تثمين جلود" الضباع". بقلم: صبري يوسف.

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية تثمين جلود" الضباع". بقلم: صبري يوسف.

تثمين جلود" الضباع". بقلم: صبري يوسف.

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏‎Fessuoyy Yyoussef‎‏‏، و‏‏‏‏لحية‏، و‏سيلفي‏‏ و‏لقطة قريبة‏‏‏‏                                           فيما العيب إذا قمنا بتثمين أي منتوج..أو غير منتوج !
لماذا يسخر البعض هذه الأيام من محاولة يائسة بائسة بإحدى أقاليم جنوب الوسط من المملكة المغربية الغنية بالفوسفاط..فقد فكر ودبر وقرر "مهندزو" التنمية هناك بالرحامنة تثمين صوف البهائم نظرا لشهرة المنطقة بتربية الإبل..عفوا الغنم ..
مع أنه ليس عار فعل ذلك ،واقتحام مجال لم يسبق أن استثمرت فيه الثورة العلمية بأفقها ولا الحزب الشيوعي الصيني بحكم أنهم ما تركوا شيئا إلا وتنبهوا للبيع والشراء فيه..لماذا لا يريد البعض بتلك الجهات من المملكة أن يجتهد مهندزون محليون في تثمين أي شيء يجدونه يمشي على الأرض أو يزحف أو يمشي على أربع ..من أجل تنمية الإنسان الذي لم يرى التنمية. وإنما وعد بها منذ أخر قصيدة سقطت من جدار هي بين المعلقات إلى يومنا هذا ..وكم مر على ذلك الفعل إلى هنا من الأحداث وعنوانها تنمية الإنسان العربي الذي ظل وبات وما برح مقهورا، فقط لديه اليوم القدرة لتصوير نفسه في سيلفي مع القهر ولم تكن متاحة هذه الإمكانية ليراه العالم من قبل في الوقت والزمن المضبوطين.
الفكرة اليوم تعتبر رائدة ولا يجدر بنا قمعها ..ولا إنكارها ولا إصدار بيانات مضادة حولها. فبعضهم اعتبرها ضحك على الذقون ..واختبار للمواطن الجائع هو ونعاجه وخرفانه وزوجه وأولاده ..حتى يشاع أن بعض الماشية هناك قررت الإضراب عن الطعام لأنه غير موجود..وفضلت التزام الصمت الذي يضمنه القانون كحق من الحقوق ..
أمام كل هذه المؤاخذات أحيي هؤلاء على جهودهم تثمين الصوف وتهيئ "القرشال " و"المنزج "، فالوقت وقت أفكار وبنات مشاريع ..وبالمناسبة اغتنم هذا السبق لأضيف تثمينا من نوع أخر..تثمين الضباع فهي موجودة في كل مكان بل حتى داخل المتر المربع الواحد تصير أحيانا أكثر من كل الكثافات في العالم ..وتثمين جلود الفئران وباقي ما سيربطنا رأسا بالنمور الأربعة الأسيوية.
ولما لا إطلاق نداء في القبيلة ..حول فكرة مشروع لم تتطرق إليها شعوب الأرض منذ ما أعقب الطوفان.
وعلى فكرة مشاريع ..تذكرت أعوام 90/91/92...ولو أني كنت تلميذا بالإعدادي وقتها إلى حدود هذه الأيام كم كلفت موضة المشاريع ودعم الشباب والمقاولة الشابة والناشئة والعقيمة لتلد ..والعاقر والكبيرة والأرملة والمسنة .
تذكرت شبابا كثرا بين عشية وصبحا أقبل بعدها غيروا لغتهم ولباسهم ..أيامهم ، حملوا كراسات وبعض دروس الدعم النفسي في نبرات أصواتهم وانطلقوا فوق الأرض بحثا عن مشاريع .كان الذين "حفزوا " فيهم هذا الضنك أن لا يعودوا إليهم إلا بمشاريع تستجيب لهذا القياس...."الأكاذيب المعسولة "على حد قول الفيلسوف ألتوسيير.
أولا:
1- أن لا يكون المشروع قد اشتغلت عليه النازية أو الفاشية ..أو سبق إحداث وإنشاء هيئة الأمم.
