الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام المرسلين وآله وصحبه أجمعين وبعد :موضوع اليوم وجوب رد المظالم إلى أهلها ..> ايها الناس إن الظلم على البلاد والعباد والأسرموقعه وخيم هو سبب كبير في تحول العافيات وزوال النعم وحلول النقم وشتات الفكر وظلمة القلب ألا نذكر يوم شاهد ابن جهور ملكه يزولمن تحت يديه وهو يحمل أمتعته فارا بنفسه من بطش المعتمد ابن عباد الذي صادر ماله ، وقتل منهم من قتل، وسجن منهم من سجن، فخرج بنو جهور، ، بلا مال ولا جاه ولا سلطان، ذليل خائفا مذعورا
خرج وهو يلتفت إلى هذا البلدة التي طالما تمتع بحكمها، وعرف أنه لم يخرج منها إلا بسبب دعوات المظلومين، وبسبب الدماء التي سالت ظلماً وعدواناً، وبسبب الأموال التي أخذت بغير حق، وبسبب ظلمه للناس وحيفه في معاملتهم، عرف ابن جهور هذا فالتفت إلى قرطبة، فرفع يديه إلى السماء وقال:\
: اللهم كما أجبت الدعاء علينا، فأخرجتنا من جنات وعيون، وزروع ومقام كريم، ونعمة كنا فيها فاكهين، فأجب الدعاء لنا فإننا اليوم مسلمون مظلومون.
الظلم عند أهل اللغة: وضع الشيء في غير موضعه، وفي الشرع: هو عبادة غير الله تبارك وتعالى، ، قال سبحانه وتعالى على لسان لقمان لابنه: { * وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [لقمان:12-13]^ فالشرك ظلم، والظلم عند أهل الأصول هو عبادة غير الله أو الشرك مع الله أو الإشراك مع الله إلهاً آخر، قال سبحانه وتعالى: { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ } [الأنعام:82]^.
أيها المسلمون: في أجواء الظلم توضع الأمور في غير مواضعها، وتقع الأشياء في غير مواقعها، فيعظم الحقير، ويمجد الوضيع، ويوسد الأمر إلى غير أهله، وحينئذ تعاني الأمم الأمرّين من أحكام الجاهلية ومسالكها، وما استساغ أحد الظلم إلا لظلمة في قلبه، ودخل في طويته، وخلل في نفسه: { وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ } [النور:40].
الظالم يمتطي سفينة الغفلة، فيرد موارد الهلاك، يتجرأ على حقوق الآخرين ليقضي مآربه، دعته قوته وجاهه وماله ونفوذه ليتجاوز الحدود، ويعتدي على الحقوق، غفل عن الوقوف بين يدي جبار السماوات والأرض: { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ } [الفرقان:27] { يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمْ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ } [غافر:52].
2511>
قال تعالى { وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً } [طه:111] ظالم أثيم، لا يبالي بدين ولا قرابة، ولا يعبأ بمسئولية ولا رقابة: { وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ } [البقرة:165].
الظلم وخيم المرتع، سيئ العاقبة، هو منبع الرذائل، ومصدر الشرور، إذا فشا في أمة أهلكها، وإذا حل بقوم فرقهم، به تخرب الديار، وتزول القرى والأمصار، وتنتشر الفوضى ويعم الهرج.
وما تزول الدول ولا يضطرب الحال إلا بسب الظلم والتعسف والجور: { وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً } [الكهف:59] { وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ } [هود:102-103].
وجزاء الظلم سريع النزول معد للعقوبة، يقول بعض السلف : أعجل الأمور عقوبة وأسرعها إلى صاحبها ظلم من لا ناصر له، ومجاورة النعم بالتقصير، واستطالة الغني على الفقير.وفي الحديث الصحيح: { من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة، فقال رجل: يا رسول الله وإن كان يسيراً؟ قال: وإن كان قضيباً من أراك } رواه مسلم .
وبعض الناس قد يتوهم أن حكم الحاكم له بحق أخيه يبيحه له ويعفيه من مسئوليته، وهذا غلط فاحش، وفهم خاطئ، وغفلة مهلكة، وقلة فقه في الدين، فإن الحاكم بشر يخطئ ويصيب، وقد قال عليه الصلاة والسلام: { إنما أنا بشر، وإنما يأتيني الخصم فلعل أحدكم أن يكون أبلغ من بعض، فأحسب أنه صادق؛ فأقضي له، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من نار فليحملها أو يذرها }.
وفي الحديث الآخر: { من خاصم في باطل وهو يعلم لم يزل في سخط الله حتى يرجع } رواه أبو داود ، ويل لهؤلاء الظلمة من ثِقل الأوزار، وويل لهم وقد امتلأت بمظالمهم الديار، وأين المفر من ديان يوم الدين؟ يوم تنشق سماء عن سماء، ويأتي الرب لفصل القضاء، وتجتمع عند الله الخصوم: { مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ } [غافر:18] { وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ } [آل عمران:151].
{ المفلس: من يأتي يوم القيامة وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإذا فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار } بهذا صح الخبر عن نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم.اهـ دروس للشيخ صالح بن حميد
جاء في الصحيحين من رواية ابن عباس لما أرسل النبي صلى الله عليه معاذاً إلى اليمن قال: { وإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب }^ وفي السنن في الحديث الحسن قال صلى الله عليه وسلم: { ثلاثة لا ترد دعوتهم: -ومنهم- والمظلوم يرفع الله دعوته فوق الغمام، ويقول: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين }^.
2512>
سجن هارون الرشيد أبا العتاهية الشاعر وكان مظلوماً فأرسل له رقعة يقول فيها:
إلى الديان يوم العرض نمضي** وعند الله تجتمع الخصوم
فأخرجه وبكى هارون الرشيد من هذه الرقعة.
والظلم -هو- وضع الأمور في غير مواضعها، أتى ابن هاني الشاعر الفاجر الأندلسي فقال لأحد السلاطين:ما شئت لا ما شاءت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القهار
فابتلاه الله بمرض -فعقوبة الظالم تقع في الدنيا- حتى كان يتململ ويعوي وينبح كالكلب على فراشه وأخذ يبكي ويخاطب رب العزة ويقول:
أبعين مفتقر إليك نظرتني** فأهنتني وقذفتني من حالق
لست الملوم أنا الملوم لأنني** علقت آمالي بغير الخالق
وهذا جزاء من ظلم عباد الله.
