الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد حمدا يوالي نعمه ويكافئ مزيده وهو الولي الحميد ونصلي ونسلم على من بعثه الله بالحق بشيرا ونذيرا وسراجا منيرا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا وبعد موضوع اليوم : <<<الاعتبار والاتعاض بالتقلبات والمتغيرات >
الاعتبار في اللغة: مأخوذ من العبور وهو المجاوزة من شيء إلى شيء.وفي القرآن الكريم: الاعتبار هو الاتعاظ بقصص السابقين والحاضرين. والسعيد من اعتبر بغيره وانتقل من حال ذلك الغير إلى حال نفسه. قال تعالى:{ لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً وقالوا هذا إفك مبين}[النور12]
أما الحياة: فهي الثواني والدقائق والساعة والأيام والشهور والسنوات المعدودات فالحياة العمر. قال حكيم: من أمضى يوماً من عمره في غير حق قضاه أو فرض أداه، أو مجد ورثه، أو حمد حصله، أو خير أسسه، أو علم اقتبسه، فقد عق يومه، وظلم نفسه. قال تعالى:{ ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين}[الأعراف 24] { كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}[ الرحمن 26-27].
ويسرد علينا القرآن قصصا للاعتبار، والحياة كلها عبر فيقول سبحانه:{ إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين}[ آل عمران 140-142] ويقول: أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون}[ التوبة 126]{ ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريباُ من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد}[الرعد 31] ويقول:{ وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشاً فنقبوا في البلاد هل من محيص إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد{[ ق 36-37] فقوم نوح وهود وصالح وقوم إبراهيم وقوم لوط وقوم مدين وفرعون وهامان وقارون وقوم موسى وعيس وقريش قوم محمد - صلى الله عليه وسلم - وجبابرة الأمة وظلامها وأهل الضلال فيها على مر التاريخ صدق فيهم قوله عز وجل:{ فكلاً أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}[العنكبوت40] {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين}[الأنفال38]
أيها الناس إن هذه السنين الأخيرة ظهرفيها في بلاد المسلمين من الفواجع ما يعجز عن كتابته القلم. اختلاف حاد وافتراق مقيت وقتل مستباح وانحياز للجلاد ليقضي بيننا إذ استضعفنا وساء حالنا بينما هو الموقد لنار الفتنة بين أمة محمد والجاد في اشتعالها حتى يمعن بعضها بعضا في سفك الدماء وخراب العامر وإحراق المتسع وحتى يتمكن من استغلال خيراتها والهيمنة مرة أخرى على أرضها كما فعل سابقا وذالك كله نتيجة هفواتنا .روى مسلم عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا
2469
زُوِيَ لِي مِنْهَا وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ وَإِنَّ رَبِّي قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ وَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا أَوْ قَالَ مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا>
قال النووي\ ــ قَالَ الْعُلَمَاء : الْمُرَاد بِالْكَنْزَيْنِ الذَّهَب وَالْفِضَّة ، وَالْمُرَاد كَنْزَيْ كِسْرَى وَقَيْصَر مَلِكَيْ الْعِرَاق وَالشَّام . فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ مُلْك هَذِهِ الْأُمَّة يَكُون مُعْظَم اِمْتِدَاده فِي جِهَتَيْ الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب ، وَهَكَذَا وَقَعَ . وَأَمَّا فِي جِهَتَيْ الْجَنُوب وَالشِّمَال فَقَلِيل بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب ، وَصَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَى رَسُوله الصَّادِق الَّذِي لَا يَنْطِق عَنْ الْهَوَى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْي يُوحَى .قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَيَسْتَبِيح بَيْضَتهمْ )أَيْ جَمَاعَتهمْ وَأَصْلهمْ ، وَالْبَيْضَة أَيْضًا الْعِزّ وَالْمُلْك
إن الشطر الأخير من الحديث قد تحقق مضمونه فهلاك بعض من الأمة كان بيد من يشهد لرسول الله بالبلاغ وتدمير قدرات الأمة كان من بني جلدتها ممن ارادوا إرضاء أسيادهم ليس إلا وبلوغ المكانة القصوى في قلوبهم حتى إن إصبعه على الزناد لم تصب إلا الدم المسلم والبلد المسلم وقد ذكرنا مصابنا اليوم بمصابنا قديما في الأندلس الذي أعطى فيه بعضهم الولاء للعدو فكان ذالك سبب محو هذا البلد من خريطة الدول الإسلامية على الآن وقد أرق هذا المشهد أبا البقاء الرندي حيث نراه يرثي الأمة بقصيدته الحزينة يقول في بعضها
فجائع الدهر أنواع منوعة ++وللزمان مسرات وأحـــــــــــــــــــــــــزان
وللحوادث سلوان يسهلها ++وما لما حل بالإسلام سلـــــــــــــــــــــوان
دهى الجزيرة أمر لا عزاء له++ هوى له أحد وانهد ثهـــــــــــــــــــلان
فاسأل بلنسية ما شأن مرسية++ وأين شاطبة أم أين جيــــــــــــــــــان
وأين قرطبة دار العلوم، فكم++ من عالم قد سما فيها له شـــــــــــــان
وأين حمص وما تحويه من نزه++ ونهرها العذب فياض ومـــــــــلآن
قواعد كن أركان البلاد فما عسى++ البقاء إذا لم تبق أركــــــــــــــــان
على ديار من الإسلام خالية++ قد أقفرت ولها بالكفر عمـــــــــــــران
وقد عبر في مصاب الأمة من قبل في حوادث التتر ابن الأثيرإذ تعرض الإ سلام للغزو الصليبي النصراني الغربي كماتعرض للغزو الشرقي على أيدي التتر الوثنين فسقطت بلاد المسلمين في أيديهم بلدا تلوآخر زحفوا على عاصمة الخلافة العباسية بغداد دار الإسلام فسقطت فوضع فيهم السيف حتى أجروا من دمائهم سيولا وأنهارا وأقاموا من رؤوسهم صروحا وتلالا وفعلوا بهم الأفاعل فتمكن من قلوب المسلمين الوهن والجبن حتى أصبحوا لا يصدقون بهزيمة المغول قال ابن الأثير :<من حدثك أن التتر انهزموا فلا تصدقه قال:<ووقع رعبهم في قلوب الناس حتى كان أحدهم إذا لقي جماعة ليقتلهم واحداواحدا ودخلت امرأة من التتر دارا وقتلت جماعة من أهلها وهم يظنونها رجلا ودخل منهم دربا فيه مائة رجل فما زال يقتلهم واحدا وحدا حتى
2470
أفناهم ولم يمد أحدهم يده إليه بسوء ووضعت الذلة على الناس فلا يدفعون عن أنفسهم قليلا ولا كثيرا نعوذ بالله من الخذلان :وحكي أن أحدهم أخذ رجلا ولم يجد ما يقتله به فقال له:ضع رأسك على هذا الحجر ولا تبرح فوضع رأسه وبقي إلى أن أتى التتري بسيف وقتله قال ابن الأثير وأمثال ذلك كثير وقبل أن يسرد وقائع هذه النازلة قال:<لقد بقيت عدة سنين معرضا عن ذكر هذه الحادثة استعظاما لها كارها لذكرها فإني أقدم رجلا وأؤخر أخرى فمن الذي يسهل عليه أن يكتب في الإسلام والمسلمين ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك ليت أمي لم تلدني وليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا فلو قال قائل إن أهل العلم منذ خلق الله آدام إلى الآن لم يبتلوا بمثلها لكان صادقا فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها >اهـ...وبعد هذه الجولة السريعة في سردبعض الأحداث فلنأخذ منها العبرة حسبما دعانا إليه القرآن كما سيأتي ولنتأمل العبر التالية :
أولا> دعوة القرآن إلى أخذ العبرة من التحولات قال تعالى:< فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ>....قال الزحيلي في المنير : سبب النزول:نزول الآية (1) سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ:> أخرج البخاري عن ابن عباس قال: سورة الأنفال نزلت في بدر، وسورة الحشر نزلت في بني النضير.وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة قالت: كانت غزوة بني النضير، وهم طائفة من اليهود على رأس ستة أشهر من وقعة بدر، وكان منزلهم ونخلهم في ناحية المدينة، فحاصرهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى نزلوا على الجلاء، وعلى أن لهم ما أقلّت الإبل من الأمتعة والأموال إلا الحلقة وهي السلاح، فأنزل اللّه فيهم: <سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ...>
وقال الدكتور. عبدالكريم بكارفي منتدى " صيد الفوائد :
"هذه آية جليلة الشأن في الكتاب العزيز سرت مسرى المثل ، وذاعت على الألسنة والأقلام ؛ لأنها تعني وجوب الاستفادة من تراكم الخبرات البشرية ، وأخذ العظة والعبرة من أحوال الأمم السابقة ، والمعاصرة ، وتوفيراً للجهد ، واختصاراً للطريق ، وفراراً من عذاب الله تعالى ...
وقد قص الله تعالى علينا في سورة الحشر قصة جلاء بني النضير من المدينة إلى خيبر والشام مبيناً وقوع ما ليس في الحسبان ، فقال تباركت أسماؤه : { هُوَ الَذِي أَخْرَجَ الَذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وأَيْدِي المُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُوْلِي الأَبْصَارِ } [الحشر : 2] .
لقد كان خروج بني النضير في تلك الصورة المهينة الذليلة حدثاً بعيداً عن أذهان بني النضير وأذهان المسلمين لأن الأسباب المادية التي أخذ بها القوم كانت على درجة من الإتقان والإحكام تحول دون تصور ما وقع ..
2471
ولكن العزيز الجبار الذي لا رادَّ لأمره ، ولا معقب لحكمه أتاهم من حيث لم يحتسبوا أتاهم من الداخل ، فألقى في قلوبهم الرعب ، فخارت عزائمهم ، وأدركوا أن قوتهم ما عادت تغني عنهم شيئاً .
