أسباب وقوع العذاب على الأمم: من خطب الشيخ امين عبد الحميد امام وخطيب مسجد الهلالي بابن جرير رحمه الله

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية أسباب وقوع العذاب على الأمم: من خطب الشيخ امين عبد الحميد امام وخطيب مسجد الهلالي بابن جرير رحمه الله

أسباب وقوع العذاب على الأمم: من خطب الشيخ امين عبد الحميد امام وخطيب مسجد الهلالي بابن جرير رحمه الله

الشيخ عبد الحميد أمين إمام مسجد الهلالي رحمه الله - Publicaciones ...الحمد لله القادر المقتدر الذي لا راد لمن قضى ولا دافع لما أبرم سبحانه القوي المتين الحليم الرحيم حكمه عدل وعفوه تفضل منه وكرم سبحانه من رب كريم عظيم حليم يقبل التوب ويعفو عن المساوئ له الحمد في الأولى والآخرة حمدا كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه.وأصلي وأسلم على من بعثه ربه بشيرا ونذيرا وسراجا منيرا محمد النبي الأمي صلاة وسلاما إلى يوم الدين وبعد : موضوعا <\\أسباب وقوع العذاب على الأمم:>>
أيها الناس إن ما تراه البشرية اليوم من صنوف التقلبات ونكايات النكبات وتجرع المنغصات مرده إغضاب رب البريات بالمعاصي المهلكات. وكيف لا وقد تفنن المسلمون في التعاطي لصنوف أسباب العطب وتاهوا في كثير من المستنقعات التي تحول أمن الناس إلى مخاوف واستقرارهم إلى أخطار.كل يسأل عن سبب العطب ومكانة الداء وقليل من هم من وفقوا للإجابة تمشيا مع سنن الله في الكون لإيمانهم الراسخ بوعد الله ووعيده وكثير منهم رد هذه التقلبات المفجعة إلى وسائل مادية بحتة ريء لها بعض الأثر الطيب في غير موطننا ـ وهي على زعمهم غياب" الديمقراطية" ـ
أيها الناس إن أسباب نزول الفواجع المؤلمة بالمجتمعات واستحقاقهم لها كان من بين أسبابها تغول الأقوياء واستضعافهم للدراويش وربما سحقوهم غبارا تطاير رماده في الهواء وصدق من قال \\
لا تظلمنَ إذا ما كنتَ مقتدرا.............فالظلمُ آخره يفضي إلى الندمِ
تنامُ عينُكَ والمظلوم ُمنتبهاً............... يدعُ عليك وعينُ اللهِ لم تنـــمِ
ومن البلايا جهل كثير ممن مارسوا على المستضعفين الحيف أنهم في موقع لايحسدون عليه من الجوروالظلم الذي كان سببا في القديم والحديث لهدم كثير من العروش وإسقاط العديد من الحضارات وتشتيت كثير من الأسر والدول وخراب عدد من المعالم فكانت أثرا بعد عين لا أثر لها يذكر ولا ثناء لها يحمد سوى سليان الشتائم وترداد اللعنات. فلو سألتم عن مصارع الأمم الغابرة لأجابك تارخهم الأسود أن سبب حتفهم إيغالهم فقهر العباد قال الخبير العليم < وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا ..> وإذا تساءلتم عن سقوط الحضارات الإسلامية في الماضي لكان الجواب مشابها للأول.حيث الترف والميوعة والاستكبار والاستحواذ إذسنن الله لاتحابي أحدا قال تعالى < إن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم > وكذالك يقال في الواقع الحاضر الذي تستشف من دروسه ما حل بالماضين طبقا لسنن الله في الأرض ونرى بأم العين كيف تتحول النعم بعد الترف والخنا إلى نقم تحصد في طياتها الصالح والطالح "غفرانك ..غفرانك..>ولقد عاش هذا الإحساس الذي يقض مضجعنا أبو البقاء الرندي الذي رءا حضارة بلاده تتهاوى واحدة تلو أخرى فعبر عن ذالك شعره حيث أفاد :
لكل شيء إذا ما تم نقصان ++فلا يغر بطيب العيش إنســـــــــــــــــــــان
هي الأمور كما شاهدتها دول++ من سره زمن ساءته أزمــــــــــــــــان
وهذه الدار لا تبقي على أحد ولا++ يدوم على حال لها شـــــــــــــــــــان
2480
أتى على الكل أمر لا مرد له ++حتى قضوا فكأن القوم ما كانــــــــــــــوا
فجائع الدهر أنواع منوعة ++وللزمان مسرات وأحـــــــــــــــــــــــــزان
وللحوادث سلوان يسهلها ++وما لما حل بالإسلام سلـــــــــــــــــــــوان
دهى الجزيرة أمر لا عزاء له++ هوى له أحد وانهد ثهـــــــــــــــــــلان
واعلمواأيها الناس أن أسباب المهالك والسقوط التي تحيق بالمجتمعات المتمردة على أمر الخالق كثيرة نذكرمن بين أسبابها ما يلي :
أولا>>. الطغيان وظلم العباد:
ومن الأسباب التي تحل العذاب في الأمم استضعاف العباد وظلمهم كما قال تعالى: {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا} [الكهف:59].
والظلم من المعاصي التي يعجل الله عقوبتها في الدنيا قبل الآخرة، فعن أبي بكرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من ذنبٍ أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم)) [أبو داود ح4902، الترمذي ح2511، أحمد ح19861]. قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب)) [أبو داود ح4338، الترمذي ح2168، أحمد ح30].
وقد تتأخر عقوبة الظلم إلى حين وأجل يعلمه الله، فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته)) قال ثم قرأ: {وَكَذالِكَ أَخْذُ رَبّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِىَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:102] [البخاري ح4409].
وحكى الله عن مصارع الأمم الظالمة الطاغية كقوم عاد وثمود وفرعون، فقال: {وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُواْ الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِى الأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْاْ فِى الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُواْ فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر:9-14]. وقال: {وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً ءاخَرِينَ} [الأنبياء:11]. وقال: {فَكَأَيّن مّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِىَ ظَالِمَةٌ فَهِىَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ} [الحج:45].
