يوم التغابن من خطب شيخ عبد الحميد أمين إمام مسجد الهلالي رحمه الله

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية يوم التغابن من خطب شيخ عبد الحميد أمين إمام مسجد الهلالي رحمه الله

يوم التغابن من خطب شيخ عبد الحميد أمين إمام مسجد الهلالي رحمه الله

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص أو أكثر‏‏


الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وصلى الله على نبيه وآله وبعد موضوع اليوم<يوم التغابن>قال تعالى<يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن>أي القيمة قال القرطبي:وسمي يوم القيامة يوم التغابن لأنه غبن فيه أهل الجنة أهل النار أي أن أهل الجنة أخذوا الجنة وأن أهل النار أخذوا النار على طريق المبادلة فوقع الغبن لأجل مبادلتهم الخير بالشر والج بالردئ والنعيم بالعذاب يقال:غبنت فلانا إذا بايعته أو شاريته فكان النقص عليه والغلبة لك وكذا أهل الجنة وأهل النار على ما يأتي بيانه ويقال غبنت الثوب وخبنته إذا طال عن مقدارك فخطت منه شيئا فهو نقصان أيضا اهـ الغبن الغبانة ضعف الرأي النسيان والغبن في البيع والخداع منزلان منزل في الجنة ومنزل في النار فإن مات ودخل النار ورث أهل الجنة منزلة فذلك قوله<أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس>رواه ابن أبي حاتم
والمغبونون أيضا اليهود والنصارى لقوله<ص>:<يجئ ناس يوم القيامة من المسلمين بذنوب أمثال الجبال فيغفرها الله لهم ويضعها على اليهود والنصارى>صحيح مسلم
وغبن المؤمن بتقصيره في الإحسان وتضييعه الأيام"قال القرطبي وفي الأثر قال النبي <ص><لا يلقى الله أحد إلا نادما إن كان مسيئا إن لم يحسن وإن كان محسنا إن لم يزدد>ذكره ألف العربي في أحكام القرآن ولم يعقب عليه
وروى البخاري قال<ص><نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ>فالذين صرفوا أيام القوى في تدوين العلم وتدريسه وبناء الصالحات كالتهجد بالليالي والخطى إلى المساجد وغير ذلك غبنوا الذين صرفوا قواهم وأنهكوها في المعاصي والشهوات قال<ص>:<من أحب دنياه أضر بآخرته ومن أحب آخرته أضر بدنياه فآثروا ما يبقى على ما يفنى>رواه أحمد ورواثه ثقات
وفي صحيح الحاكم قال<ص>:لرجل وهو يعضه <اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك>
إذن المغبون من ضيع الشباب والغنى والفراغ والحياة والصحة والتغابن تفاعل من الغبن وهو أخذ الشيء من صاحبه بأقل من قيمته وهو لا يكون إلا في عقد المعاوضة ولا معارضة في الآخرة فإطلاق التغابن على ما يكون فيها إنما هو بطريق الاستعارة <أنظر الجمل>وفي لسان العرب الغبن بالتسكين في البيع والغبن بالتحريك في الرأي
<حكم الغبن في الدنيا>قال القرطبي هو ممنوع بإجماع في حكم الذين إذ هو من باب الخداع المحرم شرعا في كل ملة قال ابن العربي استدل علماؤنا بقوله تعالى:
<ذلك يوم التغابن>على أنه لا يجوز الغبن في المعاملة الدنيوية لأن الله خصص التغابن بيوم القيامة فقال<ذلك يوم التغابن>وهذا الاختصاص يفيد أنه لا غبن في الدنيا فكل من أطلع على غبن في مبيع فإنه مردود إذا زاد على الثلث واختاره البغداديون واحتجوا عليه بوجوه منها قوله<ص><لحبان ابن منفذ:<إذا بايعت فقل لا خلابة ولك الخيار ولك الخيار ثلاثا>رواه البخاري والخلابة الخديعة
<سبعة غبنوا سبعة>لما رواه الشيخان أن رسول الله<ص>قال:<سبعة يضلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ورجل قلبه معلق بالمساجد ورجل تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعمل شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه>
أقول فأضداد هؤلاء مغبونون إلا ترى أنه يوم يكونون في حر الشمس وو يكون السبعة المذكورون في ظل الرحمان فلا يمسهم حرها ولا هجها فشتان بين العادل وضده والشاب المطيع من غير المطيع والمحب للصلاة مع الجماعة من غيره والتحاب في الله من التحاب للدنيا والخائف من الله من غيره والباكي لله من الباكي على غيره
يغبن الفقراء الأغنياء يوم القيامة:<وذلك به حولهم الجنة قبل الأغنياء خمسمائة عام لما رواه أبو هريرة قال :قال رسول الله<ص><يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بخمس مئة عام>رواه الترمذي وقال حديث صحيح فأي غبن أعظم من أن يسبق أولئك إلى النعيم ويبقى هؤلاء محبوسون في عرصات الموقف يحاسبون على المال من أين اكتسبوه وفيما أنفقوه وهذا الحديث يبين فضل الفقراء مع العمل الصالح على الأغنياء مع العصيان
