السياحة الرياضية بالرحامنة في البرزخ بقلم عبد الكريم القوقي

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية السياحة الرياضية بالرحامنة في البرزخ بقلم عبد الكريم القوقي

السياحة الرياضية بالرحامنة في البرزخ بقلم عبد الكريم القوقي

image Ø±Ø¨Ù…ا تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏‏‏لحية‏ و‏لقطة قريبة‏‏‏‏                                                                                              حلقت  الروح في ملكوت السماوات و الأرض، تطوف  بين ضياء خافتة كفراشة متلهفة للرحيق المختوم.. سرعان ما  تشدها لوحة بصرية تسر الناظرين.. تناغم يجمع بين الخضرة و خرير المياه و زقزقة العصافير..  على الضفة الجنوبية لأم الربيع، شيدت معلمة سياحية قروية تغص بالعشرات من السياح، هبوا من كل فج عميق..  أطفال و شباب تظهر عليهم آثار النعمة و طيب العيش… فتيان و فتيات في عمر الزهور.. يمتطون قوارب لم تعهد سوى عند علية القوم.. إنها قوارب ” الكياك” تمخر عباب النهر..  يتفننون في تفاصيل هذه الرياضة النخبوية الجميلة.. المشهد مغري .. تقاسيمهم تسر الناظرين و تزيدهم كل ابتسامة بريئة بهاء و إشراقا.. من هم هؤلاء الأطفال و الشباب؟ استراقة للسمع.. تعرف أنهم أطفال الرحامنة الشمالية.. تضرب الأخماس في الأسداس و تتساءل  كيف؟ فتحت القريحة لمعرفة المزيد للعلم المسبق بأن هذه القبيلة موغلة في بيداء الفقر و الإملاق… تسمع من بعض الحضور أن هؤلاء الشباب أصبحوا أبطالا يحصدون الميداليات و يشرفون قبيلتهم في المحافل الدولية أحسن تشريف.. لا يقبلون إلا بالميداليات الذهبية و الكؤوس الضخمة… تتساءل ما السر المكنون وراء هذه الطفرة النوعية أو بالأحرى الثورة التي غيرت الملامح رأسا على عقب، و جعلتهم ملائكة على ضفاف أم الربيع ينظمون كل أهازيج الفرحة و النشوة و الحبور في سمفونية جميلة… يخبرك رجل في  عقده السادس.. إنها سمفونية التنمية المملحة بملح السياحة القروية،.. نظم ألحانها ملحن لم يأتي به زمان و لن يأتي بأحد بعده و لن تدرك مداركه العقول… زاد الفضول لمعرفة هوية هذا المايسترو العظيم الذي يجيد تنظيم فرقته و ترتيب المقاطع.. يقاطعك الشيخ .. و هو يثني عليه ثناء حسن.. إنه فنان عظيم رتب مقاطع التنمية و شد أوتار الآلات الوترية و نظم لنا ألعاب الرحامنة التي تغنت بها العذارى في ليالي دخلتها.. وتواترتها الجدات عبر أخاديد الزمان… بفضله و بصيرته الرحامنة الشمالية أصبحت جنة الخلد.. أعناب و نخيل و رمان.. جنان فوق الأرض.. غيرت ملامحها القاحلة رياضة الكياك.. أنست أهاليها سنوات الجحيم و الأنين  و فتحت لهم أبواب الجنة.. مكنت أبناءهم من حصد مدخول سنوي يجاوز الدخل السنوي للفرد بالدول الاسكندنافية.. 
انسحبت الروح في سكون.. و سافرت  منتشية بما أبصرت و سمعت.. تسبح كأنها ملاك سعيد.. ازدادت استبشارا و طربا.. حينما حطت في رقعة أخرى علمت فيما بعد أنها جماعة يطلق عليها بوروس بالرحامنة الجنوبية.. جماعة قروية فريدة و متفردة… 
نصبت فيها ذات يوم الخيام وأشعلت فيها القدر و قدمت فيها الخرفان مشوية.. و أصوات الآلات الوترية و الإيقاعية و نقر الدفوف وهز الأرداف  و البطون، تزيد الفضاء لهيبا.. و ساكنة مسكينة تنظر بعين دامعة و قلب باكي بأسف للفاتح العظيم و هو يتناول الشواء بمعية “علية القوم”. 
بينما يحوم الطيف  بين تلال و هضاب بورووس .. تلوح في الأفق جماهير غفيرة من الناس… تتابع  المشهد عن كثب.. سياح من كل بقاع العالم.. جنسيات مختلفة.. سحر بجمالية المنطقة الساحرة.. 
بدا شباب و شابات الرحامنة الجنوبية.. أبطال ذلك الجمع المهيب..  جاء رجل يسعى… قائلا: يا قوم إن ألعاب الرحامنة كسرت الجليد و فتحت لنا  كنوز قيصر و كسرى.. و أضحى شبابنا أغنياء و أثرياء و انفرطت سبحة زواج المتعة مع الفقر.. أصبحوا أرقاما لا يستهان بها في الحقل الرياضي… كونتهم الجامعات في الرياضات السياحية.. و صارت  بولريوس يأتيها الزوار من كل حدب و صوب و يتهافتون عليها من كل فج عميق.. تغيرت بوروس رأسا على عقب.. اندثرت ملامح البداوة و غزتها ملامح العمران و الثقافة العالمية… و فضلت الشركات العالمية الاستثمار فيها بدلا من  دول الصين و التنيينات الأربع و ذلك من ثمرات التسويق الترابي و الجماعة الذكية.. حينها تدرك أن أسطوانة التنمية التي سمع صداها بالرحامنة الشمالية هي نفسها تتكرر في هذه القفار الموحشة.
تركت المكان.. بقلب مملوء  بالفرحة و الحبور على محيا الجميع..  إنها فعلا التنمية الحقيقية المنشودة التي تغير من حال إلى حال… إنها العبقرية و فن تسيير الإدارة الترابية… تلك هي ثمرات السياحة الرياضية بالرحامنة في الحياة البرزخية. 

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button