فائدة \\أنواع الظلم \\
الظلم كلمة عامة يحملها الناس على محمل ونوع واحد، لكن الظلم ثلاثة أصناف:
1>>ـ ظلم العبد لربه، ظلم العبد لربه بأن يشرك به؛ لأن الله يقول: { يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [لقمان:13]، والظلم: وضع الشيء في غير موضعه، ومعناه هنا: أن تجعل العبادة لغير ربك الذي خلقك، أو أن تصرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله
2>>ـ ظلم العبد لنفسه، ظلم العبد لنفسه: أن يرد بها المعاصي، ويتعدى بها الحدود؛ والله يقول: { وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } [الطلاق:1] إذا تعديت حدود الله ببصرك فنظرت به إلى الحرام فقد ظلمت نفسك، وإذا تعديت حدود الله بأذنك فسمعت بها الحرام من الغناء أو الكذب أو الغيبة أو النميمة فقد تعديت حدود الله وظلمت نفسك،
2481
3>>ـ ظلم العبد لغيره.ظلم العبد لغيره، لا تظلم مسلماً بهتك عرضٍ، أو بأكل مالٍ، أو بعدوانٍ، أو بأي صورةٍ من صور الظلم، والظلم ظلمات يوم القيامة، وهو يشمل المجتمع من القمة إلى القاعدة، كل واحد في الدنيا مسئول، فأنت في بيتك مسئول عن زوجتك وأولادك، وفي رئاستك مسئول عن رعيتك.فلا تظلم زوجتك فتوردها موارد الهلكة فتوفر لها المعاصي والذنوب لا تظلمها فتأمرها بالتبرج والتكشف والخروج بلا حجاب على غير محارمها لا تظلمها فتمارس عليها ضغوطاً نفسية وقهرية؛ لأنك في مركز قويٍ.بعض الناس يقول أنا رجل وهذه امرأتي، وماذا في ذلك؟ فيعاملها معاملة الدواب!! كيف والله يقول: { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ } [البقرة:228] وهذه الدرجة هي القوامة والمسئولية، أما الحقوق فمتساوية كل بحسبه، لكن الزوجة في نظر الدين شريك، ولا بد لكل شركة من مدير، هل سمعتم بأن شركة لها مديران؟ ستخرب الشركة مباشرة.فالبيت والحياة الزوجية شركة ولا بد لها من مسئول! ومن المسئول فيها؟ الرجل أو المرأة؟ إن الله عز وجل أعطى المسئولية للرجل، ليس تفضيلاً ولا تكريماً ولا استبزازاً ولا تسلطاً، فقد تكون المرأة أفضل عند الله من الرجل بألف درجة، لكن زيادة عهدة وتكليف، قال الله تعالى: { الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ } [النساء:34] فهذا تفضيل في أصل التكوين، فالرجل قوي شجاع يواجه الصعاب، وهذه كلها مميزات يجب أن تكون في القائد والمسئول، ثم { وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ } [النساء:34] والرجل يدفع المهر والنفقات. يقول في الحديث القدسي في حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه -وهو صحيح-: ( يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا ).لا تظلم، إذا كنت مسئولاً مسئولية أكبر لا تظلم، كما لو كنت رئيس قسم، انتبه! عندك موظفون في القسم، يجب أن تكون عادلاً بينهم، في توزيع العمل، وإتاحة الفرص، والترقية، والدورة أو البعثة أو الانتداب أو أي شيء، كن عادلاً، لا تحب شخصاً دون غيره، لا تحب زميل اللهو واللعب وتكره زميل المسجد والطاعة، ما أعده الله للظالمين من عذاب أليم
يقول الله عز وجل: { وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ } [إبراهيم:42]، إن الله لا يغفل عنك، وأنت غافل عنه! أنت مغرور بكرسيك، بجاهك، بمالك، بقوتك وعضلاتك، لكن الله ليس بغافل عنك، ولكن ماذا سيصنع بك؟ قال: { إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ } [إبراهيم:42-43] الفؤاد: فارغ، والقلب: ارتفع إلى الحنجرة، عندما تكون أنت في الطائرة، ويأتي مطب هوائي تحس أن قلبك ارتفع من مكانه؛ ولهذا تربط نفسك بحزام الأمان من أجل أن تشد على قلبك { وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ } [إبراهيم:44] يقولون: أعطنا فرصة يا رب! ومهلة وإمكانية نجب دعوتك نرفع المظالم، ونعدل مع الناس، ومعك يا رب في أن نوحدك، ومع أنفسنا فلا نعصيك.{ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ } [إبراهيم:44] لكن انتهت فرصة هذا التافه، قال الله عز وجل: { أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ * وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا
2482
لَكُمُ الْأَمْثَالَ * وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ * فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ * يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ } [إبراهيم:44-48] هذا الشاهد من الآيات: تبدل الأرض غير الأرض والسماوات تبدل غير السماوات { وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ * وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ } [إبراهيم:48-49] في السلاسل والأغلال، يقرنون كما تقرن البقر في الأضماد: كل اثنين، كل ثلاثة، كل عشرة مقرنون، ليزداد عليهم النكال والعذاب.اهـ دروس للشيخ سعيد بن مسفر..والخلاصة \ الظلم ثلاثة أقسام هي أكل المال بالباطل والغلول منه وظلم العباد بالقتل والضرب وغيره ثم ظلم العباد بالشتم واللعن والسب والقذف وروي " أن رجلاً غل في غزوة خيبر فامتنع النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة عليه وقال إن صاحبكم غل في سبيل الله ففتشنا متاعه فوجدنا فيه خرزاً لا يساوي درهمين " .
فائدة ] .من صور الظلم ما يلي \
1>>ـ ظلم العباد في أبدنهم وأعراضهم بضربهم وسبهم .روى البخاري \ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ قَالَ ثُمَّ قَرَأَ:{ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ }
لما أهينَ الإمامُ أحمد عليه رحمةُ اللهِ من قبل أبن أبي دؤاد، رفع يديه إلى من ينصر المظلوم وقال:(اللهم إنه ظلمني ومالي من ناصرٍ إلا أنت، اللهم أحبسهُ في جله وعذِبه).فما ماتَ هذا حتى أصابه الفالج فيبست نصف جسمه وبقي نصف جسمه حي.
دخلوا عليه وهو يخورُ كما يخور الثور ويقول:
أصابتني دعوةُ الإمامِ أحمد، مالي وللإمامِ أحمد، مالي وللإمامِ أحمد. ثم يقول واللهِ لو وقعَ ذبابُ على نصفِ جسمي لكأنَ جبال الدنيا وضعت عليه، أما النصف الآخر فلو قرضَ بالمقاريض ما أحسستُ به.فإياك والظلم ما استطعت، فظلم العباد شديد الوخم.
في الأثر أن الله عز وجل يقول:(وعزتي وجلالِ لا تنصرفون اليوم ولأحدٍ عندَ أحدٍ مظلمةٌ، وعزتي وجلالِ لا يجاورَ هذا الجسرَ اليومَ ظالم).
