في بداية عمره أحب فتاة يهودية، وتغنى بحبه لها في أشعاره، وأثار ذلك جدلًا واسعًا، خاصة بعدما أطلق قصائد مرتبطة بها مثل قصيدة ريتا والبندقية، وقصيدة شتاء ريتا الطويل
سأله الكثير من الصحفيين عن هذا الحب، إلا أنه أنكره في بادئ الأمر، وادعى بأنَّ ريتا شخصية رمزية في قصائده، حتى أعلن أخيرًا عن وجود ريتا في الحقيقة، وأنها كانت فتاة يهودية إسرائيلية، تمكَّن حبها من قلبه، لكن الحرب قد فرقتهما، عندما انضمت ريتا لسلاح البحرية الإسرائيلي، طلب منها محمود درويش البقاء، إلا أنها لم تستجب له، ولأن درويش أحب وطنه أكثر من أي شخص آخر، فقد تخلى عن حبيبته في سبيله، وفي قصيدة ريتا والبندقية يقول درويش:
وأنا أذكر ريتا، مثلما يذكر عصفور غديره، آه ريتا، بيننا مليون عصفور وصورة، ومواعيد كثيرة، أطلقت نارًا عليها بندقية.
ظهرت ريتا لأول مرة في الفيلم الوثائقي “سجل أنا عربي”، الذي تحدث عن حياة محمود درويش عن قرب، واسمها الحقيقي تامارا وأوضحت أنها التقت بدرويش أول مرة، في السادسة عشرة من عمرها، بعد انتهائها من الرقص في حفل للحزب الشيوعي الإسرائيلي، ولكنهما انفصلا عندما قررت هي الانضمام إلى سلاح البحرية الإسرائيلي، فصعب عليهما الأمر، واختار كل منهما وطنه على حبيبه، وانفصلا جسديًا حرفيًا.
تزوج محمود درويش مرتين، الأولى من رنا قباني والثانية من حياة الحيني، لكنه لم يستطع الاحتفاظ بزواجه كثيرًا، حتى قرر عدم الزواج بعد طلاقه الثاني. تعرض قلب شاعرنا للإحباط وخيبات الأمل، واتخذ العزلة صاحبةً له، فأبدع وأنتج أشعاره الرائعة، والتي تعد من أفضل الأشعار في العصر الحديث، وعن حزنه على حظه السيئ في الحب، أنشد كاتبنا في قصيدته “أنا العاشق سيئ الحظ”:
أنا العاشق سيئ الحظ.. نرجسة لي وأخرى علي.
أمر على ساحل الحب.. ألقي السلامْ سريعًا.
وأكتب فوق جناح الحمام.. رسائل مني إلي.
كم امرأة مزقتني.. كما مزق الطفل غيمة.
فلم أتألم، ولم أتعلم.. ولم أحم نجمه من الغيم خلف السياج القصي.
كان درويش شاعرًا مرهف الحس، رقيق المشاعر، تأثر برومانسية الشاعر الكبير نزار قباني، وأُعجب به قباني عند تطرقه إلى هذا اللون من الشعر، وقال عنه: “أفتش عن وجوه الحداثة الشعرية العربية، فلا أجد سوى وجه محمود درويش”
وعندما سألته الإعلامية نشوة الرويني في لقاءٍ تليفزيوني عن تعليقه على رأي نزار قباني، رد درويش بكل تواضع -كما هي عادته- قائلًا:
إنَّ هذا كرم وسخاء عاطفي وثقافي من نزار قباني، ولكن عندما أنظر في المرآة إلى وجهي، أرى وجوهًا كثيرة في الحداثة الشعرية.
لست ربوت