وما أشبه الليلة بالبارحة ! ! فهذه هي النظرية الشيوعية تنهار اليوم في أسرع مما كان يدور في خلد البشر
ثانيا وجوب أخذ العبرة من الأمور التالية :
1>>ـ جلاء بنو النضير ..حين قدم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم) المدينة، صالحه بنو النضير، على ألا يكونوا عليه ولا له. فلما هزم المسلمون يوم أحد ارتابوا ونكثوا، فخرج كعب بن الأشرف في أربعين راكبا إلى مكة، فحالف أبا سفيان عند الكعبة، فأمر صلّى اللّه عليه وسلّم محمد بن مسلمة الأنصاري فقتل كعبا غيلة، ثم خرج النبي (صلّى اللّه عليه وسلّم) مع الجيش إليهم، فحاصرهم إحدى وعشرين ليلة، وأقر بقطع نخيلهم، فلما قذف اللّه الرعب في قلوبهم، طلبوا الصلح، فأبى عليهم إلا الجلاء، على أن يحمل كل ثلاثة بيوت على بعير ما شاؤوا من متاعهم، ما عدا السلاح فجلوا إلى أذرعات وأريحاء من أرض الشام. وهذا الجلاء هو أول حشرهم. وأوسط حشرهم إجلاء عمر رضي اللّه عنه لهم من خيبر إلى الشام وآخر حشرهم يوم القيامة.اهـ الجدول.
2>ـ بكاء أبي الدرداء من حال أهل قبرص وما صار إليه أمرهم . ففي مسند الإمام أحمد عن جبير بن نفيير قال:
((لما فتحت قبرص فرق بين أهلها فبكى بعضهم إلى بعض فرأيت أبا الدرداء جالسا وحده يبكي فقلت:يا أبا الدرداء ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله فقال:ويحك يا جبير ما أهون الخلق على الله عز وجل إذا أضاعوا أمره بينما هي أمة شاهرة ظاهرة لهم الملك تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى))
إن أخذ العبرة من التقلبات والأحداث دليل على حياة القلب ونضجه مصادقا لقول الله:((إن في ذلك لعبرة لأولي الألباب))ومن هنا كان السلف من أكثر الناس حساسية بالتغيرات حتى قال بعضهم< إنى لأعرف شؤم المعصية في خلقي زوجتي ودابتي > وقد جاء عن عمر أنه أقسم أن لا يساكن أهل المدينة إن هي عادت الزلزلة التي أصبتهم وهذا رسولنا الكريم كان يتفاعل مع الكون حتى كان يدخل ويخرج في اليوم الغائم يخشى أن يكون فيه عذاب فلا يطمئن حتى ينجلي الغيم عن السماء وقد اعتزل الصحابي الكريم أبو الدرداء يبكي يوم فتح الله على المسلمين بلاد الروم فقيل ألا تضحك في هذا اليوم الذي نصر الله فيه الإسلام والمسلمين فقال إني أبكي من حال هؤلاء وكيف تغير حالهم من عز إلى ذل ومن منعة وغلبة إلى شتات وأخشى أن يتغير حال المسلمين فيصيبهم ما أصاب هؤلاء لكن المسلمين اليوم ماتت والعياذ بالله أحساسيهم رغم ما ينزل بهم من ضربات موجعة ويحل بهم من بلاء من سياسات معكوسة وأمور ملتبسة وحروب طاحنة وهيمنة ظالمة وذل مقيت من أذل الناس عند الله كانت بلادهم بالأمس محتلة عسكريا وهاهي اليوم محتلة سياسيا ليس لهم رأي
2472
يذكر ولا كلمة تسمع يستنجدون بعدو لدود حكم وجلاد مكبلة أياديهم بالقيودات الخارجية.
3>ـ سقوط الأندلس وتحويل مساجدها إلى كنائس . ولقد ضاعت الأندلس من المسلمين بسبب ذنوبهم فبيعث ملوكهم في أسواق الرقيق وهم يبكون وينوحون كما قال الشاعر أبو البقاء الرندي: الذي عاش سقوط الأندلس في أيدي الاسبان وحزن لذلك حزنا شديدا تجلى ذلك في شعره حيث قال:
على ديار من الإسلام خالية******قد أقفرت ولها بالكفر عمران
حيث المساجد قد صارت كنائس ما *****فيهن إلا نواقس وصلبان
حتى المحاريب تبكي وهي جامدة*****حتى المنابر ترثى وهي عيدان
يا من لذلة قوم بعد عزتهم ***** أحال حالهم جور وطغيان
ولو رأيت بكاهم عند بيعهم**** لهالك الأمر واستهوتك أحزان
لمثل هذا يذوب القلب من كمد ****إن كان في القلب إسلام وإيمان
وتقول أم أحد ملوك الأندلس وهو أبو عبد الله آخر ملوك الطوائف تخاطب صاحب الملك المضاع
إبك مثل النساء ملكا مضاعا ******لم تحافظ عليه مثل الرجال
فائدة\\>> \<<نونية أبي البقاء صالح بن شريف الرندي رحمه الله تعالىالحزينة على ضياع الأندلس الفردوس المفقود هي كالتالي
:هو صالح بن أبي الحسن يزيد بن صالح بن موسى بن أبي القاسم ابن علي بن شريف يكنى بأبي الطيب وأبي البقاء؛ كان فقيهاً حافظاً متفنناً في النثر والنظم؛ وله مقامات ومختصر في الفرائض وكتاب اسمه الوافي (أو الكافي) في نظم القوافي (منه عدة مخطوطات، إحداها بالرباط رقم ك: 1730) انظر ترجمته في الذيل والتكملة 4: 137 ومسالك الأبصار 11: 480 والإحاطة (المخطوطة المغربية: 179 ونسخة الإسكوريال رقم: 1683 ومجلة معهد الدراسات الإسلامية 6: 211).
لكل شيء إذا ما تم نقصان ++فلا يغر بطيب العيش إنســـــــــــــــــــــان
هي الأمور كما شاهدتها دول++ من سره زمن ساءته أزمــــــــــــــــان
وهذه الدار لا تبقي على أحد ولا++ يدوم على حال لها شـــــــــــــــــــان
يمزق الدهر حتماً كل سابغة ++إذا نبت مشرفيات وخرصــــــــــــــــــان
وينتضي كل سيف للفناء ولو كان++ ابن ذي يزن والغمد غمـــــــــــدان
أين الملوك ذوو التيجان من يمن++ وأين منهم أكاليل وتيجـــــــــــــــان
وأين ما شاده شداد في إرم++ وأين ما ساسه في الفرس ساســـــــــــان
وأين ما حازه قارون من ذهب++ وأين عاد وشداد وقحطـــــــــــــــــــان
أتى على الكل أمر لا مرد له ++حتى قضوا فكأن القوم ما كانــــــــــــــوا
وصار ما كان من ملك ومن ملك ++كما حكى عن خيال الطيف وسنـــان
دار الزمان على دارا وقاتله ++وأم كسرى فما آواه إيــــــــــــــــــــــوان
كأنما الصعب لم يسهل له سبب++ يوماً ولا ملك الدنيا سليمـــــــــــــــان
فجائع الدهر أنواع منوعة ++وللزمان مسرات وأحـــــــــــــــــــــــــزان
2473
وللحوادث سلوان يسهلها ++وما لما حل بالإسلام سلـــــــــــــــــــــوان
دهى الجزيرة أمر لا عزاء له++ هوى له أحد وانهد ثهـــــــــــــــــــلان
أصابها العين في الإسلام فامتحنت ++حتى خلت منه أقطار وبلـــــــدان
فاسأل بلنسية ما شأن مرسية++ وأين شاطبة أم أين جيــــــــــــــــــان
وأين قرطبة دار العلوم، فكم++ من عالم قد سما فيها له شـــــــــــــان
وأين حمص وما تحويه من نزه++ ونهرها العذب فياض ومـــــــــلآن
قواعد كن أركان البلاد فما عسى++ البقاء إذا لم تبق أركــــــــــــــــان
تبكي الحنيفية البيضاء من أسف++ كما بكى لفراق الإلف هيمـــــــان
على ديار من الإسلام خالية++ قد أقفرت ولها بالكفر عمـــــــــــــران
حيث المساجد قد صارت كنائس++ ما فيهن إلا نواقيس وصلبــــــان
حتى المحاريب تبكي وهي جامدة ++حتى المنابر ترثي وهي عيدان
يا غافلاً وله في الدهر موعظة ++إن كنت في سنة فالدهر يقظـــــان
وماشياً مرحاً يلهيه موطنه++ أبعد حمص تغر المرء أوطـــــــــان
تلك المصيبة أنست ما تقدمها ++وما لها مع طول الدهر نسيــــان
يا راكبين عتاق الخيل ضامرة++ كأنها في مجال السبق عقبـــــان
وحاملين سيوف الهند مرهفة++ كأنها في ظلام النقع نيــــــــــران
وراتعين وراء البحر في دعة++ لهم بأوطانهم عز وسلطــــــــــان
أعندكم نبأ من أهل أندلس++ فقد سرى بحديث القوم ركبـــــــــــان
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم++ قتلى وأسرى فما يهتز إنسان
ماذا التقاطع في الإسلام بينكم++ وأنتم يا عباد الله إخــــــــــــوان
ألا نفوس أبيات لها همم++ أما على الخير أنصار وأعـــــوان
يا من لذلة قوم بعد عزهم++ أحال حالهم كفر وطغيــــــــــــــــان
بالأمس كانوا ملوكاً في منازلهم++ واليوم هم في بلاد الكفر عبدان
فلو تراهم حيارى لا دليل لهم ++عليهم من ثياب الذل ألـــــــــــوان
ولو رأيت بكاهم عند بيعهم++ لهالك الأمر واستهوتك أحــــــــــزان
يا رب أم وطفل حيل بينهما++ كما تفرق أرواح وأبـــــــــــــــــــدان
وطفلة مثل حسن الشمس إذ طلعت++ كأنما هي ياقوت ومرجـــــان
يقودها العلج للمكروه مكرهة++ والعين باكية والقلب حيـــــــــــران
لمثل هذا يذوب القلب من كمد++ إن كان في القلب إسلام وإيمــــــان
انتهت القصيدة الفريدة، ويوجد بأيدي الناس زيادات فيها ذكر غرناطة وبسطة وغيرهما مما أخذ من البلاد بعد موت صالح بن شريف، وما اعتمدته منها نقلته من خط من يوثق به على ما كتبته، ومن له أدنى ذوق علم أن ما يزيدون فيها من الأبيات ليست تقاربها في البلاغة، وغالب ظني أن تلك الزيادة لما أخذت غرناطة وجميع بلاد الأندلس إذ كان أهلها يستنهضون همم الملوك بالمشرق والمغرب، فكأن بعضهم لما أعجبته قصيدة صالح بن شريف زاد فيها تلك الزيادات، وقد بينت ذلك في " أزهار الرياض " فليراجع.