ذكر ابن كثير و الذهبي في السير أن أحد السلاطين قدم عليه عالم من العلماء، فتقدم هذا العالم فقال كلمة الحق عند هذا السلطان، وقد صح بذلك الحديث: { أفضل الحهاد كلمة حق عند سلطان جائر }^ والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: { سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى سلطان ظالم فقال كلمة حق فقتله }^ فقام هذا العالم أمام هذا السلطان، فتكلم أمامه، فغضب السلطان فضربه على وجهه كفاً حتى أجلسه، فقال العالم: قطع الله يدك، فما مضى عليه شهر إلا وأخذ وعزر وقطعت يده وعلقت بباب الطاق في مدخل بغداد .
وذكر الذهبي و ابن كثير في ترجمة ابن الزيات الوزير العباسي الذي شارك في الحلف الابتداعي ضد إمام أهل السنة والجماعة الإمام أحمد بن حنبل صاحب التوجيه والتربية والهدى المستقيم، فكان ابن الزيات يستهزئ بتعاليم أهل السنة وشارك في سجن الإمام أحمد ، فكان الإمام يدعو في الثلث الأخير من الليل ويرفع يده إلى الحي القيوم على ابن الزيات يقول: اللهم احبسه في جسمه، قال الذهبي : فأصيب ابن الزيات في جسمه فشلَّ جسمه وأدخله الواثق في فرن وعذبه فأخذ يزوره علماء أهل السنة بعد موت الإمام أحمد ، قالوا: والله ما زرناك عواداً ولكن أتيناك شامتين، أتينا نشمت بك، يا أيها المبتدع الضال، يا رأس العمالة والضلالة، لقد أصابتك دعوة إمام أهل السنة والجماعة .
وأما أحمد بن أبي دؤاد القاضي المبتدع، الذي يقول عنه الذهبي : أحمدنا: أحمد بن حنبل و أحمد أهل البدعة: أحمد بن أبي دؤاد القاضي والوزير الكبير، فدعا عليه الإمام أحمد أن يعطيه الله أول جزاءه في الدنيا، فشل نصفه والنصف الآخر بقي مرتعشاً يقول: والله لو قرض نصفي بالمقاريض ما أحسست، ولو وقع الذباب على النصف الآخر لكأن القيامة قامت عليّ.
إن الظلم شأنه عظيم يوم يظلم الظالم فلا يجد له ناصراً ولا ولياً من دون الله، والظلمة على مر التاريخ كثيرون، ومن أعظم من ظلم أهل المبادئ والأسس وأهل الأهداف والدعوات، وعلى رأس القائمة سعيد بن المسيب ، طلب منه بنو أمية أن يبايعهم ليكون الملك وراثياً فرفض وقام في وجه هذا، وأنكر!!
2513>
ومن الظلم الذي تعرض له أرباب الدعوات الأصيلة والأهداف الجليلة: سعيد بن جبير ، استدعاه الحجاج ، قال الحجاج : عليّ بالذهب والفضة، فأتي بالذهب والفضة فنثر بين يدي سعيد ، وقال: خذ من هذا.قال سعيد : يا حجاج ! إن كنت أخذت هذا لتتقي به من غضب الله ومن نار أعدها الله لأعدائه، فقد والله أحسنت، وإن كنت أخذته للدنيا فهو متاع قليل، عما قليل يفارقك وتفارقه.
قال الحجاج : يا سعيد ! اختر أي قتلة تريد، فوالله لأقتلنك قتلة ما قتلها أحد من الناس.
قال سعيد : -وهو يتبسم- يا حجاج ! اختر لنفسك أي قتلة تريد أن تقتلني، فوالله الذي لا إله إلا هو لا تقتلني قتلة إلا قتلك الله بمثلها يوم القيامة.قال الحجاج : خذوه إلى غير القبلة.قال سعيد : { فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ } [البقرة:115]^.قال: أنزلوه إلى الأرض.قال: { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ } [طه:55]^.
قال: اذبحوه.قال: حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، اللهم لا تسلط الحجاج على أحد بعدي.سمع أهل الإسلام بمقتل سعيد بن جبير فاهتزت الدنيا، وقامت المساجد تصلي عليه،
فلما قتل قام الحسن البصري أو غيره فاستقبل القبلة، وقال: يا قاصم الجبابرة اقصم الحجاج ، يا قاصم الجبابرة! اقصم الحجاج ، يا قاصم الجبابرة! اقصم الحجاج ، فأخذ الحجاج بعد مقتل سعيد بن جبير شهراً يخور كما يخور الثور، يقول: والله ما مرت عليّ ليلة من الليالي إلا كأني أسبح في دمه، والله ما مر عليّ ليلة إلا كأن القيامة قامت، وقد رأيت عرش الله بارزاً للناس، وقد قتلني بكل إنسان مسلم قتلته مرة إلا سعيد بن جبير فقد أوقفني الله على الصراط فقتلني به سبعين مرة.{ وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء ٌ...>اهـ دروس للشيخ عائض القرني
++ فإذا جئنا -أيها الإخوة- إلى ظلم العباد بعضهم لبعض، فلنعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حرم ظلم المسلم لأخيه المسلم، فقال عليه الصلاة والسلام: ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ) الحديث رواه البخاري .
وظلم العباد لبعضهم في هذا الزمان منتشرٌ وشائعٌ للغاية، حتى صارت الجلطات وأمراض الضغط وما يحصل من الأزمات النفسية والقلبية شعاراً في هذا العصر ودليلاً على كثرة الظلم وانتشاره، وانعكس الظلم في شكل أمراضٍ خطيرة تصيب الناس لما يقع عليهم من حرمانهم حقوقهم ومن ظلمهم .
