الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد موضوعنا اليوم <وسائل لاستقبال ...>
أيها الناس إن رمضان فرصة الزمان لذا ينبغي أن لايتركها تمر دون أن يغتنمها ويتطلع إليها بكل شوق ..كما كان يفعل سلفنا الصالح رضوان الله عليهم، فلم يكن رمضان بالنسبة لهم مجرد شهر من الشهور، بل كان له في قلوبهم مكانة خاصة ظهرت واضحة من خلال استعدادهم له واحتفائهم به ودعائهم وتضرعهم إلى الله تعالى أن يبلغهم إياه لما يعلمون من فضيلته وعظم منزلته عند الله عز وجل .
فلو لم يكم من فضائله إلا الحديث الآتي لكفى .روى البخاري عَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَقُومُونَ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ>فكيف وقد جاء في فضله ما يفتح شهية السابقين قال صلى الله عليه وسلم : (( من صام يوما في سبيل باعد الله منه جهنم مسيرة مائة عام)) النساءي وحسنه الألباني وهذا ما دفع الجيل الذهبي جيل سلفنا الصالح إلى التحنن على شهر الصيام والقيام إستمع معلى بن الفضل وهو يقول: كانوا " يعني الصحابة " يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم . وقال يحيى بن أبي كثير: كان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان، اللهم سلم لي رمضان، وتسلمه مني متقبلاً.
والدعاء ببلوغ رمضان، والاستعداد له سنة عن النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم فقد روى الطبراني عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه كان إذا دخل رجب قال: اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان". (قال الألباني: إسناده فيه ضعف) .والآن إصغ إلى الوسائل والطرق التي ينبغي أن يستقبل بها هذا الشهر الكريم وهي :
***الوسيلة الأولى - النية الخالصة :
من التأهب لرمضان وحسن الاستعداد له: أن تعقد العزم على تعميره بالطاعات وزيادة الحسنات وهجر السيئات، وعلى بذل المجهود واستفراغ كل الوسع في استغلال كل لحظة فيه في رضا الله سبحانه .وإذا قضت روحه لقي الله على نية حسنة
. عن ابن عباس رضي الله عنهما: [ إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعلمها كتبها الله له عنده حسنة كاملة ... ] الحديث متفق عليه، وقال[ إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امريء ما نوى ]متفق عليه
ونحن نعرف أناسًا كانوا معنا في رمضان الماضي وليسوا معنا في عامنا هذا وكم ممن أمل أن يصوم هذا الشهر فخانه أمله فصار قبله إلى ظلمة القبر
كم كنت تعرف ممن صام في سلف .. من بين أهل وجيران وخلان
أفناهم الموت واستبقاك بعدهم .. حيا فما أقرب القاصي من الداني
فكم من مستقبل يومًا لا يستكمله ؟ ومؤمل غدًا لا يدركه ؟ إنكم لو أبصرتم الأجل وميسره لأبغضتم الأمل وغروره، خطب عمر بن عبد العزيز الناس فقال: [ إنكم لم تخلقوا عبثا ولن تتركوا سدى، وإن لكم معادًا ينزل الله فيه للفصل بين عباده فخاب وخسر من خرج من رحمة الله التي وسعت كل شيء، وحرم جنة عرضها السموات والأرض، ألا ترون أنكم في أصلاب الهالكين وسيرثها بعدكم الباقون حتى تردَّ إلى خير الوارثين ؟ في كل يوم تشيعون غاديًا ورائحًا إلى الله قد قضى نحبه وانقضى أجله فتودعونه وتودعونه في صدع من الأرض غير موسد ولاً ممهد، قد خلع الأسباب، وفارق الأحباب، وسكن التراب، وواجه الحساب، غنيًا عما خلف، فقيرًا إلى ما أسلف، فاتقوا الله عباد الله قبل نزول الموت وانقضاء مواقيته .
***الوسيلة الثانية - التوبة الصادقة:-
وهي واجبة في كل وقت ومن كل ذنب، ولكنها في هذا الحين ألزم وأوجب لأنك مقبل على موسم طاعة، وصاحب المعصية لا يوفق للطاعة ولا يؤهل للقرب، فإن شؤم الذنوب يورث الحرمان ويعقب الخذلان، وإن قيد الذنوب يمنع عن المشي إلى طاعة الرحمن، وإن ثقل الذنوب يمنع الخفة للخيرات والمسارعة في الطاعات فصاحب المعاصي المصر عليها لا يوفق إلى الطاعة فإن اتفق فبكد لا حلاوة فيه ولا لذة ولا صفوة ولا أنس ولا بهجة، وإنما بمعاناة وشدة، كل هذا بسبب شؤم الذنوب .
وقد صدق من قال: حرمت قيام الليل سنة بذنبٍ عملته . وعندما قيل للحسن لا نستطيع قيام الليل، قال قيدتك خطاياكم . وقال الفضيل : " إذا كنت لا تستطيع قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محبوس قد قيدتك ذنوبك".
فلابد من التوبة النصوح المستلزمة لشروطها، المصحوبة برد الحقوق إلى أهلها، والمصاحبة للافتقار وإظهار الفاقة والحاجة إلى العزيز الغفار،
عرف العلماء التوبة النصوح :بأنها التوبة الخالصة الصادقة والرجوع من ذنب سبق اقترافه قال تعالى آمرا عباده بالرجوع إليه ((وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون)) وقال ((يأيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا)) أي صادقة خالصة بالغة الغاية في النصح بضم النون وقرأ الجمهور بالفتح وهي صيغة مبالغة أسند النصح إليها مجازا وهي من نصح الثوب إذا خاطه فكأن التائب يرقع ما مزقه بالمعصية.. وشرطها كما يلي: 1-الإسلام فلا تصح من كافر لقوله تعالى:{وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار}2-الإخلاص فلا تصح ممن ترك الذنب لغير الله كمن تركه شحا بماله - أو خوفا من أن يعيره الناس أو عجز عن اقترافه لأن التوبة قيدت بأن تكون لله قال تعالى :{إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما}فالخطاب لحفصة وعائشة بطريق الالتفات ليكون أبلغ في عتابهما والجواب محذوف والتقدير:{إ ن تتوبا إلى الله ...كان خيرا لكما من التعاون على إيذاء النبي (ص)..3-الاعتراف بالذنب فالجهل بالذنوب ينافي الهدى فلذلك لا تصح التوبة إلا بعد معرفة الذنب والاعتراف به وطلب التخلص من سوء عواقبه لقوله (ص)لعائشة في قصة الإفك: "أما بعد يا عائشة إنه قد بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد إذا اعترف ثم تاب تاب الله عليه}رواه البخاري ومسلم..4- الندم إذ لا تتحقق التوبة إلا به فمن لم يندم دل ذلك على الرضا بالقبح قال (ص):{الندم توبة}رواه أحمد وابن ماجة والحاكم وصححه ووافقه الذهبي والألباني في صحيح الجامع. 5- الإقلاع عن المعصية فإن كان الذنب مالا رده إلى أهله وإن كان قذفا طلب العفو وإن كانت غيبة استحله من صاحبها أودعا له قال تعالى ((وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون)). 6- أن يتوب قبل الغرغرة وهي حال النزع لقوله(ص){إن الله يقبل توبة العبد مالم يغر غر}رواه الترمذي وصححه الحاكم ووفقه الذهبي وحسنه الألباني
من هنا لم تقبل توبة فرعون عند ما أدركه الغرق لقول المولى (حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين آلان وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين))وقال وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن 7- الاستقامة بعد التوبة لقوله تعالى :{فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا} 8-الإصلاح بعد التوبة والعمل الصالح لقوله تعالى :{فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه}وقال :{فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين }.....أما فضائل التوبة النصوح فهي كالتالي:1- تلحق المذنب بمن لم يرتكب ذنبا لقوله (ص){التائب من الذنب كمن لا ذنب له}حديث حسن أخرجه ابن ماجة وغيره وذكره الألباني في الضعيفة ،2- تبدل السيئات حسنات لقوله تعالى{فأما من تاب وآمن وعمل صلحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات}3- من فضائل التوبة النصوح أنها سبب الفلاح لقوله تعالى:{وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون}وقال ((فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين))فلقد خاطب الله تعالى أهل الإيمان بأن يتوبوا إليه ثم علق الفلاح بالتوبة تعليق المسبب بسببه وأتى بلعل وعسى المشعرتان بالترجي إيذانا بأنكم إذا تبتم كنتم على رجاء الفلاح فلا يرجوا الفلاح إلا التوابون جعلنا الله منهم آمين.4- >ومنها أن التوبة هي الطريق إلى الجنة قال تعالى :{إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا}5-> ومنها أنها سبب الحياة الهادئة لقوله تعالى {وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا . 6- >ومنها أن التوبة النصوح مطهرة للقلب لقوله(ص){إن العبد إذا أخطأ نكتت نكتة سوداء في قلبه فإن هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه وهو الران الذي ذكر الله تعالى:{كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}صححه الحاكم ووفقه الذهبي وحسنه الألباني ،والصقل بالصاد والسين بمعنى واحد وهو الجلاء والمراد به هنا أن التوبة تمحو الخطيئة والران :صدأ يغشى القلب حتى يسود من الخطايا .....وبالتالي لا قنوط فرحمة الله تسع كل المذنبين ،،،،،فرحمة الله تسع كل مسرف في حق مولاه لقول الله على لسان الملائكة :{ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم}.
فمن سعة رحمته:أنه يغفر الذنوب كلها لقوله تعالى :{قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا}،ومن سعة رحمته:أنه فتح باب التوبة ليلا ونهارا لقوله (ص):{إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها}. صحيح مسلم ...ومن سعة رحمته:أنه يقبل التوبة ولو تكرر الذنب لقول الله تعالى:{ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما}ولقوله (ص)فيما يحكي عن ربه:{إذا أذنب عبد ذنبا فقال :اللهم اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ثم عاد فأذنب فقال أي رب اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى عبدي أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ثم عاد فأذنب فقال أي رب اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا
{يغفر الذنب ويأخذ بالذنب اعمل ما شئت فقد غفرت لك )أخرجه مسلم من حديث أبي هربرة.