2474
ويشبه هذه قول الشاعر في ضياع فلسطين وهو :
يا أخت أندلس صبرا وتضحية***** وطول صبر على الأرزاء والنوب
ذهبت في لجة الأيام ضائعة***** ضياع أندلس من قبل في الحقب
وطوحت ببنيك الصيد نازلة **** بمثلها أمة الإسلام لم تصـــــــب
إن نكبة الأندلس من أسباب العطب فيها اختلاف الكلمة فقد كانت سببا لإقامة أربع خلافات في بلد صغير مما حدا بالحافظ الفقيه أبي محمد بن حزم بالاستنكار عليهم إذ عاش تفكك الخلافة الأندلسية وكان مع الأسف بجانب ملوك الطوائف فقهاء يبررون لهم ظلمهم مما سهل المأمورية على العدو لذا قال الشاعر:
ومما يؤسفني في أنـــــــــدلس * * أسماء معتمد فيها ومعتـــــــضد *
ألقاب مملكة في غيرموضعها* ** كالهريحكي انتفاخا صورةالأسد*
أقول : الترف سبيل إلي إحباط الشعوب، وليس وسيلة حية في إحيائها، بل هو من النكبات في حياة الأمة، يقول سبحانه: { وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً } [الاسراء:16].
كان آخر سلاطين بلاد الأندلس ، وهو من آل الأحمر، فلما مات هذا السلطان أتى ابنه وكان مدلالاً، يعيش مع الموسيقى الإيطالية الحالمة إلى الساعة الثانية ليلاً، وكأس الخمر سهل عنده، كالوتر ولعب البلوت والكيرم، وكانت أمه عصامية تنصحه قالت: يضيع سلطانك بهذه الطريقة، فرفض، وفي لحظة من اللحظات اكتسحه الأسبان فأخذ يبكي عند الباب، فتقول أمه:
ابك مثل النساء ملكا لم تحافظ عليه مثل الرجال. وهذا نتيجة الترف والضياع الذي تعيشه الأمة، ترف في البيوت، وترف في كثرة المباحات، وترف في تجاوز حدود الله عز وجل، حتى وهنت الأمة وأصبحت لا تستطيع أن تجاهد، ولا أن تدافع عن نفسها، وقارن بين الشعوب التي أصيبت، ما هو موقفها من الأحداث؟ مثل بعض الشعوب لما أصيبت لم نر منها جهاداً وما رأينا وقوفاً صامداً.
4>ـ سقوط فلسطين واحتلالها من طرف اليهود الغاصبين \ ولقد حدث لمسلمي فلسطين ما يشبه ما حدث لأهل الأندلس من تسلط اليهود عليهم والتنكيل بهم وطردهم من ديارهم وتحويل مساجدهم إلى مراقص ليلية ومستشفيات للمعذورين فكل مرة قصف وقتل واعتقال وكل ذلك يقع لإخوانهم والأمة عاجزة عن انقادهم بل تراقب أمن اليهود وتتعاون معهم بل ما تزال بيوتهم تهدم كل أما مذبحة صبرا وشاتيل ومذبحة جنين فيعجز القلم عن كتابتها ولهذاشبه الشاعر فلسطين بالأندلس حيث قال:
يا أخت أندلس صبرا وتضحية***** وطول صبر على الأرزاء والنوب
ذهبت في لجة الأيام ضائعة***** ضياع أندلس من قبل في الحقب
وطوحت ببنيك الصيد نازلة **** بمثلها أمة الإسلام لم تصب
كما ضاعت (الفلبين) فتحولت إلى دولة كافرة وكذلك (سنغفورة) كانت مسلمة كما كانت الأندلس فضاعت كما ضاعت {تيمور الشرقية}بإندونيسيا فتحولت إلى نصرانية وها هي السودان يحاك لها في الجنوب كما يحاك للمغرب في الصحراء الغربية كما ضاعت (سويسرا)فقد حكمهما المسلمون ثلاثون عاما ثم تخلوا عنها
2475
5>ـ عبرة من قصة المعتمد ويوسف بن تاشفين\
اشترك القائدان المعتمد ، وزعيم المرابطين يوسف بن تاشفين في معركة الزلاقة وانتصرا معا على عساكر الفرنجة ، وكان المعتمد هو الذي ذهب إلى ابن تاشفين في مراكش مستنجدا ، فلما قيل له إن قد يزيل ملكك قال عبارته التاريخية المشهورة : لأن أرعى الإبل عند يوسف خير من أن أرعى الخنازير عند ألفونسو .
والمشكلة مع ابن تاشفين أنه لم يترك حتى حق التمتع برعي الإبل ، فبعد أن أزال ملكه وخلعه عن أشبيليا وقرطبة أرسله أسيرا إلى أغمات وتركه يرزح في القيود بقية حياته .قال قصيدة العيد التي أنشدها كسير الفؤاد بعد أن رأى ماأصاب بناته من ذل وفقر بعد عز وسؤدد :
فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا++ فساءك العيد في أغمات مأسورا
ترى بناتك في الأطمار جائعة++ يغزلن للناس لا يملكن قطميرا
يطأن في الطين والأقدام حافية ++كأنها لم تطأ يوما مسكا وكافورا
أقول : ابن عباد كان عنده سبعمائة جارية في القصر، وكان إذا أراد بناته أن يخرجن من القصر إلى القصر فرش لهن الكافور والطيب، ومشين على الكافور والمسك إلى القصر الثاني، ولما أتى الترف اكتسحه ابن تاشفين ، و ابن تاشفين مسلم، فماذا كان حاله؟ سجن هو، وأتت بناته يزرنه حافيات ليس عليهن إلا ثياب ممزقة، فلم يجدن حتى الحجاب، فلما رأى بناته، كاد ينصدع قلبه، فبكى بكاءً مريراً، وأنشد قصيدة حارة ساخنة يقول:
فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا فساءك العيد في أغمات مأسورا
وقال سلمان العودة\
وظل المعتمد بن عباد ردحاً من الزمن يحكم قرطبة، ويتمتع بما فيها من الترف، حتى إنهم يقولون: إنه بلغ من ترف المعتمد بن عباد ؛ أنه كان عنده جارية جميلة كان يحبها وكان اسمها اعتماد ، وفي يوم من الأيام هذه الجارية أطلت من إحدى نوافذ القصر، فشاهدت بعض النساء البدويات يحملن على ظهورهن القرب، قرب السمن وغيره يبعنه في الأسواق، وقد هطل المطر من السماء، وأصبحت الأرض فيها من الوحل والطين، فكان هؤلاء النساء البدويات يطأن في الوحل والطين، وعلى ظهورهن القرب، فأعجب هذا المنظر هذه الجارية، وقالت للأمير: أريد أن أفعل مع بناتي ومع الجواري مثلما تفعل هؤلاء النساء، فقال الأمير: الأمر هين، وأمر بالكافور والمسك وماء الورد فخلط بعضه ببعض، حتى صار مثل الطين في أرض القصر، ولكن ليس من الطين والمطر والوحل، وإنما هو من المسك والكافور والورد، هكذا يكون الترف، ثم جاء بقرب وحزمها بالإبريسم أي بالحرير، ثم حملتها هذه الجارية ومن معها على ظهورهن، وبدأن يطأن في هذا الطين، أو بالأصح في هذا الورد والكافور والمسك، وتم لهن ما أردن، إلى هذا الحد بلغ ترف المعتمد بن عباد ، ولكن تلك الدعوة التي أطلقها ابن جهور لا تزال محفوظة، دعوة المظلوم لا تزال محفوظة، والإنسان إذا دعا الله عز وجل وهو موقن، يجبه الله عز وجل إذا كان مظلوماً.وإني لأدعو الله حتى كأنما أرى بجميل الظن ما الله صانع ولذلك فإن ملك
2476
النصارى هدد المعتمد بن عباد ، وطلب منه مع دفع الجزية أن يتخلى عن بعض الحصون والقصور، فرفض ووجد نفسه مضطراً أن يستنجد بحاكم من الحكام المرابطين وهو يوسف بن تاشفين فأرسل إليه يستنجده، فجاء يوسف بن تاشفين ودخل قرطبة، وخاض معركة ضد النصارى تسمى موقعة الزلاقة، وانتصر على النصارى وطردهم، ولكنه بعد أن انتصر عليهم، تقلبت الأمور حتى وجد يوسف بن تاشفين نفسه مضطراً إلى السيطرة على قرطبة، وقبض على المعتمد بن عباد وأولاده، فقتل بعضهم على مرأى من أبيهم ومسمع، وأودع المعتمد بن عباد السجن، في مدينة في المغرب يقال لها مدينة أغمات، حتى جلس فيها عشر سنوات مسجوناً، ثم انتهت هذه السنوات العشر بموته.
