاخِلَة ، وَأَفَادَ اِبْن عَبْد اَلْبَرّ أَنَّ قَوْلَهُ " وَهُوَ قَائِم " سَقَطَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مُصْعَب وَابْن أَبِي أُوَيْس وَمُطَرِّف وَالتِّنِّيسِيِّ وَقُتَيْبَة وَأَثْبَتَهَا اَلْبَاقُونَ ، قَالَ : وَهِيَ زِيَادَةٌ مَحْفُوظَةٌ عَنْ أَبِي اَلزِّنَادِ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَوَرْقَاءَ وَغَيْرِهِمَا عَنْهُ ، وَحَكَى أَبُو مُحَمَّد بْن اَلسَّيِّدِ عَنْ مُحَمَّد بْن وَضَّاح أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِحَذْفِهَا مِنْ اَلْحَدِيثِ ، وَكَانَ اَلسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ يُشْكِلُ عَلَى أَصَحِّ اَلْأَحَادِيثِ اَلْوَارِدَةِ فِي تَعْيِينِ هَذِهِ اَلسَّاعَةِ ، وَهُمَا حَدِيثَانِ أَحَدهمَا أَنَّهَا مِنْ جُلُوسِ اَلْخَطِيبِ عَلَى اَلْمِنْبَرِ إِلَى اِنْصِرَافِهِ مِنْ اَلصَّلَاةِ ، وَالثَّانِي أَنَّهَا مِنْ بَعْدِ اَلْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ اَلشَّمْسِ . وَقَدْ اِحْتَجَّ أَبُو هُرَيْرَة عَلَى عَبْد اَللَّه بْن سَلَام لَمَّا ذَكَرَ لَهُ اَلْقَوْل اَلثَّانِي بِأَنَّهَا لَيْسَتْ سَاعَة صَلَاةٍ وَقَدْ وَرَدَ اَلنَّصّ بِالصَّلَاةِ فَأَجَابَهُ بِالنَّصِّ اَلْآخَرِ أَنَّ مُنْتَظِرَ اَلصَّلَاةِ فِي حُكْمِ اَلْمُصَلِّي فَلَوْ كَانَ قَوْله " وَهُوَ قَائِم " عِنْد أَبِي هُرَيْرَة ثَابِتًا لَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِهَا لَكِنَّهُ سَلَّمَ لَهُ اَلْجَوَاب وَارْتَضَاهُ وَأَفْتَى بِهِ بَعْدَهُ . وَأَمَّا إِشْكَالُهُ عَلَى اَلْحَدِيثِ اَلْأَوَّلِ فَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ حَالَ اَلْخُطْبَةِ كُلّه وَلَيْسَتْ صَلَاة عَلَى اَلْحَقِيقَةِ ، وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ هَذَا اَلْإِشْكَالِ بِحَمْل اَلصَّلَاة عَلَى اَلدُّعَاءِ أَوْ الِانْتِظَارِ ، وَيُحْمَلُ اَلْقِيَام عَلَى اَلْمُلَازَمَةِ وَالْمُوَاظَبَةِ ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ حَال اَلْقِيَام فِي اَلصَّلَاةِ غَيْر حَال اَلسُّجُود وَالرُّكُوع وَالتَّشَهُّد مَعَ أَنَّ اَلسُّجُودَ مَظِنَّة إِجَابَة اَلدُّعَاءِ ، فَلَوْ كَانَ اَلْمُرَاد بِالْقِيَامِ حَقِيقَته لَأَخْرَجَهُ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ اَلْمُرَادَ مَجَاز اَلْقِيَام وَهُوَ اَلْمُوَاظَبَةُ

    <<1953>>
    وَنَحْوَهَا وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى ( إِلَّا مَا دُمْت عَلَيْهِ قَائِمًا فَعَلَى هَذَا يَكُونُ اَلتَّعْبِير عَنْ اَلْمُصَلِّي بِالْقَائِمِ مِنْ بَابِ اَلتَّعْبِيرِ عَنْ اَلْكُلِّ بِالْجُزْءِ ، وَالنُّكْتَةُ فِيهِ أَنَّهُ أَشْهَر أَحْوَال اَلصَّلَاةِ .
    قَوْله : ( شَيْئًا )
    أَيْ مِمَّا يَلِيقُ أَنْ يَدْعُوَ بِهِ اَلْمُسْلِمُ وَيَسْأَلَ رَبّه تَعَالَى ، وَفِي رِوَايَة سَلَمَة بْن عَلْقَمَةَ عَنْ مُحَمَّد بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عِنْدَ اَلْمُصَنِّفِ فِي اَلطَّلَاقِ " يَسَأَلُ اَللَّهَ خَيْرًا " وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّد بْن زِيَاد عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مِثْله ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي لُبَابَة عِنْدَ اِبْن مَاجَهْ " مَا لَمْ يَسْأَلْ حَرَامًا " وَفِي حَدِيثِ سَعْد بْن عُبَادَة عِنْدَ أَحْمَدَ " مَا لَمْ يَسْأَلْ إِثْمًا أَوْ قَطِيعَةَ رَحِمٍ " وَهُوَ نَحْوُ اَلْأَوَّلِ ، وَقَطِيعَة اَلرَّحِمِ مِنْ جُمْلَةِ اَلْإِثْمِ فَهُوَ مِنْ عَطْف اَلْخَاصّ عَلَى اَلْعَامِّ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ . قَوْله : ( وَأَشَارَ بِيَدِهِ )
    "color: black;">كَذَا هُنَا بِإِبْهَامِ اَلْفَاعِلِ ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي مُصْعَب عَنْ مَالِك " وَأَشَارَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَفِي رِوَايَة سَلَمَة بْن عَلْقَمَة اَلَّتِي أَشَرْت إِلَيْهَا " وَوَضَعَ أُنْمُلَته عَلَى بَطْن اَلْوُسْطَى أَوْ اَلْخِنْصَر قُلْنَا يُزَهِّدُهَا " وَبَيَّنَ أَبُو مُسْلِم الْكَجِّيُّ أَنَّ اَلَّذِي وَضَعَ هُوَ بِشْر بْن اَلْمُفَضَّل رَاوِيه عَنْ سَلَمَة بْن عَلْقَمَة ، وَكَأَنَّهُ فَسَّرَ اَلْإِشَارَةَ بِذَلِكَ ، وَأَنَّهَا سَاعَة لَطِيفَة تَتَنَقَّلُ مَا بَيْن وَسَطِ اَلنَّهَارِ إِلَى قُرْبِ آخِرِهِ ، وَبِهَذَا يَحْصُلُ اَلْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ " يُزَهِّدُهَا " أَيْ يُقَلِّلُهَا ، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّد بْن زِيَاد عَنْ أَبِي هُرَيْرَة " وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ " وَلِلطَّبَرَانِيِّ فِي اَلْأَوْسَطِ فِي حَدِيثِ أَنَس " وَهِيَ قَدْرُ هَذَا ، يَعْنِي قَبْضَة " قَالَ اَلزَّيْن بْن اَلْمُنِيرِ : اَلْإِشَارَةُ لِتَقْلِيلِهَا هُوَ لِلتَّرْغِيبِ فِيهَا وَالْحَضِّ عَلَيْهَا لِيَسَارَة وَقْتِهَا وَغَزَارَة فَضْلهَا . وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل اَلْعِلْمِ مِنْ اَلصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي هَذِهِ اَلسَّاعَةِ هَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ أَوْ رُفِعَتْ ؟ وَعَلَى اَلْبَقَاءِ هَلْ هِيَ فِي كُلِّ جُمُعَة أَوْ فِي جُمُعَة وَاحِدَة مِنْ كُلِّ سَنَة ؟ وَعَلَى اَلْأَوَّلِ هَلْ هِيَ وَقْت مِنْ اَلْيَوْمِ مُعَيَّن أَوْ مُبْهَم ؟ وَعَلَى اَلتَّعْيِينِ هَلْ تَسْتَوْعِبُ اَلْوَقْت أَوْ تُبْهَمُ فِيهِ ؟ وَعَلَى اَلْإِبْهَامِ مَا اِبْتِدَاؤُهُ وَمَا اِنْتِهَاؤُهُ ؟ وَعَلَى كُلِّ ذَلِكَ هَلْ تَسْتَمِرُّ أَوْ تَنْتَقِلُ ؟ وَعَلَى اَلِانْتِقَالِ هَلْ تَسْتَغْرِقُ اَلْيَوْمَ أَوْ بَعْضه ؟
    وَهَا أَنَا أَذْكُرُ تَلْخِيصَ مَا اِتَّصَلَ إِلَيَّ مِنْ اَلْأَقْوَالِ مَعَ أَدِلَّتِهَا ، ثُمَّ أَعُودُ إِلَى اَلْجَمْعِ بَيْنَهَا وَالتَّرْجِيحِ
    فَالْأَوَّل :إنَّهَا رُفِعَتْ ، حَكَاهُ اِبْن عَبْد اَلْبَرّ عَنْ قَوْمٍ وَزَيَّفَهُ ، وَقَالَ عِيَاض : رَدَّهُ اَلسَّلَف عَلَى قَائِلِهِ . وَرَوَى عَبْد اَلرَّزَّاق عَنْ اِبْن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي دَاوُد بْن أَبِي عَاصِم عَنْ عَبْد اَللَّه بْن عَبْسٍ مَوْلَى مُعَاوِيَة قَالَ " قُلْت لِأَبِي هُرَيْرَة : إِنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّ اَلسَّاعَةَ اَلَّتِي فِي يَوْم اَلْجُمُعَةِ يُسْتَجَابُ فِيهَا اَلدُّعَاءُ رُفِعَتْ ، فَقَالَ : كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ . قُلْت : فَهِيَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ ؟ قَالَ نَعَمْ " إِسْنَاده قَوِيّ . وَقَالَ صَاحِب اَلْهُدَى : إِنْ أَرَادَ قَائِله أَنَّهَا كَانَتْ مَعْلُومَة فَرُفِعَ عِلْمُهَا عَنْ اَلْأُمَّةِ فَصَارَتْ مُبْهَمَة اِحْتُمِلَ ، وَإِنْ أَرَادَ حَقِيقَتَهَا فَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَى قَائِلِهِ ،

    اَلْقَوْل اَلثَّانِي : إنَّهَا مَوْجُودَة لَكِنَْ فِي جُمُعَةٍ وَاحِدَة مِنْ كُلِّ سَنَة ، قَالَهُ كَعْب اَلْأَحْبَار لِأَبِي هُرَيْرَة ، فَرَدَّ عَلَيْهِ فَرَجَعَ إِلَيْهِ ، رَوَاهُ مَالِك فِي اَلْمُوَطَّأِ وَأَصْحَاب اَلسُّنَنِ .