***علامات الصدق في التوبة فهي كالتالي:
العلامة الأولى: الإقلاع الفعلي والأخذ في مقابله من أعمال الطاعة وهذا يدل على حساسية القلب وشعوره بالذنب ورغبته في التوبة وخير دليل على هذا هو ما رواه البخاري ومسلم عن النبي (ص)حيث قال:{كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب فقال إنه قتل تسعة وتسعين فهل له من توبة فقال لا فقتله فكمل به مائة ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم فقال إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة فقال نعم ومن يحول بينه وبين التوبة انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن فيها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة جاء تائبا مقبلا بقلبه على الله وقالت ملائكة العذاب إنه لم يعمل خيرا قط فأتاه ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة..العلامة الثانية:استدراك ما فات من رد المظالم إلى أهلها واستحلال أهلها منها وهذا يدل على تعظيم الله في قلبه وشد خوفه منهالعلامة الثالثة:عدم الأمن من مكر الله: فيصحبه الخوف طيلة عمره حتى يبشرعند الموت ومن هنا كان السلف يشتد قلقهم من سوء الخواتيم وكان سفيان يبكي الليل كله ويقول :أخاف أن أكون في أم الكتاب شقيا وأخاف:{أن أسلب الإيمان عند الموت}......
أما الوسائل المعينة على التوبة فكالتالي :1-> الابتعاد عن قرناء السوء واستبدالهم بقرناء صالحين لقوله (ص):{من ولاه الله عز وجل من أمر المسلمين شيئا فأراد به خيرا جعل له وزير صدق إن نسي ذكره وإن ذكر أعانه}رواه البزار ورجاله رجال الصحيح ولقوله: (ص){مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير}مسلم2- >محاسبة النفس على الأمور التي ينبغي أن يعملها من أعمال اليوم والليلة كالذكر والصلاة في الجماعة وأذكار الصباح والسنن الراتبة والتوبة والاستغفار من الذنب ليومه لما في الصحيح أن النبي (ص)كان يستغفر الله في اليوم مائة مرة)) وقد جاء في التاريخ ((أن توبة بن الصمة : قتيل المحاسبة كان من المحاسبين لأنفسهم فحسب يوما فإذا هو ابن الستين سنة فحسب أيامها فإذا أحد وعشرون ألف يوم وخمسمائة يوم فصرخ وقال:{يا ويلتي أألقى ربي بأحد وعشرين ألف ذنب كيف وفي اليوم آلاف من الذنوب ثم خر مغشيا عليه فإذا هو ميت فسمعوا قائلا يقول:{يا لك ركضة إلى الفردوس الأعلى}
. وعلامة الصدق أيضا كثرة الإلحاح ودوام الطلب وكثرة الاستغفار، فارفع يديك إليه وناجه وتوسل إليه بقول ابن ناصر المغربي الدرعي .
يا من يرى ما في الضمير ويسمع .. أنت المعد لكـل ما يتوقـع
يا من يرجّى للشــدائد كلها .. يا من إليه المشتكى والمفـزع
يا من خزائن فضـله في قول كن .. امنن فإن الخير عندك أجمع
مالي سوى فقـري إليك وسيلة .. فبالافتــقار إليك فقري أدفع
مالي سوى قرعي لبابك حــيلة .. فـإذا رددت فـأي باب أقــرع
ومن الذي أرجو وأهتف باسمه.. إن كان جودك عن فقيرك يمنع
حاشـا لفضلك أن تقنـط راجيا .. الجود أجـزل والمواهب أوســع
***الوسيلة الثالثة - معرفة شرف الزمان
فالوقت هو الحياة، وهو رأس مالك الذي تتاجر فيه مع الله، وتطلب به السعادة وكل جزء يفوت من هذا الوقت خاليًا من العمل الصالح يفوت على العبد من السعادة بقدره قال ابن الجوزي: ينبغي للإنسان أن يعرف شرف وقيمة وقته فلا يضيع فيه لحظة في غير قربة .
إذا كان رأس المال عمرك فاحترز .. ... .. عليه من الإنفاق في غير واجب
ورمضان من أنفس لحظات العمر، ومما يجعل الإنسان لا يفرط في لحظة منه أن يتذكر وصف الله له بأنه "أيامًا معدودات" وهي إشارة إلى أنها قليلة وأنها سرعان ما تنتهي، وهكذا الأيام الغالية والمواسم الفاضلة سريعة الرحيل، وإنما يفوز فيه من كان مستعدًا له مستيقظا إليه .
ولقد دعا النبي (ص)إلى انتهاز فرصة الفراغ فقال لرجل وهو يعظه .في صحيح الحاكم عن ابن عباس أن رسول الله e قال لرجل وهو يعظه: "اغتنِمْ خمسًا قبلَ خمسٍ: شبابَكَ قبلَ هَرَمِكَ، وصحتَكَ قبلَ سَقمِكَ، وغِناكَ قبلَ فقرِكَ، وفَراغَكَ قبلَ شُغلِكَ، وحياتَكَ قبلَ موتِكَ".
وقال غنيم بن قيس: كنا نتواعظ في أول الإسلام: ابن آدم! اعمل في فراغك قبل شغلك، وفي شبابك لكبرك، وفي صحتك لمرضك، وفي دنياك لآخرتك، وفي حياتك لموتك. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة t عن النبي e: "بادروا بالأعمالِ سِتًّا: طلوعَ الشمسِ مِن مغربِها، والدخانَ، والدجالَ، والدابةَ، وخاصةَ أحدِكم، وأمرَ العامةِ"(1). أي: سابقوا ست آيات دالة على وجود القيامة قبل وقوعها وحلولها؛ فإن العمل بعد وقوعها وحلولها لا يُقبل ولا يُعتبر.
والمراد من هذا أن هذه الأشياء كلها تعوق عن الأعمال، فبعضها يشغل عنه إما في خاصة الإنسان، كفقره وغناه، ومرضه وهرمه وموته، وبعضها عام كقيام الساعة، وخروج الدجال، وكذلك الفتن المزعجة، وجاء في حديث آخر: "بادروا بالأعمالِ فِتَنًا كقِطَعِ الليلِ المظلمِ".وبعض هذه الأمور العامة لا ينفع بعدها عمل،.....
عن أبي بزرة الأسلمي t قال: قال رسول الله e: "لا تزولُ قدمَا عبدٍ حتى يُسألَ عن: عمرِهِ فيمَ أفناهُ، وعن علمِهِ ما عملَ فيهِ، وعن مالِهِ من أين اكتسبهُ وفيمَ أنفقهُ، وعن جسمه فيمَ أبلاه". [رواه الطبراني، وصححه الألباني في "صحيح الجامع"]
[إن شأن الناس في الدنيا غريب؛ يلهون والقَدَر معهم جاد، وينسون وكل ذرة من أعمالهم محسوبة.. ومن الخداع أنْ يحسب المرء نفسه واقفًا والزمن يسير! إنه خداع النظر حين يخيل لراكب القطار أنّ الأشياء تجري وهو جالس، والواقع أن الزمن يسير بالإنسان نفسه إلى مصيره العتيد.
إن عمرك رأس مالك الضخم، ولسوف تُسأل عن إنفاقك منه، وتصرفك فيه.. والإسلام نظر إلى قيمة الوقت في كثير من أوامره ونواهيه؛ فعندما جعل الإعراض عن اللغو من معالم الإيمان كان حكيمًا في محاربة طوائف المتبطلين؛ الذين ينادي بعضهم بعضًا: تعالَ نقتل الوقت بشيء من التسلية!! وما درى الحمقى أن هذا لعب بالعمر، وأنّ قتل الوقت على هذا النحو إهلاك للفرد، وإضاعة للجماعة.
قال الحسن البصري: ما مِن يوم ينشق فجره إلا نادى منادٍ: يا ابن آدم! أنا خَلْقٌ جديد، وعلى عملك شديد، فتزوَّدْ مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة.
وإنه لمن فضل الله ودلائل توفيقه أنْ يُلهَم المرء استغلال كل ساعة من عمره في العمل، والاستجمام من جهد استعدادًا لجهد آخر.. وصدق رسول الله e: "نعمتانِ مغبونٌ فيهِما كثيرٌ من الناسِ: الصحةُ والفراغُ" [متفق عليه].
**ومن استغلال الإسلام للوقت بأفضل الوسائل حثه على مداومة العمل وإنْ كان قليلاً،في الحديث: "يا أيها الناسُ خذوا مِنَ الأعمالِ ما تُطيقون، فإنَّ اللهَ تعالى لا يَمَلُّ حتى تَمَلُّوا، وإنَّ أحبَّ الأعمالِ إلى اللهِ ما دامَ وإنْ قَلََّ". [متفق عليه]
والذي يجب أنْ نعقله أن حياتنا هذه ليست سدى.. وأن الله أجل من أنْ يجعلها كذلك.. وإذا انتفعنا بمرور الزمن على خير وجه؛ سجلنا لأنفسنا خلودًا لا يناوشه الزمن بِهَرَم ولا بِلَى عند الرفيق الأعلى..] [خلق المسلم للغزالي (ملخصًا)]
قال عبد الله بن مسعود t: ما ندمتُ على شيء إلا على يوم غربت شمسه؛ نقص فيه أجَلِي، ولم يزد فيه عملي.
وقال الحسن البصري: أدركتُ أقوامًا كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصًا على دراهمكم ودنانيركم!
وقال يحيى بن معاذ: المغبون مَن عطَّل أيامه بالبطالات، وسلَّط جوارحه على الهلكات، ومات قبل إفاقته من الجنايات.
وقال بعض السلف: مَن أمضى يومه في غير حق قَضَاه، أو فرض أدَّاه، أو مجد أثَّلَه(1)، أو حمد حَصَّله، أو خير أسَّسه، أو علم اقتبسه؛ فقد عَقَّ يومه، وظلم نفسه.
قال أبو الوفاء ابن عقيل: إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة، وبصري عن مطالعة أُعمِل فكري في حال راحتي وأنا مستطرح، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره، وإني لأجد من حرصي على العلم وأنا في عشر الثمانين أشد مما كنتُ أجده وأنا ابن عشرين!
وكان / دائم الاشتغال بالعلم، قد جمع علوم الأصول والفروع، وصنف فيها الكتب الكبار. [قال الحسن: إنما أنت أيام مجموعة، كلما مضى يوم مضى بعضك. وقال: ابن آدم! إنما أنت بين مطيتين يوضعانك؛ يوضعك الليل إلى النهار، والنهار إلى الليل حتى يسلمانك إلى الآخرة.. فمَن أعظم منك يا ابن آدم خطرًا؟!
