مواقف بكى فيها النبي صلى الله علي وسلم والأخيار >>
تتميز المواقف التي حزن وبكى فيها النبي (صلى الله عليه وسلم) بتنوعها وتعددها وكلها كانت للعظة والعبرة والرحمة والخوف والخشية، وغيرها من الامور التي تهم المسلم في شتى بقاع الارض. ومن المواقف التي حزن فيها النبي وبكى تلك التي تتعلق بأمته وخوفه عليها من أن تعذب في النارخاصة وقد علم انها ستتجنب الصواب في بعض فترات تاريخها وأنها ستتبع اليهود والنصارى في الأهواء حتى لايبقى حياء بل ينعدم إذا اعلنت السفاهة وتبارى الناس أيهم اسبق لها وأجدر بالتكريم أيها.الناس إن هناك كثيرا من المواقف التي ابكت سيد الخلق (صلى الله عليه وسلم) شفقة على أمته، حيث كان رحيما بها خائفا و مشفقا عليها من عذاب النار، فعندما انكسفت الشمس روي أنه (صلى الله عليه وسلم) قام يصلي وبكى في صلاته وهو يدعو خوفا على أمته أن يهلكوا بعذاب من عند الله...
إن من كمال الإيمان البكاء على أمر قد فات لايسترد لماروى البخاري عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ في قصة الإسراء ..... قَالَ ثُمَّ انْطَلَقْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ فَأَتَيْتُ عَلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ فَلَمَّا جَاوَزْتُهُ بَكَى فَنُودِيَ مَا يُبْكِيكَ قَالَ رَبِّ هَذَا غُلَامٌ بَعَثْتَهُ بَعْدِي يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِهِ الْجَنَّةَ أَكْثَرُ مِمَّا يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِي ..... إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ
أيها قد يكون البكاء من النعم العظيمة التي امتنّ الله بها على عباده ،قال تعالى : { وأنه هو أضحك وأبكى } ( النجم :3 ) ، فبه تحصل المواساة للمحزون ، والتسلية للمصاب ، والمتنفّس من هموم الحياة ومتاعبها .ويمثّل البكاء مشهداً من مشاهد الإنسانية عند رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – ، حين كانت تمرّ به المواقف المختلفة ، فتهتزّ لأجلها مشاعره ، وتفيض منها عيناه، ويخفق معها فؤاده الطاهر .ودموع النبي – – لم يكن سببها الحزن والألم فحسب ، ولكن لها دوافع أخرى كالرحمة والشفقة على الآخرين ، والشوق والمحبّة ، وفوق ذلك كلّه : الخوف والخشية من الله سبحانه وتعالى .فها هي العبرات قد سالت على خدّ النبي – صلى الله عليه وآله وسلم - شاهدةً بتعظيمة ربّه وتوقيره لمولاه ، وهيبته من جلاله ، عندما كان يقف بين يديه يناجيه ويبكي ، ويصف أحد الصحابة ذلك المشهد فيقول : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي صدره أزيزٌ كأزيز المرجل من البكاء – وهو الصوت الذي يصدره الوعاء عند غليان - رواه النسائي .وتروي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها موقفاً آخر فتقول : " قام رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم - ليلةً من الليالي فقال : ( يا عائشة ذريني أتعبد لربي ) ، فتطهّر ثم قام يصلي ، فلم يزل يبكي حتى بلّ حِجره ، ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بلّ لحيته ، ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بلّ الأرض ، وجاء بلال رضي الله عنه يؤذنه بالصلاة ، فلما رآه يبكي قال : يا رسول الله ، تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال له : ( أفلا أكون عبداً شكوراً ؟ ) " رواه ابن حبّان .وسرعان ما كانت الدموع تتقاطر من عينيه إذا سمع القرآن ، روى لنا ذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال : " قال لي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( اقرأ عليّ ) ، قلت : يا رسول الله ، أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ ، فقال : ( نعم ) ، فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية : { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا } ( النساء : 41 ) فقال : ( حسبك الآن ) ، فالتفتّ إليه ، فإذا عيناه تذرفان " ، رواه البخاري .كما بكى النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – اعتباراً بمصير الإنسان بعد موته ، فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : " كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة ، فجلس على شفير القبر – أي طرفه - ، فبكى حتى بلّ الثرى ، ثم قال : ( يا إخواني لمثل هذا فأعدّوا ) رواه ابن ماجة ، وإنما كان بكاؤه عليه الصلاة والسلام بمثل هذه الشدّة لوقوفه على أهوال القبور وشدّتها ، ولذلك قال في موضعٍ آخر : ( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ، ولبكيتم كثيراً ) متفق عليه.وبكى النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – رحمةً بأمّته وخوفاً عليها من عذاب الله ، كما في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه ، يوم قرأ قول الله عز وجل : { إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم } ( المائدة : 118 ) ، ثم رفع يديه وقال : ( اللهم أمتي أمتي ) وبكى وفي غزوة بدر دمعت عينه - صلى الله عليه وآله وسلم – خوفاً من أن يكون ذلك اللقاء مؤذناً بنهاية المؤمنين وهزيمتهم على يد أعدائهم ، كما جاء عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله : " ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح ) رواه أحمد . وفي ذات المعركة بكى النبي – صلى الله عليه وآله وسلم - يوم جاءه العتاب الإلهي بسبب قبوله الفداء من الأسرى ، : { ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض } ( الأنفال : 67 ) حتى أشفق عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه من كثرة بكائه.ولم تخلُ حياته – صلى الله عليه وآله وسلم – من فراق قريبٍ أو حبيب ، كمثل أمه آمنة بنت وهب ، وزوجته خديجة رضي الله عنها ، وعمّه حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه ، وولده إبراهيم عليه السلام ، أوفراق غيرهم من أصحابه ، فكانت عبراته شاهدة على مدى حزنه ولوعة قلبه .فعندما قُبض إبراهيم ابن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم – بكى وقال : ( إن العين تدمع ، والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا ، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون ) متفق عليه.ولما أراد النبي – صلى الله عليه وآله وسلم - زيارة قبر أمه بكى بكاءً شديداً حتى أبكى من حوله ، ثم قال : ( زوروا القبور فإنها تذكر الموت ) رواه مسلم .ويوم أرسلت إليه إحدى بناته تخبره أن صبياً لها يوشك أن يموت ، لم يكن موقفه مجرد كلمات توصي بالصبر أو تقدّم العزاء ، ولكنها مشاعر إنسانية حرّكت القلوب وأثارت التساؤل ، خصوصاً في اللحظات التي رأى فيها النبي – - الصبي يلفظ أنفاسه الأخيرة ، وكان جوابه عن سرّ بكائه : ( هذه رحمة جعلها الله ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ) رواه مسلم .ويذكر أنس رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لزيد وجعفر وعبدالله بن رواحة رضي الله عنه يوم مؤتة ، حيث قال عليه الصلاة والسلام : ( أخذ الراية زيد فأصيب ، ثم أخذ جعفر فأصيب ، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب - وعيناه تذرفان - حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله ) رواه البخاري .ومن تلك المواقف النبوية نفهم أن البكاء ليس بالضرورة أن يكون مظهراً من مظاهرالنقص ، ولا دليلاً على الضعف ، بل قد يكون علامةً على صدق الإحساس ويقظة القلب اهـ منتدى الشيخ العريفي وغيره ..وبعد هذه المقدمة نفصل القول توضيحا في الوضوع لنأخذ العبرة منه وهو على شقين :
1>>]ـ مواقف أبكت سيد الخلق وهي :
أولا>>بكى عند زيارة قبر أمه .روى ابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
زَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ فَقَالَ اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يَأْذَنْ لِي وَاسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمْ الْمَوْتَ..وكيف لايبكي والموقف موقف اعتبار من ثم قال :
روى الترمذي عن مَوْلَى عُثْمَانَ قَالَ كَانَ عُثْمَانُ إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ بَكَى حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ فَقِيلَ لَهُ تُذْكَرُ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَلَا تَبْكِي وَتَبْكِي مِنْ هَذَا فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ فَإِنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ قَالَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ إِلَّا الْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ
ثانيا>>ـ بكى على أمته لعلمه بما ستقع فيه من الفتن . روى الترمذي . عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ رِفَاعَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَامَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ عَلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ بَكَى فَقَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْأَوَّلِ عَلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ بَكَى فَقَالَ اسْأَلُوا اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يُعْطَ بَعْدَ الْيَقِينِ خَيْرًا مِنْ الْعَافِيَةِقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ> في تحفة الأحوذي قَوْلُهُ : ( عَامَ الْأَوَّلِ )أَيْ مِنْ الْهِجْرَةِ( ثُمَّ بَكَى )قِيلَ إِنَّمَا بَكَى لِأَنَّهُ عَلِمَ وُقُوعَ أُمَّتِهِ فِي الْفِتَنِ وَغَلَبَتْهُ الشَّهْوَةُ وَالْحِرْصُ عَلَى جَمْعِ الْمَالِ وَتَحْصِيلِ الْجَاهِ فَأَمَرَهُمْ بِطَلَبِ الْعَفْوِ وَالْعَافِيَةِ لِيَعْصِمَهُمْ مِنْ الْفِتَنِ" سَلُوا اللَّهَ الْعَفْوَ " أَيْ عَنْ الذُّنُوبِ . قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْعَفْوُ مَعْنَاهُ التَّجَاوُزُ عَنْ الذَّنْبِ وَتَرْكُ الْعِقَابِ عَلَيْهِ أَصْلُهُ الْمَحْوُ وَالطَّمْسُ
" وَالْعَافِيَةُ "قَالَ الْقَارِي : مَعْنَاهُ السَّلَامَةُ فِي الدِّينِ مِنْ الْفِتْنَةِ وَفِي الْبَدَنِ مِنْ سَيِّئِ الْأَسْقَامِ وَشِدَّةِ الْمِحْنَةِ اِنْتَهَى .قُلْت : لَا حَاجَةَ إِلَى زِيَادَةِ لَفْظِ سَيِّئ . قَالَ فِي النِّهَايَةِ : الْعَافِيَةُ أَنْ تَسْلَمَ مِنْ الْأَسْقَامِ وَالْبَلَايَا وَهِيَ الصِّحَّةُ وَضِدُّ الْمَرَضِ اِنْتَهَى
" بَعْدَ الْيَقِينِ " أَيْ الْإِيمَانِ" خَيْرًا مِنْ الْعَافِيَةِ "قَالَ الطِّيبِيُّ وَهِيَ السَّلَامَةُ مِنْ الْآفَاتِ فَيَنْدَرِجُ فِيهَا الْعَفْوُ اِنْتَهَى ، يَعْنِي وَلِعُمُومِ مَعْنَى الْعَافِيَةِ الشَّامِلَةِ لِلْعَفْوِ اِكْتَفَى بِذَكَرِهَا عَنْهُ وَالتَّنْصِيصُ عَلَيْهِ سَابِقًا لِلْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّهُ أَهَمُّ أَنْوَاعِهَا .قَوْلُهُ : ( وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ )وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ .
تنبيه\\ كيف لايخاف على أمته ولا يبكيه حالها وما وصلت إليهمن تدهور في الأخلاق فهذا فساد المرأة المسلمة قد انكشف أمره لم يصبح يخفى على أحد فلقد صدق إذ قال :روى البخاري ومالك عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا
++.وهذا باب الزنا قد فتح على مصراعيه حتى أصبح هم الإعلام تخصيص برامج لما تتعرض له الفتيات من اغتصاب عن رضا منهن إلا في حالة ناذرة كما دواعي الزنا كرسها المجتمع وساعدت المرأة في ذالك أنظروا كيف أصبح التعدد المشروع غير مقبولفالوصول إليه اصبح غير سهللا المنال بينما اتخاذ الخليلات متاح لكل من يريد ذالك بل يعرض ذالك على من لم يريد من هنا ضبطت الخيانات الزوجية غير مامرة قال سيد الخلق مشيرا لهذا الواقع المر : عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ وَيَظْهَرَ الزِّنَا> رواه البخاري . قَوْله : ( وَيَظْهَر الزِّنَا )أَيْ : يَفْشُو كَمَا فِي رِوَايَة مُسْلِم . عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إذا اقترب الزمان كثر لبس الطيالسة ، وكثرت التجارة ، وكثر المال ، وعظم رب المال بماله ، وكثرت الفاحشة ، وكانت إمارة الصبيان ، وكثر النساء ، وجار السلطان ، وطفف في المكيال والميزان ، ويربي الرجل جرو كلب خير له من أن يربي ولدا له ، ولا يوقر كبير ، ولا يرحم صغير ، ويكثر أولاد الزنا ، حتى أن الرجل ليغشى المرأة على قارعة الطريق ، فيقول أمثلهم في ذلك الزمان : لو اعتزلتما عن الطريق ، ويلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب ، أمثلهم في ذلك الزمان المداهن » « هذا حديث تفرد به سيف بن مسكين ، عن المبارك بن فضالة والمبارك بن فضالة ثقة »...الطيالسة : جمع طيلسان ، وهو ثوب يلبس على الكتف يحيط بالبدن ينسج للبس خال من التفصيل والخياطة.....الضأن : ذو الصوف من الغنم.... الجرو : اسم يطلق على الكلب الصغير وعلى سائر السباع. [رواه الحاكم والطبراني] فقد بات استحلال الزنا ظاهرة مرعبة حقا، اشارة الى أخر الزمان أو كما جاء في حديث النواس رضي الله عنه " ويبقى شرار الناس ، يتهارجون فيها تهارج الحمر ، فعليهم تقوم الساعة "...فقد روى مسلم عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ فَلَمَّا رُحْنَا إِلَيْهِ عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا فَقَالَ مَا شَأْنُكُمْ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً فَخَفَّضْتَ فِيهِ وَرَفَّعْتَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ فَقَالَ غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ......وفيه : وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الْحُمُرِ فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ>قال النووي \قوله قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَتَهَارَجُونَ تَهَارُج الْحُمُر )أَيْ يُجَامِع الرِّجَال النِّسَاء بِحَضْرَةِ النَّاس كَمَا يَفْعَل الْحَمِير ، وَلَا يَكْتَرِثُونَ لِذَلِكَ : ( وَالْهَرْج ) بِإِسْكَانِ الرَّاء الْجِمَاع ، يُقَال : هَرَجَ زَوْجَته أَيْ جَامَعَهَا يَهْرَجُهَا ، بِفَتْحِ الرَّاء وَضَمّهَا وَكَسْرهَا .قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَسِيرُونَ حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى جَبَل الْخَمَر ) في مسند أبي يعلى عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « والذي نفسي بيده ، لا تفنى هذه الأمة حتى يقوم الرجل إلى المرأة فيفترشها >في الطريق ، فيكون خيارهم يومئذ من يقول لو واريتها وراء هذا الحائط » وارى : ستر وأخفى وغيب وغطى إنه إعجاز نبوي عظيم فقد تحقق هذا تنبئك عن هذا أندية الزنا المختلط وتحدثك هذه البحار في بلاد المسلمين وهذه الملاهي الليلة أيضا بل لقد حلت لعنة الفضائيات الإباحية على البشرية فشوهت الأخلاق ودخلت البيوت المحصنة فجرت لعنة قاتمة وفتحت شهية كل غافل وغافلة لله ماأصدق نبينا عليه الصلاة والسلام
++وهذه العهود أصبحت منقوضة معهودة لدى جم غفير من الناس لايبالون بها بنقضها. روى البخاري عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُكُمْ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ قَالَ عِمْرَانُ لَا أَدْرِي أَذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ وَيَنْذِرُونَ وَلَا يَفُونَ وَيَظْهَرُ فِيهِمْ السِّمَنُ> في الفتح قال \قَوْلُهُ : ( يَخُونُونَ )
كَذَا فِي جَمِيعِ اَلرِّوَايَاتِ اَلَّتِي اِتَّصَلَتْ لَنَا بِالْخَاء اَلْمُعْجَمَةِ وَالْوَاوِ مُشْتَقٌّ مِنْ اَلْخِيَانَةِ وَزَعَمَ اِبْن حَزْمٍ أَنَّهُ وَقَعَ فِي نُسْخَةٍ يَحْرِبُونَ بِسُكُونِ الْمُهْمَلَة وَكَسْرِ اَلرَّاءِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَة ؛ قَالَ : فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ حَرَبَهُ يَحْرِبُهُ إِذَا أَخَذَ مَالَهُ وَتَرَكَهُ بِلَا شَيْء ، وَرَجُل مَحْرُوب أَيْ مَسْلُوب اَلْمَال .قَوْلُهُ : ( وَلَا يُؤْتَمَنُونَ )
أَيْ لَا يَثِقُ اَلنَّاسُ بِهِمْ وَلَا يَعْتَقِدُونَهُمْ أُمَنَاءَ بِأَنْ تَكُونَ خِيَانَتُهُمْ ظَاهِرَةً بِحَيْثُ لَا يَبْقَى لِلنَّاسِ اِعْتِمَادٌ عَلَيْهِمْ .قَوْلُهُ : ( وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ )يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اَلْمُرَاد اَلتَّحَمُّلَ بِدُونِ اَلتَّحْمِيلِ أَوْ اَلْأَدَاءَ بِدُونِ طَلَبٍ ، وَالثَّانِي أَقْرَب وَيُعَارِضُهُ مَا رَوَاهُ مُسْلِم مِنْ حَدِيثِ زَيْد بْن خَالِد مَرْفُوعًا " أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ اَلشُّهَدَاءِ ؟ اَلَّذِي يَأْتِي بِالشَّهَادَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا " وَاخْتَلَفَ اَلْعُلَمَاءُ فِي تَرْجِيحِهِمَا فَجَنَحَ اِبْن عَبْد اَلْبَرّ إِلَى تَرْجِيح حَدِيث زَيْد بْن خَالِد لِكَوْنِهِ مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ اَلْمَدِينَةِ فَقَدَّمَهُ عَلَى رِوَايَةِ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَبَالَغَ فَزَعَمَ أَنَّ حَدِيثَ عِمْرَانَ هَذَا لَا أَصْلَ لَهُ . وَجَنَحَ غَيْرُهُ إِلَى تَرْجِيح حَدِيث عِمْرَانَ لِاتِّفَاقِ صَاحِبَيْ اَلصَّحِيحِ عَلَيْهِ وَانْفِرَادِ مُسْلِمٍ بِإِخْرَاجِ حَدِيثِ زَيْد بْن خَالِد . وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى اَلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فَأَجَابُوا بِأَجْوِبَة : أَحَدُهَا أَنَّ اَلْمُرَادَ بِحَدِيثِ زَيْد : مَنْ عِنْدَهُ شَهَادَة لِإِنْسَانٍ بِحَقٍّ لَا يَعْلَمُ بِهَا صَاحِبُهَا فَيَأْتِي إِلَيْهِ فَيُخْبِرُهُ بِهَا أَوْ يَمُوتُ صَاحِبُهَا اَلْعَالِمُ بِهَا وَيَخْلُفُ وَرَثَةً فَيَأْتِي اَلشَّاهِدُ إِلَيْهِمْ أَوْ إِلَى مَنْ يَتَحَدَّثُ عَنْهُمْ فَيُعْلِمُهُمْ بِذَلِكَ وَهَذَا أَحْسَنُ اَلْأَجْوِبَةِ وَبِهَذَا أَجَابَ يَحْيَى بْن سَعِيد شَيْخُ مَالِك وَمَالِكٌ وَغَيْرُهُمَا . ثَانِيهَا : أَنَّ اَلْمُرَادَ بِهِ شَهَادَة اَلْحِسْبَة وَهِيَ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ اَلْآدَمِيِّينَ اَلْمُخْتَصَّةِ بِهِمْ مَحْضًا ، وَيَدْخُلُ فِي اَلْحِسْبَةِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّ اَللَّهِ أَوْ فِيهِ شَائِبَة مِنْهُ اَلْعَتَاقُ وَالْوَقْفُ وَالْوَصِيَّة اَلْعَامَّة وَالْعِدَّة وَالطَّلَاق وَالْحُدُود وَنَحْوُ ذَلِكَ ، قَوْلُهُ : ( وَيَنْذِرُونَ )بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَبِكَسْرِ اَلذَّالِ اَلْمُعْجَمَةِ وَبِضَمِّهَا )( وَلَا يَفُونَ )يَأْتِي اَلْكَلَام عَلَيْهِ فِي كِتَاب اَلنُّذُور .وَقَوْلُهُ : ( وَيَظْهَرُ فِيهِمْ اَلسِّمَنُ )بِكَسْرِ الْمُهْمَلَة وَفَتْحِ اَلْمِيمِ بَعْدَهَا نُونٌ أَيْ يُحِبُّونَ اَلتَّوَسُّعَ فِي اَلْمَآكِل وَالْمَشَارِب وَهِيَ أَسْبَابُ اَلسِّمَنِ بِالتَّشْدِيدِ .....ويتأكد هذا التنكر لمبادئ الشريعة الغراء ما في شعب الإيمان للبيهقي عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يوشك أن يأتي على الناس زمان لا يبقى من الإسلام إلا اسمه ، ولا يبقى من القرآن إلا رسمه ، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى ، علماؤهم شر من تحت أديم) السماء من عندهم تخرج الفتنة وفيهم تعود ». أديم السماء : ما يظهر من السماء
+كيف لايبكي على حال أمته الآن وقد قتل بعضهم بعضا وكفربعضهم بعضا فأين هم الآن من وصيته الخالدة .روى البخاري عَنْ جَرِيرٍأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ اسْتَنْصِتْ النَّاسَ فَقَالَ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ>
في الفتح \ ، وَالْمَعْنَى لَا تَفْعَلُوا فِعْل الْكُفَّار فَتُشْبِهُوهُمْ فِي حَالَة قَتْل بَعْضهمْ بَعْضًا . قَالَ اِبْن بَطَّال : فِيهِ أَنَّ الْإِنْصَات لِلْعُلَمَاءِ لَازِم لِلْمُتَعَلِّمِينَ ؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاء وَرَثَة الْأَنْبِيَاء .. وَقَدْ وَقَعَ التَّفْرِيق بَيْن الْإِنْصَات وَالِاسْتِمَاع فِي قَوْله تَعَالَى : ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآن فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا ) وَمَعْنَاهُمَا مُخْتَلِف ، فَالْإِنْصَات هُوَ السُّكُوت وَهُوَ يَحْصُل مِمَّنْ يَسْتَمِع وَمِمَّنْ لَا يَسْتَمِع كَأَنْ يَكُون مُفَكِّرًا فِي أَمْر آخَر ، وَكَذَلِكَ الِاسْتِمَاع قَدْ يَكُون مَعَ السُّكُوت وَقَدْ يَكُون مَعَ النُّطْق بِكَلَامٍ آخَر لَا يَشْتَغِل النَّاطِق بِهِ عَنْ فَهْم مَا يَقُول الَّذِي يَسْتَمِع مِنْهُ ، وَقَدْ قَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ وَغَيْره : أَوَّل الْعِلْم الِاسْتِمَاع ، ثُمَّ الْإِنْصَات ، ثُمَّ الْحِفْظ ، ثُمَّ الْعَمَل ، ثُمَّ النَّشْر . وَعَنْ الْأَصْمَعِيّ تَقْدِيم الْإِنْصَات عَلَى الِاسْتِمَاع.
++وأين الأمة من وصيته من عدم التكفير : روى مالك في الموطإ والبخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَالَ لِأَخِيهِ كَافِرٌ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا>
إنك إن تعجب فقد تعجب من حدثاء الأسنان صبية الزمان الذين ليس لهم إلا أياما قلائل في التوبة من الندم نصبوا أنفسهم قضاة يكفرون شيوخا لهم قدم راسخ في الدعوة وأيام طوال في العلم .عنما مات شيخ من شيوخ الدعوة اجتمع بعض الشباب فقال بعضهم لبعض ما تقولون في فلان قال أحدهم كافر وآخر أنا متوقف وآخر وآخر ...إن ظاهرة الغلو في التكفير قديم بزغ ببزوغ الخوارج .روى البخاري ومالك عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَخْرُجُ فِيكُمْ قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلَاتَكُمْ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَكُمْ مَعَ صِيَامِهِمْ وَأَعْمَالَكُمْ مَعَ أَعْمَالِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَلَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنْ الرَّمِيَّةِ تَنْظُرُ فِي النَّصْلِ فَلَا تَرَى شَيْئًا وَتَنْظُرُ فِي الْقِدْحِ فَلَا تَرَى شَيْئًا وَتَنْظُرُ فِي الرِّيشِ فَلَا تَرَى شَيْئًا وَتَتَمَارَى فِي الْفُوقِ.
وروى البخاري \عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ>
في كتاب \ ظاهرة التكفير.. عوامل النشأة وطرق العلاج د. محمد شقير **
إنَّ ظاهرة التكفير المنفَلِت، واحدةٌ من أخطر الظواهر التي تُعاني منها أمّتنا الإسلاميَّة، والتي ساهمت إلى حدٍ بعيدٍ في إضعاف عُرى الوحدة بين المسلمين، والتي كانت السبب في تمزيق المجتمعات الإسلاميَّة وإحلال التنازع فيها بدل التَّعاون، والفُرقة بدل الوحدة .ولذا، كان من الأهميَّة بمكانٍ الوقوف عند هذه الظاهرة لاستجلاء أسبابها والعوامل التي ساهمت في نشأتها، يُجمل الدكتور نعمان عبد الرزاق السامرائيّ أسباب التكفير في العصر الحاضر بما يَلي:
أ ـ الاضطهاد السياسيّ: حيث يتناول تاريخ الاضطهاد السياسيِّ الذي عانى منه المسلمون وصولا إلى عصرنا الحالي، حيث نتَجَ عن ذلك الميل إلى تكفير الحُكَّام ورجالات الدولة وأهل السلطة.
ب ـ فقدان الثِّقَة بالعلماء الرسميِّين: أي علماء البلاط وفقهاء السلاطين الذين اتَّخذوا من علمهم مطيَّة للتزلّف إلى السلطان ونيل ما لديه من حُطَام، فكانت النتيجة أن فُقِدَت الثِّقة بهؤلاء العلماء وانعدم تأثيرهم في أبناء الأمَّة، وهذا ما استدعى إقبال أبناء الأمَّة بأنفسهم على القرآن والسنّة متجاوزين أولئك العلماء، مع ما لذلك من محاذير سوف تتضّح فيما يلي.
ج ـ محاولة أخْذِ الأحكام من القرآن مباشرة: حيث إنَّ فهم القرآن الكريم فهما صحيحا غير مغلوط، يَحتاج إلى المعرفة بجملةٍ من العلوم ذات الصِّلَة وإلى توفّر الاستعداد العلميِّ الخاصّ، وإلا سوف يكون الاستنباط والفهم غير موافقٍ لمُراد القرآن الكريم، وخصوصا إذا ما تناول ذلك الفهم قضايا خطيرة مثل قضيَّة الإيمان والكفر، وما يُمكِن أن يترتّب عليها من تكفيرٍ لشرائحَ كبيرة من المسلمين وعامَّة الناس، بل والخوض في دمائهم وأموالهم وأعراضهم.
دـ الخلط بين الكُفْر الأصغر والكُفْر الأكبر: حيث إنَّ لفظَ الكفر قد ورد كثيرا في القرآن الكريم والسنّة، ولكنَّه لم يأتِ دائما بمعنى الخروج من الإسلام، وهو الكفر الأكبر، بل أتى أيضا بمعنى كفْر النِعم مثلا، وهو من الكفر الأصغر، ولذا، فإنَّ الخلط بين هذين الكفرين يؤدِّي إلى التوسّع في دائرة الكفر وبالتالي استسهاله، ويقود إلى الخطأ في إطلاق حكم الكفر الأكبر على كثيرٍ من المسلمين، لينتهي الأمر إلى ارتكاب أعمال تنافي الدين وصريح القرآن والسنّة.
هـ ـ التعلّق ببعض ما قاله سيّد قطب والمودودي: إذ إنَّ بعض ما جاء في كتابات هذين الرجلين يُفهَم منه إخراج الكثير من المسلمين من الإسلام والحكم بكفرِهم. ولذا، لا بدّ من التوقّف عند العديد ممّا قاله هذان الرجلان والتأمّل فيه مليَّا، ومحاولة عرضه على الكتاب والسنّة، حتَّى إذا تبيّن خطؤه فينبغي ردَّه وعدم القبول به، والخطأ في الفهم ليس عزيزا على علماء الأمَّة ومفكِّريه (التكفير: جذوره، أسبابه، مبرّراته، دار المنارة، جدّة، 1992م، ط3، صص 45 141).
وهنا لا بدّ من مناقشة تلك الأسباب لمعرفة إلى أي مدى تُساهِم في قضيَّة التكفير، أو إذا كان من ملاحظة أو نقدٍ يُمكن أن يُوجَّه إليها.