إذن:من جوانب ظلم العباد تأخير رد الدين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( مطل الغني ظلم ) رواه البخاري كالمقتدر الذي عنده ما يؤدي به، ومع ذلك لا يؤدي حقوق الناس، وهذا كثيرٌ اليوم في عالم التجارة والاقتراض، يأخذون البضائع بالدين، ولا يسددون وعندهم مال، يقول أحدهم: سأتوسع! أتتوسع من مال الغير؟! يقترض ليتاجر ثم
2514>
يقول للشخص: ليس عندي مال، ويقول: دعه ينتظر وأنا أنتظر الأرباح، مع أن أجل الدين قد حل، لكنهم ظلمة، يؤخر أحدهم ويماطل وعنده ما يسدد به الدين، والأموال موجودة، ولكن يقول: هكذا درجت العادة في السوق.
وقريبٌ من هذا ظلم التاجر للأُجراء والموظفين والعُمال بتأخير الرواتب وعنده مالٌ يدفعه إليهم.
أولا>>وجوب رد المظالم إلى أهلها\
، وهي المظالم التي أخذت من الأعراض والأموال والحقوق وذلك بأن ترد على أصحابها قبل ألا يكون درهم ولا دينار ولكن حسنات وسيئات، يؤخذ من سيئات الناس وتوضع عليك ويؤخذ من حسناتك وتدفع إلى الناس وهذه هي المقاصة عند الله يوم القيامة فلا درهم ولا دينار.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم, إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته, وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه)) رواه البخاري.
قال ابن حجر: "قوله: ((من عرضه أو شيء)) أي من الأشياء وهو من عطف العام على الخاص فيدخل فيه المال بأصنافه والجراحات حتى اللطمة ونحوها، وقوله: ((قبل أن لا يكون دينار ولا درهم)) أي يوم القيامة، ولا تعارض بين هذا وبين قوله تعالى: {ولا تزر وازرة وزرة أخرى} لأنه إنما يعاقب بسبب فعله وظلمه ولم يعاقب بغير جناية منه بل بجنايته, فقوبلت الحسنات بالسيئات على ما اقتضاه عدل الله تعالى في عباده".
روى مسلم\ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ>
روى مسلم عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ أَنَّ أَرْوَى خَاصَمَتْهُ فِي بَعْضِ دَارِهِ فَقَالَ دَعُوهَا وَإِيَّاهَا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ طُوِّقَهُ فِي سَبْعِ أَرَضِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً فَأَعْمِ بَصَرَهَا وَاجْعَلْ قَبْرَهَا فِي دَارِهَا قَالَ فَرَأَيْتُهَا عَمْيَاءَ تَلْتَمِسُ الْجُدُرَ تَقُولُ أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ فَبَيْنَمَا هِيَ تَمْشِي فِي الدَّارِ مَرَّتْ عَلَى بِئْرٍ فِي الدَّارِ فَوَقَعَتْ فِيهَا فَكَانَتْ قَبْرَهَا
وهذا الحديث ، له قصة فقد كانت له مزرعة في العقيق و العقيق ضاحية من ضواحي المدينة فأتت امرأة عجوز فشكته إلى مروان بن الحكم ، وقالت: هذا اغتصب أرضي ومزرعتي، والمزرعة له، فدعاه مروان والي المدينة وقال: أتأخذ حقها؟ قال: ما كان لي أن آخذ من حقها شيئاً بعد أن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: { من اقتطع مال امرئ مسلم بغير حق لقي الله وهو عليه غضبان } ولكن ليس له بينة وكان عليها أن تحلف أو تقسم.فأقسمت العجوز أن الأرض لها فأخذت الأرض.فقال سعيد بن زيد : [[
2515>
اللهم إن كانت كاذبة فأعم بصرها واقتلها في مزرعتها ]] فعمي بصرها وذهبت تأخذ ماءً فوقعت في البئر ميتة.
وهذه من كرامات الأولياء، والمقصود من هذا أن على العبد أن يرد مظالم الناس التي أخذها من عقار ودار ومال وأعراض بسب أو شتم وأن يستغفر لهم ويتوب من ذلك وأن يستسمحهم قبل العرض الأكبر وقبل الطامة الكبرى . فمن شروط التوبة- رد المظالم إلى العباد التي أخذتها: الأموال، الأراضي، السيارات، الممتلكات، أما أن تأخذ أموال الناس وتسرقها، وتحلف على ديون الناس وتقول: تبت إليك يا رب ! فليست بتوبة؟! حقوق الناس مبنية على المشاحة وحقوقه تعالى مبنية على المسامحة، أنت إذا أذنبت على الله من الأرض إلى السماء، ثم تبت إليه غفر لك، وإذا أذنبت مع العبد، فأخذت من حقه، بقي معك حتى يلحقك يوم القيامة.. اهـ عائض القرني .موسوعة الخطب
قال الشيخ محمد المنجد\\على المسافر أن يبدأ إذا احتاج إلى السفر برد المظالم، وقضاء الديون؛ نسمع بأناس عليهم ديون متراكمة لكن مع ذلك يسافرون، وينفقون الأموال التي من المفترض أن يسددوا بها ديونهم، والدين غلٌ في عنق صاحبه، والرسول صلى الله عليه وسلم رفض أن يُصلي على الجنازة التي على صاحبها دين، وهؤلاء يبعثرون الأموال.
خرج ابن المبارك رحمه الله إلى ثغر من ثغور المسلمين للجهاد، وكان إذا وصل إلى تلك البلدة القريبة من الثغر يأتي إليه شاب من شباب المسلمين، ويقوم بحوائج ابن المبارك يخدمه ويسمع منه الحديث، فقدم عبد الله بن المبارك مرة إلى تلك المدينة، فجاء النفير بالجهاد فخرج مستعجلاً؛ ولكنه لم ير صاحبه الشاب الذي كان يأتي في العادة ليخدمه، فلما رجع سأل عنه، فقالوا: إنه محبوس على عشرة آلاف درهم من الدين، فاستدل على الغريم، وسأل: من هو صاحب الدين؟ وأعطاه عشرة آلاف، وحلفه ألا يخبر أحداً طيلة حياته؛ فأُخرج الرجل المدين من السجن، وذهب ابن المبارك وسافر، فلحقه الفتى على مرحلتين من الرقة فقال ابن المبارك : يا فتى أين كنت؟ ما رأيتك.
فقال: يا أبا عبد الرحمن كنت محبوساً بدين.قال: وكيف خلصت؟ قال: جاء رجل فقضى ديني ولم أدر.هذا عبد الله بن المبارك يتظاهر أنه لا يعرف عن الأمر شيئاً، قال عبد الله للفتى: فاحمد الله، ولم يعلم الرجل إلا بعد موت عبد الله ، لكي تنقطع كل شوائب الرياء من الموضوع...