    اَلثَّالِث: إنَّهَا مَخْفِيَّةٌ فِي جَمِيعِ اَلْيَوْمِ كَمَا أُخْفِيَتْ لَيْلَةُ اَلْقَدْر فِي اَلْعَشْرِ . رَوَى اِبْن خُزَيْمَة وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيد بْن اَلْحَارِث عَنْ أَبِي سَلَمَة " سَأَلْت أَبَا سَعِيد عَنْ سَاعَة

    <<1954>>
    اَلْجُمُعَة فَقَالَ : سَأَلْت اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا فَقَالَ : قَدْ أُعْلِمْتهَا ثُمَّ أُنْسِيتهَا كَمَا أُنْسِيت لَيْلَةَ اَلْقَدْرِ " .
    وَرَوَى عَبْد اَلرَّزَّاق عَنْ مَعْمَرٍ أَنَّهُ سَأَلَ اَلزُّهْرِيَّ فَقَالَ : لَمْ أَسْمَعْ فِيهَا بِشَيْءٍ ، إِلَّا أَنَّ كَعْبًا كَانَ يَقُولُ لَوْ أَنَّ إِنْسَانًا قَسَمَ جُمُعَةً فِي جُمَعٍ لَأَتَى عَلَى تِلْكَ اَلسَّاعَةِ ، قَالَ اِبْن اَلْمُنْذِر : مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَبْدَأُ فَيَدْعُو فِي جُمُعَة مِنْ اَلْجُمَعِ مِنْ أَوَّلِ اَلنَّهَارِ إِلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ ، ثُمَّ فِي جُمُعَة أُخْرَى يَبْتَدِئُ مِنْ ذَلِكَ اَلْوَقْتِ إِلَى وَقْتٍ آخَرَ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى آخِرِ اَلنَّهَار . قَالَهُ : وَكَعْبٌ هَذَا هُوَ كَعْب اَلْأَحْبَار ، قَالَ : وَرُوِّينَا عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ طَلَبَ حَاجَةٍ فِي يَوْمٍ لَيَسِير ، قَالَ : مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَنْبَغِي اَلْمُدَاوَمَة عَلَى اَلدُّعَاءِ يَوْم اَلْجُمُعَةِ كُلّه لِيَمُرّ بِالْوَقْتِ اَلَّذِي يُسْتَجَابُ فِيهِ اَلدُّعَاء اِنْتَهَى . وَاَلَّذِي قَالَهُ اِبْن عُمَر يَصْلُحُ لِمَنْ يَقْوَى عَلَى ذَلِكَ ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي قَالَهُ كَعْب سَهْل عَلَى كُلِّ أَحَد ، وَقَضِيَّة ذَلِكَ أَنَّهُمَا كَانَا يَرَيَانِ أَنَّهَا غَيْرُ مُعَيَّنَة ، وَهُوَ قَضِيَّة كَلَام جَمْعٍ مِنْ اَلْعُلَمَاءِ كَالرَّافِعِيِّ وَصَاحِب اَلْمُغْنِي وَغَيْرهمَا حَيْثُ قَالُوا : يُسْتَحَبُّ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ اَلدُّعَاءِ يَوْم اَلْجُمُعَةِ رَجَاء أَنْ يُصَادِفَ سَاعَة اَلْإِجَابَة ، وَمِنْ حُجَّةِ هَذَا اَلْقَوْلِ تَشْبِيههَا بِلَيْلَةِ اَلْقَدْرِ وَالِاسْم اَلْأَعْظَم فِي اَلْأَسْمَاءِ اَلْحُسْنَى ، وَالْحِكْمَةِ فِي ذَلِكَ حَثُّ اَلْعِبَادَ عَلَى اَلِاجْتِهَادِ فِي اَلطَّلَبِ وَاسْتِيعَاب اَلْوَقْت بِالْعِبَادَةِ ، بِخِلَافٍ مَا لَوْ تَحَقَّقَ اَلْأَمْر فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَكَانَ مُقْتَضِيًا لِلِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ وَإِهْمَال مَا عَدَاهُ .
    اَلرَّابِع : إنَّهَا تَنْتَقِلُ فِي يَوْم اَلْجُمُعَةِ وَلَا تَلْزَمُ سَاعَة مُعَيَّنَة لَا ظَاهِرَة وَلَا مَخْفِيَّة ، قَالَ اَلْغَزَالِيُّ : هَذَا أَشْبَهُ اَلْأَقْوَال ، وَذَكَرَهُ اَلْأَثْرَم اِحْتِمَالًا ، وَجَزَمَ بِهِ اِبْن عَسَاكِر وَغَيْره ، وَقَالَ اَلْمُحِبُّ اَلطَّبَرِيُّ إِنَّهُ اَلْأَظْهَرُ ، وَعَلَى هَذَا لَا يَتَأَتَّى مَا قَالَهُ كَعْب فِي اَلْجَزْمِ بِتَحْصِيلِهَا .
    اَلْخَامِس : إِذَا أَذَّنَ اَلْمُؤَذِّنُ لِصَلَاة اَلْغَدَاة ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا اَلْحَافِظُ أَبُو اَلْفَضْل فِي " شَرْحِ اَلتِّرْمِذِيِّ " وَشَيْخُنَا سِرَاج اَلدِّين بْن اَلْمُلَقِّنِ فِي " شَرْحِهِ عَلَى اَلْبُخَارِيِّ " وَنَسَبَاهُ لِتَخْرِيجِ اِبْن أَبِي شَيْبَة عَنْ عَائِشَة ، وَقَدْ رَوَاهُ الرُّويَانِيُّ فِي مَسْنَدِهِ عَنْهَا فَأَطْلَقَ اَلصَّلَاة وَلَمْ يُقَيِّدْهَا . رَوَاهُ اِبْن اَلْمُنْذِر فَقَيَّدَهَا بِصَلَاةِ اَلْجُمُعَةِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
    اَلسَّادِس : مِنْ طُلُوعِ اَلْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ اَلشَّمْسِ ، رَوَاهُ اِبْن عَسَاكِر مِنْ طَرِيقِ أَبِي جَعْفَر اَلرَّازِيِّ عَنْ لَيْث بْن أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة ، وَحَكَاهُ اَلْقَاضِي أَبُو اَلطَّيِّبِ اَلطَّبَرِيُّ وَأَبُو نَصْر بْن اَلصَّبَّاغ وَعِيَاض وَالْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرهمْ وَعِبَارَة بَعْضهمْ : مَا بَيْنَ طُلُوعِ اَلْفَجْرِ وَطُلُوعِ اَلشَّمْسِ .
    اَلسَّابِع مِثْله وَزَادَ : وَمِنْ اَلْعَصْرِ إِلَى اَلْغُرُوبِ . رَوَاهُ سَعِيد بْن مَنْصُور عَنْ خَلَف بْن خَلِيفَة عَنْ لَيْث اِبْن أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة ، وَتَابَعَهُ فُضَيْلُ بْن عِيَاضٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ اِبْن اَلْمُنْذِر ، وَلَيْث ضَعِيف وَقَدْ اُخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ كَمَا تَرَى .
    اَلثَّامِن مِثْله وَزَادَ : وَمَا بَيْنَ أَنْ يَنْزِلَ اَلْإِمَامُ مِنْ اَلْمِنْبَرِ إِلَى أَنْ يُكَبِّر رَوَاهُ حُمَيْدُ بْن زَنْجَوَيْهِ فِي اَلتَّرْغِيبِ لَهُ مِنْ طَرِيقِ عَطَاء بْن قُرَّةَ عَنْ عَبْد اَللَّه بْن ضَمْرَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ " اِلْتَمِسُوا اَلسَّاعَة اَلَّتِي يُجَابُ فِيهَا اَلدُّعَاءُ يَوْم اَلْجُمُعَةِ فِي هَذِهِ اَلْأَوْقَاتِ اَلثَّلَاثَةِ " فَذَكَرَهَا .

    <<1955>>
    اَلتَّاسِع : إنَّهَا أَوَّل سَاعَةٍ بَعْدَ طُلُوعِ اَلشَّمْسِ حَكَاهُ اَلْجَبَلِيّ فِي " شَرْحِ اَلتَّنْبِيهِ " وَتَبِعَهُ اَلْمُحِبُّ اَلطَّبَرِيُّ فِي شَرْحِهِ .
    اَلْعَاشِر : عِنْدَ طُلُوعِ اَلشَّمْسِ حَكَاهُ اَلْغَزَالِيُّ فِي اَلْإِحْيَاءِ وَعَبَّرَ عَنْهُ اَلزَّيْن بْن اَلْمُنِيرِ فِي شَرْحِهِ بِقَوْلِهِ : هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ تَرْتَفِعَ اَلشَّمْسُ شِبْرًا إِلَى ذِرَاع ، وَعَزَاهُ لِأَبِي ذَرٍّ .