وكتب بعض السلف إلى أخ له: ياأخي! يُخيل لك أنك مقيم؛ بل أنت دائب السير، تُساق مع ذلك سوقًا حثيثًا.. الموت متوجه إليك، والدنيا تُطوَى مِن ورائك، ومامضى من عمرك فليس بعائد عليك إلى يوم التغابن. وقال بعض الحكماء: كيف يفرح بالدنيا مَن يومه يهدم شهره، وشهره يهدم سنته، وسنته تهدم عمره؟! كيف يفرح مَن يقوده عمره إلى أجله، وتقوده حياته إلى موته؟
على سَفَرٍ يُفنِيهِ باليومِ والشهرِبعيدًا عن الدنيا قريبًا إلى القبرِ ... ... وما المرءُ إلا راكبٌ ظَهرَ عمرِهِيَبِيتُ ويُضحِي كلَّ يومٍ وليلةٍ
وقال الفضيل بن عياض لرجل: كم أتت عليك؟ قال: ستون سنة. قال: فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك؛ يوشك أن تبلغ! فقال الرجل: إنا لله، وإنا إليه راجعون. فقال الفضيل: أتعرف تفسيره؟ مَن عرف أنه لله عبد، وأنه إليه راجع، فليعلم أنه موقوف، ومَن علم أنه موقوف، فليعلم أنه مسئول، ومَن علم أنه مسئول؛ فليُعِدّ للسؤال جوابًا.. قال الرجل: فما الحيلة؟ قال: يسيرة.. تُحسِن فيما بقي؛ يُغفَر لك ما مضى.. فإنك إنْ أسأتَ فيما بقي؛ أُخِذتَ بما مضى وما بقي.
***الوسيلة الرابعة - التقلل من الطعام:
وهو مقصد من مقاصد الصيام ومن مقاصد رمضان التعود على تقليل الطعام، وإعطاء المعدة فرصة للراحة، وإعطاء النفس فرصة للطاعة، فكثرة الطعام هذه هي التي قسَّت القلوب حتى صيرتها كالحجارة، وأثقلت على النفوس الطاعة، وزهدت الناس في الوقوف بين يدي الله . فمن أراد الاستمتاع بالصلاة فلا يكثر من الطعام، بل يخفف؛ فإن قلة الطعام توجب رقة القلب، وقوة الفهم، وإنكسار النفس، وضعف الهوى والغضب .
قال محمد بن واسع: من قل طعامه فهم وأفهم وصفا ورق، وإن كثرة الطعام تمنع صاحبها عن كثير مما يريد .
قال سلمة بن سعيد: إن كان الرجل ليعير بالبطن كما يعير بالذنب يعمله .
وقد تجشأ رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقا ل: [كف عنا جشاءك، فإن أطولكم شبعًا في الدنيا أطولكم جوعًا يوم القيامة] رواه الترمذي
علمتنا المدارس القرآنية والنبوية ــ قبل أن يكون ثمة مدارس وطب حديث ــ مضار الإسراف في الطعام وفضل الاعتدال في المأكل والمشرب وتنظيم الطعام وهو أساس الصحة والنشاط وعماد الطب وضرورة لكل علاج قال تعالى:<يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا>فلقد جمع الله الطب كله في نصف آية
وقال <ص>:<نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع>أخرجه مسلم
وقال<ص>:"المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء"أخرجه البخاري وقال<ص>:<ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه بحسب آدم أكلات بقمن صلبة فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه>أخرجه الترمذي في صحيحه
إن الإسراف في المباحات: يؤدي إلى السمنة وضخامة البدن وسيطرة الشهوات والتثاقل عن العبادة ومن ثم الانقطاع عن صلاة الجماعة وعمل الخير ولعل هذا هو السر في النهي عن الإسراف قال تعالى:<كلوا واشربوا ولا تسرفوا>فقد جمع الله الطب كله في نصف آية
**فوائد الصوم الطبية : 1} الفائدة الأولى: ءاثار الصيام على صحة الأجسام والأبدان فإن نبي الله أوجز فوائد الصيام الخاصة والعامة في كلمة جامعة حيث قال فيما رواه الطبراني عن أبي هريرة مرفوعا بسند رجاله ثقات { صوموا تصحوا } أيها الناس إن مضار البطنة كثيرة أشار لها النبي ص} بقوله فعَنْ مِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ} رواه الترمذي .. .قد ثبت أن المخلوقات كلها تصوم لتصح فالحيوان عندما يصاب بمرض يكف عن الطعام وكذلك الأشجار تلقي أوراقها وتتجرد من كل شيء لتتعافى في أحد فصولها وهكذا ......
وأما ءاثار الصوم الصحي على الصحة فكثير ذكر الأطباء أن من حكم الصوم الأسياسية إعطاء أجهزة الجسم عامة والجهاز الهضمي خاصة بعضا من الراحة يتخلص الجسم خلالها من التسممات الناتجة عن الأمراض من الأكل مما يؤدي إلى البدانة التي تنتج عنها الحصوات البولية وءالام المفاصيل والبول السكري والأجهزة العصبية لكن بشرط أن يتتبع الصائمون فيه التعاليم الصحية من الامتناع عن المغالاة في تناول العديد من الأطعمة الدسمة في الفطور والسحور . فلقد بين العلماء فضل الصوم على الصحة بعد الاكتشافات البيولوجية والفزيولوجية في هذا المجال وهذه النتائج كالتالي :
1} الصوم راحة للجسم ليتمكن من إصلاح أعطابه
2} الصوم يوقف عملية امتصاص المواد المتبقية في الأمعاء هذه المواد إذا بقيت في الجسم تتحول إلى نفايات سامة
1>> أثر الصوم الصحي على الدم لقد تبين أن الصوم الصحي يرفع من عدد الكريات الحمر الدموية بشكل ملحوظ وبفضله شفي عدد من المصابين بفقر الدم فلقد سجل الدكتور { وين هي } خلال فترة 20 سنة واحدا ومائة حالة مرضية بفقر الدم مستعصية شفيت بفضل الصوم. وعلى هذا ننصح المصابين بداء { مرض فقر الدم } أن يصوموا .
2>> أثر الصوم الصحي على الرئية< الجهاز التنفسي> فقد يستفيد كثيرا من عملية الصيام . ولقد عالج الدكتور { موركوليس } بالصوم العديد من أمراض الرئية بالأخص مرض الربو الذي يتراجع بصفة ملحوظة إثر الصوم لأن السموم التي تنتج عن عملية الهضم يؤثر عليها الصوم .
3>> . أثر الصوم الصحي على القلب فأمراض القلب في الغالب تكون نتيجة العادات الخاطئية في طرق المعيشة وهذا بإمكان الإنسان أن يقي نفسه من هذه الأمراض بالصيام وهذا ما دفع العالم كرنكطون إلى القول جازما : { إن الصوم وبدون شك هو أكبر المقويات بالنسبة للقلوب المتعبة و الضعيفة } ثم أضاف قائلا : إن القلب يتقوى تدريجيا بفضل الصوم }
4>>: أثر الصوم على المعدة تعتبر المعدة المخزن الرئيسي لكافة أنواع الأطعمة والشراب ويساعدها في ذلك قدرتها على التمطط فيجب على المريض بقرحة المعدة أن يلتزم مبدئيا بكمية غذائية أساسها راحة المعدة يتناول طعاما منظما وبسيطا ـ حليب خضر مسلوقة بعض الفواكه ـ فمتاعب المعدة وأمراضها تأتي قبل كل شيء من الأكل والشرب فعدم الانتظام في مواعيد الأكل والإفراط في المأكولات الخشنة كل هذا يعتبر من أهم أسباب الإصابة بأمراض المعدة وهي الأمراض التي يطلق عليها الآن <أمراض المدنية الحديثة>..والوقاية من هذه الأمراض أساسه إراحة المعدة بالصيام أو بتناول طعام بسيط ومحكم قال الدكتور بنيوسف:<الصوم يجلب الراحة للمعدة مما يتيح لها فرصة مراجعة وإصلاح أضرارها الخ اهـ صفحة 47 <الصوم في الإسلام في ضوء الطب الحديث>
***الوسيلة الخامسة - تعلم آداب الصيام وأحكامه:
حتى يتم للإنسان صيامه على الوجه الذي يحبه الله ويرضاه فيسحتق بذلك تحصيل الأجر والثواب وتحصيل الثمرة المرجوة والدرة الغالية وهي التقوى،قال تعالى < يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ> ****..ومن آدابه :
1>>عدم الرد على المشاغب في رمضان خاصة .عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ وَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا> البخاري و ليس الصيام مجرد الإمساك عن الأكل و الشرب و سائر ما نهى الله عنه , فعن ابى هريرة رضى الله عنه ان النبى صلى الله عليه و سلم قال (( ليس الصيام من الأكل و الشرب و إنما الصيام من اللغو و الرفث , فإن سابك أحد او جهل عليك , فقل إنى صائم )) ::: رواة بن خزيمة و ابن حبان و الحاكم ::: و عن النبى صلى الله عليه و سلم قال (( رُب صائم ليس له من صيامة إلا الجوع و رُب قائم ليس له من قيامة إلا السهر )) ::: رواة النسائى و ابن ماجة و الحاكم : و قال صحيح على شرط البخارى ::: .
2- السواك :-
يستحب للصائم أن يتسوك أثناء الصوم و لا فرق بين اول النهار و آخرة , و قال الترمزى (( و لم ير الشافعى بالسواك , أول النهار و آخرة بأساً )) و كان النبى صلى الله عليه و سلم يتسوك و هو صائم .
3- الجود و مدارسة القرآن :-
الجود و مدارسة القرآن مستحبان فى كل وقت , إلا أنهما آكدا فى رمضان , روى البخارى عن ابن عباس رضى الله عنهما , كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أجود الناس , و كان أجود ما يكون فى رمضان حين يلقاة جبريل عليه السلام , و كان يلقاة كل ليلة فى رمضان فيدارسة القرآن فلرسول الله صلى الله عليه و سلم أجود بالخير من الريح المرسلة .
4- الإجتهاد فى العبادة فى العشر الأواخر من رمضان :-
روى البخارى و مسلم عن عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه و سلم (( كان إذا دخل العشر الأواخر أحيى الليل , و أيقظ أهلة , و شد المئزر )) و فى رواية مسلم (( كان يجتهد فى العشر الأواخر ما لا يجتهد فى غيرة )) .
ومِن آداب الصيام ما يلي
واعلموا أنه لا يتم الصوم إلا باستكمال ستة أمور:
الأول: غضُّ البصر وكفه عن الاتساع في النظر إلى كل ما يُذَم ويُكره.
الثاني: حفظ اللسان عن الهذيان، والغيبة والنميمة، والكذب.
الثالث: كف السمع عن الإصغاء إلى كل مُحَرَّم أو مكروه.
الرابع: كف بقية الجوارح عن الآثام.
الخامس: ألا يستكثرَ من الطعام.
السادس: أن يكون قلبه بعد الإفطار مضطربًا بين الخوف والرجاء؛ إذ ليس يدري أيقبل صيامه فهو من المقرَّبين، أو يرد عليه فهو من الممقوتين؟ وليكن ذلك في آخر كل عبادة[1].
نبذ في الصيام وفوائد أخرى على وجه الإيجاز:
1- الصيام: هو التعبد لله - تعالى - بترك المفطِّرات من طُلُوع الفجر إلى غروب الشمس.
2- صيام رمضان أحد أركان الإسلام العظيمة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم ((بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت الحرام))؛ متفق عليه.