<تنبيه>يعبر على الغبن في لغتان الدارجة بالـ<المشموت>فكما نقول غبن البائع المشتري نقول <شمت>البائع الخ<يغبن الرجال النساء>وذلك نفسه عالية تلقى بنفسها في النار لقلة تحفظهن قال<ص><أطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء وأطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء>متفق عليه ففيه ما تقدم وفيه خص النساء على العمل الصالح بدليل ما جاء عنده<ص><تصدقن فإني رأيتكن أهل النار
المنفق يغبن الشحيح:إذا الأول آمن من أهوال القيامة لا يخاف إذا خاف الناس ولا يحزن إذا حزن الناس والثاني لاشك أنه بالعكس من الأول وبهذا الفوز كانت المغابنة قال تعالى مبينا هذا في قوله<الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية قلبهم ....>المشاءون إلى المسجد يغبنون الكسالى إليها إذا الأولون مبشرون بنور تام يوم تشتد الظلمة فلا ينفع المؤمن يومئذ إلا ما قدم من خطى إلى هذه المساجد والآخرون لاشك أنهم لكسلهم وعدم حضورهم الجماعات فأتهم خير كبير لا يستدرك وهو النور الذي يستضئ به غيرهم في طريقهم إلى الجنة قال رسول الله <ص>:<بشر المشاءين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة>رواه أبو داود والترمذي وقال<غريب>وقال النوري رجال إسناده ثقات وهو من صحيح الترغيب وقال أيضا <ص>:<من غدا إلى المسجد أوراح أعد الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو راح>البخاري ومسلم والنزل ما يهيأ للضيف وهذا الفضل الذي غبن فيه الكسالى مقيد بالذهاب والرواح إلى بيوت الله<فضل الصلاة في المساجد العامة>قال<ص>:<إن لكم بكل خطوة درجة>صحيح الترغيب والترهيب
وقال<ص>:<صلاة الرجل في الجماعة تضعف أي تزاد على صلاته في خمسا وعشرين درجة وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخص خطوة إلا رفعت له بها درجة وحط عنه بها خطيئة فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلى عليه مادام في مصلاة اللهم صل عليه اللهم رحمه لا يزال في الصلاة ما انتظر الصلاة>رواه البخاري ومسلم وغيرهما
فضل الصلاة في المساجد الخاصة كالحرمين والقدس>رواه البيهقي عن جابر أن النبي<ص>قال<صلاة في المسجد الحرام مائة ألف صلاة في مسجدي هذا ألف صلاة وفي بيت المقدس خمسمائة صلاة>حسنة السيوطي لاشك أن أصحاب الجائزة الكبرى يوم القيامة هم الذين تحملوا المشاق وركبوا الأخطار حتى أدوا بعض الصلوات في الحرمين والقدس ومن أين يأتي هذا الفضل لمن لم يصل فيهم إذ بهذا يكون يوم القيامة مغبونا ناقص الحسنات بالمقارنة مع الذين صلوا فيها<فائدة>قد حسب النقاش المفسر فضل الصلاة في المسجد الحرام على مقتضى تفضيل الصلاة فيه على غيرها بمائة ألف صلاة فبلغت صلاة واحدة في المسجد الحرام عمر خمس وخمسين سنة وستة أشهر وعشرين ليلة وصلاة يوم وليلة وهي خمس صلوات في المسجد الحرام عمر مائتي سنة وسبع وسبعين سنة وتسعة أشهر وعشر ليال وهذا الفضل الفرض والنقل اهـ الفوائد العامة لابن جبرين ففرق كبيرين الصلاة ثم والصلاة هنا
وفي لسان العرب ما نصه:والتغابن أن يغبن القوم بعضهم بعضا ويم التغابن يوم البعث من ذلك وقيل سمي بذلك لأن أهل الجنة يغبن فيه أهل النار بما يصير إليه أهل الجنة من النعيم ويلقى فيه أهل النار من العذاب الجحيم ويغبن من ارتفعت منزلته في الجنة من كان دون ومنزلته وضرب الله ذلك مثلا للشراء والبيع كما قال تعالى<هل أذلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم وسئل الحسن عن قوله تعالى:
<ذلك يوم التغابن>فقال غبن أهل الجنة أهل النار:أي استنقصوا عقولهم باختيارهم الكفر على الإيمان ونظر الحسن إلى رجل يغبن أخر فقال:<إن هذا يغبن عقلك>أي يستنقصه <يغبن ويستنقص من علت منزلته ودرجته في الجنة على من دونه>لما في الصحيحين أن رسول <ص>قال<إن أهل عليين ليراهم من أسفل منهم كما ترون الكوكب الغابر في أفق من آفاق السماء>قالوا يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا ينالها غيرهم فقال<بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين >

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button