من الذاكرة النقابية بابن جرير في ذكرى فاتح ماي المحجور عليه:: الحسن مصطلح: المناضل الملتزم بقلم التابي عبد الكريم

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية من الذاكرة النقابية بابن جرير في ذكرى فاتح ماي المحجور عليه:: الحسن مصطلح: المناضل الملتزم بقلم التابي عبد الكريم

من الذاكرة النقابية بابن جرير في ذكرى فاتح ماي المحجور عليه:: الحسن مصطلح: المناضل الملتزم بقلم التابي عبد الكريم

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏٦‏ أشخاص‏، ‏‏أشخاص يقفون‏‏‏


















الحسن مصطلح: المناضل الملتزم المتعدد الذي ساهم في بناء (الكدش)، وغادر العمل متقاعدا قبل الأوان بعد سنوات طويلة من العطاء والمعاناة.
هل يجوز أن نصفي الحساب مع ذاكرتنا ونمسك الإبرة الفولاذية، ونخرمها بالطول والعرض حتى لا نبقي لها أثرا يتبعنا كالظل ويفسد علينا حاضرنا، ويشوش علينا مستقبلنا؟
هل يجوز أن نغمض جميعنا العين عن حقيقة رأيناها تغدو وتروح وتنبسط وتتمدد، وتمشي وتتوقف، حتى لا تتبعنا شبهة النظر للذي رحل وفات، وشبهة الجري وراء الذي صار ولم يعد، وشبهة الرقاد في كهف صحبة الهياكل العظمية والجماجم والمستحتات والطوابع البريدية والمسكوكات البرونزية، لنحقق بعض الانسجام النفسي مع الذات؟ وماذا سنقول للجيل الذي يمشي اليوم بيننا، حينما يسألنا: ما كنتم فاعلين في الزمن الذي كنتموه شبابا في مثل عمرنا؟ وأي أثر نتلمسه فيكم، ونشم رائحته في صحفكم الأولى والأخيرة؟
لا أتصور نفسي منشغلا بالحديث الشفهي مع شخص أو مجموعة أشخاص من الجيل الذي مضى أو الجيل الجاري، دون أن آتي سياسيا على ذكر من أسلفت ذكرهم، ودون أن آتي ثقافيا على ذكر من أسلفت ذكرهم، ودون أن آتي جمعويا على ذكر من أسلفت ذكرهم، ودون أن آتي نقابيا على ذكر من أسلفت ذكرهم، وعلى من أنا اليوم بصدد الإشارة إليه بالأصبع أو بالقلم أو بمفاتيح وأيقونات الحاسوب، الصديق والرفيق المناضل السياسي/ النقابي/ الاجتماعي، الحسن مصطلح الذي استغرق في حب النقابة الوطنية للتعليم (الكدش) والوفاء لها وخدمتها بكل تفان والتزام، لما تحمل مسؤولية قيادة مكاتبها انطلاقا من بداية تسعينيات القرن المنقضي بالمقر المترب بالدوار الجديد، مرورا بباقي المقرات التي احتضنت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل لما كانت لياقتها البدنية والنفسية والوجدانية في وضع أفضل مما هي عليه الحال اليوم، ولما كان مجرد الإعداد للإضراب معركة حقيقية، ولما كان يوم الإضراب معركة حقيقية تخلف القتلى والجرحى والمفقودين والمطرودين والمنفيين والمبعدين. ولما كان الإعداد لفاتح ماي عيدا، وكان فاتح ماي عريس الأعياد، كان السي حسن في قلب المعارك التعليمية والفوسفاطية والسككية في عز مجدها منخرطا بجوارحه ولكنته المتكررة، ومستعدا لكل شيء بما فيه الاستشهاد كما يروق له أن يردد دائما، وكما يرددها عنه رفاقه إلى اليوم. وبالقدر نفسه لازم حزب الطليعة كما يلازم ابنته رحاب، وكان يعلم أن لا معنى أخلاقيا وسياسيا لانتماء شخص إلى تعبير يساري، دون أن يسنده ويدعمه ويدافع عنه كلما لزم الأمر، وأن يصرف مواقفه في كل فضاء عام أو خاص يكون متاحا له.