أمَّا فقدان الثِّقةِ بالعلماء الرسميِّين، فيُمكن القول إنَّ هذا الأمر قد يصّح فيما لو كان جميع العلماء الرسميِّين على درجةٍ عاليةٍ من الوعي والورع الدينيِّين. لكن ماذا لو كان بعض هؤلاء العلماء ممَّن ينزلقُ إلى ممارسةِ شكلٍ أو آخرَ من التكفير ولو المستَتِر منه، وليس بالضرورة أن يُمارس هذا التكفير تِجَاه الحكّام وأرباب الدولة، بل قد يُمارس ذلك تِجَاه فئاتٍ أُخرى من المسلمين، وخصوصا إذا ما كانت الصِّراعات السياسيَّة تدفع بأولئك الحكّام إلى استنبات جميع ألوان العصبيَّات والتي منها المذهبيَّة، فيُصبح ـ والحال هذه ـ أولئك العلماء الرسميِّين إحدى أهمّ أدوات الصِّراع السياسيِّ، وخصوصا أنَّ الحكّام هم أولياء نعمتهم، وأنَّ أرزاقهم ـ كما يَعتقدون ـ بيدهم، وهذا ما نَلحظه في العديد من الأنظمة، حيث تحوّل العالم فيها إلى صوت للفتنةِ ومستنهِضٍ للعصبيَّة، يَنطق بها ما كان للسلطان غرضٌ بها، حتَّى إذا بدّل غرضه تغيّر منطِقَه (مقالات على طريق الوحدة الإسلامية، إعداد جمعية علماء البقاع، دار المحجَة البيضاء، بيروت، 2008م، ط1، ص 289)
رأي القرضاوي في أسباب ظاهرة التكفير يُرجع الشيخ القرضاوي أسباب ظهور تيَّار التكفير إلى ما يلي:
أـ انتشار الكفر والرِدَّة الحقيقيَّة جهرة في مجتمعاتنا، وممارستهم للكفر والردّة بكلِّ جرأةٍ واستخدام وسائل الإعلام في نشر الكُفر دون زاجرٍ من أحد.
ب ـ التَّساهل الذي يُبديه بعض العلماء مع هؤلاء الكَفَرة، وعدّهم في المسلمين، مع أنَّهم خارجون عن الإسلام.
ج ـ ممارسة الاضطهاد لحاملي الفكر الإسلاميِّ والتضييق عليهم.
دـ عدم تعمّق العديد من الشباب ـ ممّن يُمارِس التكفير ـ بالإسلام، وقلّة معرفتهم فيه وفي فقهه وأصوله وعلومه (القرضاوي، ظاهرة الغلو في التكفير، ص 18 19 (عن: الشيباني رضوان أحمد شمسان، الحركات الأصولية الإسلامية في العالم الغربي، مكتبة مدبولي، القاهرة، 2005م، ط1، ص242)).
وفي مقام مناقشة هذه الأسباب، لا بدّ من القول:
أولا، فيما يرتبط بانتشار الكفر والرِدَّة الحقيقيَّة في مجتمعاتنا الإسلاميَّة، فهو ما سوف يؤدِّي تلقائيَّا إلى تصنيف كلِّ من كفَرَ أو ارتَدَّ في خانة الكفر والرِدَّة، ولكن الكفر الذي تنطبق عليه ضوابط الشرع وقواعد الدِّين مجاله محدودٌ جدا، مقارنة مع ما يذهب إليه دُعاة التكفير أو التكفيريِّون، ولذا سوف يكون من يُصنَّف في دائرة الكفر ـ بناء على تلك الضَّوابط والقواعد ـ قليلٌ جدا مقايسة مع ما يذهب إليه أولئك، وهذا المستوى لا يُبرِّر ظهور تيَّار من التكفير الذي يُمارَس تِجَاه الكثير من المسلمين، ويُخرج الكثير من المجتمعات الإسلاميَّة ومذاهبَ إسلاميَّة بأكملِها من الإسلام.
ولذا، فإنَّ تحّول التكفير إلى تيَّارٍ يَجرف في وحوله الكثير من المسلمين والمُجتمَعات الإسلاميَّة يَكمن بشكلٍ أساسٍ في أسبابَ أُخرى. وكون النصِّ الإسلاميِّ (القرآن والسنّة) قد تحدّث عن الكفر لا يبرّر ظهور هذا التيَّار التكفيريّ الجارِف، وتوسّعه غير المنضبِط في التكفير، واستسهاله واستسهال ترتيب آثاره عليه.
ثانيا، وفيما يرتبط بالسَّبب الثاني، يُمكن القول إنَّ التَّساهل الذي قد يُبديِه بعضٌ من العلماء مع من يَخرج من الإسلام ويرتدَّ عنه ليلتحق بالكفر، نتيجته جعل أولئك العلماء في دائرة النَّقد أو النُّصح أو غير ذلك؛ وليس أمرا ضروريَّا ولازما لذلك التساهل أن يَتمَّ التوسّع في التكفير، والتفلّت من كثيرٍ من ضوابطه بما يُؤدِّي إلى إطلاق العنان لأحكام التكفير بحقِّ الكثير من المسلمين وإخراجهم من ربقة الدِّين...اهـ
+ثالثا>> بكى رقة بحال مصعب ابن عمير .روى الترمذي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ إِنَّا لَجُلُوسٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ إِذْ طَلَعَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ مَا عَلَيْهِ إِلَّا بُرْدَةٌ لَهُ مَرْقُوعَةٌ بِفَرْوٍ فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَكَى لِلَّذِي كَانَ فِيهِ مِنْ النِّعْمَةِ وَالَّذِي هُوَ الْيَوْمَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ بِكُمْ إِذَا غَدَا أَحَدُكُمْ فِي حُلَّةٍ وَرَاحَ فِي حُلَّةٍ وَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ صَحْفَةٌ وَرُفِعَتْ أُخْرَى وَسَتَرْتُمْ بُيُوتَكُمْ كَمَا تُسْتَرُ الْكَعْبَةُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مِنَّا الْيَوْمَ نَتَفَرَّغُ لِلْعِبَادَةِ وَنُكْفَى الْمُؤْنَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَنْتُمْ الْيَوْمَ خَيْرٌ مِنْكُمْ يَوْمَئِذٍ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ...في تحفة الأحوذي \ بِفَرْوٍ )أَيْ بِجِلْدٍ . قَالَ مَيْرُك : هُوَ قُرَشِيٌّ هَاجَرَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرَكَ النِّعْمَةَ وَالْأَمْوَالَ بِمَكَّةَ ، وَهُوَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ السَّاكِنِينَ فِي مَسْجِدِ قَبَاءَ . وَقَالَ صَاحِبُ الْمِشْكَاةِ فِي الْإِكْمَالِ عَبْدَرِيٌّ كَانَ مِنْ أَجِلَّةِ الصَّحَابَةِ وَفُضَلَائِهِمْ ، هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ فِي أَوَّلِ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهَا ثُمَّ شَهِدَ بَدْرًا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُصْعَبًا بَعْدَ الْعَقَبَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ يُقْرِئُهُمْ الْقُرْآنَ وَيُفَقِّهُهُمْ فِي الدِّينِ . وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ الْجُمْعَةَ بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ ، وَكَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ أَنْعَمِ النَّاسِ عَيْشًا وَأَلْيَنِهِمْ لِبَاسًا ، فَلَمَّا أَسْلَمَ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا... فِي حُلَّةٍ )بِضَمٍّ فَتَشْدِيدٍ . أَيْ فِي ثَوْبٍ أَوْ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ..( وَرَاحَ )أَيْ ذَهَبَ آخِرَ النَّهَارِ..( فِي حُلَّةٍ )أَيْ أُخْرَى مِنْ الْأُولَى قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ : أَيْ كَيْفَ يَكُونُ حَالُكُمْ إِذَا كَثُرَتْ أَمْوَالُكُمْ بِحَيْثُ يَلْبَسُ كُلٌّ مِنْكُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ حُلَّةً وَآخِرَهُ أُخْرَى مِنْ غَايَةِ التَّنَعُّمِ( وَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ صَحْفَةٌ )أَيْ قَصْعَةٌ مِنْ مَطْعُومٍ( وَرُفِعَتْ أُخْرَى )أَيْ مِنْ نَوْعٍ آخَرَ كَمَا هُوَ شَأْنُ الْمُتْرَفِينَ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ كَثْرَةِ أَصْنَافِ الْأَطْعِمَةِ الْمَوْضُوعَةِ عَلَى الْأَطْبَاقِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُتَنَعِّمِينَ...( وَسَتَرْتُمْ بُيُوتَكُمْ )بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِهَا أَيْ جُدْرَانَهَا . وَالْمَعْنَى زَيَّنْتُمُوهَا بِالثِّيَابِ النَّفِيسَةِ مِنْ فَرْطِ التَّنَعُّمِ( كَمَا تُسْتَرُ الْكَعْبَةُ )فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ سِتْرَهَا مِنْ خُصُوصِيَّاتِهَا لِامْتِيَازِهَا( نَحْنُ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مِنَّا الْيَوْمَ )وَبَيَّنُوا سَبَبَ الْخَيْرِيَّةِ بِقَوْلِهِمْ مُسْتَأْنَفًا فِيهِ مَعْنَى التَّعْلِيلِ( نَتَفَرَّغُ )أَيْ عَنْ الْعَلَائِقِ وَالْعَوَائِقِ..< لِلْعِبَادَةِ )
أَيْ بِأَنْفُسِنَا..( وَنُكْفَى )بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ الْمُتَكَلِّمِ( الْمُؤْنَةَ )أَيْ بِخَدَمِنَا وَالْوَاوُ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ . فَالْمَعْنَى نَدْفَعُ عَنَّا تَحْصِيلَ الْقُوتِ لِحُصُولِهِ بِأَسْبَابٍ مُهَيَّأَةٍ لَنَا فَنَتَفَرَّغُ لِلْعِبَادَةِ مِنْ تَحْصِيلِ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْعَمَلِ بِالْخَيْرَاتِ الْبَدَنِيَّةِ وَالْمَبَرَّاتِ الْمَالِيَّةِ( فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا )أَيْ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا ظَنَنْتُمْ( أَنْتُمْ الْيَوْمَ خَيْرٌ مِنْكُمْ يَوْمَئِذٍ )
لِأَنَّ الْفَقِيرَ الَّذِي لَهُ كَفَافٌ خَيْرٌ مِنْ الْغَنِيِّ . لِأَنَّ الْغَنِيَّ يَشْتَغِلُ بِدُنْيَاهُ وَلَا يَتَفَرَّغُ لِلْعِبَادَةِ مِثْلُ مَنْ لَهُ كَفَافٌ لِكَثْرَةِ اِشْتِغَالِهِ بِتَحْصِيلِ الْمَالِ .
رابعا>>.بكى لموت إبراهيم ابنه .روى ابن ماجهعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ
لَمَّا تُوُفِّيَ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبْرَاهِيمُ بَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ الْمُعَزِّي إِمَّا أَبُو بَكْرٍ وَإِمَّا عُمَرُ أَنْتَ أَحَقُّ مَنْ عَظَّمَ اللَّهُ حَقَّهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ وَلَا نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ لَوْلَا أَنَّهُ وَعْدٌ صَادِقٌ وَمَوْعُودٌ جَامِعٌ وَأَنَّ الْآخِرَ تَابِعٌ لِلْأَوَّلِ لَوَجَدْنَا عَلَيْكَ يَا إِبْرَاهِيمُ أَفْضَلَ مِمَّا وَجَدْنَا وَإِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ>...في حاشية السندي \( مِنْ عَظَّمَ )مِنْ التَّعْظِيم( حَقّه )الَّذِي هُوَ النَّهْي عَنْ الْبُكَاء وَالْأَمْر بِالصَّبْرِ لَا يَرْجِع إِلَى ذَلِكَ عَلَى مَا عَلَيْهِ عَادَة( مَا يُسْخَط )مِنْ السَّخَط أَيْ مَا يُغْضِبهُ( لَوْلَا أَنَّهُ )بِفَتْحِ الْأَلْف أَيْ أَنَّ الْمَوْت جَامِع لِلْخَلَائِقِ كُلّهَا( عَلَيْك )أَيْ لِأَجَلِك وَعَلَى فِرَاقك .قوله ( أَفْضَل )أَكْثَر مِنْ الْغَمّ وَالْحُزْن أَيْ بِفِرَاقِك وَالْمُرَاد بِهَذَا الْحُزْن هُوَ الْحُزْن الْجَبَلِيّ وَهُوَ لَا يُنَافِي الرِّضَا بِالْقَضَاءِ وَلَا مَحْذُور فِيهِ وَفِي الزَّوَائِد إِسْنَاده حَسَن رَوَاهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيث أَنَس
+خامسا>>بكى النبي صلى الله عليه وسلم اعْتِنَاءِ بِمَصَالِحِ أمته وَاهْتِمَامه بِأَمْرِهِمْ ، روى مسلم " عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِبْرَاهِيمَ{ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي }الْآيَةَ وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام{ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي وَبَكَى فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ وَهُوَ أَعْلَمُ فَقَالَ اللَّهُ يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوءُكَ> قال النووي \:هَذَا الْحَدِيث مُشْتَمِل عَلَى أَنْوَاع مِنْ الْفَوَائِد مِنْهَا : بَيَان كَمَال شَفَقَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُمَّته وَاعْتِنَائِهِ بِمَصَالِحِهِمْ ، وَاهْتِمَامه بِأَمْرِهِمْ ، وَمِنْهَا : اِسْتِحْبَاب رَفْع الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاء ، وَمِنْهَا : الْبِشَارَة الْعَظِيمَة لِهَذِهِ الْأُمَّة - زَادَهَا اللَّه تَعَالَى شَرَفًا - بِمَا وَعَدَهَا اللَّه تَعَالَى بِقَوْلِهِ : سَنُرْضِيك فِي أُمَّتك وَلَا نَسُوءك وَهَذَا مِنْ أَرْجَى الْأَحَادِيث لِهَذِهِ الْأُمَّة أَوْ أَرْجَاهَا ، وَمِنْهَا : بَيَان عِظَم مَنْزِلَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْد اللَّه تَعَالَى وَعَظِيم لُطْفه سُبْحَانه بِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْحِكْمَة فِي إِرْسَال جِبْرِيل لِسُؤَالِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِظْهَار شَرَف النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنَّهُ بِالْمَحِلِّ الْأَعْلَى فَيُسْتَرْضَى وَيُكْرَم بِمَا يُرْضِيه وَاَللَّه أَعْلَم .وَهَذَا الْحَدِيث مُوَافِق لِقَوْلِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ { وَلَسَوْفَ يُعْطِيك رَبّك فَتَرْضَى } . وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى : ( وَلَا نَسُوءك ) ، فَقَالَ صَاحِب ( التَّحْرِير ) : هُوَ تَأْكِيد لِلْمَعْنَى أَيْ : لَا نُحْزِنك ؛ لِأَنَّ الْإِرْضَاء قَدْ يَحْصُل فِي حَقّ الْبَعْض بِالْعَفْوِ عَنْهُمْ وَيَدْخُل الْبَاقِي النَّار فَقَالَ تَعَالَى : نُرْضِيك وَلَا نُدْخِل عَلَيْك حُزْنًا بَلْ نُنَجِّي الْجَمِيع . وَاَللَّه أَعْلَم .
