الحمد لله وصلى الله على نبيه النبي الأمي الهادي البشير والمبلغ النذير صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأهل بيته صلاة وسلاما إلى يوم الدين أما بعد " موضوعنا <فاعتبروا ...> أيها الناس إن من كمال الإيمان وقوته حياة القلب ومن علامة حياته انفعاله مع مجريات الأحدات وتقلب الأوقات كما كان عليه سيد الخلق فلقد روى مسلم عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَجْمِعًا ضَاحِكًا حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ إِنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ قَالَتْ وَكَانَ إِذَا رَأَى غَيْمًا أَوْ رِيحًا عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَى النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الْغَيْمَ فَرِحُوا رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْمَطَرُ وَأَرَاكَ إِذَا رَأَيْتَهُ عَرَفْتُ فِي وَجْهِكَ الْكَرَاهِيَةَ قَالَتْ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ مَا يُؤَمِّنُنِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ قَدْ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ الْعَذَابَ فَقَالُوا{ هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا }..وهذا إنما يحصل لمن كان يرى ربه ويرقبه ونقل عن الفضيل بن عياض (ت 187 هـ) أنه قال: (( إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق خادمي ودابتي )).وإن من انطماس البصائر وعمي الضمائر عدم أخذ العبرة بما يقع من التقلبات فخلق من هذا حاله لاريهرع لتوبة إثر جرم اقترفه ولا ندم على كلمة تفوه بها أسوة بالحبيب الذي لاينطق عن الهوى فروى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ فَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ وَهِيَ دُونَ قِرَاءَتِهِ الْأُولَى ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ دُونَ رُكُوعِهِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ قَامَ فَصَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَامَ فَقَالَ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُرِيهِمَا عِبَادَهُ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ>
فالذي تقتضيه هذه الأحاديث أن المؤمن ينبغي أن يكون كثير الإحساس مسرعا إلى باب الله كلما رءا آية من الظواهر الكونية التي يخوف الله بها عباده ليعودإليه ويهرعإلى جنابه والآن أيها الناس فإلى عدة أمور جديرة بالتأمل والاعتبار وهي :
1>>ـ الاعتبار بما نزل ببني النضير ....قال الزحيلي في المنير : سبب النزول:نزول الآية (1) سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ:> أخرج البخاري عن ابن عباس قال: سورة الأنفال نزلت في بدر، وسورة الحشر نزلت في بني النضير.وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة قالت: كانت غزوة بني النضير، وهم طائفة من اليهود على رأس ستة أشهر من وقعة بدر، وكان منزلهم ونخلهم في ناحية المدينة، فحاصرهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى نزلوا على الجلاء، وعلى أن لهم ما أقلّت الإبل من الأمتعة والأموال إلا الحلقة وهي السلاح، فأنزل اللّه فيهم: <سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ....في الجدول : 1ـ إجلاء بني النضير ..حين قدم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم) المدينة، صالحه
{1644}
بنو النضير، على ألا يكونوا عليه ولا له. فلما هزم المسلمون يوم أحد ارتابوا ونكثوا، فخرج كعب بن الأشرف في أربعين راكبا إلى مكة، فحالف أبا سفيان عند الكعبة،
فأمر صلّى اللّه عليه وسلّم محمد بن مسلمة الأنصاري فقتل كعبا غيلة، ثم خرج النبي (صلّى اللّه عليه وسلّم) مع الجيش إليهم، فحاصرهم إحدى وعشرين ليلة، وأقر بقطع نخيلهم، فلما قذف اللّه الرعب في قلوبهم، طلبوا الصلح، فأبى عليهم إلا الجلاء، على أن يحمل كل ثلاثة بيوت على بعير ما شاؤوا من متاعهم، ما عدا السلاح فجلوا إلى أذرعات وأريحاء من أرض الشام. وهذا الجلاء هو أول حشرهم. وأوسط حشرهم إجلاء عمر رضي اللّه عنه لهم من خيبر إلى الشام وآخر حشرهم يوم القيامة.اهـ الجدول...وقال الدكتور. عبدالكريم بكارفي منتدى " صيد الفوائد :
"هذه آية جليلة الشأن في الكتاب العزيز سرت مسرى المثل ، وذاعت على الألسنة والأقلام ؛ لأنها تعني وجوب الاستفادة من تراكم الخبرات البشرية ، وأخذ العظة والعبرة من أحوال الأمم السابقة ، والمعاصرة ، وتوفيراً للجهد ، واختصاراً للطريق ، وفراراً من عذاب الله تعالى ...
وقد قص الله تعالى علينا في سورة الحشر قصة جلاء بني النضير من المدينة إلى خيبر والشام مبيناً وقوع ما ليس في الحسبان ، فقال تباركت أسماؤه : { هُوَ الَذِي أَخْرَجَ الَذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وأَيْدِي المُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُوْلِي الأَبْصَارِ } [الحشر : 2] .
لقد كان خروج بني النضير في تلك الصورة المهينة الذليلة حدثاً بعيداً عن أذهان بني النضير وأذهان المسلمين لأن الأسباب المادية التي أخذ بها القوم كانت على درجة من الإتقان والإحكام تحول دون تصور ما وقع ..
ولكن العزيز الجبار الذي لا رادَّ لأمره ، ولا معقب لحكمه أتاهم من حيث لم يحتسبوا أتاهم من الداخل ، فألقى في قلوبهم الرعب ، فخارت عزائمهم ، وأدركوا أن قوتهم ما عادت تغني عنهم شيئاً .
وما أشبه الليلة بالبارحة ! !
فهذه هي النظرية الشيوعية تنهار اليوم في أسرع مما كان يدور في خلد البشر ، وهذه هي مئات الألوف من الكتب والمجلدات التي سطرت في فلسفة النظرية وترويجها وتكييف البشر معها تغدو رماداً تسفوه رياح التغيير العاتية في وجوه السدنة والكهنة والمرتزقة والأذناب وأشباه الأذناب ..
لقد كان سقوط النظرية الشيوعية أمراً لا مفر منه ، ولكن المذهل هو انهيار البناء الذي أنفق فيه ثلاثة أرباع القرن من الزمن مع ملايين الأنفس وما لا يحصى من الآلام والعذابات وصنوف المعاناة الإنسانية في أسرع من لمح البصر .
قد كانت أفكار (كارل ماركس) رد فعل لحرمان طويل ومعاناة شخصية قاسية . والناموس العام لردود الأفعال البعد عن الموضوعية وفقدان الاتزان .. اهـ منتدى صيد الفوائد
{1645}
2>>ـ أبو الدرداء واعتباره بالتحولات . أيها الناس إن أخذ العبرة من التقلبات والأحداث دليل على حياة القلب ونضجه مصادقا لقول الله:((إن في ذلك لعبرة لأولي الألباب))ومن هنا كان السلف من أكثر الناس حساسية بالتغيرات حتى قال بعضهم< إنى لأعرف شؤم المعصية في خلقي زوجتي ودابتي > وقد جاء عن عمر أنه أقسم أن لا يساكن أهل المدينة إن هي عادت الزلزلة التي أصبتهم وهذا رسولنا الكريم كان يتفاعل مع الكون حتى كان يدخل ويخرج في اليوم الغائم يخشى أن يكون فيه عذاب فلا يطمئن حتى ينجلي الغيم عن السماء وقد اعتزل الصحابي الكريم أبو الدرداء يبكي يوم فتح الله على المسلمين بلاد الروم فقيل ألا تضحك في هذا اليوم الذي نصر الله فيه الإسلام والمسلمين فقال إني أبكي من حال هؤلاء وكيف تغير حالهم من عز إلى ذل ومن منعة وغلبة إلى شتات وأخشى أن يتغير حال المسلمين فيصيبهم ما أصاب هؤلاء لكن المسلمين اليوم ماتت والعياذ بالله أحساسيهم رغم ما ينزل بهم من ضربات موجعة ويحل بهم من بلاء من سياسات معكوسة وأمور ملتبسة وحروب طاحنة وهيمنة ظالمة وذل مقيت من أذل الناس عند الله كانت بلادهم بالأمس محتلة عسكريا وهاهي اليوم محتلة سياسيا ليس لهم رأي يذكر ولا كلمة تسمع يستنجدون بعدو لدود حكم وجلاد مكبلة أياديهم بالقيودات الخارجية... وكان أبو الدرداء :
يتعوذ بالله من النفاق بعد التشهد فلما سئل عن ذلك قال:((دعنا عنك فو الله إن الرجل ليقلب عن دينه في الساعة الواحدة فينخلع منه))
ففي مسند الإمام أحمد عن جبير بن نفيير قال:
((لما فتحت قبرص فرق بين أهلها فبكى بعضهم إلى بعض فرأيت أبا الدرداء جالسا وحده يبكي فقلت:يا أبا الدرداء ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله فقال:ويحك يا جبير ما أهون الخلق على الله عز وجل إذا أضاعوا أمره بينما هي أمة شاهرة ظاهرة لهم الملك تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى))ولقد ضاعت الأندلس من المسلمين بسبب ذنوبهم فبيعث ملوكهم في أسواق الرقيق وهم يبكون وينوحون كما قال الشاعر أبو البقاء الرندي: الذي عاش سقوط الأندلس في أيدي الاسبان وحزن لذلك حزنا شديدا تجلى ذلك في شعره حيث قال:
على ديار من الإسلام خالية******قد أقفرت ولها بالكفر عمران
حيث المساجد قد صارت كنائس ما *****فيهن إلا نواقس وصلبان
حتى المحاريب تبكي وهي جامدة*****حتى المنابر ترثى وهي عيدان
يا من لذلة قوم بعد عزتهم ***** أحال حالهم جور وطغيان
ولو رأيت بكاهم عند بيعهم**** لهالك الأمر واستهوتك أحزان
لمثل هذا يذوب القلب من كمد ****إن كان في القلب إسلام وإيمان
وتقول أم أحد ملوك الأندلس وهو أبو عبد الله آخر ملوك الطوائف تخاطب صاحب الملك المضاع
إبك مثل النساء ملكا مضاعا ******لم تحافظ عليه مثل الرجال
{1646}
ولقد حدث لمسلمي فلسطين ما يشبه ما حدث لأهل الأندلس من تسلط اليهود عليهم والتنكيل بهم وطردهم من ديارهم وتحويل مساجدهم إلى مراقص ليلية ومستشفيات للمعذورين فكل مرة قصف وقتل واعتقال وكل ذلك يقع لإخوانهم والأمة عاجزة عن انقادهم بل تراقب أمن اليهود وتتعاون معهم بل ما تزال بيوتهم تهدم كل أما مذبحة صبرا وشاتيل ومذبحة جنين فيعجز القلم عن كتابتها ولهذاشبه الشاعر فلسطين بالأندلس حيث قال:
يا أخت أندلس صبرا وتضحية***** وطول صبر على الأرزاء والنوب
ذهبت في لجة الأيام ضائعة***** ضياع أندلس من قبل في الحقب
وطوحت ببنيك الصيد نازلة **** بمثلها أمة الإسلام لم تصب
كما ضاعت (الفلبين) فتحولت إلى دولة كافرة وكذلك (سنغفورة) كانت مسلمة كما كانت الأندلس فضاعت كما ضاعت {تيمور الشرقية}بإندونيسيا فتحولت إلى نصرانية وها هي السودان يحاك لها في الجنوب كما يحاك للمغرب في الصحراء الغربية كما ضاعت (سويسرا)فقد حكمهما المسلمون ثلاثون عاما ثم تخلوا عنها
3 ـ الموت .فالا عتبار بالموت موت الأقران والكبراء يدعوا إلى المسارعة إلى التوبة من هنا قال الحبيب المصطفى في الأحاديث التالية :
في شعب الإيمان : عن عمار يعني ابن ياسر ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « كفى بالموت واعظا ، وكفى باليقين غنى ، وكفى بالعبادة شغلا »...وفي سنن ابن ماجه : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمْ الْآخِرَةَ>...وفي مصنف ابن أبي شيبة : عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص) : (أكثروا ذكر هاذم اللذات) - يعني الموت.
***روى البخاري في صحيحه: أن عائشة رضي الله عنها قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بين يديه علبة فيها ماء، فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه ويقول: (لا إله إلا الله، إن للموت لسكرات) ثم نصب يديه فجعل يقول: (إلى الرفيق الأعلى) حتى قبض.
ودخل النبي صلى الله عليه وسلم على مريض فقال: (إني لأعلم ما يلقى، ما فيه عرق إلا وهو يألم بالموت على حدته).
****لما نزل الموت بعمرو بن العاص رضي الله عنه قال له ابنه: يا أبتي وقد كنت تقول: إنني لأعجب من رجل نزل به الموت ومعه عقله ولسانه كيف لا يصفه؟ فقال: يا بني: الموت أعظم من أن يوصف، لكن سأصف لك منه شيئاً، والله لكأن على كتفي جبال رضوى وتهامة، وكأني أتنفس من سم إبرة، ولكأن في جوفي شوكة عوسج، ولكأن السماء أطبقت على الأرض وأنا بينهما.
قال كعب رضي الله عنه عن الموت: هو كغصن كثير الشوك أُدخل في جوف رجل، فأخذت كل شوكة بعرق ثم جذبه رجل شديد الجذب، فأخذ ما أخذ وأبقى ما أبقى.
قال علي رضي الله عنه: والذي نفس محمد بيده لألف ضربة بالسيف أهون من موت على فراش.
