1>: ما يحرم على الصائم فعله يحرم عليه في رمضان وغيره الكذب والغيبة والنميمة لكن في هذا الشهر تشتد الحرمة لأ فضيلة الزمان } عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ> البخاري
فينبغي للصائم أن يتعاهد صومه ويحذر زلة اللسان فلا يماري وبصون صومه من العبث والسب والشتم عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ> البخاري . الْمُرَاد بِالرَّفَثِ الْكَلَام الْفَاحِش .قوله ( وَلَا يَصْخَبْ )بِفَتْحِ الْخَاء الْمُعْجَمَة أَيْ لَا يَرْفَعْ صَوْتَهُ وَلَا يَغْضَبْ عَلَى أَحَدٍ قوله( فَإِنْ شَاتَمَهُ إِلَخْ )أَيْ خَاصَمَهُ بِاللِّسَانِ أَوْ الْيَد قوله( فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ )أَيْ فَلْيَعْتَذِرْ عِنْدَهُ مِنْ عَدَم الْمُقَابَلَة بِأَنَّ حَاله لَا يُسَاعِد الْمُقَابَلَة بِمِثْلِهِ أَوْ فَلْيَذْكُرْ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ صَائِمٌ لِيَمْنَعَهُ ذَلِكَ عَنْ الْمُقَابَلَةِ بِمِثْلِهِ .
اُخْتُلِفَ هَلْ يُخَاطِب بِهَا الَّذِي كَلَّمَهُ بِذَلِكَ أَوْ يَقُولهَا فِي نَفْسه وَبِالثَّانِي جَزَمَ الْمُتَوَلِّي وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيّ عَنْ الْأَئِمَّة وَرَجَّحَ النَّوَوِيّ الْأَوَّل فِي الْأَذْكَار وَقَالَ فِي شَرْح الْمُهَذَّب : كُلّ مِنْهُمَا حَسَن وَالْقَوْل بِاللِّسَانِ أَقْوَى ، فَلَوْ جَمَعَهُمَا لَكَانَ حَسَنًااهـ شرح سنن النساءي
{ 10 }
سادسا >>: ما لا يفسد الصوم ولا يوجب القضاء ولا الكفارة وذلك فيما يلي :
1} الحقنة وتسمى في بلادنا {الإبرة}سواء كانت تؤخذ في العضل أو تحت الجلد أو في الوريد .. ومن هذه الحقن ما يؤخذ للتداوي . .. ومنها ما يؤخذ للتقوية . ومنها ما يؤخذ للتغذية . أما ما يؤخذ للتداوي مثل ما يؤخذ لخفض درجات الحرارة في الحميات أو لخفض الضغط فعلماء العصر مجموعون على أنه لا يفطر ومثل ذلك ما يؤخذ للتقوية مثل الحقنة المشتملة على الفيتامينات فهي لا تفطر أيضا لأنها لا تصل إلى البدن من منفد مفتوح .....أما الذي اختلف فيه علماء العصر فهو في شأن الحقنة التي تعطي من طريق الوريد ويقصد بها التغدية مثل { الجلوكوز } فمن العلماء من يرى أن هذا النوع يفطر لأنه يحمل غذاء ومنهم من يرى أنه لا يفطر لأنه من ناحية قواعد الفقهاء لم يدخل إلى الجوف من منفذ طبيعي وهذا الأمر أي الأخير هو أرجحة وأميل إليه على أن هذا الأمر يسير ولا يحتاج إليه إلامن بلغ به المرض مبلغا عظيما أو خرج من عملية جراحية تحتاج معها إلى التغذية اهــ {{ فقه الصيام }} للقرضاوي..... . وقال الدكتور أبو سريع في أحكام الصيام فذكرنا أن الحقنة <<الشرجية>> مفطرة في القول الراجح خلافا للشيخ القرضاوي كما سيأتي ضمن رده على مفطرات الحنفية .وخلافا للظاهرية .والشرجية: معناها دخول شيء من الدواء في الدبر ـ القويلبات ــ أما الحقن الأخرى فقدا اختلف الفقهاء فيها على ثلاثة أقوال القول الأول: أنها لا تفطر سواء كانت في العروق أو في الجلد لأنها ليست بأكل ولا شرب ولأن الله نهى عن الأكل والشراب والجماع وما عدا ذلك فإنه لا يفطر إلا إذا كان من منفذ طبيعي . وحقنة الوريد والعضل لا تدخل من منفذ طبيعي ...القول الثاني أنها تفطر .. والراجح أن الحقنة التي تؤخذ في العرق والعضل لا تفطر لأنه إذا كانت الحجامة لا تفطر وقد ورد فيها النص فالحقنة ما عدا <الحقنةالشرجية> تكون غير معطرة
{ تتبه} قال القرضاوي لقد توسع الفقهاء في أمر المفطرات توسعا ما أظنه خطر ببال أحد من أصحاب النبي ص} فتجد في كتب الحنفية ما يقرب من ستين مفطرا والواقع أن جل ما يقال في هذا المجال مما لم يدل عليه محكم من القرءان أو السنة الصحيحة ولا أجمع عليها الفقهاء إنما هي اجتهادات يوخذ منها ويترك فلقد تفننوا في المفطرات تفننا غريبا وقعدوا لها قواعد ثم بنوا عليها فروعا لا تحصر والقواعد نفسها غير مسلمة لأنه لم يقم عليها د ليل محكم من القرءان والسنة فقد قالوا :
إن إيصال شيء من منفذ مفتوح إلى جوف الصائم يفطره.
ثم فسروا <الجوف> بأنه ما يسمى جوفا وإن لم يكن فيه قوة تحليل الغداء أو الدواء كحلق ودما غ وباطن .أذن .وإحليل ومثانة وهي مجمع البول فلو كان برأسه <مأ مومة >إي:{ إصابة بالدماغ } فوضع عليها دواء فواصل خريطته الدماغ أفطر . ولو وضع على<< جائفة>> أي: { جرح بالجوف } دواء فوصل جوفه أفطر وإن لم
{ 11 }
يصل باطن الأمعاء ... ...وذكروا هنا أن استعمال الحقنة { الشرجية } كما تسمى الآن تفطر... ثم نقل عنهم أن من أدخل في إحليله عودا مثل { عملية القسطرة } أفطر ...ثم نقل عنهم قولهم أيضا :
{ وينبغي الإحترازحالة الاستنجاء لأنه متى أدخل طرف إصبعه في دبره أفطر ولو أدنى شيء من الأنملة ومثله فرج الأنثى اهـ تابع بعض الغرائب المسجلة في كتب الفروع التي نقلها عنهم ورد عليها وقيدها في كتابه تيسير الفقه { فقه الصيام ص 87 2} الحجامة وهي أخذ الدم بطريق المص أو بئالة وهي جائزة لحديث ابن عباس { أن النبي ص احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم } رواه البخاري ولقد اختلف الفقهاء في الحجامة فالجنفية والشافعية والمالكية قالوالا تفطر . وأما الحنابلة فقد قالوا الحجامة تفطر لحديث ثوبان مرفوعا { أفطر الحاجم والمحجوم } رواه أبو داوود بإسناد صحيح لكن هذا الحديث الذي أخذ به الحنابلة منسوخ بحديث ابن عباس { احتجم وهو صائم } انظر أحكام الصيام للدكتور أبي سريع الصفحة 135
3} الرعاف وهو الدم الخارج من الأنف فكذلك لا يفطر إن كان بسبب الإنسان قياسا على الحجامة وذهب الحنابلة إلى أنه يفطر والراجح مذهب الشافعية والمالكية والحنيفة أنه لا يفطر.غذ لادليل على كونه من المفطرات .
4}نقل الدم من إنسان إلى ءاخر قد يؤخذ دم من إنسان لمعالجة ءاخر ولتعويضه عن دم نقص فحكم هذا النقل لا يفطر قياسا على الحجامة والله أعلم .
5} الجائفة والمأمومة لو أصيب الإنسان بجائفه ــ وهي الجرح الذي يصل إلى الجوف ثم يعالج المريض منه فهل يبطل الصوم .الحنابلة والشافعية والحنيفة قالوا إن الصائم لو داوى الجائفة أو المأمومة وهي : إصابته في الدماغ . فوصل الدواء إلى جوفه فسد صومه .. وأما المالكية فقالوا إن الصائم لا يفطر بمداواة الجائفة أو المأمومة لأن ذلك ليس بأكل أو شرب وليس بمنفذ طبيعي وقد كان المسلمون في عهد النبي ص} يجرحون في الجهاد .مأمومة وجائفة فلو كان ذلك يفطر لبينه لهم الرسول <ص> : وهذا هو الراجح الموافق لمسامحة الدين
6} الكحل والقطرة الكحل هو ما يكتحل به الإنسان. فالحنفية والشافعية : قالوا أن الكحل لا يفطر لما روى بن عمر قال انتظرت النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج إلينا في رمضان فخرج من بيت أم سلمة وقد كحلته وملات عيناه كحلا }بغية الحارث . وبما أخرجه ابن ماجه عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ اكْتَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ صَائِمٌ >>. فهذه الأحاديث فيها مقال في سندها إلا أنها تقوي بعضها بعضا بالإضافة إلى أن الأمر يبقى على البراءة الأصلية . وأما المالكية والحنابلة قالوا إن الكحل يفطر الصائم إذا وجد طعمه في حلقه أو وصل شيء إلى دماغه أو حلقه لأن الحين منفذ للدماغ والحلق . واستدلوا بما روي عن عَبْدالرَّحْمَنِ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ هَوْذَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ بِالْإِثْمِدِ الْمُرَوَّحِ عِنْدَ النَّوْمِ وَقَالَ لِيَتَّقِهِ الصَّائِمُ >قَالَ أَبُو دَاوُد قَالَ لِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ يَعْنِي حَدِيثَ الْكُحْلِ} رواه أبو داوود والبخاري في تاريخه إلا أن في سنده مقالا قوله( الْمُرَوَّح ): بِضَمِّ الْمِيم وَتَشْدِيد الْوَاو الْمَفْتُوحَة وَآخِر الْحُرُوف حَاء مُهْمَلَة ، أَيْ
{ 12 }
الْمُطَيَّب بِالْمِسْكِ كَأَنَّهُ جُعِلَ لَهُ رَائِحَة تَفُوح بَعْد أَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ رَائِحَة .. والراجح رأي الأحناف والشافعية لأن الأحاديث الواردة في ذلك لا تخلو من مقال فنرجع إلى البراء ة. الأصلية لأننا لا ننتقل عنها إلايد ليل صحيح يبين أن الكحل يفطر . وأما القطرة فرأي الأحناف والشافعية والحنابلة أنها تفطر واستدلوا بحديث أن النبي ص} قال للَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ َ{ وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا>أبو داود وصححه ابن خزيمة والنساءي ..والألباني. . وأما المالكية فقالوا إن القطرة لا تفطر إلا إذا وصلت إلى الحلق دون الجوف ولأنه لم يرد ليل يقول بفطر من تناول القطرة. قلت سبحان هلا قالوا مثل ذلك في الكحل الذي قالوا إنه يفطر. قال أبو سريع : والراجح أنها لا تفطر وقياسها على المضمضة والإستنشاق غير سديد والأولى قياسها على الكحل .وأفتى أين تيمية أن البخور والكحل والدهون والطيب لا تفطر ولو كان ذلك يفطر لبينه النبي <ص} لأنه مما تعم به البلوي ومثل ذلك أفتى به ابن حزم في المحلي فقال : { ولا ينقص الصوم حجامة ولا قلس ولا دم خارج من الأسنان ولا حقنة ولا سعوط ولا تقطير في أذن أو إحليل أو في أنف ولا استنشاق وإن بلغ الحلق ولا مضمضة دخلت الحلق من غير تعمد ولا كحل الخ اهـ وفي الختام : ننبه على { حديث }{ بالغ الاستنشاق إلا أن تكون صائما }
وقال الفرضاوي معقبا على حديث< وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا > ما نصه : هذا الحديث كان له أثره في توسيع دائرة المفطرات ويلاحظ على هذا الحديث ما يلي : أولا : أنه لم يرد في الصحيحين ولا في أحدهما مما يدل على أن رتبته دون ما اشترطاه في صحيحهما وقد ذكر البخاري في صحيحه { باب قول النبي ص}{ إذا توضأ فليستنشق بمنخره الماء } ولم يميز بين الصائم وغيره . الثاني : سلمنا بصحة الحديث لكن مما يذكر هنا أنه لم يجيء بلفظ عام بل جاء خطابا خاصا لشخص معين يسأل عن الوضوء وهو لقيط بن صبرة . ثالثا : أنه لم ينص على أن الماء إذا وصل إلى الجوف من طريق الأنف يفطر بل كان ما فيه النهي عن المبالغة في حالة الصوم فقد يدخل الماء عند المبالغة إلى فمه ومن فمه إلى جوفه وقد ينهى عن الشيء وإن لم يفطر وقد جاء عن بعض السلف في أشياء معينه قالوا: لا تفطر ولكن ينهى عنها وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن دخول الماء بعد الاستنشاق وإن بالغ فيه المتوضئ لا يبطل الصوم مطلقا ذكر منهم النووي في المجموع والحسن البصري وأحمد وإسحاق وأبا ثور. رابعا : لو سلمنا بأن وصول الماء إلى الجوف من الأنف يفطر لم نسلم بالتوسيع في إلحاق أشياء أخرى بهذا لأن الأصل في العبادة الوقوف عند النص ولا يتوسع في القياس فيهاولأن هذا الحديث جاء على خلاف الأصل في أمر الصيام فيحفظ ولا يقاس عليه هذا أما أتجه إليه شيخ الإسلام ابن تيمية اهـ
وقال الدكتور أبو سريع محمد عبد الهادي في كتابه أحكام الصيام ما نصه : من المكروهات في الصيام : المضمضة والاستنشاق إن زادعلى الثلاث أو بالغ فيهما على الأصح لقوله ص} { للقيط بن صبرة { وبالغ في المضمضة والاستنشاق إلا أن تكون صائما فلو دخل ماء المضمضة أو الاستنشاق إلى جوفه عمدا بطل صومه
{ 13 }
أجماعا وعليه القضاء . وأما لو سبقه الماء بدون قصد فعند الجمهور يفطر لأنه يمكن الإحتراز عنه وعند الحنابلة لا يفطر وحكي عن ابن عباس أنه لو سبقه في النافلة أفطر وإن توضأ للفريضة فلا يفطرلأنه مضطر إلى الفريضة مختار في النافلة اهـ
7} الجنابة فمن أصبح جنبا وهو صائم فصومه صحيح لحديث عَائِشَةَأَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَنَا أَسْمَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُصْبِحُ جُنُبًا وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أُصْبِحُ جُنُبًا وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ فَأَغْتَسِلُ وَأَصُومُ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَسْتَ مِثْلَنَا قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِي> الموطأ .مسلم . إلا أنه ورد عن أبي هريرة ما يخالف ذلك : فقد أخرج الشيخان عنه أن النبي {ص} قال : { من أصبح جنبا فلا صوم له } ..قال ابن المنذر وغيره : حديث أبي هريرة منسوخ بالأحاديث الدالة على جواز صوم الجنب .