وكان هذا الرجل في المغرب في أغمات مشرداً من كل شيء، القيود في يديه ورجليه، ويرى بناته اللاتي كن بالأمس يطأن بالمسك والكافور، يطأن في الطين والوحل اليوم، وهن يغزلن للناس -يشتغلن بالغزل- من أجل دراهم بسيطة لا يملكن شيئاً، وينظرن نظرة الحياء والاستحياء والخجل، فبكى بكاءً مراً ثم قال: يخاطب نفسه في إحدى المناسبات، وقد فرح الناس واستبشروا بالعيد، قال يخاطب نفسه:
فيما مضى كنت بالأعياد مسروراً ++ فساءك العيد في أغمات مأسورا
ترى بناتك في الأطمار جائعةً++ يغزلن للناس ما يملكن قطميرا
برزن نحوك للتسليم خاشعة++ أبصارهن حسيرات مكاسيرا
يطأن في الطين والأقدام حافية ++ كأنها لم تطأ مسكاً وكافورا
من بات بعدك في ملك يسربه ++ فإنما بات بالأحلام مغرورا
إنها نهايات يأسى لها القلب الذي يعي سنن الله في المترفين
6>ـ الاعتبار بحال المسلمين اليوم وما آلت إليه أحوالهم \\لقد تغير الحال وأصيب المسلمون بنكسات وأصبحوا كما تنبأ لذالك الحبيب بقوله :< روى البخاريعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ>..كما أنهم اليوم افترقوا إلى جزءيات نتيجة معاصيهم التي جاهروا بها ((عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تفرقت بنو إسرائيل على ثنتين وسبعين فرقة وستفترق هذه الأمة على ما تفرقت عليه بنو إسرائيل تزيد فرقة كلها في النار إلا السواد فقلنا : يا أبا أمامة أو ليس في السواد ما يكفيه ؟ قال : والله إنا لننكر ما تعملون } المعجم الكبير . وقال تعالى:((قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو ممن تحت أرجلكم أويلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض))وعلق قطب رحمه الله بقوله ((وهي صورة من العذاب المقيم الطويل الذي يذوقونه بأيديهم يجعلهم شيعا وأحزابا متداخلة لا يتميز بعضها عن بعض ولا يفاصل بعضها بعضا فهي أبدا في جدال وصراع وفي خصومة ونزاع وفي بلاء يصبه هذا الفريق على ذلك لقد عرفت البشرية هذا اللون من العذاب عندما انحرفت عن منهج الله وتركت لأهواء البشر تصريف الحياة
2477
إن من أنكى العقوبات التي تنزل بالمجتمعات التي تهمل الأمر بالمعروف أن يتحول ذلك المجتمع إلى فرق وشيع تتنازعها الأهواء فيقع الاختلاف والتناحر مصادقا لقول المولى((أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض))وذلك التناحر يجعل المجتمع عرضة للانهياروالانهزام أمام العدو .
ولا يحمى المجتمع من التفرق والاختلاف إلا شريعة الله لأنها تجمع الناس وتحكم الأهواء والمتأمل في حال عدد من البلاد العربية الإسلامية يجد أن من أهم أسباب التفرق فيها هي أنهم أهملوا الأمر بالمعروف فترتب على ذلك شيوع الفساد وظهوره وسيطرته بشتى أنواعه وصورهما بين عري وسكر وحفل غنائي وسهرة راقصة وعرض مسرحي .
يرثي الشيخ العوضي الأمة في خطبته بقوله : <حسرات على أحوال المسلمين اليوم >:\سائلوا التاريخ عنا كيف كنا نحن أسسنا بناءً أحمديا
واليوم:اسألوا التاريخ عنا كيف صرنا نحن أصبحنا مثالاً تبعيا
سامنا الأعداء ذلاً ومهاناً++ نال ذاك الشيخ منا والصبيا
أيكون المثل اليوم لينين++ و شارون و ريغان الشقيا
أنسيتم الصديق و الفاروق++ و ذا النورين والصحب الرضيا
خاب من يستبدل الخير بشر++ يا من أنادي يا أخيا
يوم نقلب صفحات الماضي المجيد، ويوم نتدبر القرآن الكريم يوم يقول: { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } [آل عمران:110] يوم نقلب ونتدبر ونتأمل؛ نأسى ونتحسر، نتحسر ونحن ننظر إلى واقعنا مع نظرنا لماضينا.
نتحسر يوم نجد البون شاسعاً والفرق هائلاً، نتحسر يوم كانت هذه الأمة تهابها فارس والروم، ثم أصبحت غثاءً كغثاء السيل.نتحسر يوم كنا سادةً قادةً، ثم أصبحنا غوغاء أتباعاً.نتحسر يوم صار عددنا ألف مليون مسلم، ثم لا قيمة لهم، ولا وزن، دماء الكلاب أغلى من دمائهم هذه الأيام..نتحسر يوم نسمع بين الناس أخبار السافلين تملؤ الساحات ولا نسمع شيئاً عن أخبار المسلمين...نتحسر يوم يقذف بالمئات كل يوم في ساحات الوغى من المسلمين، والأعداء بنا يتربصون ونحن ساهون لاعبون لاهون.
نتحسر يوم يرفع الناس أبطالاً على ساحات الوغى الخضر يلعبون ويقتلون أوقاتهم ويضيعون شبابهم وزهرة أعمارهم، ونتحسر اليوم أن الأبطال الحقيقيين في ساحات الوغى الحمر لا أحد يعلم عنهم، أو يقيم لهم وزناً، جراحٌ على صلبين كل يوم جديد يُنكأ الجرح الذي نكاد ننساه فيجمع من جديد، تلك جراحات الإسلام المحارب في كل أصقاع المعمورة، يتجمع عليه الكفر وأهله، يحاربون الإسلام وأهله { وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ } [البروج:8]..نتحسر يوم تجد الحيوانات من يناصرها ويؤيدها وينشئ لها الجمعيات التي ترفق بها والمسلمون لا يجدون من يعزيهم في شهدائهم في كل مكان ومآسيهم وجراحاتهم في كل زمان ومكان، بالمئات يموتون يومياً تهراق دماؤهم وتملأ السدود والأنهار، لم تبق بقعةٌ إلا ارتوت بدمائهم، نتحسر ونقول: هل سأل عنها أحد؟ هل قبض على جرحها أحد فداواه؟ هل على الأقل بكينا لأجلها، ولأجل ما يحل بها؟ نتحسر يوم تكون دماء شهدائنا رخيصةً في كل مكان لا
2478
لشيء إلا لأنهم ليسوا بفنانين ولا أصحاب قوميات ولا وطنيات، وطنهم لا إله إلا الله، وفنهم سبحان الله، وغناؤهم الله أكبر.
نتحسر يوم يرقد مليار مسلم لا يسمعون أنةً ولا صدىً لوقوع الأجساد على تراب فلسطين و أفغانستان ، لم يرحم أحد أشلاءهم الممزقة، ولم يرحم أحد أطفالهم الرضع وشيوخهم الركع، لم يرحم أحد ثكالاهم اللائي ما فارقت الدموع مآقيهن، لكن يرحمهم أرحم الراحمين.
لمثل هذا يذوب القلب من كمدٍ إن كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ.
اهـ
والحاصل \ ألا نأخذ العبرة اليوم من حال إخواننا في ليبيا والحرب القائمة فيما بينهم ومن تشريد الشعب السوري وتدمير بنيانه ومن تحول العراق إلى ملشيات تقتل بلا رحمة ومن حال إخواننا في مصر حيث تحول البلاد إلى طوائف وأصبح معظم الناس في الزنازن ألا نكثر من الشكر له والحمد في هذا البلد " المغرب " على نعمة الأمن والاستقرار نحمك يارب ونثني عليك ونتعوذ بك أن ألا نصاب بما يفعله السفهاء منا .
7>ـ الاعتبار بطاغية جلاد وهو حمزة البسيوني الجبار الطاغية الظالم، كان يقول للمؤمنين وهو يعذبهم في سجون مصر قديما وهم يستغيثون الله جل وعلا يقول متبجحا:أين إلهكم الذي تستغيثون لأضعنه معكم في الحديد - جل الله وتبارك سبحانه وبحمده -.ويخرجَ ويركبَ سيارتَه وظن أنه بعيد عن قبضة الله جل وعلا، وإذ به يرتطم بشاحنةٍ ليدخل الحديدُ في جسده فلا يخرجونَه منه إلا قطعة قطعه.
( إن اللهَ ليملي للظالم حتى إذا أخذَه لم يفلتِه).
)وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (هود:102)
لما أهينَ الإمامُ أحمد عليه رحمةُ اللهِ من قبل أبن أبي دؤاد، رفع يديه إلى من ينصر المظلوم وقال:
(اللهم إنه ظلمني ومالي من ناصرٍ إلا أنت، اللهم أحبسهُ في جله وعذِبه).
فما ماتَ هذا حتى أصابه الفالج فيبست نصف جسمه وبقي نصف جسمه حي.
دخلوا عليه وهو يخورُ كما يخور الثور ويقول:
أصابتني دعوةُ الإمامِ أحمد، مالي وللإمامِ أحمد، مالي وللإمامِ أحمد. ثم يقول واللهِ لو وقعَ ذبابُ على نصفِ جسمي لكأنَ جبال الدنيا وضعت عليه، أما النصف الآخر فلو قرضَ بالمقاريض ما أحسستُ به.
فإياك والظلم ما استطعت، فظلم العباد شديد الوخم.
في الأثر أن الله عز وجل يقول:
(وعزتي وجلالِ لا تنصرفون اليوم ولأحدٍ عندَ أحدٍ مظلمةٌ، وعزتي وجلالِ لا يجاورَ هذا الجسرَ اليومَ ظالم).
لا تظلمنَ إذا ما كنتَ مقتدرا.............فالظلمُ آخره يفضي إلى الندمِ
تنامُ عينُكَ والمظلوم ُمنتبهاً................ يدعُ عليك وعينُ اللهِ لم تنمِ
جمع حميد أمين\ أثابه الله وسدد قلمه ورفع همه وحزنه آمين .