في موسوعة الخطب \إذا أرادت الأمة الخروج من هذا النفق المظلم، والتخلص من تلك الفتن العمياء، والدواهي الصماء التي حلت بنا بما كسبت أيدينا، ينبغي علينا رد المظالم والتخلص منها، رعاة ورعية.والظلم ظلمان:1>. ظلم أكبر\
وهو الشرك: "يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ"، وهو أن يتخذ المرء مع الله نداً يصرف إليه شيئاً من العبادة، كالدعاء الذي هو مخ العبادة وأسها، والاستغاثة،
2516>
والذبح، والنذر، والتحاكم لغير شرع الله،.لقد كثرت الممارسات الشركية في بلادنا،حتى أصبح رواد القبور كثر يلودون بأصحابها ويبارك هذا كثر من العلماء هداهم الله
إن من أوجب واجبات العالم حماية جناب التوحيد، ومحاربة الابتداع في الدين، وهذا قبل الأمر بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة: "الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ".
ولا يظنن متوهم كما سبق أن هذا ليس وقت مناصحة، إذ المناصحة ليس لها وقت، فهي تتعين إذا حدث ما يوجبها، فلا يصح تأخير البيان عن وقت الحاجة.
في موقعة شقحب: (لما جاء السلطان - إليها - لاقاه شيخ الإسلام ابن تيمية، وجعل يشجعه ويثبته، فلما رأى السلطان كثرة التتار، قال: يا لخالد بن الوليد!فقال له شيخ الإسلام: لا تقل هذا، بل قل: يا الله! واستغث بالله ربك، ووحِّده وحده تنصر، وقل: يا مالك يوم الدين، إياك نعبد وإياك نستعين! وما زال يطل تارة على الخليفة المستكفي بالله، وتارة على الملك الناصر بن قلاوون، ويهدئهما، ويربط جأشهما، حتى جاء نصر الله والفتح، وقال للسلطان: أنت منصور فاثبت!فقال له بعض الأمراء: قل إن شاء الله؛ فقال: إن شاء الله تحقيقاً، لا تعليقاً! فكان كما قال).وكذلك نصح شيخ الإسلام لبعض القبوريين في بداية هجوم التتار على الشام، حيث قال قائلهم:
++يا خائفين من التتر لوذوا بقبر أبي عمر++لوذوا بقبر أبي عمر ينجيكم من الخطر++
فقال له شيخ الإسلام: والله لو كان أبو عمر حياً لما استطاع أن يفعل شيئاً ونحن في هذا الفساد العقدي والخلقي وعدم الاستعداد؛ فأخذ ينصح، ويوجه، ويحض على القتال والجهاد، حتى نصرهم الله على الأعداء.فإذا كان شيخ الإسلام نصح للخليفة الحاكم في حال القتال ومواجهة العدو فكيف بمن سواه في حال الأمن أوالخوف
.2>. ظلم أصغر
وهو ظلم العباد بعضهم لبعض، وهو قسمان:• ... قسم صادر من ولاة الأمر.• ... وقسم صادر من العامة على بعضهم.وكلاهما يجب رده والتخلص منه.والظلم الصادر من ولاة الأمر أخطر على العباد والبلاد من ظلم بعضهم لبعض، ولهذا يجب على ولاة الأمر من العلماء أن ينصحوا فيه للحكام، ويكرروا فيه النصح، ولا ييأسوا من ذلك.?
يتمثل ظلم ولاة الأمر للرعية في الآتي• ... فرض الضرائب والرسوم الباهظة
لا شك أنه يجوز لولي الأمر أن يفرض رسوماً على المستطيعين إذا دعى الحال، ولم تف موارد الدولة لحماية الثغور وصد العدو الصائل خاصة، وللقيام بالخدمات العامة، بشروط:
1>. أن لا يكون فيها إجحاف على الرعية2.>>. أن تفرض على المستطيعين دون الفقراء.3. أن يجتهد في ترشيد ما لديه من أموال.
4. أن يبدأ بنفسه إن كانت له أرصدة أوكانت له ممتلكات وعقار، فعليه أن يبيعها، فإن لم تف بعد التدبير، والإرشاد، والاقتصاد على الضروريات، جاز أن يفرض ما يمكنه من القيام بالواجبات.
2517>
5>>. أن لا تكون هذه الرسوم ثابتة، وفي ازدياد مضطرد، ولكن حسب الحال. قال إمام الحرمين: (فإذا مست الحاجة إلى استمداد نجدة الدين وحرسة المسلمين من الأموال، ولم يقع الاجتزاء والاكتفاء بما يتوقع على المغيب من جهة الكفار، وتحقق الاضطرار في إدامة الاستظهار، وإقامة حفظ الديار، إلى عون من المال مطرد دار، ولو عين الإمام أقواماً من ذوي اليسار، لجر ذلك حزازات في النفوس.. وإذا رتب على الفضلات والثمرات والغلات قدراً قريباً، كان طريقاً في رعاية الجنود والرعية مقتصدة مرضية.اهـ موسوعة الخطب.
ثانيا>>صور من رد المظالم \.
1>ـ الصورة الأولى\ مارواه أبو داودعَنْ أَنَسٍ قَالَ
النَّاسُ يَا رَسُولَ اللَّهِ غَلَا السِّعْرُ فَسَعِّرْ لَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُطَالِبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ>في عون المعبود \وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ وَمَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهُ عَلَى تَحْرِيم التَّسْعِير وَأَنَّهُ مَظْلِمَة . وَوَجْهه أَنَّ النَّاس مُسَلَّطُونَ عَلَى أَمْوَالهمْ ، وَالتَّسْعِير حَجْر عَلَيْهِمْ ، وَالْإِمَام مَأْمُور بِرِعَايَةِ مَصْلَحَة الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ نَظَره فِي مَصْلَحَة الْمُشْتَرِي بِرُخْصِ الثَّمَن أَوْلَى مِنْ نَظَره فِي مَصْلَحَة الْبَائِع بِتَوْفِيرِ الثَّمَن ، وَإِذَا تَقَابَلَ الْأَمْرَانِ وَجَبَ تَمْكِين الْفَرِيقَيْنِ مِنْ الِاجْتِهَاد لِأَنْفُسِهِمْ وَإِلْزَام صَاحِب السِّلْعَة أَنْ يَبِيع بِمَا لَا يَرْضَى بِهِ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { إِلَّا أَنْ تَكُون تِجَارَة عَنْ تَرَاضٍ } وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ جُمْهُور الْعُلَمَاء وَرُوِيَ عَنْ مَالِك أَنَّهُ يَجُوز لِلْإِمَامِ التَّسْعِير ، وَأَحَادِيث الْبَاب تَرُدّ عَلَيْهِ . كَذَا فِي النَّيْل
قَالَ الْمُنْذِرِيّ : وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَهْ ، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَسَن صَحِيح....