. 8} نزول الماء والأنغماس فيه وما لا يمكن التحرز منه فنزول الماء لا يفطر لحديث أبي بكر بن عبد الرحمان عن بعض أصحاب النبي ص} قال : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ النَّاسَ بِالْفِطْرِ عَامَ الْفَتْحِ وَقَالَ تَقَوَّوْا لِعَدُوِّكُمْ وَصَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ الَّذِي حَدَّثَنِي لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَرْجِ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ مِنْ الْعَطَشِ أَوْ مِنْ الْحَرِّ ثُمَّ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ طَائِفَةً مِنْ النَّاسِ قَدْ صَامُوا حِينَ صُمْتَ فَلَمَّا كَانَ بِالْكَدِيدِ دَعَا بِقَدَحٍ فَشَرِبَ فَأَفْطَرَ النَّاسُ} رواه مالك وأحمد وأبو داوود بإسناد صحيح وكذا لا يفطر ما لا يمكن التحرز منه كالغبار والدقيق والذباب وما إلى ذلك مما يشق التحرز منه
. 9} من أكل أو شرب ناسيا فليتم صومه لحديث ابي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أفطر في رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة وكذلك رواه محمد بن مرزوق البصري عن الانصاري وهو مما تفرد به الانصاري عن محمد بن عمرو وكلهم ثقات والله اعلم>>السنن الكبرى للبيهقي ورواه الدار قطني وهو حديث صحيح وهذا مذهب الأحناف والشافعية والحنابلة . وأما المالكية فقالوا بالقضاء لكن هذا الحديث يرد عليهم لأنه عين رمضان وسيأتي إن شاء جملة من المسائل التي لوحظت على المالكية في الصيام . وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا نَسِيَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ> البخاري
سابعا >>: ما يفسد الصوم ويوجب القضاء فقط
1} الأكل والشرب عمدا . قال تعالى ثم أتموا الصيام إلى الليل>> وحكم من أكل عمدا القضاء فقط... فأما الشافعية والحنابلة فقالوا من أفطر بدون عذر عليه القضاء فقط مع الإثم ولا كفارة عليه إلا بالجماع لأن النص ورد فيه فقط فلا يجب في غيره إلا القضاء . أما الأحناف والمالكية فقد قالوا إن الكفارة تجب بالأكل وللشرب عمدا وبالجماع واستدلوا . بحديث : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا مَرَضٍ لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ }رواه البخاري . وهذا يدل
{ 14 }
على الزجر والراجح ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة من أن الكفارة لا تجب على من أكل أو شرب أو تناول مفطرات غير الجماع في رمضان لأنه هو الذي ورد النص فيه وما عداه فيوجب القضاء فقط ... وقد حصل شيء من مفسدات الصوم في عهد رسول الله ص} ولم يثبت أنه أمر من أفسد صومه بالكفارة ...وفي الفتح معلقا على هذاغ الحديث : قَالَ اِبْن بَطَّال : أَشَارَ بِهَذَا الْحَدِيث إِلَى إِيجَاب الْكَفَّارَة عَلَى مَنْ أَفْطَرَ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ قِيَاسًا عَلَى الْجِمَاع ، وَالْجَامِع بَيْنهمَا اِنْتَهَاك حُرْمَة الشَّهْر بِمَا يُفْسِد الصَّوْم عَمْدًا . وَقَرَّرَ ذَلِكَ الزَّيْنُ بْن الْمُنَيِّرِ بِأَنَّهُ تَرْجَمَ بِالْجِمَاعِ لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ الْحَدِيث الْمُسْنَدُ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ آثَارَ الْإِفْطَارِ لِيُفْهَمَ أَنَّ الْإِفْطَارَ بِالْأَكْلِ وَالْجِمَاع وَاحِد . اِنْتَهَى . وَاَلَّذِي يَظْهَر لِي أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ بِالْآثَارِ الَّتِي ذَكَرَهَا إِلَى أَنَّ إِيجَاب الْقَضَاء مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ السَّلَفِ ، وَأَنَّ الْفِطْرَ بِالْجِمَاعِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْكَفَّارَة ، وَأَشَارَ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة إِلَى أَنَّهُ لَا يَصِحّ لِكَوْنِهِ لَمْ يُجْزَمْ بِهِ عَنْهُ ، وَعَلَى تَقْدِير صِحَّتِهِ فَظَاهِره يُقَوِّي قَوْل مَنْ ذَهَبَ إِلَى عَدَم الْقَضَاء فِي الْفِطْر بِالْأَكْلِ بَلْ يَبْقَى ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ زِيَادَةً فِي عُقُوبَتِهِ لِأَنَّ مَشْرُوعِيَّة الْقَضَاء تَقْتَضِي رَفْعَ الْإِثْم ، لَكِنْ لَا يَلْزَم مِنْ عَدَمِ الْقَضَاء عَدَمُ الْكَفَّارَة فِيمَا وَرَدَ فِيهِ الْأَمْر بِهَا وَهُوَ الْجِمَاع ، وَالْفَرْق بَيْن الِانْتِهَاك بِالْجِمَاعِ وَالْأَكْل ظَاهِر فَلَا يَصِحّ الْقِيَاسُ الْمَذْكُور . قَالَ اِبْن الْمُنَيِّرِ فِي الْحَاشِيَة مَا مُحَصَّلُهُ : إِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْحَدِيث " لَمْ يَقْضِ عَنْهُ صِيَامُ الدَّهْرِ " أَيْ لَا سَبِيلَ إِلَى اِسْتِدْرَاك كَمَالِ فَضِيلَةِ الْأَدَاءِ بِالْقَضَاءِ ، أَيْ فِي وَصْفِهِ الْخَاصِّ ، وَإِنْ كَانَ يَقْضِي عَنْهُ فِي وَصْفِهِ الْعَامِّ فَلَا يَلْزَم مِنْ ذَلِكَ إِهْدَار الْقَضَاء بِالْكُلِّيَّةِ . اِنْتَهَى . وَلَا يَخْفَى تَكَلُّفُهُ ، وَسِيَاق أَثَر اِبْنِ مَسْعُودٍ الْآتِي يَرُدُّ هَذَا التَّأْوِيلَ ، وَقَدْ سَوَّى بَيْنَهُمَا الْبُخَارِيُّ .
2} المباشرة فيما دون الفرج فإن باشر الرجل زوجته فيما دون الفرج فأنزل فيجب عليه القضاء فقط فالمالكية ورواية للحنابلة قالوا :يجب عليه القضاء والكفارة لأنه أنزل بشهوة فأشبه الجماع في إفساد الصوم . ...أما الشافعية والأحناف فقالوا بالقضاء فقط لأنه ليس بجماع حقيقي ولم يرد دليل على ذلك ولا يمكن أن يقاس على الجماع . بل وردت أدلة يمكن الإسترشاد بها على أن المباشرة ليس فيها كفارة فعن أَبِي هُرَيْرَةَأَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ فَرَخَّصَ لَهُ وَأَتَاهُ آخَرُ فَسَأَلَهُ فَنَهَاهُ فَإِذَا الَّذِي رَخَّصَ لَهُ شَيْخٌ وَالَّذِي نَهَاهُ شَابٌّ} رواه أبو داوود فلو كانت الكفارة تجب على من نهاه لبين الرسول له ذلك لأنه نهاه خشية الإ نزال المفضي إلى الفطر. وَمَعْنَى الْمُبَاشَرَة هَهُنَا اللَّمْس بِالْيَدِ وَهُوَ اِلْتِقَاء الْبَشَرَتَيْنِ .
3} الاستمناء أي تعمد إخراج المني بأي سبب من الأسباب..إذا استمنى الرجل فقد ارتكب إثما وصومه فاسد إذا أنزل أما إذا لم ينزل فلا شيء عليه وكذا لاشيء عليه في الاحتلام اهـ ابو سريع .وقال السيد سابق : الاستمناء سواء، أكان سببه تقبيل الرجل لزوجته أو ضمها إليه، أو كان باليد، فهذا يبطل الصوم، ويوجب القضاء.فإن كان سببه مجرد النظر، أو الفكر، فإنه مثل الاحتلام نهارا في الصيام لا يبطل الصوم، ولا يجب فيه شئ.وكذلك المذي، لا يؤثر في الصوم، قل، أو كثر.اهـ وفي المحلى للشيخ العلامة ابن حزم : وأما الاحتلام فلا خلاف في أنه لا ينقض الصوم، إلا ممن لا يعتد به * وأما الاستمناء فانه لم يأت نص بأنه ينقض الصوم * والعجب
{ 15 }
كله ممن لا ينقض الصوم بفعل قوم لوط، وإتيان البهائم وقتل الأنفس، والسعي في الأرض بالفساد، وترك الصلاة، وتقبيل نساء المسلمين عمدا إذا لم يمن ولا أمذى: ثم ينقضه بمس الذكر إذا كان معه امناء! وهم لا يختلفون أن مس الذكر لا يبطل الصوم، وأن خروج المنى دون عمل لا ينقض الصوم، ثم ينقض الصوم باجتماعهما، وهذا خطأ ظاهر لا خفاء به والعجب كله ممن ينقض الصوم بالانزال للمنى إذا تعمد اللذة، ولم يأت بذلك نص، ولا اجماع، ولا قول صاحب، ولا قياس: ثم لا يوجب به الغسل إذا خرج بغير لذة، والنص جاء بايجاب الغسل منه جملة! * وأما القبلة والمباشرة للرجل مع امرأته وأمته المباحة له فهما سنة حسنة، نستحبها للصائم، شابا كان أو كهلا أو شيخا، ولا نبال أكان معها إنزال مقصود إليه أو لم يكن ...عن عروة بن الزبير أن عائشة أم المؤمنين أخبرته: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وهو صائم) مسلم .عن عائشة أم المؤمنين: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يباشر وهو صائم > مسلم اهـ وقال السيد سابق : استمناء الرجل بيده مما يتنافى مع ما ينبغي أن يكون عليه الإنسان من الأدب وحسن الخلق، وقد اختلف الفقهاء في حكمه: فمنهم من رأى أنه حرام مطلقا.ومنهم من رأى أنه حرام في بعض الحالات، وواجب في بعضها الآخر.ومنهم من ذهب إلى القول بكراهته.أما الذين ذهبوا إلى تحريمه فهم المالكية والشافعية، والزيدية. وحجتهم في التحريم أن الله سبحانه أمر بحفظ الفروج في كل الحالات، إلا بالنسبة للزوجة، وملك اليمين.فإذا تجاوز المرء هاتين الحالتين واستمنى، كان من العادين المتجاوزين ما أحل الله لهم إلى ما حرمه عليهم.يقول الله سبحانه: " والذين هم لفروجهم حافظون.إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين.فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ".وأما الذين ذهبوا الى التحريم في بعض الحالات، والوجوب في بعضها الآخر، فهم الأحناف فقد قالوا: إنه يجب الاستمناء إذا خيف الوقوع في الزنا بدونه، جريا على قاعدة: ارتكاب أخف الضررين.وقالوا: إنه يحرم إذا كان لاستجلاب الشهوة وإثارتها. وقالوا: إنه لا بأس به إذا غلبت الشهوة، ولم يكن عنده زوجة أو أمة واستمنى بقصد تسكينها.وأما الحنابلة فقالوا: إنه حرام، إلا إذا استمنى خوفا على نفسه من الزنا، أو خوفا على صحته، ولم تكن له زوجة أو أمة، ولم يقدر على الزواج، فإنه لاحرج عليه......وأما ابن حزم فيرى أن الاستمناء مكروه ولا إثم فيه، لان مس الرجل ذكره بشماله مباح بإجماع الامة كلها.وإذا كان مباحا فليس هنالك زيادة على المباح إلا التعمد لنزول المني، فليس ذلك حراما أصلا، لقول الله تعالى:" وقد فصل الله لكم ما حرم عليكم " وليس هذا ما فصل لنا تحريمه، فهو حلال لقوله تعالى: " خلق لكم ما في الارض جميعا ".قال: وإنما كره الاستمناء لأنه ليس من مكارم الأخلاق ولا من الفضائل: وروي لنا أن الناس تكلموا في الاستمناء فكرهته طائفة وأباحته أخرى.وممن كرهه ابن عمر، وعطاء.وممن أباحه ابن عباس، والحسن، وبعض كبار التابعين. وقال الحسن: كانوا يفعلونه في المغازي.وقال مجاهد: كان من مضى يأمرون شبابهم بالاستمناء يستعفون بذلك، وحكم المرأة مثل حكم الرجل فيه.