{1647}
**قال شديد بن أوس: الموت أشد من نشر بالمناشير وقرض بالمقاريض وغلي في القدور.
**لما مات إبراهيم عليه السلام قال الله عز وجل: (كيف وجدت الموت؟)، قال الخليل: كسفود جعل في صوف رطب ثم جذب، فقال الله عز وجل: (أما إنا قد هوّنا عليك). فلقد كان لسلفنا الصالح القدح المعلى في الاعتبار بالموت كثرة اعتبارهم بالموت وسكراته والقبر وظلمته:وذلك لما جاء عن مكحول الدمشفى أنه كان يقول إذا رءا جنازة <أغدوا فإنا رائحون موعظة بليغة قليلة وغفلة شنيعة يذهب الأول والآخر لا يعتبر ..وكان الأعمش يقول:{كنا نشهد الجنائز ولا نعرف من يعزى لأن الحزن قدعم الناس كلهم> ...وكان ثابت يقول:{كنا نشهد الجنائز فلا نرى إلا متلفعا باكيا وذلك لأنهم كانوا يبكون على أنفسهم لا على الميت لأن ساعتهم أيضا قادمة .وجدير بمن الموت مصرعه والقبر مضجعه والدود أنيسة والقبرمقره والقيامة موعده ألا يكون له فكر إلا في ذلك ولا استعداد إلا له ....ولقد دخل الحسن البصري على رجل وهو يجود بنفسه فقال:إن أمرا هذا آخره لحقيق أن يزهد في أوله >
ولما حضرت إبراهيم النخعي الوفاة بكى فقيل له في ذلك فقال: انتظر رسولا ياتيني من ربي هل يبشرني بالجنة أو بالنار}.....لقي سفيان الثوري:هارون الرشيد راكبا على فرسه فقال له يا هارون اتق الله فنزل هارون عن فرسه وخر ساجدا لله فلما رفع رأسه سأله أحد الناس فقال سجدت لأني تذكرت قوله تعالى:{وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم}فأردت بسجودي أن ألقن نفسي درسا في معرفة الله حتى إذا غرتني قوتي على ظلم الناس تذكرت قوة العزيز الجبار من فوقي ولما مرض قال لهم(احملوني لأرى قبري الذي سوف أدفن فيه فلما وصل إلى هناك توجه إلى السماء وقد فاضت عيناه من الدمع وقال يا رافع السماء بلا عمد يا من لا يزول ملكه إرحم من زال ملكه}.
4>>ـ الاعتبار بمن ختم لهم بالسوء عياذا بالله .فلقد كان سلفنا الصالح يهابون ويخافون من الخواتم السيئة . ومن النفاق وذلك لما جاء في فضائل الخوف قال تعالى:{ولمن خاف مقام ربه جنتان)وقال (ص){من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل إلا إن سلعة الله غالية ألاإن سلعة الله الجنة)رواه الترمذي وقال الحاكم صحيح الإسناد ووافقه الألباني والذهبي .......وكان أبو تراب النخشبي يقول:{من علامات سواد القلب ثلاث أن لا يجد للذنوب مفزعا ولا للطاعة موقعا وللموعظة منجعا أي تأثيرا ولما جاء أيضا من الترهيب في خواتيم الأعمال السيئة قال (ص){إنما الأعمال بالخواتيم)رواه البخاري... وكان مطرف يقول:{إني لا أعجب ممن هلك كيف هلك وإنما أعجب ممن نجا كيف نجا وما أنعم الله على عبد بنعمة أفضل من أن يميته على الإسلام اهـ وقال الفضيل بن عياض رحمه الله من السلف <عليك بطريق الحق ولا تستوحش لقلة السالكين وإياك وطريق الباطل ولا تغتر بكثرة الهالكين> اهـ مدارج السالكين لابن القيم ...فعَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ
{1648}
فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا قَالَ نَعَمْ إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ} سنن الترمذي .) وبكى بعض أصحاب النبي (ص)عند موته فسئل عن ذلك فقال:(سمعت رسول الله(ص)يقول{إن الله تعالى قبض خلقه قبضتين فقال هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار ولا أدري في أي القبضتين كنت} .. ....وكان سفيان يشتد قلقه من السوابق والخواتيم فكان يبكي ويقول:{أخاف أن أكون في أم الكتاب شقيا ويبكي ويقول:{أخاف أن أسلب الإيمان عند الموت}
**سوء الخاتمة
وحيل بينهم قيل لأحدهم وهو يحتضر: قل: لا إله إلا الله، فقال: هيهات حيل بيني وبينها، وصدق الله حين يقول: (وحيل بينهم وبين ما يشتهون كم فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب).
**فات الأوان
وقيل لآخر: قل لا إله إلا الله. فقال: ما ينفعني ما تقول ولم أدع معصية إلا ارتكبتها ثم مات ولم يقلها.
**سوء الظن
ذكر ابن الجوزي أنه يعرف رجلاً اشتد به الألم وزادت عليه المصائب، فافتتن، فكان يقول وهو في مرض الموت: لقد قلّبني – يعني ربه – في أنواع من البلاء، فلو أعطاني الفردوس لما وفى بما يجري عليّ، وإيش في هذا الابتلاء؟ هكذا يقول والعياذ بالله يخاطب ربه قائلاً: ما الفائدة من هذا الابتلاء يا رب؟!
**لفي سكرتهم يعمهون
احتضر رجل ممن كان يجالس شرب الخمور، فلما حضره نزع روحه أقبل عليه رجل ممن حوله وقال: قل: لا إله إلا الله، فتغير وجهه وتلبد لونه وثقل لسانه، فردد عليه صاحبه: يا فلان قل: لا إله إلا الله، فالتفت إليه وصاح: لا.. اشرب أنت ثم اسقني، ثم ما زال يرددها حتى فاضت روحه.
**ولات حين مناص
كان أحدهم صاحب معاصٍ وتفريط، فلم يلبث أن نزل به الموت ففزع من حوله إليه وانطرحوا بين يديه وأخذوا يذكّرونه بالله ويلقّنونه الشهادة، وهو يدافع عبراته، فلما بدأت روحه تُنزع صاح بأعلى صوته وقال: أقول: لا إله إلا الله ولا تنفعني، لا إله إلا الله وما أعلم أني صليت لله صلاة، ثم مات.
**هو كافر بها
قال عبد العزيز بن أبي داوود: حضرت رجلا عند الموت يلقّن لا إله إلا الله، فقال في آخر ما قال: هو كافر بما تقول. ومات على ذلك، قال: وكان مدمن خمر.
**لاعبو الشطرنج
احتضر رجل ممن كانوا يلعبون الشطرنج، فقيل له: قل لا إله إلا الله فقال: شاهك في اللعب.
**دن دن
{1649}
رجل عرف بحبه للأغاني وترديدها، فلما حضرته الوفاة قيل له: قل لا إله إلا الله، فجعل يهذي بالغناء ويقول: دن دن دندن ... حتى قضى، ولم ينطق بالتوحيد.
**هلاك وحرق
إحدى الأمهات وهي عجوز كان لها ولد يسافر إلى إحدى بلاد العهر، فينفتحون على معصية الله، وقد نَصحَتْه مراراً فما قبل النصح، وفي آخر مرة وعظتْه فلم يزدجر وسافر إلى هناك. واستأجر مع صاحبه في فندق، والتقيا ببعض الشباب فأنس بهم وقررا السكن معهم في فندق واحد ليجتمعوا على اللهو والزنا والخمر.
فقال هذا الشاب: لا مانع إلا أني لن أذهب معكم الليلة فقد واعدت مومسا وخمري عندي .. ولكن في الغد آتيكم.انطلق زميله الذي كان معه، وفي الغد جاء بعد أن أفاق من سكره ليأتي به ويدله على المكان.. ولما قرب من الفندق وإذا به محاط بأعوان الشرطة.يسأل: ما الذي حدث؟ أهناك لصوص أو عصابات؟ قالوا: لا ، إن الفندق قد احترق بكامله، فوقف شعر رأسه متأملاً: أين صاحبي، جئنا لنمرح
قالوا له: ألك معرفة هنا؟ قال: نعم .. نعم .. أخذوا يَجْرِدُون وإذا بصاحبه يأخذه كالفحم محترقاً ويسأل، فقالوا: قد مات ومعه امرأة في نفس الليلة.
**مصارع العشاق
عشق رجل شخصاً اسمه أسلم، فاشتد به وتمكن حبه من قلبه حتى وقع ولزم الفراش بسببه، وتمنع ذلك الشاب عليه واشتد نفوره منه، فلم تزل الوسائط يمشون بينهما حتى وعده أن يعوده، فأخبره الساعي بذلك ففرح واشتد سروره وانجلى غمه وجعل ينتظر الميعاد الذي وعده به أسلم، فبينما هو كذلك إذ جاءه الساعي إليه وكلمه فقال: إنه وصل معي إلى بعض الطريق ورجع وكلمته، فقال: إنه لا يدخل مداخل الريب ولا يعرض نفسه لمواقع التهم، فلما سمع البائس ذلك سقط في يده وعاد أشد مما كان به وبدت عليه علامات الموت فجعل يقول في تلك الحالة:
(أسلم) يا راحة العليل........... ويا شفاء المدنف النحيل
رضاك أشهى إلى فؤادي........... من رحمة الخالق الجليل
فقلت له: اتق الله، قال: قد كان، فقمت عنه فما جاوزت باب بيته حتى سمعت صيحة الموت.
**ميتة تتكسر عظامها
ذكر أحد الدعاة أنه اتصلت به إحدى العائلات طالبة منه دفن أمهم التي توفيت، فحكى عن نفسه قائلاً ( .. ذهبت إلى المقبرة وانتظرت عند مكان غسل الموتى وإذا بي أرى أربع نساء محجبات يخرجن مسرعات من مكان الغسل ولم أسأل عن سبب خروجهن لكونه أمراً لا يعنيني.. بعد فترة وجيزة خرجت المرأة التي تغسل الأموات وطلبت من الرجال مساعدتها في غسل الميتة لعدم وجود نساء يساعدنها، فقلت لها: إن هذا لا يجوز لكوننا رجالاً ولا يحل لنا الإطلاع على عورات النساء، فعللت طلبها بضخامة جثة الميتة وثقلها! .. فلم نقبل حجتها، لتعود وتكمل الغسل والتكفين، ثم نادتنا لحمل الجثة فدخلت ومعي بضعة رجال لحملها فلم نستطع! .. فنادينا بقية الرجال (11 رجلا) وحملنا الجثة، وبعد الصلاة حملناها إلى المقبرة ولما وصلنا إلى فتحة القبر
{1650}
وكعادة أهل مصر فإن قبورهم مثل الغرف، ينزلون من الفتحة العلوية بسلم إلى قاع الغرفة ثم يضعون موتاهم دون دفن أو إهالة للتراب، فتحنا الباب العلوي وأنزلنا الجثة من على أكتافنا وإذا بها تنزلق وتسقط منا داخل الغرفة دون أن نتمكن من إدراكها، حتى أنني سمعت قعقعة عظامها وهي تتكسر أثناء سقوطها، فنظرت من الفتحة وإذا بالكفن ينفتح قليلاً فيظهر شيء من جسد المرأة! .. فقفزت مسرعاً إليها وسترتها ثم سحبتها بصعوبة بالغة إلى اتجاه القبلة، وفتحت شيئاً من الكفن تجاه الوجه وإذا بي أرى منظراً عجيباً! .. رأيت عينيها جاحظتين ووجهها قد اسود، ففزعت لهول المنظر وخرجت مسرعاً للأعلى لا ألوي على شيء، وبعد وصولي إلى الشقة اتصلت بي إحدى بنات المتوفاة واستحلفتني أن أخبرها بما جرى لوالدتها أثناء إدخالها القبر فأردت أن أهرب من الإجابة ولكنها كانت تصر عليّ لأخبرها، فأخبرتها فإذا بها تقول لي: يا شيخ عندما رأيتنا نخرج من مكان الغسل مسرعات فإن ذلك كان بسبب ما رأيناه من اسوداد الوجه! .. يا شيخ إن سبب ذلك أن والدتنا ما صلّت لله ركعة، وأنها ماتت متبرجة!.
**مد أحدهم .. ولا نصيفه!
كاتب مشهور عرف بجرح السنة والاستهزاء بالصحابة يُعرف بأبي ريَّة ، كان يهزأ بأبي هريرة رضي الله عنه وينتقصه ويرد أحاديثه! .. زاره أحد العلماء لحظة وفاته، يقول هذا العالم: أتيته في بلده فأحببت أن أزوره لأرى بعض الشيء عنه، فشاء الله أن توافق زيارتي سكرات الموت، فدخلت على رجل والعياذ بالله قد تغير لونه وكلح، وقد اتسعت حدقتا عينيه جداً وهو يقول: آه .. أبو هريرة.. آه .. أبو هريرة .. يتأوه حتى مات.
**بيع وشراء
قال ابن القيم: أخبرني بعض التجار عن قرابة له أنه احتضر وهو عنده، وجعلوا يلقنونه لا إله إلا الله وهو يقول: هذه القطعة رخيصة، وهذا مشتر جيد، هذه كذا، حتى قضى ولم ينطق التوحيد.
**ثقيل كالجبل
جيء برجل في الخمسين من عمره إلى الإسعاف وهو في حالة احتضار وكان ولده يلقنه الشهادة، والأب لا يجيب، حاول الابن أن يلقن والده الشهادة ولكن الأب لا يجيب، وبعد عدة محاولات قال الأب: يا ولدي أنا أعرف الكلمة التي تقولها، لكنني أحس أنها أثقل من الجبال على لساني، ثم مات الأب.
**فمات نصرانياً
كان بمصر رجل ملتزم لا يفارق المسجد للأذان والصلاة، وعليه بهاء العبادة، فصعد بوماً المنارة على عادته للأذان، وكان تحت المنارة دار لنصراني ذمي، فاطلع فيها المؤذن فرأى ابنة صاحب الدار، فافتتن بها وترك الأذان ونزل إليها ودخل الدار، فقالت له: ما شأنك وماذا تريد؟ فقال: أريدك أنت، قالت: لماذا؟ قال: لقد سلبت لبي وأخذت بمجامع قلبي، قالت: لا سبيل إلى هذا، قال لها: أتزوجك، قالت: أنت مسلم وأنا نصرانية، وأبي لا يزوجني منك، قال لها: إذاً أتنصر، قالت: إن فعلت تزوجتك،
{1651}
فتنصر ليتزوجها، ثم أقام معها ذلك اليوم في الدار، فلما كان أثناء ذلك اليوم صعد إلى سطح الدار فسقط منه فمات، وهو لم يقربها ولم يلمسها، فخسر دنياه وآخرته.
