من الذاكرة المنسية زروالية العينين الراقدة في الهامش: زروال الترجي الرياضي "جلود لكار": المايسترو الذي سطع نجمه بسرعة ثم أفل بسرعة. بقلم التتابي عبد الكريم

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية من الذاكرة المنسية زروالية العينين الراقدة في الهامش: زروال الترجي الرياضي "جلود لكار": المايسترو الذي سطع نجمه بسرعة ثم أفل بسرعة. بقلم التتابي عبد الكريم

من الذاكرة المنسية زروالية العينين الراقدة في الهامش: زروال الترجي الرياضي "جلود لكار": المايسترو الذي سطع نجمه بسرعة ثم أفل بسرعة. بقلم التتابي عبد الكريم



قوس التنبيه الذي لابد منه اليوم وغدا:
( ما هو مؤكد أن الجيل الحالي لن يعرف هذا الفتى أو لن يسمع عنه حتى، ومن المحتمل أن يكون بعض من جيله لم يعد يذكره، لكن الذي لن يختلف عليه كثير من جيله، أنه كان مبدعا في زمنه. ومن زاوية النسيان أو التناسي، فإن هذا النبش في الذاكرة التي قد يكون طواها النسيان أو التناسي، من أفضاله أنه "يحيي العظام حتى وهي رميم". ويضخ الروح في بعض العلاقات القديمة، ويصلب أواصر بعضها الجديدة، ويُشْعِرُ الأولاد والأحفاد ببعض الفخر والاعتزاز بما قدمه الآباء والأجداد من بعض النصيب لتلك البلدة التي عشنا تحت سمائها، وتنفسنا من أكسجين أشجار عرصاتها بنفس القدر الذي تنفسنا من غبارها ودخان مزابلها، ولعبنا وضحكنا في ساحاتها، واستمتعنا بأعيادها وأعراسها ).
مع التحولات الديموغرافية والمجالية التي طالت المدن الكبرى والمتوسطة والصغيرة، لم تعد الأحياء تحتفظ بكثير من خصائصها السوسيولوجية التي كانت تميزها، وكانت في الغالب الأعم تكاد تتشابه إلا ما تعلق ببعض الجزئيات التي تعطي الفرادة لهذا الحي دون ذاك.
في الستينيات والسبعينيات حتى منتصف التسعينيات من القرن الماضي، كانت جماعة ابن جرير ما تزال تحافظ على كثير من مقومات المجال القروي، وذلك لكونها تفتقر للبنيات الأساسية بشكل عام من مرافق حيوية وطرق معبدة وتعميم لشبكة الماء والكهرباء والتطهير الصحي، ويزداد الأمر سوءا وترديا في الهوامش التي نبتت حول المجال التقليدي القديم كدوار سحيتة ودوار القرع وبقية الدواوير التي لم تُسَم َّهي وبقية الدواوير الأخرى أحياءً، إلا في زمن متأخر.
ومما فقدته تلك الأحياء / الدواوير القديمة، هو تلك الروابط التي كانت تجمع بين أهل الدوار نسائه ورجاله وأطفاله وشبانه الذين كانوا عادة ما ينتظمون في فريق لكرة القدم يدافعون عن ألوانه ويذودون عن حماه وأحيانا بشكل متعصب لازالت بعض امتداداته قائمة إلى اليوم، ولو في حدود الانتصار له من خلال تلك النعرة الخامدة التي تتحرك بهذا القدر أو ذاك كلما تحركت الذاكرة ولو على سبيل النوستالجيا.
في دوار جلود "لاكَار" الذي لم يدخل المجال الحضري لبلدية ابن جرير إلا بشكل متأخر، كان هناك شباب مغرم بالكرة كغيره من شباب ابن جرير، بل أن فيه من لازالت شوكتها مغروزة في جسده إلى يوم الناس هذا، ولا نذكر جلود لاكار إلا مرتبطا بالحاج محمد بلهاشمي وعبد الرحيم زايد، ولا نذكر جلود "لاكَار" إلا ونستحضر فريقهم في دوري الصداقة لسنة 1981، ولا نذكر فريق الترجي بألوان قمصانه التي تكاد تقترب من قمصان فريق الجيش الملكي، اعتبارا لرغبات السي محمد بلهاشمي السلامي الرئيس والمدرب والعميد (وكل شيء)، إلا ونذكر معه واحدا من ألمع ما أنجب الدوار ومن ألمع ما أنجب الدوري، ومن ألمع ما أنجب هامش ابن جرير ومركزه على السواء.
هو زروال آخر شبيه لزروال المحجوب في المرجع الاجتماعي وفي الموهبة الكروية والرزانة والهدوء، لكنهما يختلفان في البناء الفزيولوجي، بحيث أن زروال موضوع ذاكرة اليوم، طويل القامة نسبيا، وتزيد نسبة "الزرولة" في عينيه عن المحجوب. وإذا كان زروال الزاوية جناحا طائرا يلازم الممر الأيمن إلا في لحظات الاختراق من العمق أحيانا، فإن زروال جلود لكار، صانع ألعاب وباني عمليات ومراوغ بارع لا تكاد الكرة تفارق رجله اليمنى، وكأنه وضع عليها ما يشبه اللصاق الذي يحول بينها وبين الخصم الذي يتجرأ على انتزاع الكرة منه. لم يكتف بهذه الأدوار، بل كان هدافا من كل المواقع خاصة من التسديدات من داخل المستطيل أومن خارجه وهو ما حدث في كثير من المباريات التي خاضها صحبة فريقه الترجي الجلدي.
في دوري الصداقة، لمع نجمه بشكل لافت، وكان واحدا ممن يُميلون كفة الترجي في حالات الانتصار، ومن ينقذهم من مخالب الهزيمة حينما يتحصل الفريق على تعادل قد يكون أحيانا مرا، وأحيانا يكون بطعم الانتصار على فرق الصفوة (النهضة والأشبال والمشعل والبشريين وال DJA والزاوية والمولودية).
وأمام كل تلك العروض المميزة التي أمتع بها زروال الجماهير الغفيرة التي كانت تحج إلى الملعب المتحجر، فقد كان مؤكدا أن عيون اللجنة التقنية المتابعة للدوري، ستقع عليه، وستختاره ضمن منتخب الدوري، الذي منه واعتمادا على أنويته الصلبة، سينطلق فريق الشباب (شباب الرحامنة) بعد فترة توقف اضطرارية.
وعلى الرغم من أن سعيد الخديري ـ وهذا هو اسمه الحقيقي ـ كان يبدو صموتا، فقد كان له مزاج متقلب مع معارفه من زملائه في فريق الترجي، يغضب بسرعة ويعود بسرعة، كما قد يغضب وينسحب ثم يختفي. طباعه تلك لم تساعده على الاندماج التام حتى داخل فريق الشباب الذي لعب له بعض المباريات القليلة.
بعد أن أحيل والده على التقاعد من المكتب الوطني للسكك الحديدية، خلفه ابنه كمستخدم في نفس القطاع الذي استمر فيه إلى أن أحيل على التقاعد الذي يمضيه في نفس الدوار الذي انطلق منه صحبة رفاقه في فريق الترجي.

(الصورة الجماعية لفريق الترجي لجلود لاكار، لا يظهر فيها زروال لسبب قد يعلمه الحاج بلهاشمي. أما الصورة الفردية لزروال، فهي مقتطعة من صورة جماعية مع فريق لعمال ومستخدمي السكك الحديدية بابن جرير).











التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button