الاعتبار في اللغة: مأخوذ من العبور وهو المجاوزة من شيء إلى شيء.وفي القرآن الكريم: الاعتبار هو الاتعاظ بقصص السابقين والحاضرين. والسعيد من اعتبر بغيره وانتقل من حال ذلك الغير إلى حال نفسه. قال تعالى:{ لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً وقالوا هذا إفك مبين}[النور12]
أما الحياة: فهي الثواني والدقائق والساعة والأيام والشهور والسنوات المعدودات فالحياة العمر. قال حكيم: من أمضى يوماً من عمره في غير حق قضاه أو فرض أداه، أو مجد ورثه، أو حمد حصله، أو خير أسسه، أو علم اقتبسه، فقد عق يومه، وظلم نفسه. قال تعالى:{ ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين}[الأعراف 24] { كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}[ الرحمن 26-27].
ويسرد علينا القرآن قصصا للاعتبار، والحياة كلها عبر فيقول سبحانه:{ إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين}[ آل عمران 140-142] ويقول: أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون}[ التوبة 126]{ ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريباُ من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد}[الرعد 31] ويقول:{ وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشاً فنقبوا في البلاد هل من محيص إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد{[ ق 36-37] فقوم نوح وهود وصالح وقوم إبراهيم وقوم لوط وقوم مدين وفرعون وهامان وقارون وقوم موسى وعيس وقريش قوم محمد - صلى الله عليه وسلم - وجبابرة الأمة وظلامها وأهل الضلال فيها على مر التاريخ صدق فيهم قوله عز وجل:{ فكلاً أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}[العنكبوت40] {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين}[الأنفال38]
أيها الناس إن هذه السنين الأخيرة ظهرفيها في بلاد المسلمين من الفواجع ما يعجز عن كتابته القلم. اختلاف حاد وافتراق مقيت وقتل مستباح وانحياز للجلاد ليقضي بيننا إذ استضعفنا وساء حالنا بينما هو الموقد لنار الفتنة بين أمة محمد والجاد في اشتعالها حتى يمعن بعضها بعضا في سفك الدماء وخراب العامر وإحراق المتسع وحتى يتمكن من استغلال خيراتها والهيمنة مرة أخرى على أرضها كما فعل سابقا وذالك كله نتيجة هفواتنا .روى مسلم عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا
2469
زُوِيَ لِي مِنْهَا وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ وَإِنَّ رَبِّي قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ وَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا أَوْ قَالَ مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا>
قال النووي\ ــ قَالَ الْعُلَمَاء : الْمُرَاد بِالْكَنْزَيْنِ الذَّهَب وَالْفِضَّة ، وَالْمُرَاد كَنْزَيْ كِسْرَى وَقَيْصَر مَلِكَيْ الْعِرَاق وَالشَّام . فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ مُلْك هَذِهِ الْأُمَّة يَكُون مُعْظَم اِمْتِدَاده فِي جِهَتَيْ الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب ، وَهَكَذَا وَقَعَ . وَأَمَّا فِي جِهَتَيْ الْجَنُوب وَالشِّمَال فَقَلِيل بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب ، وَصَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَى رَسُوله الصَّادِق الَّذِي لَا يَنْطِق عَنْ الْهَوَى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْي يُوحَى .قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَيَسْتَبِيح بَيْضَتهمْ )أَيْ جَمَاعَتهمْ وَأَصْلهمْ ، وَالْبَيْضَة أَيْضًا الْعِزّ وَالْمُلْك
إن الشطر الأخير من الحديث قد تحقق مضمونه فهلاك بعض من الأمة كان بيد من يشهد لرسول الله بالبلاغ وتدمير قدرات الأمة كان من بني جلدتها ممن ارادوا إرضاء أسيادهم ليس إلا وبلوغ المكانة القصوى في قلوبهم حتى إن إصبعه على الزناد لم تصب إلا الدم المسلم والبلد المسلم وقد ذكرنا مصابنا اليوم بمصابنا قديما في الأندلس الذي أعطى فيه بعضهم الولاء للعدو فكان ذالك سبب محو هذا البلد من خريطة الدول الإسلامية على الآن وقد أرق هذا المشهد أبا البقاء الرندي حيث نراه يرثي الأمة بقصيدته الحزينة يقول في بعضها
فجائع الدهر أنواع منوعة ++وللزمان مسرات وأحـــــــــــــــــــــــــزان
وللحوادث سلوان يسهلها ++وما لما حل بالإسلام سلـــــــــــــــــــــوان
دهى الجزيرة أمر لا عزاء له++ هوى له أحد وانهد ثهـــــــــــــــــــلان
فاسأل بلنسية ما شأن مرسية++ وأين شاطبة أم أين جيــــــــــــــــــان
وأين قرطبة دار العلوم، فكم++ من عالم قد سما فيها له شـــــــــــــان
وأين حمص وما تحويه من نزه++ ونهرها العذب فياض ومـــــــــلآن
قواعد كن أركان البلاد فما عسى++ البقاء إذا لم تبق أركــــــــــــــــان
على ديار من الإسلام خالية++ قد أقفرت ولها بالكفر عمـــــــــــــران
وقد عبر في مصاب الأمة من قبل في حوادث التتر ابن الأثيرإذ تعرض الإ سلام للغزو الصليبي النصراني الغربي كماتعرض للغزو الشرقي على أيدي التتر الوثنين فسقطت بلاد المسلمين في أيديهم بلدا تلوآخر زحفوا على عاصمة الخلافة العباسية بغداد دار الإسلام فسقطت فوضع فيهم السيف حتى أجروا من دمائهم سيولا وأنهارا وأقاموا من رؤوسهم صروحا وتلالا وفعلوا بهم الأفاعل فتمكن من قلوب المسلمين الوهن والجبن حتى أصبحوا لا يصدقون بهزيمة المغول قال ابن الأثير :<من حدثك أن التتر انهزموا فلا تصدقه قال:<ووقع رعبهم في قلوب الناس حتى كان أحدهم إذا لقي جماعة ليقتلهم واحداواحدا ودخلت امرأة من التتر دارا وقتلت جماعة من أهلها وهم يظنونها رجلا ودخل منهم دربا فيه مائة رجل فما زال يقتلهم واحدا وحدا حتى
2470
أفناهم ولم يمد أحدهم يده إليه بسوء ووضعت الذلة على الناس فلا يدفعون عن أنفسهم قليلا ولا كثيرا نعوذ بالله من الخذلان :وحكي أن أحدهم أخذ رجلا ولم يجد ما يقتله به فقال له:ضع رأسك على هذا الحجر ولا تبرح فوضع رأسه وبقي إلى أن أتى التتري بسيف وقتله قال ابن الأثير وأمثال ذلك كثير وقبل أن يسرد وقائع هذه النازلة قال:<لقد بقيت عدة سنين معرضا عن ذكر هذه الحادثة استعظاما لها كارها لذكرها فإني أقدم رجلا وأؤخر أخرى فمن الذي يسهل عليه أن يكتب في الإسلام والمسلمين ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك ليت أمي لم تلدني وليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا فلو قال قائل إن أهل العلم منذ خلق الله آدام إلى الآن لم يبتلوا بمثلها لكان صادقا فإن التواريخ لم تتضمن ما يقاربها >اهـ...وبعد هذه الجولة السريعة في سردبعض الأحداث فلنأخذ منها العبرة حسبما دعانا إليه القرآن كما سيأتي ولنتأمل العبر التالية :
أولا> دعوة القرآن إلى أخذ العبرة من التحولات قال تعالى:< فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ>....قال الزحيلي في المنير : سبب النزول:نزول الآية (1) سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ:> أخرج البخاري عن ابن عباس قال: سورة الأنفال نزلت في بدر، وسورة الحشر نزلت في بني النضير.وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة قالت: كانت غزوة بني النضير، وهم طائفة من اليهود على رأس ستة أشهر من وقعة بدر، وكان منزلهم ونخلهم في ناحية المدينة، فحاصرهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى نزلوا على الجلاء، وعلى أن لهم ما أقلّت الإبل من الأمتعة والأموال إلا الحلقة وهي السلاح، فأنزل اللّه فيهم: <سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ...>
وقال الدكتور. عبدالكريم بكارفي منتدى " صيد الفوائد :
"هذه آية جليلة الشأن في الكتاب العزيز سرت مسرى المثل ، وذاعت على الألسنة والأقلام ؛ لأنها تعني وجوب الاستفادة من تراكم الخبرات البشرية ، وأخذ العظة والعبرة من أحوال الأمم السابقة ، والمعاصرة ، وتوفيراً للجهد ، واختصاراً للطريق ، وفراراً من عذاب الله تعالى ...
وقد قص الله تعالى علينا في سورة الحشر قصة جلاء بني النضير من المدينة إلى خيبر والشام مبيناً وقوع ما ليس في الحسبان ، فقال تباركت أسماؤه : { هُوَ الَذِي أَخْرَجَ الَذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وأَيْدِي المُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُوْلِي الأَبْصَارِ } [الحشر : 2] .
لقد كان خروج بني النضير في تلك الصورة المهينة الذليلة حدثاً بعيداً عن أذهان بني النضير وأذهان المسلمين لأن الأسباب المادية التي أخذ بها القوم كانت على درجة من الإتقان والإحكام تحول دون تصور ما وقع ..
2471
ولكن العزيز الجبار الذي لا رادَّ لأمره ، ولا معقب لحكمه أتاهم من حيث لم يحتسبوا أتاهم من الداخل ، فألقى في قلوبهم الرعب ، فخارت عزائمهم ، وأدركوا أن قوتهم ما عادت تغني عنهم شيئاً .