+سادسا>>ـ بكى عند ما رءا أثرا لزجه خديجة ماثلا بين يديه في غزوة انتصر فيها على العدو فعدل في القضية بعد البكاء على فراق الزوجة الوفية عندما وقع أبو العاصي أسيرا في أيدي المسلمين بعد إحدى الغزوات ( وكان على الشرك آنذاك ) وكان زوجا لزينب رضي الله عنها ابنة الرسول الكريم وكان الزواج من المشركينلم يحرم بعد فجاءت زينب لتفدي أبو العاصي ولم يكن معها مالا فأتت بقلادة ورثتها منأمها خديجة رضوان الله عليها فعندما رأى الرسول هذه القلادة تذكر خديجة الزوجةالصالحة المخلصة الوفية فبكى في هذا الموقف (أليس هذا قمة الوفاء من قمة البشرجميعا؟ ) !!قال ابن إسحاق: وقد كان في الاسارى أبو العاص بن الربيع بن عبدالعزى بن عبد شمس بن أمية، ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته زينب.قال ابن هشام: وكان الذى أسره خراش بن الصمة أحد بنى حرام.
قال ابن إسحاق: وكان أبو العاص من رجال مكة المعدودين مالا وأمانة وتجارة، وكانت أمه هالة بنت خويلد أخت خديجة بنت خويلد، وكانت خديجة هي التى سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزوجه بابنتها زينب وكان لا يخالفها، وذلك قبل الوحى. ..في الروض الأنف أَبُو الْعَاصِ عِنْدَ الرّسُولِ وَبَعْثُ زَيْنَبَ فِي فِدَائِهِ وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا يُحِلّ بِمَكّةَ وَلَا يُحْرِمُ مَغْلُوبًا عَلَى أَمْرِهِ وَكَانَ الْإِسْلَامُ قَدْ فَرّقَ بَيْنَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حِينَ أَسْلَمَتْ وَبَيْنَ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرّبِيعِ ، إلّا أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَانَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُفَرّقَ بَيْنَهُمَا ، فَأَقَامَتْ مَعَهُ عَلَى إسْلَامِهَا وَهُوَ عَلَى شِرْكِهِ حَتّى هَاجَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَلَمّا صَارَتْ قُرَيْشٌ إلَى بَدْرٍ صَارَ فِيهِمْ أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرّبِيعِ فَأُصِيبَ فِي الْأُسَارَى يَوْمَ بَدْرٍ فَكَانَ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . [ ص 105 ] قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبّادِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الزّبَيْرِ ، عَنْ أَبِيهِ عَبّادٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمّا بَعَثَ أَهْلُ مَكّةَ فِي فِدَاءِ أُسَرَائِهِمْ بَعَثَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي فِدَاءِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرّبِيعِ بِمَالِ وَبَعَثَتْ فِيهِ بِقِلَادَةِ لَهَا كَانَتْ خَدِيجَةُ أَدَخَلَتْهَا بِهَا عَلَى أَبِي الْعَاصِ حِينَ بَنَى عَلَيْهَا ، قَالَتْ فَلَمّا رَآهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ رَقّ لَهَا رَقّةً شَدِيدَةً وَقَالَ إنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا ، وَتَرُدّوا عَلَيْهَا مَالَهَا ، فَافْعَلُوا ، فَقَالُوا : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللّهِ . فَأَطْلَقُوهُ وَرَدّوا عَلَيْهَا الّذِي لَهَا.
سابعا>>آيات أبكت رسول الله في صحيح ابن حبان \، عن عطاء ، قال : دخلت أنا وعبيد بن عمير ، على عائشة فقالت لعبيد بن عمير : قد آن لك أن تزورنا ، فقال : أقول يا أمه كما قال الأول : زر غبا (1) تزدد حبا ، قال : فقالت : دعونا من رطانتكم هذه ، قال ابن عمير : أخبرينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فسكتت ثم قالت : لما كان ليلة من الليالي ، قال : « يا عائشة ذريني أتعبد الليلة لربي » قلت : والله إني لأحب قربك ، وأحب ما سرك ، قالت : فقام فتطهر ، ثم قام يصلي ، قالت : فلم يزل يبكي حتى بل حجره ، قالت : ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل لحيته ، قالت : ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل الأرض ، فجاء بلال يؤذنه بالصلاة ، فلما رآه يبكي ، قال : يا رسول الله ، لم تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم وما تأخر ؟ ، قال : « أفلا أكون عبدا شكورا ، لقد نزلت علي الليلة آية ، ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها ( إن في خلق السموات والأرض) الآية كلها »..
++ثانيا مواقف قف بكى فيها الأخيار من أولي البصائر النيرة.
1>>بكاء عائشة رضي الله عنها .وفي سنن أبي داود عَنْ عَائِشَةَ َنَّهَا ذَكَرَتْ النَّارَ فَبَكَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُبْكِيكِ قَالَتْ ذَكَرْتُ النَّارَ فَبَكَيْتُ فَهَلْ تَذْكُرُونَ أَهْلِيكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ فَلَا يَذْكُرُ أَحَدٌ أَحَدًا عِنْدَ الْمِيزَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَيَخِفُّ مِيزَانُهُ أَوْ يَثْقُلُ وَعِنْدَ الْكِتَابِ حِينَ يُقَالُ{ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ }
حَتَّى يَعْلَمَ أَيْنَ يَقَعُ كِتَابُهُ أَفِي يَمِينِهِ أَمْ فِي شِمَالِهِ أَمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ وَعِنْدَ الصِّرَاطِ إِذَا وُضِعَ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ
2>>ـ بكاء فاطمة رضي الله عنها.في صحيح مسلم عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ اجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُغَادِرْ مِنْهُنَّ امْرَأَةً فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مِشْيَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَرْحَبًا بِابْنَتِي فَأَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ إِنَّهُ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَبَكَتْ فَاطِمَةُ ثُمَّ إِنَّهُ سَارَّهَا فَضَحِكَتْ أَيْضًا فَقُلْتُ لَهَا مَا يُبْكِيكِ فَقَالَتْ مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ فَرَحًا أَقْرَبَ مِنْ حُزْنٍ فَقُلْتُ لَهَا حِينَ بَكَتْ أَخَصَّكِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَدِيثِهِ دُونَنَا ثُمَّ تَبْكِينَ وَسَأَلْتُهَا عَمَّا قَالَ فَقَالَتْ مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا قُبِضَ سَأَلْتُهَا فَقَالَتْ إِنَّهُ كَانَ حَدَّثَنِي أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ بِالْقُرْآنِ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً وَإِنَّهُ عَارَضَهُ بِهِ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ وَلَا أُرَانِي إِلَّا قَدْ حَضَرَ أَجَلِي وَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِي لُحُوقًا بِي وَنِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ فَبَكَيْتُ لِذَلِكَ ثُمَّ إِنَّهُ سَارَّنِي فَقَالَ أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَضَحِكْتُ لِذَلِكَ.>
3>>ـ بكاء أم ايمن .وفي صحيح مسلم \عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزُورُهَا فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهَا بَكَتْ فَقَالَا لَهَا مَا يُبْكِيكِ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ مَا أَبْكِي أَنْ لَا أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ أَبْكِي أَنَّ الْوَحْيَ قَدْ انْقَطَعَ مِنْ السَّمَاءِ فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ فَجَعَلَا يَبْكِيَانِ مَعَهَا
+4>ـ بكاء معاذ بن جبل وفي سنن ابن ماجه \عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ خَرَجَ يَوْمًا إِلَى مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَاعِدًا عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْكِي فَقَالَ مَا يُبْكِيكَ قَالَ يُبْكِينِي شَيْءٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ يَسِيرَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ وَإِنَّ مَنْ عَادَى لِلَّهِ وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَ اللَّهَ بِالْمُحَارَبَةِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْأَبْرَارَ الْأَتْقِيَاءَ الْأَخْفِيَاءَ الَّذِينَ إِذَا غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا وَإِنْ حَضَرُوا لَمْ يُدْعَوْا وَلَمْ يُعْرَفُوا قُلُوبُهُمْ مَصَابِيحُ الْهُدَى يَخْرُجُونَ مِنْ كُلِّ غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ
5>>ـ سلمان الفارسي \.في سنن ابن ماجه \ عَنْ أَنَسٍ قَالَ اشْتَكَى سَلْمَانُ فَعَادَهُ سَعْدٌ فَرَآهُ يَبْكِي فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ مَا يُبْكِيكَ يَا أَخِي أَلَيْسَ قَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَيْسَ أَلَيْسَ قَالَ سَلْمَانُ مَا أَبْكِي وَاحِدَةً مِنْ اثْنَتَيْنِ مَا أَبْكِي ضِنًّا لِلدُّنْيَا وَلَا كَرَاهِيَةً لِلْآخِرَةِ وَلَكِنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا فَمَا أُرَانِي إِلَّا قَدْ تَعَدَّيْتُ قَالَ وَمَا عَهِدَ إِلَيْكَ قَالَ عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُ يَكْفِي أَحَدَكُمْ مِثْلُ زَادِ الرَّاكِبِ وَلَا أُرَانِي إِلَّا قَدْ تَعَدَّيْتُ وَأَمَّا أَنْتَ يَا سَعْدُ فَاتَّقِ اللَّهَ عِنْدَ حُكْمِكَ إِذَا حَكَمْتَ وَعِنْدَ قَسْمِكَ إِذَا قَسَمْتَ وَعِنْدَ هَمِّكَ إِذَا هَمَمْتَ قَالَ ثَابِتٌ فَبَلَغَنِي أَنَّهُ مَا تَرَكَ إِلَّا بِضْعَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا مِنْ نَفَقَةٍ كَانَتْ عِنْدَهُ
+6>>ـ بكاء عمرض .روى ابن ماجه \ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى حَصِيرٍ قَالَ فَجَلَسْتُ فَإِذَا عَلَيْهِ إِزَارٌ وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَإِذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبهِ وَإِذَا أَنَا بِقَبْضَةٍ مِنْ شَعِيرٍ نَحْوِ الصَّاعِ وَقَرَظٍ فِي نَاحِيَةٍ فِي الْغُرْفَةِ وَإِذَا إِهَابٌ مُعَلَّقٌ فَابْتَدَرَتْ عَيْنَايَ فَقَالَ مَا يُبْكِيكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَمَالِي لَا أَبْكِي وَهَذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِكَ وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ لَا أَرَى فِيهَا إِلَّا مَا أَرَى وَذَلِكَ كِسْرَى وَقَيْصَرُ فِي الثِّمَارِ وَالْأَنْهَارِ وَأَنْتَ نَبِيُّ اللَّهِ وَصَفْوَتُهُ وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ قَالَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَنَا الْآخِرَةُ وَلَهُمْ الدُّنْيَا قُلْتُ بَلَى
7>>ـ بكاء أبي عبيدةوروى أحمد مُسْلِمُ بْنُ أُكَيْسٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ قَالَ ذَكَرَ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ يَبْكِي فَقَالَ مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ فَقَالَ
نَبْكِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ يَوْمًا مَا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَيُفِيءُ عَلَيْهِمْ حَتَّى ذَكَرَ الشَّامَ فَقَالَ إِنْ يُنْسَأْ فِي أَجَلِكَ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ فَحَسْبُكَ مِنْ الْخَدَمِ ثَلَاثَةٌ خَادِمٌ يَخْدُمُكَ وَخَادِمٌ يُسَافِرُ مَعَكَ وَخَادِمٌ يَخْدُمُ أَهْلَكَ وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ وَحَسْبُكَ مِنْ الدَّوَابِّ ثَلَاثَةٌ دَابَّةٌ لِرَحْلِكَ وَدَابَّةٌ لِثَقَلِكَ وَدَابَّةٌ لِغُلَامِكَ ثُمَّ هَذَا أَنَا أَنْظُرُ إِلَى بَيْتِي قَدْ امْتَلَأَ رَقِيقًا وَأَنْظُرُ إِلَى مِرْبَطِي قَدْ امْتَلَأَ دَوَابَّ وَخَيْلًا فَكَيْفَ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ هَذَا وَقَدْ أَوْصَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي مَنْ لَقِيَنِي عَلَى مِثْلِ الْحَالِ الَّذِي فَارَقَنِي عَلَيْهَا
+8>>ـ شداد بن أوس وفي مسند أحمد عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ أَنَّهُ بَكَى فَقِيلَ لَهُ مَا يُبْكِيكَ قَالَ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ فَذَكَرْتُهُ فَأَبْكَانِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي الشِّرْكَ وَالشَّهْوَةَ الْخَفِيَّةَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُشْرِكُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ قَالَ نَعَمْ أَمَا إِنَّهُمْ لَا يَعْبُدُونَ شَمْسًا وَلَا قَمَرًا وَلَا حَجَرًا وَلَا وَثَنًا وَلَكِنْ يُرَاءُونَ بِأَعْمَالِهِمْ وَالشَّهْوَةُ الْخَفِيَّةُ أَنْ يُصْبِحَ أَحَدُهُمْ صَائِمًا فَتَعْرِضُ لَهُ شَهْوَةٌ مِنْ شَهَوَاتِهِ فَيَتْرُكُ صَوْمَهُ
+9>>ـ بكاء أنس بن مالك .روى البخاري \عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ أَخِي عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِدِمَشْقَ وَهُوَ يَبْكِي فَقُلْتُ مَا يُبْكِيكَ فَقَالَ لَا أَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا أَدْرَكْتُ إِلَّا هَذِهِ الصَّلَاةَ وَهَذِهِ الصَّلَاةُ قَدْ ضُيِّعَتْ.هذا وصلى الله وسلم وبارك على م بعثه الله بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا .وكتبه حميد أمين جازاه ربه بالأوفى .