{ 16 }
4} الإنزال بسبب تكرار النظر ذهب المالكية والحنابلة إلى أنه يجب على من كرر النظر فأنزل القضاء وأما التفكير فلا يفطر لأنه لا يمكن التحرز منه ولأنه ورد فيه دليل هو قوله ص} : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ >قَالَ قَتَادَةُ إِذَا طَلَّقَ فِي نَفْسِهِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ.متفق عليه.أما الحنفية والشافعية فقالوا : لاشيء على من كرر النظر فأنزل لاقضاء ولا كفارة . وقال ابن حزم كما سبق : والعجب كله ممن ينقض الصوم بالإنزال للمني إذا تعمد اللذة، ولم يأت بذلك نص، ولا إجماع، ولا قول صاحب، ولا قياس..اهـ ورجح أبو سريع مذهب المالكية والحنابلة اهـ ولعل رأي ابن حزم أقوى
5} القيء عمدا : اتفق الفقهاء على أن من عليه القيء أو خرج بدون سبب منه فإن صومه صحيح وأما من استقاء عمدا فإن صومه فاسد وعليه القضاء لقوله ص} : { من درعه القيء فليس عليه القضاء ومنه استقاء عمدا فليقض } رواه الخمسة إلا النسائي فالراجح مذهب الجمهور الذين قالوا بأن القيء عمدا يفطر لقوة ما استدلوا به ومن قال بغير ذلك فلا دليل عليه صحيح وما استدلوابه من حديث { ثلاث لا يفطرن الصائم الخ } فضعيف
5} الحقنة الشرجية : وهي دخول شيء من الدواء في الدبر وهي مفطرة وهو قول جمهور من الفقهاء وخالف داوود الظاهري فقال : الحقنة الشرجية غير مفطرة لأنها ليست بأكل ولا شرب ولم يأت فيها دليل عن النبي ص} يفيد أنها مفطرة
وقال ابن حزم : إنما نهانا الله في الصوم عن الأكل والشرب والجماع وتعمد القيء وما علمنا أكلا ولا شربا يكون على دبر و إحليل أو أذن أو أنف أو من جرح في البطن أو الرأس . ومن الذين قالوا لا تفطر القرضاوي حيث ردعلى الفقهاء خاصة الحنفية تجاوزهم الحد في المفطرات
6} من أكل أو شرب ظانا غروب الشمس أو عدم طلوع الفجرفتبين له عكسه فالراجح أن عليه القضاء للنصوص الصريحة أما القول بأنه لا قضاء عليه فهو مر دود بالسنة الصحيحة لحديث هشام بن عروة: عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ
أَفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمِ غَيْمٍ ثُمَّ طَلَعَتْ الشَّمْسُ قُلْتُ لِهِشَامٍ أُمِرُوا بِالْقَضَاءِ قَالَ فَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِك> َ} رواه أحمد . وقال أبو سريع : ويفهم من هذا أن من لم يتبين له خطؤه أنه لا قضاء عليه لأنه معذوربعدم علمه لكن لو شك في طلوع الفجر فأكل أو شرب فصومه صحيح في الراجح لأن الأصل بقاء الليل الذي يباح فيه تناول المفطرات خلافا للمالكية القائلين بفساده.. أما لو شك في غروب الشمس وتناول مفطرا فصومه باطل لأن الأصل بقاء النهار يجب فيه الإمساك
7} الردة والعياذ بالله كسب الدين أو الرب فإذا ارتدالصائم عن الإسلام فسد صومه لو نطق الكفر مستهزئا قال تعال : { ولئن سألتهم إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وءاياته ورسوله كنتم تستهزئون ولا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم }
8>> السعوط هو ما يستنشق بالأنف . سواء أكان ذلك دواء يوضع في الأنف , أو ماء أو نشوقا . أو دخانا أو ما يشبه ذلك وقد اتفق الفقهاء . على أنه لا يجوز للصائم
{ 17 }
أن يستعمل السعوط . لأنه مفطر وقد استدلوا على ذلك بأن النبي ص} قال للقيط بن صبرة { وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما .
إلا أن المالكية اشترطوا وصوله إلى الحلق واحتجوا . بأن ما لا يصل إلى الحلق أو الدماغ لا يفطر والراجح :ما ذهب إليه الجمهور من أن السعوط مفطر للصائم سواء وصل إلى الحلق أو الدماغ أو الجوف . اهـ أحكام الصيام لأبي سريع .قلت >> والراجح ما هب إليه ابن حزم أن السعوط لايفطر كما سبق
9>>ـ الجنون وهو مفطر للصائم . لكن لا قضاء على المجنون في الرأي الراجح . لأن القلم مرفوع عنه . عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ > أبو داود وَهَذَا الْحَدِيث وَإِنْ كَانَ مُنْقَطِعًا لَكِنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَجْنُون كَمَا أَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فِي مَعْنَى النَّائِم فَلَا يَفُوت الْحَصْر بِذَلِكَ إِذَا نَظَرْنَا إِلَى الْمَعْنَى ، فَهُمْ فِي الصُّورَة خَمْسَة الصَّبِيّ وَالنَّائِم وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَجْنُون وَالْخَرِف وَفِي الْمَعْنَى ثَلَاثَة . وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ النَّائِم فِي مَعْنَى الْمَجْنُون لِأَنَّ الْجُنُون يُفْسِد الْعَقْل بِالْكُلِّيَّةِ وَالنَّوْم شَاغِل لَهُ فَقَطْ فَبَيْنهمَا تَبَايُن كَبِير لَمْ يُجْعَل فِي مَعْنَاهُ وَأَحْكَامهمَا مُخْتَلِفَة بِخِلَافِ الْخَرَف وَالْجُنُون فَإِنَّ أَحْكَامهمَا وَاحِدَة وَبَيْنهمَا تَقَارُب ، وَيَظْهَر أَنَّ الْخَرَف رُتْبَة مُتَوَسِّطَة بَيْن الْإِغْمَاء وَالْجُنُون وَهِيَ إِلَى الْإِغْمَاء أَقْرَب اِنْتَهَى .عون المعبود
10>> تناول مالا يتغذى به من المنفذ الطبيعي إلى الجوف . وذلك كالملح الكثير . فإنه يفطر الصائم في قول عامة أهل العلم وعليه القضاء . وكذلك العلك المتحلل الذي يصل شيء منه إلى الجوف فإنه يفطر وفيه القضاء بخلاف العلك القوي الذي لا يتحلل . ولا يصل إلى الجوف منه شيء .اهـ أبو سريع
ثامنا: مناقشة متفرقات في الصوم عند المالكية
قلت > في كتابي الفروع المخالفة للأصول : و.منها: أمرهم بإلفاظ الطعام لمن سمع النداء وإن اشتهاه , قال السيد سابق. في فقه السنة: فإذا طلع الفجر وفي فمه طعام وجب عليه إلفاظه انتهى منه وهذا يخالف السنة طبقا لحديث أبي داود , قال الألباني رحمه الله المتوفى يوم السبت \ 10\ 1999 في كتابه تمام المنة في التعليق على فقه السنة معقبا على قوله (فإذا طلع الفجر وفي فمه طعام وجب عليه أن يلفظه . . " ـــ مانصه:قلت : هذا تقليد لبعض الكتب الفقهية وهو مما لا دليل عليه في السنة المحمدية بل هو مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه " أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه هو والذهبي .وفيه دليل على أن من طلع عليه الفجر وإناء الطعام أو الشراب على يده أنه يجوز له أن لا يضعه حتى يأخذ حاجته منه فهذه الصورة مستثناة من الآية :
( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) فلا تعارض بينها وما في معناها من الأحاديث وبين هذا الحديث ولا إجماع يعارضه
لأن من فوائد هذا الحديث إبطال بدعة الإمساك قبل الفجر بنحو ربع ساعة ؟ لأنهم إنما يفعلون ذلك خشية أن يدركهم أذان الفجر وهم يتسحرون ولو علموا هذه الرخصة لما وقعوا في تلك البدعة
{ 18 }
. ومنها: أمرهم بالقضاء لمن أكل ناسيا في رمضان : وقد جاء عن مالك أنه
يرى القضاء على من أكل ناسيا في الفرض كاحتياط منه , قال ابن عاشر:
( ومن أفطر الفرض قضاه وليزد * كفارة في رمضان إن عمد * .....
يعني: من أفطر في الصوم الواجب ناسيا يجب عليه القضاء , وإن تعمد يزيد الكفارة
وهذا يخالف ما رواه الدار قطني: وهو حديث صحيح
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ أَفْطَرَ فِى شَهْرِ رَمَضَانَ نَاسِيًا فَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلاَ كَفَّارَةَ »
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ أَكَلَ فِى رَمَضَانَ نَاسِيًا أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا فَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّ اللَّهَ أَطْعَمَهُ وَسَقَاهُ »
متفق عليه
. ومنها: عدهم اللمس والقبلة في الصيام مكروهة وإن كان يضبط نفسه , قال
ابن عاشر رحمه الله
( ويكره اللمس وفكر سلما * دبا من المني وإلا حرما )
قال ميارة شارحه: فالوجه الأول وهو ما إذا علم السلامة هو المكروه , وقال : فإن كان يعلم من نفسه السلامة من المني وأمذي لم تحرم ولكنها مكروهة في المشهور ومراتب الكراهة متفاوتة فأخفها الفكر , ثم النظر , ثم القبلة , ثم المباشرة , ثم الملاعبة ,الخ انتهى
وهذا يخالف ما ثبت عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ وَلَكِنَّهُ كَانَ أَمْلَكَ لإربه أبو داود
وقد عد القبلة لمن قدر على ضبط نفسه صاحب فقه السنة في مباحات الصيام ,
· ومنها: جعلهم من المستحبات صوم رجب , قال ابن عاشر:
( صيام شهر رمضان وجبا * في رجب شعبان صوم ندبا )
قال ميارة: أخبر أنه يستحب الصوم في شهري رجب وشعبان كما يستحب صوم التسع الأول من ذي الحجة
· وهذا مبني على ضعيف , قال ابن حجر: لم يرد في فضل شهر رجب ولا في
صيام شيء منه معين , وقد سبقني إلى الجزم بذلك أبو إسماعيل الهروي الحافظ , لكن اشتهر أن أهل العلم يتسامحون في إيراد الأحاديث وإن كان فيها ضعف ما لم تكن موضوعة , ثم ينبغي أن لا يشتهر ذلك لئلا يعمل المرء بحديث ضعيف , فيشرع مالم يشرع أو يراه بعض الجهال فيظن أنه سنة صحيحة وليحذر المرء من دخول تحت قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَذِابِينَ
وقال ابن القيم ولم يصم النبي (ص) الثلاثة الأشهر سردا كما يفعله بعض الناس ولا صام رجبا قط ولا استحب صيامه بل روي عنه النهي عن صيامه ذكره ابن ماجة
{ 19 }
وكان عمر رضي الله عنه يضرب بالدرة صوامه ويقول: إنما هو شهر كانت الجاهلية تعظمه وقال النووي : ولم يثبت في صوم رجب نهي ولا ندب بعينه , ولكن أصل الصوم مندوب إليه وفي سنن أبي داود أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ندب الصوم من الأشهر الحرم ورجب أحدها انتهى
وحديث أن في الجنة نهرا يقال له رجب ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل من صام يوما من رجب سقاه الله من ذلك النهر , قال ابن الجوزي لا يصح , وقال الذهبي : باطل
· ومنها: أن مالكا قال بوجوب النية في الصوم إلا في رمضان فتكفي الصائم
نية واحدة فيه كله من أول ليلة منه , ثم ليس عليه أن يجدد نية كل ليلة إلا أن يمرض فيفطر أو يسافر فيفطر فلا بد من نية مجددة , وأما التطوع فلا بد من نية كل ليلة
فال أبو محمد : ولا يجزئ صيام أصلا رمضان كان أو غيره الا بنية مجددة في كل ليلة لصوم اليوم المقبل، فمن تعمد ترك النية بطل صومه * برهان ذلك قول الله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) فصح أنهم لم يؤمروا بشئ في الدين الا بعبادة الله تعالى والإخلاص له فيها بأنها دينه الذي أمر به * وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) فصح أنه لا عمل إلا بنية له، وأنه ليس لأحد إلا ما نوى، فصح أن من نوى الصوم فله صوم، ومن لم ينوه فليس له صوم *فعَنْ مَالِك عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ
لَا يَصُومُ إِلَّا مَنْ أَجْمَعَ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ ( مالك في الموطأ والنسائي
وعنه عن الزهري أن عَنْ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ مِثْلَهُ لَا يَصُومُ إِلَّا مَنْ أَجْمَعَ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ النسائي , وإسناده صحيح غير أنه موقوف وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ : لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُجْمِعْ قَبْلَ الْفَجْرِ
أبو داود والنسائي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ
وهذا إسناده صحيح ولا يضر إسناد ابن جريج له أن أوقفه معمرو ومالك الخ
قال محشي المحلى عبد الغفار سليمان البنداري ....أقول كيف لا يضر وقد خالف ابن جريج هؤلاء الإثبات في الرواية معمرو ومالك وعبيد الله ويونس وابن عيينة , ومع ذلك فقد عنعن ابن جريج وهو ثقة مدلس الخ انتهى ص 288 ج 4
قال ابن حزم: وما نعرف لمالك أصلا إلا أنهم قالوا رمضان كصلاة واحد , وهذه مكابرة بالباطل لأن الصلاة الواحدة لا يحول بين أعمالها –بعمد – ما ليس منها أصلا وصيام رمضان يحول بين كل يومين منه ليل يبطل الصوم جملة ويحل فيه الأكل والشرب والجماع انتهى
· ومنها: عدهم من المحرم الإفطار في النفل بلا علة , قال الشيخ ابن عاشر
رحمه الله
( وعمده في النفل دون ضر * محرم وليقض لا في الغير )
قال ميارة: فأخبر أن تعمد الفطر في النفل من الصوم من دون ضرر يلحق الصائم محرم , وظاهره أنه محرم ولو عزم عليه أو حلف له إنسان بالله أو بالطلاق فلا
{ 20 }
يفطر ويحنث وهو كذلك , لكن استثنوا من ذلك الأب والأم انتهى)أما السنة فيجوز الفطر لحديث أم هانئ رضي الله عنها
عَنْ أُمِّ هَانِئٍ وَهِيَ جَدَّتُهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْفَتْحِ فَأُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَنِي فَقُلْتُ إِنِّي صَائِمَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْمُتَطَوِّعَ أَمِيرٌ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنْ شِئْتِ فَصُومِي وَإِنْ شِئْتِ فَأَفْطِرِي
رواه أحمد والدار قطني والبيهقي وراه الحاكم وقال صحيح الإسناد
وعَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً فَقَالَ لَهَا مَا شَأْنُكِ قَالَتْ أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا فَقَالَ كُلْ قَالَ فَإِنِّي صَائِمٌ قَالَ مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ قَالَ فَأَكَلَ فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ قَالَ نَمْ فَنَامَ ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ فَقَالَ نَمْ فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ سَلْمَانُ قُمْ الْآنَ فَصَلَّيَا فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَ سَلْمَانُ . رواه البخاري والترمذي
وعن أبى سعيد الخدرى انه قال صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما فأتاني هو وأصحابه فلما وضع الطعام قال رجل من القوم إني صائم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاكم أخوكم وتكلف لكم ثم قال له أفطر وصم مكانه يوما إن شئت
رواه البيهقي بإسناد حسن
كما قال الحافظ , قال السيد سابق: وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى جواز الفطر، لمن صام متطوعا، واسحبوا له قضاء ذلك اليوم،
وقال الشوكاني: والأحاديث المذكورة تدل على أنه يجوز لمن صام تطوعا أن يفطر لا سيما إذا كان في دعوة إلى طعام أحد من المسلمين انتهى
ثم قال : ويحمل القضاء على الندب ويدل على عدم الوجوب حديث أبي جحيفة ثم قال : قال ابن المنير ليس في تحريم الأكل في صوم النفل من غير عذر إلا الأدلة العامة كقوله تعالى : ولا تبطلوا أعمالكم , إلا أن الخاص يقدم على العام كحديث سلمان , وقال ابن عبد البر من احتج في هذا بقوله تعالى: ولا تبطلوا أعمالكم فهو جاهل بأقوال أهل العلم فإن الأكثر على أن المراد بذلك النهي عن الرياء كأنه قال لا تبطلوا أعمالكم بالرياء بل أخلصوها لله إلى أن قال الشوكاني : ولا يخفى أن الآية عامة والاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما تقرر في الأصول , فالصواب ما قال ابن المنير , انتهى ج 2 ص 259 وقال في الفتح: وَعَنْ مَالِك الْجَوَاز وَعَدَم الْقَضَاء بِعُذْرٍ ، وَالْمَنْع وَإِثْبَات الْقَضَاء بِغَيْرِ عُذْر,
وما تقدم نقله عن ابن المنير وابن عبد البر فقد نقله الشوكاني من الفتح , إلا أن الحافظ سكت عن رأي ابن المنير
قال في الفتح ما نصه: وَقَدْ قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : وَمَنْ اِحْتَجَّ فِي هَذَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ) فَهُوَ جَاهِلٌ بِأَقْوَالِ أَهْل الْعِلْم ، فَإِنَّ الْأَكْثَر عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِذَلِكَ النَّهْي
{ 21 }
عَنْ الرِّيَاءِ كَأَنَّهُ قَالَ : لَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ بِالرِّيَاءِ بَلْ أَخْلِصُوهَا لِلَّهِ . وَقَالَ آخَرُونَ : لَا تُبْطِلُوا أَعْمَالكُمْ بِارْتِكَابِ الْكَبَائِر . وَلَوْ كَانَ الْمُرَاد بِذَلِكَ النَّهْيَ عَنْ إِبْطَالِ مَا لَمْ يَفْرِضْهُ اللَّه عَلَيْهِ وَلَا أَوْجَبَ عَلَى نَفْسه بِنَذْرٍ وَغَيْره لَامْتَنَعَ عَلَيْهِ الْإِفْطَار إِلَّا بِمَا يُبِيح الْفِطْر مِنْ الصَّوْم الْوَاجِب وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . انتهى ج 4 ص 730
وقال القرضاوي: في تيسير الفقه , فقه الصيام: ويستحب ممن شرع في صيام تطوع ألا يخرج منه بلا عذر وأن يكمله , فإن خرج منه بلا عذر فقد كرهه جماعة من العلماء , وقال بعضهم هو خلاف الأولى , فأما إن خرج منه بعذر فليس فيه أدنى كراهة , والعذر مثل أن يكون ضيفا أو مضيفا
ومهما يكن من العذر أو عدمه فإن المتطوع أمير نفسه فليس عليه حرج إن هو خرج مما نواه من قبل لم يلزمه الله به ولا ألزم به هو نفسه بنذر
روت عائشة قالت: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ فَقُلْنَا لَا قَالَ فَإِنِّي إِذَنْ صَائِمٌ ثُمَّ أَتَانَا يَوْمًا آخَرَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ فَقَالَ أَرِينِيهِ فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا فَأَكَلَ رواه مسلم
ثم قال: ولكن يستحب قضاء التطوع الذي لم يتمه أخذا بعموم قوله تعالى {ولا تبطلوا أعمالكمْْ}
وعملا ببعض الأحاديث الواردة الآمرة بالقضاء وإن لم تبلغ درجة الصحة يعمل على الندب , وخروجا من خلاف العلماء فقد ذهب أبو حنيفة ومالك إلى وجوب القضاء انتهى منه
.ومنها: منعهم ثبوت الشهر برؤية واحد , قال خليل من المالكية : وعم، إن نقل بهما عنهما، لا بمنفرد ) وقال الشوكاني: وقال مالك والأوزاعي والثوري والشافعي لا يقبل الواحد , واستدلوا بحديث عبد الرحمن وفيه:
فإن شهد شاهدان مسلمان فصوموا وأفطروا , وتأولوا ما يأتي بأن يكون شهد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غيرهما
قال سابق: يثبت شهر رمضان برؤية الهلال، ولو من واحد عدل أو إكمال عدة شعبان ثلاثين يوما.