2ــالصورة الثانية\ وفي المعجم الكبير للطبراني\ عَنْ حُصَيْنٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أَبِي لَيْلَى ، عَنْ أُسَيْدِ بن حُضَيْرٍ ، أَنَّ رَجُلا كَانَ يُضْحِكُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِصْبَعِهِ فِي خَاصِرَتِهِ ، قَالَ : قَتَلْتَنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : اقْتَصَّ ، قَالَ : إِنَّ عَلَيْكَ قَمِيصًا وَلَمْ يَكُنْ عَلَيَّ قَمِيصٌ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِيصَهُ حَتَّى بَدَا كَشْحُهُ فَاحْتَضَنَهُ ، وَجَعَلَ يُقَبِّلُ كَشْحَهُ ، وَيَقُولُ : بِأَبِي وَأُمِّي هَذَا أَرَدْتُ>***الكشح : الخَصْر وهو ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلفي
وفيه أيضا : عَنْ أُسَيْدِ بن حُضَيْرٍ ، قَالَ : بَيْنَمَا هُوَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ فِيهِ مِزَاحٌ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ لِيُضْحِكَهُمْ ، فَطَعَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَاصِرَتِهِ ، فَقَالَ : أَصْبِرْنِي ، فَقَالَ : اصْطَبِرْ ، فَقَالَ : إِنَّ عَلَيْكَ قَمِيصًا ، وَلَيْسَ عَلَيَّ قَمِيصٌ ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِيصَهُ فَاحْتَضَنَهُ ، وَجَعَلَ يُقَبِّلُ كَشْحَهُ ، وَيَقُولُ : إِنَّمَا أَرَدْتُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ) . ...في عو ن المعبود\" وَاصْبِرْنِي " أَيْ أَقِدْنِي مِنْ نَفْسك وَ " وَاصْطَبِرْ " أَيْ اِسْتَقِدْ . وَالِاصْطِبَار : الِاقْتِصَاص .يُقَال : أَصَبَرْته بِقَتِيلِهِ : أَقَدْته مِنْهُ .
3>ـ الصورة الثالثة\مارواه أبو داودعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ
2518>
بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ قَسْمًا أَقْبَلَ رَجُلٌ فَأَكَبَّ عَلَيْهِ فَطَعَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُرْجُونٍ كَانَ مَعَهُ فَجُرِحَ بِوَجْهِهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَالَ فَاسْتَقِدْ فَقَالَ بَلْ عَفَوْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ>
4>ـ الصورة الرابعة\ما رواه النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيث مُحَمَّد بْن هِلَال عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ : " كُنَّا نَقْعُد مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِد ، فَإِذَا قَامَ قُمْنَا ، فَقَامَ يَوْمًا وَقُمْنَا مَعَهُ حَتَّى إِذَا بَلَغَ وَسَط الْمَسْجِد أَدْرَكَهُ أَعْرَابِيّ ، فَجَبَذَ بِرِدَائِهِ مِنْ وَرَائِهِ ، وَكَانَ رِدَاؤُهُ خَشِنًا ، فَحَمَّرَ رَقَبَته ، قَالَ يَا مُحَمَّد ، اِحْمِلْ لِي عَلَى بَعِيرَيَّ هَذَيْنِ ، فَإِنَّك لَا تَحْمِل مِنْ مَالِك وَلَا مِنْ مَال أَبِيك ، فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا ، وَأَسْتَغْفِر اللَّه ، لَا أَحْمِل لَك حَتَّى تُقِيدنِي مِمَّا جَبَذْت بِرَقَبَتِي ، فَقَالَ الْأَعْرَابِيّ : لَا وَاَللَّه لَا أُقِيدك ، فَلَمَّا سَمِعْنَا قَوْل الْأَعْرَابِيّ أَقْبَلْنَا إِلَيْهِ سِرَاعًا فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : عَزَمْت عَلَى مَنْ سَمِعَ كَلَامِي أَنْ لَا يَبْرَح مَقَامه حَتَّى آذَن لَهُ ، فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلِ مِنْ الْقَوْم : يَا فُلَان اِحْمِلْ لَهُ عَلَى بَعِير شَعِيرًا ، وَعَلَى بَعِير تَمْرًا ثُمَّ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اِنْصَرِفُوا " .تَرْجَمَ عَلَيْهِ الْقَوَد مِنْ الْجَبْذَة ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ .
5>ـالصورة الخامسة\ من صور الظالم ما جاء في المعجم الكبير عن مُوسَى بن عَبْدِ اللَّهِ بن حَسَنِ بن حَسَنِ بن عَلِيِّ بن أَبِي طَالِبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ الْحَسَنِ بن عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : لَمَّا احْتُضِرَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : يَا عَائِشَةُ ، انْظُرِي اللِّقْحَةَ الَّتِي كُنَّا نَشْرَبُ مِنْ لَبَنِهَا ، وَالْجِفْنَةَ الَّتِي كُنَّا نَصْطَبِحُ فِيهَا ، وَالْقَطِيفَةَ الَّتِي كُنَّا نَلْبَسُهَا ، فَإِنَّا كُنَّا نَنْتَفِعُ بِذَلِكَ حِينَ كُنَّا فِي أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ ، فَإِذَا مِتُّ ، فَارْدُدِيهِ إِلَى عُمَرَ ، فَلَمَّا مَاتَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَرْسَلْتُ بِهِ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ لَقَدْ أَتْعَبْتَ مَنْ جَاءَ بَعْدَكَ.
