من ذاكرة مناضل يساري اعتقل من حرم الثانوية الجديدة بابن جرير: عبد العزيز المعيفي: على جناح جائحة الأمس من أجل بلسم لجراحات الأيام الفائتة والآتية. بقلم عبد الكريم التابي

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية من ذاكرة مناضل يساري اعتقل من حرم الثانوية الجديدة بابن جرير: عبد العزيز المعيفي: على جناح جائحة الأمس من أجل بلسم لجراحات الأيام الفائتة والآتية. بقلم عبد الكريم التابي

من ذاكرة مناضل يساري اعتقل من حرم الثانوية الجديدة بابن جرير: عبد العزيز المعيفي: على جناح جائحة الأمس من أجل بلسم لجراحات الأيام الفائتة والآتية. بقلم عبد الكريم التابي

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏‏لقطة قريبة‏‏‏
عرفت سنة 1984 أحداثا تكاد تكون شبيهة بالانتفاضات التي شهدها المغرب في مارس 65 وفي يونيو 1981 بالدار البيضاء تحديدا. وقد شملت تلك الأحداث عدة مدن كالجسيمة والناضور وتطوان والقصر الكبير ومراكش، ابتدأت بمظاهرات احتجاجية للتلاميذ قبل أن تدخل شرائح اجتماعية أخرى على الخط، لتتحول تلك المدن إلى بؤر للتوتر استدعت تدخل القوات العمومية بعنف باستعمال الرصاص الحي حيث سقط عدد من القتلى والجرحى في مختلف تلك المدن، ما دفع الملك الحسن الثاني إلى إلقاء خطاب أكثر عنفا وبلغة فيها كثير من القدح والتهديد، وتوجه إلى سكان الشمال الذين سماهم بالأوباش، واستطرد قائلا: ( سكان الشمال يعرفون جيدا ولي العهد، وليس في مصلحتهم أن يعرفوا الحسن الثاني).
لم تكن الحصيلة قتلى وجرحى فقط، بل زج بكثير من الشباب اليساري المختلف في السجن، ومنهم حتى من كان ينتمي لجزء من حركة يسارية كانت تعمل في السرية قبل أن تتحول إلى الشرعية بحزب اسمه منظمة العمل الديمقراطي الشعبي وكان من ضمن معتقليها رفيقتنا المناضلة ثريا التناني بنت الفقيه بنصالح وآخرين.
في تلك الأجواء الملتهبة، كان شاب يساري مشبع بقيم اليسار منذ انخراطه في أحد فصائله سنة 1979، قد التحق لتوه بالثانوية الجديدة (صالح السرغيتي حاليا) كأستاذ للغة العربية في إطار الخدمة المدنية، هو الرفيق عبد العزيز المعيفي ، الذي اعتقل ذات يوم غير سعيد من سنة 1984 من داخل الثانوية ليتم اقتياده إلى "فيلا" تابعة لمديرية مراقبة التراب الوطني ( DST) بمراكش والتي سيقضي بها أسبوعا، قبل أن يتم نقله إلى المعتقل السري الرهيب درب مولاي الشريف الذي قضى فيه أكثر من شهر ونصف من الاستنطاق تحت التعذيب ، ليعرض على المحكمة صحبة رفاق آخرين، ويكون نصيبه عشر سنوات نافذة بتهمة التآمر على قلب النظام، قضى منها ثمانية في سجون مختلفة، من سجن آسفي وسجن لعلو والسجن المركزي بالقنيطرة ثم السجن المدني (بولمهارز) بمراكش الذي أمضى فيه آخر فترة اعتقاله قبل الإفراج عنه وعن بعض رفاقه الآخرين بعفو سنة 1991. ولأنه كانت تربطه برفاقه القابعين في السجن الذين لم يفرج عنهم، علاقة حميمية من الرفقة والألفة والوئام، فقد كان كعاشق يرابض ليلا تحت أسوار السجن، عله يشعر نفسه أنه يتقاسم معهم ما عاشه هناك لمدة طويلة، ونهارا يقوم بزيارتهم بشكل متكرر ودائم. وقد استمرت حالة "الحمق" هاته عدة أسابيع.