**موت ملحد
كان لأحد الصالحين أخ منحرف يعتقد بالعقائد الكفرية الخبيثة، فكان أخوه يناصحه لعل الله أن يهديه، فمرض ذلك المنحرف مرضاً شديداً، ولزم الفراش، فكان أخوه يأتيه ويتحدث إليه عسى الله أن يختم له خاتمة حسنة، وفي أحد الأيام قال ذلك المريض لأخيه: أحضر لي المصحف، فقال أخوه: قمت فرحاً مسروراً، قال: فأتيتُ له بالمصحف، فلما رآه قال: هذا المصحف، قلت: نعم، فقال عن نفسه: إنه كافر بهذا المصحف، ثم مات من لحظته والعياذ بالله.
**إلى الخمارة
كان أحدهم فاسقاً مفتوناً يشرب الخمر ولا يكاد يفارقها، فلما مرض ونزل به الموت وخارت قواه سأله رجل ممن حوله: هل بقي في جسمك من قوة؟ هل تستطيع المشي؟ فقال نعم.. لو شئت مشيت من هنا إلى الخمارة! .. فقال صاحبه: أعوذ بالله، أفلا قلت: أمشي إلى المسجد؟ فبكى وقال: غلب عليّ ذلك، لكل امرئ من دهره ما تعودا .. وما وجدت عادتي بالمشي إلى المساجد.
**أين الطريق؟ إلى حمام منجاب
ذكر ابن القيم الجوزية في كتابه (الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي) قصة لأحد الأشخاص عن سوء خاتمته في آخر لحظات من حياته حينما نزل به الموت قيل له: قل لا إله إلا الله، فجعل يقول: أين الطريق إلى حمام منجاب؟ قال: وهذا الكلام له قصة، وذلك أن رجلاً كان واقفاً بإزاء داره، وكان بابها يشبه باب هذا الحمام، فمرت به جارية لها منظر، فقالت: أين الطريق إلى حمام منجاب؟ فقال: هذا حمام منجاب، فدخلت ودخل وراءها، فلما رأت نفسها في داره وعلمت أنه خدعها أظهرت له البشر والفرح باجتماعها معه وقالت خدعة منها له وتخيلاً لتتخلص مما أوقعها فيه وخوفاً من فعل الفاحشة: يصلح أن يكون معنا ما يطيب به عيشنا وتقر به عيوننا، فقال لها: الساعة آتيك بكل ما تريدين وتشتهين، وخرج وتركها في الدار ولم يغلقها، فأخذ ما يصلح ورجع، فوجدها قد خرجت وذهبت، ولم تخنه في شيء، فهام الرجل وأكثر الذكر لها وجعل يمشي في الطريق والأزقة ويقول:
يا رب قائلة يوماً وقد تعبت........... أين الطريق إلى حمام منجاب؟
ولم يزل كذلك حتى كان هذا البيت آخر كلامه من الدنيا.
**ما لا ترونه!
يحكي الدكتور خالد الجبير فيقول: ( .. أثناء مناوبتي ذات ليلة، استدعيت لمباشرة أحد المرضى، فلما عاينت الحالة وجدت أن نبض القلب ضعيف ويحتاج إلى إنعاش، فبدأت بالتدليك وتنشيط عضلة القلب لأتفاجأ بالمريض وهو يخاطبني: ما فيه داع يا دكتور فأنا ميّت لا محالة! .. فطمأنته وقلت له: أنت بخير وستعيش بإذن الله، فقال: يا دكتور لا تتعب حالك أنا ميت .. ميت .. أنا أشوف شيء ما تشوفه! .. المريض ينظر
{1652}
إلى السقف ويقول: لا تتعبون أنفسكم أنا ميت ميت أنا أشوف شيء ما تشوفونه! .. أنا أشوف ملائكة العذاب! .. لحظات وكانت النهاية).نسأل الله أن لايجعلنا من هؤلاء آمين
**الاعتباربحسن الخاتمة
**العروس
الليلة موعد زفافها.. كل الترتيبات قد اتخذت والكل مهتم بها.. أمها وأخواتها وجميع أقاربها.. بعد العصر ستأتي (الكوافيره) لتقوم بتزيينها.. الوقت يمضي، لقد تأخرت الكوافيرة.. وها هي الآن تأتي ومعها كامل عدتها لتبدأ عملها بهمة ونشاط والوقت يمضي سريعا (بسرعة قبل أن يدركنا المغرب)!
وتمضي اللحظات وفجأة.. ينطلق صوتٌ مدّوٍ .. إنه صوت الحق.. اذان المغرب.. العروس تقول: بسرعة فوقت المغرب قصير. الكوافيرة تقول: نحتاج لبعض الوقت اصبري فلم يبق إلا القليل. ويمضي الوقت ويكاد وقت المغرب أن ينتهي والعروس تصر على الصلاة.. الجميع يحاول أن يثنيها عن عزمها ويقولون: إنك إذا توضأت فستهدمين كل ما عملناه في ساعات.. ولكنها تصر على موقفها وتأتيها الفتاوى بأنواعها فتارة اجمعي المغرب مع العشاء وتارة تيمّمي ولكنها تعقد العزم وتتوكل على الله فما عند الله خير وأبقى.. وتقوم بشموخ المسلم لتتوضأ.. ضاربة بعرض الحائط نصائح أهلها وتبدأ الوضوء (بسم الله).. حيث أفسد وضوؤها ما عملته الكوافيرة وتفرش سجادتها لتبدأ الصلاة (الله أكبر) نعم الله أكبر من كل شيء.. نعم الله أكبر مهما كلف الأمر وها هي في التشهد الأخير من صلاتها وهذه ليلة لقائها مع عريسها ها قد أنهت صلاتها وما إن سلمت على يسارها حتى أسلمت روحها إلى بارئها ورحلت طائعة لربها عاصية لشيطانها أسأل الله أن تكون زفت إلى جنانها.
**مع الشافعي رحمه الله
يروى عن المزني أنه قال: دخلت على الشافعي في علته التي مات فيها فقلت له: كيف أصبحت؟ فقال: أصبحت من الدنيا راحلاً وللإخوان مفارقاً ولكأس المنية شارباً ولسوء عملي ملاقياً، وعلم الله وارداً، فلا أدري أروحي تصير إلى الجنة فأهنيها أم إلى النار فأعزيها، ثم بكى وأنشأ يقول:
ولما قسى قلبي وضاقت مذاهبي........... جعلت الرجا مني لعفوك سلماً
تعاظمني ذنبي فلما قرنته........... بعفوك ربي كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل........... تجود وتعفو منّة وتكرما
فلولاك لم ينج من إبليس عابد........... وكيف وقد أغوى صفيك آدما
**الباحث عن الحقيقة
قبل ثلاثين عاماً استقرت كتيبة عسكرية بريطانية تابعة للأمم المتحدة في إحدى مناطق شرق آسيا، وذات يوم وقع كتاب يتحدث عن الإسلام في يد أحد جنود هذه الكتيبة، فقرأه وأعجب بالإسلام وتاقت نفسه للتعرف عليه، مكث هذا الشوق أكثر من 15 عاماً وهي المدة التي قضاها في تلك المناطق، وبعد عودته إلى وطنه تفاجأ بحال المسلمين الذين يسيحون في وطنه وكيف يعاقرون الخمر ويرتكبون الفواحش دون
{1653}
رادع من خلق أو وازع من دين! .. مما أزهده في الإسلام والمسلمين! .. يقول راوي القصة: ( .. وكنت مسافراً إلى بريطانيا، وقد حجزت مقعدي للعودة، فلما ذهبنا إلى المطار كانت قد فاتتنا الطائرة، فرجعنا إلى الفندق مهمومين مغمومين وبمجرد وصولنا قال لنا مسؤول الاستقبال: إن ناساً قد اتصلوا من المستشفى ويريدون أي شخص مسلم! .. يقول: فلما كلمنا مسؤول المستشفى قال: الآن تأتون؛ عندنا شخص يريد أن يسلم، فجئنا إلى رجل عمره خمس وأربعون سنة على فراش الموت، فقلنا: ما بك؟ فذكر أن له أكثر من عشرين سنة في حروب فيتنام فقرأ عن الإسلام وأحبه، ولما نظر إلى حال المسلمين قال: لن أسلمقال: والبارحة رأيت إنساناً على صفة النبي صلى الله عليه وسلم – لأنه قرأ عنه – فقال لي في النوم: شغلك النظر إلى الناس على أن تنجو بنفسك وتتبع ديني. فاستيقظ من النوم وهو يقول: أريد أن أسلم أريد أن أسلم. فشاء الله أن تتأخر طائرة هؤلاء فلقنوه الشهادة وعلموه مبادئ الإسلام وتوضأ وما مضت ساعات حتى فاضت روحه إلى الله، فغسَّلناه وكفنَّاه وصلينا عليه ودفنَّاه.
**على فراش الموت
لما احتضر العبد الصالح إبراهيم بن هاني دعا ابنه إسحاق، وكان إبراهيم صائماً ذلك اليوم فقال: هل غربت الشمس يا بني؟ قال: لا، ولكن أفطر يا أبي فإنه قد رُخص لك في الإفطار في المرض، وأنت الآن في التطوع، فقال إبراهيم: أمهل، فلما غربت الشمس تناول جرعة من الماء ثم ضحك وتبسم وقرأ: (لمثل هذا فليعمل العاملون) ثم مات
**أجاب نداء الله
عامر بن عبد الله رجل من الصالحين، كان مؤذناً في أحد المساجد، وكان منزله قريباً من المسجد الذي كان يؤذن فيه، فمرض ذات يوم مرضاً أقعده عن الصلاة أياماً، فجاء إليه أصحابه لزيارته فسمع المؤذن يؤذن فقال لأصحابه: خذوني إلى المسجد، فقالوا: لقد أعذرك الله، فقال: سبحان الله، أسمع النداء ولا أجيبه؟ فحملوه إلى المسجد فلما سجد كانت السجدة الأخيرة له ووقع فمات.
**يموت على ما شبّ عليه
عندما كان شاباً كان قلبه معلقاً بكتاب الله، وقد أكمل حفظه لكنه لما كبر ورق عظمه وأصبح شيخاً كبيراً فقد الذاكرة ونسي كل ما حوله، حتى أسماء أبنائه وبقي على هذه الحالة عشرين سنة، لكن العجيب في هذا الرجل أنه كان يقرأ القرآن كله ولا يخطئ في آية أو كلمة، وفي يوم من الأيام وفي وقت السحر قام الرجل وهو ينادي ابنه الأكبر باسمه، فرح الابن لأن أباه قد عادت إليه ذاكرته وقال له: نعم يا أبتي؟ قال له أبوه: هل ترى ما أرى؟قال الابن: وماذا ترى؟ قال: أرى رجلين عليهما ثياب بيض، وعمائم بيض، فقال الابن: فإني لا أرى شيئاً، فقال الأب: يا بني، فإني أودعك وأودع أهلك وأودع الدنيا، ثم رفع سبابته وشخص ببصره إلى السماء وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، ثم فاضت روحه.
**فنعم عقبى الدار
{1654}
عن محمد بن عبد الواحد وكان من الصالحين قال: ركبنا البحر فأصابتنا أهواله فألقتنا إلى جزيرة من جزائره، فخرجنا إليها فإذا رجل يعبد صنماً من دون الله فقلت له: من تعبد؟ فقال: هذا وأومأ بيده إلى الصنم، فقلنا له: ما هذا إله، هذا لا شيء، عندنا في المركب من يعمل مثله وخيراً منه، قال: وأنتم من تعبدون؟ قلنا: نعبد الله الملك الذي في السماء عرشه، وفي الأرض مشيئته، وفي البحر قدرته، وفي الموتى قضاؤه، وفي الأجنة في بطون أمهاتنا ينفذ حكمه، قال: وما علمكم بهذا الذي تقولون؟ قلنا: بعث إلينا رسولاً كريماً فأخبرنا بذلك، قال: وما فعل ذلك الرسول؟ قلنا: أدى الرسالة وأدى الأمانة ثم قبضه الله إليه، قال: فهل عندكم من علامة؟ قلنا له: ترك كتاب الملك، قال: فأقرؤوني كتاب هذا الملك، فأتيناه بالمصحف فقرأنا عليه منه فبكى، وقال ينبغي لصاحب هذا الكتاب ألا يعصى، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله – صاحب هذا الكتاب – وأشهد أن محمداً رسول الله – الذي جاء به -، فعلمناه شرائع الإسلام وسوراً من القرآن وحملناه معنا في المركب، فلما صلينا العشاء ذهبنا لننام فقال: يا قوم هذا الإله الذي دللتموني عليه أينام إذا جاء الليل؟ قلنا له: هو عظيم شأنه لا ينام، فقال: بئس العبيد أنتم إذ تنامون ومولاكم لا ينام، فأقبل على عبادته يصلي الليل والنهار، فجمعنا له دراهم وأعطيناه إياها فقال: ما هذا؟ قلنا تنفقها وتستعين بها على عبادة ربك، فقال: أنا كنت في جزيرة أعبد صنماً فلم يضيعني وأنا لا أعرفه ولا أعبده فكيف يضيعني اليوم وأنا أعرفه وأعبده؟.فلما كان بعد أيام جاءته سكرات الموت فرأيت في المنام روضة خضراء فيها قبة وفي القبة سرير عليه جارية لم ير أحسن منها وهي تقول: سألتك بالله إلا ما عجلت به إلي فقد اشتد شوقي إليه، فاستيقظت مرعوباً فإذا هو ميت فغسلناه وكفناه وواريناه التراب، فلما كنت في النوم رأيت تلك الروضة وهو إلى جوار تلك الجارية وهو يكرر هذه الآية: (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار).