>>
تتميز المواقف التي حزن وبكى فيها النبي (صلى الله عليه وسلم) بتنوعها وتعددها وكلها كانت للعظة والعبرة والرحمة والخوف والخشية، وغيرها من الامور التي تهم المسلم في شتى بقاع الارض. ومن المواقف التي حزن فيها النبي وبكى تلك التي تتعلق بأمته وخوفه عليها من أن تعذب في النارخاصة وقد علم انها ستتجنب الصواب في بعض فترات تاريخها وأنها ستتبع اليهود والنصارى في الأهواء حتى لايبقى حياء بل ينعدم إذا اعلنت السفاهة وتبارى الناس أيهم اسبق لها وأجدر بالتكريم أيها.الناس إن هناك كثيرا من المواقف التي ابكت سيد الخلق (صلى الله عليه وسلم) شفقة على أمته، حيث كان رحيما بها خائفا و مشفقا عليها من عذاب النار، فعندما انكسفت الشمس روي أنه (صلى الله عليه وسلم) قام يصلي وبكى في صلاته وهو يدعو خوفا على أمته أن يهلكوا بعذاب من عند الله...
إن من كمال الإيمان البكاء على أمر قد فات لايسترد لماروى البخاري عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ في قصة الإسراء ..... قَالَ ثُمَّ انْطَلَقْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ فَأَتَيْتُ عَلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ فَلَمَّا جَاوَزْتُهُ بَكَى فَنُودِيَ مَا يُبْكِيكَ قَالَ رَبِّ هَذَا غُلَامٌ بَعَثْتَهُ بَعْدِي يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِهِ الْجَنَّةَ أَكْثَرُ مِمَّا يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِي ..... إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ
أيها قد يكون البكاء من النعم العظيمة التي امتنّ الله بها على عباده ،قال تعالى : { وأنه هو أضحك وأبكى } ( النجم :3 ) ، فبه تحصل المواساة للمحزون ، والتسلية للمصاب ، والمتنفّس من هموم الحياة ومتاعبها .ويمثّل البكاء مشهداً من مشاهد الإنسانية عند رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – ، حين كانت تمرّ به المواقف المختلفة ، فتهتزّ لأجلها مشاعره ، وتفيض منها عيناه، ويخفق معها فؤاده الطاهر .ودموع النبي – – لم يكن سببها الحزن والألم فحسب ، ولكن لها دوافع أخرى كالرحمة والشفقة على الآخرين ، والشوق والمحبّة ، وفوق ذلك كلّه : الخوف والخشية من الله سبحانه وتعالى .فها هي العبرات قد سالت على خدّ النبي – صلى الله عليه وآله وسلم - شاهدةً بتعظيمة ربّه وتوقيره لمولاه ، وهيبته من جلاله ، عندما كان يقف بين يديه يناجيه ويبكي ، ويصف أحد الصحابة ذلك المشهد فيقول : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي صدره أزيزٌ كأزيز المرجل من البكاء – وهو الصوت الذي يصدره الوعاء عند غليان - رواه النسائي .وتروي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها موقفاً آخر فتقول : " قام رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم - ليلةً من الليالي فقال : ( يا عائشة ذريني أتعبد لربي ) ، فتطهّر ثم قام يصلي ، فلم يزل يبكي حتى بلّ حِجره ، ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بلّ لحيته ، ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بلّ الأرض ، وجاء بلال رضي الله عنه يؤذنه بالصلاة ، فلما رآه يبكي قال : يا رسول الله ، تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال له : ( أفلا أكون عبداً شكوراً ؟ ) " رواه ابن حبّان .وسرعان ما كانت الدموع تتقاطر من عينيه إذا سمع القرآن ، روى لنا ذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال : " قال لي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( اقرأ عليّ ) ، قلت : يا رسول الله ، أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ ، فقال : ( نعم ) ، فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية : { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا } ( النساء : 41 ) فقال : ( حسبك الآن ) ، فالتفتّ إليه ، فإذا عيناه تذرفان " ، رواه البخاري .كما بكى النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – اعتباراً بمصير الإنسان بعد موته ، فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : " كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة ، فجلس على شفير القبر – أي طرفه - ، فبكى حتى بلّ الثرى ، ثم قال : ( يا إخواني لمثل هذا فأعدّوا ) رواه ابن ماجة ، وإنما كان بكاؤه عليه الصلاة والسلام بمثل هذه الشدّة لوقوفه على أهوال القبور وشدّتها ، ولذلك قال في موضعٍ آخر : ( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ، ولبكيتم كثيراً ) متفق عليه.وبكى النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – رحمةً بأمّته وخوفاً عليها من عذاب الله ، كما في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه ، يوم قرأ قول الله عز وجل : { إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم } ( المائدة : 118 ) ، ثم رفع يديه وقال : ( اللهم أمتي أمتي ) وبكى وفي غزوة بدر دمعت عينه - صلى الله عليه وآله وسلم – خوفاً من أن يكون ذلك اللقاء مؤذناً بنهاية المؤمنين وهزيمتهم على يد أعدائهم ، كما جاء عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله : " ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح ) رواه أحمد . وفي ذات المعركة بكى النبي – صلى الله عليه وآله وسلم - يوم جاءه العتاب الإلهي بسبب قبوله الفداء من الأسرى ، : { ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض } ( الأنفال : 67 ) حتى أشفق عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه من كثرة بكائه.ولم تخلُ حياته – صلى الله عليه وآله وسلم – من فراق قريبٍ أو حبيب ، كمثل أمه آمنة بنت وهب ، وزوجته خديجة رضي الله عنها ، وعمّه حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه ، وولده إبراهيم عليه السلام ، أوفراق غيرهم من أصحابه ، فكانت عبراته شاهدة على مدى حزنه ولوعة قلبه .فعندما قُبض إبراهيم ابن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم – بكى وقال : ( إن العين تدمع ، والقلب يحزن ، ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا ، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون ) متفق عليه.ولما أراد النبي – صلى الله عليه وآله وسلم - زيارة قبر أمه بكى بكاءً شديداً حتى أبكى من حوله ، ثم قال : ( زوروا القبور فإنها تذكر الموت ) رواه مسلم .ويوم أرسلت إليه إحدى بناته تخبره أن صبياً لها يوشك أن يموت ، لم يكن موقفه مجرد كلمات توصي بالصبر أو تقدّم العزاء ، ولكنها مشاعر إنسانية حرّكت القلوب وأثارت التساؤل ، خصوصاً في اللحظات التي رأى فيها النبي – - الصبي يلفظ أنفاسه الأخيرة ، وكان جوابه عن سرّ بكائه : ( هذه رحمة جعلها الله ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ) رواه مسلم .ويذكر أنس رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لزيد وجعفر وعبدالله بن رواحة رضي الله عنه يوم مؤتة ، حيث قال عليه الصلاة والسلام : ( أخذ الراية زيد فأصيب ، ثم أخذ جعفر فأصيب ، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب - وعيناه تذرفان - حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله ) رواه البخاري .ومن تلك المواقف النبوية نفهم أن البكاء ليس بالضرورة أن يكون مظهراً من مظاهرالنقص ، ولا دليلاً على الضعف ، بل قد يكون علامةً على صدق الإحساس ويقظة القلب اهـ منتدى الشيخ العريفي وغيره ..وبعد هذه المقدمة نفصل القول توضيحا في الوضوع لنأخذ العبرة منه وهو على شقين :
1>>]ـ مواقف أبكت سيد الخلق وهي :
أولا>>بكى عند زيارة قبر أمه .روى ابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
زَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ فَقَالَ اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يَأْذَنْ لِي وَاسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمْ الْمَوْتَ..وكيف لايبكي والموقف موقف اعتبار من ثم قال :
روى الترمذي عن مَوْلَى عُثْمَانَ قَالَ كَانَ عُثْمَانُ إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ بَكَى حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ فَقِيلَ لَهُ تُذْكَرُ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَلَا تَبْكِي وَتَبْكِي مِنْ هَذَا فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الْآخِرَةِ فَإِنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ قَالَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ إِلَّا الْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ
ثانيا>>ـ بكى على أمته لعلمه بما ستقع فيه من الفتن . روى الترمذي . عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ رِفَاعَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَامَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ عَلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ بَكَى فَقَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْأَوَّلِ عَلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ بَكَى فَقَالَ اسْأَلُوا اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يُعْطَ بَعْدَ الْيَقِينِ خَيْرًا مِنْ الْعَافِيَةِقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ> في تحفة الأحوذي قَوْلُهُ : ( عَامَ الْأَوَّلِ )أَيْ مِنْ الْهِجْرَةِ( ثُمَّ بَكَى )قِيلَ إِنَّمَا بَكَى لِأَنَّهُ عَلِمَ وُقُوعَ أُمَّتِهِ فِي الْفِتَنِ وَغَلَبَتْهُ الشَّهْوَةُ وَالْحِرْصُ عَلَى جَمْعِ الْمَالِ وَتَحْصِيلِ الْجَاهِ فَأَمَرَهُمْ بِطَلَبِ الْعَفْوِ وَالْعَافِيَةِ لِيَعْصِمَهُمْ مِنْ الْفِتَنِ" سَلُوا اللَّهَ الْعَفْوَ " أَيْ عَنْ الذُّنُوبِ . قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْعَفْوُ مَعْنَاهُ التَّجَاوُزُ عَنْ الذَّنْبِ وَتَرْكُ الْعِقَابِ عَلَيْهِ أَصْلُهُ الْمَحْوُ وَالطَّمْسُ
" وَالْعَافِيَةُ "قَالَ الْقَارِي : مَعْنَاهُ السَّلَامَةُ فِي الدِّينِ مِنْ الْفِتْنَةِ وَفِي الْبَدَنِ مِنْ سَيِّئِ الْأَسْقَامِ وَشِدَّةِ الْمِحْنَةِ اِنْتَهَى .قُلْت : لَا حَاجَةَ إِلَى زِيَادَةِ لَفْظِ سَيِّئ . قَالَ فِي النِّهَايَةِ : الْعَافِيَةُ أَنْ تَسْلَمَ مِنْ الْأَسْقَامِ وَالْبَلَايَا وَهِيَ الصِّحَّةُ وَضِدُّ الْمَرَضِ اِنْتَهَى
" بَعْدَ الْيَقِينِ " أَيْ الْإِيمَانِ" خَيْرًا مِنْ الْعَافِيَةِ "قَالَ الطِّيبِيُّ وَهِيَ السَّلَامَةُ مِنْ الْآفَاتِ فَيَنْدَرِجُ فِيهَا الْعَفْوُ اِنْتَهَى ، يَعْنِي وَلِعُمُومِ مَعْنَى الْعَافِيَةِ الشَّامِلَةِ لِلْعَفْوِ اِكْتَفَى بِذَكَرِهَا عَنْهُ وَالتَّنْصِيصُ عَلَيْهِ سَابِقًا لِلْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّهُ أَهَمُّ أَنْوَاعِهَا .قَوْلُهُ : ( وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ )وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ .
تنبيه\\ كيف لايخاف على أمته ولا يبكيه حالها وما وصلت إليهمن تدهور في الأخلاق فهذا فساد المرأة المسلمة قد انكشف أمره لم يصبح يخفى على أحد فلقد صدق إذ قال :روى البخاري ومالك عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا
++.وهذا باب الزنا قد فتح على مصراعيه حتى أصبح هم الإعلام تخصيص برامج لما تتعرض له الفتيات من اغتصاب عن رضا منهن إلا في حالة ناذرة كما دواعي الزنا كرسها المجتمع وساعدت المرأة في ذالك أنظروا كيف أصبح التعدد المشروع غير مقبولفالوصول إليه اصبح غير سهللا المنال بينما اتخاذ الخليلات متاح لكل من يريد ذالك بل يعرض ذالك على من لم يريد من هنا ضبطت الخيانات الزوجية غير مامرة قال سيد الخلق مشيرا لهذا الواقع المر : عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ وَيَثْبُتَ الْجَهْلُ وَيُشْرَبَ الْخَمْرُ وَيَظْهَرَ الزِّنَا> رواه البخاري . قَوْله : ( وَيَظْهَر الزِّنَا )أَيْ : يَفْشُو كَمَا فِي رِوَايَة مُسْلِم . عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إذا اقترب الزمان كثر لبس الطيالسة ، وكثرت التجارة ، وكثر المال ، وعظم رب المال بماله ، وكثرت الفاحشة ، وكانت إمارة الصبيان ، وكثر النساء ، وجار السلطان ، وطفف في المكيال والميزان ، ويربي الرجل جرو كلب خير له من أن يربي ولدا له ، ولا يوقر كبير ، ولا يرحم صغير ، ويكثر أولاد الزنا ، حتى أن الرجل ليغشى المرأة على قارعة الطريق ، فيقول أمثلهم في ذلك الزمان : لو اعتزلتما عن الطريق ، ويلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب ، أمثلهم في ذلك الزمان المداهن » « هذا حديث تفرد به سيف بن مسكين ، عن المبارك بن فضالة والمبارك بن فضالة ثقة »...الطيالسة : جمع طيلسان ، وهو ثوب يلبس على الكتف يحيط بالبدن ينسج للبس خال من التفصيل والخياطة.....الضأن : ذو الصوف من الغنم.... الجرو : اسم يطلق على الكلب الصغير وعلى سائر السباع. [رواه الحاكم والطبراني] فقد بات استحلال الزنا ظاهرة مرعبة حقا، اشارة الى أخر الزمان أو كما جاء في حديث النواس رضي الله عنه " ويبقى شرار الناس ، يتهارجون فيها تهارج الحمر ، فعليهم تقوم الساعة "...فقد روى مسلم عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ فَلَمَّا رُحْنَا إِلَيْهِ عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا فَقَالَ مَا شَأْنُكُمْ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً فَخَفَّضْتَ فِيهِ وَرَفَّعْتَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ فَقَالَ غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ......وفيه : وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الْحُمُرِ فَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ>قال النووي \قوله قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَتَهَارَجُونَ تَهَارُج الْحُمُر )أَيْ يُجَامِع الرِّجَال النِّسَاء بِحَضْرَةِ النَّاس كَمَا يَفْعَل الْحَمِير ، وَلَا يَكْتَرِثُونَ لِذَلِكَ : ( وَالْهَرْج ) بِإِسْكَانِ الرَّاء الْجِمَاع ، يُقَال : هَرَجَ زَوْجَته أَيْ جَامَعَهَا يَهْرَجُهَا ، بِفَتْحِ الرَّاء وَضَمّهَا وَكَسْرهَا .قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَسِيرُونَ حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى جَبَل الْخَمَر ) في مسند أبي يعلى عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « والذي نفسي بيده ، لا تفنى هذه الأمة حتى يقوم الرجل إلى المرأة فيفترشها >في الطريق ، فيكون خيارهم يومئذ من يقول لو واريتها وراء هذا الحائط » وارى : ستر وأخفى وغيب وغطى إنه إعجاز نبوي عظيم فقد تحقق هذا تنبئك عن هذا أندية الزنا المختلط وتحدثك هذه البحار في بلاد المسلمين وهذه الملاهي الليلة أيضا بل لقد حلت لعنة الفضائيات الإباحية على البشرية فشوهت الأخلاق ودخلت البيوت المحصنة فجرت لعنة قاتمة وفتحت شهية كل غافل وغافلة لله ماأصدق نبينا عليه الصلاة والسلام
++وهذه العهود أصبحت منقوضة معهودة لدى جم غفير من الناس لايبالون بها بنقضها. روى البخاري عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُكُمْ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ قَالَ عِمْرَانُ لَا أَدْرِي أَذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ وَيَنْذِرُونَ وَلَا يَفُونَ وَيَظْهَرُ فِيهِمْ السِّمَنُ> في الفتح قال \قَوْلُهُ : ( يَخُونُونَ )
كَذَا فِي جَمِيعِ اَلرِّوَايَاتِ اَلَّتِي اِتَّصَلَتْ لَنَا بِالْخَاء اَلْمُعْجَمَةِ وَالْوَاوِ مُشْتَقٌّ مِنْ اَلْخِيَانَةِ وَزَعَمَ اِبْن حَزْمٍ أَنَّهُ وَقَعَ فِي نُسْخَةٍ يَحْرِبُونَ بِسُكُونِ الْمُهْمَلَة وَكَسْرِ اَلرَّاءِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَة ؛ قَالَ : فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ حَرَبَهُ يَحْرِبُهُ إِذَا أَخَذَ مَالَهُ وَتَرَكَهُ بِلَا شَيْء ، وَرَجُل مَحْرُوب أَيْ مَسْلُوب اَلْمَال .قَوْلُهُ : ( وَلَا يُؤْتَمَنُونَ )
أَيْ لَا يَثِقُ اَلنَّاسُ بِهِمْ وَلَا يَعْتَقِدُونَهُمْ أُمَنَاءَ بِأَنْ تَكُونَ خِيَانَتُهُمْ ظَاهِرَةً بِحَيْثُ لَا يَبْقَى لِلنَّاسِ اِعْتِمَادٌ عَلَيْهِمْ .قَوْلُهُ : ( وَيَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ )يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اَلْمُرَاد اَلتَّحَمُّلَ بِدُونِ اَلتَّحْمِيلِ أَوْ اَلْأَدَاءَ بِدُونِ طَلَبٍ ، وَالثَّانِي أَقْرَب وَيُعَارِضُهُ مَا رَوَاهُ مُسْلِم مِنْ حَدِيثِ زَيْد بْن خَالِد مَرْفُوعًا " أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ اَلشُّهَدَاءِ ؟ اَلَّذِي يَأْتِي بِالشَّهَادَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا " وَاخْتَلَفَ اَلْعُلَمَاءُ فِي تَرْجِيحِهِمَا فَجَنَحَ اِبْن عَبْد اَلْبَرّ إِلَى تَرْجِيح حَدِيث زَيْد بْن خَالِد لِكَوْنِهِ مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ اَلْمَدِينَةِ فَقَدَّمَهُ عَلَى رِوَايَةِ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ وَبَالَغَ فَزَعَمَ أَنَّ حَدِيثَ عِمْرَانَ هَذَا لَا أَصْلَ لَهُ . وَجَنَحَ غَيْرُهُ إِلَى تَرْجِيح حَدِيث عِمْرَانَ لِاتِّفَاقِ صَاحِبَيْ اَلصَّحِيحِ عَلَيْهِ وَانْفِرَادِ مُسْلِمٍ بِإِخْرَاجِ حَدِيثِ زَيْد بْن خَالِد . وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى اَلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فَأَجَابُوا بِأَجْوِبَة : أَحَدُهَا أَنَّ اَلْمُرَادَ بِحَدِيثِ زَيْد : مَنْ عِنْدَهُ شَهَادَة لِإِنْسَانٍ بِحَقٍّ لَا يَعْلَمُ بِهَا صَاحِبُهَا فَيَأْتِي إِلَيْهِ فَيُخْبِرُهُ بِهَا أَوْ يَمُوتُ صَاحِبُهَا اَلْعَالِمُ بِهَا وَيَخْلُفُ وَرَثَةً فَيَأْتِي اَلشَّاهِدُ إِلَيْهِمْ أَوْ إِلَى مَنْ يَتَحَدَّثُ عَنْهُمْ فَيُعْلِمُهُمْ بِذَلِكَ وَهَذَا أَحْسَنُ اَلْأَجْوِبَةِ وَبِهَذَا أَجَابَ يَحْيَى بْن سَعِيد شَيْخُ مَالِك وَمَالِكٌ وَغَيْرُهُمَا . ثَانِيهَا : أَنَّ اَلْمُرَادَ بِهِ شَهَادَة اَلْحِسْبَة وَهِيَ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ اَلْآدَمِيِّينَ اَلْمُخْتَصَّةِ بِهِمْ مَحْضًا ، وَيَدْخُلُ فِي اَلْحِسْبَةِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّ اَللَّهِ أَوْ فِيهِ شَائِبَة مِنْهُ اَلْعَتَاقُ وَالْوَقْفُ وَالْوَصِيَّة اَلْعَامَّة وَالْعِدَّة وَالطَّلَاق وَالْحُدُود وَنَحْوُ ذَلِكَ ، قَوْلُهُ : ( وَيَنْذِرُونَ )بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَبِكَسْرِ اَلذَّالِ اَلْمُعْجَمَةِ وَبِضَمِّهَا )( وَلَا يَفُونَ )يَأْتِي اَلْكَلَام عَلَيْهِ فِي كِتَاب اَلنُّذُور .وَقَوْلُهُ : ( وَيَظْهَرُ فِيهِمْ اَلسِّمَنُ )بِكَسْرِ الْمُهْمَلَة وَفَتْحِ اَلْمِيمِ بَعْدَهَا نُونٌ أَيْ يُحِبُّونَ اَلتَّوَسُّعَ فِي اَلْمَآكِل وَالْمَشَارِب وَهِيَ أَسْبَابُ اَلسِّمَنِ بِالتَّشْدِيدِ .....ويتأكد هذا التنكر لمبادئ الشريعة الغراء ما في شعب الإيمان للبيهقي عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يوشك أن يأتي على الناس زمان لا يبقى من الإسلام إلا اسمه ، ولا يبقى من القرآن إلا رسمه ، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى ، علماؤهم شر من تحت أديم) السماء من عندهم تخرج الفتنة وفيهم تعود ». أديم السماء : ما يظهر من السماء
+كيف لايبكي على حال أمته الآن وقد قتل بعضهم بعضا وكفربعضهم بعضا فأين هم الآن من وصيته الخالدة .روى البخاري عَنْ جَرِيرٍأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ اسْتَنْصِتْ النَّاسَ فَقَالَ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ>
في الفتح \ ، وَالْمَعْنَى لَا تَفْعَلُوا فِعْل الْكُفَّار فَتُشْبِهُوهُمْ فِي حَالَة قَتْل بَعْضهمْ بَعْضًا . قَالَ اِبْن بَطَّال : فِيهِ أَنَّ الْإِنْصَات لِلْعُلَمَاءِ لَازِم لِلْمُتَعَلِّمِينَ ؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاء وَرَثَة الْأَنْبِيَاء .. وَقَدْ وَقَعَ التَّفْرِيق بَيْن الْإِنْصَات وَالِاسْتِمَاع فِي قَوْله تَعَالَى : ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآن فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا ) وَمَعْنَاهُمَا مُخْتَلِف ، فَالْإِنْصَات هُوَ السُّكُوت وَهُوَ يَحْصُل مِمَّنْ يَسْتَمِع وَمِمَّنْ لَا يَسْتَمِع كَأَنْ يَكُون مُفَكِّرًا فِي أَمْر آخَر ، وَكَذَلِكَ الِاسْتِمَاع قَدْ يَكُون مَعَ السُّكُوت وَقَدْ يَكُون مَعَ النُّطْق بِكَلَامٍ آخَر لَا يَشْتَغِل النَّاطِق بِهِ عَنْ فَهْم مَا يَقُول الَّذِي يَسْتَمِع مِنْهُ ، وَقَدْ قَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ وَغَيْره : أَوَّل الْعِلْم الِاسْتِمَاع ، ثُمَّ الْإِنْصَات ، ثُمَّ الْحِفْظ ، ثُمَّ الْعَمَل ، ثُمَّ النَّشْر . وَعَنْ الْأَصْمَعِيّ تَقْدِيم الْإِنْصَات عَلَى الِاسْتِمَاع.
++وأين الأمة من وصيته من عدم التكفير : روى مالك في الموطإ والبخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَالَ لِأَخِيهِ كَافِرٌ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا>
إنك إن تعجب فقد تعجب من حدثاء الأسنان صبية الزمان الذين ليس لهم إلا أياما قلائل في التوبة من الندم نصبوا أنفسهم قضاة يكفرون شيوخا لهم قدم راسخ في الدعوة وأيام طوال في العلم .عنما مات شيخ من شيوخ الدعوة اجتمع بعض الشباب فقال بعضهم لبعض ما تقولون في فلان قال أحدهم كافر وآخر أنا متوقف وآخر وآخر ...إن ظاهرة الغلو في التكفير قديم بزغ ببزوغ الخوارج .روى البخاري ومالك عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَخْرُجُ فِيكُمْ قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلَاتَكُمْ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَكُمْ مَعَ صِيَامِهِمْ وَأَعْمَالَكُمْ مَعَ أَعْمَالِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَلَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنْ الرَّمِيَّةِ تَنْظُرُ فِي النَّصْلِ فَلَا تَرَى شَيْئًا وَتَنْظُرُ فِي الْقِدْحِ فَلَا تَرَى شَيْئًا وَتَنْظُرُ فِي الرِّيشِ فَلَا تَرَى شَيْئًا وَتَتَمَارَى فِي الْفُوقِ.
وروى البخاري \عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ>
في كتاب \ ظاهرة التكفير.. عوامل النشأة وطرق العلاج د. محمد شقير **
إنَّ ظاهرة التكفير المنفَلِت، واحدةٌ من أخطر الظواهر التي تُعاني منها أمّتنا الإسلاميَّة، والتي ساهمت إلى حدٍ بعيدٍ في إضعاف عُرى الوحدة بين المسلمين، والتي كانت السبب في تمزيق المجتمعات الإسلاميَّة وإحلال التنازع فيها بدل التَّعاون، والفُرقة بدل الوحدة .ولذا، كان من الأهميَّة بمكانٍ الوقوف عند هذه الظاهرة لاستجلاء أسبابها والعوامل التي ساهمت في نشأتها، يُجمل الدكتور نعمان عبد الرزاق السامرائيّ أسباب التكفير في العصر الحاضر بما يَلي:
أ ـ الاضطهاد السياسيّ: حيث يتناول تاريخ الاضطهاد السياسيِّ الذي عانى منه المسلمون وصولا إلى عصرنا الحالي، حيث نتَجَ عن ذلك الميل إلى تكفير الحُكَّام ورجالات الدولة وأهل السلطة.
ب ـ فقدان الثِّقَة بالعلماء الرسميِّين: أي علماء البلاط وفقهاء السلاطين الذين اتَّخذوا من علمهم مطيَّة للتزلّف إلى السلطان ونيل ما لديه من حُطَام، فكانت النتيجة أن فُقِدَت الثِّقة بهؤلاء العلماء وانعدم تأثيرهم في أبناء الأمَّة، وهذا ما استدعى إقبال أبناء الأمَّة بأنفسهم على القرآن والسنّة متجاوزين أولئك العلماء، مع ما لذلك من محاذير سوف تتضّح فيما يلي.
ج ـ محاولة أخْذِ الأحكام من القرآن مباشرة: حيث إنَّ فهم القرآن الكريم فهما صحيحا غير مغلوط، يَحتاج إلى المعرفة بجملةٍ من العلوم ذات الصِّلَة وإلى توفّر الاستعداد العلميِّ الخاصّ، وإلا سوف يكون الاستنباط والفهم غير موافقٍ لمُراد القرآن الكريم، وخصوصا إذا ما تناول ذلك الفهم قضايا خطيرة مثل قضيَّة الإيمان والكفر، وما يُمكِن أن يترتّب عليها من تكفيرٍ لشرائحَ كبيرة من المسلمين وعامَّة الناس، بل والخوض في دمائهم وأموالهم وأعراضهم.
دـ الخلط بين الكُفْر الأصغر والكُفْر الأكبر: حيث إنَّ لفظَ الكفر قد ورد كثيرا في القرآن الكريم والسنّة، ولكنَّه لم يأتِ دائما بمعنى الخروج من الإسلام، وهو الكفر الأكبر، بل أتى أيضا بمعنى كفْر النِعم مثلا، وهو من الكفر الأصغر، ولذا، فإنَّ الخلط بين هذين الكفرين يؤدِّي إلى التوسّع في دائرة الكفر وبالتالي استسهاله، ويقود إلى الخطأ في إطلاق حكم الكفر الأكبر على كثيرٍ من المسلمين، لينتهي الأمر إلى ارتكاب أعمال تنافي الدين وصريح القرآن والسنّة.
هـ ـ التعلّق ببعض ما قاله سيّد قطب والمودودي: إذ إنَّ بعض ما جاء في كتابات هذين الرجلين يُفهَم منه إخراج الكثير من المسلمين من الإسلام والحكم بكفرِهم. ولذا، لا بدّ من التوقّف عند العديد ممّا قاله هذان الرجلان والتأمّل فيه مليَّا، ومحاولة عرضه على الكتاب والسنّة، حتَّى إذا تبيّن خطؤه فينبغي ردَّه وعدم القبول به، والخطأ في الفهم ليس عزيزا على علماء الأمَّة ومفكِّريه (التكفير: جذوره، أسبابه، مبرّراته، دار المنارة، جدّة، 1992م، ط3، صص 45 141).
وهنا لا بدّ من مناقشة تلك الأسباب لمعرفة إلى أي مدى تُساهِم في قضيَّة التكفير، أو إذا كان من ملاحظة أو نقدٍ يُمكن أن يُوجَّه إليها.