أقسام الناس في الصيام:
1- الصوم واجب على كل مسلم بالغ عاقل قادر مقيم.
2- الكافر لا يصوم، ولا يجب عليه قضاء الصوم إذا أسلم.
3- الصغير الذي لم يبلغ لا يجب عليه الصوم، ولكن يؤمر به ليعتاده.
4- المجنون لا يجب عليه الصوم، ولا الإطعام عنه، وإن كان كبيرًا، ومثله المعتوه الذي لا تمييز له، والكبير المهذري الذي لا تمييز له.
5- العاجز عن الصوم لسبب دائم كالكبير والمريض مرضًا لا يرجى برؤه، يُطعم عن كل يوم مسكينًا.
6- المريض مرضًا طارئًا يُنتظر برؤه، يفطر إن شقَّ عليه الصوم، ويقضي بعد برئه.
7- الحامل والمرضع إذا شق عليهما الصوم من أجل الحمل أو الرضاع، أو خافتا على ولديهما، تفطران وتقضيان الصوم إذا سهل عليهما وزال الخوف.
8- الحائض والنفساء لا تصومان حال الحيض والنفاس، وتقضيان ما فاتهما.
9- المضطر للفطر لإنقاذ معصوم من غرَق أو حريق، يفطر لينقذه ويقضي.
10- المسافر إن شاء صام وإن شاء أفطر، وقضى ما أفطره، سواء كان سفره طارئًا، كسفر العمرة، أم دائمًا كأصحاب سيارات الأجرة (التكاسي والمرشدين)، فيفطرون إن شاؤوا ما داموا في غير بلدهم.
**فوائد أخرى
1- يجوز للصائم أن ينوي الصيام وهو جُنُب، ثم يغتسل بعد طلوع الفجر.
2- يجب على المرأة إذا طهرتْ في رمضان من الحيض أو النفاس قبل الفجر أن تصوم، وإن لَم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر.
3- يجوز للصائم قلعُ سنِّه، ومداواة جرحه، والتقطير في عينيه وأذنيه، ولا يفطر بذلك ولو أحس بطعم القطور في حلقه.
4- يجوز للصائم أن يتسوَّك في أول النهار وآخره، وهو سُنة في حقه كالمفطرين.
5- يجوز للصائم أن يفعل ما يخفف عنه شدة الحر والعطش، كالتَّبَرد بالماء والمكيف.
6- يجوز للصائم أن يبخ في فمه ما يخفف عنه ضيق التنفس الحاصل من الضغط أو غيره.
7- يجوز للصائم أن يبل بالماء شفتيه إذا يبستا، وأن يَتَمَضمَض إذا نشف فمه، من غير أن يتغرغر بالماء.
8- يسن للصائم تأخير السحور قبيل الفجر، وتعجيل الفطور بعد غروب الشمس، ويفطر على رطب، فإن لم يجد فعلى تمر، فإن لم يجد فعلى ماء، فإن لم يجد فعلى أي طعام حلال، فإن لم يجد نوى الفطر بقلبه حتى يجد.
9- يُسن للصائم أن يكثر من الطاعات، ويجتنب جميع المنهيات.
10- يجب على الصائم المحافظة على الواجبات، والبُعد عن المحرمات، فيصلي الصلوات الخمس في أوقاتها، ويؤدِّيها مع الجماعة إن كان من أهل الجماعة، ويترك الكذب والغيبة والغش والمعاملات الربويَّة، وكل قول أو فعل محرَّم؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم ((من لم يَدَعْ قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجةٌ في أن يدعَ طعامه وشرابه))؛ رواه البخاري.
**الوسيلة السادسة - تعويد النفس على
1>الصيام: وقد كان النبي يصوم شعبان كله كان يصوم شعبان إلا قليلاً . استعدادا وفرحا برمضان روى البخاري عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ
لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَهْرًا أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ وَكَانَ يَقُولُ خُذُوا مِنْ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا وَأَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّتْ وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً دَاوَمَ عَلَيْهَا>
2>) القيام: وهي سنة عظيمة أضعناها، ولذة عجيبة ما تذوقناها، وجنة للمؤمنين في هذه الحياة ولكنا يا للأسف ما دخلناها ولا رأيناها . مدرسة تربى فيها النفوس، وتزكى فيها القلوب، وتهذب فيها الأخلاق . عمل شاق، وجهاد عظيم لا يستطيعه إلا الأبطال من الرجال، والقانتات من النساء، الصابرين والصادقين ... بالأسحار . هو وصية النبي لنا وعمل الصالحين قبلنا: [عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد] رواه الترمذي . إن تعويد النفس على قيام الليل ضروري قبل رمضان وبعد رمضان
(3>) كثرة التلاوة: شهر رمضان شهر القرءان، فللقرآن في رمضان مزية خاصة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتدارس القرآن مع سيدنا جبريل في رمضان كما في حديث ابن عباس وذلك كل ليلة،روى أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْ أَجْوَدِ النَّاسِ وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ يُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أَجْوَدَ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ
**الوسيلة السابعة ـ المسابقة والجدية
وهي أصل في العبادة كما في كتاب الله وسنة رسوله، قال تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (آل عمران:133) وقال سبحانه: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (الحديد:21) وفي الحديث: سبق المفردون سبق المفردون قالوا: وما المفردون يا رسول الله! قال "الذاكرون الله كثيرًا، والذاكرات".
وقد كان كل واحد من الأولين يعتبر نفسه المخاطب بهذا الأمر دون غيره فكانوا يتسابقون في الطاعة يدلك على هذا ما أثر عنهم من قولهم: "لو أن رجلا بالمشرق سمع أن رجلا بالمغرب أحب إلى الله منه فانصدع قلبه فمات كمدا لم يكن عجبا" .
وقالت جارية لعمرو بن دينار: رأيت في المنام كأن مناديا ينادي: الرحيل .. الرحيل، فما رحل إلا محمد بن واسع !! فبكى عمرو حتى وقع مغشيا عليه.
•** السية الثامنة : الدعاء بأن يبلغك الله شهر رمضان وأنت في صحة وعافية , حتى تنشط في عبادة الله تعالى , من صيام وقيام وذكر , فقد روي عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – أنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل رجب قال ( اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان ( رواه أحمد والطبراني ) . لطائف المعارف . وكان السلف الصالح يدعون الله أن يبلغهم رمضان , ثم يدعونه أن يتقبله منهم .
** فإذا أهل هلال رمضان فادع الله وقل ( الله أكبر اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام , والتوفيق لما تحب وترضى ربي وربك الله ) [ رواه الترمذي , والدارمي , وصححه ابن حيان ]
** الوسيلة التاسعة : الحمد والشكر على بلوغه , قال النووي – رحمه الله – في كتاب الأذكار : ( اعلم أنه يستحب لمن تجددت له نعمة ظاهرة , أو اندفعت عنه نقمة ظاهرة أن يسجد شكراً لله تعالى , أو يثني بما هو أهله ) وإن من أكبر نعم الله على العبد توفيقه للطاعة , والعبادة فمجرد دخول شهر رمضان على المسلم وهو في صحة جيدة هي نعمة عظيمة , تستحق الشكر والثناء على الله المنعم المتفضل بها , فالحمد لله حمداً كثيراً كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه .
•** الوسيلة العاشرة : الفرح والابتهاج , ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يبشر أصحابه بمجئ شهر رمضان فيقول : ( جاءكم شهر رمضان , شهر رمضان شهر مبارك كتب الله عليكم صيامه فيه تفتح أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب الجحيم ... الحديث . ( أخرجه أحمد ) .
وقد كان سلفنا الصالح من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان يهتمون بشهر رمضان , ويفرحون بقدومه , وأي فرح أعظم من الإخبار بقرب رمضان موسم الخيرات , وتنزل الرحمات .
•** الوسيلة الحادية عشرة : العزم والتخطيط المسبق للاستفادة من رمضان , الكثيرون من الناس وللأسف الشديد حتى الملتزمين بهذا الدين يخططون تخطيطاً دقيقاً لأمور الدنيا , ولكن قليلون هم الذين يخططون لأمور الآخرة , وهذا ناتج عن عدم الإدراك لمهمة المؤمن في هذه الحياة, ونسيان أو تناسى أن للمسلم فرصاً كثيرة مع الله ومواعيد مهمة لتربية نفسه حتى تثبت على هذا الأمر ومن أمثلة هذا التخطيط للآخرة , التخطيط لاستغلال رمضان في الطاعات والعبادات , فيضع المسلم له برنامجاً عملياً لاغتنام أيام وليالي رمضان في طاعة الله تعالى.
•** الوسيلة الثانية عشرة : عقد العزم الصادق على اغتنامه وعمارة أوقاته بالأعمال الصالحة , فمن صدق الله صدقه وأعانه على الطاعة ويسر له سبل الخير , قال الله عز وجل : { فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ } [ محمد : 21}
•** الوسيلة الثالثة عشرة : التهيئة النفسية والروحية من خلال القراءة والاطلاع على الكتب والرسائل , وسماع الأشرطة الإسلامية من { المحاضرات والدروس } التي تبين فضائل الصوم وأحكامه حتى تتهيأ النفس للطاعة فيه فكان النبي صلى الله عليه وسلم يهيء نفوس أصحابه لاستغلال هذا الشهر , فيقول في آخر يوم من شعبان : جاءكم شهر رمضان ... إلخ الحديث أخرجه أحمد والنسائي ( لطائف المعارف ).
•** الوسيلة الرابعة عشرة : الإعداد الجيد للدعوة إلى الله فيه , من خلال :
1- تحضير بعض الكلمات والتوجيهات تحضيراً جيداً لألقائها في مسجد الحي .
2- توزيع الكتيبات والرسائل الوعظية والفقهية المتعلقة برمضان على المصلين وأهل الحي .
3- إعداد ( هدية رمضان) وبإمكانك أن تستخدم في ذلك ( الظرف) بأن تضع فيه شريطين وكتيب , وتكتب عليه (هدية رمضان) .
4- التذكير بالفقراء والمساكين , وبذل الصدقات والزكاة لهم .
•** الوسيلة الخامسة عشرة : استقبال رمضان بفتح صفحة بيضاء مشرقة مع :
أ- الله سبحانه وتعالى بالتوبة الصادقة .
ب- الرسول صلى الله عليه وسلم بطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر .
ج- مع الوالدين والأقارب , والأرحام والزوجة والأولاد بالبر والصلة .