لا تظلمنَ إذا ما كنتَ مقتدرا.............فالظلمُ آخره يفضي إلى الندمِ
تنامُ عينُكَ والمظلوم ُمنتبهاً............... يدعُ عليك وعينُ اللهِ لم تنمِ
+++ خادم الشرطة الفرنسية إبان احتلالها للبنان قال صاحب عدالة السماء : كان يجنبني في المستشفى بلبنان رجل قد ابتلي بأمراض كثيرة ـــ السكر ـــ الضغط ـــــ تصلب الشرايين ــ تسمم الدم وكان يصحو نهارا وينهار ليلا حتى ليخيل إليك أنه لا يعيش لكثرة آلامه وصراخه ولما سألته عن سبب المرض قال :
(( كنت في شرطة الفرنسيين وكانت بيروت تخافني وإذا عجز الفرنسيون عن اكتشاف الجريمة احضروا المتهم إلي فكنت انتزع من المتهمين الاعترافات تحت ضغط العذاب وكانوا يعترفون بما يريد ه منهم الفرنسيون وكنت أمارس على المتهمين أنواعا من العذاب تصل إلى (( 84 )) نوعا من العذاب . وما أعانيه اليوم

2483
عذاب من الله فقد سقت كثيرا من الأبرياء وعذبت كثيرا من الصالحين إرضاء لأسيادي الفرنسيين ))
+++ صلاح نصر هو أيضا من خدام عبد الناصر كان يعقد على زوجات الناس عقودا وهمية وهن في عصمة رجال آخرين ويتزوجهن لكن نهايته كانت مأسوية فقد أصيب بأكثر من عشرة أمراض مؤلمة مزمنة عدة سنوات من عمره ولم يجدله الطب علاجا حتى مات سجينا مزجوجا به في زنزانات زعمائه الذين كان يخدمهم
++ حمزة البسيوني الجبار الطاغية الظالم، كان يقول للمؤمنين وهو يعذبهم في سجون مصر قديما وهم يستغيثون الله جل وعلا يقول متبجحا:أين إلهكم الذي تستغيثون لأضعنه معكم في الحديد - جل الله وتبارك سبحانه وبحمده -.ويخرجَ ويركبَ سيارتَه وظن أنه بعيد عن قبضة الله جل وعلا، وإذ به يرتطم بشاحنةٍ ليدخل الحديدُ في جسده فلا يخرجونَه منه إلا قطعة قطعه.
( إن اللهَ ليملي للظالم حتى إذا أخذَه لم يفلتِه).
2>ـ ظلمهم في أملاكهم ودورهم \. يذكر بعض المؤرخين أن حاكماً من حكام الأندلس يقال له: أبو الوليد بن جهور ، وكان أمير قرطبة، إحدى كبار المدن الأندلسية، حاول بعض جيرانه أن يعتدي عليه وهو يحيى بن ذي النون ويأخذ ملكه في قرطبة، فاستنجد أبو الوليد بن جهور بحاكم من ملوك الأندلس، يقال له: المعتمد بن عباد ، وكان ملكاً قوياً شاعراً أديباً مشهوراً، فجاء المعتمد بن عباد فأنجده وقضى على عدوه، ولكن المعتمد بن عباد لما رأى قرطبة، وما فيها من المياه والخضرة والأموال والترف؛ طمع فيها، وبدأ يخطط للسيطرة عليها، وأدرك ذلك ملك قرطبة أو أمير قرطبة ابن جهور ، فذكر المعتمد بن عباد بالعهود والمواثيق التي بينهم، وذكره بالله، ولكن المعتمد بن عباد كان مصراً على احتلال قرطبة، وفعلاً تم للمعتمد بن عباد بعد طول كيد وتدبير، ما أراد من حكم قرطبة، وأخذ أمراءها فطردهم منها، وصادر أموالهم، وقتل منهم من قتل، وسجن منهم من سجن، فخرج بنو جهور، أمراء قرطبة، بلا مال ولا جاه ولا سلطان، أذلاء خائفين، مرضى مذعورين.
وبعد أن خرجوا منها التفت الأمير إلى هذا البلدة التي طالما تمتع بحكمها، وعرف أنه لم يخرج منها إلا بسبب دعوات المظلومين، وبسبب الدماء التي سالت ظلماً وعدواناً، وبسبب الأموال التي أخذت بغير حق، وبسبب ظلمه للناس وحيفه في معاملتهم، عرف ابن جهور هذا فالتفت إلى قرطبة، فرفع يديه إلى السماء وقال:\
: اللهم كما أجبت الدعاء علينا، فأخرجتنا من جنات وعيون، وزروع ومقام كريم، ونعمة كنا فيها فاكهين، فأجب الدعاء لنا فإننا اليوم مسلمون مظلومون.

فدعا الله على المعتمد بن عباد وخرج بنو جهور، وظل المعتمد بن عباد ردحاً من الزمن يحكم قرطبة، ويتمتع بما فيها من الترف، حتى إنهم يقولون: إنه بلغ من ترف المعتمد بن عباد ؛ أنه كان عنده جارية جميلة كان يحبها وكان اسمها اعتماد ، وفي يوم من الأيام هذه الجارية أطلت من إحدى نوافذ القصر، فشاهدت بعض النساء البدويات يحملن على ظهورهن القرب، قرب السمن وغيره يبعنه في الأسواق، وقد
2484
هطل المطر من السماء، وأصبحت الأرض فيها من الوحل والطين، فكان هؤلاء النساء البدويات يطأن في الوحل والطين، وعلى ظهورهن القرب، فأعجب هذا المنظر هذه الجارية، وقالت للأمير: أريد أن أفعل مع بناتي ومع الجواري مثلما تفعل هؤلاء النساء، فقال الأمير: الأمر هين، وأمر بالكافور والمسك وماء الورد فخلط بعضه ببعض، حتى صار مثل الطين في أرض القصر، ولكن ليس من الطين والمطر والوحل، وإنما هو من المسك والكافور والورد، هكذا يكون الترف، ثم جاء بقرب وحزمها بالإبريسم أي بالحرير، ثم حملتها هذه الجارية ومن معها على ظهورهن، وبدأن يطأن في هذا الطين، أو بالأصح في هذا الورد والكافور والمسك، وتم لهن ما أردن، إلى هذا الحد بلغ ترف المعتمد بن عباد ، ولكن تلك الدعوة التي أطلقها ابن جهور لا تزال محفوظة، دعوة المظلوم لا تزال محفوظة، والإنسان إذا دعا الله عز وجل وهو موقن، يجبه الله عز وجل إذا كان مظلوماً.
