من الذاكرة العلمية الحية لابن جرير: الدكتور أحمد كوال. بقلم عبد الكريم التابي

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية من الذاكرة العلمية الحية لابن جرير: الدكتور أحمد كوال. بقلم عبد الكريم التابي

من الذاكرة العلمية الحية لابن جرير: الدكتور أحمد كوال. بقلم عبد الكريم التابي

 

 

لا قيمة للعلم إذا بقي حبيس جمجمة صاحبه، ولا قيمة للعالم إذا كان يمشي ورأسه يتدلى وراء ظهره من فرط الاستعلاء. ولا قيمة للمثقف إذا كانت ثقافته مجرد وسيلة لتحصيل شدق خبز. ولا قيمة للمثقف أو من يزعم أنه كذلك، إذا كان معزولا عما يجري في بلده وبلدته. ولا قيمة للمثقف أو من يدعي أنه كذلك، إذا اختار أن يكون قفا للسلطة والسلطان، ولا قيمة لمن يرضى لنفسه أن يكون في طابور الصامتين المحايدين. ولا قيمة ولا خير في مثقف أو ممن يشبه له، حتى إذا تجاوز قنطرة وادي أم الربيع، أقفل الهاتف وشغل العلبة الصوتية في وجه البلدة التي تكون لحمه وعظامه من ترابها وبؤسها، أو استبدل الرقم بآخر حتى ينسى أنه لبس يوما "جلابة" من صوف الغنم، وانتعل نعلا من البلاستيك في قر الشتاء وحر الصيف، وشرب مقرفصا من "حسوة" مي هنية عيسى، أو ضمد جرحه بالتراب في الأزقة والدروب.
وإذا كان جانب من النموذج الإيجابي الذي يمثله بعض قليل من نخبة ابن جرير، كما سردنا في الحالات السابقة مع الدكتور عمر الإيبوركي والدكتور محمد بن عمر الناجي والأستاذ محمد الحمزاوي والأستاذ محمد حميدشات والأستاذ لمجيد تومرت، الذين لازالوا يعتبرون أن الحصول على شهادة عليا أو إصدار مطبوع، أوالمشاركة في ندوة مع أسماء مرموقة، أو إكراه البعد الجغرافي، لا يمكن أن تكون عوامل في قطع الحبل السري مع البلدة وناسها.
والسي أحمد كوال، هو الآخر واحد ليس فقط ممن يضع نفسه رهن إشارة من يطلبه للحضور والمساهمة في التظاهرات الثقافية وغيرها، ولكنني أرى ارتباطه الوجداني والفكري فيما ينشر ويعلق على كثير من منشورات الأصدقاء التي تعنى بالانشغالات الثقافية بمعناها الواسع. كما أن شجون البلدة وماضيها ونوستالجياها، تجدها حاضرة بقوة بالتفاصيل الدقيقة في كثير من محاوراته الفايسبوكية التي يميل لسان السي أحمد كوال إلى التعبير عنها بتلك الفرنسية التي تجد جذورها الابتدائية في "الكوليج" وبالتحديد المشخصن جدا عند الأستاذ الهامص (هكذا إن صح تقديري، رغم أنني لم أجاوره في القسم ولكنني خمنت ذلك من تعاليقه).
كغيره من أبناء جيله، درس السي أحمد في الكوليج في النصف الأول من سبعينيات القرن المنقضي، عند نفس الأساتذة الذين أتيت على ذكرهم في المنشورات السابقة. ورغم أنني لم أفاتحه في هذا الجانب، فإنني أعتقد أن أستاذين كان لهما كثير من الأثر في تلك المرحلة وهما الأستاذ المقتدر السي عبد الهادي حميتو (اللغة العربية) والأستاذ السي الهامص (اللغة الفرنسية).
في ثانوية يوسف بن تاشفين، سيجد السي كوال والفوج الذي صاحبه والذي سيليه ومنه (عبد العالي بلقايد ولمجيد تومرت وآخرون)، أساتذة شوامخ كبارا بالمعنى الدقيق للشموخ والكبر مثل المرحوم السي الموساوي والسي الحليلي والسي وفدي وغيرهم.
بعد الباكالوريا، سيلتحق السي أحمد بجامعة محمد الخامس بالرباط حيث سينال من كليتها للآداب والعلوم الإنسانية، شهادة الإجازة في علم الاجتماع سنة 1981، ثم دبلوم الدراسات العليا سنة 1998، ثم الدكتوراه في الفلسفة سنة 2011.
عمل السي كوال أستاذا للغة العربية بمدينة خريبكة، ثم درس مادة الفلسفة بمدينة برشيد إلى حدود سنة 2002، حيث اشتغل بالإدارة بالثانوية التأهيلية ببرشيد.
في الجانب الجمعوي الثقافي، شغل السي كوال مهمة رئيس نادي التواصل السينمائي. كما شارك في عدة مهرجانات سينمائية كمهرجان الفيلم الدولي بمراكش، ومهرجان السينما الإفريقية بخريبكة.
وارتباطا بمجال اهتمامه الفكري، شارك في اليوم العالمي للفلسفة بفاس، وفي الندوة الدولية بتونس حول فكر الطاهر بنعاشور.
ولعل بعضا من ثمار جهد وبحث السي أحمد كوال، هو الكتاب الذي أصدر طبعته الأولى عن افريقيا الشرق تحت عنوان "التحضر والتحديث والحداثة".

ولأن الشيء بالشيء يذكر، وعلاقة بالاستهلال، فقد تكون الخطبة الشهيرة للشيخ الطاهر بن عاشور (لا خير في صلاتكم ونساؤكم عرايا، ثم قال: أقم الصلاة يا إمام) الذي حضر السي كوال الندوة الفكرية الخاصة به بتونس، مثالا ينطبق في الشكل والمعنى (وليس في المضمون)على لامبالاة وشرود كثير من نخبتنا الخارجة عن التغطية.



التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button