رحم الله ايّام زمان، ايام الماضي الجميل، أيام كان جدي يبتاع قمحنا ونطحنه بمطحنة السي عمر رحمه الله بالحومة وتخبزه أمي ونأكله،اذكر والدتي رحمها الله وهي تقوم بتنقية كيس القمح وغسله ونشره وسط الدار لأنها كانت عارية ليجف على أشعة الشمس، وما إن تنتيهي تمدني الكيس لأحمله على رأسي لأذهب به إلى مطحنة السي عمر بالحي ، وبعد انتهاء عملية الطحن أعود مع الطحين للبيت لتبدأ عملة العجين اليومية في "القصرية" وهي آنية من طين، ويتم وضع الخميرة البلدية عليه والتي هي عبارة عن قطعة من عجينة الأمس تترك في كوب أو صحن وكنا نسميه الطبسيل لليوم التالي لكي تتخمر وتوضع على العجينة الجديدة والتي تترك بعدها لفترة من الزمن حتى تخمر ثم تأتي بعدها عمليه تقطيعها خبزة خبزة ووضعها على "لوصلة" ، ثم ترسل إلى فران الحومة، لنتناول بعدها أشهى خبر ساخن، ثم يتم لف البقيه بقطعه قماش يسمى "زيف الخبز" بداخل "الطبيقة" لكي يبقى محافظاً على ليونته وطراوته وطعمه، وختاما فخبز الدار كان ولازال محط احترام واهتمام، ومن هنا جاءت العادة لدينا في تقبيل قطعة الخبز إن وجدناها مرمية على الأرضآه كم احن إلى خبز أمي، أتذكر جيدا عندما كنت احمل "وصلة" الخبز على كتفي تارة و على راسي طورا إلى حيث فران العسكري بالحومة، و أتذكر خبز الجيران حين كانوا يضعونه أمام أبواب منازلهم في إشارة أن يتفضل احد ابناءمن الجيران المارين لحمله إلى الفران.
آه كم احن إلى خبز أمي....
وصورة ابناءالحي الذين يقفون امام باب فران الحومة انتظاراً لخروج خبزهم الساخن هده الصورة اختفت اليوم ولم يعد إلا القليل من الناس الذين لا زالوا مخلصين لهذه العادة، وأنا بدوري لا انسي ولن أنسى لحظات كثيرة من أيام الصبا بدرب البشريين حيث كنت اقطن كم كان هدا الحي جميلا ويزيده جمالا ورونقا الدفء العائلي، كنا دائما مجتمعين متماسكين ومتحابين اسريا، تسود الروح الأخوية بيننا وبين جميع الجيران...
لست ربوت