
مع خالص المودة والتقدير لأستاذي زمن السبعينيات السي محمد العبادي.
الفتق والرتق عند الأستاذ لعبادي:
لا يمكن للمرء إلا أن يسجل نقطة حسنة لفائدة الأستاذ لعبادي ، على الرغم من أنه يعتبر الناس نياما، وهو صاح ، كسالى، وهو مجد ، مدبرين، وهو مقبل ، مخطئين وهو صائب ، سذجا، وهو لبيب .

ــ أولا : في توصيف المقالة المسماة : ‘’ ضاع الجوهر بين ‘’ إذن ‘’ والإمام الشقيري ‘’.
تمتح مقالة الأستاذ لعبادي من مورد شعبوي ، يخاطب أمزجة الجمهور ، ويهيج انفعالاته ، ولا يقول له من الكلام والحقائق إلا ما يجده مستساغا، سهل الابتلاع والهضم ، على طريقة رشيد نيني، في شيطنة الحكومة وأعضائها، والأحزاب والمنتسبين إليها ، بتحميلها أوزار كل مصائب المغرب، وكوارثه الطبيعية والبشرية ،محترسا بنية عامدة، من الاقتراب مما هو جوهري، ويشكل عصب معوقات التطور الديمقراطي بالمغرب .

ــ ثانيا : في جوهر جوهر النقاش :
بصرف النظر عما أضفاه الأستاذ لعبادي، من حيوية في تحريك هذه البركة الراكدة ، فإنني مع مسبق الاحترام، أعتبر ما كتبه، لا مسؤولية فيه، وذلك اعتبارا لما يلي :
في ختام مقالته الأولى المعنونة ب ‘’بلغ السيل الزبى …’’ كتب الأستاذ لعبادي بالحرف : ‘’وفي النهاية ، ولكي لا يقع علينا أي لوم ممن كان ، نحمل المسؤولية ، كل المسؤولية ل :فؤاد عالي الهمة ‘’.وبعد اطلاعه على تعاليق القراء ، واتصاله بالسيد عبدالرحمن البصري الذين وافقوه الرأي في كل ما كتب، باستثناء تحميل السيد الهمة كل المسؤولية ، غير الأستاذ لعبادي مقبض شراعه مائة وثمانين درجة ويزيد ، وأداره بمزاجية تبعث على الشفقة والاستغراب، صوب جهات أخرى منها سلطة الوصاية، ومنسقية حزب البام وبقايا انتهازيي أنفاس، والفاعلين الحقوقيين والسياسيين الآخرين .
وفي تقديري الشخصي ، فإن تنصلا من هكذا مسؤولية، وبهكذا سهولة، وبهكذا سرعة، لا يمكن إلا أن يفسر إلا بكون الرجل لا خلفية سياسية تؤطر بناء مواقفه وتقديراته ، بقدر ما تتغلغل الخلفية الشخصية الخالصة، في ما يمكن أن نعتبره صراعا ـ مع شديد التحفظ ـ حيث جاءت المقالة الثانية ‘’على من تقع المسؤولية ‘’ لتبرئ ذمة السيد الهمة جزئيا ، ، ليعود في مقالته الأخيرة مدافعا شرسا عن السيد الهمة ، ويعتبر غيابه المزمن مسألة تنظيمية ، ويذكر بتدخلاته الاستعجالية التي أبطلت مفعول القرارات الخاطئة لجماعة النواب المغضوب عليهم إلى يوم الدين، وبيس المصير .ولم ينس عامل الاقليم الذي سبق هو الآخر أن اعتبره مسؤولا كجهاز وصي .
وحتى يستقيم الأستاذ لعبادي على رأي واحد ، وتثبت قدماه في ضفة بعينها ، ويوجه بنانه في اتجاه معلوم ، أقول له بشكل مستقيم لا عوج فيه ولا التواء أن النقاش الجوهري ليس كيف تكتب إذن ، ولا هو نواب الرئيس وما يفعلون وما لا يفعلون ، ولا هو مجزرة السوق ولا حاويات الماء ولا الصفقات النظيفة ولا أختها السوداء .إن جوهر النقاش هو أن بلدية ابن جرير تعرف حالات غريبة من الشذوذ القانوني، الذي يشكل ضربا قاصما لأهم أسس الحكامة الرشيدة، التي أوردها في مقالته : المسؤولية والشفافية والمساءلة .