**الموعد الجنة
إحدى الصالحات داهمها الموت على أحد الطرق السريعة في ظلام الليل، لم يرها أحد إلا الله، تمسكت بطريق نجاتها وحجابها، حتى أرادوا إنقاذها فأبت وقالت: ماذا أقول له لو سألني عن حجابي؟ ماذا أقول له لو سألني عن ديني وحيائي، كيف كشفتموه؟؟ إياكم أن تمسوا جسداً حرمه ربي إلا على من أحله الله، فغابت تلك المرأة عن الوعي حتى وصلت المستشفى ومن أنقذها قائم على رأسها، فأخبر زوجها بالخبر فجاء للقائها فوجدها مسجّاة على السرير وهو ينادي ويقول: أين الشريفة، أين الصالحة، أين العفيفة، أين القائمة؟ فنظرت إليه النظرة الأخيرة وقالت: إني أرى أناساً معهم ثياب بيضاء جاؤوا بها لي، فالموعد الجنة، وفاضت روحها إلى الله.
**كما يتمنى
لما نزل الموت بالعابد الزاهد عبد الله بن إدريس اشتد عليه الكرب، فلما أخذ يشهق بكت ابنته فقال لها: يا ابنتي لا تبكي عليّ فقد ختمت في هذا البيت أربعة آلاف ختمة كلها لأجل هذا المصرع.
{1655}
**داعية بعد الموت
في جمهورية راوندا الإفريقية شاء الله أن يولد مسلم جديد، كان حياً قبل ذلك، لكن بجسده فقط لأنه كان نصرانياً، أما روحه فلم تعرف الحياة إلا بعد أن أعلن إسلامه وذاق طعم الإيمان، ويعلم أهله بالخبر فيثورون عليه ويقيمون الدنيا ولا يقعدونها، ولا عجب في ذلك فقد امتلأت قلوبهم بالحقد وهم يسمعون في المدرسة أن العربي (المسلم) مرادف للشيطان، وفي المدرسة تلقنهم الكنيسة أن العرب قوم متوحشون يحرقون القرى ويقتلون الأبرياء ويسرقون النساء ويتركون الأرض وراءهم خراباً.
ويصل الخبر إلى شقيق هذا المسلم الجديد فيستشيط غضباً وينفجر وهو يرى أخاه يصلي واضعاً جبهته في الأرض لله تعالى، وتؤتي تلك التعاليم الفاسدة ثمارها الخبيثة في صورة ثورة عارمة تنتهي بقتل النصراني الحاقد لأخيه المسلم وهو ساجد، ولكن هل انتهت القصة؟ لا، لقد قبضت الشرطة على القاتل بينما بقيت جثة المسلم ثلاثة أيام في تلك الأجواء الحارة ولم تتغير، لتكون دليلاً محسوساً وشاهداً صامتاً على عظمة هذا الدين وطهارته، ويأتي عشرات النصارى ليروا جنازة المسلم الّتي تنتظر الإذن بالدفن من طبيب الشرطة، ويعلن العشرات منهم الإسلام بسبب هذه الخاتمة وهذا المشهد، ويستحق هذا المسلم الجديد لقب (داعية بعد الموت).
**المسلم الجديد
دخل شاب أمريكي من أصل إسباني أحد مساجد نيويورك بعد صلاة الفجر وقال لهم: أريد أن أدخل في الإسلام، قالوا: من أنت؟ قال: دلوني ولا تسألوني، فاغتسل ونطق بالشهادة وعلموه الصلاة فصلى بخشوع نادر تعجب منه رواد المسجد جميعاً، وفي اليوم الثالث خلا به أحد الإخوة وقال له: يا أخي بالله عليك ما حكايتك؟ فقال: نشأت نصرانياً وقد تعلق قلبي بالمسيح عليه السلام ولكنني نظرت في أحوال الناس فرأيت الناس قد انصرفوا عن أخلاق المسيح تماماً، فبحثت عن الأديان وقرأت عنها، فشرح الله صدري للإسلام، وقبل الليلة التي دخلت عليكم نمت فيها بعد تفكير عميق وتأمل في البحث عن الحق، فجاءني المسيح عليه السلام في الرؤيا وأنا نائم وأشار إليّ بسبابته هكذا يوجهني وقال: كن محمّدياً، يقول: فخرجت أبحث عن مسجد فأرشدني الله إلى هذا المسجد فدخلت عليكم.بعد هذا الحديث القصير أذّن المؤذن لصلاة العشاء ودخل هذا الشاب في الصلاة مع المصلين، وسجد في الركعة الأولى وقام الإمام بعدها ولم يقم أخونا بل ظل ساجداً لله، فحرّكه من بجواره فسقط ، ووجدوه قد مات.
**الأذان الخالد
رجل عاش أربعين سنة يؤذن للصلاة لا يبتغي إلا وجه الله، وقبل الموت مرض مرضاً شديداً فأقعده في الفراش وأفقده النطق، فعجز عن الذهاب إلى المسجد، فلما اشتد عليه المرض بكى ورأى المحيطون به على وجهه أمارات الضيق وكأنه يخاطب نفسه قائلاً: يا رب أؤذن لك أربعين سنة وأنت تعلم أني ما ابتغيت الأجر إلا منك، وأحرم من الأذان في آخر لحظات حياتي، ثم تتغير ملامح هذا الوجه إلى البشر والسرور ويقسم أبناؤه أنه لما حان وقت الأذان وقف على فراشه واتجه إلى القبلة
{1656}
ورفع الأذان في غرفته، وما إن وصل إلى آخر كلمات الأذان: لا إله إلا الله خر ساقطاً على الفراش، فأسرع إليه بنوه فوجدوه قد مات.
**لبيك وسعديك
لمح أحد الشيوخ شابين في العشرين من عمرهما في المطار مسافرين إلى بلد من البلاد العاهرة، استوقف الشيخ الشابين بعد أن ألقى عليهما التحية ووجه إليهما نصيحة مؤثرة وموعظة بليغة، وكان مما قاله لهما: ما ظنكما لو حدث خلل في الطائرة ولقيتما حتفكما وأنتما على هذه النية وقد عزمتما على مبارزة الجبار، فبأي وجه ستقابلان ربكما يوم القيامة؟ وذرفت عينا الشابين ورق قلبهما لموعظة الشيخ، وقاما فوراً بتمزيق تذاكر السفر وقالا: يا شيخ، لقد كذبنا على أهلنا وقلنا لهم: إننا ذاهبان إلى مكة، فكيف الخلاص؟ وماذا نقول لهم؟ وكان مع الشيخ أحد طلابه فقال: اذهبا مع أخيكما هذا وسوف يتولى إصلاح شأنكما.ومضى الشابان مع صاحبهما وقد عزما على أن يبيتا عنده أسبوعاً كاملاً ثم يعودا إلى أهلهما.وفي تلك الليلة وفي بيت ذلك الشاب ألقى أحد الدعاة كلمة مؤثرة زادت من حماسهما، وبعدها عزم الشابان على الذهاب إلى مكة لأداء العمرة، وفي الصباح انطلق الثلاثة صوب مكة وفي الطريق كانت النهاية، وفي الطريق كانت الخاتمة، ويا لها من خاتمة حسنة، فقد وقع لهم حادث مروع ذهبوا جميعاً ضحيته، ولفظوا أنفاسهم وهم يرددون: لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.
**يرى الحور
يقول الدكتور خالد الجبير: كنت مناوبا في أحد الأيام وتم استدعائي إلى الإسعاف، فإذا بشاب في السادسة عشرة أو السابعة عشرة من عمره يصارع الموت، الذين أتوا به يقولون انه كان يقرأ القرآن في المسجد ينتظر إقامة صلاة الفجر فلما أقيمت الصلاة رد المصحف إلى مكانه ونهض ليقف في الصف فإذا به يخر مغشيا عليه فأتينا به إلى هنا، تم الكشف عليه فإذا به مصاب بجلطة كبيرة في القلب، كنا نحاول إسعافه، وحالته خطيرة جدا، أوقفت طبيب الإسعاف عنده وذهبت لأحضر بعض الأشياء،عدت بعد دقائق فرأيت الشاب ممسكا بيد طبيب الإسعاف والطبيب واضع أذنه عند فم الشاب والشاب يهمس في أذن الطبيب، لحظات وأطلق الشاب يد الطبيب ثم أخذ يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله وأخذ يكررها حتى فارقت روحه الحياة، أخذ طبيب الإسعاف بالبكاء وتعجبنا من بكائه، إنها ليست أول مرة ترى فيها متوفى أو محتضرا فلم يجب وعندما هدأ سألناه ماذا كان يقول لك الشاب وما الذي يبكيك قال لما رآك يا دكتور خالد تأمر وتنهى وتذهب وتجيء عرف أنك الطبيب المسؤول عن حالته فناداني وقال لي قل لطبيب القلب هذا لا يتعب نفسه فوالله إني ميت ميت، والله إني لأرى الحور العين وأرى مكاني في الجنة الآن ثم أطلق يدي.
**الساجدة
{1657}
عجوز بلغت الثمانين من عمرها في مدينة الرياض، جلست مع النساء فوجدت أن وقتهن يضيع في المحرَّم وما لا فائدة فيه فاعتزلتهن في بيتها تذكر الله دائماً، ووضعت لها سجادة تقوم من الليل أكثره. في ليلة قام ولدها الوحيد البار بها عندما سمع نداءها؛ يقول: ذهبت إليها، فإذا هي على هيئة السجود تقول: يا بُنيَّ ، لا يتحرك فيَّ الآن سوى لساني .. قال: أأذهب بك إلى المستشفى؟قالت: لا، أقعدني هنا قال: والله لأذهبن بك، وكان حريصاً على برها تجمع الأطباء كل يدلي بدلوه ولا فعل لأحدهم مع قدر الله قالت لابنها: أسألك بالله أن تردني إلى بيتي وإلى سجادتي، فأخذها ووضَّأها وأعادها إلى سجادتها فأخذت تصلي قال: وقبل الفجر بوقت غير طويل نادتني تقول: يا بني أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه .. أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله .. ثم لفظت أنفاسها الأخيرة.فما كان منه إلا أن قام فغسلها وهي ساجدة، وكفنها وهي ساجدة، وحملوها إلى الصلاة ثم إلى القبر وهي ساجدة، ثم وسعوا القبر ودفنوها وهي ساجدة..اهـ منتديات شبوة
6ـ>> الاعتبار بالمنكوسين الاعتبار بماء آل إليه أمر الظالمين:قال تعالى:{ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار}وقال{وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا}.قال صاحب عدالة السماء محمود شيت اضطرتني ظروفي الصحية إلى الدخول إلى أحد المستشفيات ببيروت وكان من ضمن جيراني المرضى ضابط متقاعد لا ينام الليل كله ولا يترك من ينام}أمراضه التي ابتلى بها كثيرة .الضغط .والسكر .وتصلب الشرايين. وتسمم الدم. وتهري لحم الرجلين والجسم وكان يصحو نهارا حتي ليخيل إليك أنه معافى ولكنه يعذب ليلا حتى ليخيل إليك أنه لا يعيش ساعات الليل وكان في الليل يصرخ من الألم تارة ويصرخ طالبا أحد الممرضين أو الممرضات تارة أخرى وكان يستعمل سلاحين في صراخه :1ـ صوته 2ـ والجرس الكهربائي .فإذا جاء الممرض أو الممرضة لم يجدوا عنده مطلبا ولكن لا يكادون يصلون إلى مكانهم إلا و يستدعيهم ثانية وثالثة ورابعة وهكذا حتى تشرق الشمس وكان إذا خفت صوته يستعمل الجرس الكهربائي فيضعه في جيبه ضاغطا على زره بإلحاح شديد يده على زر الجرس حتى بعد قدوم الممرض وحين زرته حدثني بقصة قائلا:{كنت في شرطة الفرنسيين يوم كانوا في لبنان وكانت بيروت تخافني وكان الفرنسيون يعتمدون علي. كنت مخلصا لهم فإذا عجز الفرنسيون عن اكتشاف الجريمة أحضروا المتهم إلي فكنت أستخلص منه الاعترافات بالقوة كنت لاأرحم أحدا وكنت أمارس على المتهمين أربعة وثمانين نوعا من العذاب فكانوا يعترفون بما أريد وما يريده الفرنسيون ثم قال:{وما أعانيه اليوم عذاب من الله فقد سقت إلى المحاكم كثيرا من الأبرياء وعذبت كثيرا من الصالحين إرضاء لأسيادي الفرنسين}قال محمود :{مضى الفرنسيون إلى غير رجعة وبقي العقيد تلاحقه اللعنات حتى زوجته وأولاده وذوو قرباه لا يحبونه ويتمنون على الله أن يموت لأنه يعذبهم بصراخه كان يعذب ضحاياه في الليل ويعذبه الله اليوم في الليل أيضا وكانت أعضاء المعذبين تتساقط من تعذيبه واليوم تتساقط
{1658}
أعضاؤه عضوا عضوا أنظر يا أخي كيف عاقبة المجرمين:ولعذاب الآخرة أشد وأنكى فإن المتأمل في مثل هذا يهون عليه مراجعة ضميره ومحاسبة نفسه
7ـ الاعتباربموت الجبارين مثل قارون وأصحاب السبت وسبإ وغيرهم ممن نزل بهم بأس الله الذي لايرد عن الظالمين
وختاما رايت من الآكد أن أختم بهذه القصة التي عشت مراحلها وهي أن إحدي قريباتي كانت تردد على إحدى الخيرات تعلمها الدين مع بعض رفيقتها ومع الأسف دلت يوما بيت هذه المرأة ولم تجدها وإنما وجدت خادمتها فضاع خاتم ذهب لصاحبت المنزل فالصقت التهمة بهذه المرأة القريبة إلي وهي كانت بريئة حتى همت أن ترفع القضية إلى المحكمة فكان لطف الله أنتدخل بعض الإخوان ثم مرت اياما فوجدت الخاتم في بعض ملابسها فاعتذرت لقريبتي اعتذارا كبيرا لكن بعد مرور أكثر من عشر سنوات أصابها نفس البلاء ونفس التهمة بحيث أن إحدى أبنائها
احتيل عليه حيث أعطاه بعض اللصوص بطانية لبيعها له على ما زعم فألقى عليه رجال الأمن القبض وبيده البطانية فذاقت أمه مرارة هذه الفضيحة خاصة وهي موظفة بنفس المحكمة التي كان سيحال عليها فقلد صدق من قال الله حليم يمهل ولا يهمل،نساله سبحانه أن لايعاقبنا بما فرط منا في مقتبل أعمارنا والحمد لله كبيرا كثيرا .