د- مع المجتمع الذي تعيش فيه حتى تكون عبداً صالحاً ونافعاً قال صلى الله عليه وسلم :( أفضل الناس أنفعهم للناس ) اهـ منتدى صيد الفوائد.. الشبكة العنكبوتية بتصرف وزيادة وتنسيق .حميد أمين
أيها الناس إن رمضان فرصة الزمان لذا ينبغي أن لايتركها تمر دون أن يغتنمها ويتطلع إليها بكل شوق ..كما كان يفعل سلفنا الصالح رضوان الله عليهم، فلم يكن رمضان بالنسبة لهم مجرد شهر من الشهور، بل كان له في قلوبهم مكانة خاصة ظهرت واضحة من خلال استعدادهم له واحتفائهم به ودعائهم وتضرعهم إلى الله تعالى أن يبلغهم إياه لما يعلمون من فضيلته وعظم منزلته عند الله عز وجل .
فلو لم يكم من فضائله إلا الحديث الآتي لكفى .روى البخاري عَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَقُومُونَ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ>فكيف وقد جاء في فضله ما يفتح شهية السابقين قال صلى الله عليه وسلم : (( من صام يوما في سبيل باعد الله منه جهنم مسيرة مائة عام)) النساءي وحسنه الألباني وهذا ما دفع الجيل الذهبي جيل سلفنا الصالح إلى التحنن على شهر الصيام والقيام إستمع معلى بن الفضل وهو يقول: كانوا " يعني الصحابة " يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم . وقال يحيى بن أبي كثير: كان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان، اللهم سلم لي رمضان، وتسلمه مني متقبلاً.
والدعاء ببلوغ رمضان، والاستعداد له سنة عن النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم فقد روى الطبراني عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه كان إذا دخل رجب قال: اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان". (قال الألباني: إسناده فيه ضعف) .والآن إصغ إلى الوسائل والطرق التي ينبغي أن يستقبل بها هذا الشهر الكريم وهي :
***الوسيلة الأولى - النية الخالصة :
من التأهب لرمضان وحسن الاستعداد له: أن تعقد العزم على تعميره بالطاعات وزيادة الحسنات وهجر السيئات، وعلى بذل المجهود واستفراغ كل الوسع في استغلال كل لحظة فيه في رضا الله سبحانه .وإذا قضت روحه لقي الله على نية حسنة
. عن ابن عباس رضي الله عنهما: [ إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعلمها كتبها الله له عنده حسنة كاملة ... ] الحديث متفق عليه، وقال[ إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امريء ما نوى ]متفق عليه
ونحن نعرف أناسًا كانوا معنا في رمضان الماضي وليسوا معنا في عامنا هذا وكم ممن أمل أن يصوم هذا الشهر فخانه أمله فصار قبله إلى ظلمة القبر
كم كنت تعرف ممن صام في سلف .. من بين أهل وجيران وخلان
أفناهم الموت واستبقاك بعدهم .. حيا فما أقرب القاصي من الداني
فكم من مستقبل يومًا لا يستكمله ؟ ومؤمل غدًا لا يدركه ؟ إنكم لو أبصرتم الأجل وميسره لأبغضتم الأمل وغروره، خطب عمر بن عبد العزيز الناس فقال: [ إنكم لم تخلقوا عبثا ولن تتركوا سدى، وإن لكم معادًا ينزل الله فيه للفصل بين عباده فخاب وخسر من خرج من رحمة الله التي وسعت كل شيء، وحرم جنة عرضها السموات والأرض، ألا ترون أنكم في أصلاب الهالكين وسيرثها بعدكم الباقون حتى تردَّ إلى خير الوارثين ؟ في كل يوم تشيعون غاديًا ورائحًا إلى الله قد قضى نحبه وانقضى أجله فتودعونه وتودعونه في صدع من الأرض غير موسد ولاً ممهد، قد خلع الأسباب، وفارق الأحباب، وسكن التراب، وواجه الحساب، غنيًا عما خلف، فقيرًا إلى ما أسلف، فاتقوا الله عباد الله قبل نزول الموت وانقضاء مواقيته .
***الوسيلة الثانية - التوبة الصادقة:-
وهي واجبة في كل وقت ومن كل ذنب، ولكنها في هذا الحين ألزم وأوجب لأنك مقبل على موسم طاعة، وصاحب المعصية لا يوفق للطاعة ولا يؤهل للقرب، فإن شؤم الذنوب يورث الحرمان ويعقب الخذلان، وإن قيد الذنوب يمنع عن المشي إلى طاعة الرحمن، وإن ثقل الذنوب يمنع الخفة للخيرات والمسارعة في الطاعات فصاحب المعاصي المصر عليها لا يوفق إلى الطاعة فإن اتفق فبكد لا حلاوة فيه ولا لذة ولا صفوة ولا أنس ولا بهجة، وإنما بمعاناة وشدة، كل هذا بسبب شؤم الذنوب .
وقد صدق من قال: حرمت قيام الليل سنة بذنبٍ عملته . وعندما قيل للحسن لا نستطيع قيام الليل، قال قيدتك خطاياكم . وقال الفضيل : " إذا كنت لا تستطيع قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محبوس قد قيدتك ذنوبك".
فلابد من التوبة النصوح المستلزمة لشروطها، المصحوبة برد الحقوق إلى أهلها، والمصاحبة للافتقار وإظهار الفاقة والحاجة إلى العزيز الغفار،
عرف العلماء التوبة النصوح :بأنها التوبة الخالصة الصادقة والرجوع من ذنب سبق اقترافه قال تعالى آمرا عباده بالرجوع إليه ((وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون)) وقال ((يأيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا)) أي صادقة خالصة بالغة الغاية في النصح بضم النون وقرأ الجمهور بالفتح وهي صيغة مبالغة أسند النصح إليها مجازا وهي من نصح الثوب إذا خاطه فكأن التائب يرقع ما مزقه بالمعصية.. وشرطها كما يلي: 1-الإسلام فلا تصح من كافر لقوله تعالى:{وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار}2-الإخلاص فلا تصح ممن ترك الذنب لغير الله كمن تركه شحا بماله - أو خوفا من أن يعيره الناس أو عجز عن اقترافه لأن التوبة قيدت بأن تكون لله قال تعالى :{إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما}فالخطاب لحفصة وعائشة بطريق الالتفات ليكون أبلغ في عتابهما والجواب محذوف والتقدير:{إ ن تتوبا إلى الله ...كان خيرا لكما من التعاون على إيذاء النبي (ص)..3-الاعتراف بالذنب فالجهل بالذنوب ينافي الهدى فلذلك لا تصح التوبة إلا بعد معرفة الذنب والاعتراف به وطلب التخلص من سوء عواقبه لقوله (ص)لعائشة في قصة الإفك: "أما بعد يا عائشة إنه قد بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد إذا اعترف ثم تاب تاب الله عليه}رواه البخاري ومسلم..4- الندم إذ لا تتحقق التوبة إلا به فمن لم يندم دل ذلك على الرضا بالقبح قال (ص):{الندم توبة}رواه أحمد وابن ماجة والحاكم وصححه ووافقه الذهبي والألباني في صحيح الجامع. 5- الإقلاع عن المعصية فإن كان الذنب مالا رده إلى أهله وإن كان قذفا طلب العفو وإن كانت غيبة استحله من صاحبها أودعا له قال تعالى ((وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون)). 6- أن يتوب قبل الغرغرة وهي حال النزع لقوله(ص){إن الله يقبل توبة العبد مالم يغر غر}رواه الترمذي وصححه الحاكم ووفقه الذهبي وحسنه الألباني
من هنا لم تقبل توبة فرعون عند ما أدركه الغرق لقول المولى (حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين آلان وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين))وقال وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن 7- الاستقامة بعد التوبة لقوله تعالى :{فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا} 8-الإصلاح بعد التوبة والعمل الصالح لقوله تعالى :{فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه}وقال :{فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين }.....أما فضائل التوبة النصوح فهي كالتالي:1- تلحق المذنب بمن لم يرتكب ذنبا لقوله (ص){التائب من الذنب كمن لا ذنب له}حديث حسن أخرجه ابن ماجة وغيره وذكره الألباني في الضعيفة ،2- تبدل السيئات حسنات لقوله تعالى{فأما من تاب وآمن وعمل صلحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات}3- من فضائل التوبة النصوح أنها سبب الفلاح لقوله تعالى:{وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون}وقال ((فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين))فلقد خاطب الله تعالى أهل الإيمان بأن يتوبوا إليه ثم علق الفلاح بالتوبة تعليق المسبب بسببه وأتى بلعل وعسى المشعرتان بالترجي إيذانا بأنكم إذا تبتم كنتم على رجاء الفلاح فلا يرجوا الفلاح إلا التوابون جعلنا الله منهم آمين.4- >ومنها أن التوبة هي الطريق إلى الجنة قال تعالى :{إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا}5-> ومنها أنها سبب الحياة الهادئة لقوله تعالى {وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا . 6- >ومنها أن التوبة النصوح مطهرة للقلب لقوله(ص){إن العبد إذا أخطأ نكتت نكتة سوداء في قلبه فإن هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه وهو الران الذي ذكر الله تعالى:{كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}صححه الحاكم ووفقه الذهبي وحسنه الألباني ،والصقل بالصاد والسين بمعنى واحد وهو الجلاء والمراد به هنا أن التوبة تمحو الخطيئة والران :صدأ يغشى القلب حتى يسود من الخطايا .....وبالتالي لا قنوط فرحمة الله تسع كل المذنبين ،،،،،فرحمة الله تسع كل مسرف في حق مولاه لقول الله على لسان الملائكة :{ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم}.
فمن سعة رحمته:أنه يغفر الذنوب كلها لقوله تعالى :{قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا}،ومن سعة رحمته:أنه فتح باب التوبة ليلا ونهارا لقوله (ص):{إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها}. صحيح مسلم ...ومن سعة رحمته:أنه يقبل التوبة ولو تكرر الذنب لقول الله تعالى:{ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما}ولقوله (ص)فيما يحكي عن ربه:{إذا أذنب عبد ذنبا فقال :اللهم اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ثم عاد فأذنب فقال أي رب اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى عبدي أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ثم عاد فأذنب فقال أي رب اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا
{يغفر الذنب ويأخذ بالذنب اعمل ما شئت فقد غفرت لك )أخرجه مسلم من حديث أبي هربرة.