    اَلْحَادِي عَشَر : إنَّهَا فِي آخِرِ اَلسَّاعَةِ اَلثَّالِثَةِ مِنْ اَلنَّهَارِ حَكَاهُ صَاحِبُ " اَلْمُغْنِي " وَهُوَ فِي مُسْنَدِ اَلْإِمَامِ أَحْمَد مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْن أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مَرْفُوعًا " يَوْم اَلْجُمُعَةِ فِيهِ طُبِعَتْ طِينَة آدَم ، وَفِي آخِر ثَلَاث سَاعَاتٍ مِنْهُ سَاعَة مَنْ دَعَا اَللَّه فِيهَا اُسْتُجِيبَ لَهُ " وَفِي إِسْنَادِهِ فَرَج بْن فَضَالَة وَهُوَ ضَعِيف ، وَعَلِيٌّ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَة ، قَالَ اَلْمُحِبُّ اَلطَّبَرِيُّ : قَوْلُهُ " فِي آخِر ثَلَاث سَاعَات " يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ اَلْمُرَاد اَلسَّاعَة اَلْأَخِيرَة مِنْ اَلثَّلَاثِ اَلْأُوَلِ ، ثَانِيهمَا أَنْ يَكُونَ اَلْمُرَاد أَنَّ فِي آخِر كُلّ سَاعَةٍ مِنْ اَلثَّلَاثِ سَاعَة إِجَابَة ، فَيَكُونُ فِيهِ تَجَوُّزٌ لِإِطْلَاق اَلسَّاعَة عَلَى بَعْضِ اَلسَّاعَةِ .
    اَلثَّانِي عَشَر : مِنْ اَلزَّوَالِ إِلَى أَنْ يَصِيرَ اَلظِّلّ نِصْف ذِرَاعٍ حَكَاهُ اَلْمُحِبُّ اَلطَّبَرِيُّ فِي اَلْأَحْكَامِ وَقَبِلَهُ اَلزَّكِيُّ اَلْمُنْذِرِيُّ .
    اَلثَّالِث عَشَر : مِثْلُهُ لَكِنْ قَالَ أَنْ يَصِيرَ اَلظِّلّ ذِرَاعًا حَكَاهُ عِيَاض وَالْقُرْطُبِيُّ وَالنَّوَوِيُّ .
    اَلرَّابِع عَشَر : بَعْدَ زَوَالِ اَلشَّمْسِ بِشِبْرٍ إِلَى ذِرَاعٍ رَوَاهُ اِبْن اَلْمُنْذِر وَابْن عَبْد اَلْبَرّ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ إِلَى اَلْحَارِث بْن يَزِيدَ اَلْحَضْرَمِيِّ عَنْ عَبْد اَلرَّحْمَن بْن حُجَيْرَة عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ اِمْرَأَتَهُ سَأَلَتْهُ عَنْهَا فَقَالَ ذَلِكَ ، وَلَعَلَّهُ مَأْخَذ اَلْقَوْلَيْنِ اَللَّذَيْنِ قَبْلَهُ .
    اَلْخَامِس عَشَر : إِذَا زَالَتْ اَلشَّمْسُ حَكَاهُ اِبْن اَلْمُنْذِر عَنْ أَبِي اَلْعَالِيَةِ ، وَوَرَدَ نَحْوُهُ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ عَنْ عَلِيٍّ ، وَرَوَى عَبْد اَلرَّزَّاق مِنْ طَرِيقِ اَلْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَتَحَرَّاهَا عِنْدَ زَوَالِ اَلشَّمْسِ بِسَبَبِ قِصَّةٍ وَقَعَتْ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ فِي ذَلِكَ ، وَرَوَى اِبْن سَعْد فِي اَلطَّبَقَاتِ عَنْ عُبَيْدِ اَللَّهِ بْن نَوْفَل نَحْوَ اَلْقِصَّةِ ، وَرَوَى اِبْن عَسَاكِر مِنْ طَرِيقِ سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ : كَانُوا يَرَوْنَ اَلسَّاعَةَ اَلْمُسْتَجَاب فِيهَا اَلدُّعَاء إِذَا زَالَتْ اَلشَّمْسُ ، وَكَأَنَّ مَأْخَذَهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّهَا وَقْتُ اِجْتِمَاع اَلْمَلَائِكَة وَابْتِدَاء دُخُول وَقْتِ اَلْجُمُعَة وَابْتِدَاء اَلْأَذَان وَنَحْوُ ذَلِكَ .
    اَلسَّادِس عَشَر : إِذَا أَذَّنَ اَلْمُؤَذِّنُ لِصَلَاة اَلْجُمُعَةِ رَوَاهُ اِبْن اَلْمُنْذِر عَنْ عَائِشَة قَالَتْ " يَوْم اَلْجُمُعَةِ مِثْلُ يَوْمِ عَرَفَةَ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَاب اَلسَّمَاءِ ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يَسْأَلُ اَللَّهَ فِيهَا اَلْعَبْدُ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ . قِيلَ : أَيَّة سَاعَة ؟ قَالَتْ : إِذَا أَذَّنَ اَلْمُؤَذِّنُ لِصَلَاة اَلْجُمُعَةِ " وَهَذَا يُغَايِرُ اَلَّذِي قَبْلَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ اَلْأَذَانَ قَدْ يَتَأَخَّرُ عَنْ اَلزَّوَالِ ، قَالَ اَلزَّيْن بْن اَلْمُنِيرِ : وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى اَلْأَذَانِ اَلَّذِي بَيْنَ يَدَيْ اَلْخَطِيبِ .
    اَلسَّابِع عَشَر : مِنْ اَلزَّوَالِ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ اَلرَّجُلُ فِي اَلصَّلَاةِ ذَكَرَهُ اِبْن اَلْمُنْذِر عَنْ أَبِي اَلسَّوَّارِ اَلْعَدَوِيِّ ، وَحَكَاهُ اِبْن اَلصَّبَّاغِ بِلَفْظ : إِلَى أَنْ يَدْخُلَ اَلْإِمَامُ
    اَلثَّامِن عَشَر : مِنْ اَلزَّوَالِ إِلَى خُرُوجِ اَلْإِمَامِ حَكَاهُ اَلْقَاضِي أَبُو اَلطَّيِّبِ اَلطَّبَرِيُّ .
    اَلتَّاسِع عَشَر : مِنْ اَلزَّوَالِ إِلَى غُرُوبِ اَلشَّمْسِ حَكَاهُ أَبُو اَلْعَبَّاس أَحْمَد بْن عَلِيِّ بْن كَشَاسِبَ الدِّزْمَارِيُّ وَهُوَ بِزَايٍ سَاكِنَةٍ وَقَبْلَ يَاء اَلنَّسَب رَاء مُهْمَلَة فِي نُكَتِهِ عَلَى اَلتَّنْبِيهِ

    <<1956>>
    عَنْ اَلْحَسَنِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ شَيْخُنَا سِرَاج اَلدِّين اِبْن اَلْمُلَقِّنِ فِي شَرْح اَلْبُخَارِيّ ، وَكَانَ الدِّزْمَارِيُّ اَلْمَذْكُور فِي عَصْر اِبْن اَلصَّلَاحِ .
    اَلْعِشْرُونَ : مَا بَيْنَ خُرُوجِ اَلْإِمَامِ إِلَى أَنْ تُقَامَ اَلصَّلَاةُ رَوَاهُ اِبْن اَلْمُنْذِر عَنْ اَلْحَسَنِ . وَرَوَى أَبُو بَكْر اَلْمَرْوَزِيّ فِي " كِتَاب اَلْجُمُعَة " بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى اَلشَّعْبِيِّ عَنْ عَوْف بْن حَصِيرَة رَجُل مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ مِثْلُهُ .
    اَلْحَادِي وَالْعِشْرُونَ : عِنْدَ خُرُوجِ اَلْإِمَامِ رَوَاهُ حُمَيْد بْن زَنْجَوَيْهِ فِي " كِتَاب اَلتَّرْغِيب " عَنْ اَلْحَسَنِ أَنَّ رَجُلًا مَرَّتْ بِهِ وَهُوَ يَنْعَسُ فِي ذَلِكَ اَلْوَقْتِ .
    اَلثَّانِي وَالْعِشْرُونَ : مَا بَيْنَ خُرُوجِ اَلْإِمَامِ إِلَى أَنْ تَنْقَضِيَ اَلصَّلَاة رَوَاهُ اِبْن جَرِير مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيل بْن سَالِم عَنْ اَلشَّعْبِيِّ قَوْله وَمِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَة بْن قُرَّة عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَوْلُهُ وَفِيهِ أَنَّ اِبْن عُمَر اِسْتَصْوَبَ ذَلِكَ .
    اَلثَّالِث وَالْعِشْرُونَ : مَا بَيْنَ أَنْ يَحْرُمَ اَلْبَيْع إِلَى أَنْ يَحِلَّ رَوَاهُ سَعِيد بْن مَنْصُور وَابْن اَلْمُنْذِر عَنْ اَلشَّعْبِيِّ قَوْله أَيْضًا ، قَالَ اَلزَّيْن بْن اَلْمُنِيرِ : وَوَجْهُهُ أَنَّهُ أَخَصّ أَحْكَامِ اَلْجُمُعَة لِأَنَّ اَلْعَقْدَ بَاطِلٌ عِنْد الْأَكْثَرِ فَلَوْ اِتَّفَقَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذِهِ اَلسَّاعَةِ بِحَيْثُ ضَاقَ اَلْوَقْت فَتَشَاغَلَ اِثْنَانِ بِعَقْد اَلْبَيْع فَخَرَجَ وَفَاتَتْ تِلْكَ اَلصَّلَاةُ لَأَثِمَا وَلَمْ يَبْطُلْ اَلْبَيْعُ .
    اَلرَّابِع وَالْعِشْرُونَ : مَا بَيْنَ اَلْأَذَانِ إِلَى اِنْقِضَاء اَلصَّلَاة رَوَاهُ حُمَيْدُ بْن زَنْجَوَيْهِ عَنْ اِبْن عَبَّاس وَحَكَاهُ اَلْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ اَلسُّنَّةِ عَنْهُ اَلْخَامِس وَالْعِشْرُونَ : مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ اَلْإِمَام عَلَى اَلْمِنْبَرِ إِلَى أَنْ تُقْضَى اَلصَّلَاةُ رَوَاهُ مُسْلِم وَأَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ مَخْرَمَةَ بْن بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بُرْدَة بْن أَبِي مُوسَى أَنَّ اِبْن عُمَر سَأَلَهُ عَمَّا سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ فِي سَاعَة اَلْجُمُعَة فَقَالَ : سَمِعْت أَبِي يَقُولُ سَمِعْت رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ ، وَهَذَا اَلْقَوْل يُمْكِنُ أَنْ يُتَّخَذَ مِنْ اَللَّذَيْنِ قَبْلَهُ .