وإني لأدعو الله حتى كأنما أرى بجميل الظن ما الله صانع ولذلك فإن ملك النصارى هدد المعتمد بن عباد ، وطلب منه مع دفع الجزية أن يتخلى عن بعض الحصون والقصور، فرفض ووجد نفسه مضطراً أن يستنجد بحاكم من الحكام المرابطين وهو يوسف بن تاشفين فأرسل إليه يستنجده، فجاء يوسف بن تاشفين ودخل قرطبة، وخاض معركة ضد النصارى تسمى موقعة الزلاقة، وانتصر على النصارى وطردهم، ولكنه بعد أن انتصر عليهم، تقلبت الأمور حتى وجد يوسف بن تاشفين نفسه مضطراً إلى السيطرة على قرطبة، وقبض على المعتمد بن عباد وأولاده، فقتل بعضهم على مرأى من أبيهم ومسمع، وأودع المعتمد بن عباد السجن، في مدينة في المغرب يقال لها مدينة أغمات، حتى جلس فيها عشر سنوات مسجوناً، ثم انتهت هذه السنوات العشر بموته.
وكان هذا الرجل في المغرب في أغمات مشرداً من كل شيء، القيود في يديه ورجليه، ويرى بناته اللاتي كن بالأمس يطأن بالمسك والكافور، يطأن في الطين والوحل اليوم، وهن يغزلن للناس -يشتغلن بالغزل- من أجل دراهم بسيطة لا يملكن شيئاً، وينظرن نظرة الحياء والاستحياء والخجل، فبكى بكاءً مراً ثم قال: يخاطب نفسه في إحدى المناسبات، وقد فرح الناس واستبشروا بالعيد، قال يخاطب نفسه:
فيما مضى كنت بالأعياد مسروراً ++ فساءك العيد في أغمات مأسورا
ترى بناتك في الأطمار جائعةً++ يغزلن للناس ما يملكن قطميرا
برزن نحوك للتسليم خاشعة++ أبصارهن حسيرات مكاسيرا
يطأن في الطين والأقدام حافية ++ كأنها لم تطأ مسكاً وكافورا
من بات بعدك في ملك يسربه ++ فإنما بات بالأحلام مغرورا
اهـ دروس للشيخ سلمان العودة
++روى البخاري ومسلم \ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ حَدَّثَهُ وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمِهِ خُصُومَةٌ فِي أَرْضٍ وَأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهَا فَقَالَتْ يَا أَبَا سَلَمَةَ اجْتَنِبْ الْأَرْضَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنْ الْأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ

2485
قال النووي \ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ ظُلِمَ قِيدَ شِبْر مِنْ الْأَرْض )هُوَ بِكَسْرِ الْقَاف وَإِسْكَان الْيَاء أَيْ : قَدْر شِبْر مِنْ الْأَرْض ، يُقَال : قِيدَ وَقَادَ وَقِيسَ وَقَاسَ بِمَعْنًى وَاحِد . وَفِي حَدِيث سَعِيد بْن زَيْد - رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا - مَنْقَبَة لَهُ وَقَبُول دُعَائِهِ ، وَجَوَاز الدُّعَاء عَلَى الظَّالِمِ وَمُسْتَذِلِّ أَهْلِ الْفَضْلِ ، وَاللَّهُ أَعْلَم .
3>ـ سعيد بن زيد تأتيه امرأة فتشكوه إلى معاوية -رضي الله عنه- بأنه غصبها أرضها -وما كان لمثل سعيد أن يغصبها أرضها- فيقول: لقد ادعت عليك بأنك اغتصبت أرضها، فتدمع عيونه، ويقول: والله! ما كنت لأفعل ذلك، فلقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: { من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه يوم القيامة من سبع أراضين } .أو كما قال، فلتضم أرضي إلى أرضها، وبئري إلى بئرها، ونخلي إلى نخلها، فإن كانت صادقة فذاك، وإن كانت كاذبة فأعمى الله بصرها، وأرداها في أرضها.ويشاء الله ويعمي بصرها، وتذهب في هذه الأرض لا ترى، فتسقط في البئر متردية بدعوة المظلوم التي سرت في جوف الليل.اهـ دروس للشيخ علي القرني.
++في صحيح البخاري \ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ أَنَّهُ خَاصَمَتْهُ أَرْوَى فِي حَقٍّ زَعَمَتْ أَنَّهُ انْتَقَصَهُ لَهَا إِلَى مَرْوَانَ فَقَالَ سَعِيدٌ أَنَا أَنْتَقِصُ مِنْ حَقِّهَا شَيْئًا أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ ظُلْمًا فَإِنَّهُ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ>.وروى مسلم \ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ أَنَّ أَرْوَى خَاصَمَتْهُ فِي بَعْضِ دَارِهِ فَقَالَ دَعُوهَا وَإِيَّاهَا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ طُوِّقَهُ فِي سَبْعِ أَرَضِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً فَأَعْمِ بَصَرَهَا وَاجْعَلْ قَبْرَهَا فِي دَارِهَا قَالَ فَرَأَيْتُهَا عَمْيَاءَ تَلْتَمِسُ الْجُدُرَ تَقُولُ أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ فَبَيْنَمَا هِيَ تَمْشِي فِي الدَّارِ مَرَّتْ عَلَى بِئْرٍ فِي الدَّارِ فَوَقَعَتْ فِيهَا فَكَانَتْ قَبْرَهَا.>
4>ـ من صورالظلم أيضا : مطل الغني.روى مالك والبخاري ومسلم\ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ> قال النووي فَمَطْل الْغَنِيّ ظُلْم وَحَرَام ، وَمَطْل غَيْر الْغَنِيّ لَيْسَ بِظُلْمٍ وَلَا حَرَام لِمَفْهُومِ الْحَدِيث ، وَلِأَنَّهُ مَعْذُور ، وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْأَدَاء لِغِيبَةِ الْمَال أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ جَازَ لَهُ التَّأْخِير إِلَى الْإِمْكَان ، وَهَذَا مَخْصُوص مِنْ مَطْل الْغَنِيّ . أَوْ يُقَال : الْمُرَاد بِالْغَنِيِّ الْمُتَمَكِّن مِنْ الْأَدَاء ، فَلَا يَدْخُل هَذَا فِيهِ . قَالَ بَعْضهمْ : وَفِيهِ دَلَالَة لِمَذْهَبِ مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور أَنَّ الْمُعْسِر لَا يَحِلّ حَبْسه ، وَلَا مُلَازَمَته ، وَلَا مُطَالَبَته حَتَّى يُوسِرَ ، وَقَدْ سَبَقَتْ الْمَسْأَلَة فِي بَاب الْمُفْلِس . وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَصْحَاب مَالِك وَغَيْرهمْ فِي أَنَّ الْمُمَاطِل هَلْ يَفْسُق وَتُرَدّ شَهَادَته بِمَطْلِهِ مَرَّة وَاحِدَة ، أَمْ لَا تُرَدّ شَهَادَته حَتَّى يَتَكَرَّر ذَلِكَ مِنْهُ وَيَصِير عَادَة ؟ وَمُقْتَضَى مَذْهَبنَا اِشْتِرَاط التَّكْرَار . وَجَاءَ فِي الْحَدِيث الْآخَر فِي غَيْر مُسْلِم . " لَيّ الْوَاجِد يُحِلّ عِرْضه وَعُقُوبَته " . ( اللَّيّ ) بِفَتْحِ اللَّام وَتَشْدِيد الْيَاء وَهُوَ الْمَطْل ، ( وَالْوَاجِد ) بِالْجِيمِ الْمُوسِر . قَالَ الْعُلَمَاء : يُحِلّ عِرْضه بِأَنْ يَقُول : ظَلَمَنِي وَمَطَلَنِي ، وَعُقُوبَته الْحَبْس وَالتَّعْزِيز .

