نخلد اليوم ذكرى وفاة زعيم التحرير علال الفاسي، وفي كل مرة تحل ذكرى وفاة الزعيم علال، ينتابني شعور خاص وغريب بأن الرجل لم يمت، خاصة وأنني ولدت بعد وفاة زعيم التحرير بحوالي سنة كاملة فلم أشهد جنازة ولا نعشا...وفي كثير من اللحظات والمواقف كنت أستحضر الزعيم علال وأتساءل كيف كان سيكون موقفه من الأشخاص والقضايا والمؤسسات والقرارات، وبموضوعية أيضا وبقراءة متفحصة للتاريخ السياسي للبلاد، يمكن للمرء أن يخلص إلى أن بلادنا أدمنت تكرار نفس الأخطاء والسلوكات والتجاوزات والتدابير، في إحتقار كامل للتضحيات التي قدمتها أجيال وأجيال، ولدماء حارة سالت في الجبال والسهول لكي تقوم لهذا الوطن قائمة، وكان مصير هذا الوطن هو أن يحصي نكباته ويلعق جراحه دون حتى أن يكون له الحق في الصراخ...
الزعيم علال هو واحد من أبرز المغاربة قديما وحديثا ممن يحق للوطن أن يفخر بهم أيما إفتخار، وعلال قد يكون الوحيد في جيله والأجيال التي تلته ممن وضع بصماته على مناحي من الحياة مختلفة، ومجالات من الفكر متنوعة، فهو السياسي والمفكر و الأستاذ والفقيه والشاعر و الوزير والأديب والمحقق والديبلوماسي، شغل الناس حيا وميتا، وهو المثقف العضوي بحسب غرامشي، وقد شكل ارتباطه بالناس في المدن والمداشر، سندا له كي لا يكون مفكرا نخبويا حالما يجنح فكره بحيث يفارق الواقع، ولكي لا يكون سياسيا مندفعا أو متهورا، بحيث لا يتوافق في تحركه مع استعدادات الناس وجاهزيتهم، ولكي لا يكون فقيها مفارقا لنمط العيش وواقع المجتمع، فكان عالما مقاصديا متنورا ومجتهدا، ولكي لا يكون شاعرا بلاقضية، فقد جعل من شعره أداة لإذكاء الحماس وترسيخ الوطنية التي أصبحت بعد وفاته يتيمة أو شتيمة لا فرق...
في عدد من القضايا والمواقف، كنت أعود لما قاله وماكتبه الزعيم علال في كتبه ومقالاته وخطبه، فما وجدت سوى بلد يعيد الماضي في أقبح صوره، وما وجدت سوى رغبة في لي عنق النصوص، وتأويلا متعسفا لها، وتحويلا للمؤسسات من الواقع إلى المجاز، فكانت المواقف الصريحة ب " لا " كبيرة ونقط نظام متعددة، فالوطن أسمى والوطن أهم وأبقى..
لم ينفع مع علال الهجومات الجبانة والدعايات المسمومة التي يتم توريثها مثل الضيعات والمسؤوليات والثروات، ويكلف بها أشخاص ضعيفي الموهبة أستحيي ذكرى أسمائهم في عمود مخصص للزعيم علال، فقد ظل علال شامخا كبيرا نبيلا حكيما حليما، يدخل المدن والقرى كصاحب بيت وليس كضيف، وكان الناس يبادلونه الحب والوفاء، ليس كزعيم حزب فقط، بل كشيخ زاوية يربطهم معه رباط روحي مبدئي قوي وراسخ.
لو كان علال بيننا اليوم؟ ربما سؤال لا أستطيع أن أجيب عنه مخافة أن أتجاوز فيما لا يحق لي أن أتجاوز فيه، لكنني أعتقد أن الله كان أرحم به عندما غادرنا قبل هذا الزمن الأغبر.
لست ربوت