    اَلسَّادِس وَالْعِشْرُونَ : عِنْدَ اَلتَّأْذِينِ وَعِنْدَ تَذْكِيرِ اَلْإِمَامِ وَعِنْدَ اَلْإِقَامَةِ رَوَاهُ حُمَيْدُ بْن زَنْجَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمِ بْن عَامِر عَنْ عَوْف بْن مَالِك اَلْأَشْجَعِيّ اَلصَّحَابِيّ .
    اَلسَّابِع وَالْعِشْرُونَ : مَثْلُهُ لَكِنْ قَالَ : إِذَا أُذِّنَ وَإِذَا رُقِيَ اَلْمِنْبَر وَإِذَا أُقِيمَتْ اَلصَّلَاةُ رَوَاهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة وَابْن اَلْمُنْذِر عَنْ أَبِي أُمَامَةَ اَلصَّحَابِيّ قَوْله قَالَ اَلزَّيْن بْن اَلْمُنِيرِ : مَا وَرَدَ عِنْدَ اَلْأَذَانِ مِنْ إِجَابَةِ اَلدُّعَاءِ فَيَتَأَكَّدُ يَوْمَ اَلْجُمُعَةَ وَكَذَلِكَ اَلْإِقَامَة ، وَأَمَّا زَمَانُ جُلُوسِ اَلْإِمَامِ عَلَى اَلْمِنْبَرِ فَلِأَنَّهُ وَقْتُ اِسْتِمَاع اَلذِّكْر ، وَالِابْتِدَاء فِي اَلْمَقْصُودِ مِنْ اَلْجُمُعَة .
    اَلثَّامِن وَالْعِشْرُونَ : مِنْ حِينِ يَفْتَتِحُ اَلْإِمَامُ اَلْخُطْبَةَ حَتَّى يَفْرَغَ رَوَاهُ اِبْن عَبْد اَلْبَرّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّد بْن عَبْد اَلرَّحْمَن عَنْ أَبِيهِ عَنْ اِبْن عُمَر مَرْفُوعًا وَإِسْنَاده ضَعِيف .
    اَلتَّاسِع وَالْعِشْرُونَ : إِذَا بَلَغَ اَلْخَطِيب اَلْمِنْبَر وَأَخَذَ فِي اَلْخُطْبَةِ حَكَاهُ اَلْغَزَالِيّ فِي اَلْإِحْيَاءِ
    اَلثَّلَاثُونَ: عِنْدَ اَلْجُلُوسِ بَيْنَ اَلْخُطْبَتَيْنِ حَكَاهُ اَلطِّيبِيُّ عَنْ بَعْضِ شُرَّاح اَلْمَصَابِيح .
    اَلْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ : إنَّهَا عِنْدَ نُزُولِ اَلْإِمَامِ مِنْ اَلْمِنْبَرِ رَوَاهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة وَحُمَيْدُ بْن زَنْجَوَيْهِ وَابْن جَرِير وَابْن اَلْمُنْذِر بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى أَبِي إِسْحَاق عَنْ أَبِي بُرْدَة قَوْله وَحَكَاهُ اَلْغَزَالِيّ قَوْلًا بِلَفْظ : إِذَا قَامَ اَلنَّاس إِلَى اَلصَّلَاةِ .
    اَلثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ : حِينَ تُقَامُ اَلصَّلَاةُ حَتَّى يَقُومَ اَلْإِمَامُ فِي مَقَامِهِ حَكَاهُ اِبْن اَلْمُنْذِر عَنْ اَلْحَسَنِ أَيْضًا ، وَرَوَى اَلطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ مَيْمُونَة بِنْت سَعْد نَحْوَهُ مَرْفُوعًا بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ ،
    <<1957>>
    اَلثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ : مِنْ إِقَامَةِ اَلصَّفِّ إِلَى تَمَامِ اَلصَّلَاةِ رَوَاهُ اَلتِّرْمِذِيُّ وَابْن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ كَثِير بْن عَبْد اَللَّه بْن عَمْرو بْن عَوْف عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا وَفِيهِ : قَالُوا أَيَّة سَاعَةٍ يَا رَسُول اَللَّهِ ؟ قَالَ : حِينَ تُقَامُ اَلصَّلَاةُ إِلَى اَلِانْصِرَافِ مِنْهَا ، وَقَدْ ضَعَّفَ كَثِير رِوَايَةَ كَثِير وَرَوَاهُ اَلْبَيْهَقِيّ فِي اَلشُّعَبِ مِنْ هَذَا اَلْوَجْهِ بِلَفْظِ مَا بَيْنَ أَنْ يَنْزِلَ اَلْإِمَامُ مِنْ اَلْمِنْبَرِ إِلَى أَنْ تَنْقَضِيَ اَلصَّلَاة وَرَوَاهُ اِبْن أَبِي شَيْبَة مِنْ طَرِيقِ مُغِيرَةَ عَنْ وَاصِل اَلْأَحْدَب عَنْ أَبِي بُرْدَة قَوْله ، وَإِسْنَاده قَوِي إِلَيْهِ ، وَفِيهِ أَنَّ اِبْن عُمَر اِسْتَحْسَنَ ذَلِكَ مِنْهُ وَبَرك عَلَيْهِ وَمَسَحَ عَلَى رَأْسِهِ ، وَرَوَى اِبْن جَرِير وَسَعِيد بْن مَنْصُور عَنْ اِبْنِ سِيرِينَ نَحْوَهُ .
    اَلرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ : هِيَ اَلسَّاعَةُ اَلَّتِي كَانَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِيهَا اَلْجُمُعَة رَوَاهُ اِبْن عَسَاكِر بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ اِبْنِ سِيرِينَ ، وَهَذَا يُغَايِرُ اَلَّذِي قَبْلَهُ مِنْ جِهَةِ إِطْلَاقِ ذَاكَ وَتَقْيِيدِ هَذَا ، وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ صَلَاةَ اَلْجُمُعَةِ أَفْضَل صَلَوَاتِ ذَلِكَ اَلْيَوْمِ وَأَنَّ اَلْوَقْتَ اَلَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيهِ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلَ اَلْأَوْقَاتِ ، وَأَنَّ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ اَلْأَذَانِ وَالْخُطْبَةِ وَغَيْرهمَا وَسَائِلٌ وَصَلَاة اَلْجُمُعَةِ هِيَ اَلْمَقْصُودَةُ بِالذَّات ، وَيُؤَيِّدُهُ وُرُود اَلْأَمْرِ فِي اَلْقُرْآنِ بِتَكْثِير اَلذِّكْر حَال اَلصَّلَاة كَمَا وَرَدَ اَلْأَمْرُ بِتَكْثِير اَلذِّكْر حَالَ اَلْقِتَالِ وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ( إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اَللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَفِي قَوْلِهِ : ( إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْم اَلْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اَللَّهِ - إِلَى أَنْ خَتَمَ اَلْآيَةَ بِقَوْلِهِ - وَاذْكُرُوا اَللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَلَيْسَ اَلْمُرَاد إِيقَاع اَلذِّكْرِ بَعْدَ اَلِانْتِشَارِ وَإِنْ عُطِفَ عَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا اَلْمُرَادُ تَكْثِير اَلْمُشَار إِلَيْهِ أَوَّل اَلْآيَةِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
    اَلْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ : مِنْ صَلَاةِ اَلْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ اَلشَّمْسِ رَوَاهُ اِبْن جَرِير مِنْ طَرِيقِ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس مَوْقُوفًا ، وَمِنْ طَرِيقِ صَفْوَان بْن سُلَيْم عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيد مَرْفُوعًا بِلَفْظ " فَالْتَمِسُوهَا بَعْدَ اَلْعَصْرِ " وَذَكَرَ اِبْن عَبْد اَلْبَرّ أَنَّ قَوْلَهُ " فَالْتَمِسُوهَا إِلَخْ " مُدْرَج فِي اَلْخَبَرِ مِنْ قَوْلِ أَبِي سَلَمَة ، وَرَوَاهُ اِبْنُ مَنْدَهْ مِنْ هَذَا اَلْوَجْهِ وَزَاد " أَغْفَلُ مَا يَكُونُ اَلنَّاس " وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْم فِي اَلْحِلْيَةِ مِنْ طَرِيقِ اَلشَّيْبَانِيّ عَنْ عَوْن بْن عَبْد اَللَّه بْن عُتْبَةَ عَنْ أَخِيهِ عُبَيْد اَللَّه كَقَوْلِ اِبْن عَبَّاس ، وَرَوَاهُ اَلتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْن وَرْدَانَ عَنْ أَنَس مَرْفُوعًا بِلَفْظ " بَعْدَ اَلْعَصْرِ إِلَى غَيْبُوبَةِ اَلشَّمْسِ " وَإِسْنَادُهُ ضَعِيف .
    اَلسَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ : فِي صَلَاةِ اَلْعَصْرِ رَوَاهُ عَبْد اَلرَّزَّاق عَنْ عُمَر بْن ذَرٍّ عَنْ يَحْيَى بْن إِسْحَاق بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا وَفِيهِ قِصَّة .
    اَلسَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ : بَعْدَ اَلْعَصْرِ إِلَى آخِرِ وَقْتِ اَلِاخْتِيَارِ حَكَاهُ اَلْغَزَالِيّ فِي اَلْإِحْيَاءِ .
    اَلثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ : بَعْدَ اَلْعَصْرِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ أَبِي سَعِيد مُطْلَقًا ، وَرَوَاهُ اِبْن عَسَاكِر مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّد بْن سَلَمَة اَلْأَنْصَارِيّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة وَأَبِي سَعِيد مَرْفُوعًا بِلَفْظ " وَهِيَ بَعْدَ اَلْعَصْرِ " وَرَوَاهُ اِبْن اَلْمُنْذِر عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ ، وَرَوَاهُ اِبْن جُرَيْجٍ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيم بْن مَيْسَرَة عَنْ رَجُلٍ أَرْسَلَهُ عَمْرو بْن أُوَيْس إِلَى أَبِي هُرَيْرَة فَذَكَر مِثْله قَالَ : وَسَمِعْته عَنْ اَلْحَكَمِ عَنْ اِبْن عَبَّاس مِثْله ، وَرَوَاهُ أَبُو بَكْر الْمَرْوَذِيُّ مِنْ طَرِيق اَلثَّوْرِيّ وَشُعْبَة جَمِيعًا عَنْ يُونُس بْن خَبَّابٍ قَالَ اَلثَّوْرِيّ : عَنْ عَطَاء ، وَقَالَ شُعْبَة :
    <<1958>>
    عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مِثْلُهُ " وَقَالَ عَبْد اَلرَّزَّاق : أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ اِبْن طَاوُس عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَتَحَرَّاهَا بَعْدَ اَلْعَصْرِ ، وَعَنْ اِبْن جُرَيْجٍ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ اَلْعِلْمِ قَالَ : لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا مِنْ اِبْن عَبَّاس مِثْلَهُ ، فَقِيلَ لَهُ : لَا صَلَاةَ بَعْدَ اَلْعَصْرِ ، فَقَالَ : بَلَى ، لَكِنْ مَنْ كَانَ فِي مُصَلَّاهُ لَمْ يَقُمْ مِنْهُ فَهُوَ فِي صَلَاة " .
    اَلتَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ : مِنْ وَسَطِ اَلنَّهَارِ إِلَى قُرْبِ آخِرِ اَلنَّهَار كَمَا تَقَدَّمَ أَوَّل اَلْبَابِ عَنْ سَلَمَة بْن عَلْقَمَة .
    اَلْأَرْبَعُونَ: مِنْ حِينِ تَصْفَرُّالشَّمْسُ إِلَى أَنْ تَغِيبَ رَوَاهُ عَبْد اَلرَّزَّاق عَنْ اِبْن جُرَيْجٍ عَنْ إِسْمَاعِيل بْن كِيسَانَ عَنْ طَاوُس قَوْله ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ اَلَّذِي بَعْدَهُ .
    اَلْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ : آخِرُ سَاعَة بَعْدَ اَلْعَصْرِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِمُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِر مَرْفُوعًا وَفِي أَوَّلِهِ " أَنَّ اَلنَّهَارَ اِثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَة " وَرَوَاهُ مَالِك وَأَصْحَاب اَلسُّنَنِ وَابْن خُزَيْمَة وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ عَبْد اَللَّه بْنِ سَلَامٍ ، قَوْلُه وَفِيهِ مُنَاظَرَةُ أَبِي هُرَيْرَة لَهُ فِي ذَلِكَ وَاحْتِجَاج عَبْد اَللَّه بْن سَلَام بِأَنَّ مُنْتَظِرَ اَلصَّلَاةِ فِي صَلَاة ، وَرَوَى اِبْن جَرِير مِنْ طَرِيقِ اَلْعَلَاءِ بْن عَبْد اَلرَّحْمَن عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مَرْفُوعًا مِثْلَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْد اَللَّه اِبْن سَلَامٍ قَوْلَهُ وَلَا اَلْقِصَّة ، وَمِنْ طَرِيقِ اِبْن أَبِي ذِئْب عَنْ سَعِيد اَلْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ كَعْب اَلْأَحْبَار قَوْله ، وَقَالَ عَبْد اَلرَّزَّاق أَخْبَرَنَا اِبْن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي مُوسَى بْن عُقْبَة أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَمَةَ يَقُولُ : حَدَّثَنَا عَبْد اَللَّه بْن عَامِر فَذَكَر مِثْله ، وَرَوَى اَلْبَزَّار وَابْن جَرِير مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّد بْن عَمْرو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ عَبْد اَللَّه بْن سَلَام مِثْله ، وَرَوَى اِبْن أَبِي خَيْثَمَة مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة وَأَبِي سَعِيد فَذَكَرَ اَلْحَدِيث وَفِيهِ : قَالَ أَبُو سَلَمَةَ فَلَقِيت عَبْد اَللَّه بْن سَلَام فَذَكَرت لَهُ ذَلِكَ فَلَمْ يُعَرِّضْ بِذِكْرِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ قَالَ : اَلنَّهَارُ اِثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَة ، وَإِنَّهَا لَفِي آخِرِ سَاعَة مِنْ اَلنَّهَارِ . وَلِابْن خُزَيْمَة مِنْ طَرِيقِ أَبِي اَلنَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْد اَللَّه بْن سَلَام قَالَ : قَلَتْ - وَرَسُول اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِس - إِنَّا لَنَجِد فِي كِتَابِ اَللَّهِ أَنَّ فِي اَلْجُمُعَة سَاعَة ، فَقَالَ رَسُول اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَوْ بَعْض سَاعَة ، قُلْت : نَعَمْ أَوْ بَعْض سَاعَة اَلْحَدِيثَ ، وَفِيهِ : قُلْت أَيّ سَاعَة ؟ فَذَكَرَهُ . وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اَلْقَائِل " قُلْت " عَبْد اَللَّه بْن سَلَام فَيَكُونُ مَرْفُوعًا ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَبَا سَلَمَةَ فَيَكُونُ مَوْقُوفًا وَهُوَ اَلْأَرْجَحُ لِتَصْرِيحِهِ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير بِأَنَّ عَبْد اَللَّه بْن سَلَام لَمْ يَذْكُرْ اَلنَّبِيّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اَلْجَوَابِ .
    اَلثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ : مِنْ حِينِ يَغِيبُ نِصْف قُرْصِ اَلشَّمْسِ ، أَوْ مِنْ حِينِ تُدْلِي اَلشَّمْس لِلْغُرُوبِ إِلَى أَنْ يَتَكَامَلَ غُرُوبهَا رَوَاهُ اَلطَّبَرَانِيّ فِي اَلْأَوْسَطِ والدَّارَقُطْنِيُّ فِي اَلْعِلَلِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي اَلشُّعَبِ وَفَضَائِل اَلْأَوْقَاتِ مِنْ طَرِيقِ زَيْد بْن عَلِيّ بْن اَلْحُسَيْن بْن عَلِيّ حَدَّثَتْنِي مُرْجَانَة مَوْلَاة فَاطِمَة بِنْت رَسُول اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : حَدَّثَتْنِي فَاطِمَة عَلَيْهَا اَلسَّلَامُ عَنْ أَبِيهَا فَذَكَرَ اَلْحَدِيث ، وَفِيهِ : قَلَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيّ سَاعَةٍ هِيَ ؟ قَالَ : إِذَا تَدَلَّى نِصْف اَلشَّمْسِ لِلْغُرُوبِ . فَكَانَتْ فَاطِمَة إِذَا كَانَ يَوْم اَلْجُمُعَةِ أَرْسَلَتْ غُلَامًا لَهَا يُقَالُ لَهُ زَيْد يَنْظُرُ لَهَا اَلشَّمْس فَإِذَا أَخْبَرَهَا أَنَّهَا تَدَلَّتْ لِلْغُرُوبِ أَقْبَلَتْ عَلَى اَلدُّعَاءِ إِلَى أَنْ تَغِيبَ ، فِي إِسْنَادِهِ اِخْتِلَاف عَلَى زَيْد بْن عَلِيّ ، وَفِي
    <<1959>>
    بَعْضِ رُوَاتِهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ . وَقَدْ أَخْرَجَ إِسْحَاق بْن رَاهَوَيْهِ فِي مَسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيد بْن رَاشِد عَنْ زَيْد بْن عَلِيٍّ عَنْ فَاطِمَة لَمْ يَذْكُرْ مُرْجَانَةَ وَقَالَ فِيهِ : إِذَا تَدَلَّتْ اَلشَّمْس لِلْغُرُوبِ وَقَالَ فِيهِ : تَقُولُ لِغُلَامٍ يُقَالُ لَهُ أَرْبَد : اِصْعَدْ عَلَى اَلظِّرَاب ، فَإِذَا تَدَلَّتْ اَلشَّمْس لِلْغُرُوبِ فَأَخْبِرْنِي ، وَالْبَاقِي نَحْوُهُ ، وَفِي آخِرِهِ : ثُمَّ تُصَلِّي يَعْنِي اَلْمَغْرِب . فَهَذَا جَمِيع مَا اِتَّصَلَ إِلَيَّ مِنْ اَلْأَقْوَالِ فِي سَاعَة اَلْجُمُعَة مَعَ ذِكْرِ أَدِلَّتِهَا وَبَيَانِ حَالِهَا فِي اَلصِّحَّةِ وَالضَّعْفِ وَالرَّفْعِ وَالْوَقْفِ وَالْإِشَارَةِ إِلَى مَأْخَذِ بَعْضِهَا ، وَلَيْسَتْ كُلّهَا مُتَغَايِرَة مِنْ كُلِّ جِهَةٍ بَلْ كَثِير مِنْهَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَّحِدَ مَعَ غَيْرِهِ . ثُمَّ ظَفَرْت بَعْدَ كِتَابَةِ هَذَا بِقَوْلٍ زَائِدٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ غَيْرُ مَنْقُول ، اِسْتَنْبَطَهُ صَاحِبُنَا اَلْعَلَّامَةُ اَلْحَافِظُ شَمْس اَلدِّينِ اَلْجَزَرِيُّ وَأَذِنَ لِي فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُ فِي كِتَابِهِ اَلْمُسَمَّى " اَلْحِصْن اَلْحَصِين " فِي اَلْأَدْعِيَةِ لَمَّا ذَكَرَ اَلِاخْتِلَافَ فِي سَاعَة اَلْجُمُعَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَقْوَالٍ مِمَّا تَقَدَّمَ ثُمَّ قَالَ مَا نَصُّهُ : وَاَلَّذِي أَعْتَقِدُهُ أَنَّهَا وَقْتُ قِرَاءَةِ اَلْإِمَامِ اَلْفَاتِحَةَ فِي صَلَاة اَلْجُمُعَةِ إِلَى أَنْ يَقُولَ آمِينَ ، جَمْعًا بَيْنَ اَلْأَحَادِيثِ اَلَّتِي صَحَّتْ .