وما أشبه الليلة بالبارحة ! ! فهذه هي النظرية الشيوعية تنهار اليوم في أسرع مما كان يدور في خلد البشر
ثانيا وجوب أخذ العبرة من الأمور التالية :
1>>ـ جلاء بنو النضير ..حين قدم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وسلّم) المدينة، صالحه بنو النضير، على ألا يكونوا عليه ولا له. فلما هزم المسلمون يوم أحد ارتابوا ونكثوا، فخرج كعب بن الأشرف في أربعين راكبا إلى مكة، فحالف أبا سفيان عند الكعبة، فأمر صلّى اللّه عليه وسلّم محمد بن مسلمة الأنصاري فقتل كعبا غيلة، ثم خرج النبي (صلّى اللّه عليه وسلّم) مع الجيش إليهم، فحاصرهم إحدى وعشرين ليلة، وأقر بقطع نخيلهم، فلما قذف اللّه الرعب في قلوبهم، طلبوا الصلح، فأبى عليهم إلا الجلاء، على أن يحمل كل ثلاثة بيوت على بعير ما شاؤوا من متاعهم، ما عدا السلاح فجلوا إلى أذرعات وأريحاء من أرض الشام. وهذا الجلاء هو أول حشرهم. وأوسط حشرهم إجلاء عمر رضي اللّه عنه لهم من خيبر إلى الشام وآخر حشرهم يوم القيامة.اهـ الجدول.
2>ـ بكاء أبي الدرداء من حال أهل قبرص وما صار إليه أمرهم . ففي مسند الإمام أحمد عن جبير بن نفيير قال:
((لما فتحت قبرص فرق بين أهلها فبكى بعضهم إلى بعض فرأيت أبا الدرداء جالسا وحده يبكي فقلت:يا أبا الدرداء ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله فقال:ويحك يا جبير ما أهون الخلق على الله عز وجل إذا أضاعوا أمره بينما هي أمة شاهرة ظاهرة لهم الملك تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى))
إن أخذ العبرة من التقلبات والأحداث دليل على حياة القلب ونضجه مصادقا لقول الله:((إن في ذلك لعبرة لأولي الألباب))ومن هنا كان السلف من أكثر الناس حساسية بالتغيرات حتى قال بعضهم< إنى لأعرف شؤم المعصية في خلقي زوجتي ودابتي > وقد جاء عن عمر أنه أقسم أن لا يساكن أهل المدينة إن هي عادت الزلزلة التي أصبتهم وهذا رسولنا الكريم كان يتفاعل مع الكون حتى كان يدخل ويخرج في اليوم الغائم يخشى أن يكون فيه عذاب فلا يطمئن حتى ينجلي الغيم عن السماء وقد اعتزل الصحابي الكريم أبو الدرداء يبكي يوم فتح الله على المسلمين بلاد الروم فقيل ألا تضحك في هذا اليوم الذي نصر الله فيه الإسلام والمسلمين فقال إني أبكي من حال هؤلاء وكيف تغير حالهم من عز إلى ذل ومن منعة وغلبة إلى شتات وأخشى أن يتغير حال المسلمين فيصيبهم ما أصاب هؤلاء لكن المسلمين اليوم ماتت والعياذ بالله أحساسيهم رغم ما ينزل بهم من ضربات موجعة ويحل بهم من بلاء من سياسات معكوسة وأمور ملتبسة وحروب طاحنة وهيمنة ظالمة وذل مقيت من أذل الناس عند الله كانت بلادهم بالأمس محتلة عسكريا وهاهي اليوم محتلة سياسيا ليس لهم رأي
2472
يذكر ولا كلمة تسمع يستنجدون بعدو لدود حكم وجلاد مكبلة أياديهم بالقيودات الخارجية.
3>ـ سقوط الأندلس وتحويل مساجدها إلى كنائس . ولقد ضاعت الأندلس من المسلمين بسبب ذنوبهم فبيعث ملوكهم في أسواق الرقيق وهم يبكون وينوحون كما قال الشاعر أبو البقاء الرندي: الذي عاش سقوط الأندلس في أيدي الاسبان وحزن لذلك حزنا شديدا تجلى ذلك في شعره حيث قال:
على ديار من الإسلام خالية******قد أقفرت ولها بالكفر عمران
حيث المساجد قد صارت كنائس ما *****فيهن إلا نواقس وصلبان
حتى المحاريب تبكي وهي جامدة*****حتى المنابر ترثى وهي عيدان
يا من لذلة قوم بعد عزتهم ***** أحال حالهم جور وطغيان
ولو رأيت بكاهم عند بيعهم**** لهالك الأمر واستهوتك أحزان
لمثل هذا يذوب القلب من كمد ****إن كان في القلب إسلام وإيمان
وتقول أم أحد ملوك الأندلس وهو أبو عبد الله آخر ملوك الطوائف تخاطب صاحب الملك المضاع
إبك مثل النساء ملكا مضاعا ******لم تحافظ عليه مثل الرجال
فائدة\\>> \<<نونية أبي البقاء صالح بن شريف الرندي رحمه الله تعالىالحزينة على ضياع الأندلس الفردوس المفقود هي كالتالي
:هو صالح بن أبي الحسن يزيد بن صالح بن موسى بن أبي القاسم ابن علي بن شريف يكنى بأبي الطيب وأبي البقاء؛ كان فقيهاً حافظاً متفنناً في النثر والنظم؛ وله مقامات ومختصر في الفرائض وكتاب اسمه الوافي (أو الكافي) في نظم القوافي (منه عدة مخطوطات، إحداها بالرباط رقم ك: 1730) انظر ترجمته في الذيل والتكملة 4: 137 ومسالك الأبصار 11: 480 والإحاطة (المخطوطة المغربية: 179 ونسخة الإسكوريال رقم: 1683 ومجلة معهد الدراسات الإسلامية 6: 211).
لكل شيء إذا ما تم نقصان ++فلا يغر بطيب العيش إنســـــــــــــــــــــان
هي الأمور كما شاهدتها دول++ من سره زمن ساءته أزمــــــــــــــــان
وهذه الدار لا تبقي على أحد ولا++ يدوم على حال لها شـــــــــــــــــــان
يمزق الدهر حتماً كل سابغة ++إذا نبت مشرفيات وخرصــــــــــــــــــان
وينتضي كل سيف للفناء ولو كان++ ابن ذي يزن والغمد غمـــــــــــدان
أين الملوك ذوو التيجان من يمن++ وأين منهم أكاليل وتيجـــــــــــــــان
وأين ما شاده شداد في إرم++ وأين ما ساسه في الفرس ساســـــــــــان
وأين ما حازه قارون من ذهب++ وأين عاد وشداد وقحطـــــــــــــــــــان
أتى على الكل أمر لا مرد له ++حتى قضوا فكأن القوم ما كانــــــــــــــوا
وصار ما كان من ملك ومن ملك ++كما حكى عن خيال الطيف وسنـــان
دار الزمان على دارا وقاتله ++وأم كسرى فما آواه إيــــــــــــــــــــــوان
كأنما الصعب لم يسهل له سبب++ يوماً ولا ملك الدنيا سليمـــــــــــــــان
فجائع الدهر أنواع منوعة ++وللزمان مسرات وأحـــــــــــــــــــــــــزان
2473
وللحوادث سلوان يسهلها ++وما لما حل بالإسلام سلـــــــــــــــــــــوان
دهى الجزيرة أمر لا عزاء له++ هوى له أحد وانهد ثهـــــــــــــــــــلان
أصابها العين في الإسلام فامتحنت ++حتى خلت منه أقطار وبلـــــــدان
فاسأل بلنسية ما شأن مرسية++ وأين شاطبة أم أين جيــــــــــــــــــان
وأين قرطبة دار العلوم، فكم++ من عالم قد سما فيها له شـــــــــــــان
وأين حمص وما تحويه من نزه++ ونهرها العذب فياض ومـــــــــلآن
قواعد كن أركان البلاد فما عسى++ البقاء إذا لم تبق أركــــــــــــــــان
تبكي الحنيفية البيضاء من أسف++ كما بكى لفراق الإلف هيمـــــــان
على ديار من الإسلام خالية++ قد أقفرت ولها بالكفر عمـــــــــــــران
حيث المساجد قد صارت كنائس++ ما فيهن إلا نواقيس وصلبــــــان
حتى المحاريب تبكي وهي جامدة ++حتى المنابر ترثي وهي عيدان
يا غافلاً وله في الدهر موعظة ++إن كنت في سنة فالدهر يقظـــــان
وماشياً مرحاً يلهيه موطنه++ أبعد حمص تغر المرء أوطـــــــــان
تلك المصيبة أنست ما تقدمها ++وما لها مع طول الدهر نسيــــان
يا راكبين عتاق الخيل ضامرة++ كأنها في مجال السبق عقبـــــان
وحاملين سيوف الهند مرهفة++ كأنها في ظلام النقع نيــــــــــران
وراتعين وراء البحر في دعة++ لهم بأوطانهم عز وسلطــــــــــان
أعندكم نبأ من أهل أندلس++ فقد سرى بحديث القوم ركبـــــــــــان
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم++ قتلى وأسرى فما يهتز إنسان
ماذا التقاطع في الإسلام بينكم++ وأنتم يا عباد الله إخــــــــــــوان
ألا نفوس أبيات لها همم++ أما على الخير أنصار وأعـــــوان
يا من لذلة قوم بعد عزهم++ أحال حالهم كفر وطغيــــــــــــــــان
بالأمس كانوا ملوكاً في منازلهم++ واليوم هم في بلاد الكفر عبدان
فلو تراهم حيارى لا دليل لهم ++عليهم من ثياب الذل ألـــــــــــوان
ولو رأيت بكاهم عند بيعهم++ لهالك الأمر واستهوتك أحــــــــــزان
يا رب أم وطفل حيل بينهما++ كما تفرق أرواح وأبـــــــــــــــــــدان
وطفلة مثل حسن الشمس إذ طلعت++ كأنما هي ياقوت ومرجـــــان
يقودها العلج للمكروه مكرهة++ والعين باكية والقلب حيـــــــــــران
لمثل هذا يذوب القلب من كمد++ إن كان في القلب إسلام وإيمــــــان
انتهت القصيدة الفريدة، ويوجد بأيدي الناس زيادات فيها ذكر غرناطة وبسطة وغيرهما مما أخذ من البلاد بعد موت صالح بن شريف، وما اعتمدته منها نقلته من خط من يوثق به على ما كتبته، ومن له أدنى ذوق علم أن ما يزيدون فيها من الأبيات ليست تقاربها في البلاغة، وغالب ظني أن تلك الزيادة لما أخذت غرناطة وجميع بلاد الأندلس إذ كان أهلها يستنهضون همم الملوك بالمشرق والمغرب، فكأن بعضهم لما أعجبته قصيدة صالح بن شريف زاد فيها تلك الزيادات، وقد بينت ذلك في " أزهار الرياض " فليراجع.