ـــ المســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــؤولية :
السيد عالي الهمة الرئيس الحالي للمجلس، والسيد العيادي الرئيس السابق، لا يحضران دورات المجلس .والناس انتخبوهما وصوتوا عليهما وفضلوهما على العالمين ليكونا مسؤولين، يحضران كبقية الخلق، ويحترمان المقتضيات القانونية ، ويعطيان المثل في تقدير صوت الناخب إن كانا يعتبران أنها أصوات حقا .
السيد عالي الهمة لا يلج مقر البلدية ولم يجتمع قط بأعضاء مجلسه لا بشكل رسمي ولا في إطار الود والمجاملة . وحينما تحدث الأستاذ لعبادي عن هذا الأمروتداوله معه كثير من الناس ، اعتبروه عقابا لاؤلئك الأعضاء، وعدم اكثرات منه، وعدم تقدير واطمئنان .وهذا إن صح يعتبر سلوكا غير لائق .لأن معالجة هكذا اختلالات، تتم بمواجهة أصحابها سواء في إطار المجلس ، بسحب التفويض من الذين ليسوا أهلا له، أو في إطار الحزب باتخاذ الإجراءات الزجرية في حق من يتبث انحرافه.أليس وجود الحزب إلا من أجل تأطير مناضليه، وتكوينهم، وتوجيههم، وتأهيلهم لممارسة الِشأن العام؟؟؟ وقطع دابر كل من يسعى لتلويث تجربة جماعية، يتم تسويقها على أنها النموذج والموديل، ما دام يوجد على رأسها السيد عالي الهمة ؟؟؟
ــ الشفـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــافية :
هل يستطيع الأستاذ لعبادي، أن يعرف مبررات غياب السيد الهمة كما تسجلها كتابة المجلس ؟ وماذا ستسجل كتابة المجلس غير غائب بعذر . وإذا كان الأمر كذلك فهل يستطيع الأستاذ لعبادي أن يطلع على وجود أو عدم وجود الرسائل التي ينبغي أن يوافي بها العضو المتغيب المجلس، كلما عاقه عائق ، كما تنص على ذلك المادة 51 من النظام الداخلي للمجلس والتي تقول : يتعين على الاعضاء الذين تعذر عليهم حضور اجتماعات المجلس أن يبعثوا برسالة إلى الرئيس يعرضون فيها سبب عدم حضورهم وإلا فسيعتبر غيابهم بدون عذر .
ــ المســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاءلة :
ربما لا يدرك الأستاذ لعبادي حجم الالتباس والارتباك الحاصلين في بلدية ابن جرير. ومن الأمور التي تحتاج إلى نقاش حقيقي ومسؤول وشجاع ما يلي :
أيصح أن نعتبر دورات المجلس المنعقدة سابقا، شرعية ؟وصحيحة من الناحية القانونية؟ ؟؟؟فإذا كانت المادة 46 من الميثاق الجماعي، تختص رئيس المجلس برئاسة الدورات ، حيث تقول :’’ يتولى الرئيس رئاسة جلسات المجلس باستثناء الجلسة المخصصة للحساب الاداري …….’’ فهل يتوفر نائبه الأول على قرار يفوض له هذا الاختصاص ؟؟؟ سيقول البعض أن نائب الرئيس يقوم مقامه في غيابه أي نعم ، ولكن في سياق آخر ، تورده المادة 56 من الميثاق الجماعي كما يلي : ‘’إذا تغيب الرئيس أو عاقه عائق لمدة طويلة من شأنها أن تلحق ضررا بسير الجماعة أو مصالحها ، خلفه مؤقتا في جميع مهامه أحد النواب حسب الترتيب ….’’