جرى السي حسن وصدح وحاور زمن مقاطعة الانتخابات، وزمن المشاركة فيها نصيرا ومناصرا للمرشح أو لرأس اللائحة، وما سبق أن تهافت السي حسن على ترتيب متقدم، بل أن ترشيحه في كل الأحيان التي اشتركنا فيها، لا يكون إلا للضرورة النضالية التي يتعفف فيها الكبار عن مجاراة الصغار الذين لا يرون أنفسهم إلا خيول سباق في الواجهة وتحت الأنوار الكاشفة. لا تمر مناسبة نلتقي فيها دون أن يستحضر تلك المسيرات الصاخبة التضامنية مع الشعبين الفلسطيني والعراقي أيام النكبات العربية المستديمة، وكلما تصاعد دوي حناجر المحتجين، كان منسوب الغضب والانفعال يزداد عند السي حسن، الذي كان لا يفرط في وضع فلسطيني على عنقه، ولا ينسى ممثلي السفارتين الذين احتضنهم مقر السيديتي زمن العدوان بتلك الأهازيج الشرقية الجميلة لفرقة العاشقين وأميمة الخليل والشيخ الإمام عيسى وهو يرتل ترانيم ذاك الزمن اليساري العصوف.
خلال التنسيقيات المحلية التي كانت تلتئم زمن التسعينيات وتتشكل نواتها الصلبة من القوى الديمقراطية اليسارية، كان السي حسن دائم الحضور قبل الوقت المحدد للاجتماع، وفي غالب الأحيان يحضر باسم النقابة الوطنية للتعليم، ويساهم بشكل فعال وبرحابة صدر في إنتاج المواقف، وإنجاز كل ما يطلب منه من مهام.
لا يختلف حسن مصطلح النقابي والسياسي عن حسن مصطلح الذي كان أستاذا قبل أن يحيل نفسه على التقاعد المبكر، فقد كان الالتزام والانضباط والعمل بما يمليه ضمير المهنة، والحرص على إعادة الاعتبار إلى المدرسة العمومية، شعارا ترجمه على الأرض في مقرات النقابة كما في حجرات الدرس، كما في اللقاءات التربوية التي كانت مساهماته ومداخلاته فيها لا تحيد عن ضرورة تجويد المدرسة والارتقاء للتنشئة الاجتماعية الأولى بلا منا، وكمجال للتربية على القيم النبيلة والسلوك المدني، بما يخدم صناعة مواطن فاعل ومنتج وناقد ومشارك وواع بالحقوق والواجبات. وبنفس القدر لما يظهره من الصرامة والجدية، بنفس القدر يبدو السي حسن إنسانا طيبا خلوقا محترما، يحب مباهج الحياة في خلواتنا اليسارية حينما تتوحد الروح مع فيغدو الحسن هائما في عالم الأرواح يضحك ملء شدقيه، ويحكي الحكي المعتق حتى يفيض على من حواليه من رفقة اليسار.
عشية هبوب ريح 20 فبراير لما استدعانا العامل فريد شوراق في حضرة كل المسؤولين المدنيين والأمنيين والعسكريين ليثنينا عن الخروج مهددا متوعدا، كان الحسن حاضرا ومتدخلا ومذكرا أننا منذ 36 سنة من النضال ونحن حاضرون في الميدان، ويهمنا بلدنا وأمنه واستقراره، بالقدر الذي يهمنا أيضا شعبنا بأمنه واستقراره وحقه في الحرية والعدالة والكرامة والعيش الكريم.

في الصورة يبدو السي حسن بالقميص المخطط .

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button