2474
ويشبه هذه قول الشاعر في ضياع فلسطين وهو :
يا أخت أندلس صبرا وتضحية***** وطول صبر على الأرزاء والنوب
ذهبت في لجة الأيام ضائعة***** ضياع أندلس من قبل في الحقب
وطوحت ببنيك الصيد نازلة **** بمثلها أمة الإسلام لم تصـــــــب
إن نكبة الأندلس من أسباب العطب فيها اختلاف الكلمة فقد كانت سببا لإقامة أربع خلافات في بلد صغير مما حدا بالحافظ الفقيه أبي محمد بن حزم بالاستنكار عليهم إذ عاش تفكك الخلافة الأندلسية وكان مع الأسف بجانب ملوك الطوائف فقهاء يبررون لهم ظلمهم مما سهل المأمورية على العدو لذا قال الشاعر:
ومما يؤسفني في أنـــــــــدلس * * أسماء معتمد فيها ومعتـــــــضد *
ألقاب مملكة في غيرموضعها* ** كالهريحكي انتفاخا صورةالأسد*
أقول : الترف سبيل إلي إحباط الشعوب، وليس وسيلة حية في إحيائها، بل هو من النكبات في حياة الأمة، يقول سبحانه: { وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً } [الاسراء:16].
كان آخر سلاطين بلاد الأندلس ، وهو من آل الأحمر، فلما مات هذا السلطان أتى ابنه وكان مدلالاً، يعيش مع الموسيقى الإيطالية الحالمة إلى الساعة الثانية ليلاً، وكأس الخمر سهل عنده، كالوتر ولعب البلوت والكيرم، وكانت أمه عصامية تنصحه قالت: يضيع سلطانك بهذه الطريقة، فرفض، وفي لحظة من اللحظات اكتسحه الأسبان فأخذ يبكي عند الباب، فتقول أمه:
ابك مثل النساء ملكا لم تحافظ عليه مثل الرجال. وهذا نتيجة الترف والضياع الذي تعيشه الأمة، ترف في البيوت، وترف في كثرة المباحات، وترف في تجاوز حدود الله عز وجل، حتى وهنت الأمة وأصبحت لا تستطيع أن تجاهد، ولا أن تدافع عن نفسها، وقارن بين الشعوب التي أصيبت، ما هو موقفها من الأحداث؟ مثل بعض الشعوب لما أصيبت لم نر منها جهاداً وما رأينا وقوفاً صامداً.
4>ـ سقوط فلسطين واحتلالها من طرف اليهود الغاصبين \ ولقد حدث لمسلمي فلسطين ما يشبه ما حدث لأهل الأندلس من تسلط اليهود عليهم والتنكيل بهم وطردهم من ديارهم وتحويل مساجدهم إلى مراقص ليلية ومستشفيات للمعذورين فكل مرة قصف وقتل واعتقال وكل ذلك يقع لإخوانهم والأمة عاجزة عن انقادهم بل تراقب أمن اليهود وتتعاون معهم بل ما تزال بيوتهم تهدم كل أما مذبحة صبرا وشاتيل ومذبحة جنين فيعجز القلم عن كتابتها ولهذاشبه الشاعر فلسطين بالأندلس حيث قال:
يا أخت أندلس صبرا وتضحية***** وطول صبر على الأرزاء والنوب
ذهبت في لجة الأيام ضائعة***** ضياع أندلس من قبل في الحقب
وطوحت ببنيك الصيد نازلة **** بمثلها أمة الإسلام لم تصب
كما ضاعت (الفلبين) فتحولت إلى دولة كافرة وكذلك (سنغفورة) كانت مسلمة كما كانت الأندلس فضاعت كما ضاعت {تيمور الشرقية}بإندونيسيا فتحولت إلى نصرانية وها هي السودان يحاك لها في الجنوب كما يحاك للمغرب في الصحراء الغربية كما ضاعت (سويسرا)فقد حكمهما المسلمون ثلاثون عاما ثم تخلوا عنها
2475
5>ـ عبرة من قصة المعتمد ويوسف بن تاشفين\
اشترك القائدان المعتمد ، وزعيم المرابطين يوسف بن تاشفين في معركة الزلاقة وانتصرا معا على عساكر الفرنجة ، وكان المعتمد هو الذي ذهب إلى ابن تاشفين في مراكش مستنجدا ، فلما قيل له إن قد يزيل ملكك قال عبارته التاريخية المشهورة : لأن أرعى الإبل عند يوسف خير من أن أرعى الخنازير عند ألفونسو .
والمشكلة مع ابن تاشفين أنه لم يترك حتى حق التمتع برعي الإبل ، فبعد أن أزال ملكه وخلعه عن أشبيليا وقرطبة أرسله أسيرا إلى أغمات وتركه يرزح في القيود بقية حياته .قال قصيدة العيد التي أنشدها كسير الفؤاد بعد أن رأى ماأصاب بناته من ذل وفقر بعد عز وسؤدد :
فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا++ فساءك العيد في أغمات مأسورا
ترى بناتك في الأطمار جائعة++ يغزلن للناس لا يملكن قطميرا
يطأن في الطين والأقدام حافية ++كأنها لم تطأ يوما مسكا وكافورا
أقول : ابن عباد كان عنده سبعمائة جارية في القصر، وكان إذا أراد بناته أن يخرجن من القصر إلى القصر فرش لهن الكافور والطيب، ومشين على الكافور والمسك إلى القصر الثاني، ولما أتى الترف اكتسحه ابن تاشفين ، و ابن تاشفين مسلم، فماذا كان حاله؟ سجن هو، وأتت بناته يزرنه حافيات ليس عليهن إلا ثياب ممزقة، فلم يجدن حتى الحجاب، فلما رأى بناته، كاد ينصدع قلبه، فبكى بكاءً مريراً، وأنشد قصيدة حارة ساخنة يقول:
فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا فساءك العيد في أغمات مأسورا
وقال سلمان العودة\
وظل المعتمد بن عباد ردحاً من الزمن يحكم قرطبة، ويتمتع بما فيها من الترف، حتى إنهم يقولون: إنه بلغ من ترف المعتمد بن عباد ؛ أنه كان عنده جارية جميلة كان يحبها وكان اسمها اعتماد ، وفي يوم من الأيام هذه الجارية أطلت من إحدى نوافذ القصر، فشاهدت بعض النساء البدويات يحملن على ظهورهن القرب، قرب السمن وغيره يبعنه في الأسواق، وقد هطل المطر من السماء، وأصبحت الأرض فيها من الوحل والطين، فكان هؤلاء النساء البدويات يطأن في الوحل والطين، وعلى ظهورهن القرب، فأعجب هذا المنظر هذه الجارية، وقالت للأمير: أريد أن أفعل مع بناتي ومع الجواري مثلما تفعل هؤلاء النساء، فقال الأمير: الأمر هين، وأمر بالكافور والمسك وماء الورد فخلط بعضه ببعض، حتى صار مثل الطين في أرض القصر، ولكن ليس من الطين والمطر والوحل، وإنما هو من المسك والكافور والورد، هكذا يكون الترف، ثم جاء بقرب وحزمها بالإبريسم أي بالحرير، ثم حملتها هذه الجارية ومن معها على ظهورهن، وبدأن يطأن في هذا الطين، أو بالأصح في هذا الورد والكافور والمسك، وتم لهن ما أردن، إلى هذا الحد بلغ ترف المعتمد بن عباد ، ولكن تلك الدعوة التي أطلقها ابن جهور لا تزال محفوظة، دعوة المظلوم لا تزال محفوظة، والإنسان إذا دعا الله عز وجل وهو موقن، يجبه الله عز وجل إذا كان مظلوماً.وإني لأدعو الله حتى كأنما أرى بجميل الظن ما الله صانع ولذلك فإن ملك
2476
النصارى هدد المعتمد بن عباد ، وطلب منه مع دفع الجزية أن يتخلى عن بعض الحصون والقصور، فرفض ووجد نفسه مضطراً أن يستنجد بحاكم من الحكام المرابطين وهو يوسف بن تاشفين فأرسل إليه يستنجده، فجاء يوسف بن تاشفين ودخل قرطبة، وخاض معركة ضد النصارى تسمى موقعة الزلاقة، وانتصر على النصارى وطردهم، ولكنه بعد أن انتصر عليهم، تقلبت الأمور حتى وجد يوسف بن تاشفين نفسه مضطراً إلى السيطرة على قرطبة، وقبض على المعتمد بن عباد وأولاده، فقتل بعضهم على مرأى من أبيهم ومسمع، وأودع المعتمد بن عباد السجن، في مدينة في المغرب يقال لها مدينة أغمات، حتى جلس فيها عشر سنوات مسجوناً، ثم انتهت هذه السنوات العشر بموته.