2486
قال الشيخ المنجد\ومن جوانب ظلم العباد تأخير رد الدين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( مطل الغني ظلم ) رواه البخاري كالمقتدر الذي عنده ما يؤدي به، ومع ذلك لا يؤدي حقوق الناس، وهذا كثيرٌ اليوم في عالم التجارة والاقتراض، يأخذون البضائع بالدين، ولا يسددون وعندهم مال، يقول أحدهم: سأتوسع! أتتوسع من مال الغير؟! يقترض ليتاجر ثم يقول للشخص: ليس عندي مال، ويقول: دعه ينتظر وأنا أنتظر الأرباح، مع أن أجل الدين قد حل، لكنهم ظلمة، يؤخر أحدهم ويماطل وعنده ما يسدد به الدين، والأموال موجودة، ولكن يقول: هكذا درجت العادة في السوق.
وقريبٌ من هذا ظلم التاجر للأُجراء والموظفين والعُمال بتأخير الرواتب وعنده مالٌ يدفعه إليهم.عن أنس رضي الله عنه قال: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يحتجم ولم يكن يظلم أحداً أجره ) حديثٌ صحيح.حتى الحجام يعطيه أجره كاملاً، يعطيه ديناراً، ومعلوم أن الدينار أربعة غرامات وربع من الذهب، فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يظلم أحداً أجره حتى الحجام.وهؤلاء يؤخر أحدهم الرواتب بالأشهر عن العمال والموظفين، وعنده ما يدفع، فإذا نوقش قال: كل الشركات هكذا، كل السوق هكذا، أنا أحسن من غيري، هل تريد إذا ظلم الناس أن تظلم مثلهم؟ لماذا نمشي على العادة السيئة الموجودة بين بعض الناس ونقول: نظلم مثلما ظلم الآخرون؟! ثم يقول: سأعطيهم قبل السفر، يمنع الخادمة ويقول: سأعطيها قبل السفر، وهل المستحق عليك قبل السفر أم المستحق عليك في آخر الشهر؟ هذا ظلم { وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } [آل عمران:140] { أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ } [هود:18].
++وآخرا الظلم ظلمان:
1>. ظلم أكبر\\وهو الشرك: "يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ"، وهو أن يتخذ المرء مع الله نداً يصرف إليه شيئاً من العبادة، كالدعاء الذي هو مخ العبادة وأسها، والاستغاثة، والذبح، والنذر، والتحاكم لغير شرع الله،..2>>ـ . ظلم أصغر وهو ظلم العباد بعضهم لبعض، وهو قسمان: ... قسم صادر من ولاة الأمر. ... وقسم صادر من العامة على بعضهم.وكلاهما يجب رده والتخلص منه.والظلم الصادر من ولاة الأمر أخطر على العباد والبلاد من ظلم بعضهم لبعض، ولهذا يجب على ولاة الأمر من العلماء أن ينصحوا فيه للحكام، ويكرروا فيه النصح، ولا ييأسوا من ذلك.يتمثل ظلم ولاة الأمر للرعية في الآتي ... فرض الضرائب والرسوم الباهظةلا شك أنه يجوز لولي الأمر أن يفرض رسوماً على المستطيعين إذا دعى الحال، ولم تف موارد الدولة لحماية الثغور وصد العدو الصائل خاصة، وللقيام بالخدمات العامة، بشروط:1.>> أن لا يكون فيها إجحاف على الرعية.2. >> أن تفرض على المستطيعين دون الفقراء.3.>> أن يجتهد في ترشيد ما لديه من أموال.4.>> أن يبدأ بنفسه إن كانت له أرصدة أوكانت له ممتلكات وعقار، فعليه أن يبيعها، فإن لم تف بعد التدبيروالإرشاد، والاقتصاد على الضروريات، جاز أن يفرض ما يمكنه من القيام بالواجبات.5.>> أن لا تكون هذه الرسوم ثابتة، وفي ازدياد مضطرد، ولكن حسب الحال. قال إمام الحرمين: (فإذا مست الحاجة إلى استمداد نجدة الدين وحرسة المسلمين من الأموال، ولم يقع الاجتزاء والاكتفاء بما يتوقع على المغيب من جهة
2487
الكفار، وتحقق الاضطرار في إدامة الاستظهار، وإقامة حفظ الديار، إلى عون من المال مطرد دار، ولو عين الإمام أقواماً من ذوي اليسار، لجر ذلك حزازات في النفوس.. وإذا رتب على الفضلات والثمرات والغلات قدراً قريباً، كان طريقاً في رعاية الجنود والرعية مقتصدة مرضية.ثم إذا اتفقت مغانم، واستظهر بأخماسها بيت المال، وغلب على الظن اطراد الكفاية، إلى أمد مظنون ونهاية، فيغض حينئذ وظائفه، فإنها ليست واجبات توقيفية، ومقدرات شرعية، وإنما رأيناها نظراً إلى الأمور الكلية، فمهما استظهر بيت المال واكتفى، حط الإمام ما كان يقتضيه وعفا، فإن عادت مخايل حاجة، أعاد الإمام منهاجه).