    كَذَا قَالَ ، وَيَخْدِشُ فِيهِ أَنَّهُ يُفَوِّتُ عَلَى اَلدَّاعِي حِينَئِذٍ اَلْإِنْصَات لِقِرَاءَةِ اَلْإِمَامِ ، فَلْيُتَأَمَّلْ . قَالَ اَلزَّيْن بْن اَلْمُنِيرِ : يَحْسُنُ جَمْع اَلْأَقْوَالِ ، وَكَانَ قَدْ ذَكَرَ مِمَّا تَقَدَّمَ عَشْرَة أَقْوَالٍ تَبَعًا لِابْنِ بَطَّالٍ . قَالَ : فَتَكُونُ سَاعَة اَلْإِجَابَة وَاحِدَة مِنْهَا لَا بِعَيْنِهَا ، فَيُصَادِفُهَا مَنْ اِجْتَهَدَ فِي اَلدُّعَاءِ فِي جَمِيعِهَا وَاَللَّهُ اَلْمُسْتَعَانُ . وَلَيْسَ اَلْمُرَاد مِنْ أَكْثَرِهَا أَنَّهُ يَسْتَوْعِبُ جَمِيع اَلْوَقْتِ اَلَّذِي عُيِّنَ ، بَلْ اَلْمَعْنَى أَنَّهَا تَكُونُ فِي أَثْنَائِهِ لِقَوْلِهِ فِيمَا مَضَى " يُقَلِّلُهَا " وَقَوْلِهِ " وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ " . وَفَائِدَةُ ذِكْرِ اَلْوَقْت أَنَّهَا تَنْتَقِلُ فِيهِ فَيَكُونُ اِبْتِدَاء مَظِنَّتهَا اِبْتِدَاءُ اَلْخُطْبَةِ مَثَلًا وَانْتِهَاؤُهُ اِنْتِهَاء اَلصَّلَاةِ . وَكَأَنَّ كَثِيرًا مِنْ اَلْقَائِلِينَ عَيَّنَ مَا اِتَّفَقَ لَهُ وُقُوعهَا فِيهِ مِنْ سَاعَةٍ فِي أَثْنَاءِ وَقْتٍ مِنْ اَلْأَوْقَاتِ اَلْمَذْكُورَةِ ، فَبِهَذَا اَلتَّقْرِيرِ يَقِلُّ اَلِانْتِشَار جِدًّا ، وَلَا شَكَّ أَنَّ أَرْجَحَ اَلْأَقْوَالِ اَلْمَذْكُورَةِ حَدِيث أَبِي مُوسَى وَحَدِيث عَبْد اَللَّه بْن سَلَام كَمَا تَقَدَّمَ . قَالَ اَلْمُحِبُّ اَلطَّبَرِيُّ : أَصَحُّ اَلْأَحَادِيثِ فِيهَا حَدِيث أَبِي مُوسَى ، وَأَشْهَر اَلْأَقْوَال فِيهَا قَوْل عَبْد اَللَّه بْن سَلَام ا ه . وَمَا عَدَاهُمَا إِمَّا مُوَافِق لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَوْ ضَعِيف اَلْإِسْنَادِ أَوْ مَوْقُوف اِسْتَنَدَ قَائِله إِلَى اِجْتِهَادٍ دُونَ تَوْقِيف ، وَلَا يُعَارِضُهُمَا حَدِيث أَبِي سَعِيد فِي كَوْنِهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُنْسِيهَا بَعْدَ أَنْ عَلِمَهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَا سَمِعَا ذَلِكَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ أُنْسِيَ ، أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ اَلْبَيْهَقِيّ وَغَيْره . وَقَدْ اِخْتَلَفَ اَلسَّلَف فِي أَيِّهِمَا أَرْجَح ، فَرَوَى اَلْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي اَلْفَضْلِ أَحْمَد بْن سَلَمَةَ اَلنَّيْسَابُورِيّ أَنَّ مُسْلِمًا قَالَ : حَدِيثُ أَبِي مُوسَى أَجْوَد شَيْءٍ فِي هَذَا اَلْبَابِ وَأَصَحّه ، بِذَلِكَ قَالَ اَلْبَيْهَقِيّ وَابْن اَلْعَرَبِيِّ وَجَمَاعَة . وَقَالَ اَلْقُرْطُبِيّ : هُوَ نَصٌّ فِي مَوْضِعِ اَلْخِلَافِ فَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى غَيْرِهِ . وَقَالَ اَلنَّوَوِيّ : هُوَ اَلصَّحِيحُ ، بَلْ اَلصَّوَاب . وَجَزَمَ فِي اَلرَّوْضَةِ بِأَنَّهُ اَلصَّوَابُ ، وَرَجَّحَهُ أَيْضًا بِكَوْنِهِ مَرْفُوعًا صَرِيحًا وَفِي أَحَدِ اَلصَّحِيحَيْنِ ، وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى تَرْجِيحِ قَوْلِ عَبْد اَللَّه بْن سَلَام فَحَكَى اَلتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ : أَكْثَرُ اَلْأَحَادِيثِ عَلَى ذَلِكَ . وَقَالَ اِبْن عَبْد اَلْبَرّ : إِنَّهُ أَثْبَتُ شَيْء فِي هَذَا اَلْبَابِ . وَرَوَى سَعِيد بْن مَنْصُور بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى أَبِي سَلَمَة بْن عَبْد اَلرَّحْمَن أَنَّ نَاسًا مِنْ اَلصَّحَابَةِ اِجْتَمَعُوا فَتَذَاكَرُوا سَاعَة اَلْجُمُعَة
    <<1960>>
    ثُمَّ اِفْتَرَقُوا فَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهَا آخِرُ سَاعَة مِنْ يَوْم اَلْجُمُعَةِ . وَرَجَّحَهُ كَثِيرٌ مِنْ اَلْأَئِمَّةِ أَيْضًا كَأَحْمَد وَإِسْحَاق وَمِنْ اَلْمَالِكِيَّةِ اَلطُّرْطُوشِيّ ، وَحَكَى اَلْعَلَائِيّ أَنَّ شَيْخَهُ اِبْن الزَّمْلَكَانِيِّ شَيْخ اَلشَّافِعِيَّةِ فِي وَقْتِهِ كَانَ يَخْتَارُهُ وَيَحْكِيه عَنْ نَصِّ اَلشَّافِعِيِّ . وَأَجَابُوا عَنْ كَوْنِهِ لَيْسَ فِي أَحَدِ اَلصَّحِيحَيْنِ بِأَنَّ اَلتَّرْجِيحَ بِمَا فِي اَلصَّحِيحَيْنِ أَوْ أَحَدهمَا إِنَّمَا هُوَ حَيْثُ لَا يَكُونُ مِمَّا اِنْتَقَدَهُ اَلْحُفَّاظُ ، كَحَدِيثِ أَبِي مُوسَى هَذَا فَإِنَّهُ أُعِلَّ بِالِانْقِطَاعِ وَالِاضْطِرَابِ : أَمَّا اَلِانْقِطَاعُ فَلِأَنَّ مَخْرَمَة بْنَ بُكَيْرٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ ، قَالَهُ أَحْمَد عَنْ حَمَّاد بْن خَالِد عَنْ مَخْرَمَة نَفْسه ، وَكَذَا قَالَ سَعِيد بْن أَبِي مَرْيَم عَنْ مُوسَى بْن سَلَمَة عَنْ مَخْرَمَة وَزَاد : إِنَّمَا هِيَ كُتُبٌ كَانَتْ عِنْدَنَا . وَقَالَ عَلِيّ بْن اَلْمَدِينِيّ : لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ اَلْمَدِينَةِ يَقُولُ عَنْ مَخْرَمَةَ إِنَّهُ قَالَ فِي شَيْءٍ مِنْ حَدِيثِهِ سَمِعْت أَبِي ، وَلَا يُقَالُ مُسْلِم يَكْتَفِي فِي الْمُعَنْعَنِ بِإِمْكَانِ اَللِّقَاءِ مَعَ اَلْمُعَاصَرَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ هُنَا لِأَنَّا نَقُولُ : وُجُودُ اَلتَّصْرِيحِ عَنْ مَخْرَمَةَ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ كَافٍ فِي دَعْوَى اَلِانْقِطَاعِ . وَأَمَّا اَلِاضْطِرَابُ فَقَدْ رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاق وَوَاصِل اَلْأَحْدَب وَمُعَاوِيَة بْن قُرَّة وَغَيْرهمْ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ مِنْ قَوْلِهِ ، وَهَؤُلَاءِ مِنْ أَهْلِ اَلْكُوفَةِ وَأَبُو بُرْدَةَ كُوفِيٌّ فَهُمْ أَعْلَمُ بِحَدِيثِهِ مِنْ بُكَيْرٍ اَلْمَدَنِيّ ، وَهُمْ عَدَدٌ وَهُوَ وَاحِد . وَأَيْضًا فَلَوْ كَانَ عِنْد أَبِي بُرْدَة مَرْفُوعًا لَمْ يُفْتِ فِيهِ بِرَأْيهِ بِخِلَاف اَلْمَرْفُوع ، وَلِهَذَا جَزَمَ الدَّارَقُطْنِيُّ بِأَنَّ اَلْمَوْقُوفَ هُوَ اَلصَّوَابُ ، وَسَلَكَ صَاحِبُ اَلْهُدَى مَسْلَكًا آخَرَ فَاخْتَارَ أَنَّ سَاعَة اَلْإِجَابَةِ مُنْحَصِرَة فِي أَحَدِ اَلْوَقْتَيْنِ اَلْمَذْكُورَيْنِ ، وَأَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يُعَارِضُ اَلْآخَر لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَلَّ عَلَى أَحَدِهِمَا فِي وَقْتٍ وَعَلَى اَلْآخَرِ فِي وَقْتٍ آخَرَ ، وَهَذَا كَقَوْلِ اِبْن عَبْد اَلْبَرّ : اَلَّذِي يَنْبَغِي اَلِاجْتِهَادُ فِي اَلدُّعَاءِ فِي اَلْوَقْتَيْنِ اَلْمَذْكُورَيْنِ . وَسَبَقَ إِلَى نَحْوِ ذَلِكَ اَلْإِمَامِ أَحْمَد ، وَهُوَ أَوْلَى فِي طَرِيقِ اَلْجَمْعِ . وَقَالَ اِبْن اَلْمُنِير فِي اَلْحَاشِيَةِ : إِذَا عُلِمَ أَنَّ فَائِدَةَ اَلْإِبْهَامِ لِهَذِهِ اَلسَّاعَةِ وَلِلَيْلَةِ اَلْقَدْرِ بَعْث اَلدَّاعِي عَلَى اَلْإِكْثَارِ مِنْ اَلصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ ، وَلَوْ بَيَّنَ لَاتَّكَلَ اَلنَّاس عَلَى ذَلِكَ وَتَرَكُوا مَا عَدَاهَا ، فَالْعَجَب بَعْدَ ذَلِكَ مِمَّنْ يَجْتَهِدُ فِي طَلَبِ تَحْدِيدِهَا . وَفِي اَلْحَدِيثِ مِنْ اَلْفَوَائِدِ غَيْر مَا تَقَدَّمَ فَضْل يَوْم اَلْجُمُعَةِ لِاخْتِصَاصِهِ بِسَاعَة اَلْإِجَابَة ، وَفِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ خَيْر يَوْم طَلَعَتْ عَلَيْهِ اَلشَّمْسُ . وَفِيهِ فَضْلُ اَلدُّعَاءِ وَاسْتِحْبَابُ اَلْإِكْثَارِ مِنْهُ ، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى بَقَاءِ اَلْإِجْمَالِ بَعْدَ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُعُقِّبَ بِأَنْ لَا خِلَافَ فِي بَقَاءِ اَلْإِجْمَالِ فِي اَلْأَحْكَامِ اَلشَّرْعِيَّةِ لَا فِي اَلْأُمُورِ اَلْوُجُودِيَّةِ كَوَقْتِ اَلسَّاعَةِ ، فَهَذَا اَلِاخْتِلَاف فِي إِجْمَالِهِ ، وَالْحُكْم اَلشَّرْعِيّ اَلْمُتَعَلِّق بِسَاعَة اَلْجُمُعَة وَلَيْلَةِ اَلْقَدْرِ - وَهُوَ تَحْصِيل اَلْأَفْضَلِيَّة - يُمْكِنُ اَلْوُصُولُ إِلَيْهِ وَالْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ بِاسْتِيعَاب اَلْيَوْمِ أَوْ اَللَّيْلَةِ ، فَلَمْ يَبْقَ فِي اَلْحُكْمِ اَلشَّرْعِيِّ إِجْمَال وَاَللَّه أَعْلَمُ . فَإِنْ قِيلَ : ظَاهِرُ اَلْحَدِيث حُصُول اَلْإِجَابَةِ لِكُلّ دَاعٍ بِالشَّرْطِ اَلْمُتَقَدِّم مَعَ أَنَّ اَلزَّمَانَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ اَلْبِلَادِ وَالْمُصَلِّي فَيَتَقَدَّمُ بَعْض عَلَى بَعْض ، وَسَاعَة اَلْإِجَابَة مُتَعَلِّقَة بِالْوَقْتِ ، فَكَيْفَ تَتَّفِقُ مَعَ اَلِاخْتِلَافِ ؟ أُجِيبَ بِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ سَاعَة اَلْإِجَابَة مُتَعَلِّقَة بِفِعْلِ كُلّ مُصَلٍّ ، كَمَا قِيلَ نَظِيرُهُ فِي سَاعَة اَلْكَرَاهَة ، وَلَعَلَّ هَذَا فَائِدَة جَعْلِ اَلْوَقْت اَلْمُمْتَدّ مَظِنَّة لَهَا وَإِنْ كَانَتْ هِيَ خَفِيفَة ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَبَّرَ عَنْ اَلْوَقْتِ بِالْفِعْلِ فَيَكُونُ اَلتَّقْدِير وَقْت جَوَاز اَلْخُطْبَة أَوْ اَلصَّلَاة وَنَحْو ذَلِكَ ، وَاَللَّه أَعْلَمُ .