1 - فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصام، وأمر الناس بصيامه.
رواه أبو داود، والحاكم، وابن حبان، وصححاه.
و عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ الْهِلَالَ قَالَ الْحَسَنُ فِي حَدِيثِهِ يَعْنِي رَمَضَانَ فَقَالَ أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ يَا بِلَالُ أَذِّنْ فِي النَّاسِ فَلْيَصُومُوا غَدًا
رواه الخمسة إلا أحمد
وقال الشوكاني : أول مالك وغيره هاذين الحديثين باحتمال بأن يكون شهد عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غيرهما , وأول القائلون بثبوت رؤية الواحد بالمفهوم , قال : وحديثا الباب – أي حديث ابن عمر وعكرمة – يدلان على قبوله بالمنطوق أرجح ,
{ 23 }
وأما التأويل بالاحتمال المذكور فتعسف وتجويز لو صح اعتبار مثله لكان مفضيا إلى طرح أكثر الشريعة
· ومنها: تجويزهم الصوم يوم الجمعة فقط , قال خليل: وجاز سواك كل النهار،
ومضمضة لعطش، وإصباح بجنابة، وصوم دهر وجمعة فقط
قال الدسوقي: فمحمل النهي- الوارد في الحديث – على خوف فرضه وقد انتفت هذه العلة بوفاته عليه السلام انتهى ج 1 ص 534
وهذا يخالف ما يأتي: عن محمد بن عباد بن جعفر قال: سألت جابرا أنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الجمعة , قال نعم , متفق عليه
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَصُومُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَّا وَقَبْلَهُ يَوْمٌ أَوْ بَعْدَهُ يَوْمٌ رواه الجماعة ,
ولمسلم : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي وَلَا تَخُصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ
قال الشوكاني: واستدل بأحاديث الباب على منع إفراد يوم الجمعة بالصيام , وقال ابن المنذر بتشبيهه له بالعيد يشعر بالتحريم , وذهب الجمهور إلى أن النهي فيه للتنزيه , وذهب مالك وأبو حنيفة إلا أنه لا يكره صيامه , واستدلا بحديث ابن مسعود أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلما يفطر يوم الجمعة ,
قال في الفتح: وَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَنَّهُ يَحْتَمِل أَنْ يُرِيدَ كَانَ لَا يَتَعَمَّد فِطْرَهُ إِذَا وَقَعَ فِي الْأَيَّامِ الَّتِي كَانَ يَصُومهَا ، وَلَا يُضَادّ ذَلِكَ كَرَاهَة إِفْرَاده بِالصَّوْمِ جَمْعًا بَيْن الْحَدِيثَيْنِ ،
ومن غرائب المقام ما احتج به بعض المالكية على عدم كراهة صوم يوم الجمعة , فقال يوم لا يكره صومه مع غيره , فلا يكره وحده , وهذا قياس فاسد , وأغرب من ذلك قول مالك في الموطأ : لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ وَمَنْ يُقْتَدَى بِهِ يَنْهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَصِيَامُهُ حَسَنٌ
وقد ثبت النهي عن صوم يوم الجمعة , فينبغي القول به , ومالك معذور فإنه لم يبلغه
قال الداودي: من أصحاب مالك لم يبلغ مالكا هذا الحديث ولو بلغه لم يخالفه انتهى ج 2 ص 250
· ومنها تجويزهم صيام الدهر, قال خليل: وصوم دهر وجمعة فقط , بمعنى
يندب صومهما
قال الدسوقي: حجة القائل بجواز صوم الدهر الإجماع على لزومه لمن نذره انتهى
وفي هذا مخالفة لما يأتي: ففي المنتقى : باب صيام يوم وفطر يوم وكراهة صوم الدهر,
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صُمْ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قُلْتُ إِنِّي أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَلَمْ يَزَلْ يَرْفَعُنِي حَتَّى قَالَ صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا فَإِنَّهُ أَفْضَلُ الصِّيَامِ وَهُوَ صِيَامُ أَخِي دَاوُدَ
وعن عبد الله بن عمرو قال : رسول الله صلى الله عليه وسام , لا صام من صام الأبد متفق عليهما
{ 24 }
قال الشوكاني: قوله لا صام من صام الأبد , استدل بذلك على كراهية صوم الدهر وبالكراهة قال ابن التين أيضا أخذا من دعائه على من صام الأبد , كما قال بها إسحاق وأهل الظاهر وأحمد في رواية
وقال ابن حزم: يحرم ويدل للتحريم حديث أبي موسى عَن أَبِي مُوسَى
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَامَ الدَّهْرَ ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ جَهَنَّمُ هَكَذَا وَقَبَضَ كَفَّهُ رواه أحمد
ويحمل هذا على من صام الأيام المنهي عنها وأخرجه البزار ورجاله رجال الصحيح , وفي شرح هذا الباب أنظر البحث في الشوكاني ج 2 ص 255
ثم قال : وذهب جماعة إلى أن صوم الدهر أفضل , واستدلوا على ذلك بأنه أكثر عملا فيكون أكثر أجرا , وتعقبه ابن دقيق العبد بأن زيادة الأجر بزيادة العمل , هاهنا معارضة باقتضاء العادة , والتقصير في حقوق أخرى , فالأولى التفويض إلى حكم الشارع وقد حكم بأن صوم يوم وإفطار يوم أفضل الصيام انتهى يدل على ذلك أن ابن عمر , طلب أن يصوم زيادة على ذلك المقدار فأخبره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأنه أفضل الصيام انتهى
· ومنها: إيجابهم الكفارة والقضاء على المفطر بالأكل أو الشرب وعلى من قبل
فأمنى , وأوجبوا القضاء فقط على المكرهة على الوطء , وعلى التي جومعت نائمة
قال أبو محمد : لا كفارة على من تعمد فطرا في رمضان بما لم يبح له، إلا من وطئ في الفرج من امرأته أو أمته المباح له وطؤهما إذا لم يكن صائما
برهان ذلك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يوجب الكفارة إلا على واطئ امرأته عامدا، لما رواه مسلم : عن أبى هريرة قال: (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت يا رسول الله، قال: وما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان، قال: (هل تجد ما تعتق رقبة؟ قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، قال: فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا؟ قال: لا، ثم جلس، فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر، فقال: تصدق بهذا، فقال: أفقر منا؟! فما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا! فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال: اذهب فأطعمه أهلك) * قال أبو محمد: ولا يحل لاحد إيجاب غرامة لم يوجبها القرآن ولا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيتعدى بذلك حدود الله، ويبيح المال المحرم، ويشرع ما لم يأذن به الله تعالى * فان قيل: فلم لم توجبوا الكفارة على كل من أفطر في رمضان فطرا لم يبح له، بأي شئ أفطر؟ بما رويتموه من طريق مالك وابن جريج ويحيى بن سعيد الانصاري، كلهم عن الزهري، ومن طريق أشهب عن الليث عن الزهري، ثم اتفقوا، عن حميد ابن عبد الرحمن عن أبى هريرة: (أن رجلا أفطر في نهار رمضان، فأمره رسول الله صلى الله عليه وآله أن يكفر بعتق رقبة. أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا، فقال: لا أجد،
فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرق تمر، فقال: خذ هذا فتصدق به، فقال: يا رسول الله لا أجد أحوج إليه منى! فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت
{ 25 }
أنيابه، وقال: كله) * قلنا:لأنه خبر واحد، عن رجل واحد، في قصة واحدة، بلا شك، فرواه من ذكرنا عن الزهري مجملا مختصرا،
وأخرجه مالك بهذا اللفظ في موطئه , قال المحشي للمحلى : لقد تنبه الإمام الحافظ بن حزم رحمه الله إلى علة من علل المتن التي كثيرا ما تحدث من الرواة كنوع من التصرف في الرواية انتهى
ثم قال ولا قضاء إلا على خمسة – الحائض – النفساء – المسافر – المريض – المتقيئ عمدا . انتهى ج 4 ص 313 – 323
· ومنها: استحباب مالك الإطعام في الكفارة , وقال ابن حزم: وصفة الكفارة
الواجبة هي كما ذكرنا في رواية جمهور أصحاب الزهري: من عتق رقبة لا يجزئه غيرها مادام يقدر عليها، فان لم يقدر عليها لزمه صوم شهرين متتابعين، فان لم يقدر عليها لزمه حينئذ إطعام ستين مسكينا *
وأما مالك فقال بما روى، إلا أنه استحب الإطعام، وليس لهذا الاستحباب وجه أصلا * وأما أبو حنيفة فإنه أجاز في الإطعام المذكور أن تطعم مسكينا واحدا ستين يوما، وهذا خلاف مجرد لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يقع اسم ستين مسكينا على مسكين واحد أصلا *
وأما سائر أصحاب الزهري فأتوا بلفظ النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي لا يحل تعديه أصلا، وبزيادة حكم الترتيب، ولا يحل ترك الزيادة * وبقولنا يقول أبو حنيفة، والشافعي، وأبو سليمان، وأحمد وجمهور الناس * انتهى ج 4 ص 328
· ومنها: ماذهب إليه المالكية من إيجاب ستين يوما ليكون المكفر على يقين من
إتمام الشهرين ,
قال أبو محمد: وهذا خطأ،لأن الله تعالى إنما ألزمه شهرين، ولم يقل كاملين كل شهر من ثلاثين يوما، فإنما عليه ما يقع عليه اسم شهرين، واسم شهرين يقع بنص كلامه عليه السلام على تسع وعشرين وتسع وعشرين، والفرائض لا تلزم إلا بنص، أو إجماع *
وعن أنس بن مالك قال: (آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه فأقام في مشربة تسعا وعشرين ليلة ثم نزل، فقالوا: يا رسول الله، آليت شهرا؟ فقال: إن الشهر يكون تسعا وعشرين) * ورويناه من طرق متواترة جدا انتهى ج 4 ص 332
· ومنها: أن مالكا يرى في الكحل المختلط بالعقاقير أنه يفطر ,
قال أبو محمد: إنما نهانا الله تعالى في الصوم عن الأكل والشرب والجماع وتعمد القئ والمعاصي، وما علمنا أكلا ولا شربا يكون على دبر، أو إحليل، أو أذن، أو عين، أو أنف أو من جرح في البطن أو الرأس! وما نهينا قط عن أن نوصل إلى الجوف بغير الأكل والشرب ما لم يحرم علينا إيصاله! * انتهى ج 4 ص 248
· ومنها: أن مالكا يرى في المضمضة والاستنشاق يدخلان إلى الحلق بغير عمد
القضاء
.
.