++واجب العلماء عندما ينتشر الظلم \
.من أوجب الواجبات على أهل العلم نصحهم لولاة الأمر، وسعيهم لرفع الظلم عن المظلومين من الرعية، إذ السكوت عن ذلك من المهالك الردية.لم يقتصر دفاع العلماء على المسلمين، بل تعداه إلى المناداة برفع الظلم حتى عن أهل الذمة الذين يعيشون في الدولة الإسلامية، ومن أشهر العلماء الذين عرفوا بذلك:
1>ـ ابن أبي ذئب.روى الخطيب البغدادي بسنده إلى محمد بن القاسم بن خلاد قال: (قال ابن أبي ذئب للمنصور: يا أمير المؤمنين قد هلك الناس، فلو أعنتهم بما في يدك من الفيء؟ قال: ويلك، لولا ما سددت من الثغور، وبعثتُ من الجيوش، لكنتَ تؤتى في منزلك وتذبح، فقال ابن أبي ذئب: فقد سد الثغور، وجيَّش الجيوش، وفتح الفتوح، وأعطى الناس أعطياتهم من هو خير منك؛ قال: ومن هو، ويلك؟ قال: عمر بن الخطاب؛ فنكس المنصور رأسه، والسيف بيد المسيب، والعمود بيد مالك بن الهيثم، فلم يعرض له، والتفت إلى محمد بن إبراهيم الإمام، فقال: هذا الشيخ خير أهل الحجاز).ولهذا كان الإمام أحمد يفضله ويقدمه على مالك، لتقدمه عليه في الأمر والنهي..2>ـ .الإمام الأوزاعي.... ومن الذين كانوا يتبنون مصالح العامة ويدافون عنها، ويعملون على رفع الظلم عن المظلومين، والمعاناة عن الفقراء والمساكين، الإمام الأوزاعي.فقد كتب مرة للخليفة المهدي العباسي: أن المرتبات التي تصرفها الدولة لأهل ساحل الشام المرابطين لا تفي بحاجاتهم الضرورية، مع أنهم يقفون على ثغور الإسلام البحرية المطلة على البحر الأحمر.كذلك كتب للمهدي عندما غلت الأسعار بمكة، وكان ولياً لعهد أبيه المنصور، يطلب إعانتهم وإلا هلكوا جوعاً، مذكراً له بما كان يقوم به عمر بن الخطاب عام الرمادة عندما حلت المجاعة بالمسلمين، إذ كان إدامه الزيت مثل العامة، وكان يخاطب نفسه عندما كانت تغرغر من الجوع قائلاً: غرغري ما تغرغرين، والله لا تأكلين إلا كما يأكل الناس. كذلك لما أجلى صالح بن علي المتوفى 151هـ والي الشام لبني العباس نصارى أهالي جبل لبنان بجريرة بعضهم، كتب إليه الأوزاعي قائلاً: (كيف تؤخذ عامة بذنوب خاصة، حتى يُخرجوا من ديارهم وأموالهم، وحكم الله تعالى: "وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى"، وهو أحق ما وقف عنده واقتدي به، وأحق الوصايا أن تحفظ وترعى وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه قال: "من ظلم معاهداً، أوكلفه فوق طاقته فأنا حجيجه").3>ـ .الإمام النووي. وعندما فرض أحد حكام المماليك رسوماً على العامة
2488
لمد الجنود وسد الثغور، اعترض عليه الإمام النووي قائلاً: عندك الكثير من العقار والبساتين، بع هذه، فإن لم تف بحاجة الجند فافرض على العامة...4>>شيخ الإسلام ابن تيمية... قال رحمه الله : ما ذا يصنع أعدائي بي؟ إن قتلوني فقتلي شهادة، وإن نفوني فنفي سياحة، وإن سجنوني فسجني خلوة، ما ذا يفعل أعدائي بي؟ أنا جنتي في قلبي، وقلبي بيد ربي.....واعلم أن ابن تيمية رحمه الله خاض معركة مرج الصفر التي وقعت في رمضان سنة 702 تحت رأيه الملك الناصر محمد بن قلاوون ضد التتر وقال ابن تيمية لأمير الجيش أوقفني موقف الموت قال الأمير فسقته إلى مقابلة العدو فرفع طرفه إلى السماء واشخص بصره وحرك شفتيه طويلا قلت(يذكر الله كما أمر المؤمنون أمام العدو ثم انبعث وأقدم على القتال وقد شوهد في هذه الموقعة ومعه أخوه يصيحان بصوت مرتفع يحرضان الناس على القتال ويحذر من الفرار)...وقال\ :دولة الظلم ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة... يقول : عرضت على السيف خمس مرات لا يقال لي ارجع عن مذهبك لكن يقال لي اسكت عن من خالفك فأقول : لا اسكت.5>>القاضي أبو يوسف... كذلك ممن عنوا بمصالح الضعفاء والفقراء من المسلمين وغيرهم القاضي أبو يوسف، تلميذ الإمام أبي حنيفة، فهو (ممن اهتم بالمستضعفين من الفلاحين، ودافع عنهم، وطالب بتحقيق العدالة في معاملتهم، ومحاسبة الجباة إذا أساءوا إليهم، وذلك في كتاب "الخراج" الذي ألفه للخليفة العباسي هارون الرشيد).6>>ـ .العز بن عبد السلام.وغيرهم كثير ومن الذين كانوا يعملون لرفع الظلم عن العامة العز بن عبد السلام، عندما داهم التتار بلاد الشام (ضاقت بالسلطان وعساكره الأرض، استشاروا الشيخ عز الدين رحمه الله، فقال: اخرجوا وأنا ضامن لكم على الله النصر؛ فقال السلطان: إن المال في خزائني قليل، وأنا أريد أن أقترض من أموال التجار؛ فقال له الشيخ عز الدين: إذا أحضرتَ ما عندك وعند حريمك، وأحضر الأمراء ما عندهم من الحلي الحرام، وضربته سكة ونقداً، وفرقته في الجيش، ولم يقم بكفايتهم، ذلك الوقت اطلب القرض، أما قبل ذلك فلا؛ فأحضر السلطان والعسكر كلهم ما عندهم من ذلك بين يدي الشيخ، وكان الشيخ له عظمة عندهم وهيبة، بحيث لا يستطيعون مخالفته، فامتثلوا أمره، فانتصروا).ـ 7>ـ ومنهم الحافظ بن كثير\وممن عنوا بهذا الأمر كذلك الحافظ ابن كثير، صاحب التاريخ والتفسير، المتوفى 774 هـ، عندما وقف في مواجهة المرسوم السلطاني بمصادرة أملاك أهل الذمة داخل البلاد، انتقاماً لما صنعه الفرنج في هجومهم على الإسكندرية 767 هـ، فنصح ابن كثير السلطان بتعطيل القرار لمخالفته الشريعة، والتزم السلطان به....8>ـ القاضي ابن منذر\ بين القاضي المنذر بن سعيد البلوطي قاضي قرطبة.وأميرها. لما عمل أمير المؤمنين في الأندلس قبة بالذهب والفضة وبعد ما تم الإنجاز العظيم هذا ودخل الأعيان وأخذوا مجالسهم جاء منذر بن سعيد فقال له الخليفة كمن قال لمن قبله : هل رأيت أو سمعت أحدا من الخلفاء قبلي فعل مثل هذا ؟ فبكى القاضي وأَقْبَل ودموعه تتحدر ثم قال : والله ما ظننت يا أمير المؤمنين أن الشيطان يبلغ منك هذا المبلغ أن أنزلك منازل الكفار ، قال : لما ؟ قال : قال الله عز وجل ( ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من
2489
فضة و معارج عليها يظهرون ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون وزخرفا - يعني ذهب - وان كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين ) فنكس الخليفة رأسه ثم قال : جزاك الله عنا خيرا وعن المسلمين الذي قلته هو الحق و أمر بنقض سقف القبة . هذا من بيت المال بأي حق يوضع يرد إلى بيت المال .اهـ موسوعة الخطب.