فالذي تقتضيه هذه الأحاديث أن المؤمن ينبغي أن يكون كثير الإحساس مسرعا إلى باب الله كلما رءا آية من الظواهر الكونية التي يخوف الله بها عباده ليعودإليه ويهرعإلى جنابه والآن أيها الناس فإلى عدة أمور جديرة بالتأمل والاعتبار وهي :
1>>ـ الاعتبار بما نزل ببني النضير ....قال الزحيلي في المنير : سبب النزول:نزول الآية (1) سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ:> أخرج البخاري عن ابن عباس قال: سورة الأنفال نزلت في بدر، وسورة الحشر نزلت في بني النضير.وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة قالت: كانت غزوة بني النضير، وهم طائفة من اليهود على رأس ستة أشهر من وقعة بدر، وكان منزلهم ونخلهم في ناحية المدينة، فحاصرهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى نزلوا على الجلاء، وعلى أن لهم ما أقلّت الإبل من الأمتعة والأموال إلا الحلقة وهي السلاح، فأنزل اللّه فيهم: <سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ....في الجدول : 1ـ إجلاء بني النضير ..حين قدم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم) المدينة، صالحه
{1644}
بنو النضير، على ألا يكونوا عليه ولا له. فلما هزم المسلمون يوم أحد ارتابوا ونكثوا، فخرج كعب بن الأشرف في أربعين راكبا إلى مكة، فحالف أبا سفيان عند الكعبة،
فأمر صلّى اللّه عليه وسلّم محمد بن مسلمة الأنصاري فقتل كعبا غيلة، ثم خرج النبي (صلّى اللّه عليه وسلّم) مع الجيش إليهم، فحاصرهم إحدى وعشرين ليلة، وأقر بقطع نخيلهم، فلما قذف اللّه الرعب في قلوبهم، طلبوا الصلح، فأبى عليهم إلا الجلاء، على أن يحمل كل ثلاثة بيوت على بعير ما شاؤوا من متاعهم، ما عدا السلاح فجلوا إلى أذرعات وأريحاء من أرض الشام. وهذا الجلاء هو أول حشرهم. وأوسط حشرهم إجلاء عمر رضي اللّه عنه لهم من خيبر إلى الشام وآخر حشرهم يوم القيامة.اهـ الجدول...وقال الدكتور. عبدالكريم بكارفي منتدى " صيد الفوائد :
"هذه آية جليلة الشأن في الكتاب العزيز سرت مسرى المثل ، وذاعت على الألسنة والأقلام ؛ لأنها تعني وجوب الاستفادة من تراكم الخبرات البشرية ، وأخذ العظة والعبرة من أحوال الأمم السابقة ، والمعاصرة ، وتوفيراً للجهد ، واختصاراً للطريق ، وفراراً من عذاب الله تعالى ...
وقد قص الله تعالى علينا في سورة الحشر قصة جلاء بني النضير من المدينة إلى خيبر والشام مبيناً وقوع ما ليس في الحسبان ، فقال تباركت أسماؤه : { هُوَ الَذِي أَخْرَجَ الَذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وأَيْدِي المُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُوْلِي الأَبْصَارِ } [الحشر : 2] .
لقد كان خروج بني النضير في تلك الصورة المهينة الذليلة حدثاً بعيداً عن أذهان بني النضير وأذهان المسلمين لأن الأسباب المادية التي أخذ بها القوم كانت على درجة من الإتقان والإحكام تحول دون تصور ما وقع ..
ولكن العزيز الجبار الذي لا رادَّ لأمره ، ولا معقب لحكمه أتاهم من حيث لم يحتسبوا أتاهم من الداخل ، فألقى في قلوبهم الرعب ، فخارت عزائمهم ، وأدركوا أن قوتهم ما عادت تغني عنهم شيئاً .
وما أشبه الليلة بالبارحة ! !
فهذه هي النظرية الشيوعية تنهار اليوم في أسرع مما كان يدور في خلد البشر ، وهذه هي مئات الألوف من الكتب والمجلدات التي سطرت في فلسفة النظرية وترويجها وتكييف البشر معها تغدو رماداً تسفوه رياح التغيير العاتية في وجوه السدنة والكهنة والمرتزقة والأذناب وأشباه الأذناب ..
لقد كان سقوط النظرية الشيوعية أمراً لا مفر منه ، ولكن المذهل هو انهيار البناء الذي أنفق فيه ثلاثة أرباع القرن من الزمن مع ملايين الأنفس وما لا يحصى من الآلام والعذابات وصنوف المعاناة الإنسانية في أسرع من لمح البصر .
قد كانت أفكار (كارل ماركس) رد فعل لحرمان طويل ومعاناة شخصية قاسية . والناموس العام لردود الأفعال البعد عن الموضوعية وفقدان الاتزان .. اهـ منتدى صيد الفوائد
{1645}
2>>ـ أبو الدرداء واعتباره بالتحولات . أيها الناس إن أخذ العبرة من التقلبات والأحداث دليل على حياة القلب ونضجه مصادقا لقول الله:((إن في ذلك لعبرة لأولي الألباب))ومن هنا كان السلف من أكثر الناس حساسية بالتغيرات حتى قال بعضهم< إنى لأعرف شؤم المعصية في خلقي زوجتي ودابتي > وقد جاء عن عمر أنه أقسم أن لا يساكن أهل المدينة إن هي عادت الزلزلة التي أصبتهم وهذا رسولنا الكريم كان يتفاعل مع الكون حتى كان يدخل ويخرج في اليوم الغائم يخشى أن يكون فيه عذاب فلا يطمئن حتى ينجلي الغيم عن السماء وقد اعتزل الصحابي الكريم أبو الدرداء يبكي يوم فتح الله على المسلمين بلاد الروم فقيل ألا تضحك في هذا اليوم الذي نصر الله فيه الإسلام والمسلمين فقال إني أبكي من حال هؤلاء وكيف تغير حالهم من عز إلى ذل ومن منعة وغلبة إلى شتات وأخشى أن يتغير حال المسلمين فيصيبهم ما أصاب هؤلاء لكن المسلمين اليوم ماتت والعياذ بالله أحساسيهم رغم ما ينزل بهم من ضربات موجعة ويحل بهم من بلاء من سياسات معكوسة وأمور ملتبسة وحروب طاحنة وهيمنة ظالمة وذل مقيت من أذل الناس عند الله كانت بلادهم بالأمس محتلة عسكريا وهاهي اليوم محتلة سياسيا ليس لهم رأي يذكر ولا كلمة تسمع يستنجدون بعدو لدود حكم وجلاد مكبلة أياديهم بالقيودات الخارجية... وكان أبو الدرداء :
يتعوذ بالله من النفاق بعد التشهد فلما سئل عن ذلك قال:((دعنا عنك فو الله إن الرجل ليقلب عن دينه في الساعة الواحدة فينخلع منه))
ففي مسند الإمام أحمد عن جبير بن نفيير قال:
((لما فتحت قبرص فرق بين أهلها فبكى بعضهم إلى بعض فرأيت أبا الدرداء جالسا وحده يبكي فقلت:يا أبا الدرداء ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله فقال:ويحك يا جبير ما أهون الخلق على الله عز وجل إذا أضاعوا أمره بينما هي أمة شاهرة ظاهرة لهم الملك تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى))ولقد ضاعت الأندلس من المسلمين بسبب ذنوبهم فبيعث ملوكهم في أسواق الرقيق وهم يبكون وينوحون كما قال الشاعر أبو البقاء الرندي: الذي عاش سقوط الأندلس في أيدي الاسبان وحزن لذلك حزنا شديدا تجلى ذلك في شعره حيث قال:
على ديار من الإسلام خالية******قد أقفرت ولها بالكفر عمران
حيث المساجد قد صارت كنائس ما *****فيهن إلا نواقس وصلبان
حتى المحاريب تبكي وهي جامدة*****حتى المنابر ترثى وهي عيدان
يا من لذلة قوم بعد عزتهم ***** أحال حالهم جور وطغيان
ولو رأيت بكاهم عند بيعهم**** لهالك الأمر واستهوتك أحزان
لمثل هذا يذوب القلب من كمد ****إن كان في القلب إسلام وإيمان
وتقول أم أحد ملوك الأندلس وهو أبو عبد الله آخر ملوك الطوائف تخاطب صاحب الملك المضاع
إبك مثل النساء ملكا مضاعا ******لم تحافظ عليه مثل الرجال
{1646}
ولقد حدث لمسلمي فلسطين ما يشبه ما حدث لأهل الأندلس من تسلط اليهود عليهم والتنكيل بهم وطردهم من ديارهم وتحويل مساجدهم إلى مراقص ليلية ومستشفيات للمعذورين فكل مرة قصف وقتل واعتقال وكل ذلك يقع لإخوانهم والأمة عاجزة عن انقادهم بل تراقب أمن اليهود وتتعاون معهم بل ما تزال بيوتهم تهدم كل أما مذبحة صبرا وشاتيل ومذبحة جنين فيعجز القلم عن كتابتها ولهذاشبه الشاعر فلسطين بالأندلس حيث قال:
يا أخت أندلس صبرا وتضحية***** وطول صبر على الأرزاء والنوب
ذهبت في لجة الأيام ضائعة***** ضياع أندلس من قبل في الحقب
وطوحت ببنيك الصيد نازلة **** بمثلها أمة الإسلام لم تصب
كما ضاعت (الفلبين) فتحولت إلى دولة كافرة وكذلك (سنغفورة) كانت مسلمة كما كانت الأندلس فضاعت كما ضاعت {تيمور الشرقية}بإندونيسيا فتحولت إلى نصرانية وها هي السودان يحاك لها في الجنوب كما يحاك للمغرب في الصحراء الغربية كما ضاعت (سويسرا)فقد حكمهما المسلمون ثلاثون عاما ثم تخلوا عنها
3 ـ الموت .فالا عتبار بالموت موت الأقران والكبراء يدعوا إلى المسارعة إلى التوبة من هنا قال الحبيب المصطفى في الأحاديث التالية :
في شعب الإيمان : عن عمار يعني ابن ياسر ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : « كفى بالموت واعظا ، وكفى باليقين غنى ، وكفى بالعبادة شغلا »...وفي سنن ابن ماجه : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمْ الْآخِرَةَ>...وفي مصنف ابن أبي شيبة : عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص) : (أكثروا ذكر هاذم اللذات) - يعني الموت.
***روى البخاري في صحيحه: أن عائشة رضي الله عنها قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بين يديه علبة فيها ماء، فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه ويقول: (لا إله إلا الله، إن للموت لسكرات) ثم نصب يديه فجعل يقول: (إلى الرفيق الأعلى) حتى قبض.
ودخل النبي صلى الله عليه وسلم على مريض فقال: (إني لأعلم ما يلقى، ما فيه عرق إلا وهو يألم بالموت على حدته).
****لما نزل الموت بعمرو بن العاص رضي الله عنه قال له ابنه: يا أبتي وقد كنت تقول: إنني لأعجب من رجل نزل به الموت ومعه عقله ولسانه كيف لا يصفه؟ فقال: يا بني: الموت أعظم من أن يوصف، لكن سأصف لك منه شيئاً، والله لكأن على كتفي جبال رضوى وتهامة، وكأني أتنفس من سم إبرة، ولكأن في جوفي شوكة عوسج، ولكأن السماء أطبقت على الأرض وأنا بينهما.
قال كعب رضي الله عنه عن الموت: هو كغصن كثير الشوك أُدخل في جوف رجل، فأخذت كل شوكة بعرق ثم جذبه رجل شديد الجذب، فأخذ ما أخذ وأبقى ما أبقى.
قال علي رضي الله عنه: والذي نفس محمد بيده لألف ضربة بالسيف أهون من موت على فراش.
{1647}
**قال شديد بن أوس: الموت أشد من نشر بالمناشير وقرض بالمقاريض وغلي في القدور.
**لما مات إبراهيم عليه السلام قال الله عز وجل: (كيف وجدت الموت؟)، قال الخليل: كسفود جعل في صوف رطب ثم جذب، فقال الله عز وجل: (أما إنا قد هوّنا عليك). فلقد كان لسلفنا الصالح القدح المعلى في الاعتبار بالموت كثرة اعتبارهم بالموت وسكراته والقبر وظلمته:وذلك لما جاء عن مكحول الدمشفى أنه كان يقول إذا رءا جنازة <أغدوا فإنا رائحون موعظة بليغة قليلة وغفلة شنيعة يذهب الأول والآخر لا يعتبر ..وكان الأعمش يقول:{كنا نشهد الجنائز ولا نعرف من يعزى لأن الحزن قدعم الناس كلهم> ...وكان ثابت يقول:{كنا نشهد الجنائز فلا نرى إلا متلفعا باكيا وذلك لأنهم كانوا يبكون على أنفسهم لا على الميت لأن ساعتهم أيضا قادمة .وجدير بمن الموت مصرعه والقبر مضجعه والدود أنيسة والقبرمقره والقيامة موعده ألا يكون له فكر إلا في ذلك ولا استعداد إلا له ....ولقد دخل الحسن البصري على رجل وهو يجود بنفسه فقال:إن أمرا هذا آخره لحقيق أن يزهد في أوله >
ولما حضرت إبراهيم النخعي الوفاة بكى فقيل له في ذلك فقال: انتظر رسولا ياتيني من ربي هل يبشرني بالجنة أو بالنار}.....لقي سفيان الثوري:هارون الرشيد راكبا على فرسه فقال له يا هارون اتق الله فنزل هارون عن فرسه وخر ساجدا لله فلما رفع رأسه سأله أحد الناس فقال سجدت لأني تذكرت قوله تعالى:{وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم}فأردت بسجودي أن ألقن نفسي درسا في معرفة الله حتى إذا غرتني قوتي على ظلم الناس تذكرت قوة العزيز الجبار من فوقي ولما مرض قال لهم(احملوني لأرى قبري الذي سوف أدفن فيه فلما وصل إلى هناك توجه إلى السماء وقد فاضت عيناه من الدمع وقال يا رافع السماء بلا عمد يا من لا يزول ملكه إرحم من زال ملكه}.