{26 }
قال أبو محمد: قال الله تعالى : (ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم). ولقول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) *
واحتج من أفطر بذلك بالأثر الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وإذا استنشقت فبالغ، إلا أن تكون صائما) * قال أبو محمد: ولا حجة لهم فيه لأنه ليس فيه أنه يفطر الصائم بالمبالغة في الاستنشاق، وإنما فيه إيجاب المبالغة في الاستنشاق لغير الصائم وسقوط وجوب ذلك عن الصائم فقط، لانهيه عن المبالغة، فالصائم مخير بين أن يبالغ في الاستنشاق وبين أن لا يبالغ فيه، وأما غير الصائم فالمبالغة في الاستنشاق فرض عليه، وإلا كان مخالفا لأمره عليه السلام بالمبالغة،انتهى ص 350
فينبغي للصائم أن يتعاهد صومه ويحذر زلة اللسان فلا يماري وبصون صومه من العبث والسب والشتم عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ> البخاري . الْمُرَاد بِالرَّفَثِ الْكَلَام الْفَاحِش .قوله ( وَلَا يَصْخَبْ )بِفَتْحِ الْخَاء الْمُعْجَمَة أَيْ لَا يَرْفَعْ صَوْتَهُ وَلَا يَغْضَبْ عَلَى أَحَدٍ قوله( فَإِنْ شَاتَمَهُ إِلَخْ )أَيْ خَاصَمَهُ بِاللِّسَانِ أَوْ الْيَد قوله( فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ )أَيْ فَلْيَعْتَذِرْ عِنْدَهُ مِنْ عَدَم الْمُقَابَلَة بِأَنَّ حَاله لَا يُسَاعِد الْمُقَابَلَة بِمِثْلِهِ أَوْ فَلْيَذْكُرْ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ صَائِمٌ لِيَمْنَعَهُ ذَلِكَ عَنْ الْمُقَابَلَةِ بِمِثْلِهِ .
اُخْتُلِفَ هَلْ يُخَاطِب بِهَا الَّذِي كَلَّمَهُ بِذَلِكَ أَوْ يَقُولهَا فِي نَفْسه وَبِالثَّانِي جَزَمَ الْمُتَوَلِّي وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيّ عَنْ الْأَئِمَّة وَرَجَّحَ النَّوَوِيّ الْأَوَّل فِي الْأَذْكَار وَقَالَ فِي شَرْح الْمُهَذَّب : كُلّ مِنْهُمَا حَسَن وَالْقَوْل بِاللِّسَانِ أَقْوَى ، فَلَوْ جَمَعَهُمَا لَكَانَ حَسَنًااهـ شرح سنن النساءي
{ 10 }
سادسا >>: ما لا يفسد الصوم ولا يوجب القضاء ولا الكفارة وذلك فيما يلي :
1} الحقنة وتسمى في بلادنا {الإبرة}سواء كانت تؤخذ في العضل أو تحت الجلد أو في الوريد .. ومن هذه الحقن ما يؤخذ للتداوي . .. ومنها ما يؤخذ للتقوية . ومنها ما يؤخذ للتغذية . أما ما يؤخذ للتداوي مثل ما يؤخذ لخفض درجات الحرارة في الحميات أو لخفض الضغط فعلماء العصر مجموعون على أنه لا يفطر ومثل ذلك ما يؤخذ للتقوية مثل الحقنة المشتملة على الفيتامينات فهي لا تفطر أيضا لأنها لا تصل إلى البدن من منفد مفتوح .....أما الذي اختلف فيه علماء العصر فهو في شأن الحقنة التي تعطي من طريق الوريد ويقصد بها التغدية مثل { الجلوكوز } فمن العلماء من يرى أن هذا النوع يفطر لأنه يحمل غذاء ومنهم من يرى أنه لا يفطر لأنه من ناحية قواعد الفقهاء لم يدخل إلى الجوف من منفذ طبيعي وهذا الأمر أي الأخير هو أرجحة وأميل إليه على أن هذا الأمر يسير ولا يحتاج إليه إلامن بلغ به المرض مبلغا عظيما أو خرج من عملية جراحية تحتاج معها إلى التغذية اهــ {{ فقه الصيام }} للقرضاوي..... . وقال الدكتور أبو سريع في أحكام الصيام فذكرنا أن الحقنة <<الشرجية>> مفطرة في القول الراجح خلافا للشيخ القرضاوي كما سيأتي ضمن رده على مفطرات الحنفية .وخلافا للظاهرية .والشرجية: معناها دخول شيء من الدواء في الدبر ـ القويلبات ــ أما الحقن الأخرى فقدا اختلف الفقهاء فيها على ثلاثة أقوال القول الأول: أنها لا تفطر سواء كانت في العروق أو في الجلد لأنها ليست بأكل ولا شرب ولأن الله نهى عن الأكل والشراب والجماع وما عدا ذلك فإنه لا يفطر إلا إذا كان من منفذ طبيعي . وحقنة الوريد والعضل لا تدخل من منفذ طبيعي ...القول الثاني أنها تفطر .. والراجح أن الحقنة التي تؤخذ في العرق والعضل لا تفطر لأنه إذا كانت الحجامة لا تفطر وقد ورد فيها النص فالحقنة ما عدا <الحقنةالشرجية> تكون غير معطرة
{ تتبه} قال القرضاوي لقد توسع الفقهاء في أمر المفطرات توسعا ما أظنه خطر ببال أحد من أصحاب النبي ص} فتجد في كتب الحنفية ما يقرب من ستين مفطرا والواقع أن جل ما يقال في هذا المجال مما لم يدل عليه محكم من القرءان أو السنة الصحيحة ولا أجمع عليها الفقهاء إنما هي اجتهادات يوخذ منها ويترك فلقد تفننوا في المفطرات تفننا غريبا وقعدوا لها قواعد ثم بنوا عليها فروعا لا تحصر والقواعد نفسها غير مسلمة لأنه لم يقم عليها د ليل محكم من القرءان والسنة فقد قالوا :
إن إيصال شيء من منفذ مفتوح إلى جوف الصائم يفطره.
ثم فسروا <الجوف> بأنه ما يسمى جوفا وإن لم يكن فيه قوة تحليل الغداء أو الدواء كحلق ودما غ وباطن .أذن .وإحليل ومثانة وهي مجمع البول فلو كان برأسه <مأ مومة >إي:{ إصابة بالدماغ } فوضع عليها دواء فواصل خريطته الدماغ أفطر . ولو وضع على<< جائفة>> أي: { جرح بالجوف } دواء فوصل جوفه أفطر وإن لم
{ 11 }
يصل باطن الأمعاء ... ...وذكروا هنا أن استعمال الحقنة { الشرجية } كما تسمى الآن تفطر... ثم نقل عنهم أن من أدخل في إحليله عودا مثل { عملية القسطرة } أفطر ...ثم نقل عنهم قولهم أيضا :
{ وينبغي الإحترازحالة الاستنجاء لأنه متى أدخل طرف إصبعه في دبره أفطر ولو أدنى شيء من الأنملة ومثله فرج الأنثى اهـ تابع بعض الغرائب المسجلة في كتب الفروع التي نقلها عنهم ورد عليها وقيدها في كتابه تيسير الفقه { فقه الصيام ص 87 2} الحجامة وهي أخذ الدم بطريق المص أو بئالة وهي جائزة لحديث ابن عباس { أن النبي ص احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم } رواه البخاري ولقد اختلف الفقهاء في الحجامة فالجنفية والشافعية والمالكية قالوالا تفطر . وأما الحنابلة فقد قالوا الحجامة تفطر لحديث ثوبان مرفوعا { أفطر الحاجم والمحجوم } رواه أبو داوود بإسناد صحيح لكن هذا الحديث الذي أخذ به الحنابلة منسوخ بحديث ابن عباس { احتجم وهو صائم } انظر أحكام الصيام للدكتور أبي سريع الصفحة 135
3} الرعاف وهو الدم الخارج من الأنف فكذلك لا يفطر إن كان بسبب الإنسان قياسا على الحجامة وذهب الحنابلة إلى أنه يفطر والراجح مذهب الشافعية والمالكية والحنيفة أنه لا يفطر.غذ لادليل على كونه من المفطرات .
4}نقل الدم من إنسان إلى ءاخر قد يؤخذ دم من إنسان لمعالجة ءاخر ولتعويضه عن دم نقص فحكم هذا النقل لا يفطر قياسا على الحجامة والله أعلم .
5} الجائفة والمأمومة لو أصيب الإنسان بجائفه ــ وهي الجرح الذي يصل إلى الجوف ثم يعالج المريض منه فهل يبطل الصوم .الحنابلة والشافعية والحنيفة قالوا إن الصائم لو داوى الجائفة أو المأمومة وهي : إصابته في الدماغ . فوصل الدواء إلى جوفه فسد صومه .. وأما المالكية فقالوا إن الصائم لا يفطر بمداواة الجائفة أو المأمومة لأن ذلك ليس بأكل أو شرب وليس بمنفذ طبيعي وقد كان المسلمون في عهد النبي ص} يجرحون في الجهاد .مأمومة وجائفة فلو كان ذلك يفطر لبينه لهم الرسول <ص> : وهذا هو الراجح الموافق لمسامحة الدين
6} الكحل والقطرة الكحل هو ما يكتحل به الإنسان. فالحنفية والشافعية : قالوا أن الكحل لا يفطر لما روى بن عمر قال انتظرت النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج إلينا في رمضان فخرج من بيت أم سلمة وقد كحلته وملات عيناه كحلا }بغية الحارث . وبما أخرجه ابن ماجه عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ اكْتَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ صَائِمٌ >>. فهذه الأحاديث فيها مقال في سندها إلا أنها تقوي بعضها بعضا بالإضافة إلى أن الأمر يبقى على البراءة الأصلية . وأما المالكية والحنابلة قالوا إن الكحل يفطر الصائم إذا وجد طعمه في حلقه أو وصل شيء إلى دماغه أو حلقه لأن الحين منفذ للدماغ والحلق . واستدلوا بما روي عن عَبْدالرَّحْمَنِ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ هَوْذَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ بِالْإِثْمِدِ الْمُرَوَّحِ عِنْدَ النَّوْمِ وَقَالَ لِيَتَّقِهِ الصَّائِمُ >قَالَ أَبُو دَاوُد قَالَ لِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ يَعْنِي حَدِيثَ الْكُحْلِ} رواه أبو داوود والبخاري في تاريخه إلا أن في سنده مقالا قوله( الْمُرَوَّح ): بِضَمِّ الْمِيم وَتَشْدِيد الْوَاو الْمَفْتُوحَة وَآخِر الْحُرُوف حَاء مُهْمَلَة ، أَيْ
{ 12 }
الْمُطَيَّب بِالْمِسْكِ كَأَنَّهُ جُعِلَ لَهُ رَائِحَة تَفُوح بَعْد أَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ رَائِحَة .. والراجح رأي الأحناف والشافعية لأن الأحاديث الواردة في ذلك لا تخلو من مقال فنرجع إلى البراء ة. الأصلية لأننا لا ننتقل عنها إلايد ليل صحيح يبين أن الكحل يفطر . وأما القطرة فرأي الأحناف والشافعية والحنابلة أنها تفطر واستدلوا بحديث أن النبي ص} قال للَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ َ{ وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا>أبو داود وصححه ابن خزيمة والنساءي ..والألباني. . وأما المالكية فقالوا إن القطرة لا تفطر إلا إذا وصلت إلى الحلق دون الجوف ولأنه لم يرد ليل يقول بفطر من تناول القطرة. قلت سبحان هلا قالوا مثل ذلك في الكحل الذي قالوا إنه يفطر. قال أبو سريع : والراجح أنها لا تفطر وقياسها على المضمضة والإستنشاق غير سديد والأولى قياسها على الكحل .وأفتى أين تيمية أن البخور والكحل والدهون والطيب لا تفطر ولو كان ذلك يفطر لبينه النبي <ص} لأنه مما تعم به البلوي ومثل ذلك أفتى به ابن حزم في المحلي فقال : { ولا ينقص الصوم حجامة ولا قلس ولا دم خارج من الأسنان ولا حقنة ولا سعوط ولا تقطير في أذن أو إحليل أو في أنف ولا استنشاق وإن بلغ الحلق ولا مضمضة دخلت الحلق من غير تعمد ولا كحل الخ اهـ وفي الختام : ننبه على { حديث }{ بالغ الاستنشاق إلا أن تكون صائما }
وقال الفرضاوي معقبا على حديث< وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا > ما نصه : هذا الحديث كان له أثره في توسيع دائرة المفطرات ويلاحظ على هذا الحديث ما يلي : أولا : أنه لم يرد في الصحيحين ولا في أحدهما مما يدل على أن رتبته دون ما اشترطاه في صحيحهما وقد ذكر البخاري في صحيحه { باب قول النبي ص}{ إذا توضأ فليستنشق بمنخره الماء } ولم يميز بين الصائم وغيره . الثاني : سلمنا بصحة الحديث لكن مما يذكر هنا أنه لم يجيء بلفظ عام بل جاء خطابا خاصا لشخص معين يسأل عن الوضوء وهو لقيط بن صبرة . ثالثا : أنه لم ينص على أن الماء إذا وصل إلى الجوف من طريق الأنف يفطر بل كان ما فيه النهي عن المبالغة في حالة الصوم فقد يدخل الماء عند المبالغة إلى فمه ومن فمه إلى جوفه وقد ينهى عن الشيء وإن لم يفطر وقد جاء عن بعض السلف في أشياء معينه قالوا: لا تفطر ولكن ينهى عنها وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن دخول الماء بعد الاستنشاق وإن بالغ فيه المتوضئ لا يبطل الصوم مطلقا ذكر منهم النووي في المجموع والحسن البصري وأحمد وإسحاق وأبا ثور. رابعا : لو سلمنا بأن وصول الماء إلى الجوف من الأنف يفطر لم نسلم بالتوسيع في إلحاق أشياء أخرى بهذا لأن الأصل في العبادة الوقوف عند النص ولا يتوسع في القياس فيهاولأن هذا الحديث جاء على خلاف الأصل في أمر الصيام فيحفظ ولا يقاس عليه هذا أما أتجه إليه شيخ الإسلام ابن تيمية اهـ
وقال الدكتور أبو سريع محمد عبد الهادي في كتابه أحكام الصيام ما نصه : من المكروهات في الصيام : المضمضة والاستنشاق إن زادعلى الثلاث أو بالغ فيهما على الأصح لقوله ص} { للقيط بن صبرة { وبالغ في المضمضة والاستنشاق إلا أن تكون صائما فلو دخل ماء المضمضة أو الاستنشاق إلى جوفه عمدا بطل صومه
{ 13 }
أجماعا وعليه القضاء . وأما لو سبقه الماء بدون قصد فعند الجمهور يفطر لأنه يمكن الإحتراز عنه وعند الحنابلة لا يفطر وحكي عن ابن عباس أنه لو سبقه في النافلة أفطر وإن توضأ للفريضة فلا يفطرلأنه مضطر إلى الفريضة مختار في النافلة اهـ
7} الجنابة فمن أصبح جنبا وهو صائم فصومه صحيح لحديث عَائِشَةَأَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَنَا أَسْمَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُصْبِحُ جُنُبًا وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أُصْبِحُ جُنُبًا وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ فَأَغْتَسِلُ وَأَصُومُ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَسْتَ مِثْلَنَا قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِي> الموطأ .مسلم . إلا أنه ورد عن أبي هريرة ما يخالف ذلك : فقد أخرج الشيخان عنه أن النبي {ص} قال : { من أصبح جنبا فلا صوم له } ..قال ابن المنذر وغيره : حديث أبي هريرة منسوخ بالأحاديث الدالة على جواز صوم الجنب .