ثانيا\\. كثرة المعاصي والمنكرات وقلة الأمر بالمعروف:
ومن الأسباب التي تحل العذاب العاجل في الأمم فشو المنكرات وشيوعها، وذلك عندما تقصر الأمة بواجبها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال الله: {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال:25]. وعن زينب بنت جحش أنه دخل النبي صلى الله عليه وسلم عليها فزعًا يقول: ((لا إله إلا الله ويلٌ للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها، قالت زينب بنت جحشٍ: فقلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخبث)) [البخاري ح3346، مسلم ح2880].
يقول صلى الله عليه وسلم: ((لا تزال أمتي بخير ما لم يفش فيهم ولد الزنا فإذا فشا فيهم ولد الزنا فيوشك أن يعمهم الله عز وجل بعقاب)) [أحمد ح2629، وحسنه الحافظ ابن حجر في الفتح 10/193].
والمنكرات إنما تفشو وتظهر حين تقصر الأمة عن واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتصبح المعصية في المجتمع ظاهرة مألوفة، وحينها تعم العقوبة الجميع ((والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم)) [ الترمذي ح2169، وقال: هذا حديث حسن، أحمد ح22790]
وعن عبد الله بن عمر قال أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن:لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا)) [ابن ماجه ح4019، وصححه الألباني ح3246 ].
قال القرطبي: "وهذه سنة الله في عباده إذا فشا المنكر ولم يغير عوقب الجميع". [تفسير القرطبي 1/401].
يقول صلى الله عليه وسلم: ((ما من قومٍ يعمل فيهم بالمعاصي ثم يقدرون على أن يغيروا ثم لا يغيروا إلا يوشك أن يعمهم الله منه بعقابٍ)) [أبو داود ح3775، أحمد ح16]. قال أبو الطيب الآبادي: "قال القاري: إذا كان الذين لا يعملون المعاصي أكثر من الذين يعملونها فلم يمنعوهم عنها عمهم العذاب. وقال العزيزي: لأن من لم يعمل إذا كانوا أكثر ممن يعمل كانوا قادرين على تغيير المنكر غالبًا، فتركهم له رضًا به" [عون المعبود 11/329].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى تعمل الخاصة بعمل تقدر عليه العامة أن تغيره ولا تغيره، فذاك حين يأذن الله تعالى في
2490
هلاك العامة والخاصة)) [أحمد ح،17267، الطبراني 17/138، ورجاله ثقات، قال ابن حجر: إسناده حسن، فتح الباري 13/4]. قال المباركفوري: "تصيبكم عامة بسبب مداهنتكم" [تحفة الأحوذي 6/329].
قال ابن عباس: "أمر الله المؤمنين أن لا يقروا المنكرين أظهرهم، فيعمهم الله بعذاب يصيب الظالم وغير الظالم" [تفسير البغوي 2/241].
والعقاب الدنيوي الذي ينزل بالجميع لا يعني الاشتراك في العذاب في الآخرة، بل كل يحاسب عن عمله، فعن أم سلمة مرفوعاً: ((إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمهم الله عز وجل بعذاب من عنده فقلت: يا رسول الله أما فيهم يومئذ أناس صالحون؟ قال: بلى، قالت: فكيف يصنع أولئك؟ قال: يصيبهم ما أصاب الناس ثم يصيرون إلى مغفرة من الله ورضوان)) [أحمد ح26056].
قال القرطبي: "فإن قيل فكيف يعم بالهلاك مع أن فيهم مؤمنا ليس بظالم قيل يجعل هلاك الظالم انتقاما وجزاءا وهلاك المؤمن معوضاً بثواب الآخرة وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا أراد الله بقوم عذاباً أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على نياتهم))" [تفسير القرطبي10/120].
4. العتو والكبر والغرور:
والأمة العاتية المغرورة المستكبرة أمة تعرضت لعقوبة الله ونازعت الله ما يستحقه من الكبرياء والعظمة قال تعالى: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الأُولَى * وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى * وَقَوْمَ نُوحٍ مّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى} [النجم:50-52].
قال الطبري: " يقول تعالى ذكره: وأنه أهلك قوم نوح من قبل عاد وثمود، إنهم كانوا هم أشد ظلماً لأنفسهم وأعظم كفراً بربهم وأشد طغياناً وتمرداً على الله من الذين أهلكهم من بعد من الأمم، وكان طغيانهم الذي وصفهم الله به، وأنهم كانوا بذلك أكثر طغياناً من غيرهم من الأمم" [تفسير الطبري 27/78].
{أَوَلَمْ يَسيرُواْ فِى الأرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُواْ الأرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَاكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [الروم:9].
قال ابن كثير: "كانت الأمم الماضية والقرون السالفة أشد منكم. . وأكثر أموالاً وأولاداً، وما أوتيتم معشار ما أوتوا، ومكنوا في الدنيا تمكيناً لم تبلغوا إليه، وعمروا فيها أعماراً طوالاً، فعمروها أكثر منكم، واستغلوها أكثر من استغلالكم" [تفسير ابن كثير3/428]. ...وقد حكى النبي صلى الله عليه وسلم قصة بني إسرائيل عندما أصابهم شيء من العزة بالكثرة والعدد، فجاءتهم العقوبة من الله، وأصابتهم سنن الله العادلة التي تحيق بمن أصابه شيء من الكبر أو الغرور أو العزة بغير اللهروى أحمد عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى هَمَسَ شَيْئًا لَا نَفْهَمُهُ وَلَا يُحَدِّثُنَا بِهِ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطِنْتُمْ لِي قَالَ قَائِلٌ نَعَمْ قَالَ فَإِنِّي قَدْ ذَكَرْتُ نَبِيًّا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ أُعْطِيَ جُنُودًا مِنْ قَوْمِهِ فَقَالَ مَنْ يُكَافِئُ هَؤُلَاءِ أَوْ مَنْ يَقُومُ لِهَؤُلَاءِ أَوْ كَلِمَةً شَبِيهَةً بِهَذِهِ شَكَّ سُلَيْمَانُ قَالَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ اخْتَرْ لِقَوْمِكَ بَيْنَ
2491
إِحْدَى ثَلَاثٍ إِمَّا أَنْ أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ أَوْ الْجُوعَ أَوْ الْمَوْتَ قَالَ فَاسْتَشَارَ قَوْمَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالُوا أَنْتَ نَبِيُّ اللَّهِ نَكِلُ ذَلِكَ إِلَيْكَ فَخِرْ لَنَا قَالَ فَقَامَ إِلَى صَلَاتِهِ قَالَ وَكَانُوا يَفْزَعُونَ إِذَا فَزِعُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ فَصَلَّى قَالَ أَمَّا عَدُوٌّ مِنْ غَيْرِهِمْ فَلَا أَوْ الْجُوعُ فَلَا وَلَكِنْ الْمَوْتُ قَالَ فَسُلِّطَ عَلَيْهِمْ الْمَوْتُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَمَاتَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا فَهَمْسِي الَّذِي تَرَوْنَ أَنِّي أَقُولُ اللَّهُمَّ يَا رَبِّ بِكَ أُقَاتِلُ وَبِكَ أُصَاوِلُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ[أحمد ح23972].