***علامات الصدق في التوبة فهي كالتالي:
العلامة الأولى: الإقلاع الفعلي والأخذ في مقابله من أعمال الطاعة وهذا يدل على حساسية القلب وشعوره بالذنب ورغبته في التوبة وخير دليل على هذا هو ما رواه البخاري ومسلم عن النبي (ص)حيث قال:{كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب فقال إنه قتل تسعة وتسعين فهل له من توبة فقال لا فقتله فكمل به مائة ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم فقال إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة فقال نعم ومن يحول بينه وبين التوبة انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن فيها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة جاء تائبا مقبلا بقلبه على الله وقالت ملائكة العذاب إنه لم يعمل خيرا قط فأتاه ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة..العلامة الثانية:استدراك ما فات من رد المظالم إلى أهلها واستحلال أهلها منها وهذا يدل على تعظيم الله في قلبه وشد خوفه منهالعلامة الثالثة:عدم الأمن من مكر الله: فيصحبه الخوف طيلة عمره حتى يبشرعند الموت ومن هنا كان السلف يشتد قلقهم من سوء الخواتيم وكان سفيان يبكي الليل كله ويقول :أخاف أن أكون في أم الكتاب شقيا وأخاف:{أن أسلب الإيمان عند الموت}......
أما الوسائل المعينة على التوبة فكالتالي :1-> الابتعاد عن قرناء السوء واستبدالهم بقرناء صالحين لقوله (ص):{من ولاه الله عز وجل من أمر المسلمين شيئا فأراد به خيرا جعل له وزير صدق إن نسي ذكره وإن ذكر أعانه}رواه البزار ورجاله رجال الصحيح ولقوله: (ص){مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير}مسلم2- >محاسبة النفس على الأمور التي ينبغي أن يعملها من أعمال اليوم والليلة كالذكر والصلاة في الجماعة وأذكار الصباح والسنن الراتبة والتوبة والاستغفار من الذنب ليومه لما في الصحيح أن النبي (ص)كان يستغفر الله في اليوم مائة مرة)) وقد جاء في التاريخ ((أن توبة بن الصمة : قتيل المحاسبة كان من المحاسبين لأنفسهم فحسب يوما فإذا هو ابن الستين سنة فحسب أيامها فإذا أحد وعشرون ألف يوم وخمسمائة يوم فصرخ وقال:{يا ويلتي أألقى ربي بأحد وعشرين ألف ذنب كيف وفي اليوم آلاف من الذنوب ثم خر مغشيا عليه فإذا هو ميت فسمعوا قائلا يقول:{يا لك ركضة إلى الفردوس الأعلى}
. وعلامة الصدق أيضا كثرة الإلحاح ودوام الطلب وكثرة الاستغفار، فارفع يديك إليه وناجه وتوسل إليه بقول ابن ناصر المغربي الدرعي .
يا من يرى ما في الضمير ويسمع .. أنت المعد لكـل ما يتوقـع
يا من يرجّى للشــدائد كلها .. يا من إليه المشتكى والمفـزع
يا من خزائن فضـله في قول كن .. امنن فإن الخير عندك أجمع
مالي سوى فقـري إليك وسيلة .. فبالافتــقار إليك فقري أدفع
مالي سوى قرعي لبابك حــيلة .. فـإذا رددت فـأي باب أقــرع
ومن الذي أرجو وأهتف باسمه.. إن كان جودك عن فقيرك يمنع
حاشـا لفضلك أن تقنـط راجيا .. الجود أجـزل والمواهب أوســع
***الوسيلة الثالثة - معرفة شرف الزمان
فالوقت هو الحياة، وهو رأس مالك الذي تتاجر فيه مع الله، وتطلب به السعادة وكل جزء يفوت من هذا الوقت خاليًا من العمل الصالح يفوت على العبد من السعادة بقدره قال ابن الجوزي: ينبغي للإنسان أن يعرف شرف وقيمة وقته فلا يضيع فيه لحظة في غير قربة .
إذا كان رأس المال عمرك فاحترز .. ... .. عليه من الإنفاق في غير واجب
ورمضان من أنفس لحظات العمر، ومما يجعل الإنسان لا يفرط في لحظة منه أن يتذكر وصف الله له بأنه "أيامًا معدودات" وهي إشارة إلى أنها قليلة وأنها سرعان ما تنتهي، وهكذا الأيام الغالية والمواسم الفاضلة سريعة الرحيل، وإنما يفوز فيه من كان مستعدًا له مستيقظا إليه .
ولقد دعا النبي (ص)إلى انتهاز فرصة الفراغ فقال لرجل وهو يعظه .في صحيح الحاكم عن ابن عباس أن رسول الله e قال لرجل وهو يعظه: "اغتنِمْ خمسًا قبلَ خمسٍ: شبابَكَ قبلَ هَرَمِكَ، وصحتَكَ قبلَ سَقمِكَ، وغِناكَ قبلَ فقرِكَ، وفَراغَكَ قبلَ شُغلِكَ، وحياتَكَ قبلَ موتِكَ".
وقال غنيم بن قيس: كنا نتواعظ في أول الإسلام: ابن آدم! اعمل في فراغك قبل شغلك، وفي شبابك لكبرك، وفي صحتك لمرضك، وفي دنياك لآخرتك، وفي حياتك لموتك. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة t عن النبي e: "بادروا بالأعمالِ سِتًّا: طلوعَ الشمسِ مِن مغربِها، والدخانَ، والدجالَ، والدابةَ، وخاصةَ أحدِكم، وأمرَ العامةِ"(1). أي: سابقوا ست آيات دالة على وجود القيامة قبل وقوعها وحلولها؛ فإن العمل بعد وقوعها وحلولها لا يُقبل ولا يُعتبر.
والمراد من هذا أن هذه الأشياء كلها تعوق عن الأعمال، فبعضها يشغل عنه إما في خاصة الإنسان، كفقره وغناه، ومرضه وهرمه وموته، وبعضها عام كقيام الساعة، وخروج الدجال، وكذلك الفتن المزعجة، وجاء في حديث آخر: "بادروا بالأعمالِ فِتَنًا كقِطَعِ الليلِ المظلمِ".وبعض هذه الأمور العامة لا ينفع بعدها عمل،.....
عن أبي بزرة الأسلمي t قال: قال رسول الله e: "لا تزولُ قدمَا عبدٍ حتى يُسألَ عن: عمرِهِ فيمَ أفناهُ، وعن علمِهِ ما عملَ فيهِ، وعن مالِهِ من أين اكتسبهُ وفيمَ أنفقهُ، وعن جسمه فيمَ أبلاه". [رواه الطبراني، وصححه الألباني في "صحيح الجامع"]
[إن شأن الناس في الدنيا غريب؛ يلهون والقَدَر معهم جاد، وينسون وكل ذرة من أعمالهم محسوبة.. ومن الخداع أنْ يحسب المرء نفسه واقفًا والزمن يسير! إنه خداع النظر حين يخيل لراكب القطار أنّ الأشياء تجري وهو جالس، والواقع أن الزمن يسير بالإنسان نفسه إلى مصيره العتيد.
إن عمرك رأس مالك الضخم، ولسوف تُسأل عن إنفاقك منه، وتصرفك فيه.. والإسلام نظر إلى قيمة الوقت في كثير من أوامره ونواهيه؛ فعندما جعل الإعراض عن اللغو من معالم الإيمان كان حكيمًا في محاربة طوائف المتبطلين؛ الذين ينادي بعضهم بعضًا: تعالَ نقتل الوقت بشيء من التسلية!! وما درى الحمقى أن هذا لعب بالعمر، وأنّ قتل الوقت على هذا النحو إهلاك للفرد، وإضاعة للجماعة.
قال الحسن البصري: ما مِن يوم ينشق فجره إلا نادى منادٍ: يا ابن آدم! أنا خَلْقٌ جديد، وعلى عملك شديد، فتزوَّدْ مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة.
وإنه لمن فضل الله ودلائل توفيقه أنْ يُلهَم المرء استغلال كل ساعة من عمره في العمل، والاستجمام من جهد استعدادًا لجهد آخر.. وصدق رسول الله e: "نعمتانِ مغبونٌ فيهِما كثيرٌ من الناسِ: الصحةُ والفراغُ" [متفق عليه].
**ومن استغلال الإسلام للوقت بأفضل الوسائل حثه على مداومة العمل وإنْ كان قليلاً،في الحديث: "يا أيها الناسُ خذوا مِنَ الأعمالِ ما تُطيقون، فإنَّ اللهَ تعالى لا يَمَلُّ حتى تَمَلُّوا، وإنَّ أحبَّ الأعمالِ إلى اللهِ ما دامَ وإنْ قَلََّ". [متفق عليه]
والذي يجب أنْ نعقله أن حياتنا هذه ليست سدى.. وأن الله أجل من أنْ يجعلها كذلك.. وإذا انتفعنا بمرور الزمن على خير وجه؛ سجلنا لأنفسنا خلودًا لا يناوشه الزمن بِهَرَم ولا بِلَى عند الرفيق الأعلى..] [خلق المسلم للغزالي (ملخصًا)]
قال عبد الله بن مسعود t: ما ندمتُ على شيء إلا على يوم غربت شمسه؛ نقص فيه أجَلِي، ولم يزد فيه عملي.
وقال الحسن البصري: أدركتُ أقوامًا كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصًا على دراهمكم ودنانيركم!
وقال يحيى بن معاذ: المغبون مَن عطَّل أيامه بالبطالات، وسلَّط جوارحه على الهلكات، ومات قبل إفاقته من الجنايات.
وقال بعض السلف: مَن أمضى يومه في غير حق قَضَاه، أو فرض أدَّاه، أو مجد أثَّلَه(1)، أو حمد حَصَّله، أو خير أسَّسه، أو علم اقتبسه؛ فقد عَقَّ يومه، وظلم نفسه.
قال أبو الوفاء ابن عقيل: إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة، وبصري عن مطالعة أُعمِل فكري في حال راحتي وأنا مستطرح، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره، وإني لأجد من حرصي على العلم وأنا في عشر الثمانين أشد مما كنتُ أجده وأنا ابن عشرين!
وكان / دائم الاشتغال بالعلم، قد جمع علوم الأصول والفروع، وصنف فيها الكتب الكبار. [قال الحسن: إنما أنت أيام مجموعة، كلما مضى يوم مضى بعضك. وقال: ابن آدم! إنما أنت بين مطيتين يوضعانك؛ يوضعك الليل إلى النهار، والنهار إلى الليل حتى يسلمانك إلى الآخرة.. فمَن أعظم منك يا ابن آدم خطرًا؟!