2- أن يكون مستمدا روحه من الشرائع الوطنية ، وأن لا يسمو بالطبع المشروع إلا على مشروع يسمو بدوره على أخر إلى حدود يجيب عنها داعم المشروع.
3- بالإمكان عدم قبول مشروع تبين للجنة دعم المشاريع الطموحة أن فردا قبل أن يموت غرقا أو طريح فراش أو تحت الردم ..أوصى بوصية لأهله أن لا يدوس أحد على مشروعه الذي كان لا يزال باق في رأسه.. وأنه على الورثة تسجيله في حقوق الملكية الفكرية.
4- أن يتمنى صاحب المشروع على الله الأماني بدعم مشروعه بعد صبره الطويل المرير ورحلة ماراطونية يتزوج فيها صغار السن ،وينبت فيها شجر الزيتون الذي غرس منذ أن بدءا هو أول خطوة في مشروعه ، وأن يكون أطفال الدار قد نضجوا وتزوجت الأخوات وترملت القريبات وحج الحاج بعد أن كان اسمه سلام وصار الحاج سلام ..وأن يصبح الحداء الأسود اللون الذي ابتاعت من اجل اقتنائه والدته جميع ما كان لديها ذلك الشهر من ثمن علف البهائم أو مبالغ التسويق ..واشترته لأن ابنها أقنعها بأنه سيصبح بعد كم سنة قادرا على تشغيل أبناء الدوار جميعا. وبعد عقد من يومه سيصبح عضوا مهما في الاتحاد العام لمقاولات المغرب..شرح لها كل هذا بفرنسية ممزقة وحدثها كما حدثت هي نسوة الجوار بأن ابنها سيكون في مغرب( تكافؤ الفرص) عظيما ..وهكذا اعتقدت وهكذا صدق هو.
كانت بالفعل شروطا تعجيزية استحييت ذكرها كلها ..الأنكى في كل هذا هو إضفاء "الزيف " على سمعة جيل كامل وأجيال تركت بأكملها في كل مكان تجرب إنتاج مشروع لم يسبق له أحد من العالمين.
واستطاعت الأكذوبة أن تقضي غرضها بأن مر الزمان بسلام ..عقد من نهاية القرن العشرين وعقدين من هذا القرن الجديد ...أجيال وراء أجيال كما في "الحلم العربي" على غرار We are the world .
فالخيال والخداع والموت واحد ،ولا يزال الشباب اليوم يفكر في مشاريع بمواصفات نفسها ..أهمها الجدة والصدمة والمقاربة "اليقظة" كما يسميها "جاك بيرك" في مفهوم القبيلة..والواقعية والسبق كأنه خبر صحفي بخصائصه وليس مشروعا للاستثمار ..
وهاهم شباب شاخوا ورموا بأوراق المشاريع التي اتسخت في أيديهم في رحلة الفناء بين مؤسسات وبنوك ومقرات سلطة وفي الأخير صرفت لأكثرهم حظا مبالغ 30 ألف درهم مع توصيات قاهرة باستعادتها على شكل أقساط شهرية ..وتخويف الغارمين على الأقل كي يغرب المقاول الشاب عن وجههم بالمرة خوفا مما اسماه ميشيل فوكو Surveiller et Punir
من أجله نعيد إنتاج نفس الخطاب المعاصر contemporain لعل بعض هؤلاء الشباب يصدقونه ..ولما لا ترك أهل القرى بالرحامنة مجليين عقدا من الزمن وإن أضافوا عليها شيئا ففضلا من عندهم ..
من هنا فإنني أدعو إلى تثمين شعر الضباع إن وجدت وجلود الفئران وماشابه ..فيما المقاولة والثروة والاقتسام والتنمية الحقيقية توجد في مكان أخر وبأرقام أخرى..تتجاوز المحيطات والبحار وتشبه أفلام "العراب" Thegodfather لمالرون براندو .بينما إقليم فقير كهذا اسمه الرحامنة لديه طريق معبدة لكل تنمية بلا تثمين لأي شيء إلا تنمية الإنسان وهي على طاولة الفوسفاط فقط.
بقلم: صبري يوسف.

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button