5. الغلو في الدين:
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ الْعَقَبَةِ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ الْقُطْ لِي حَصًى فَلَقَطْتُ لَهُ سَبْعَ حَصَيَاتٍ هُنَّ حَصَى الْخَذْفِ فَجَعَلَ يَنْفُضُهُنَّ فِي كَفِّهِ وَيَقُولُ أَمْثَالَ هَؤُلَاءِ فَارْمُوا ثُمَّ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ>[أحمد ح3238، ابن ماجه ح3029،الحاكم 1/456] قال المناوي: "إياكم والغلو في الدين أي التشديد فيه ومجاوزة الحد والبحث عن غوامض الأشياء والكشف عن عللها "[فيض القدير 3/125]
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((دعوني ما تركتكم إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)) [البخاري ح6744، مسلم ح2380].
قال النووي: "المراد بهلاك من قبلنا هنا هلاكهم في الدين بكفرهم , وابتداعهم , فحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من مثل فعلهم".
قال ابن حجر عن المسائل الوارد ذمها في الحديث: "ما كان على وجه التعنت والتكلف" [فتح الباري 13/263].
ويفسر ابن تيمية الاختلاف على الأنبياء بالمخالفة لما فيه، قال ابن تيمية: "فأمرهم بالإمساك عما لم يؤمروا به معللاً ذلك بأن سبب هلاك الأولين ما كان إلا لكثرة السؤال ثم الاختلاف على الرسل بالمعصية كما أخبرنا الله عن بني إسرائيل من مخالفتهم أمر موسى في الجهاد وغيره، وفي كثرة سؤالهم عن صفات البقرة التي أمرهم بذبحها لكن هذا الاختلاف على الأنبياء هو والله أعلم مخالفة للأنبياء، كما يقال: اختلف الناس على الأمير إذا خالفوه" [اقتضاء الصراط المستقيم1/36]. ومن غلو أهل الكتاب إطراؤهم المسيح وقولهم أنه ابن الله، ومثله طاعتهم المطلقة لأحبارهم ورهبانهم.
6. كفران النعم:
قال تعالى :{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لازِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ} [إبراهيم:7].يقول الطبري في بيان معنى الآية: "ولئن كفرتم أيها القوم نعمة الله فجحدتموها بترك شكره عليها وخلافه في أمره ونهيه وركوبكم معاصيه إن عذابي لشديد، أعذبكم كما أعذب من كفر بي من خلقي" [تفسير الطبري 13/186].
وحكى الله مصارع الأمم التي كفرت نعم الله فقال: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ ءامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مّن كُلّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} [النحل:112]. قال المناوي: "ما زال شيء عن
2492
قوم أشد من نعمة لا يستطيعون ردها، وإنما ثبتت النعمة بشكر المنعم عليه للمنعم، وفي الحِكم: من لم يشكر النعمة فقد تعرض لزوالها، ومن شكرها فقد قيدها بعقالها. وقال الغزالي: والشكر قيد النعم، به تدوم وتبقى، وبتركه ينعقد وتتحول، قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد:11]" [فيض القدير 3/41].
وكما قال الله: {ذالِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيّراً نّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأنفال:53].قال الطبري: "يقول تعالى ذكره: إن الله لا يغير ما بقوم من عافية ونعمة فيزيل ذلك عنهم ويهلكهم حتى يغيروا ما بأنفسهم من ذلك بظلم بعضهم بعضاً واعتداء بعضهم على بعض، فتحل بهم حينئذ عقوبته وتغييره" [ تفسير الطبري 13/121].
7. التنافس في الدنيا والشح بما فيها:
ومن أسباب العذاب: الركون إلى الدنيا والتسابق فيها، وهو الداء الذي أهلك الأمم السابقة كما في قوله صلى الله عليه وسلم: ((إياكم والشح، فإنما هلك من كان قبلكم بالشح، أمرهم بالبخل فبخلوا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا)) [أبو داود ح1698، أحمد ح2753، الحاكم ح1516، ووافقه الذهبي].
قال ابن حجر: "فيه أن المنافسة في الدنيا قد تجر إلى هلاك الدين" [فتح الباري6/263].(/9)وهو ما حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته منه حين حذرها من فتنة الدنيا والتسابق فيها فقال: ((فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم)) [البخاري ح4015، مسلم ح2961]. وقال: ((إني مما أخاف عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها)) [البخاري ح1465، مسلم ح1052].فبسطة الدنيا على العباد سبب طغيانهم كما قال الله: {كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّءاهُ اسْتَغْنَى} [العلق:6، 7]. قال الطبري: "إن الإنسان ليتجاوز حده ويستكبر على ربه فيكفر به لأن رأى نفسه استغنت" [تفسير الطبري30/253].قال الله: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرّزْق لبغوا في الأرض ولمن ينزل بقدر ما يشاءَ} [الشورى:27]. قال ابن كثير: "أي لو أعطاهم فوق حاجتهم من الرزق لحملهم ذلك على البغي والطغيان من بعضهم على بعض أشراً وبطراً" [تفسير ابن كثير 4/116]
قال حميد أمين تولاه الله اختصرت هذا الموضوع من موسوعة الخطب وغيرها أسأله القبول آمين.كتبت هذا وأنا حس بمرارة على ما يجري الآن في بلاد المسلمين من الاقتتال الشديد على الكراسي وكل من الخالع والمخلوع يسعى لاكتساب الود والتأييد والرضى من أوربا وغيرها من دول الكفر المارقة والكل خاسر والخسارة الكبرى يتجرع مرارتها الشعوب المسالمة التي لاتحمل مسدسا ولا خنجرا فهي التي تكون ورقة الضغط لكل من المتصارعين إلى الله الشكوى وإليه المجتبى والمأوى وصلى الله وسلم وبارك على نبيه وآله في الآخرة والأولى.

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button