6>ـالصورة السادسة من صورالظلم \مارواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقٌّ فَأَغْلَظَ لَهُ فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا فَقَالَ لَهُمْ اشْتَرُوا لَهُ سِنًّا فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ فَقَالُوا إِنَّا لَا نَجِدُ إِلَّا سِنًّا هُوَ خَيْرٌ مِنْ سِنِّهِ قَالَ فَاشْتَرُوهُ فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ أَوْ خَيْرَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً>
.في الفتح \وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ الْمُطَالَبَةِ بِالدَّيْنِ إِذَا حَلَّ أَجَلُهُ . وَفِيهِ حُسْنُ خُلُقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِظَمُ حِلْمِهِ وَتَوَاضُعه وَإِنْصَافه ، وَأَنَّ مَنْ عَلَيْهِ دَيْن لَا يَنْبَغِي لَهُ مُجَافَاة صَاحِبِ الْحَقِّ ، وَأَنَّ مَنْ أَسَاءَ الْأَدَب عَلَى الْإِمَامِ كَانَ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ بِمَا يَقْتَضِيه الْحَالُ إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ صَاحِبُ الْحَقِّ
7>ـ الصورة السابعة من صور الظلم ما يلي : محمد بن مسلمة:فقد اشترى زيتا إلى أجل وبالتالي وجد فيه فأرا ميتا فذهب بالزيت إلى الصحراء فألقاه هناك ولما حل الأجل لم يجد ما يسدد به الدين فألقي عليه القبض فأودع في السجن فجاء السجان بالليل وقال له يا إمام إذا أردت أن تذهب إلى أهلك ليلا ثم ترجع في الصباح فلتفعل فقال له يا هذا <لا
2519>
أريد أن أعينك على خيانة الولي>وفي هذه الأثناء مات أنس بن مالك وجاء في ضمن وصيته أن الذي يتولى غسله هو محمد بن مسلمة فبلغ الخبر إلى الوالي فأمر بإخراجه لإنفاذ الوصية فأبى وقال <حتى يأذن لي صاحب الحق ولما أذن له خرج فغسل أنس بن مالك ثم عاد إلى السجن من دون أن يزور أهله>وهذا السلوك إنما يفعله من يرى الله نصب عينيه ويستحضر جلاله وعظمته لا من يرى البشر.ويوم تحررت مصر2011 من جبارها المتسلط <مبارك > فتحت السجون على أهلها فهربوا في ظل الثورة بقي أحد المعتقلين الذي اعتقل ظلما بتهمة شبهة قتل الزعيم الأول السادات بقي في السجن لأنه لم يؤذن له في الخروج رغم أنه قضى السنين التي حوكم بها عليه وهذا عمل لايعمله غلا من يراقب الله اللهم ارزقنا المراقبة آمين.والله أعلم
ثالثا>>ـ أنواع المظالم \
1>،ـ من أنواع المظالم :تصرف أحد الورثة في مالهم بعد وفاة الموروث. وربما حرمهم من معظم التركة .وطريقة إخراج التركة تضاربت فيها الآراء والمذاهب.
1>ـ مذهب المحدثون ويمثله السيد سابق مع ذكر مذهب الحنفية والشافعية \في فقه السنة\التركة هي ما يتركه الميت من الاموال مطلقا (1) - ويقرر هذا ابن حزم فيقول: " إن الله أوجب الميراث فيما يخلفه الانسان بعد موته من مال لا فيما ليس بمال، وأما الحقوق فلا يورث منها إلا ما كان تابعا للمال أو في معنى المال، مثل حقوق لارتفاق والتعلي وحق البقاء في الارض المحتكرة للبناء الغرس وهي عند المالكية والشافعية والحنابلة تشمل جميع يتركه الميت من أموال وحقوق سواء أكانت الحقوق مالية أم غير مالية.الحقوق المتعلقة بالتركة: الحقوق المتعلقة بالتركة أربعة: وهي كلها ليست بمنزلة واحدة بل بعضها أقوى من بعض فيقدم على غيره في الاخراج من التركة على الترتيب الاتي: 1 - الحق الاول: يبدأ من تركة الميت بتكفينه وتجهيزه على النحو الذي سبق ذكره في باب الجنائز.
2 - الحق الثاني: قضاء ديونه.فابن حزم والشافعي يقدمون ديون الله كالزكاة والكفارات على ديون العباد.والحنفية يسقطون ديون الله بالموت فلا يلزم الورثة اداؤها إلا إذا تبرعوا بها أو أوصى الميت بأدائها.وفي حالة الايصاء بها تصير كالوصية لاجنبي يخرجها الوارث أو الوصي من ثلث الفاضل بعد التجهيز وبعد دين العباد.هذا إذا كان له وارث فإذا لم يكن له وارث فتخرج من الكل.والحنابلة يسوون بينها، كما نجد أنهم جميعا اتفقوا على أن ديون العباد العينية مقدمة على ديونهم المطلقة.++ الدين العيني هو الذي تعلق بعين المال.
3 - الحق الثالث: - تنفيذ وصيته من ثلث الباقي بعد قضاء الدين.
4 - الحق الرابع: - تقسيم ما بقي من ماله بين الورثة.اهـ
+روى أحمد.وأصحاب السنن: عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم: فقال: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صيام شهر أفأقضيه
2520>
عنها؟ فقال: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صيام شهر أفأقضيه عنها؟ فقال: " لو كان على أمك دين أكنت قاضيه؟ " قال: نعم.قال: " فدين الله أحق أن يقضى "
2>ـ المذهب الظاهري ويمثله الشيخ ابن حزم وعندي هو أقوى .يقول ابن حزم\ أول ما يخرج مما تركه الميت ان ترك شيئا من المال قل أو كثر ديون الله تعالى ان كان عليه منها شئ كالحج.والزكاة.والكفارات ونحو ذلك ثم ان بقى شئ أخرج منه ديون (3) الغرماء ان كان عليه دين فان فضل شئ كفن منه الميت وان لم يفضل منه شئ كان كفنه على من حضر من الغرماء أو غيرهم، فان فضلبعد الكفن شئ نفذت وصية الميت في ثلث ما بقى ويكون للورثة ما بقى بعد الوصية * برهان ذلك قول الله تعالى في آيات المواريث: (من بعد وصية يوصى بها أو دين) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فدين الله أحق أن يقضى أقضوا الله فهو أحق بالوفاء) .