وكتب بعض السلف إلى أخ له: ياأخي! يُخيل لك أنك مقيم؛ بل أنت دائب السير، تُساق مع ذلك سوقًا حثيثًا.. الموت متوجه إليك، والدنيا تُطوَى مِن ورائك، ومامضى من عمرك فليس بعائد عليك إلى يوم التغابن. وقال بعض الحكماء: كيف يفرح بالدنيا مَن يومه يهدم شهره، وشهره يهدم سنته، وسنته تهدم عمره؟! كيف يفرح مَن يقوده عمره إلى أجله، وتقوده حياته إلى موته؟
على سَفَرٍ يُفنِيهِ باليومِ والشهرِبعيدًا عن الدنيا قريبًا إلى القبرِ ... ... وما المرءُ إلا راكبٌ ظَهرَ عمرِهِيَبِيتُ ويُضحِي كلَّ يومٍ وليلةٍ
وقال الفضيل بن عياض لرجل: كم أتت عليك؟ قال: ستون سنة. قال: فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك؛ يوشك أن تبلغ! فقال الرجل: إنا لله، وإنا إليه راجعون. فقال الفضيل: أتعرف تفسيره؟ مَن عرف أنه لله عبد، وأنه إليه راجع، فليعلم أنه موقوف، ومَن علم أنه موقوف، فليعلم أنه مسئول، ومَن علم أنه مسئول؛ فليُعِدّ للسؤال جوابًا.. قال الرجل: فما الحيلة؟ قال: يسيرة.. تُحسِن فيما بقي؛ يُغفَر لك ما مضى.. فإنك إنْ أسأتَ فيما بقي؛ أُخِذتَ بما مضى وما بقي.
***الوسيلة الرابعة - التقلل من الطعام:
وهو مقصد من مقاصد الصيام ومن مقاصد رمضان التعود على تقليل الطعام، وإعطاء المعدة فرصة للراحة، وإعطاء النفس فرصة للطاعة، فكثرة الطعام هذه هي التي قسَّت القلوب حتى صيرتها كالحجارة، وأثقلت على النفوس الطاعة، وزهدت الناس في الوقوف بين يدي الله . فمن أراد الاستمتاع بالصلاة فلا يكثر من الطعام، بل يخفف؛ فإن قلة الطعام توجب رقة القلب، وقوة الفهم، وإنكسار النفس، وضعف الهوى والغضب .
قال محمد بن واسع: من قل طعامه فهم وأفهم وصفا ورق، وإن كثرة الطعام تمنع صاحبها عن كثير مما يريد .
قال سلمة بن سعيد: إن كان الرجل ليعير بالبطن كما يعير بالذنب يعمله .
وقد تجشأ رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقا ل: [كف عنا جشاءك، فإن أطولكم شبعًا في الدنيا أطولكم جوعًا يوم القيامة] رواه الترمذي
علمتنا المدارس القرآنية والنبوية ــ قبل أن يكون ثمة مدارس وطب حديث ــ مضار الإسراف في الطعام وفضل الاعتدال في المأكل والمشرب وتنظيم الطعام وهو أساس الصحة والنشاط وعماد الطب وضرورة لكل علاج قال تعالى:<يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا>فلقد جمع الله الطب كله في نصف آية
وقال <ص>:<نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع>أخرجه مسلم
وقال<ص>:"المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء"أخرجه البخاري وقال<ص>:<ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه بحسب آدم أكلات بقمن صلبة فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه>أخرجه الترمذي في صحيحه
إن الإسراف في المباحات: يؤدي إلى السمنة وضخامة البدن وسيطرة الشهوات والتثاقل عن العبادة ومن ثم الانقطاع عن صلاة الجماعة وعمل الخير ولعل هذا هو السر في النهي عن الإسراف قال تعالى:<كلوا واشربوا ولا تسرفوا>فقد جمع الله الطب كله في نصف آية
**فوائد الصوم الطبية : 1} الفائدة الأولى: ءاثار الصيام على صحة الأجسام والأبدان فإن نبي الله أوجز فوائد الصيام الخاصة والعامة في كلمة جامعة حيث قال فيما رواه الطبراني عن أبي هريرة مرفوعا بسند رجاله ثقات { صوموا تصحوا } أيها الناس إن مضار البطنة كثيرة أشار لها النبي ص} بقوله فعَنْ مِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ} رواه الترمذي .. .قد ثبت أن المخلوقات كلها تصوم لتصح فالحيوان عندما يصاب بمرض يكف عن الطعام وكذلك الأشجار تلقي أوراقها وتتجرد من كل شيء لتتعافى في أحد فصولها وهكذا ......
وأما ءاثار الصوم الصحي على الصحة فكثير ذكر الأطباء أن من حكم الصوم الأسياسية إعطاء أجهزة الجسم عامة والجهاز الهضمي خاصة بعضا من الراحة يتخلص الجسم خلالها من التسممات الناتجة عن الأمراض من الأكل مما يؤدي إلى البدانة التي تنتج عنها الحصوات البولية وءالام المفاصيل والبول السكري والأجهزة العصبية لكن بشرط أن يتتبع الصائمون فيه التعاليم الصحية من الامتناع عن المغالاة في تناول العديد من الأطعمة الدسمة في الفطور والسحور . فلقد بين العلماء فضل الصوم على الصحة بعد الاكتشافات البيولوجية والفزيولوجية في هذا المجال وهذه النتائج كالتالي :
1} الصوم راحة للجسم ليتمكن من إصلاح أعطابه
2} الصوم يوقف عملية امتصاص المواد المتبقية في الأمعاء هذه المواد إذا بقيت في الجسم تتحول إلى نفايات سامة
1>> أثر الصوم الصحي على الدم لقد تبين أن الصوم الصحي يرفع من عدد الكريات الحمر الدموية بشكل ملحوظ وبفضله شفي عدد من المصابين بفقر الدم فلقد سجل الدكتور { وين هي } خلال فترة 20 سنة واحدا ومائة حالة مرضية بفقر الدم مستعصية شفيت بفضل الصوم. وعلى هذا ننصح المصابين بداء { مرض فقر الدم } أن يصوموا .
2>> أثر الصوم الصحي على الرئية< الجهاز التنفسي> فقد يستفيد كثيرا من عملية الصيام . ولقد عالج الدكتور { موركوليس } بالصوم العديد من أمراض الرئية بالأخص مرض الربو الذي يتراجع بصفة ملحوظة إثر الصوم لأن السموم التي تنتج عن عملية الهضم يؤثر عليها الصوم .
3>> . أثر الصوم الصحي على القلب فأمراض القلب في الغالب تكون نتيجة العادات الخاطئية في طرق المعيشة وهذا بإمكان الإنسان أن يقي نفسه من هذه الأمراض بالصيام وهذا ما دفع العالم كرنكطون إلى القول جازما : { إن الصوم وبدون شك هو أكبر المقويات بالنسبة للقلوب المتعبة و الضعيفة } ثم أضاف قائلا : إن القلب يتقوى تدريجيا بفضل الصوم }
4>>: أثر الصوم على المعدة تعتبر المعدة المخزن الرئيسي لكافة أنواع الأطعمة والشراب ويساعدها في ذلك قدرتها على التمطط فيجب على المريض بقرحة المعدة أن يلتزم مبدئيا بكمية غذائية أساسها راحة المعدة يتناول طعاما منظما وبسيطا ـ حليب خضر مسلوقة بعض الفواكه ـ فمتاعب المعدة وأمراضها تأتي قبل كل شيء من الأكل والشرب فعدم الانتظام في مواعيد الأكل والإفراط في المأكولات الخشنة كل هذا يعتبر من أهم أسباب الإصابة بأمراض المعدة وهي الأمراض التي يطلق عليها الآن <أمراض المدنية الحديثة>..والوقاية من هذه الأمراض أساسه إراحة المعدة بالصيام أو بتناول طعام بسيط ومحكم قال الدكتور بنيوسف:<الصوم يجلب الراحة للمعدة مما يتيح لها فرصة مراجعة وإصلاح أضرارها الخ اهـ صفحة 47 <الصوم في الإسلام في ضوء الطب الحديث>
***الوسيلة الخامسة - تعلم آداب الصيام وأحكامه:
حتى يتم للإنسان صيامه على الوجه الذي يحبه الله ويرضاه فيسحتق بذلك تحصيل الأجر والثواب وتحصيل الثمرة المرجوة والدرة الغالية وهي التقوى،قال تعالى < يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ> ****..ومن آدابه :
1>>عدم الرد على المشاغب في رمضان خاصة .عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ وَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا> البخاري و ليس الصيام مجرد الإمساك عن الأكل و الشرب و سائر ما نهى الله عنه , فعن ابى هريرة رضى الله عنه ان النبى صلى الله عليه و سلم قال (( ليس الصيام من الأكل و الشرب و إنما الصيام من اللغو و الرفث , فإن سابك أحد او جهل عليك , فقل إنى صائم )) ::: رواة بن خزيمة و ابن حبان و الحاكم ::: و عن النبى صلى الله عليه و سلم قال (( رُب صائم ليس له من صيامة إلا الجوع و رُب قائم ليس له من قيامة إلا السهر )) ::: رواة النسائى و ابن ماجة و الحاكم : و قال صحيح على شرط البخارى ::: .
2- السواك :-
يستحب للصائم أن يتسوك أثناء الصوم و لا فرق بين اول النهار و آخرة , و قال الترمزى (( و لم ير الشافعى بالسواك , أول النهار و آخرة بأساً )) و كان النبى صلى الله عليه و سلم يتسوك و هو صائم .
3- الجود و مدارسة القرآن :-
الجود و مدارسة القرآن مستحبان فى كل وقت , إلا أنهما آكدا فى رمضان , روى البخارى عن ابن عباس رضى الله عنهما , كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أجود الناس , و كان أجود ما يكون فى رمضان حين يلقاة جبريل عليه السلام , و كان يلقاة كل ليلة فى رمضان فيدارسة القرآن فلرسول الله صلى الله عليه و سلم أجود بالخير من الريح المرسلة .
4- الإجتهاد فى العبادة فى العشر الأواخر من رمضان :-
روى البخارى و مسلم عن عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه و سلم (( كان إذا دخل العشر الأواخر أحيى الليل , و أيقظ أهلة , و شد المئزر )) و فى رواية مسلم (( كان يجتهد فى العشر الأواخر ما لا يجتهد فى غيرة )) .
ومِن آداب الصيام ما يلي
واعلموا أنه لا يتم الصوم إلا باستكمال ستة أمور:
الأول: غضُّ البصر وكفه عن الاتساع في النظر إلى كل ما يُذَم ويُكره.
الثاني: حفظ اللسان عن الهذيان، والغيبة والنميمة، والكذب.
الثالث: كف السمع عن الإصغاء إلى كل مُحَرَّم أو مكروه.
الرابع: كف بقية الجوارح عن الآثام.
الخامس: ألا يستكثرَ من الطعام.
السادس: أن يكون قلبه بعد الإفطار مضطربًا بين الخوف والرجاء؛ إذ ليس يدري أيقبل صيامه فهو من المقرَّبين، أو يرد عليه فهو من الممقوتين؟ وليكن ذلك في آخر كل عبادة[1].
نبذ في الصيام وفوائد أخرى على وجه الإيجاز:
1- الصيام: هو التعبد لله - تعالى - بترك المفطِّرات من طُلُوع الفجر إلى غروب الشمس.
2- صيام رمضان أحد أركان الإسلام العظيمة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم ((بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت الحرام))؛ متفق عليه.