4>>ـ الاعتبار بمن ختم لهم بالسوء عياذا بالله .فلقد كان سلفنا الصالح يهابون ويخافون من الخواتم السيئة . ومن النفاق وذلك لما جاء في فضائل الخوف قال تعالى:{ولمن خاف مقام ربه جنتان)وقال (ص){من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل إلا إن سلعة الله غالية ألاإن سلعة الله الجنة)رواه الترمذي وقال الحاكم صحيح الإسناد ووافقه الألباني والذهبي .......وكان أبو تراب النخشبي يقول:{من علامات سواد القلب ثلاث أن لا يجد للذنوب مفزعا ولا للطاعة موقعا وللموعظة منجعا أي تأثيرا ولما جاء أيضا من الترهيب في خواتيم الأعمال السيئة قال (ص){إنما الأعمال بالخواتيم)رواه البخاري... وكان مطرف يقول:{إني لا أعجب ممن هلك كيف هلك وإنما أعجب ممن نجا كيف نجا وما أنعم الله على عبد بنعمة أفضل من أن يميته على الإسلام اهـ وقال الفضيل بن عياض رحمه الله من السلف <عليك بطريق الحق ولا تستوحش لقلة السالكين وإياك وطريق الباطل ولا تغتر بكثرة الهالكين> اهـ مدارج السالكين لابن القيم ...فعَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ
{1648}
فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا قَالَ نَعَمْ إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ} سنن الترمذي .) وبكى بعض أصحاب النبي (ص)عند موته فسئل عن ذلك فقال:(سمعت رسول الله(ص)يقول{إن الله تعالى قبض خلقه قبضتين فقال هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار ولا أدري في أي القبضتين كنت} .. ....وكان سفيان يشتد قلقه من السوابق والخواتيم فكان يبكي ويقول:{أخاف أن أكون في أم الكتاب شقيا ويبكي ويقول:{أخاف أن أسلب الإيمان عند الموت}
**سوء الخاتمة
وحيل بينهم قيل لأحدهم وهو يحتضر: قل: لا إله إلا الله، فقال: هيهات حيل بيني وبينها، وصدق الله حين يقول: (وحيل بينهم وبين ما يشتهون كم فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب).
**فات الأوان
وقيل لآخر: قل لا إله إلا الله. فقال: ما ينفعني ما تقول ولم أدع معصية إلا ارتكبتها ثم مات ولم يقلها.
**سوء الظن
ذكر ابن الجوزي أنه يعرف رجلاً اشتد به الألم وزادت عليه المصائب، فافتتن، فكان يقول وهو في مرض الموت: لقد قلّبني – يعني ربه – في أنواع من البلاء، فلو أعطاني الفردوس لما وفى بما يجري عليّ، وإيش في هذا الابتلاء؟ هكذا يقول والعياذ بالله يخاطب ربه قائلاً: ما الفائدة من هذا الابتلاء يا رب؟!
**لفي سكرتهم يعمهون
احتضر رجل ممن كان يجالس شرب الخمور، فلما حضره نزع روحه أقبل عليه رجل ممن حوله وقال: قل: لا إله إلا الله، فتغير وجهه وتلبد لونه وثقل لسانه، فردد عليه صاحبه: يا فلان قل: لا إله إلا الله، فالتفت إليه وصاح: لا.. اشرب أنت ثم اسقني، ثم ما زال يرددها حتى فاضت روحه.
**ولات حين مناص
كان أحدهم صاحب معاصٍ وتفريط، فلم يلبث أن نزل به الموت ففزع من حوله إليه وانطرحوا بين يديه وأخذوا يذكّرونه بالله ويلقّنونه الشهادة، وهو يدافع عبراته، فلما بدأت روحه تُنزع صاح بأعلى صوته وقال: أقول: لا إله إلا الله ولا تنفعني، لا إله إلا الله وما أعلم أني صليت لله صلاة، ثم مات.
**هو كافر بها
قال عبد العزيز بن أبي داوود: حضرت رجلا عند الموت يلقّن لا إله إلا الله، فقال في آخر ما قال: هو كافر بما تقول. ومات على ذلك، قال: وكان مدمن خمر.
**لاعبو الشطرنج
احتضر رجل ممن كانوا يلعبون الشطرنج، فقيل له: قل لا إله إلا الله فقال: شاهك في اللعب.
**دن دن
{1649}
رجل عرف بحبه للأغاني وترديدها، فلما حضرته الوفاة قيل له: قل لا إله إلا الله، فجعل يهذي بالغناء ويقول: دن دن دندن ... حتى قضى، ولم ينطق بالتوحيد.
**هلاك وحرق
إحدى الأمهات وهي عجوز كان لها ولد يسافر إلى إحدى بلاد العهر، فينفتحون على معصية الله، وقد نَصحَتْه مراراً فما قبل النصح، وفي آخر مرة وعظتْه فلم يزدجر وسافر إلى هناك. واستأجر مع صاحبه في فندق، والتقيا ببعض الشباب فأنس بهم وقررا السكن معهم في فندق واحد ليجتمعوا على اللهو والزنا والخمر.
فقال هذا الشاب: لا مانع إلا أني لن أذهب معكم الليلة فقد واعدت مومسا وخمري عندي .. ولكن في الغد آتيكم.انطلق زميله الذي كان معه، وفي الغد جاء بعد أن أفاق من سكره ليأتي به ويدله على المكان.. ولما قرب من الفندق وإذا به محاط بأعوان الشرطة.يسأل: ما الذي حدث؟ أهناك لصوص أو عصابات؟ قالوا: لا ، إن الفندق قد احترق بكامله، فوقف شعر رأسه متأملاً: أين صاحبي، جئنا لنمرح
قالوا له: ألك معرفة هنا؟ قال: نعم .. نعم .. أخذوا يَجْرِدُون وإذا بصاحبه يأخذه كالفحم محترقاً ويسأل، فقالوا: قد مات ومعه امرأة في نفس الليلة.
**مصارع العشاق
عشق رجل شخصاً اسمه أسلم، فاشتد به وتمكن حبه من قلبه حتى وقع ولزم الفراش بسببه، وتمنع ذلك الشاب عليه واشتد نفوره منه، فلم تزل الوسائط يمشون بينهما حتى وعده أن يعوده، فأخبره الساعي بذلك ففرح واشتد سروره وانجلى غمه وجعل ينتظر الميعاد الذي وعده به أسلم، فبينما هو كذلك إذ جاءه الساعي إليه وكلمه فقال: إنه وصل معي إلى بعض الطريق ورجع وكلمته، فقال: إنه لا يدخل مداخل الريب ولا يعرض نفسه لمواقع التهم، فلما سمع البائس ذلك سقط في يده وعاد أشد مما كان به وبدت عليه علامات الموت فجعل يقول في تلك الحالة:
(أسلم) يا راحة العليل........... ويا شفاء المدنف النحيل
رضاك أشهى إلى فؤادي........... من رحمة الخالق الجليل
فقلت له: اتق الله، قال: قد كان، فقمت عنه فما جاوزت باب بيته حتى سمعت صيحة الموت.
**ميتة تتكسر عظامها
ذكر أحد الدعاة أنه اتصلت به إحدى العائلات طالبة منه دفن أمهم التي توفيت، فحكى عن نفسه قائلاً ( .. ذهبت إلى المقبرة وانتظرت عند مكان غسل الموتى وإذا بي أرى أربع نساء محجبات يخرجن مسرعات من مكان الغسل ولم أسأل عن سبب خروجهن لكونه أمراً لا يعنيني.. بعد فترة وجيزة خرجت المرأة التي تغسل الأموات وطلبت من الرجال مساعدتها في غسل الميتة لعدم وجود نساء يساعدنها، فقلت لها: إن هذا لا يجوز لكوننا رجالاً ولا يحل لنا الإطلاع على عورات النساء، فعللت طلبها بضخامة جثة الميتة وثقلها! .. فلم نقبل حجتها، لتعود وتكمل الغسل والتكفين، ثم نادتنا لحمل الجثة فدخلت ومعي بضعة رجال لحملها فلم نستطع! .. فنادينا بقية الرجال (11 رجلا) وحملنا الجثة، وبعد الصلاة حملناها إلى المقبرة ولما وصلنا إلى فتحة القبر
{1650}
وكعادة أهل مصر فإن قبورهم مثل الغرف، ينزلون من الفتحة العلوية بسلم إلى قاع الغرفة ثم يضعون موتاهم دون دفن أو إهالة للتراب، فتحنا الباب العلوي وأنزلنا الجثة من على أكتافنا وإذا بها تنزلق وتسقط منا داخل الغرفة دون أن نتمكن من إدراكها، حتى أنني سمعت قعقعة عظامها وهي تتكسر أثناء سقوطها، فنظرت من الفتحة وإذا بالكفن ينفتح قليلاً فيظهر شيء من جسد المرأة! .. فقفزت مسرعاً إليها وسترتها ثم سحبتها بصعوبة بالغة إلى اتجاه القبلة، وفتحت شيئاً من الكفن تجاه الوجه وإذا بي أرى منظراً عجيباً! .. رأيت عينيها جاحظتين ووجهها قد اسود، ففزعت لهول المنظر وخرجت مسرعاً للأعلى لا ألوي على شيء، وبعد وصولي إلى الشقة اتصلت بي إحدى بنات المتوفاة واستحلفتني أن أخبرها بما جرى لوالدتها أثناء إدخالها القبر فأردت أن أهرب من الإجابة ولكنها كانت تصر عليّ لأخبرها، فأخبرتها فإذا بها تقول لي: يا شيخ عندما رأيتنا نخرج من مكان الغسل مسرعات فإن ذلك كان بسبب ما رأيناه من اسوداد الوجه! .. يا شيخ إن سبب ذلك أن والدتنا ما صلّت لله ركعة، وأنها ماتت متبرجة!.
**مد أحدهم .. ولا نصيفه!
كاتب مشهور عرف بجرح السنة والاستهزاء بالصحابة يُعرف بأبي ريَّة ، كان يهزأ بأبي هريرة رضي الله عنه وينتقصه ويرد أحاديثه! .. زاره أحد العلماء لحظة وفاته، يقول هذا العالم: أتيته في بلده فأحببت أن أزوره لأرى بعض الشيء عنه، فشاء الله أن توافق زيارتي سكرات الموت، فدخلت على رجل والعياذ بالله قد تغير لونه وكلح، وقد اتسعت حدقتا عينيه جداً وهو يقول: آه .. أبو هريرة.. آه .. أبو هريرة .. يتأوه حتى مات.
**بيع وشراء
قال ابن القيم: أخبرني بعض التجار عن قرابة له أنه احتضر وهو عنده، وجعلوا يلقنونه لا إله إلا الله وهو يقول: هذه القطعة رخيصة، وهذا مشتر جيد، هذه كذا، حتى قضى ولم ينطق التوحيد.
**ثقيل كالجبل
جيء برجل في الخمسين من عمره إلى الإسعاف وهو في حالة احتضار وكان ولده يلقنه الشهادة، والأب لا يجيب، حاول الابن أن يلقن والده الشهادة ولكن الأب لا يجيب، وبعد عدة محاولات قال الأب: يا ولدي أنا أعرف الكلمة التي تقولها، لكنني أحس أنها أثقل من الجبال على لساني، ثم مات الأب.
**فمات نصرانياً
كان بمصر رجل ملتزم لا يفارق المسجد للأذان والصلاة، وعليه بهاء العبادة، فصعد بوماً المنارة على عادته للأذان، وكان تحت المنارة دار لنصراني ذمي، فاطلع فيها المؤذن فرأى ابنة صاحب الدار، فافتتن بها وترك الأذان ونزل إليها ودخل الدار، فقالت له: ما شأنك وماذا تريد؟ فقال: أريدك أنت، قالت: لماذا؟ قال: لقد سلبت لبي وأخذت بمجامع قلبي، قالت: لا سبيل إلى هذا، قال لها: أتزوجك، قالت: أنت مسلم وأنا نصرانية، وأبي لا يزوجني منك، قال لها: إذاً أتنصر، قالت: إن فعلت تزوجتك،
{1651}
فتنصر ليتزوجها، ثم أقام معها ذلك اليوم في الدار، فلما كان أثناء ذلك اليوم صعد إلى سطح الدار فسقط منه فمات، وهو لم يقربها ولم يلمسها، فخسر دنياه وآخرته.
**موت ملحد
كان لأحد الصالحين أخ منحرف يعتقد بالعقائد الكفرية الخبيثة، فكان أخوه يناصحه لعل الله أن يهديه، فمرض ذلك المنحرف مرضاً شديداً، ولزم الفراش، فكان أخوه يأتيه ويتحدث إليه عسى الله أن يختم له خاتمة حسنة، وفي أحد الأيام قال ذلك المريض لأخيه: أحضر لي المصحف، فقال أخوه: قمت فرحاً مسروراً، قال: فأتيتُ له بالمصحف، فلما رآه قال: هذا المصحف، قلت: نعم، فقال عن نفسه: إنه كافر بهذا المصحف، ثم مات من لحظته والعياذ بالله.