بعد الحرية "الموقوفة التنفيذ" سيجد عبد العزيز أو عزيز كما نناديه اختصارا، نفسه بلا شغل وبلا مصدر عيش مدة أربع سنوات عانى فيها كثيرا كما يعاني كل من يقطع عليه رزقه على حين غرة وبلا سابق إنذار، إلى سنة 1995 حيث أعيد إلى عمله، واستأنف حياته من جديد.
سياسيا التحق عزيز المعيفي بمنظمة العمل الديمقراطي الشعبي وهو داخل السجن سنة 1985 بمعية السي محمد اليونسي (ولد السي حماد المشهور بمنطقة ولاد ايملول والتي كان رئيسا لجماعتها القروية باسم "البام" والذي سنأتي على ذكره في منشور لاحق) ، وحدث ذلك بعد تقكير عميق واطلاع دقيق على وثائق المنظمة التي استمر يناضل من داخل صفوفها كعضو باللجنة المركزية خلال المؤتمر الثالث، إلى حدود 1996 ، حيث كان ممن انحازوا إلى الدفاع عن المنظمة ووجودها وإعلامها في وجه الجماعة التي ستنشق لاحقا وتؤسس حزبا بإيعاز من المخزن سمي ب ( PSD) . بعدها ولأسياب خاصة، اختار أن يجمد عضويته ويخلد إلى التأمل إلى أن تمت الوحدة الاندماجية الأولى سنة 2002، حيث ساهم في تأسيس الحزب المندمج الذي سمي باليسار الاشتراكي الموحد من باب ما كان يسمى ب"الفعاليات اليسارية المستقلة" التي ضمت مجموعة من نشطاء اليسار الجديد القدامى والذين سيلتحق جزء منهم لاحقا بالحزب الذي صنعته الدولة "البام". ومنهم صلاح الوديع وأحمد حرزني وعبد القادر الشاوي وغيرهم.
ولما تبخر تيار تلك "الفعاليات اليسارية المستقلة" الذي كان يشتغل من داخله، اختار عزيز المعيفي أن يجعل لنفسه مرة أخرى مسافة مع الحزب الذي سيتحول بعد فيما بعد إلى الحزب الاشتراكي الموحد بعد الوحدة الاندماجية الثانية، وبقيت علاقاته مع أعضاء الحزب عادية كأفراد.
اشتغل المعيفي نقابيا لبعض الوقت داخل الفدرالية الديمقراطية للشغل التي كان عضو مجلسها الوطني ومسؤولا على موقعها الإعلامي، ولأسباب ودوافع خاصة، سيغادرها.
في الزمن والسياق المتوترين اللذين عرفتهما منظمة العمل قبيل الانشقاق، تردد المعيفي على ابن جرير كثيرا من المرات التي التقينا فيها وكانت عصيبة أحيانا لارتباطها بالأجواء العامة التي كانت تنذر بانفجار للمنظمة لم يكن الإعلان عنه بشكل رسمي سوى مسألة وقت ونوقيت، وهوما حدث يوم 13 شتنبر 1996 يوم الاستفتاء على الدستور الذي شقت المنظمة على إثره إلى نصفين، نصف التحق بالمخزن، ونصف لازال كثير منه صامدا يقاوم، كما كانت لقاءاتنا بالمعيفي أحيانا أخرى هادئة ناعمة بنفَسٍ إنساني استحضرنا فيه كثيرا من تجارب القلم والكتابة .
يهتم المعيفي حاليا بكتابة الشعر، وله محاولات عبارة عن قصائد من عناوين بعضها: "جغرافية أخرى" و"بلسم لجراحات الأيام الآتية" و "على جناح جائحة".

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button