كوثر بوبكار، من أبرز الباحثين في ميدان النانوتيكنولوجيا في العالم: المغرب لا يخلو من الكفاءات، ولكنها محبطة لبطء وثيرة التغيير

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية كوثر بوبكار، من أبرز الباحثين في ميدان النانوتيكنولوجيا في العالم: المغرب لا يخلو من الكفاءات، ولكنها محبطة لبطء وثيرة التغيير

كوثر بوبكار، من أبرز الباحثين في ميدان النانوتيكنولوجيا في العالم: المغرب لا يخلو من الكفاءات، ولكنها محبطة لبطء وثيرة التغيير

في الجزء الثاني من حوارها مع “مرايانا”، تتحدث الباحثة كوثر بوبكار، عن أهم مستجدات النانو تيكنولوجيا، وعن رهانات البحث في عوالم الذكاء الاصكناعي.
كوثر بوبكار، تقارب في هذا الاستجواب، أسئلة البحث العلمي والتعليم بالمغرب، وتعرض وجهة نظرها في عدد من القضايا التي تعتبر أن المدخل الرئيسي لمباشرتها، هو الرهان على العقل النقدي.

ما هي التحولات التي يعرفها مجال النانو تيكنولوجيا؟

هذا المجال يعرف تطورات متسارعة، جدا ما يفرض التكوين المستمر والدائم، وإلا ستصبح متجاوزا. تخيل أنه في بداية اشتغالنا، كنا نشتغل على النانوتكنولوجيا من 330 ميكرو (الميكريو واحد من المليون) والآن نشتغل على 5 نانومتر (النو يعادل واحد من المليار) ، وبالتالي فإن الأمر يفرض تحديات مستمرة، فكلما صغرت الأمور كلما كثرت المشاكل والتحديات.

باعتبار اشتغالك في مجال الذكاء الاصطناعي هل يمكن أن تعطينا تعريفا لهذا المجال؟

ببساطة… الذكاء الاصطناعي هو مجموعة آلات وبرامج تمتلك القدرة على التعلم والاستنباط والتفاعل مع المعلومات الممنوحة لها، وبالتالي تصبح قادرة على اتخاد قرارات، في مواضيع محددة، بناء على نتيجة تعلمها واستنتاجاتها.
المغرب لا يخلو من الكفاءات، ولكنها ربما ابتعدت عن الشأن العام لبطء وثيرة التغيير. لهذا فما يلزمنا الآن هو أن تخرج الكفاءات المغربية من صمتها، وتحاول المساهمة ولو بجزء بسيط في بناء وعي جماعي، لأن غيابها ترك الباب مفتوحا على مصراعيه أمام الشعبوية، والفقاعات الصوتية وتجار الوهم ذوي المصالح الشخصية.
ربما المقلق في هذا التطور لدى البعض، هو فقدان التحكم التام في آليات اتخاد القرار الصادر عن الذكاء الاصطناعي، فهذا القرار لا يخضع لخوارزمية محددة تستقرأ نتيجتها مسبقا، بل هو نتاج تحليل لكم هائل من المعطيات، والمقلق أيضا لدى البعض، هو أن الذكاء الاصطناعي سيتفوق على قدرات الإنسان العادي في مواضيع محددة، فالآلة لا تنسى ولا تتعب و يتم تحديثها بآخر المعطيات في ثوان، ودخول الآلة الآن في مجالات تستلزم قدرات عقلية كانت سابقا حكرا على الإنسان كالترجمة والطب و المحاماة يطرح سؤال المردودية والإتقان في عالم الرأسمال.

أفهم من كلامك هذا أن الذكاء الاصطناعي سينتج آلات ستكون قادرة على تجاوز الانسان. ما هي المخاطر التي ينطوي عليها هذا الأمر؟

في الواقع، الأمر يطرح تحديات عديدة لأن الذكاء الاصطناعي، بقدر ما قد يكون في خدمة الإنسانية، بقدر ما قد ينتج عنه مجموعة من الأفراد المتجاوزين تكنولوجيا، وربما دون جدوى من الناحية الإنتاجية، هذا يوجب علينا أن نقف للتفكير في مهن المستقبل واستباق الأمر بتكوين ملائم لها.

الواقع أننا سنكون أمام آلات ذكية بقدرات كبيرة تفوق القدرات الإنسانية في مجال محدد، أضف إلى هذا أنها تطور نفسها باستمرار انطلاقا من قاعدة معطيات ضخمة مشتركة على الشبكة، وبالتالي فهذا سيجعل بعض الأعمال غير اليدوية  تصبح اكثر مردودية و جودة إن أسندت للآلة بدل الانسان.

نفهم من كلامك أننا أمام منعطف تاريخي جديد؟

بالفعل، خاصة أن النانوبيولوجي، تضعنا أيضا أمام إشكاليات أخلاقية ومجتمعية جديدة كالتعديل والانتقاء الجيني والرفع من القدرات البشرية بإدماج رقاقات في الجسم يستخدمها في بعض وظائفه.
إيلون ماسك، أحد اهم المستثمرين في هذا المجال، أعلن نيته في القضاء على الموت، ووادي السيلكون يعج بالأبحاث من طرف من يؤمن بضرورة رفع القدرات البشرية، وهذا إن حدث، قد يؤدي الى تقسيم طبقي جديد، من جهة من له إمكانيات استعمال هذه التقنيات للرفع من قدراته ومن جهة من ليست له هذه الإمكانيات. كل هذا يتطلب تدبرا للواقع العلمي ولآثار الأبحاث الجارية على الإنسانية، وأظن أن التكنولوجيا تتقدم بسرعة كبيرة مقارنة مع التعاطي السياسي اللازم لتقنينها.