**إلى الخمارة
كان أحدهم فاسقاً مفتوناً يشرب الخمر ولا يكاد يفارقها، فلما مرض ونزل به الموت وخارت قواه سأله رجل ممن حوله: هل بقي في جسمك من قوة؟ هل تستطيع المشي؟ فقال نعم.. لو شئت مشيت من هنا إلى الخمارة! .. فقال صاحبه: أعوذ بالله، أفلا قلت: أمشي إلى المسجد؟ فبكى وقال: غلب عليّ ذلك، لكل امرئ من دهره ما تعودا .. وما وجدت عادتي بالمشي إلى المساجد.
**أين الطريق؟ إلى حمام منجاب
ذكر ابن القيم الجوزية في كتابه (الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي) قصة لأحد الأشخاص عن سوء خاتمته في آخر لحظات من حياته حينما نزل به الموت قيل له: قل لا إله إلا الله، فجعل يقول: أين الطريق إلى حمام منجاب؟ قال: وهذا الكلام له قصة، وذلك أن رجلاً كان واقفاً بإزاء داره، وكان بابها يشبه باب هذا الحمام، فمرت به جارية لها منظر، فقالت: أين الطريق إلى حمام منجاب؟ فقال: هذا حمام منجاب، فدخلت ودخل وراءها، فلما رأت نفسها في داره وعلمت أنه خدعها أظهرت له البشر والفرح باجتماعها معه وقالت خدعة منها له وتخيلاً لتتخلص مما أوقعها فيه وخوفاً من فعل الفاحشة: يصلح أن يكون معنا ما يطيب به عيشنا وتقر به عيوننا، فقال لها: الساعة آتيك بكل ما تريدين وتشتهين، وخرج وتركها في الدار ولم يغلقها، فأخذ ما يصلح ورجع، فوجدها قد خرجت وذهبت، ولم تخنه في شيء، فهام الرجل وأكثر الذكر لها وجعل يمشي في الطريق والأزقة ويقول:
يا رب قائلة يوماً وقد تعبت........... أين الطريق إلى حمام منجاب؟
ولم يزل كذلك حتى كان هذا البيت آخر كلامه من الدنيا.
**ما لا ترونه!
يحكي الدكتور خالد الجبير فيقول: ( .. أثناء مناوبتي ذات ليلة، استدعيت لمباشرة أحد المرضى، فلما عاينت الحالة وجدت أن نبض القلب ضعيف ويحتاج إلى إنعاش، فبدأت بالتدليك وتنشيط عضلة القلب لأتفاجأ بالمريض وهو يخاطبني: ما فيه داع يا دكتور فأنا ميّت لا محالة! .. فطمأنته وقلت له: أنت بخير وستعيش بإذن الله، فقال: يا دكتور لا تتعب حالك أنا ميت .. ميت .. أنا أشوف شيء ما تشوفه! .. المريض ينظر
{1652}
إلى السقف ويقول: لا تتعبون أنفسكم أنا ميت ميت أنا أشوف شيء ما تشوفونه! .. أنا أشوف ملائكة العذاب! .. لحظات وكانت النهاية).نسأل الله أن لايجعلنا من هؤلاء آمين
**الاعتباربحسن الخاتمة
**العروس
الليلة موعد زفافها.. كل الترتيبات قد اتخذت والكل مهتم بها.. أمها وأخواتها وجميع أقاربها.. بعد العصر ستأتي (الكوافيره) لتقوم بتزيينها.. الوقت يمضي، لقد تأخرت الكوافيرة.. وها هي الآن تأتي ومعها كامل عدتها لتبدأ عملها بهمة ونشاط والوقت يمضي سريعا (بسرعة قبل أن يدركنا المغرب)!
وتمضي اللحظات وفجأة.. ينطلق صوتٌ مدّوٍ .. إنه صوت الحق.. اذان المغرب.. العروس تقول: بسرعة فوقت المغرب قصير. الكوافيرة تقول: نحتاج لبعض الوقت اصبري فلم يبق إلا القليل. ويمضي الوقت ويكاد وقت المغرب أن ينتهي والعروس تصر على الصلاة.. الجميع يحاول أن يثنيها عن عزمها ويقولون: إنك إذا توضأت فستهدمين كل ما عملناه في ساعات.. ولكنها تصر على موقفها وتأتيها الفتاوى بأنواعها فتارة اجمعي المغرب مع العشاء وتارة تيمّمي ولكنها تعقد العزم وتتوكل على الله فما عند الله خير وأبقى.. وتقوم بشموخ المسلم لتتوضأ.. ضاربة بعرض الحائط نصائح أهلها وتبدأ الوضوء (بسم الله).. حيث أفسد وضوؤها ما عملته الكوافيرة وتفرش سجادتها لتبدأ الصلاة (الله أكبر) نعم الله أكبر من كل شيء.. نعم الله أكبر مهما كلف الأمر وها هي في التشهد الأخير من صلاتها وهذه ليلة لقائها مع عريسها ها قد أنهت صلاتها وما إن سلمت على يسارها حتى أسلمت روحها إلى بارئها ورحلت طائعة لربها عاصية لشيطانها أسأل الله أن تكون زفت إلى جنانها.
**مع الشافعي رحمه الله
يروى عن المزني أنه قال: دخلت على الشافعي في علته التي مات فيها فقلت له: كيف أصبحت؟ فقال: أصبحت من الدنيا راحلاً وللإخوان مفارقاً ولكأس المنية شارباً ولسوء عملي ملاقياً، وعلم الله وارداً، فلا أدري أروحي تصير إلى الجنة فأهنيها أم إلى النار فأعزيها، ثم بكى وأنشأ يقول:
ولما قسى قلبي وضاقت مذاهبي........... جعلت الرجا مني لعفوك سلماً
تعاظمني ذنبي فلما قرنته........... بعفوك ربي كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل........... تجود وتعفو منّة وتكرما
فلولاك لم ينج من إبليس عابد........... وكيف وقد أغوى صفيك آدما
**الباحث عن الحقيقة
قبل ثلاثين عاماً استقرت كتيبة عسكرية بريطانية تابعة للأمم المتحدة في إحدى مناطق شرق آسيا، وذات يوم وقع كتاب يتحدث عن الإسلام في يد أحد جنود هذه الكتيبة، فقرأه وأعجب بالإسلام وتاقت نفسه للتعرف عليه، مكث هذا الشوق أكثر من 15 عاماً وهي المدة التي قضاها في تلك المناطق، وبعد عودته إلى وطنه تفاجأ بحال المسلمين الذين يسيحون في وطنه وكيف يعاقرون الخمر ويرتكبون الفواحش دون
{1653}
رادع من خلق أو وازع من دين! .. مما أزهده في الإسلام والمسلمين! .. يقول راوي القصة: ( .. وكنت مسافراً إلى بريطانيا، وقد حجزت مقعدي للعودة، فلما ذهبنا إلى المطار كانت قد فاتتنا الطائرة، فرجعنا إلى الفندق مهمومين مغمومين وبمجرد وصولنا قال لنا مسؤول الاستقبال: إن ناساً قد اتصلوا من المستشفى ويريدون أي شخص مسلم! .. يقول: فلما كلمنا مسؤول المستشفى قال: الآن تأتون؛ عندنا شخص يريد أن يسلم، فجئنا إلى رجل عمره خمس وأربعون سنة على فراش الموت، فقلنا: ما بك؟ فذكر أن له أكثر من عشرين سنة في حروب فيتنام فقرأ عن الإسلام وأحبه، ولما نظر إلى حال المسلمين قال: لن أسلمقال: والبارحة رأيت إنساناً على صفة النبي صلى الله عليه وسلم – لأنه قرأ عنه – فقال لي في النوم: شغلك النظر إلى الناس على أن تنجو بنفسك وتتبع ديني. فاستيقظ من النوم وهو يقول: أريد أن أسلم أريد أن أسلم. فشاء الله أن تتأخر طائرة هؤلاء فلقنوه الشهادة وعلموه مبادئ الإسلام وتوضأ وما مضت ساعات حتى فاضت روحه إلى الله، فغسَّلناه وكفنَّاه وصلينا عليه ودفنَّاه.
**على فراش الموت
لما احتضر العبد الصالح إبراهيم بن هاني دعا ابنه إسحاق، وكان إبراهيم صائماً ذلك اليوم فقال: هل غربت الشمس يا بني؟ قال: لا، ولكن أفطر يا أبي فإنه قد رُخص لك في الإفطار في المرض، وأنت الآن في التطوع، فقال إبراهيم: أمهل، فلما غربت الشمس تناول جرعة من الماء ثم ضحك وتبسم وقرأ: (لمثل هذا فليعمل العاملون) ثم مات
**أجاب نداء الله
عامر بن عبد الله رجل من الصالحين، كان مؤذناً في أحد المساجد، وكان منزله قريباً من المسجد الذي كان يؤذن فيه، فمرض ذات يوم مرضاً أقعده عن الصلاة أياماً، فجاء إليه أصحابه لزيارته فسمع المؤذن يؤذن فقال لأصحابه: خذوني إلى المسجد، فقالوا: لقد أعذرك الله، فقال: سبحان الله، أسمع النداء ولا أجيبه؟ فحملوه إلى المسجد فلما سجد كانت السجدة الأخيرة له ووقع فمات.
**يموت على ما شبّ عليه
عندما كان شاباً كان قلبه معلقاً بكتاب الله، وقد أكمل حفظه لكنه لما كبر ورق عظمه وأصبح شيخاً كبيراً فقد الذاكرة ونسي كل ما حوله، حتى أسماء أبنائه وبقي على هذه الحالة عشرين سنة، لكن العجيب في هذا الرجل أنه كان يقرأ القرآن كله ولا يخطئ في آية أو كلمة، وفي يوم من الأيام وفي وقت السحر قام الرجل وهو ينادي ابنه الأكبر باسمه، فرح الابن لأن أباه قد عادت إليه ذاكرته وقال له: نعم يا أبتي؟ قال له أبوه: هل ترى ما أرى؟قال الابن: وماذا ترى؟ قال: أرى رجلين عليهما ثياب بيض، وعمائم بيض، فقال الابن: فإني لا أرى شيئاً، فقال الأب: يا بني، فإني أودعك وأودع أهلك وأودع الدنيا، ثم رفع سبابته وشخص ببصره إلى السماء وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، ثم فاضت روحه.
**فنعم عقبى الدار
{1654}
عن محمد بن عبد الواحد وكان من الصالحين قال: ركبنا البحر فأصابتنا أهواله فألقتنا إلى جزيرة من جزائره، فخرجنا إليها فإذا رجل يعبد صنماً من دون الله فقلت له: من تعبد؟ فقال: هذا وأومأ بيده إلى الصنم، فقلنا له: ما هذا إله، هذا لا شيء، عندنا في المركب من يعمل مثله وخيراً منه، قال: وأنتم من تعبدون؟ قلنا: نعبد الله الملك الذي في السماء عرشه، وفي الأرض مشيئته، وفي البحر قدرته، وفي الموتى قضاؤه، وفي الأجنة في بطون أمهاتنا ينفذ حكمه، قال: وما علمكم بهذا الذي تقولون؟ قلنا: بعث إلينا رسولاً كريماً فأخبرنا بذلك، قال: وما فعل ذلك الرسول؟ قلنا: أدى الرسالة وأدى الأمانة ثم قبضه الله إليه، قال: فهل عندكم من علامة؟ قلنا له: ترك كتاب الملك، قال: فأقرؤوني كتاب هذا الملك، فأتيناه بالمصحف فقرأنا عليه منه فبكى، وقال ينبغي لصاحب هذا الكتاب ألا يعصى، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله – صاحب هذا الكتاب – وأشهد أن محمداً رسول الله – الذي جاء به -، فعلمناه شرائع الإسلام وسوراً من القرآن وحملناه معنا في المركب، فلما صلينا العشاء ذهبنا لننام فقال: يا قوم هذا الإله الذي دللتموني عليه أينام إذا جاء الليل؟ قلنا له: هو عظيم شأنه لا ينام، فقال: بئس العبيد أنتم إذ تنامون ومولاكم لا ينام، فأقبل على عبادته يصلي الليل والنهار، فجمعنا له دراهم وأعطيناه إياها فقال: ما هذا؟ قلنا تنفقها وتستعين بها على عبادة ربك، فقال: أنا كنت في جزيرة أعبد صنماً فلم يضيعني وأنا لا أعرفه ولا أعبده فكيف يضيعني اليوم وأنا أعرفه وأعبده؟.فلما كان بعد أيام جاءته سكرات الموت فرأيت في المنام روضة خضراء فيها قبة وفي القبة سرير عليه جارية لم ير أحسن منها وهي تقول: سألتك بالله إلا ما عجلت به إلي فقد اشتد شوقي إليه، فاستيقظت مرعوباً فإذا هو ميت فغسلناه وكفناه وواريناه التراب، فلما كنت في النوم رأيت تلك الروضة وهو إلى جوار تلك الجارية وهو يكرر هذه الآية: (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار).
**الموعد الجنة
إحدى الصالحات داهمها الموت على أحد الطرق السريعة في ظلام الليل، لم يرها أحد إلا الله، تمسكت بطريق نجاتها وحجابها، حتى أرادوا إنقاذها فأبت وقالت: ماذا أقول له لو سألني عن حجابي؟ ماذا أقول له لو سألني عن ديني وحيائي، كيف كشفتموه؟؟ إياكم أن تمسوا جسداً حرمه ربي إلا على من أحله الله، فغابت تلك المرأة عن الوعي حتى وصلت المستشفى ومن أنقذها قائم على رأسها، فأخبر زوجها بالخبر فجاء للقائها فوجدها مسجّاة على السرير وهو ينادي ويقول: أين الشريفة، أين الصالحة، أين العفيفة، أين القائمة؟ فنظرت إليه النظرة الأخيرة وقالت: إني أرى أناساً معهم ثياب بيضاء جاؤوا بها لي، فالموعد الجنة، وفاضت روحها إلى الله.