    <.
    روى أحمد :عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ <<1961>>
    قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ و قَالَ بِيَدِهِ قُلْنَا يُقَلِّلُهَا يُزَهِّدُهَا>
    وكذا تغليب الخوف حتى عند النزع.روى ابن ماجه عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ. وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى شَابٍّ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ فَقَالَ كَيْفَ تَجِدُكَ قَالَ أَرْجُو اللَّهَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَخَافُ ذُنُوبِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يَرْجُو وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ> قَوْله ( لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْب عَبْد )
    يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي وُجُود الْأَمْرَيْنِ عَلَى الدَّوَام حَتَّى فِي ذَلِكَ الْوَقْت وَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَغْلِب الرَّجَاء فِي ذَلِكَ الْوَقْت بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنْ الْخَوْف شَيْء
    المغنم السابع :
    انتهاز الفرصة ساعة غفلة الناس لقوله<ص>:<من دخل السوق فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير >كتب له ألف حسنة ومحا له ألف سيئة ورفع له ألف درجة>روه الترمذي وحسنه... إن اقتناص الأوقات في ذكر الله ساعة غفلة الناس واشتغالهم بهموم الدنيا عظيم. والذي بين فضيلة التفرد بالذكر وقت غفلة الناس قوله(ص)فيما أخبرت به عائشة (ض)حيث قال:{اغتنم رسول الله(ص)ليلة بالعشاء وذلك قبل أن يفشو الإسلام فلم يخرج حتى قال عمر:نام النساء والصبيان فخرج فقال لأهل المسجد ما ينتظرها أحد من أهل الأرض غيركم}البخاري
    قال ابن رجب الحنبلي:قوله(ص){ما ينتظرها أحد من الأرض إشارة إلى فضيلة التفرد يذكر الله في وقت من الأوقات لا يوجد فيه ذاكر له اهـ لطائف المعارف له فالموفق هو الذي يحسن استغلال وقت الغفلة فتراه يقتنص أوقات الغفلة في المجالس أو الأسواق أو أماكن اللهو أو أوقات النوم العميق فيذكر الله تعالى لينال فضل السبق والتفرد في عبادة الله
    ومن هنا كان(محمد بن سيرين رحمه الله)من جملة السباقين فقد كان (يدخل السوق نصف النهار فيكبر الله ويسبحه ويذكره ويقول:(إنها ساعة غفلة الناس)اهـ البداية والنهاية فقد كان الناس يظنون أنه غافل بالبيع والشراء وأنه يتاجر في الدنيا لكن كان من كبار تجار الآخرة رحمه الله ما أشد حرصه على الخير
    .والذي يبين شرف الأوقات قوله(ص)في الحديث الصحيح{من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة}قال ابن الجوزي في الكبد فانظر إلى مضيع الساعات كم يفوته من النخيل:
    ولقد كان السلف يحبون كل فضيلة ويبكون على فوات واحدة منها:قال ابن عمر(لقد فرطنا في قراريط كثيرة )لما أخبر بأن من صلى على الجنازة له فيراط ومن مكث معها حتى تدفن له قيراطان وقد كان يصلي وينصرف روى البخاري والترمذيعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
    قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ وَمَنْ تَبِعَهَا حَتَّى يُقْضَى دَفْنُهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ أَحَدُهُمَا أَوْ أَصْغَرُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِابْنِ عُمَرَ
    <<1962>>
    فَأَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ صَدَقَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ وَفِي الْبَاب عَنْ الْبَرَاءِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي سَعِيدٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَابْنِ عُمَرَ وَثَوْبَانَ قَالَ أَبُو عِيسَى حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
    وقال إبراهيم بن أدهم رحمه الله:{دخلنا على عابد مريض وهو ينظر إلى رجليه ويبكي فقلنا مالك تبكي فقال ما اغبرتا في سبيل الله وبكى آخر فقالوا ما يبكيك قال:{على يوم مضى ما صمته وعلى ليلة ذهبت ما قمتها}.وقال رجل لعامر بن قيس:{قف لأكلمك فقال:{أمسك الشمس}
    في المعجم الكبير : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ مَرَّ بِسُوقِ الْمَدِينَةِ، فَوَقَفَ عَلَيْهَا، فَقَالَ:"يَا أَهْلَ السُّوقِ، مَا أَعْجَزَكُمْ !"قَالُوا: وَمَا ذَاكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ:"ذَاكَ مِيرَاثُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقْسَمُ، وَأَنْتُمْ هَاهُنَا لا تَذْهَبُونَ فَتَأَخُذُونَ نَصِيبَكُمْ مِنْهُ !"قَالُوا: وَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ:"فِي الْمَسْجِدِ"فَخَرَجُوا سِرَاعًا إِلَى الْمَسْجِدِ، وَوَقَفَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَهُمْ حَتَّى رَجَعُوا، فَقَالَ لَهُمْ:"مَا لَكُمْ؟"قَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَدْ أَتَيْنَا الْمَسْجِدَ، فَدَخَلْنَا، فَلَمْ نَرَ فِيهِ شَيْئًا يُقْسَمُ، فَقَالَ لَهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ:"أَمَا رَأَيْتُمْ فِي الْمَسْجِدِ أَحَدًا؟"قَالُوا: بَلَى، رَأَيْنَا قَوْمًا يُصَلُّونَ، وَقَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، وَقَوْمًا يَتَذَاكَرُونَ الْحَلالَ وَالْحَرَامَ، فَقَالَ لَهُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ:"وَيْحَكُمْ، فَذَاكَ مِيرَاثُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن الرُّومِيِّ إِلا عَلِيُّ بن مَسْعَدَةَ>
    إن الأنبياء لم يخلفوا دينارا ولا درهما وإنما خلفوا العلم فالمحروم من ضيع أوقاته كلها في مشاغل الحياة ولم يشغلها في الخير فالنفس إن لم يشغلها صاحبها بالخير شغلته بالشر
    المغنم الثامن
    الحظوة بقصور شاهقة في الجنة واكتساب آلاف الحسنات وذالك لايتأتى إلا بقراءة سورة الإخلاص وأكثر من الاستغفار للمومنين والمومنات
    قال صلى الله عليه وسلم <من قرأ قل هو الله أحد حتى يختمها عشر مرات بنى الله له قصرا في الجنة>رواه أحمد قال الألباني رحمه الله وبلغ رتبة الحسن على أقل الدرجات
    قال <ص>:<من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة>رواه الهيثمي بإسناد جيد كما في صحيح الجامع للألباني
    ولقوله<ص>:<من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة>الترميذي وصححه الألباني
    لقوله<ص>:<أيعجز أحدكم أن يكسب في كل يوم ألف حسنة فسأله سائل من جلسائه كيف يكسب أحدنا ألف حسنة قال:يسبح مائة تسبيحة فيكتب له ألف حسنة أو يحط عنه ألف خطيئة >رواه مسلم وفي الحديث <سورة الإخلاص تعدل ثلث القراءة >والحديث رواه مسلم........وروى الترمذي : عَنْ جَابِرٍ
    عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ غُرِسَتْ لَهُ نَخْلَةٌ فِي الْجَنَّةِ>قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ.