هل ستنقرض المهن الإنسانية إذن؟ وسيصبح كل شيء رهينا بالربوتات؟

ليس الأمر إلى هذه الدرجة، على الأقل في القرن الحالي، هناك مهن ستستمر بل ونحن في حاجة إليها وعلى رأسها ما هو مرتبط بالتفكير في ماهية الإنسان وبالثقافة كالأركيولوجيا والتاريخ والفلسفة والفنون، وكل ما يرتبط بالحس الإنساني والمشاعر والذي يصعب تصوره حكرا على الذكاء الصناعي.
أقول حكرا لأننا شهدنا أول عرض للوحات فنية لذكاء اصطناعي في أوكسفورد شهر يونيو المنصرم. كما أن ذكاء صناعيا، تمكن من تحقيق اكتشافات علمية مؤخرا بمراجعته لورقات علمية منشورة، إذ خلص الى نتائج لم يتوصل إليها الباحثون.

يعني هي تحديات كبرى، ما موقع العالم الثالث منها ومالذي يحتاجه؟

كما أسلفت سابقا، فإن هذا المجال يتطور بشكل سريع، وبالتالي فالعالم الثالث يحتاج للمراهنة على التعليم، والاستثمار فيه، وجعله أولوية الأولويات، أنا أومن بالذكاء الجماعي وبأثره الكبير على تطوير مجتمع وبناء حضارة.
المغرب لا يخلو من الكفاءات، ولكنها ربما ابتعدت عن الشأن العام لبطء وثيرة التغيير. لهذا فما يلزمنا الآن هو أن تخرج الكفاءات المغربية من صمتها، وتحاول المساهمة ولو بجزء بسيط في بناء وعي جماعي، لأن غيابها ترك الباب مفتوحا على مصراعيه أمام الشعبوية، والفقاعات الصوتية وتجار الوهم ذوي المصالح الشخصية.
علينا أن نحفز النخب الجيدة لتشتغل بالتعليم، ولا نكتفي بذوي الكفاءات المتوسطة أو الضعيفة في هذا المجال، لتأسيس جيل صاعد في مستوى تحديات العصر.
يجب ان نركز على تكوين العقول وبنائها وليس حشوها وذلك من أجل بناء مجتمع بعقل نقدي يمكنه التفكير في الإشكاليات الكبرى للعالم ومواكبتها.

إلى أين يتجه المغرب وما الرهان إذن؟

أنا أومن أن المغرب حقق بعض الخطوات الهامة في مساره نحو التطور ولا يزال أمامه الكثير أيضا.
المغرب يعج بالكفاءات والإرادة السياسية نحو التحديث موجودة ظاهريا على الأقل.
هناك ربما تضارب مصالح حين يصل الأمر إلى ترجمة هذه الإرادة على ارض الواقع، لهذا أظن أن تأسيس عقل نقدي جماعي، سيكون أساسيا لتجاوز بعض الاشياء التي تعيق التنمية.

سأعطيك فكرة بسيطة تمثل هذا:
الاختيار الديمقراطي اختيارا يحظى تقريبا بالإجماع لدى مختلف مكونات المجتمع، لكن أين نحن من التشبع بفكر ديمقراطي في أسرنا وتشكيلاتنا المهنية، الأغلبية لا تزال تؤمن بمجتمع عمودي، بل وتجد راحتها فيه أحيانا لأنها لا تريد تحمل المسؤولية ولو في قرارات بسيطة.
الديمقراطية لا يمكن أن تبنى بالاتكالية أو أن تختزل في عملية اقتراع أو في صناديق الانتخاب، هي تستلزم وجود عقل نقدي يجعل المواطن قوة اقتراحية ورقابية وقادرا على تحمل مسؤوليته كفرد في بناء الغد.
للأسف نحن لانزال في مجتمع مرهون بالقطبية في التفكير والتقسيمات الأيديولوجية المتجاوزة، لذا لابد من الوقوف مع الذات ونقدها بصدق، ولابد على كل فرد منا أن يتحمل جزءه من المسؤولية الجماعية…
أومن أن المدخل الأول لبناء عقل نقدي، هو تجاوز بعض المسلمات وإعادة مساءلتها، وفتح آفاق المعرفة وتوزيعها اعتمادا على وسائل التكنولوجيا الحديثة.
المغرب لا يخلو من الكفاءات، ولكنها ربما ابتعدت عن الشأن العام لبطء وثيرة التغيير. لهذا فما يلزمنا الآن هو أن تخرج الكفاءات المغربية من صمتها، وتحاول المساهمة ولو بجزء بسيط في بناء وعي جماعي، لأن غيابها ترك الباب مفتوحا على مصراعيه أمام الشعبوية، والفقاعات الصوتية وتجار الوهم ذوي المصالح الشخصية.
التحدي الفعلي هو مواجهة هذه التيارات والتأسيس لوعي جماعي وبناء مجتمع المعرفة، وإعطاء الأهمية للجيل الصاعد، كما أنه من الضروري أن نربط بين الطموحات الفردية والجماعية وأن يصبح الفرد ضمن الجماعة، يتطور ضمنها ومعها ومن خلالها ويحافظ في نفس الوقت على فردانيته المميزة التي هي أساس كل ابداع.

تم إنجاز هذا الحوار بشراكة مع مجلس الجالية المغربية في الخارج

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button