**كما يتمنى
لما نزل الموت بالعابد الزاهد عبد الله بن إدريس اشتد عليه الكرب، فلما أخذ يشهق بكت ابنته فقال لها: يا ابنتي لا تبكي عليّ فقد ختمت في هذا البيت أربعة آلاف ختمة كلها لأجل هذا المصرع.
{1655}
**داعية بعد الموت
في جمهورية راوندا الإفريقية شاء الله أن يولد مسلم جديد، كان حياً قبل ذلك، لكن بجسده فقط لأنه كان نصرانياً، أما روحه فلم تعرف الحياة إلا بعد أن أعلن إسلامه وذاق طعم الإيمان، ويعلم أهله بالخبر فيثورون عليه ويقيمون الدنيا ولا يقعدونها، ولا عجب في ذلك فقد امتلأت قلوبهم بالحقد وهم يسمعون في المدرسة أن العربي (المسلم) مرادف للشيطان، وفي المدرسة تلقنهم الكنيسة أن العرب قوم متوحشون يحرقون القرى ويقتلون الأبرياء ويسرقون النساء ويتركون الأرض وراءهم خراباً.
ويصل الخبر إلى شقيق هذا المسلم الجديد فيستشيط غضباً وينفجر وهو يرى أخاه يصلي واضعاً جبهته في الأرض لله تعالى، وتؤتي تلك التعاليم الفاسدة ثمارها الخبيثة في صورة ثورة عارمة تنتهي بقتل النصراني الحاقد لأخيه المسلم وهو ساجد، ولكن هل انتهت القصة؟ لا، لقد قبضت الشرطة على القاتل بينما بقيت جثة المسلم ثلاثة أيام في تلك الأجواء الحارة ولم تتغير، لتكون دليلاً محسوساً وشاهداً صامتاً على عظمة هذا الدين وطهارته، ويأتي عشرات النصارى ليروا جنازة المسلم الّتي تنتظر الإذن بالدفن من طبيب الشرطة، ويعلن العشرات منهم الإسلام بسبب هذه الخاتمة وهذا المشهد، ويستحق هذا المسلم الجديد لقب (داعية بعد الموت).
**المسلم الجديد
دخل شاب أمريكي من أصل إسباني أحد مساجد نيويورك بعد صلاة الفجر وقال لهم: أريد أن أدخل في الإسلام، قالوا: من أنت؟ قال: دلوني ولا تسألوني، فاغتسل ونطق بالشهادة وعلموه الصلاة فصلى بخشوع نادر تعجب منه رواد المسجد جميعاً، وفي اليوم الثالث خلا به أحد الإخوة وقال له: يا أخي بالله عليك ما حكايتك؟ فقال: نشأت نصرانياً وقد تعلق قلبي بالمسيح عليه السلام ولكنني نظرت في أحوال الناس فرأيت الناس قد انصرفوا عن أخلاق المسيح تماماً، فبحثت عن الأديان وقرأت عنها، فشرح الله صدري للإسلام، وقبل الليلة التي دخلت عليكم نمت فيها بعد تفكير عميق وتأمل في البحث عن الحق، فجاءني المسيح عليه السلام في الرؤيا وأنا نائم وأشار إليّ بسبابته هكذا يوجهني وقال: كن محمّدياً، يقول: فخرجت أبحث عن مسجد فأرشدني الله إلى هذا المسجد فدخلت عليكم.بعد هذا الحديث القصير أذّن المؤذن لصلاة العشاء ودخل هذا الشاب في الصلاة مع المصلين، وسجد في الركعة الأولى وقام الإمام بعدها ولم يقم أخونا بل ظل ساجداً لله، فحرّكه من بجواره فسقط ، ووجدوه قد مات.
**الأذان الخالد
رجل عاش أربعين سنة يؤذن للصلاة لا يبتغي إلا وجه الله، وقبل الموت مرض مرضاً شديداً فأقعده في الفراش وأفقده النطق، فعجز عن الذهاب إلى المسجد، فلما اشتد عليه المرض بكى ورأى المحيطون به على وجهه أمارات الضيق وكأنه يخاطب نفسه قائلاً: يا رب أؤذن لك أربعين سنة وأنت تعلم أني ما ابتغيت الأجر إلا منك، وأحرم من الأذان في آخر لحظات حياتي، ثم تتغير ملامح هذا الوجه إلى البشر والسرور ويقسم أبناؤه أنه لما حان وقت الأذان وقف على فراشه واتجه إلى القبلة
{1656}
ورفع الأذان في غرفته، وما إن وصل إلى آخر كلمات الأذان: لا إله إلا الله خر ساقطاً على الفراش، فأسرع إليه بنوه فوجدوه قد مات.
**لبيك وسعديك
لمح أحد الشيوخ شابين في العشرين من عمرهما في المطار مسافرين إلى بلد من البلاد العاهرة، استوقف الشيخ الشابين بعد أن ألقى عليهما التحية ووجه إليهما نصيحة مؤثرة وموعظة بليغة، وكان مما قاله لهما: ما ظنكما لو حدث خلل في الطائرة ولقيتما حتفكما وأنتما على هذه النية وقد عزمتما على مبارزة الجبار، فبأي وجه ستقابلان ربكما يوم القيامة؟ وذرفت عينا الشابين ورق قلبهما لموعظة الشيخ، وقاما فوراً بتمزيق تذاكر السفر وقالا: يا شيخ، لقد كذبنا على أهلنا وقلنا لهم: إننا ذاهبان إلى مكة، فكيف الخلاص؟ وماذا نقول لهم؟ وكان مع الشيخ أحد طلابه فقال: اذهبا مع أخيكما هذا وسوف يتولى إصلاح شأنكما.ومضى الشابان مع صاحبهما وقد عزما على أن يبيتا عنده أسبوعاً كاملاً ثم يعودا إلى أهلهما.وفي تلك الليلة وفي بيت ذلك الشاب ألقى أحد الدعاة كلمة مؤثرة زادت من حماسهما، وبعدها عزم الشابان على الذهاب إلى مكة لأداء العمرة، وفي الصباح انطلق الثلاثة صوب مكة وفي الطريق كانت النهاية، وفي الطريق كانت الخاتمة، ويا لها من خاتمة حسنة، فقد وقع لهم حادث مروع ذهبوا جميعاً ضحيته، ولفظوا أنفاسهم وهم يرددون: لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.
**يرى الحور
يقول الدكتور خالد الجبير: كنت مناوبا في أحد الأيام وتم استدعائي إلى الإسعاف، فإذا بشاب في السادسة عشرة أو السابعة عشرة من عمره يصارع الموت، الذين أتوا به يقولون انه كان يقرأ القرآن في المسجد ينتظر إقامة صلاة الفجر فلما أقيمت الصلاة رد المصحف إلى مكانه ونهض ليقف في الصف فإذا به يخر مغشيا عليه فأتينا به إلى هنا، تم الكشف عليه فإذا به مصاب بجلطة كبيرة في القلب، كنا نحاول إسعافه، وحالته خطيرة جدا، أوقفت طبيب الإسعاف عنده وذهبت لأحضر بعض الأشياء،عدت بعد دقائق فرأيت الشاب ممسكا بيد طبيب الإسعاف والطبيب واضع أذنه عند فم الشاب والشاب يهمس في أذن الطبيب، لحظات وأطلق الشاب يد الطبيب ثم أخذ يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله وأخذ يكررها حتى فارقت روحه الحياة، أخذ طبيب الإسعاف بالبكاء وتعجبنا من بكائه، إنها ليست أول مرة ترى فيها متوفى أو محتضرا فلم يجب وعندما هدأ سألناه ماذا كان يقول لك الشاب وما الذي يبكيك قال لما رآك يا دكتور خالد تأمر وتنهى وتذهب وتجيء عرف أنك الطبيب المسؤول عن حالته فناداني وقال لي قل لطبيب القلب هذا لا يتعب نفسه فوالله إني ميت ميت، والله إني لأرى الحور العين وأرى مكاني في الجنة الآن ثم أطلق يدي.
**الساجدة
{1657}
عجوز بلغت الثمانين من عمرها في مدينة الرياض، جلست مع النساء فوجدت أن وقتهن يضيع في المحرَّم وما لا فائدة فيه فاعتزلتهن في بيتها تذكر الله دائماً، ووضعت لها سجادة تقوم من الليل أكثره. في ليلة قام ولدها الوحيد البار بها عندما سمع نداءها؛ يقول: ذهبت إليها، فإذا هي على هيئة السجود تقول: يا بُنيَّ ، لا يتحرك فيَّ الآن سوى لساني .. قال: أأذهب بك إلى المستشفى؟قالت: لا، أقعدني هنا قال: والله لأذهبن بك، وكان حريصاً على برها تجمع الأطباء كل يدلي بدلوه ولا فعل لأحدهم مع قدر الله قالت لابنها: أسألك بالله أن تردني إلى بيتي وإلى سجادتي، فأخذها ووضَّأها وأعادها إلى سجادتها فأخذت تصلي قال: وقبل الفجر بوقت غير طويل نادتني تقول: يا بني أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه .. أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله .. ثم لفظت أنفاسها الأخيرة.فما كان منه إلا أن قام فغسلها وهي ساجدة، وكفنها وهي ساجدة، وحملوها إلى الصلاة ثم إلى القبر وهي ساجدة، ثم وسعوا القبر ودفنوها وهي ساجدة..اهـ منتديات شبوة
6ـ>> الاعتبار بالمنكوسين الاعتبار بماء آل إليه أمر الظالمين:قال تعالى:{ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار}وقال{وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا}.قال صاحب عدالة السماء محمود شيت اضطرتني ظروفي الصحية إلى الدخول إلى أحد المستشفيات ببيروت وكان من ضمن جيراني المرضى ضابط متقاعد لا ينام الليل كله ولا يترك من ينام}أمراضه التي ابتلى بها كثيرة .الضغط .والسكر .وتصلب الشرايين. وتسمم الدم. وتهري لحم الرجلين والجسم وكان يصحو نهارا حتي ليخيل إليك أنه معافى ولكنه يعذب ليلا حتى ليخيل إليك أنه لا يعيش ساعات الليل وكان في الليل يصرخ من الألم تارة ويصرخ طالبا أحد الممرضين أو الممرضات تارة أخرى وكان يستعمل سلاحين في صراخه :1ـ صوته 2ـ والجرس الكهربائي .فإذا جاء الممرض أو الممرضة لم يجدوا عنده مطلبا ولكن لا يكادون يصلون إلى مكانهم إلا و يستدعيهم ثانية وثالثة ورابعة وهكذا حتى تشرق الشمس وكان إذا خفت صوته يستعمل الجرس الكهربائي فيضعه في جيبه ضاغطا على زره بإلحاح شديد يده على زر الجرس حتى بعد قدوم الممرض وحين زرته حدثني بقصة قائلا:{كنت في شرطة الفرنسيين يوم كانوا في لبنان وكانت بيروت تخافني وكان الفرنسيون يعتمدون علي. كنت مخلصا لهم فإذا عجز الفرنسيون عن اكتشاف الجريمة أحضروا المتهم إلي فكنت أستخلص منه الاعترافات بالقوة كنت لاأرحم أحدا وكنت أمارس على المتهمين أربعة وثمانين نوعا من العذاب فكانوا يعترفون بما أريد وما يريده الفرنسيون ثم قال:{وما أعانيه اليوم عذاب من الله فقد سقت إلى المحاكم كثيرا من الأبرياء وعذبت كثيرا من الصالحين إرضاء لأسيادي الفرنسين}قال محمود :{مضى الفرنسيون إلى غير رجعة وبقي العقيد تلاحقه اللعنات حتى زوجته وأولاده وذوو قرباه لا يحبونه ويتمنون على الله أن يموت لأنه يعذبهم بصراخه كان يعذب ضحاياه في الليل ويعذبه الله اليوم في الليل أيضا وكانت أعضاء المعذبين تتساقط من تعذيبه واليوم تتساقط
{1658}
أعضاؤه عضوا عضوا أنظر يا أخي كيف عاقبة المجرمين:ولعذاب الآخرة أشد وأنكى فإن المتأمل في مثل هذا يهون عليه مراجعة ضميره ومحاسبة نفسه
7ـ الاعتباربموت الجبارين مثل قارون وأصحاب السبت وسبإ وغيرهم ممن نزل بهم بأس الله الذي لايرد عن الظالمين
وختاما رايت من الآكد أن أختم بهذه القصة التي عشت مراحلها وهي أن إحدي قريباتي كانت تردد على إحدى الخيرات تعلمها الدين مع بعض رفيقتها ومع الأسف دلت يوما بيت هذه المرأة ولم تجدها وإنما وجدت خادمتها فضاع خاتم ذهب لصاحبت المنزل فالصقت التهمة بهذه المرأة القريبة إلي وهي كانت بريئة حتى همت أن ترفع القضية إلى المحكمة فكان لطف الله أنتدخل بعض الإخوان ثم مرت اياما فوجدت الخاتم في بعض ملابسها فاعتذرت لقريبتي اعتذارا كبيرا لكن بعد مرور أكثر من عشر سنوات أصابها نفس البلاء ونفس التهمة بحيث أن إحدى أبنائها
احتيل عليه حيث أعطاه بعض اللصوص بطانية لبيعها له على ما زعم فألقى عليه رجال الأمن القبض وبيده البطانية فذاقت أمه مرارة هذه الفضيحة خاصة وهي موظفة بنفس المحكمة التي كان سيحال عليها فقلد صدق من قال الله حليم يمهل ولا يهمل،نساله سبحانه أن لايعاقبنا بما فرط منا في مقتبل أعمارنا والحمد لله كبيرا كثيرا .
لست ربوت