أمَّا فقدان الثِّقةِ بالعلماء الرسميِّين، فيُمكن القول إنَّ هذا الأمر قد يصّح فيما لو كان جميع العلماء الرسميِّين على درجةٍ عاليةٍ من الوعي والورع الدينيِّين. لكن ماذا لو كان بعض هؤلاء العلماء ممَّن ينزلقُ إلى ممارسةِ شكلٍ أو آخرَ من التكفير ولو المستَتِر منه، وليس بالضرورة أن يُمارس هذا التكفير تِجَاه الحكّام وأرباب الدولة، بل قد يُمارس ذلك تِجَاه فئاتٍ أُخرى من المسلمين، وخصوصا إذا ما كانت الصِّراعات السياسيَّة تدفع بأولئك الحكّام إلى استنبات جميع ألوان العصبيَّات والتي منها المذهبيَّة، فيُصبح ـ والحال هذه ـ أولئك العلماء الرسميِّين إحدى أهمّ أدوات الصِّراع السياسيِّ، وخصوصا أنَّ الحكّام هم أولياء نعمتهم، وأنَّ أرزاقهم ـ كما يَعتقدون ـ بيدهم، وهذا ما نَلحظه في العديد من الأنظمة، حيث تحوّل العالم فيها إلى صوت للفتنةِ ومستنهِضٍ للعصبيَّة، يَنطق بها ما كان للسلطان غرضٌ بها، حتَّى إذا بدّل غرضه تغيّر منطِقَه (مقالات على طريق الوحدة الإسلامية، إعداد جمعية علماء البقاع، دار المحجَة البيضاء، بيروت، 2008م، ط1، ص 289)
رأي القرضاوي في أسباب ظاهرة التكفير يُرجع الشيخ القرضاوي أسباب ظهور تيَّار التكفير إلى ما يلي:
أـ انتشار الكفر والرِدَّة الحقيقيَّة جهرة في مجتمعاتنا، وممارستهم للكفر والردّة بكلِّ جرأةٍ واستخدام وسائل الإعلام في نشر الكُفر دون زاجرٍ من أحد.
ب ـ التَّساهل الذي يُبديه بعض العلماء مع هؤلاء الكَفَرة، وعدّهم في المسلمين، مع أنَّهم خارجون عن الإسلام.
ج ـ ممارسة الاضطهاد لحاملي الفكر الإسلاميِّ والتضييق عليهم.
دـ عدم تعمّق العديد من الشباب ـ ممّن يُمارِس التكفير ـ بالإسلام، وقلّة معرفتهم فيه وفي فقهه وأصوله وعلومه (القرضاوي، ظاهرة الغلو في التكفير، ص 18 19 (عن: الشيباني رضوان أحمد شمسان، الحركات الأصولية الإسلامية في العالم الغربي، مكتبة مدبولي، القاهرة، 2005م، ط1، ص242)).
وفي مقام مناقشة هذه الأسباب، لا بدّ من القول:
أولا، فيما يرتبط بانتشار الكفر والرِدَّة الحقيقيَّة في مجتمعاتنا الإسلاميَّة، فهو ما سوف يؤدِّي تلقائيَّا إلى تصنيف كلِّ من كفَرَ أو ارتَدَّ في خانة الكفر والرِدَّة، ولكن الكفر الذي تنطبق عليه ضوابط الشرع وقواعد الدِّين مجاله محدودٌ جدا، مقارنة مع ما يذهب إليه دُعاة التكفير أو التكفيريِّون، ولذا سوف يكون من يُصنَّف في دائرة الكفر ـ بناء على تلك الضَّوابط والقواعد ـ قليلٌ جدا مقايسة مع ما يذهب إليه أولئك، وهذا المستوى لا يُبرِّر ظهور تيَّار من التكفير الذي يُمارَس تِجَاه الكثير من المسلمين، ويُخرج الكثير من المجتمعات الإسلاميَّة ومذاهبَ إسلاميَّة بأكملِها من الإسلام.
ولذا، فإنَّ تحّول التكفير إلى تيَّارٍ يَجرف في وحوله الكثير من المسلمين والمُجتمَعات الإسلاميَّة يَكمن بشكلٍ أساسٍ في أسبابَ أُخرى. وكون النصِّ الإسلاميِّ (القرآن والسنّة) قد تحدّث عن الكفر لا يبرّر ظهور هذا التيَّار التكفيريّ الجارِف، وتوسّعه غير المنضبِط في التكفير، واستسهاله واستسهال ترتيب آثاره عليه.
ثانيا، وفيما يرتبط بالسَّبب الثاني، يُمكن القول إنَّ التَّساهل الذي قد يُبديِه بعضٌ من العلماء مع من يَخرج من الإسلام ويرتدَّ عنه ليلتحق بالكفر، نتيجته جعل أولئك العلماء في دائرة النَّقد أو النُّصح أو غير ذلك؛ وليس أمرا ضروريَّا ولازما لذلك التساهل أن يَتمَّ التوسّع في التكفير، والتفلّت من كثيرٍ من ضوابطه بما يُؤدِّي إلى إطلاق العنان لأحكام التكفير بحقِّ الكثير من المسلمين وإخراجهم من ربقة الدِّين...اهـ
+ثالثا>> بكى رقة بحال مصعب ابن عمير .روى الترمذي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ إِنَّا لَجُلُوسٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ إِذْ طَلَعَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ مَا عَلَيْهِ إِلَّا بُرْدَةٌ لَهُ مَرْقُوعَةٌ بِفَرْوٍ فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَكَى لِلَّذِي كَانَ فِيهِ مِنْ النِّعْمَةِ وَالَّذِي هُوَ الْيَوْمَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ بِكُمْ إِذَا غَدَا أَحَدُكُمْ فِي حُلَّةٍ وَرَاحَ فِي حُلَّةٍ وَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ صَحْفَةٌ وَرُفِعَتْ أُخْرَى وَسَتَرْتُمْ بُيُوتَكُمْ كَمَا تُسْتَرُ الْكَعْبَةُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مِنَّا الْيَوْمَ نَتَفَرَّغُ لِلْعِبَادَةِ وَنُكْفَى الْمُؤْنَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَنْتُمْ الْيَوْمَ خَيْرٌ مِنْكُمْ يَوْمَئِذٍ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ...في تحفة الأحوذي \ بِفَرْوٍ )أَيْ بِجِلْدٍ . قَالَ مَيْرُك : هُوَ قُرَشِيٌّ هَاجَرَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرَكَ النِّعْمَةَ وَالْأَمْوَالَ بِمَكَّةَ ، وَهُوَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ السَّاكِنِينَ فِي مَسْجِدِ قَبَاءَ . وَقَالَ صَاحِبُ الْمِشْكَاةِ فِي الْإِكْمَالِ عَبْدَرِيٌّ كَانَ مِنْ أَجِلَّةِ الصَّحَابَةِ وَفُضَلَائِهِمْ ، هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ فِي أَوَّلِ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهَا ثُمَّ شَهِدَ بَدْرًا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُصْعَبًا بَعْدَ الْعَقَبَةِ الثَّانِيَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ يُقْرِئُهُمْ الْقُرْآنَ وَيُفَقِّهُهُمْ فِي الدِّينِ . وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ الْجُمْعَةَ بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ ، وَكَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ أَنْعَمِ النَّاسِ عَيْشًا وَأَلْيَنِهِمْ لِبَاسًا ، فَلَمَّا أَسْلَمَ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا... فِي حُلَّةٍ )بِضَمٍّ فَتَشْدِيدٍ . أَيْ فِي ثَوْبٍ أَوْ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ..( وَرَاحَ )أَيْ ذَهَبَ آخِرَ النَّهَارِ..( فِي حُلَّةٍ )أَيْ أُخْرَى مِنْ الْأُولَى قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ : أَيْ كَيْفَ يَكُونُ حَالُكُمْ إِذَا كَثُرَتْ أَمْوَالُكُمْ بِحَيْثُ يَلْبَسُ كُلٌّ مِنْكُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ حُلَّةً وَآخِرَهُ أُخْرَى مِنْ غَايَةِ التَّنَعُّمِ( وَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ صَحْفَةٌ )أَيْ قَصْعَةٌ مِنْ مَطْعُومٍ( وَرُفِعَتْ أُخْرَى )أَيْ مِنْ نَوْعٍ آخَرَ كَمَا هُوَ شَأْنُ الْمُتْرَفِينَ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ كَثْرَةِ أَصْنَافِ الْأَطْعِمَةِ الْمَوْضُوعَةِ عَلَى الْأَطْبَاقِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُتَنَعِّمِينَ...( وَسَتَرْتُمْ بُيُوتَكُمْ )بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِهَا أَيْ جُدْرَانَهَا . وَالْمَعْنَى زَيَّنْتُمُوهَا بِالثِّيَابِ النَّفِيسَةِ مِنْ فَرْطِ التَّنَعُّمِ( كَمَا تُسْتَرُ الْكَعْبَةُ )فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ سِتْرَهَا مِنْ خُصُوصِيَّاتِهَا لِامْتِيَازِهَا( نَحْنُ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مِنَّا الْيَوْمَ )وَبَيَّنُوا سَبَبَ الْخَيْرِيَّةِ بِقَوْلِهِمْ مُسْتَأْنَفًا فِيهِ مَعْنَى التَّعْلِيلِ( نَتَفَرَّغُ )أَيْ عَنْ الْعَلَائِقِ وَالْعَوَائِقِ..< لِلْعِبَادَةِ )
أَيْ بِأَنْفُسِنَا..( وَنُكْفَى )بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ الْمُتَكَلِّمِ( الْمُؤْنَةَ )أَيْ بِخَدَمِنَا وَالْوَاوُ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ . فَالْمَعْنَى نَدْفَعُ عَنَّا تَحْصِيلَ الْقُوتِ لِحُصُولِهِ بِأَسْبَابٍ مُهَيَّأَةٍ لَنَا فَنَتَفَرَّغُ لِلْعِبَادَةِ مِنْ تَحْصِيلِ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْعَمَلِ بِالْخَيْرَاتِ الْبَدَنِيَّةِ وَالْمَبَرَّاتِ الْمَالِيَّةِ( فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا )أَيْ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا ظَنَنْتُمْ( أَنْتُمْ الْيَوْمَ خَيْرٌ مِنْكُمْ يَوْمَئِذٍ )
لِأَنَّ الْفَقِيرَ الَّذِي لَهُ كَفَافٌ خَيْرٌ مِنْ الْغَنِيِّ . لِأَنَّ الْغَنِيَّ يَشْتَغِلُ بِدُنْيَاهُ وَلَا يَتَفَرَّغُ لِلْعِبَادَةِ مِثْلُ مَنْ لَهُ كَفَافٌ لِكَثْرَةِ اِشْتِغَالِهِ بِتَحْصِيلِ الْمَالِ .
رابعا>>.بكى لموت إبراهيم ابنه .روى ابن ماجهعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ
لَمَّا تُوُفِّيَ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبْرَاهِيمُ بَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ الْمُعَزِّي إِمَّا أَبُو بَكْرٍ وَإِمَّا عُمَرُ أَنْتَ أَحَقُّ مَنْ عَظَّمَ اللَّهُ حَقَّهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ وَلَا نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ لَوْلَا أَنَّهُ وَعْدٌ صَادِقٌ وَمَوْعُودٌ جَامِعٌ وَأَنَّ الْآخِرَ تَابِعٌ لِلْأَوَّلِ لَوَجَدْنَا عَلَيْكَ يَا إِبْرَاهِيمُ أَفْضَلَ مِمَّا وَجَدْنَا وَإِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ>...في حاشية السندي \( مِنْ عَظَّمَ )مِنْ التَّعْظِيم( حَقّه )الَّذِي هُوَ النَّهْي عَنْ الْبُكَاء وَالْأَمْر بِالصَّبْرِ لَا يَرْجِع إِلَى ذَلِكَ عَلَى مَا عَلَيْهِ عَادَة( مَا يُسْخَط )مِنْ السَّخَط أَيْ مَا يُغْضِبهُ( لَوْلَا أَنَّهُ )بِفَتْحِ الْأَلْف أَيْ أَنَّ الْمَوْت جَامِع لِلْخَلَائِقِ كُلّهَا( عَلَيْك )أَيْ لِأَجَلِك وَعَلَى فِرَاقك .قوله ( أَفْضَل )أَكْثَر مِنْ الْغَمّ وَالْحُزْن أَيْ بِفِرَاقِك وَالْمُرَاد بِهَذَا الْحُزْن هُوَ الْحُزْن الْجَبَلِيّ وَهُوَ لَا يُنَافِي الرِّضَا بِالْقَضَاءِ وَلَا مَحْذُور فِيهِ وَفِي الزَّوَائِد إِسْنَاده حَسَن رَوَاهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيث أَنَس
+خامسا>>بكى النبي صلى الله عليه وسلم اعْتِنَاءِ بِمَصَالِحِ أمته وَاهْتِمَامه بِأَمْرِهِمْ ، روى مسلم " عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِبْرَاهِيمَ{ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي }الْآيَةَ وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام{ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي وَبَكَى فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ وَهُوَ أَعْلَمُ فَقَالَ اللَّهُ يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوءُكَ> قال النووي \:هَذَا الْحَدِيث مُشْتَمِل عَلَى أَنْوَاع مِنْ الْفَوَائِد مِنْهَا : بَيَان كَمَال شَفَقَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُمَّته وَاعْتِنَائِهِ بِمَصَالِحِهِمْ ، وَاهْتِمَامه بِأَمْرِهِمْ ، وَمِنْهَا : اِسْتِحْبَاب رَفْع الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاء ، وَمِنْهَا : الْبِشَارَة الْعَظِيمَة لِهَذِهِ الْأُمَّة - زَادَهَا اللَّه تَعَالَى شَرَفًا - بِمَا وَعَدَهَا اللَّه تَعَالَى بِقَوْلِهِ : سَنُرْضِيك فِي أُمَّتك وَلَا نَسُوءك وَهَذَا مِنْ أَرْجَى الْأَحَادِيث لِهَذِهِ الْأُمَّة أَوْ أَرْجَاهَا ، وَمِنْهَا : بَيَان عِظَم مَنْزِلَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْد اللَّه تَعَالَى وَعَظِيم لُطْفه سُبْحَانه بِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْحِكْمَة فِي إِرْسَال جِبْرِيل لِسُؤَالِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِظْهَار شَرَف النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنَّهُ بِالْمَحِلِّ الْأَعْلَى فَيُسْتَرْضَى وَيُكْرَم بِمَا يُرْضِيه وَاَللَّه أَعْلَم .وَهَذَا الْحَدِيث مُوَافِق لِقَوْلِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ { وَلَسَوْفَ يُعْطِيك رَبّك فَتَرْضَى } . وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى : ( وَلَا نَسُوءك ) ، فَقَالَ صَاحِب ( التَّحْرِير ) : هُوَ تَأْكِيد لِلْمَعْنَى أَيْ : لَا نُحْزِنك ؛ لِأَنَّ الْإِرْضَاء قَدْ يَحْصُل فِي حَقّ الْبَعْض بِالْعَفْوِ عَنْهُمْ وَيَدْخُل الْبَاقِي النَّار فَقَالَ تَعَالَى : نُرْضِيك وَلَا نُدْخِل عَلَيْك حُزْنًا بَلْ نُنَجِّي الْجَمِيع . وَاَللَّه أَعْلَم .