    المغنم التاسع :خيرية المرء تكون <<1963>>
    بتعلم القرآن أو تعليمه لما في صحيح مسلم عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ
    خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِي الصُّفَّةِ فَقَالَ أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى بُطْحَانَ أَوْ إِلَى الْعَقِيقِ فَيَأْتِيَ مِنْهُ بِنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ فِي غَيْرِ إِثْمٍ وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ نُحِبُّ ذَلِكَ قَالَ أَفَلَا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَعْلَمُ أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ وَثَلَاثٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَرْبَعٍ وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنْ الْإِبِلِ>رواه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب فضل قراءة القرآن في الصلاة وتعلمه الجزء الأول..
    قوله" بُطْحَان )هُوَ بِضَمِّ الْبَاء وَإِسْكَان الطَّاء ، مَوْضِع بِقُرْبِ الْمَدِينَة . وَالْكَوْمَا مِنْ الْإِبِل - بِفَتْحِ الْكَاف - الْعَظِيمَة السَّنَام .
    ***روى البخاري :عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ قَالَ وَأَقْرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي إِمْرَةِ عُثْمَانَ حَتَّى كَانَ الْحَجَّاجُ قَالَ وَذَاكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي مَقْعَدِي هَذَا>
    في الفتح:
    قَوْله : ( قَالَ وَأَقْرَأَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن فِي إِمْرَة عُثْمَان حَتَّى كَانَ الْحَجَّاج )أَيْ حَتَّى وَلِيَ الْحَجَّاج عَلَى الْعِرَاق قُلْت : بَيْنَ أَوَّل خِلَافَة عُثْمَان وَآخِر وِلَايَة الْحَجَّاج اِثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ سَنَة إِلَّا ثَلَاثَة أَشْهُر وَبَيْن آخِر خِلَافَة عُثْمَان وَأَوَّل وِلَايَة الْحَجَّاج الْعِرَاق ثَمَانٍ وَثَلَاثُونَ سَنَة ، وَلَمْ أَقِف عَلَى تَعْيِين اِبْتِدَاء إِقْرَاء أَبِي عَبْد الرَّحْمَن وَآخِره فَاللَّه أَعْلَم بِمِقْدَارِ ذَلِكَ ، وَيُعْرَف مِنْ الَّذِي ذَكَرْته أَقْصَى الْمُدَّة وَأَدْنَاهَا ، وَالْقَائِل " وَأَقْرَأ إِلَخْ " هُوَ سَعْد بْن عُبَيْدَة فَإِنَّنِي لَمْ أَرَ هَذِهِ الزِّيَادَة إِلَّا مِنْ رِوَايَة شُعْبَة عَنْ عَلْقَمَة ، وَقَائِل " وَذَاكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي مَقْعَدِي هَذَا " هُوَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن ، وَحَكَى الْكَرْمَانِيُّ أَنَّهُ وَقَعَ فِي بَعْض نُسَخِ الْبُخَارِيّ " قَالَ سَعْد بْن عُبَيْدَة وَأَقْرَأَنِي أَبُو عَبْد الرَّحْمَن " قَالَ وَهِيَ أَنْسَب لِقَوْلِهِ " وَذَاكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي إِلَخْ " أَيْ أَنَّ إِقْرَاءَهُ إِيَّايَ هُوَ الَّذِي حَمَلَنِي عَلَى أَنْ قَعَدْت هَذَا الْمَقْعَد الْجَلِيل ا ه . وَالَّذِي فِي مُعْظَم النُّسَخ " وَأَقْرَأ " بِحَذْفِ الْمَفْعُول وَهُوَ الصَّوَاب ، وَكَأَنَّ الْكَرْمَانِيّ ظَنَّ أَنَّ قَائِل " وَذَاكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي " هُوَ سَعْد بْن عُبَيْدَة ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ قَائِله أَبُو عَبْد الرَّحْمَن ، وَلَوْ كَانَ كَمَا ظَنَّ لَلَزِمَ أَنْ تَكُون الْمُدَّة الطَّوِيلَة سِيقَتْ لِبَيَانِ زَمَان إِقْرَاء أَبِي عَبْد الرَّحْمَن لِسَعْدِ بْن عُبَيْدَة ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إِنَّمَا سِيقَتْ لِبَيَانِ طُول مُدَّته لِإِقْرَاءِ النَّاس الْقُرْآن ، وَأَيْضًا فَكَانَ يَلْزَم أَنْ يَكُون سَعْد بْن عُبَيْدَة قَرَأَ عَلَى أَبِي عَبْد الرَّحْمَن مِنْ زَمَن عُثْمَان ، وَسَعْد لَمْ يُدْرِك زَمَان عُثْمَان ، فَإِنَّ أَكْبَرَ شَيْخ لَهُ الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة وَقَدْ عَاشَ بَعْد عُثْمَان خَمْس عَشْرَة سَنَة ، وَكَانَ يَلْزَم أَيْضًا أَنْ تَكُون الْإِشَارَة بِقَوْلِهِ " وَذَلِكَ " إِلَى صَنِيع أَبِي عَبْد الرَّحْمَن ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْإِشَارَة بِقَوْلِهِ ذَلِكَ إِلَى الْحَدِيث الْمَرْفُوع ، أَيْ أَنَّ الْحَدِيث الَّذِي حَدَّثَ بِهِ عُثْمَان فِي أَفْضَلِيَّة مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآن وَعَلَّمَهُ حَمَلَ أَبَا عَبْد الرَّحْمَن أَنْ قَعَدَ يُعَلِّم النَّاس الْقُرْآن لِتَحْصِيلِ تِلْكَ الْفَضِيلَة ، وَقَدْ وَقَعَ الَّذِي حَمَلْنَا كَلَامه عَلَيْهِ صَرِيحًا فِي رِوَايَة أَحْمَد عَنْ مُحَمَّد بْن جَعْفَر وَحَجَّاج بْن مُحَمَّد جَمِيعًا عَنْ شُعْبَة عَنْ عَلْقَمَة بْن مَرْثَد عَنْ سَعْد بْن عُبَيْدَة قَالَ " قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن فَذَاكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي هَذَا الْمَقْعَد " وَكَذَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ مِنْ رِوَايَة أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ شُعْبَة وَقَالَ فِيهِ " مَقْعَدِي هَذَا " ، قَالَ وَعَلَّمَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن الْقُرْآن فِي
    <<1964>>
    زَمَن عُثْمَان حَتَّى بَلَغَ الْحَجَّاج ، وَعِنْد أَبِي عَوَانَة مِنْ طَرِيق بِشْر بْن أَبِي عَمْرو وَأَبِي غِيَاث وَأَبِي الْوَلِيد ثَلَاثَتهمْ عَنْ شُعْبَة بِلَفْظِ " قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن : فَذَاكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي مَقْعَدِي هَذَا ، وَكَانَ يُعَلِّم الْقُرْآن " وَالْإِشَارَة بِذَلِكَ إِلَى الْحَدِيث كَمَا قَرَّرْته ، وَإِسْنَاده إِلَيْهِ إِسْنَاد مَجَازِيّ ، وَيَحْتَمِل أَنْ تَكُون الْإِشَارَة بِهِ إِلَى عُثْمَان وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي عَوَانَة أَيْضًا عَنْ يُوسُف بْن مُسْلِم عَنْ حَجَّاج بْن مُحَمَّد بِلَفْظِ " قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَن : وَهُوَ الَّذِي أَجْلَسَنِي هَذَا الْمَجْلِس " وَهُوَ مُحْتَمِل أَيْضًا .
    **المغنم العاشر
    دخول الجنة بلا حساب لمن اتفق له الإتيان بخصال عدة في يوم واحد .روى مسلم : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
    قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ صَائِمًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَا قَالَ فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ جَنَازَةً قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَا قَالَ فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مِسْكِينًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَا قَالَ فَمَنْ عَادَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مَرِيضًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ> قال النووي : قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا اِجْتَمَعْنَ فِي اِمْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّة )
    قَالَ الْقَاضِي : مَعْنَاهُ دَخَلَ الْجَنَّة بِلَا مُحَاسَبَةٍ وَلَا مُجَازَاة عَلَى قَبِيح الْأَعْمَال ، وَإِلَّا فَمُجَرَّد الْإِيمَان يَقْتَضِي دُخُول الْجَنَّة بِفَضْلِ اللَّه تَعَالَى .
    .جعلنا الله من أهل الخير والأمن والسلام .دبجه بيرعه حميد أمين كان الله وليه .

    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق

    لست ربوت

    Back to top button