. 8} نزول الماء والأنغماس فيه وما لا يمكن التحرز منه فنزول الماء لا يفطر لحديث أبي بكر بن عبد الرحمان عن بعض أصحاب النبي ص} قال : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ النَّاسَ بِالْفِطْرِ عَامَ الْفَتْحِ وَقَالَ تَقَوَّوْا لِعَدُوِّكُمْ وَصَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ الَّذِي حَدَّثَنِي لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَرْجِ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ مِنْ الْعَطَشِ أَوْ مِنْ الْحَرِّ ثُمَّ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ طَائِفَةً مِنْ النَّاسِ قَدْ صَامُوا حِينَ صُمْتَ فَلَمَّا كَانَ بِالْكَدِيدِ دَعَا بِقَدَحٍ فَشَرِبَ فَأَفْطَرَ النَّاسُ} رواه مالك وأحمد وأبو داوود بإسناد صحيح وكذا لا يفطر ما لا يمكن التحرز منه كالغبار والدقيق والذباب وما إلى ذلك مما يشق التحرز منه
. 9} من أكل أو شرب ناسيا فليتم صومه لحديث ابي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أفطر في رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة وكذلك رواه محمد بن مرزوق البصري عن الانصاري وهو مما تفرد به الانصاري عن محمد بن عمرو وكلهم ثقات والله اعلم>>السنن الكبرى للبيهقي ورواه الدار قطني وهو حديث صحيح وهذا مذهب الأحناف والشافعية والحنابلة . وأما المالكية فقالوا بالقضاء لكن هذا الحديث يرد عليهم لأنه عين رمضان وسيأتي إن شاء جملة من المسائل التي لوحظت على المالكية في الصيام . وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا نَسِيَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ> البخاري
سابعا >>: ما يفسد الصوم ويوجب القضاء فقط
1} الأكل والشرب عمدا . قال تعالى ثم أتموا الصيام إلى الليل>> وحكم من أكل عمدا القضاء فقط... فأما الشافعية والحنابلة فقالوا من أفطر بدون عذر عليه القضاء فقط مع الإثم ولا كفارة عليه إلا بالجماع لأن النص ورد فيه فقط فلا يجب في غيره إلا القضاء . أما الأحناف والمالكية فقد قالوا إن الكفارة تجب بالأكل وللشرب عمدا وبالجماع واستدلوا . بحديث : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا مَرَضٍ لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ }رواه البخاري . وهذا يدل
{ 14 }
على الزجر والراجح ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة من أن الكفارة لا تجب على من أكل أو شرب أو تناول مفطرات غير الجماع في رمضان لأنه هو الذي ورد النص فيه وما عداه فيوجب القضاء فقط ... وقد حصل شيء من مفسدات الصوم في عهد رسول الله ص} ولم يثبت أنه أمر من أفسد صومه بالكفارة ...وفي الفتح معلقا على هذاغ الحديث : قَالَ اِبْن بَطَّال : أَشَارَ بِهَذَا الْحَدِيث إِلَى إِيجَاب الْكَفَّارَة عَلَى مَنْ أَفْطَرَ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ قِيَاسًا عَلَى الْجِمَاع ، وَالْجَامِع بَيْنهمَا اِنْتَهَاك حُرْمَة الشَّهْر بِمَا يُفْسِد الصَّوْم عَمْدًا . وَقَرَّرَ ذَلِكَ الزَّيْنُ بْن الْمُنَيِّرِ بِأَنَّهُ تَرْجَمَ بِالْجِمَاعِ لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ الْحَدِيث الْمُسْنَدُ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ آثَارَ الْإِفْطَارِ لِيُفْهَمَ أَنَّ الْإِفْطَارَ بِالْأَكْلِ وَالْجِمَاع وَاحِد . اِنْتَهَى . وَاَلَّذِي يَظْهَر لِي أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ بِالْآثَارِ الَّتِي ذَكَرَهَا إِلَى أَنَّ إِيجَاب الْقَضَاء مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ السَّلَفِ ، وَأَنَّ الْفِطْرَ بِالْجِمَاعِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْكَفَّارَة ، وَأَشَارَ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة إِلَى أَنَّهُ لَا يَصِحّ لِكَوْنِهِ لَمْ يُجْزَمْ بِهِ عَنْهُ ، وَعَلَى تَقْدِير صِحَّتِهِ فَظَاهِره يُقَوِّي قَوْل مَنْ ذَهَبَ إِلَى عَدَم الْقَضَاء فِي الْفِطْر بِالْأَكْلِ بَلْ يَبْقَى ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ زِيَادَةً فِي عُقُوبَتِهِ لِأَنَّ مَشْرُوعِيَّة الْقَضَاء تَقْتَضِي رَفْعَ الْإِثْم ، لَكِنْ لَا يَلْزَم مِنْ عَدَمِ الْقَضَاء عَدَمُ الْكَفَّارَة فِيمَا وَرَدَ فِيهِ الْأَمْر بِهَا وَهُوَ الْجِمَاع ، وَالْفَرْق بَيْن الِانْتِهَاك بِالْجِمَاعِ وَالْأَكْل ظَاهِر فَلَا يَصِحّ الْقِيَاسُ الْمَذْكُور . قَالَ اِبْن الْمُنَيِّرِ فِي الْحَاشِيَة مَا مُحَصَّلُهُ : إِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْحَدِيث " لَمْ يَقْضِ عَنْهُ صِيَامُ الدَّهْرِ " أَيْ لَا سَبِيلَ إِلَى اِسْتِدْرَاك كَمَالِ فَضِيلَةِ الْأَدَاءِ بِالْقَضَاءِ ، أَيْ فِي وَصْفِهِ الْخَاصِّ ، وَإِنْ كَانَ يَقْضِي عَنْهُ فِي وَصْفِهِ الْعَامِّ فَلَا يَلْزَم مِنْ ذَلِكَ إِهْدَار الْقَضَاء بِالْكُلِّيَّةِ . اِنْتَهَى . وَلَا يَخْفَى تَكَلُّفُهُ ، وَسِيَاق أَثَر اِبْنِ مَسْعُودٍ الْآتِي يَرُدُّ هَذَا التَّأْوِيلَ ، وَقَدْ سَوَّى بَيْنَهُمَا الْبُخَارِيُّ .
2} المباشرة فيما دون الفرج فإن باشر الرجل زوجته فيما دون الفرج فأنزل فيجب عليه القضاء فقط فالمالكية ورواية للحنابلة قالوا :يجب عليه القضاء والكفارة لأنه أنزل بشهوة فأشبه الجماع في إفساد الصوم . ...أما الشافعية والأحناف فقالوا بالقضاء فقط لأنه ليس بجماع حقيقي ولم يرد دليل على ذلك ولا يمكن أن يقاس على الجماع . بل وردت أدلة يمكن الإسترشاد بها على أن المباشرة ليس فيها كفارة فعن أَبِي هُرَيْرَةَأَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ فَرَخَّصَ لَهُ وَأَتَاهُ آخَرُ فَسَأَلَهُ فَنَهَاهُ فَإِذَا الَّذِي رَخَّصَ لَهُ شَيْخٌ وَالَّذِي نَهَاهُ شَابٌّ} رواه أبو داوود فلو كانت الكفارة تجب على من نهاه لبين الرسول له ذلك لأنه نهاه خشية الإ نزال المفضي إلى الفطر. وَمَعْنَى الْمُبَاشَرَة هَهُنَا اللَّمْس بِالْيَدِ وَهُوَ اِلْتِقَاء الْبَشَرَتَيْنِ .
3} الاستمناء أي تعمد إخراج المني بأي سبب من الأسباب..إذا استمنى الرجل فقد ارتكب إثما وصومه فاسد إذا أنزل أما إذا لم ينزل فلا شيء عليه وكذا لاشيء عليه في الاحتلام اهـ ابو سريع .وقال السيد سابق : الاستمناء سواء، أكان سببه تقبيل الرجل لزوجته أو ضمها إليه، أو كان باليد، فهذا يبطل الصوم، ويوجب القضاء.فإن كان سببه مجرد النظر، أو الفكر، فإنه مثل الاحتلام نهارا في الصيام لا يبطل الصوم، ولا يجب فيه شئ.وكذلك المذي، لا يؤثر في الصوم، قل، أو كثر.اهـ وفي المحلى للشيخ العلامة ابن حزم : وأما الاحتلام فلا خلاف في أنه لا ينقض الصوم، إلا ممن لا يعتد به * وأما الاستمناء فانه لم يأت نص بأنه ينقض الصوم * والعجب
{ 15 }
كله ممن لا ينقض الصوم بفعل قوم لوط، وإتيان البهائم وقتل الأنفس، والسعي في الأرض بالفساد، وترك الصلاة، وتقبيل نساء المسلمين عمدا إذا لم يمن ولا أمذى: ثم ينقضه بمس الذكر إذا كان معه امناء! وهم لا يختلفون أن مس الذكر لا يبطل الصوم، وأن خروج المنى دون عمل لا ينقض الصوم، ثم ينقض الصوم باجتماعهما، وهذا خطأ ظاهر لا خفاء به والعجب كله ممن ينقض الصوم بالانزال للمنى إذا تعمد اللذة، ولم يأت بذلك نص، ولا اجماع، ولا قول صاحب، ولا قياس: ثم لا يوجب به الغسل إذا خرج بغير لذة، والنص جاء بايجاب الغسل منه جملة! * وأما القبلة والمباشرة للرجل مع امرأته وأمته المباحة له فهما سنة حسنة، نستحبها للصائم، شابا كان أو كهلا أو شيخا، ولا نبال أكان معها إنزال مقصود إليه أو لم يكن ...عن عروة بن الزبير أن عائشة أم المؤمنين أخبرته: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وهو صائم) مسلم .عن عائشة أم المؤمنين: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يباشر وهو صائم > مسلم اهـ وقال السيد سابق : استمناء الرجل بيده مما يتنافى مع ما ينبغي أن يكون عليه الإنسان من الأدب وحسن الخلق، وقد اختلف الفقهاء في حكمه: فمنهم من رأى أنه حرام مطلقا.ومنهم من رأى أنه حرام في بعض الحالات، وواجب في بعضها الآخر.ومنهم من ذهب إلى القول بكراهته.أما الذين ذهبوا إلى تحريمه فهم المالكية والشافعية، والزيدية. وحجتهم في التحريم أن الله سبحانه أمر بحفظ الفروج في كل الحالات، إلا بالنسبة للزوجة، وملك اليمين.فإذا تجاوز المرء هاتين الحالتين واستمنى، كان من العادين المتجاوزين ما أحل الله لهم إلى ما حرمه عليهم.يقول الله سبحانه: " والذين هم لفروجهم حافظون.إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين.فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ".وأما الذين ذهبوا الى التحريم في بعض الحالات، والوجوب في بعضها الآخر، فهم الأحناف فقد قالوا: إنه يجب الاستمناء إذا خيف الوقوع في الزنا بدونه، جريا على قاعدة: ارتكاب أخف الضررين.وقالوا: إنه يحرم إذا كان لاستجلاب الشهوة وإثارتها. وقالوا: إنه لا بأس به إذا غلبت الشهوة، ولم يكن عنده زوجة أو أمة واستمنى بقصد تسكينها.وأما الحنابلة فقالوا: إنه حرام، إلا إذا استمنى خوفا على نفسه من الزنا، أو خوفا على صحته، ولم تكن له زوجة أو أمة، ولم يقدر على الزواج، فإنه لاحرج عليه......وأما ابن حزم فيرى أن الاستمناء مكروه ولا إثم فيه، لان مس الرجل ذكره بشماله مباح بإجماع الامة كلها.وإذا كان مباحا فليس هنالك زيادة على المباح إلا التعمد لنزول المني، فليس ذلك حراما أصلا، لقول الله تعالى:" وقد فصل الله لكم ما حرم عليكم " وليس هذا ما فصل لنا تحريمه، فهو حلال لقوله تعالى: " خلق لكم ما في الارض جميعا ".قال: وإنما كره الاستمناء لأنه ليس من مكارم الأخلاق ولا من الفضائل: وروي لنا أن الناس تكلموا في الاستمناء فكرهته طائفة وأباحته أخرى.وممن كرهه ابن عمر، وعطاء.وممن أباحه ابن عباس، والحسن، وبعض كبار التابعين. وقال الحسن: كانوا يفعلونه في المغازي.وقال مجاهد: كان من مضى يأمرون شبابهم بالاستمناء يستعفون بذلك، وحكم المرأة مثل حكم الرجل فيه.
{ 16 }
4} الإنزال بسبب تكرار النظر ذهب المالكية والحنابلة إلى أنه يجب على من كرر النظر فأنزل القضاء وأما التفكير فلا يفطر لأنه لا يمكن التحرز منه ولأنه ورد فيه دليل هو قوله ص} : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ >قَالَ قَتَادَةُ إِذَا طَلَّقَ فِي نَفْسِهِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ.متفق عليه.أما الحنفية والشافعية فقالوا : لاشيء على من كرر النظر فأنزل لاقضاء ولا كفارة . وقال ابن حزم كما سبق : والعجب كله ممن ينقض الصوم بالإنزال للمني إذا تعمد اللذة، ولم يأت بذلك نص، ولا إجماع، ولا قول صاحب، ولا قياس..اهـ ورجح أبو سريع مذهب المالكية والحنابلة اهـ ولعل رأي ابن حزم أقوى
5} القيء عمدا : اتفق الفقهاء على أن من عليه القيء أو خرج بدون سبب منه فإن صومه صحيح وأما من استقاء عمدا فإن صومه فاسد وعليه القضاء لقوله ص} : { من درعه القيء فليس عليه القضاء ومنه استقاء عمدا فليقض } رواه الخمسة إلا النسائي فالراجح مذهب الجمهور الذين قالوا بأن القيء عمدا يفطر لقوة ما استدلوا به ومن قال بغير ذلك فلا دليل عليه صحيح وما استدلوابه من حديث { ثلاث لا يفطرن الصائم الخ } فضعيف
5} الحقنة الشرجية : وهي دخول شيء من الدواء في الدبر وهي مفطرة وهو قول جمهور من الفقهاء وخالف داوود الظاهري فقال : الحقنة الشرجية غير مفطرة لأنها ليست بأكل ولا شرب ولم يأت فيها دليل عن النبي ص} يفيد أنها مفطرة
وقال ابن حزم : إنما نهانا الله في الصوم عن الأكل والشرب والجماع وتعمد القيء وما علمنا أكلا ولا شربا يكون على دبر و إحليل أو أذن أو أنف أو من جرح في البطن أو الرأس . ومن الذين قالوا لا تفطر القرضاوي حيث ردعلى الفقهاء خاصة الحنفية تجاوزهم الحد في المفطرات
6} من أكل أو شرب ظانا غروب الشمس أو عدم طلوع الفجرفتبين له عكسه فالراجح أن عليه القضاء للنصوص الصريحة أما القول بأنه لا قضاء عليه فهو مر دود بالسنة الصحيحة لحديث هشام بن عروة: عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ
أَفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمِ غَيْمٍ ثُمَّ طَلَعَتْ الشَّمْسُ قُلْتُ لِهِشَامٍ أُمِرُوا بِالْقَضَاءِ قَالَ فَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِك> َ} رواه أحمد . وقال أبو سريع : ويفهم من هذا أن من لم يتبين له خطؤه أنه لا قضاء عليه لأنه معذوربعدم علمه لكن لو شك في طلوع الفجر فأكل أو شرب فصومه صحيح في الراجح لأن الأصل بقاء الليل الذي يباح فيه تناول المفطرات خلافا للمالكية القائلين بفساده.. أما لو شك في غروب الشمس وتناول مفطرا فصومه باطل لأن الأصل بقاء النهار يجب فيه الإمساك
7} الردة والعياذ بالله كسب الدين أو الرب فإذا ارتدالصائم عن الإسلام فسد صومه لو نطق الكفر مستهزئا قال تعال : { ولئن سألتهم إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وءاياته ورسوله كنتم تستهزئون ولا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم }
8>> السعوط هو ما يستنشق بالأنف . سواء أكان ذلك دواء يوضع في الأنف , أو ماء أو نشوقا . أو دخانا أو ما يشبه ذلك وقد اتفق الفقهاء . على أنه لا يجوز للصائم
{ 17 }
أن يستعمل السعوط . لأنه مفطر وقد استدلوا على ذلك بأن النبي ص} قال للقيط بن صبرة { وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما .
إلا أن المالكية اشترطوا وصوله إلى الحلق واحتجوا . بأن ما لا يصل إلى الحلق أو الدماغ لا يفطر والراجح :ما ذهب إليه الجمهور من أن السعوط مفطر للصائم سواء وصل إلى الحلق أو الدماغ أو الجوف . اهـ أحكام الصيام لأبي سريع .قلت >> والراجح ما هب إليه ابن حزم أن السعوط لايفطر كما سبق
9>>ـ الجنون وهو مفطر للصائم . لكن لا قضاء على المجنون في الرأي الراجح . لأن القلم مرفوع عنه . عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ > أبو داود وَهَذَا الْحَدِيث وَإِنْ كَانَ مُنْقَطِعًا لَكِنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَجْنُون كَمَا أَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فِي مَعْنَى النَّائِم فَلَا يَفُوت الْحَصْر بِذَلِكَ إِذَا نَظَرْنَا إِلَى الْمَعْنَى ، فَهُمْ فِي الصُّورَة خَمْسَة الصَّبِيّ وَالنَّائِم وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَجْنُون وَالْخَرِف وَفِي الْمَعْنَى ثَلَاثَة . وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ النَّائِم فِي مَعْنَى الْمَجْنُون لِأَنَّ الْجُنُون يُفْسِد الْعَقْل بِالْكُلِّيَّةِ وَالنَّوْم شَاغِل لَهُ فَقَطْ فَبَيْنهمَا تَبَايُن كَبِير لَمْ يُجْعَل فِي مَعْنَاهُ وَأَحْكَامهمَا مُخْتَلِفَة بِخِلَافِ الْخَرَف وَالْجُنُون فَإِنَّ أَحْكَامهمَا وَاحِدَة وَبَيْنهمَا تَقَارُب ، وَيَظْهَر أَنَّ الْخَرَف رُتْبَة مُتَوَسِّطَة بَيْن الْإِغْمَاء وَالْجُنُون وَهِيَ إِلَى الْإِغْمَاء أَقْرَب اِنْتَهَى .عون المعبود
10>> تناول مالا يتغذى به من المنفذ الطبيعي إلى الجوف . وذلك كالملح الكثير . فإنه يفطر الصائم في قول عامة أهل العلم وعليه القضاء . وكذلك العلك المتحلل الذي يصل شيء منه إلى الجوف فإنه يفطر وفيه القضاء بخلاف العلك القوي الذي لا يتحلل . ولا يصل إلى الجوف منه شيء .اهـ أبو سريع
ثامنا: مناقشة متفرقات في الصوم عند المالكية
قلت > في كتابي الفروع المخالفة للأصول : و.منها: أمرهم بإلفاظ الطعام لمن سمع النداء وإن اشتهاه , قال السيد سابق. في فقه السنة: فإذا طلع الفجر وفي فمه طعام وجب عليه إلفاظه انتهى منه وهذا يخالف السنة طبقا لحديث أبي داود , قال الألباني رحمه الله المتوفى يوم السبت \ 10\ 1999 في كتابه تمام المنة في التعليق على فقه السنة معقبا على قوله (فإذا طلع الفجر وفي فمه طعام وجب عليه أن يلفظه . . " ـــ مانصه:قلت : هذا تقليد لبعض الكتب الفقهية وهو مما لا دليل عليه في السنة المحمدية بل هو مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه " أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه هو والذهبي .وفيه دليل على أن من طلع عليه الفجر وإناء الطعام أو الشراب على يده أنه يجوز له أن لا يضعه حتى يأخذ حاجته منه فهذه الصورة مستثناة من الآية :
( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) فلا تعارض بينها وما في معناها من الأحاديث وبين هذا الحديث ولا إجماع يعارضه
لأن من فوائد هذا الحديث إبطال بدعة الإمساك قبل الفجر بنحو ربع ساعة ؟ لأنهم إنما يفعلون ذلك خشية أن يدركهم أذان الفجر وهم يتسحرون ولو علموا هذه الرخصة لما وقعوا في تلك البدعة
{ 18 }
. ومنها: أمرهم بالقضاء لمن أكل ناسيا في رمضان : وقد جاء عن مالك أنه
يرى القضاء على من أكل ناسيا في الفرض كاحتياط منه , قال ابن عاشر:
( ومن أفطر الفرض قضاه وليزد * كفارة في رمضان إن عمد * .....
يعني: من أفطر في الصوم الواجب ناسيا يجب عليه القضاء , وإن تعمد يزيد الكفارة
وهذا يخالف ما رواه الدار قطني: وهو حديث صحيح
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ أَفْطَرَ فِى شَهْرِ رَمَضَانَ نَاسِيًا فَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلاَ كَفَّارَةَ »
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ أَكَلَ فِى رَمَضَانَ نَاسِيًا أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا فَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّ اللَّهَ أَطْعَمَهُ وَسَقَاهُ »
متفق عليه
. ومنها: عدهم اللمس والقبلة في الصيام مكروهة وإن كان يضبط نفسه , قال
ابن عاشر رحمه الله
( ويكره اللمس وفكر سلما * دبا من المني وإلا حرما )
قال ميارة شارحه: فالوجه الأول وهو ما إذا علم السلامة هو المكروه , وقال : فإن كان يعلم من نفسه السلامة من المني وأمذي لم تحرم ولكنها مكروهة في المشهور ومراتب الكراهة متفاوتة فأخفها الفكر , ثم النظر , ثم القبلة , ثم المباشرة , ثم الملاعبة ,الخ انتهى
وهذا يخالف ما ثبت عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ وَلَكِنَّهُ كَانَ أَمْلَكَ لإربه أبو داود
وقد عد القبلة لمن قدر على ضبط نفسه صاحب فقه السنة في مباحات الصيام ,
· ومنها: جعلهم من المستحبات صوم رجب , قال ابن عاشر:
( صيام شهر رمضان وجبا * في رجب شعبان صوم ندبا )
قال ميارة: أخبر أنه يستحب الصوم في شهري رجب وشعبان كما يستحب صوم التسع الأول من ذي الحجة
· وهذا مبني على ضعيف , قال ابن حجر: لم يرد في فضل شهر رجب ولا في
صيام شيء منه معين , وقد سبقني إلى الجزم بذلك أبو إسماعيل الهروي الحافظ , لكن اشتهر أن أهل العلم يتسامحون في إيراد الأحاديث وإن كان فيها ضعف ما لم تكن موضوعة , ثم ينبغي أن لا يشتهر ذلك لئلا يعمل المرء بحديث ضعيف , فيشرع مالم يشرع أو يراه بعض الجهال فيظن أنه سنة صحيحة وليحذر المرء من دخول تحت قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَذِابِينَ
وقال ابن القيم ولم يصم النبي (ص) الثلاثة الأشهر سردا كما يفعله بعض الناس ولا صام رجبا قط ولا استحب صيامه بل روي عنه النهي عن صيامه ذكره ابن ماجة
{ 19 }
وكان عمر رضي الله عنه يضرب بالدرة صوامه ويقول: إنما هو شهر كانت الجاهلية تعظمه وقال النووي : ولم يثبت في صوم رجب نهي ولا ندب بعينه , ولكن أصل الصوم مندوب إليه وفي سنن أبي داود أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ندب الصوم من الأشهر الحرم ورجب أحدها انتهى
وحديث أن في الجنة نهرا يقال له رجب ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل من صام يوما من رجب سقاه الله من ذلك النهر , قال ابن الجوزي لا يصح , وقال الذهبي : باطل
· ومنها: أن مالكا قال بوجوب النية في الصوم إلا في رمضان فتكفي الصائم
نية واحدة فيه كله من أول ليلة منه , ثم ليس عليه أن يجدد نية كل ليلة إلا أن يمرض فيفطر أو يسافر فيفطر فلا بد من نية مجددة , وأما التطوع فلا بد من نية كل ليلة
فال أبو محمد : ولا يجزئ صيام أصلا رمضان كان أو غيره الا بنية مجددة في كل ليلة لصوم اليوم المقبل، فمن تعمد ترك النية بطل صومه * برهان ذلك قول الله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) فصح أنهم لم يؤمروا بشئ في الدين الا بعبادة الله تعالى والإخلاص له فيها بأنها دينه الذي أمر به * وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) فصح أنه لا عمل إلا بنية له، وأنه ليس لأحد إلا ما نوى، فصح أن من نوى الصوم فله صوم، ومن لم ينوه فليس له صوم *فعَنْ مَالِك عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ
لَا يَصُومُ إِلَّا مَنْ أَجْمَعَ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ ( مالك في الموطأ والنسائي
وعنه عن الزهري أن عَنْ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ مِثْلَهُ لَا يَصُومُ إِلَّا مَنْ أَجْمَعَ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ النسائي , وإسناده صحيح غير أنه موقوف وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ : لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُجْمِعْ قَبْلَ الْفَجْرِ
أبو داود والنسائي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ
وهذا إسناده صحيح ولا يضر إسناد ابن جريج له أن أوقفه معمرو ومالك الخ
قال محشي المحلى عبد الغفار سليمان البنداري ....أقول كيف لا يضر وقد خالف ابن جريج هؤلاء الإثبات في الرواية معمرو ومالك وعبيد الله ويونس وابن عيينة , ومع ذلك فقد عنعن ابن جريج وهو ثقة مدلس الخ انتهى ص 288 ج 4
قال ابن حزم: وما نعرف لمالك أصلا إلا أنهم قالوا رمضان كصلاة واحد , وهذه مكابرة بالباطل لأن الصلاة الواحدة لا يحول بين أعمالها –بعمد – ما ليس منها أصلا وصيام رمضان يحول بين كل يومين منه ليل يبطل الصوم جملة ويحل فيه الأكل والشرب والجماع انتهى
· ومنها: عدهم من المحرم الإفطار في النفل بلا علة , قال الشيخ ابن عاشر
رحمه الله
( وعمده في النفل دون ضر * محرم وليقض لا في الغير )
قال ميارة: فأخبر أن تعمد الفطر في النفل من الصوم من دون ضرر يلحق الصائم محرم , وظاهره أنه محرم ولو عزم عليه أو حلف له إنسان بالله أو بالطلاق فلا
{ 20 }
يفطر ويحنث وهو كذلك , لكن استثنوا من ذلك الأب والأم انتهى)أما السنة فيجوز الفطر لحديث أم هانئ رضي الله عنها
عَنْ أُمِّ هَانِئٍ وَهِيَ جَدَّتُهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْفَتْحِ فَأُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَنِي فَقُلْتُ إِنِّي صَائِمَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْمُتَطَوِّعَ أَمِيرٌ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنْ شِئْتِ فَصُومِي وَإِنْ شِئْتِ فَأَفْطِرِي
رواه أحمد والدار قطني والبيهقي وراه الحاكم وقال صحيح الإسناد
وعَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً فَقَالَ لَهَا مَا شَأْنُكِ قَالَتْ أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا فَقَالَ كُلْ قَالَ فَإِنِّي صَائِمٌ قَالَ مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ قَالَ فَأَكَلَ فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ قَالَ نَمْ فَنَامَ ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ فَقَالَ نَمْ فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ سَلْمَانُ قُمْ الْآنَ فَصَلَّيَا فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَ سَلْمَانُ . رواه البخاري والترمذي
وعن أبى سعيد الخدرى انه قال صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما فأتاني هو وأصحابه فلما وضع الطعام قال رجل من القوم إني صائم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاكم أخوكم وتكلف لكم ثم قال له أفطر وصم مكانه يوما إن شئت
رواه البيهقي بإسناد حسن
كما قال الحافظ , قال السيد سابق: وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى جواز الفطر، لمن صام متطوعا، واسحبوا له قضاء ذلك اليوم،
وقال الشوكاني: والأحاديث المذكورة تدل على أنه يجوز لمن صام تطوعا أن يفطر لا سيما إذا كان في دعوة إلى طعام أحد من المسلمين انتهى
ثم قال : ويحمل القضاء على الندب ويدل على عدم الوجوب حديث أبي جحيفة ثم قال : قال ابن المنير ليس في تحريم الأكل في صوم النفل من غير عذر إلا الأدلة العامة كقوله تعالى : ولا تبطلوا أعمالكم , إلا أن الخاص يقدم على العام كحديث سلمان , وقال ابن عبد البر من احتج في هذا بقوله تعالى: ولا تبطلوا أعمالكم فهو جاهل بأقوال أهل العلم فإن الأكثر على أن المراد بذلك النهي عن الرياء كأنه قال لا تبطلوا أعمالكم بالرياء بل أخلصوها لله إلى أن قال الشوكاني : ولا يخفى أن الآية عامة والاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما تقرر في الأصول , فالصواب ما قال ابن المنير , انتهى ج 2 ص 259 وقال في الفتح: وَعَنْ مَالِك الْجَوَاز وَعَدَم الْقَضَاء بِعُذْرٍ ، وَالْمَنْع وَإِثْبَات الْقَضَاء بِغَيْرِ عُذْر,
وما تقدم نقله عن ابن المنير وابن عبد البر فقد نقله الشوكاني من الفتح , إلا أن الحافظ سكت عن رأي ابن المنير
قال في الفتح ما نصه: وَقَدْ قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : وَمَنْ اِحْتَجَّ فِي هَذَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ) فَهُوَ جَاهِلٌ بِأَقْوَالِ أَهْل الْعِلْم ، فَإِنَّ الْأَكْثَر عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِذَلِكَ النَّهْي
{ 21 }
عَنْ الرِّيَاءِ كَأَنَّهُ قَالَ : لَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ بِالرِّيَاءِ بَلْ أَخْلِصُوهَا لِلَّهِ . وَقَالَ آخَرُونَ : لَا تُبْطِلُوا أَعْمَالكُمْ بِارْتِكَابِ الْكَبَائِر . وَلَوْ كَانَ الْمُرَاد بِذَلِكَ النَّهْيَ عَنْ إِبْطَالِ مَا لَمْ يَفْرِضْهُ اللَّه عَلَيْهِ وَلَا أَوْجَبَ عَلَى نَفْسه بِنَذْرٍ وَغَيْره لَامْتَنَعَ عَلَيْهِ الْإِفْطَار إِلَّا بِمَا يُبِيح الْفِطْر مِنْ الصَّوْم الْوَاجِب وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . انتهى ج 4 ص 730
وقال القرضاوي: في تيسير الفقه , فقه الصيام: ويستحب ممن شرع في صيام تطوع ألا يخرج منه بلا عذر وأن يكمله , فإن خرج منه بلا عذر فقد كرهه جماعة من العلماء , وقال بعضهم هو خلاف الأولى , فأما إن خرج منه بعذر فليس فيه أدنى كراهة , والعذر مثل أن يكون ضيفا أو مضيفا
ومهما يكن من العذر أو عدمه فإن المتطوع أمير نفسه فليس عليه حرج إن هو خرج مما نواه من قبل لم يلزمه الله به ولا ألزم به هو نفسه بنذر
روت عائشة قالت: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ فَقُلْنَا لَا قَالَ فَإِنِّي إِذَنْ صَائِمٌ ثُمَّ أَتَانَا يَوْمًا آخَرَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ فَقَالَ أَرِينِيهِ فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا فَأَكَلَ رواه مسلم
ثم قال: ولكن يستحب قضاء التطوع الذي لم يتمه أخذا بعموم قوله تعالى {ولا تبطلوا أعمالكمْْ}
وعملا ببعض الأحاديث الواردة الآمرة بالقضاء وإن لم تبلغ درجة الصحة يعمل على الندب , وخروجا من خلاف العلماء فقد ذهب أبو حنيفة ومالك إلى وجوب القضاء انتهى منه
.ومنها: منعهم ثبوت الشهر برؤية واحد , قال خليل من المالكية : وعم، إن نقل بهما عنهما، لا بمنفرد ) وقال الشوكاني: وقال مالك والأوزاعي والثوري والشافعي لا يقبل الواحد , واستدلوا بحديث عبد الرحمن وفيه:
فإن شهد شاهدان مسلمان فصوموا وأفطروا , وتأولوا ما يأتي بأن يكون شهد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غيرهما
قال سابق: يثبت شهر رمضان برؤية الهلال، ولو من واحد عدل أو إكمال عدة شعبان ثلاثين يوما.
