مآسي الصحافة الالكترونية بالمغرب أسامة طايع جامعي ومدون

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية مآسي الصحافة الالكترونية بالمغرب أسامة طايع جامعي ومدون

مآسي الصحافة الالكترونية بالمغرب أسامة طايع جامعي ومدون

أسامة طايع                                                                                                 يعرف المشهد الإعلامي المغربي طفرة نوعية من حيث الكم الهائل من المنابر الإعلامية الإلكترونية، والتي انتعشت بعد الربيع العربي في نسخته المغربية عبر حركة 20 فبراير والمساحة التي أفردها هذا الحراك الشعبي للصحافة المغربية، الشيء الذي جعل المشرع البرلماني رفقة الوزارة الوصية، يواكب هذا التطور السريع عبر إصدار تعديلات تهم المقتضيات القانونية والتي همت على سبيل المثال، حق الولوج إلى المعلومة وتأسيس لإطار قانوني خاص بالصحافة الإلكترونية وغيرها من المراسيم الهادفة إلى ضبط المجال الصحفي.

لكن رغم العيوب والمؤاخذات التي قدمت حول المحاولة التشريعية لمواكبة المشهد الإعلامي في بعده الإلكتروني، إلا أن المشكل أعمق من أن يكون نص قانوني به تنتهي حزمة المشاكل والفوضى التي يعرفها هذا الحقل، سواء من ناحية المحتوى الذي يحتاج لأكثر من وقفة، لافتقاره للمهنية المطلوبة والإبداع وجودة محتوى انعكس على قيمة الوسائط الاعلامية، بإنتاج مواد تتسم بالضعف، وذلك يعزى إلى غياب بناء هيئات تحريرية متكاملة ومعروفة للجميع تعمل بشكل جماعي ومتناغم بعيدا عن الفردية والعشوائية.

كما ناحية الحماية القانونية، أوجدت لنا قواعد مازالت في وضع التجريب رغم أن معظم المتتبعين لمخاض هذا الإطار القانوني بين ردهات المؤسسة التشريعية، أوضحو أن المشروع كونه قانون هجين تم تلويكه جيدا داخل اللجنة النيابية المعنية، حتى أصبح من الصعب الحديث عن تطبيق سلس لهذا النص القانوني . الأمر الذي يزكي فرضية البعض، التي تفيد بكون هذا النص القانوني الذي عرف جدلا مستمر، ما هي إلا محاولة من الدولة للقضاء على الصحافة الإلكترونية المستقلة بعدما تمكنت من الصحافة الورقية. لكن هنا يطرح تساؤل مشروع، حول مدى حقيقة وجود صحافة إلكترونية مهنية مستقلة بالمغرب أصلا، ويبدو أن المشكل أعمق من نص قانوني أو محاولة من الدولة لاحتواء فضاء الإلكتروني، صعب على السياسي والأمني السيطرة عليه في معظم المنطقة العربية.
يبدو المشكل العميق التي تعاني منه الصحافة الإلكترونية والذي لا يمكن إغفاله، هو المحتوى المتكرر المعتمد على علمية قص ولصق التي جعلت المحتوى الإلكتروني للمواقع الإخبارية محط تساؤل، حول مدى جودة هذا المحتوى
وذلك ما زكاه حادث اليوم الأول من مشاورات تشكيل الحكومة، عبر التراشق بمعطيات مغلوطة، يحمي بها كل منبر تيار سياسي ما عبر التشهير بالطرف الأخر، كما أن الحادث الذي عرفه مقر حزب العدالة والتنمية، عندما تبادل الزملاء الصحفيين، الشتائم وعلى المباشر فقط من أجل التقاط صورة أفضل او لتموضع جيد للميكروفون، والحمد الله بفضل تقنية البث المباشر عبر الفايسبوك التي أصبحت موضة مستخدمة من طرف كل المنابر الإعلامية في مواكبتها للأحداث استمتعنا كثيرا كمشاهدين ومتتبعين لتطورات مشاورات تشكيل الحكومة، بالفوضى التي خلقها مستخدمي المقاولات الصحفية أثناء أداء مهامهم الإنشائية، والذي يؤسف له، فالأمر لم يكن يرقى لسلوك وأخلاقيات صاحبة الجلالة.