فالآية تعم ديون الله تعالى وديون الخلق، والسنن الثابتة بينت أن دين الله تعالى مقدم على ديون الخلق، وأما الكفن فقد ذكرناه في كتاب الجنائز، وصح أن حمزة.والمصعب بن عمير رضى الله عنهما لم يوجد لهما شئ الا شملة شملة فكفنا فيهما، وقال قوم: الكفن مقدم على الديون * قال أبو محمد: وهذا خطأ لان النص جاء بتقديم الدين كما تلونا فإذ قد صار المال كله للغرماء بنص القرآن فمن الظلم أن يخص الغرماء باخراج الكفن من مالهم دون مال سائر من حضر إذ لم يوجب ذلك قرآن.ولا سنة.ولا اجماع.ولا قياس.ولا نظر ولا احتياط لكن حكمه انه لم يترك شيئا أصلا ومن لم ترك شيئا فكفنه على كل من حضر من المسلمين لامر رسول الله صلى الله عليه وسلم من ولى كفن أخيه أن يحسنه فصار احسان الكفن فرضا على كل من حضر الميت، فهذا عموم للغرماء وغيرهم ممن حضر ولا خلاف في أن الوصية لا تنفذ الا بعد انتصاف الغرماء لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ان دماءكم وأموالكم عليكم حرام) فمال الميت قد صار في حقوق الله تعالى أو للغرماء بموته كله أو بعضه فحرام عليه الحكم في مال غيره وانما ينفذ حكمه في ماله الذي يتخلف فصح بهذا أن الوصية فيما يبقى بعد الدين
3>ـ المذهب المالكي يمثله الشيخ خليل \طريقة إخراج المالكية للتاركة هي كالتالي : الحقوق المتعلقة بالتركة الجواب> خمسة.وتخرج على الترتيب التالي :أولها : الدين المرتهن كالدار مثلا ..ثانيها:مؤن التجهيز من ثمن الكفن والغسل والحفر . يقال مؤنة ومؤن كغرفة وغرف .ثالثها :دين مترتب في ذمة الميت .رابعها :الوصية .خامسها :الإرث في الباقي للورثة .
قال خليل : يُخْرَجُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ ، حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ : كَالْمَرْهُونِ ، وَعَبْدٍ جَنَى ثُمَّ مُؤَن ُتجهيزه بالمعروف، ثم تقضى ديونه، ثم وصاياه من ثلث الباقي، ثم الباقي لوارثه
التَّرِكَةُ : بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَيَجُوزُ تَسْكِينُ الرَّاءِ مَعَ فَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا ، وَهُوَ بِمَعْنَى الْمَتْرُوكِ ، كَالطِّلْبَةِ بِمَعْنَى : الْمَطْلُوبِ وَتَرِكَةُ الْمَيِّتِ تُرَاثُهُ وَهُوَ الْمِيرَاثُ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ
2521>
: بِأَنَّهُ حَقٌّ قَابِلٌ لِلتَّجْزِيءِ ثَبَتَ لِمُسْتَحِقٍّ بَعْدَ مَوْتِ مَنْ كَانَ لَهُ لِوُجُودِ قَرَابَةٍ بَيْنَهُمَا أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا ...بَدَأَ أَوَّلًا بِبَيَانِ الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالتَّرِكَةِ وَنِهَايَتِهَا خَمْسَةٌ
.وقال الرسموكي
يخرج من تركة الذي هلك ++.حق تعلق ببعض ما ترك
ثم مئونه فدين الذمة ++ ثم إيصاؤه والإرث في البقية
في منح الجليل \\
وَالْحُقُوقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالتَّرِكَةِ خَمْسَةٌ لِأَنَّهُ إمَّا ثَابِتٌ قَبْلَ الْمَوْتِ وَمُتَعَلِّقٌ بِعَيْنِهَا كَالرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ أَوْ بِالذِّمَّةِ كَالدَّيْنِ ، وَإِمَّا ثَابِتٌ بِالْمَوْتِ وَهُوَ إمَّا لِلْمَيِّتِ وَهِيَ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ بِسَبَبِهِ وَهِيَ الْوَصِيَّةُ أَوْ لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ سَبَبٍ وَهِيَ الْإِرْثُ
2>ـ من أنواعها:مطل الأغنياء وعدم سداد ديونهم أو عدم إعطاء العمال حقوقهم وتسويفهم ورُبَّ دعوة مظلوم تُسقِط دولة؛ ولذلك جاء في الحديث: { اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب } وجاء في مسند الإمام أحمد وغيره بسند حسن: { اتق دعوة المظلوم ولو فاجراً -وفي رواية ولو كافراً- } ففجوره على نفسه، فإن الظلم من أعظم أسباب زوال الدول، ولذلك قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: إن الله تعالى ينصر الدولة العادلة ولو كانت كافرة، ويخذل الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة. فالعدل أساس الملك -كما يقال- وكثيراً ما تجد سبب زوال دولة ظلم، إما ظلم عام، أو ظلم خاص. فمن الظلم العام -مثلاً-: نهب أموال الرعية، وأخذ أراضيهم، والمحسوبية في الشركات والأعمال والوظائف وغيرها. في الحديث القدسي: { يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا } فأكل مال اليتيم، والتفريط في الوصايا، وعقوق الوالدين والأرحام، والمماطلة في المعاملات، والغصب والسرقة، والاختلاس، وأكل الربا، وتطفيف المكيال والميزان، والعسف والتغرير بالعميل، وخيانة الودائع والأجير والوكيل والكفيل والشريك، والحكم والولايات العامة والخاصة، والقضاء، كل ذلك وأمثاله من المعاملات والتعاملات والعلاقات؛ التفريط فيها والخيانة لها والغش فيها ظلم مقت الله أهله، وأحاطت بالديار عواقبه، و { بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } [هود:44] .