وفي مستوى آخر أكثر خطورة وأشد تعقيدا ، هل يصح أن نعتبر أن الحساب الإداري للسنة المالية المنصرمة يمتلك الشرعية القانونية لإجازته في غياب رئيس المجلس ؟؟؟ قد يحتج البعض على ذلك بكونالنائب الأول مفوضا إليه بالأمر بالصرف . ومن هذا الموقع سيتصرف تصرف الرئيس الفعلي .أي بعد أن يجيب عن تساؤلات الأعضاء واستفساراتهم ، ينتخب المجلس من بين أعضائه من يرأس الجلسة ، ، ثم ينسحب تطبيقا لمقتضيات المادة 46 التي تقول :’’ يتولى الرئيس رئاسة جلسات المجلس باستثناء الجلسة المخصصة لدراسة الحساب الاداري، والتصويت عليه .وفي هذه الحالة يحضر الجلسة وينسحب وقت التصويت. وينتخب المجلس دون مناقشة بأغلبية الحاضرين لرئاسة هذه الجلسة رئيسا يختار خارج أعضاء المكتب .عندما يقوم المجلس بالدراسة والتصويت على الحساب الاداري المتعلق بالتدبير المالي لرئيس انقطع عن مزاولة مهامه ، فإن مقتضيات الفقرة السابقة تطبق على الآمر بالصرف وأعضاء المكتب المنتهية مهامهم ‘’ إلا أن ما حدث في تلك الدورة، أن السيد النائب الأول المفوض له بالامر بالصرف، أجاب عن استفسارات زملائه الأعضاء، وانتخب المجلس رئيسا ، ولم ينسحب السيد التهامي محيب ، بل الأخطر من ذلك أنه أدلى بصوته كبقية الأعضاء !!!!!!فمن سيحاسب من ؟؟؟؟؟؟ وعندما التبس علي هذا الأمر ، استفسرت بعض الأعضاء، فقالوا لي أنهم سألوا العمالة ، وأفتت لهم بجواز هذه التخريجة !!!!
فكيف قبلت سلطات الوصاية إقليميا ومركزيا بإجازة هذه الفتوى ؟؟؟ وهل أصبحت قاعدة : لا اجتهاد مع وجود النص خارج النص ؟؟؟وهل سيعيد المجلس الكرة مرة أخرى، خلال دورة فبراير المقبلة ؟؟؟فإن أعادها بنفس الكيفيات ، فمعناها أن الميثاق الجماعي المسكين لا تشمل سلطاته بلدية ابن جرير ، وإن تم استدراك الأمر فينبغي القول ببطلان المقرر المتعلق بالحساب الاداري السابق.
وفي الختام ، كان حريا بالأستاذ لعبادي ــ وبدل أن يجهد نفسه في البحث في لسان العرب، عن الفرق بين‘’ إذا ‘’ و’’ إذن ‘’ أن يخصص لنفسه بعض الوقت للاطلاع على القوانين المنظمة للعمل الجماعي ، ولا بأس من أن يعرج على قراءة كتاب ‘’ الأمير ‘’ لمكيافيلي .
وحتى ننهي بأسباب نزول تلك ال ‘’إذن ‘’ اللعينة ، وذلك التعس الحظ الشقيري احتراما لقاعدة الهرم المقلوب في الصحافة ، فسأذكرالأستاذ لعبادي أن نزوعي اللغوي مال جهة ‘’إذن ‘’ لأن النحويين أنفسهم لم يستقروا على رأي و اختلفوا حول كتابتها بالالف أو بالنون .وأنا سايرت المبرد الملعون حيث قال :‘’أشتهي أن أكوي يد من يكتب ‘’إذن ‘’بالألف لأنها حرف والحروف لا يدخلها التنوين ، وهذه حجة قوية ، لأنها حرف جواب وجزاء.
أما عن الشقيري ، فلا أنكر أن ذاكرتي لا تحتفظ إلا ب أحمد الشقيري مؤسس منظمة التحرير الفلسطينية ورئيس لجنتها التنفيذية .ورغم ذلك فقد استدركت الخطأ بعد بعثي بالمقالة إلى المشرف عن الموقع وطلبت منه عبر ثلاث رسائل يوم 13 يناير أن يعمل على تصويب الخطأ أولا وعلى تأكيد التصويب ثانيا ، وثالثا قلت له الإمام القشيري وليس الشقيري، إلا أنه لتعاستي، لم يفعل سهوا .ويمكنه أن يؤكد للأستاذ لعبادي إن كان في شك من ذلك.
لم أشأ وأتواضع بالنقاش لأقول للأستاذ بأن إذن وإذا، حصل بشأنهما خلاف بين أهل الاختصاص الأوائل ، لكن اسم الموصول بصيغة المثنى المذكر أي “اللذين” تكتب بلامين وليس لاما واحدة، كما ورد في مقالة الأستاذ في مناسبتين، لم يحصل بشأنها أي خلاف ، وأن العربية لا تحتمل فعل أعاب الذي كرره الأستاذ في ثلاث مناسبات ، لأن الصواب هو عاب من العيب وعائب ومعيب بفتح بالميم ، ولا أعتقد أنه يوجد مصدر يقال له إيعاب على وزن إفعال إذا كان الفعل أعاب .
وللأستاذ العزيز لعبادي واسع النظر
مع التقدير ووافر الاحترام
وللنقاش مزيد من البقايا
لست ربوت