1 - فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصام، وأمر الناس بصيامه.
رواه أبو داود، والحاكم، وابن حبان، وصححاه.
و عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ الْهِلَالَ قَالَ الْحَسَنُ فِي حَدِيثِهِ يَعْنِي رَمَضَانَ فَقَالَ أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ يَا بِلَالُ أَذِّنْ فِي النَّاسِ فَلْيَصُومُوا غَدًا
رواه الخمسة إلا أحمد
وقال الشوكاني : أول مالك وغيره هاذين الحديثين باحتمال بأن يكون شهد عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غيرهما , وأول القائلون بثبوت رؤية الواحد بالمفهوم , قال : وحديثا الباب – أي حديث ابن عمر وعكرمة – يدلان على قبوله بالمنطوق أرجح ,
{ 23 }
وأما التأويل بالاحتمال المذكور فتعسف وتجويز لو صح اعتبار مثله لكان مفضيا إلى طرح أكثر الشريعة
· ومنها: تجويزهم الصوم يوم الجمعة فقط , قال خليل: وجاز سواك كل النهار،
ومضمضة لعطش، وإصباح بجنابة، وصوم دهر وجمعة فقط
قال الدسوقي: فمحمل النهي- الوارد في الحديث – على خوف فرضه وقد انتفت هذه العلة بوفاته عليه السلام انتهى ج 1 ص 534
وهذا يخالف ما يأتي: عن محمد بن عباد بن جعفر قال: سألت جابرا أنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الجمعة , قال نعم , متفق عليه
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَصُومُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَّا وَقَبْلَهُ يَوْمٌ أَوْ بَعْدَهُ يَوْمٌ رواه الجماعة ,
ولمسلم : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي وَلَا تَخُصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ
قال الشوكاني: واستدل بأحاديث الباب على منع إفراد يوم الجمعة بالصيام , وقال ابن المنذر بتشبيهه له بالعيد يشعر بالتحريم , وذهب الجمهور إلى أن النهي فيه للتنزيه , وذهب مالك وأبو حنيفة إلا أنه لا يكره صيامه , واستدلا بحديث ابن مسعود أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلما يفطر يوم الجمعة ,
قال في الفتح: وَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَنَّهُ يَحْتَمِل أَنْ يُرِيدَ كَانَ لَا يَتَعَمَّد فِطْرَهُ إِذَا وَقَعَ فِي الْأَيَّامِ الَّتِي كَانَ يَصُومهَا ، وَلَا يُضَادّ ذَلِكَ كَرَاهَة إِفْرَاده بِالصَّوْمِ جَمْعًا بَيْن الْحَدِيثَيْنِ ،
ومن غرائب المقام ما احتج به بعض المالكية على عدم كراهة صوم يوم الجمعة , فقال يوم لا يكره صومه مع غيره , فلا يكره وحده , وهذا قياس فاسد , وأغرب من ذلك قول مالك في الموطأ : لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ وَمَنْ يُقْتَدَى بِهِ يَنْهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَصِيَامُهُ حَسَنٌ
وقد ثبت النهي عن صوم يوم الجمعة , فينبغي القول به , ومالك معذور فإنه لم يبلغه
قال الداودي: من أصحاب مالك لم يبلغ مالكا هذا الحديث ولو بلغه لم يخالفه انتهى ج 2 ص 250
· ومنها تجويزهم صيام الدهر, قال خليل: وصوم دهر وجمعة فقط , بمعنى
يندب صومهما
قال الدسوقي: حجة القائل بجواز صوم الدهر الإجماع على لزومه لمن نذره انتهى
وفي هذا مخالفة لما يأتي: ففي المنتقى : باب صيام يوم وفطر يوم وكراهة صوم الدهر,
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صُمْ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قُلْتُ إِنِّي أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَلَمْ يَزَلْ يَرْفَعُنِي حَتَّى قَالَ صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا فَإِنَّهُ أَفْضَلُ الصِّيَامِ وَهُوَ صِيَامُ أَخِي دَاوُدَ
وعن عبد الله بن عمرو قال : رسول الله صلى الله عليه وسام , لا صام من صام الأبد متفق عليهما
{ 24 }
قال الشوكاني: قوله لا صام من صام الأبد , استدل بذلك على كراهية صوم الدهر وبالكراهة قال ابن التين أيضا أخذا من دعائه على من صام الأبد , كما قال بها إسحاق وأهل الظاهر وأحمد في رواية
وقال ابن حزم: يحرم ويدل للتحريم حديث أبي موسى عَن أَبِي مُوسَى
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَامَ الدَّهْرَ ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ جَهَنَّمُ هَكَذَا وَقَبَضَ كَفَّهُ رواه أحمد
ويحمل هذا على من صام الأيام المنهي عنها وأخرجه البزار ورجاله رجال الصحيح , وفي شرح هذا الباب أنظر البحث في الشوكاني ج 2 ص 255
ثم قال : وذهب جماعة إلى أن صوم الدهر أفضل , واستدلوا على ذلك بأنه أكثر عملا فيكون أكثر أجرا , وتعقبه ابن دقيق العبد بأن زيادة الأجر بزيادة العمل , هاهنا معارضة باقتضاء العادة , والتقصير في حقوق أخرى , فالأولى التفويض إلى حكم الشارع وقد حكم بأن صوم يوم وإفطار يوم أفضل الصيام انتهى يدل على ذلك أن ابن عمر , طلب أن يصوم زيادة على ذلك المقدار فأخبره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأنه أفضل الصيام انتهى
· ومنها: إيجابهم الكفارة والقضاء على المفطر بالأكل أو الشرب وعلى من قبل
فأمنى , وأوجبوا القضاء فقط على المكرهة على الوطء , وعلى التي جومعت نائمة
قال أبو محمد : لا كفارة على من تعمد فطرا في رمضان بما لم يبح له، إلا من وطئ في الفرج من امرأته أو أمته المباح له وطؤهما إذا لم يكن صائما
برهان ذلك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يوجب الكفارة إلا على واطئ امرأته عامدا، لما رواه مسلم : عن أبى هريرة قال: (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت يا رسول الله، قال: وما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان، قال: (هل تجد ما تعتق رقبة؟ قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، قال: فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا؟ قال: لا، ثم جلس، فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر، فقال: تصدق بهذا، فقال: أفقر منا؟! فما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا! فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال: اذهب فأطعمه أهلك) * قال أبو محمد: ولا يحل لاحد إيجاب غرامة لم يوجبها القرآن ولا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيتعدى بذلك حدود الله، ويبيح المال المحرم، ويشرع ما لم يأذن به الله تعالى * فان قيل: فلم لم توجبوا الكفارة على كل من أفطر في رمضان فطرا لم يبح له، بأي شئ أفطر؟ بما رويتموه من طريق مالك وابن جريج ويحيى بن سعيد الانصاري، كلهم عن الزهري، ومن طريق أشهب عن الليث عن الزهري، ثم اتفقوا، عن حميد ابن عبد الرحمن عن أبى هريرة: (أن رجلا أفطر في نهار رمضان، فأمره رسول الله صلى الله عليه وآله أن يكفر بعتق رقبة. أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا، فقال: لا أجد،
فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرق تمر، فقال: خذ هذا فتصدق به، فقال: يا رسول الله لا أجد أحوج إليه منى! فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت
{ 25 }
أنيابه، وقال: كله) * قلنا:لأنه خبر واحد، عن رجل واحد، في قصة واحدة، بلا شك، فرواه من ذكرنا عن الزهري مجملا مختصرا،
وأخرجه مالك بهذا اللفظ في موطئه , قال المحشي للمحلى : لقد تنبه الإمام الحافظ بن حزم رحمه الله إلى علة من علل المتن التي كثيرا ما تحدث من الرواة كنوع من التصرف في الرواية انتهى
ثم قال ولا قضاء إلا على خمسة – الحائض – النفساء – المسافر – المريض – المتقيئ عمدا . انتهى ج 4 ص 313 – 323
· ومنها: استحباب مالك الإطعام في الكفارة , وقال ابن حزم: وصفة الكفارة
الواجبة هي كما ذكرنا في رواية جمهور أصحاب الزهري: من عتق رقبة لا يجزئه غيرها مادام يقدر عليها، فان لم يقدر عليها لزمه صوم شهرين متتابعين، فان لم يقدر عليها لزمه حينئذ إطعام ستين مسكينا *
وأما مالك فقال بما روى، إلا أنه استحب الإطعام، وليس لهذا الاستحباب وجه أصلا * وأما أبو حنيفة فإنه أجاز في الإطعام المذكور أن تطعم مسكينا واحدا ستين يوما، وهذا خلاف مجرد لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يقع اسم ستين مسكينا على مسكين واحد أصلا *
وأما سائر أصحاب الزهري فأتوا بلفظ النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي لا يحل تعديه أصلا، وبزيادة حكم الترتيب، ولا يحل ترك الزيادة * وبقولنا يقول أبو حنيفة، والشافعي، وأبو سليمان، وأحمد وجمهور الناس * انتهى ج 4 ص 328
· ومنها: ماذهب إليه المالكية من إيجاب ستين يوما ليكون المكفر على يقين من
إتمام الشهرين ,
قال أبو محمد: وهذا خطأ،لأن الله تعالى إنما ألزمه شهرين، ولم يقل كاملين كل شهر من ثلاثين يوما، فإنما عليه ما يقع عليه اسم شهرين، واسم شهرين يقع بنص كلامه عليه السلام على تسع وعشرين وتسع وعشرين، والفرائض لا تلزم إلا بنص، أو إجماع *
وعن أنس بن مالك قال: (آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه فأقام في مشربة تسعا وعشرين ليلة ثم نزل، فقالوا: يا رسول الله، آليت شهرا؟ فقال: إن الشهر يكون تسعا وعشرين) * ورويناه من طرق متواترة جدا انتهى ج 4 ص 332
· ومنها: أن مالكا يرى في الكحل المختلط بالعقاقير أنه يفطر ,
قال أبو محمد: إنما نهانا الله تعالى في الصوم عن الأكل والشرب والجماع وتعمد القئ والمعاصي، وما علمنا أكلا ولا شربا يكون على دبر، أو إحليل، أو أذن، أو عين، أو أنف أو من جرح في البطن أو الرأس! وما نهينا قط عن أن نوصل إلى الجوف بغير الأكل والشرب ما لم يحرم علينا إيصاله! * انتهى ج 4 ص 248
· ومنها: أن مالكا يرى في المضمضة والاستنشاق يدخلان إلى الحلق بغير عمد
القضاء
.
.
{26 }
قال أبو محمد: قال الله تعالى : (ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم). ولقول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) *
واحتج من أفطر بذلك بالأثر الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وإذا استنشقت فبالغ، إلا أن تكون صائما) * قال أبو محمد: ولا حجة لهم فيه لأنه ليس فيه أنه يفطر الصائم بالمبالغة في الاستنشاق، وإنما فيه إيجاب المبالغة في الاستنشاق لغير الصائم وسقوط وجوب ذلك عن الصائم فقط، لانهيه عن المبالغة، فالصائم مخير بين أن يبالغ في الاستنشاق وبين أن لا يبالغ فيه، وأما غير الصائم فالمبالغة في الاستنشاق فرض عليه، وإلا كان مخالفا لأمره عليه السلام بالمبالغة،انتهى ص 350
لست ربوت