إذن:من جوانب ظلم العباد تأخير رد الدين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( مطل الغني ظلم ) رواه البخاري كالمقتدر الذي عنده ما يؤدي به، ومع ذلك لا يؤدي حقوق الناس، وهذا كثيرٌ اليوم في عالم التجارة والاقتراض، يأخذون البضائع بالدين، ولا يسددون وعندهم مال، يقول أحدهم: سأتوسع! أتتوسع من مال الغير؟! يقترض ليتاجر ثم يقول للشخص: ليس عندي مال، ويقول: دعه ينتظر وأنا أنتظر الأرباح، مع أن أجل الدين قد حل، لكنهم ظلمة، يؤخر أحدهم ويماطل وعنده ما يسدد به الدين، والأموال موجودة، ولكن يقول: هكذا درجت العادة في السوق.
وقريبٌ من هذا ظلم التاجر للأُجراء والموظفين والعُمال بتأخير الرواتب وعنده مالٌ يدفعه إليهم.
2522>
عن أنس رضي الله عنه قال: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يحتجم ولم يكن يظلم أحداً أجره ) حديثٌ صحيح.
حتى الحجام يعطيه أجره كاملاً، يعطيه ديناراً، ومعلوم أن الدينار أربعة غرامات وربع من الذهب، فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يظلم أحداً أجره حتى الحجام.
وهؤلاء يؤخر أحدهم الرواتب بالأشهر عن العمال والموظفين، وعنده ما يدفع، فإذا نوقش قال: كل الشركات هكذا، كل السوق هكذا، أنا أحسن من غيري، هل تريد إذا ظلم الناس أن تظلم مثلهم؟ لماذا نمشي على العادة السيئة الموجودة بين بعض الناس ونقول: نظلم مثلما ظلم الآخرون؟! ثم يقول: سأعطيهم قبل السفر، يمنع الخادمة ويقول: سأعطيها قبل السفر، وهل المستحق عليك قبل السفر أم المستحق عليك في آخر الشهر؟ هذا ظلم { وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } [آل عمران:140] { أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ } [هود:18].
3>ـومن أنواعها تفادي رد الحقوق إلى أهلها والتهرب من أدائها باتخاذ طريق من الطرق الإحتيالية ككتابة ما يملك للزوجة أو أحد الأقارب فرارا من عقوبة المطالبة وهو الكثير ممن يضاربون في الصفقات الكبرى خاصة منهم من توليهم الدولة مسؤولية هذه الصفات التي قلما يسلم أهلها من السرقة منها فتجده حتى لايقال له من أين لك هذا يكتب كل ما يملك في اسم الزوجة
4>ـ ومن أشد أنواع الظلم وأخطرها عاقبة عقوق الوالدين، وقطيعة الأرحام، والحيف على الزوجات، وسوء تربية البنين، كل ذلك من عظيم الظلم وموجبات العقوبة والإثم.
5>ـ من أنواع الظلم ظلم العبد لربه بالشرك به لأن الله يقول: { يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [لقمان:13]،
ومن أنواع الظلم لربه الأعراض عن ــ ءايات الله لقوله تعالى (( فمن أظلم ممن كذب بئايات الله وظرف عنها )) ومنه عدم الاستحابة لله والرسل وللوعادة لقوله تعالى (( وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودون في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ))
6>ـ ومن أنواع الظلم: التفاوت والطبقية في الناس، بحيث إنه إذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد، وإذا سرق الشريف تركوه، فكأن هناك أناساً يجري في عروقهم دم مقدس، إن سرقوا، أو زنوا، أو فجروا، لا تقام عليهم الحدود، فيتركون وربما يؤدبون بأدب معين، كأن يسجن، أو يوبخ، أو يجرد من منصبه، أو ما أشبه ذلك، لكن لا يقام عليه حد وحكم الله تعالى، فإذا سرق ضعيف من سائر الناس، فإنه يقام عليه الحد؛ فهذا من الظلم، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أنه من أسباب هلاك الأمم، فلما كُلِّم في المخزومية التي سرقت قال صلى الله عليه وسلم: { إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الضعيف قطعوه -وفي رواية أقاموا عليه الحد- وإذا سرق فيهم الشريف تركوه، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد صلى الله عليه وسلم يدها } إلى هذا الحد بلغ العدل، حتى مع أقرب الناس.
2523>
7>ـ ومن الظلم العظيم منع الناس من العبادة والحيلولة بينهم وبين أماكنها، كما قال عز وجل: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [البقرة:114].
8>ـ ومن الظلم الظلم بأخذ أرض الغير\
ومن أوجه الظلم: الظلم بأخذ أرض الغير: عن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من ظلم من الأرض قيد شبر طُوقه من سبع أرضين ) رواه البخاري رحمه الله.
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن -وكانت وبينه وبين أناسٍ خصومة في أرضٍ- فدخل على عائشة فذكر لها ذلك، فقالت: يا أبا سلمة ! اجتنب الأرض؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من ظلم قيد شبرٍ طوقه من سبع أرضين ) رواه البخاري
9>ـومن الظلم \ أكل أموال اليتامى ظلم عظيم\
ومن الظلم أكل مال اليتيم، كما قال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً } [النساء:10].
لقد بلغ الظلم والانحراف عن الشريعة حداً جعل أقرب الأقربين يأكلون أموال اليتامى، فهذا يأخذ أموالَه عمُّه، وآخر يستولي على مخصصاته خالُه، فأقرب الأقرباء لم يمتنعوا من ظلم اليتامى إلا من رحم الله، يأكلون أموال اليتامى ظلماً.
الإرث الذي تركه لهم أبوهم يأكلونه، أو يتولى أحدهم عليه فيأكل منه، أو يأخذ مخصصات الدولة التي جُعلت لهؤلاء اليتامى فيأكلها، أو يأكل الضمان الاجتماعي ونحو ذلك، وهذا ظلمٌ حرامٌ وشنيع، كيف لو أن أولاده صاروا هم اليتامى؟! هل يرضى بأن تُؤكل أموالهم وحقوقهم ويبقون يتكففون الناس، أو يُعطى لهم الفتات ويأخذ الناس الباقي؟! فليرع حق الله في اليتامى.ولذلك ترى بعض المنصفين، ينفقون من جيوبهم على اليتامى، ويبقون أموال اليتامى سليمة، يسلمونهم إياها إذا كبروا، ألا فليبشروا بأجر من الله تعالى.
.جمع وترتيب حميد أمين تولاه الله ورفع همه وحزنة آمين
لست ربوت