+سادسا>>ـ بكى عند ما رءا أثرا لزجه خديجة ماثلا بين يديه في غزوة انتصر فيها على العدو فعدل في القضية بعد البكاء على فراق الزوجة الوفية عندما وقع أبو العاصي أسيرا في أيدي المسلمين بعد إحدى الغزوات ( وكان على الشرك آنذاك ) وكان زوجا لزينب رضي الله عنها ابنة الرسول الكريم وكان الزواج من المشركينلم يحرم بعد فجاءت زينب لتفدي أبو العاصي ولم يكن معها مالا فأتت بقلادة ورثتها منأمها خديجة رضوان الله عليها فعندما رأى الرسول هذه القلادة تذكر خديجة الزوجةالصالحة المخلصة الوفية فبكى في هذا الموقف (أليس هذا قمة الوفاء من قمة البشرجميعا؟ ) !!قال ابن إسحاق: وقد كان في الاسارى أبو العاص بن الربيع بن عبدالعزى بن عبد شمس بن أمية، ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته زينب.قال ابن هشام: وكان الذى أسره خراش بن الصمة أحد بنى حرام.
قال ابن إسحاق: وكان أبو العاص من رجال مكة المعدودين مالا وأمانة وتجارة، وكانت أمه هالة بنت خويلد أخت خديجة بنت خويلد، وكانت خديجة هي التى سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزوجه بابنتها زينب وكان لا يخالفها، وذلك قبل الوحى. ..في الروض الأنف أَبُو الْعَاصِ عِنْدَ الرّسُولِ وَبَعْثُ زَيْنَبَ فِي فِدَائِهِ وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا يُحِلّ بِمَكّةَ وَلَا يُحْرِمُ مَغْلُوبًا عَلَى أَمْرِهِ وَكَانَ الْإِسْلَامُ قَدْ فَرّقَ بَيْنَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حِينَ أَسْلَمَتْ وَبَيْنَ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرّبِيعِ ، إلّا أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَانَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُفَرّقَ بَيْنَهُمَا ، فَأَقَامَتْ مَعَهُ عَلَى إسْلَامِهَا وَهُوَ عَلَى شِرْكِهِ حَتّى هَاجَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَلَمّا صَارَتْ قُرَيْشٌ إلَى بَدْرٍ صَارَ فِيهِمْ أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرّبِيعِ فَأُصِيبَ فِي الْأُسَارَى يَوْمَ بَدْرٍ فَكَانَ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . [ ص 105 ] قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبّادِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الزّبَيْرِ ، عَنْ أَبِيهِ عَبّادٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمّا بَعَثَ أَهْلُ مَكّةَ فِي فِدَاءِ أُسَرَائِهِمْ بَعَثَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي فِدَاءِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرّبِيعِ بِمَالِ وَبَعَثَتْ فِيهِ بِقِلَادَةِ لَهَا كَانَتْ خَدِيجَةُ أَدَخَلَتْهَا بِهَا عَلَى أَبِي الْعَاصِ حِينَ بَنَى عَلَيْهَا ، قَالَتْ فَلَمّا رَآهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ رَقّ لَهَا رَقّةً شَدِيدَةً وَقَالَ إنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا ، وَتَرُدّوا عَلَيْهَا مَالَهَا ، فَافْعَلُوا ، فَقَالُوا : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللّهِ . فَأَطْلَقُوهُ وَرَدّوا عَلَيْهَا الّذِي لَهَا.
سابعا>>آيات أبكت رسول الله في صحيح ابن حبان \، عن عطاء ، قال : دخلت أنا وعبيد بن عمير ، على عائشة فقالت لعبيد بن عمير : قد آن لك أن تزورنا ، فقال : أقول يا أمه كما قال الأول : زر غبا (1) تزدد حبا ، قال : فقالت : دعونا من رطانتكم هذه ، قال ابن عمير : أخبرينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فسكتت ثم قالت : لما كان ليلة من الليالي ، قال : « يا عائشة ذريني أتعبد الليلة لربي » قلت : والله إني لأحب قربك ، وأحب ما سرك ، قالت : فقام فتطهر ، ثم قام يصلي ، قالت : فلم يزل يبكي حتى بل حجره ، قالت : ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل لحيته ، قالت : ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل الأرض ، فجاء بلال يؤذنه بالصلاة ، فلما رآه يبكي ، قال : يا رسول الله ، لم تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم وما تأخر ؟ ، قال : « أفلا أكون عبدا شكورا ، لقد نزلت علي الليلة آية ، ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها ( إن في خلق السموات والأرض) الآية كلها »..
++ثانيا مواقف قف بكى فيها الأخيار من أولي البصائر النيرة.
1>>بكاء عائشة رضي الله عنها .وفي سنن أبي داود عَنْ عَائِشَةَ َنَّهَا ذَكَرَتْ النَّارَ فَبَكَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُبْكِيكِ قَالَتْ ذَكَرْتُ النَّارَ فَبَكَيْتُ فَهَلْ تَذْكُرُونَ أَهْلِيكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ فَلَا يَذْكُرُ أَحَدٌ أَحَدًا عِنْدَ الْمِيزَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَيَخِفُّ مِيزَانُهُ أَوْ يَثْقُلُ وَعِنْدَ الْكِتَابِ حِينَ يُقَالُ{ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ }
حَتَّى يَعْلَمَ أَيْنَ يَقَعُ كِتَابُهُ أَفِي يَمِينِهِ أَمْ فِي شِمَالِهِ أَمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ وَعِنْدَ الصِّرَاطِ إِذَا وُضِعَ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ
2>>ـ بكاء فاطمة رضي الله عنها.في صحيح مسلم عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ اجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُغَادِرْ مِنْهُنَّ امْرَأَةً فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مِشْيَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَرْحَبًا بِابْنَتِي فَأَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ إِنَّهُ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَبَكَتْ فَاطِمَةُ ثُمَّ إِنَّهُ سَارَّهَا فَضَحِكَتْ أَيْضًا فَقُلْتُ لَهَا مَا يُبْكِيكِ فَقَالَتْ مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ فَرَحًا أَقْرَبَ مِنْ حُزْنٍ فَقُلْتُ لَهَا حِينَ بَكَتْ أَخَصَّكِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَدِيثِهِ دُونَنَا ثُمَّ تَبْكِينَ وَسَأَلْتُهَا عَمَّا قَالَ فَقَالَتْ مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا قُبِضَ سَأَلْتُهَا فَقَالَتْ إِنَّهُ كَانَ حَدَّثَنِي أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ بِالْقُرْآنِ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً وَإِنَّهُ عَارَضَهُ بِهِ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ وَلَا أُرَانِي إِلَّا قَدْ حَضَرَ أَجَلِي وَإِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِي لُحُوقًا بِي وَنِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ فَبَكَيْتُ لِذَلِكَ ثُمَّ إِنَّهُ سَارَّنِي فَقَالَ أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَضَحِكْتُ لِذَلِكَ.>
3>>ـ بكاء أم ايمن .وفي صحيح مسلم \عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزُورُهَا فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهَا بَكَتْ فَقَالَا لَهَا مَا يُبْكِيكِ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ مَا أَبْكِي أَنْ لَا أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ أَبْكِي أَنَّ الْوَحْيَ قَدْ انْقَطَعَ مِنْ السَّمَاءِ فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ فَجَعَلَا يَبْكِيَانِ مَعَهَا
+4>ـ بكاء معاذ بن جبل وفي سنن ابن ماجه \عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ خَرَجَ يَوْمًا إِلَى مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَاعِدًا عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْكِي فَقَالَ مَا يُبْكِيكَ قَالَ يُبْكِينِي شَيْءٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ يَسِيرَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ وَإِنَّ مَنْ عَادَى لِلَّهِ وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَ اللَّهَ بِالْمُحَارَبَةِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْأَبْرَارَ الْأَتْقِيَاءَ الْأَخْفِيَاءَ الَّذِينَ إِذَا غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا وَإِنْ حَضَرُوا لَمْ يُدْعَوْا وَلَمْ يُعْرَفُوا قُلُوبُهُمْ مَصَابِيحُ الْهُدَى يَخْرُجُونَ مِنْ كُلِّ غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ
5>>ـ سلمان الفارسي \.في سنن ابن ماجه \ عَنْ أَنَسٍ قَالَ اشْتَكَى سَلْمَانُ فَعَادَهُ سَعْدٌ فَرَآهُ يَبْكِي فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ مَا يُبْكِيكَ يَا أَخِي أَلَيْسَ قَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَيْسَ أَلَيْسَ قَالَ سَلْمَانُ مَا أَبْكِي وَاحِدَةً مِنْ اثْنَتَيْنِ مَا أَبْكِي ضِنًّا لِلدُّنْيَا وَلَا كَرَاهِيَةً لِلْآخِرَةِ وَلَكِنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا فَمَا أُرَانِي إِلَّا قَدْ تَعَدَّيْتُ قَالَ وَمَا عَهِدَ إِلَيْكَ قَالَ عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُ يَكْفِي أَحَدَكُمْ مِثْلُ زَادِ الرَّاكِبِ وَلَا أُرَانِي إِلَّا قَدْ تَعَدَّيْتُ وَأَمَّا أَنْتَ يَا سَعْدُ فَاتَّقِ اللَّهَ عِنْدَ حُكْمِكَ إِذَا حَكَمْتَ وَعِنْدَ قَسْمِكَ إِذَا قَسَمْتَ وَعِنْدَ هَمِّكَ إِذَا هَمَمْتَ قَالَ ثَابِتٌ فَبَلَغَنِي أَنَّهُ مَا تَرَكَ إِلَّا بِضْعَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا مِنْ نَفَقَةٍ كَانَتْ عِنْدَهُ
+6>>ـ بكاء عمرض .روى ابن ماجه \ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى حَصِيرٍ قَالَ فَجَلَسْتُ فَإِذَا عَلَيْهِ إِزَارٌ وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَإِذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبهِ وَإِذَا أَنَا بِقَبْضَةٍ مِنْ شَعِيرٍ نَحْوِ الصَّاعِ وَقَرَظٍ فِي نَاحِيَةٍ فِي الْغُرْفَةِ وَإِذَا إِهَابٌ مُعَلَّقٌ فَابْتَدَرَتْ عَيْنَايَ فَقَالَ مَا يُبْكِيكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَمَالِي لَا أَبْكِي وَهَذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِكَ وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ لَا أَرَى فِيهَا إِلَّا مَا أَرَى وَذَلِكَ كِسْرَى وَقَيْصَرُ فِي الثِّمَارِ وَالْأَنْهَارِ وَأَنْتَ نَبِيُّ اللَّهِ وَصَفْوَتُهُ وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ قَالَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَنَا الْآخِرَةُ وَلَهُمْ الدُّنْيَا قُلْتُ بَلَى
7>>ـ بكاء أبي عبيدةوروى أحمد مُسْلِمُ بْنُ أُكَيْسٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ قَالَ ذَكَرَ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ يَبْكِي فَقَالَ مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ فَقَالَ
نَبْكِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ يَوْمًا مَا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَيُفِيءُ عَلَيْهِمْ حَتَّى ذَكَرَ الشَّامَ فَقَالَ إِنْ يُنْسَأْ فِي أَجَلِكَ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ فَحَسْبُكَ مِنْ الْخَدَمِ ثَلَاثَةٌ خَادِمٌ يَخْدُمُكَ وَخَادِمٌ يُسَافِرُ مَعَكَ وَخَادِمٌ يَخْدُمُ أَهْلَكَ وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ وَحَسْبُكَ مِنْ الدَّوَابِّ ثَلَاثَةٌ دَابَّةٌ لِرَحْلِكَ وَدَابَّةٌ لِثَقَلِكَ وَدَابَّةٌ لِغُلَامِكَ ثُمَّ هَذَا أَنَا أَنْظُرُ إِلَى بَيْتِي قَدْ امْتَلَأَ رَقِيقًا وَأَنْظُرُ إِلَى مِرْبَطِي قَدْ امْتَلَأَ دَوَابَّ وَخَيْلًا فَكَيْفَ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ هَذَا وَقَدْ أَوْصَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي مَنْ لَقِيَنِي عَلَى مِثْلِ الْحَالِ الَّذِي فَارَقَنِي عَلَيْهَا
+8>>ـ شداد بن أوس وفي مسند أحمد عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ أَنَّهُ بَكَى فَقِيلَ لَهُ مَا يُبْكِيكَ قَالَ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ فَذَكَرْتُهُ فَأَبْكَانِي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي الشِّرْكَ وَالشَّهْوَةَ الْخَفِيَّةَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُشْرِكُ أُمَّتُكَ مِنْ بَعْدِكَ قَالَ نَعَمْ أَمَا إِنَّهُمْ لَا يَعْبُدُونَ شَمْسًا وَلَا قَمَرًا وَلَا حَجَرًا وَلَا وَثَنًا وَلَكِنْ يُرَاءُونَ بِأَعْمَالِهِمْ وَالشَّهْوَةُ الْخَفِيَّةُ أَنْ يُصْبِحَ أَحَدُهُمْ صَائِمًا فَتَعْرِضُ لَهُ شَهْوَةٌ مِنْ شَهَوَاتِهِ فَيَتْرُكُ صَوْمَهُ
+9>>ـ بكاء أنس بن مالك .روى البخاري \عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ أَخِي عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِدِمَشْقَ وَهُوَ يَبْكِي فَقُلْتُ مَا يُبْكِيكَ فَقَالَ لَا أَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا أَدْرَكْتُ إِلَّا هَذِهِ الصَّلَاةَ وَهَذِهِ الصَّلَاةُ قَدْ ضُيِّعَتْ.هذا وصلى الله وسلم وبارك على م بعثه الله بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا .وكتبه حميد أمين جازاه ربه بالأوفى
As reported by Stanford Medical, It is really the SINGLE reason women in this country get to live 10 years more and weigh on average 42 lbs lighter than us.
ردحذف(And realistically, it has NOTHING to do with genetics or some secret-exercise and really, EVERYTHING to do with "how" they eat.)
BTW, What I said is "HOW", and not "WHAT"...
Click on this link to find out if this quick questionnaire can help you decipher your real weight loss possibility