و حتى لا نسقط في التعميم، هناك تجارب رائدة بين هذه الوسائط والتي اكتسبت احترام جمهور واسع من متصفحيها، لكن يبدو المشكل العميق التي تعاني منه الصحافة الإلكترونية والذي لا يمكن إغفاله، هو المحتوى المتكرر المعتمد على علمية قص ولصق التي جعلت المحتوى الإلكتروني للمواقع الإخبارية محط تساؤل، حول مدى جودة هذا المحتوى، وهل الوزارة الوصية سوف تقوم بتوزيع حصص الدعم من المال العمومي الهادفة إلى تشجيع هذا النوع من الصحافة حسب ما جاء في القانون، على نموذج أصبح يعرف بين مهني القطاع بمصطلحات من قبيل : صحافة الحوانيت الإخبارية أو الصحافة الكهربائية وغيرها من المصطلحات القدحية التي يمكن إجمالها بمجال صحافة الكنبة والتي لا تقوم على أي مجهود صحفي وتقتات على ما هو مطروح في الساحة .

هذا الأمر يحيلنا على مشكل أخر، وهو الوضعية القانونية لساكنة هذه الحوانيت الإخبارية، خصوصا وأن معظم المشتغلين في هذا القطاع بعيدين كل البعد تكوينا واشتغالا عن الميدان، ومرد ذلك هو عدم وجود مقاولة صحفية أصلا، تستطيع تحمل تكاليف إنتاج المادة الصحفية والتكوين المستمر وغيرها من المصاريف التي تنقل المنبر الإلكتروني من الهواية إلى الاحتراف الصحفي. فمدراء ومالكي هذه المنابر يتوحد نمط تفكيرهم الاستثماري، حول فكرة نظام أقرب للمناولة أو القطعة ولما لا العبودية بدون أجر، عبر فرض فترات تدريبية قبل التوظيف تصل إلى شهرين بدون أجر، أو أساليب تدخل في إطار "عاون الفريق" والإحسان الصحفي، مقابل وعود بتقديم مالك المنبر للوزارة الوصية، لطلب اعتماد المستخدم التي يشتغل تحت إمرته كصحفي مهني.

بالتالي ،فمن البديهي أن ينعكس الأمر، وهذه المساومة، على جودة المحتوى، إذ لا يمكن الارتقاء بهذا القطاع" الواعد"، دون حماية حقيقية للعامليين وضمان حقوقهم الاجتماعية والقانونية، التي يكفلها قانون الشغل والقانون الذي عكفت الوزارة على إخراجه، اذ لا يعقل أن يكون أجر العاملين بالمواقع الإلكترونية وهو واقع السوق للأسف، يتراوح بين 200 و300 دولار لشهر دون ضمان صحي أو تأمين . أكيد الصحفي المهني في الوسائط السمعية البصرية والورقية يعاني أيضا، رغم حيازته على البطاقة المهنية، لكن الفرق شاسع بين المعانات والمشاكل التي يتخبط فيها القعر المظلم للقطاع مقابل ما يطفو على السطح.

في الختام أنهي هذه التدوينة، بتساؤل مفتوح موجه للأسماء الصحفية التي أصبحت نجوم إعلامية بالمغرب ومالكة للمنابر الإلكترونية، تسوق للمهنية وتدافع عبرها عن حقوق المظلومين والمبادئ الديمقراطية في هذه الرقعة من العالم، أليس من الأجدى يكون هذا الدفاع يكون بداية مدخله تقديم حقوق من هضمت داخل مقاولاتكم الصحفية .

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button