أقسام الناس في الصيام:
1- الصوم واجب على كل مسلم بالغ عاقل قادر مقيم.
2- الكافر لا يصوم، ولا يجب عليه قضاء الصوم إذا أسلم.
3- الصغير الذي لم يبلغ لا يجب عليه الصوم، ولكن يؤمر به ليعتاده.
4- المجنون لا يجب عليه الصوم، ولا الإطعام عنه، وإن كان كبيرًا، ومثله المعتوه الذي لا تمييز له، والكبير المهذري الذي لا تمييز له.
5- العاجز عن الصوم لسبب دائم كالكبير والمريض مرضًا لا يرجى برؤه، يُطعم عن كل يوم مسكينًا.
6- المريض مرضًا طارئًا يُنتظر برؤه، يفطر إن شقَّ عليه الصوم، ويقضي بعد برئه.
7- الحامل والمرضع إذا شق عليهما الصوم من أجل الحمل أو الرضاع، أو خافتا على ولديهما، تفطران وتقضيان الصوم إذا سهل عليهما وزال الخوف.
8- الحائض والنفساء لا تصومان حال الحيض والنفاس، وتقضيان ما فاتهما.
9- المضطر للفطر لإنقاذ معصوم من غرَق أو حريق، يفطر لينقذه ويقضي.
10- المسافر إن شاء صام وإن شاء أفطر، وقضى ما أفطره، سواء كان سفره طارئًا، كسفر العمرة، أم دائمًا كأصحاب سيارات الأجرة (التكاسي والمرشدين)، فيفطرون إن شاؤوا ما داموا في غير بلدهم.
**فوائد أخرى
1- يجوز للصائم أن ينوي الصيام وهو جُنُب، ثم يغتسل بعد طلوع الفجر.
2- يجب على المرأة إذا طهرتْ في رمضان من الحيض أو النفاس قبل الفجر أن تصوم، وإن لَم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر.
3- يجوز للصائم قلعُ سنِّه، ومداواة جرحه، والتقطير في عينيه وأذنيه، ولا يفطر بذلك ولو أحس بطعم القطور في حلقه.
4- يجوز للصائم أن يتسوَّك في أول النهار وآخره، وهو سُنة في حقه كالمفطرين.
5- يجوز للصائم أن يفعل ما يخفف عنه شدة الحر والعطش، كالتَّبَرد بالماء والمكيف.
6- يجوز للصائم أن يبخ في فمه ما يخفف عنه ضيق التنفس الحاصل من الضغط أو غيره.
7- يجوز للصائم أن يبل بالماء شفتيه إذا يبستا، وأن يَتَمَضمَض إذا نشف فمه، من غير أن يتغرغر بالماء.
8- يسن للصائم تأخير السحور قبيل الفجر، وتعجيل الفطور بعد غروب الشمس، ويفطر على رطب، فإن لم يجد فعلى تمر، فإن لم يجد فعلى ماء، فإن لم يجد فعلى أي طعام حلال، فإن لم يجد نوى الفطر بقلبه حتى يجد.
9- يُسن للصائم أن يكثر من الطاعات، ويجتنب جميع المنهيات.
10- يجب على الصائم المحافظة على الواجبات، والبُعد عن المحرمات، فيصلي الصلوات الخمس في أوقاتها، ويؤدِّيها مع الجماعة إن كان من أهل الجماعة، ويترك الكذب والغيبة والغش والمعاملات الربويَّة، وكل قول أو فعل محرَّم؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم ((من لم يَدَعْ قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجةٌ في أن يدعَ طعامه وشرابه))؛ رواه البخاري.
**الوسيلة السادسة - تعويد النفس على
1>الصيام: وقد كان النبي يصوم شعبان كله كان يصوم شعبان إلا قليلاً . استعدادا وفرحا برمضان روى البخاري عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ
لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَهْرًا أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ وَكَانَ يَقُولُ خُذُوا مِنْ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا وَأَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّتْ وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً دَاوَمَ عَلَيْهَا>
2>) القيام: وهي سنة عظيمة أضعناها، ولذة عجيبة ما تذوقناها، وجنة للمؤمنين في هذه الحياة ولكنا يا للأسف ما دخلناها ولا رأيناها . مدرسة تربى فيها النفوس، وتزكى فيها القلوب، وتهذب فيها الأخلاق . عمل شاق، وجهاد عظيم لا يستطيعه إلا الأبطال من الرجال، والقانتات من النساء، الصابرين والصادقين ... بالأسحار . هو وصية النبي لنا وعمل الصالحين قبلنا: [عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد] رواه الترمذي . إن تعويد النفس على قيام الليل ضروري قبل رمضان وبعد رمضان
(3>) كثرة التلاوة: شهر رمضان شهر القرءان، فللقرآن في رمضان مزية خاصة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتدارس القرآن مع سيدنا جبريل في رمضان كما في حديث ابن عباس وذلك كل ليلة،روى أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْ أَجْوَدِ النَّاسِ وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ يُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أَجْوَدَ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ
**الوسيلة السابعة ـ المسابقة والجدية
وهي أصل في العبادة كما في كتاب الله وسنة رسوله، قال تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (آل عمران:133) وقال سبحانه: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (الحديد:21) وفي الحديث: سبق المفردون سبق المفردون قالوا: وما المفردون يا رسول الله! قال "الذاكرون الله كثيرًا، والذاكرات".
وقد كان كل واحد من الأولين يعتبر نفسه المخاطب بهذا الأمر دون غيره فكانوا يتسابقون في الطاعة يدلك على هذا ما أثر عنهم من قولهم: "لو أن رجلا بالمشرق سمع أن رجلا بالمغرب أحب إلى الله منه فانصدع قلبه فمات كمدا لم يكن عجبا" .
وقالت جارية لعمرو بن دينار: رأيت في المنام كأن مناديا ينادي: الرحيل .. الرحيل، فما رحل إلا محمد بن واسع !! فبكى عمرو حتى وقع مغشيا عليه.
•** السية الثامنة : الدعاء بأن يبلغك الله شهر رمضان وأنت في صحة وعافية , حتى تنشط في عبادة الله تعالى , من صيام وقيام وذكر , فقد روي عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – أنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل رجب قال ( اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان ( رواه أحمد والطبراني ) . لطائف المعارف . وكان السلف الصالح يدعون الله أن يبلغهم رمضان , ثم يدعونه أن يتقبله منهم .
** فإذا أهل هلال رمضان فادع الله وقل ( الله أكبر اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام , والتوفيق لما تحب وترضى ربي وربك الله ) [ رواه الترمذي , والدارمي , وصححه ابن حيان ]
** الوسيلة التاسعة : الحمد والشكر على بلوغه , قال النووي – رحمه الله – في كتاب الأذكار : ( اعلم أنه يستحب لمن تجددت له نعمة ظاهرة , أو اندفعت عنه نقمة ظاهرة أن يسجد شكراً لله تعالى , أو يثني بما هو أهله ) وإن من أكبر نعم الله على العبد توفيقه للطاعة , والعبادة فمجرد دخول شهر رمضان على المسلم وهو في صحة جيدة هي نعمة عظيمة , تستحق الشكر والثناء على الله المنعم المتفضل بها , فالحمد لله حمداً كثيراً كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه .
•** الوسيلة العاشرة : الفرح والابتهاج , ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يبشر أصحابه بمجئ شهر رمضان فيقول : ( جاءكم شهر رمضان , شهر رمضان شهر مبارك كتب الله عليكم صيامه فيه تفتح أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب الجحيم ... الحديث . ( أخرجه أحمد ) .
وقد كان سلفنا الصالح من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان يهتمون بشهر رمضان , ويفرحون بقدومه , وأي فرح أعظم من الإخبار بقرب رمضان موسم الخيرات , وتنزل الرحمات .
•** الوسيلة الحادية عشرة : العزم والتخطيط المسبق للاستفادة من رمضان , الكثيرون من الناس وللأسف الشديد حتى الملتزمين بهذا الدين يخططون تخطيطاً دقيقاً لأمور الدنيا , ولكن قليلون هم الذين يخططون لأمور الآخرة , وهذا ناتج عن عدم الإدراك لمهمة المؤمن في هذه الحياة, ونسيان أو تناسى أن للمسلم فرصاً كثيرة مع الله ومواعيد مهمة لتربية نفسه حتى تثبت على هذا الأمر ومن أمثلة هذا التخطيط للآخرة , التخطيط لاستغلال رمضان في الطاعات والعبادات , فيضع المسلم له برنامجاً عملياً لاغتنام أيام وليالي رمضان في طاعة الله تعالى.
•** الوسيلة الثانية عشرة : عقد العزم الصادق على اغتنامه وعمارة أوقاته بالأعمال الصالحة , فمن صدق الله صدقه وأعانه على الطاعة ويسر له سبل الخير , قال الله عز وجل : { فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ } [ محمد : 21}
•** الوسيلة الثالثة عشرة : التهيئة النفسية والروحية من خلال القراءة والاطلاع على الكتب والرسائل , وسماع الأشرطة الإسلامية من { المحاضرات والدروس } التي تبين فضائل الصوم وأحكامه حتى تتهيأ النفس للطاعة فيه فكان النبي صلى الله عليه وسلم يهيء نفوس أصحابه لاستغلال هذا الشهر , فيقول في آخر يوم من شعبان : جاءكم شهر رمضان ... إلخ الحديث أخرجه أحمد والنسائي ( لطائف المعارف ).
•** الوسيلة الرابعة عشرة : الإعداد الجيد للدعوة إلى الله فيه , من خلال :
1- تحضير بعض الكلمات والتوجيهات تحضيراً جيداً لألقائها في مسجد الحي .
2- توزيع الكتيبات والرسائل الوعظية والفقهية المتعلقة برمضان على المصلين وأهل الحي .
3- إعداد ( هدية رمضان) وبإمكانك أن تستخدم في ذلك ( الظرف) بأن تضع فيه شريطين وكتيب , وتكتب عليه (هدية رمضان) .
4- التذكير بالفقراء والمساكين , وبذل الصدقات والزكاة لهم .
•** الوسيلة الخامسة عشرة : استقبال رمضان بفتح صفحة بيضاء مشرقة مع :
أ- الله سبحانه وتعالى بالتوبة الصادقة .
ب- الرسول صلى الله عليه وسلم بطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر .
ج- مع الوالدين والأقارب , والأرحام والزوجة والأولاد بالبر والصلة .
د- مع المجتمع الذي تعيش فيه حتى تكون عبداً صالحاً ونافعاً قال صلى الله عليه وسلم :( أفضل الناس أنفعهم للناس ) اهـ منتدى صيد الفوائد.. الشبكة العنكبوتية بتصرف وزيادة وتنسيق .حميد أمين
لست ربوت