برامج الأحزاب ...هنا بدأت الحكاية. بقلم: صبري يوسف

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية برامج الأحزاب ...هنا بدأت الحكاية. بقلم: صبري يوسف

برامج الأحزاب ...هنا بدأت الحكاية. بقلم: صبري يوسف

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏‎Fessuoyy Yyoussef‎‏‏، و‏‏لقطة قريبة‏‏‏

جلنا لا تزال صامدة لديه بالذاكرة أحداث ...مساحات من الأسئلة "الواعية"تمام اليقين بأن أجوبتها كانت ممكنة، وأن خطب ما فندها كلها تقريبا إلا ما سرقناه منها بالقوة ليصير حقيقة ماثلة وهو على نزعه ضئيل شفاف ؟
تلك الروائح العطرة لكتب المدرسة ، اليوم الأول على الطاولة ورؤية المعلم والقسم والزملاء، الذهاب والإياب...الأحلام وقد وقفت كشجر السنديان تنظر بعينيها "وثوقية" عكس بطل" أمل ذنقل" الذي" ينظر لامرأة وهو يعرف أنه لن يستطيع حمايتها" ..تم هذا البرد والمطر ...الربيع والأغاني الغير المفهومة..مع أنها للحب ومن أجل المتحابين الذين سبقوك لمعزوفة "الانتحار الجماعي" في شوط الشباب الذي ما يزال ينتظرك نضجه...التلفزيون ..البرامج وحداء جديد ومحفظة وحنان الوالدين ...وبين الشذرات هناك ورقات تزحف على بطنها، ويأخذها البرد إلى أي مكان بشكل حلزوني تتطاير وتتطاير وتهبط إلى مستوى الأرض ...تلتقطها، تتأملها وتقرأها وتعيد القراءة...وجوه مرسومة وأفكار تخص كل جنس جنس...حقوق للذكر وأخرى للأنثى..ماء وكهرباء وطرق وصيانة ومستشفيات وطعام وشراب وفوق كل هذا علم وشعر وموسيقى ووظيفة من داخل المدرسة ورواية آخر السنة وقبلة من مدير الفصل..لم يبقى سوى أن تحدثنا تلك الأوراق الملونة عن ضميرها..إنما تطايرت في كل مكان..
صرنا أكبر، وتسلمنا أكثر الأوراق في كل موقف وركن وزاوية درب لأوراق ملونة عليها دائم وجوه ..وبرامج وأمل وآمان ..وصرنا نعرفها كونها برامج للأحزاب" الموسمية". ومرت السنون وكبرنا ولا تزال نفس الأوراق تتطاير وتجوب زوايا الأحياء المقفرة عند الظهيرة..وتتعالى إلى أعلى، وتنزل إلى أسفل كأنها تتداعى راقصة في موتتها الأخيرة ..ترتجف من شدة يقينها المقدس بباطل ما تحتويه..من شدة خوفها مواجهة البياض كما يعنيه "جيل دلوز" ..عليها وجوه وجانب الوجوه هناك برامج ..إنما صارت البرامج أكبر من الوجوه مساحة مع الزمن..صارت تهم الرفق بالحيوان وحرمة الإنسان ومن حقوق القطط إلى تربية الذباب...لا يظلم أحد بالبرنامج، لكل حقه ، لليتيم والمريض والعابر سبيل والمستقر والمستلقي على ظهره والنائم والكسلان والغضبان والصائم ..للحافي والعاري والمجنون...أوراق ملونة تجوب كل الأزقة وعليها كل ما لا يدرك باللمس ولا بالحدس ...فقط عليك أن تقرأ وتختار وتذهب إلى حيث سيذهب غيرك ..ابصم بإصبعك وتعود على ذلك كل بضع سنين، وفي النهاية سترى بأم عينيك أن ما كان يتطايرمنذ طفولتك عند الظهيرة بمواسم الانتخابات سيتطاير بنفس الارتفاع في كل مناسبة يحمل برامج لا تنزل إلى الأرض، بل تحب زوايا الأحياء والدروب والأزقة والأرياف وأي مكان لتلف نفسها بنفسها..وتجتمع كل الأوراق بكل ألوانها مرة واحدة في أعظم أنشودة لا نسمعها لا أنا ولا أنت..أوراق بكل الألوان" تتحلزن" وتدور في الجو ! لا يهم أن تمر على وجهك أو تلتصق بخدك ..لا يهم أن تأخذها أو تقرأ ما فيها من الأمل ..من الوعد "دخول الجنة " كما في سيمفونية "أندريه ريو"..فكلها تتشابه تتعالى تتصايح بصمت..وقد يكون فيها ما لا يناسب قريتك ولا مدينتك ولا دوارك ولا مجالك ولا يناسبك أنت شعرا ونثرا...هي أوراق كتبت هناك حيث يختلف كل هنا وهنالك عن هناك...المهم صوتك عزيزي والبرنامج بيدك ، برنامج يحملك لتحلم وتطير ..لتتذكر أنك منذ أن كنت طفلا إلى غاية اليوم بقيت أنت نفسك إنما تتشظى يوميا ..تتثاقل.. تموت طرفا من الليل وأطرافا من النهار لأن الورق ظالم ولا مرة كان صادقا..تمل تسأم تشيخ ..تمرض تعرى..وتلك الأوراق بألوان الحياة كل بضع سنين تعود لتتفرج عليك ..لتعد سنينك وكم بقي منك لتغادر..؟كم تغيرت ..؟كم خدعت؟ وهذا الأساسي.. !وكم أنت وطفولتك لا تتشابهان ..؟طفولتك ملك أبيك ووالدتك ليست هي طفولة زاوية الحي الذي صادفت فيها البرنامج . ولا هي شيخوختك التي تقفز من وجهها نفس تلك الطفولة الباسمة داخل وجه تدلى وجرح بعدما جرب كل محن العالم ...وقسوة أوهام الطفولة الأصعب كبدا من سراب الماء.
ماذا بقي من البرامج لعلاج هذه الأمراض التي شاخت وما عولج منها إلا الورق الذي يتزايد كل بضع سنين بياضا وقوة وصلابة ونضجا وطهرانية وعدم حياء "وقصوحية وجه " أمام الذين كتب عليهم كل بضع سنين أن يتأملوا الورق، ويقرؤوا طالعهم، ويحاسبوا أنفسهم إذا لم يشاركوا بأصواتهم وهي صامتة لا ضجرة..وهي مقبلة لا غاضبة، ولا منددة ولا يسمع منها إلا " المونولوغ " أما "الديالوغ" فلا يجدر إسماعه لأحد ..لأنه محرم.
..قريبا ستتطاير نفس تلك "النوتات " المسمومة المستعملة القديمة التائهة العبثية الفارغة..لتدعوك أيها "الابن الضال " الذي حكي عنه ب" مذبحة التراث" لجورج طرابيشي لتعبث من جديد بقدرك، ويعبث بك الورق الطائر المتمنع الثائر هو الآخر الباحث عن الخلاص في دورانه الحلزوني عند كل زقاق وما تقدس بل زاد تدنسا.
بقلم: صبري يوسف

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button