وكان هذا الرجل في المغرب في أغمات مشرداً من كل شيء، القيود في يديه ورجليه، ويرى بناته اللاتي كن بالأمس يطأن بالمسك والكافور، يطأن في الطين والوحل اليوم، وهن يغزلن للناس -يشتغلن بالغزل- من أجل دراهم بسيطة لا يملكن شيئاً، وينظرن نظرة الحياء والاستحياء والخجل، فبكى بكاءً مراً ثم قال: يخاطب نفسه في إحدى المناسبات، وقد فرح الناس واستبشروا بالعيد، قال يخاطب نفسه:
فيما مضى كنت بالأعياد مسروراً ++ فساءك العيد في أغمات مأسورا
ترى بناتك في الأطمار جائعةً++ يغزلن للناس ما يملكن قطميرا
برزن نحوك للتسليم خاشعة++ أبصارهن حسيرات مكاسيرا
يطأن في الطين والأقدام حافية ++ كأنها لم تطأ مسكاً وكافورا
من بات بعدك في ملك يسربه ++ فإنما بات بالأحلام مغرورا
إنها نهايات يأسى لها القلب الذي يعي سنن الله في المترفين
6>ـ الاعتبار بحال المسلمين اليوم وما آلت إليه أحوالهم \\لقد تغير الحال وأصيب المسلمون بنكسات وأصبحوا كما تنبأ لذالك الحبيب بقوله :< روى البخاريعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ>..كما أنهم اليوم افترقوا إلى جزءيات نتيجة معاصيهم التي جاهروا بها ((عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تفرقت بنو إسرائيل على ثنتين وسبعين فرقة وستفترق هذه الأمة على ما تفرقت عليه بنو إسرائيل تزيد فرقة كلها في النار إلا السواد فقلنا : يا أبا أمامة أو ليس في السواد ما يكفيه ؟ قال : والله إنا لننكر ما تعملون } المعجم الكبير . وقال تعالى:((قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو ممن تحت أرجلكم أويلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض))وعلق قطب رحمه الله بقوله ((وهي صورة من العذاب المقيم الطويل الذي يذوقونه بأيديهم يجعلهم شيعا وأحزابا متداخلة لا يتميز بعضها عن بعض ولا يفاصل بعضها بعضا فهي أبدا في جدال وصراع وفي خصومة ونزاع وفي بلاء يصبه هذا الفريق على ذلك لقد عرفت البشرية هذا اللون من العذاب عندما انحرفت عن منهج الله وتركت لأهواء البشر تصريف الحياة
2477
إن من أنكى العقوبات التي تنزل بالمجتمعات التي تهمل الأمر بالمعروف أن يتحول ذلك المجتمع إلى فرق وشيع تتنازعها الأهواء فيقع الاختلاف والتناحر مصادقا لقول المولى((أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض))وذلك التناحر يجعل المجتمع عرضة للانهياروالانهزام أمام العدو .
ولا يحمى المجتمع من التفرق والاختلاف إلا شريعة الله لأنها تجمع الناس وتحكم الأهواء والمتأمل في حال عدد من البلاد العربية الإسلامية يجد أن من أهم أسباب التفرق فيها هي أنهم أهملوا الأمر بالمعروف فترتب على ذلك شيوع الفساد وظهوره وسيطرته بشتى أنواعه وصورهما بين عري وسكر وحفل غنائي وسهرة راقصة وعرض مسرحي .
يرثي الشيخ العوضي الأمة في خطبته بقوله : <حسرات على أحوال المسلمين اليوم >:\سائلوا التاريخ عنا كيف كنا نحن أسسنا بناءً أحمديا
واليوم:اسألوا التاريخ عنا كيف صرنا نحن أصبحنا مثالاً تبعيا
سامنا الأعداء ذلاً ومهاناً++ نال ذاك الشيخ منا والصبيا
أيكون المثل اليوم لينين++ و شارون و ريغان الشقيا
أنسيتم الصديق و الفاروق++ و ذا النورين والصحب الرضيا
خاب من يستبدل الخير بشر++ يا من أنادي يا أخيا
يوم نقلب صفحات الماضي المجيد، ويوم نتدبر القرآن الكريم يوم يقول: { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } [آل عمران:110] يوم نقلب ونتدبر ونتأمل؛ نأسى ونتحسر، نتحسر ونحن ننظر إلى واقعنا مع نظرنا لماضينا.
نتحسر يوم نجد البون شاسعاً والفرق هائلاً، نتحسر يوم كانت هذه الأمة تهابها فارس والروم، ثم أصبحت غثاءً كغثاء السيل.نتحسر يوم كنا سادةً قادةً، ثم أصبحنا غوغاء أتباعاً.نتحسر يوم صار عددنا ألف مليون مسلم، ثم لا قيمة لهم، ولا وزن، دماء الكلاب أغلى من دمائهم هذه الأيام..نتحسر يوم نسمع بين الناس أخبار السافلين تملؤ الساحات ولا نسمع شيئاً عن أخبار المسلمين...نتحسر يوم يقذف بالمئات كل يوم في ساحات الوغى من المسلمين، والأعداء بنا يتربصون ونحن ساهون لاعبون لاهون.
نتحسر يوم يرفع الناس أبطالاً على ساحات الوغى الخضر يلعبون ويقتلون أوقاتهم ويضيعون شبابهم وزهرة أعمارهم، ونتحسر اليوم أن الأبطال الحقيقيين في ساحات الوغى الحمر لا أحد يعلم عنهم، أو يقيم لهم وزناً، جراحٌ على صلبين كل يوم جديد يُنكأ الجرح الذي نكاد ننساه فيجمع من جديد، تلك جراحات الإسلام المحارب في كل أصقاع المعمورة، يتجمع عليه الكفر وأهله، يحاربون الإسلام وأهله { وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ } [البروج:8]..نتحسر يوم تجد الحيوانات من يناصرها ويؤيدها وينشئ لها الجمعيات التي ترفق بها والمسلمون لا يجدون من يعزيهم في شهدائهم في كل مكان ومآسيهم وجراحاتهم في كل زمان ومكان، بالمئات يموتون يومياً تهراق دماؤهم وتملأ السدود والأنهار، لم تبق بقعةٌ إلا ارتوت بدمائهم، نتحسر ونقول: هل سأل عنها أحد؟ هل قبض على جرحها أحد فداواه؟ هل على الأقل بكينا لأجلها، ولأجل ما يحل بها؟ نتحسر يوم تكون دماء شهدائنا رخيصةً في كل مكان لا
2478
لشيء إلا لأنهم ليسوا بفنانين ولا أصحاب قوميات ولا وطنيات، وطنهم لا إله إلا الله، وفنهم سبحان الله، وغناؤهم الله أكبر.
نتحسر يوم يرقد مليار مسلم لا يسمعون أنةً ولا صدىً لوقوع الأجساد على تراب فلسطين و أفغانستان ، لم يرحم أحد أشلاءهم الممزقة، ولم يرحم أحد أطفالهم الرضع وشيوخهم الركع، لم يرحم أحد ثكالاهم اللائي ما فارقت الدموع مآقيهن، لكن يرحمهم أرحم الراحمين.
لمثل هذا يذوب القلب من كمدٍ إن كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ.
اهـ
والحاصل \ ألا نأخذ العبرة اليوم من حال إخواننا في ليبيا والحرب القائمة فيما بينهم ومن تشريد الشعب السوري وتدمير بنيانه ومن تحول العراق إلى ملشيات تقتل بلا رحمة ومن حال إخواننا في مصر حيث تحول البلاد إلى طوائف وأصبح معظم الناس في الزنازن ألا نكثر من الشكر له والحمد في هذا البلد " المغرب " على نعمة الأمن والاستقرار نحمك يارب ونثني عليك ونتعوذ بك أن ألا نصاب بما يفعله السفهاء منا .
7>ـ الاعتبار بطاغية جلاد وهو حمزة البسيوني الجبار الطاغية الظالم، كان يقول للمؤمنين وهو يعذبهم في سجون مصر قديما وهم يستغيثون الله جل وعلا يقول متبجحا:أين إلهكم الذي تستغيثون لأضعنه معكم في الحديد - جل الله وتبارك سبحانه وبحمده -.ويخرجَ ويركبَ سيارتَه وظن أنه بعيد عن قبضة الله جل وعلا، وإذ به يرتطم بشاحنةٍ ليدخل الحديدُ في جسده فلا يخرجونَه منه إلا قطعة قطعه.
( إن اللهَ ليملي للظالم حتى إذا أخذَه لم يفلتِه).
)وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (هود:102)
لما أهينَ الإمامُ أحمد عليه رحمةُ اللهِ من قبل أبن أبي دؤاد، رفع يديه إلى من ينصر المظلوم وقال:
(اللهم إنه ظلمني ومالي من ناصرٍ إلا أنت، اللهم أحبسهُ في جله وعذِبه).
فما ماتَ هذا حتى أصابه الفالج فيبست نصف جسمه وبقي نصف جسمه حي.
دخلوا عليه وهو يخورُ كما يخور الثور ويقول:
أصابتني دعوةُ الإمامِ أحمد، مالي وللإمامِ أحمد، مالي وللإمامِ أحمد. ثم يقول واللهِ لو وقعَ ذبابُ على نصفِ جسمي لكأنَ جبال الدنيا وضعت عليه، أما النصف الآخر فلو قرضَ بالمقاريض ما أحسستُ به.
فإياك والظلم ما استطعت، فظلم العباد شديد الوخم.
في الأثر أن الله عز وجل يقول:
(وعزتي وجلالِ لا تنصرفون اليوم ولأحدٍ عندَ أحدٍ مظلمةٌ، وعزتي وجلالِ لا يجاورَ هذا الجسرَ اليومَ ظالم).
لا تظلمنَ إذا ما كنتَ مقتدرا.............فالظلمُ آخره يفضي إلى الندمِ
تنامُ عينُكَ والمظلوم ُمنتبهاً................ يدعُ عليك وعينُ اللهِ لم تنمِ
جمع حميد أمين\ أثابه الله وسدد قلمه ورفع همه وحزنه آمين .
لست ربوت