كان لموضوع التكوين المهني وتأهيل العالم القروي مساحة مهمة في خطاب الملك بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب..وقد عكسها حجم النقاش الذي خلفته لدى المغاربة في مختلف واجهات التواصل الإجتماعي.
إن الدعوة إلى ربط التكوين بسوق الشغل- مع التحفظ حول المفهوم التقليدي للأعمال اليدوية- قد تبدو للوهلة الأولى دعوة لها مشروعيتها بناءا على تقييم شامل للبرامج التعليمية وحاجيات الإقتصاد الوطني وسوق الشغل، وهذا التقييم يجب أن يكون موضوعيا وعلميا يتناول الواقع الحالي للتأهيل والتكوين المهني ببلادنا هل هو على الطريق الصحيح؟ هل يواكب المهن الجديدة للعصر؟ هل يندرج في إطار إستراتيجية للنهوض بالاقتصاء الوطني؟ هل يستلهم تجارب التأهيل المهني في أوربا والعالم المتقدم مثلا؟
الإجابة عن هاته الأسئلة قد تعود بنا إلى النقاش السليم دون تبخيس للتكوين العالي والجامعي الذي يجب تشجيعه وإعادة هيكلته ليصبح محتضنا لأهم التخصصات والمهن والتي يؤدى عنها في مؤسسات ومعاهد خاصة أو السعي وراءها في دول أخرى..
إن مما هو معروف في فرنسا وسويسرا وألمانيا وغيرها من البلاد المتقدمة ، أن الباكالوريا هي أقل وأصغر شهادة تؤهلك للتكوين المهني أو العالي أو المتخصص..وتعد شرطا أساسيا لولوج التكوين المهني أو مواصلة التكوين العالي أو التأهيل المزدوج بين القطاع الخاص " المعامل والشركات" ومؤسسات الدولة كما هو الحال في ألمانيا مثلا..ولذلك فإن جودة التكوين المهني مرتبطة بجودة التعليم بمختلف اسلاكه والتي تصنع مواطنا مبدعا مواكبا لتكنولوجيا العصر وحاجة الإقتصاد المأمول ومتشبعا بقيم العصر وعلومه وليس آلة ويدا عاملة رخيصة غير مؤهلة و قابلة للاستغلال في مجتمع لا يتوفر على رؤية استراتيجية بديلة للنهوض بالاقتصاد الوطني، والرقي به إلى مصاف الاقتصاديات الناشئة.
إن التكوين المهني ليس عيبا، لكن العيب هو واقع التكوين المهني ببلادنا الذي ظل حبيس رؤية ضيقة جعلت من مؤسساته أيضا جهازا لتفريخ العطالة..فلا خريجوه اشتغلوا واندمجوا في سوق الشغل، ولا هم تلقوا تكوينا تقنيا متقدما مؤهلا..
وعلى سبيل المثال بجواري مؤسسة للتكوين المهني في ابن جرير طبيعة التخصصات بها لا تخرج عن دائرة المحاسبة الكلاسيكية وفنون الطبخ والفندقة وبعض المهن التي لا علاقة لها بحاجات المؤسسات الاستثمارية بالمنطقة كالمكتب الشريف للفوسفاط..لماذا لا يتم تكوين الشباب مثلا بتنسيق مع OCP في المهن الفسفاطية ويجد طريقه بعد التكوين إلى الشغل في التخصصات المطلوبة..بالمدينة جامعات دولية منها ما يتعلق بالطاقات المتجددة والإقتصاد الايكولوجي..لماذا لا يتم التكوين المشترك بين هاته الجامعة والتكوين المهني في المهن الطاقية ومهن البناء الايكولوجي ونؤهل الشباب تاهيلا جيدا مساعدا على الإدماج في بنية اقتصاد يتقدم طبعا وليس منهارا..
إن التأهيل الجيد، وانفتاح الإقتصاد الوطني على محيطه الجامعي ومؤسسات التكوين وإشراكه في التكوين المزدوج كما هو الحال بالمانيا.. قد يسعف في إنتاج نخبة مهنية مؤهلة وفاعلة في إنتاج الثروة وتنشيط الإقتصاد واستقرار البنى الإجتماعية، فلا يمكن أن يستمر هدر الجهد والزمن والامكانيات في التكوين في مهن لا تفضي إلى سوق الشغل..ويجب أن تتحدد طبيعة التكوينات بناءا على دراسة مستقبلية لحاجات الإقتصاد الوطني مستقبلا..ولذلك يجب التركيز على المهن الجديدة للعصر في مجال البناء والهندسة والديكور وتقنيات الحدائق والبستنة الحديثة والكهرباء الطاقية والميكانيك الالكترونية وتقنيات الإعلام وكل المهن الالكترونية..والهندسة الميكانيكية والكهربائية والمبرمجون واختصاصيوا البيانات في مجال تقنية المعلومات..وتقنيوا المناجم والصناعات الغذائية والتقنيون الفلاحيون وتقنيوا الصناعات البحرية وغيرها من المهن التي يتطلبها الإقتصاد اليوم ومستقبلا..لا يمكن أن نستمر في إنتاج أعوان المقاهي والفندقة والطبخ..
إن التكوين والتاهيل المهني التقني والعالي لا يمكنه ان يقوم بدوره مالم يحظى بالعناية اللازمة من خلال تغيير جذري لمناهجه بناءا على تقدير مستقبلي لحاجات الإقتصاد الوطني والجهوي والمحلي..ودون أن نفتح اعيننا على الاقتصاديات العالمية وتجاربها الناجحة..ودون تغيير البرامج التعليمية في الجامعات ايضا وإضافة شعب اخرى كتجربة الإجازة المهنية مثلا..
وكل ذلك لن ينجح إلا في ظل اقتصاد وطني متجدد متحرر وشفاف وله رؤية استراتيجية للنهوض بأوضاع البلاد.
الرؤية المبسطة للتكوين المهني هي أيضا رؤية مبسطة لمستقبل الإقتصاد الوطني..
والتأهيل الجيد المواكب لروح العصر يجب أن يفتح في وجه الجميع وألا يظل حكرا داخل بعض المؤسسات أو يتطلب هجرة الشباب إلى دول اخرا طلبا للتكوين في مجال عجزنا عن توفيره ودعمه في مؤسساتنا.إ
ن تكثيف التخصصات وتنويعها بناءا على دراسة الطلب الاقتصادي والمجالي.. وجلب مؤطرين مؤهلين في المهن المعاصرة ، يعتبر من أهم التحديات التي تواجه التأهيل المهني لأن ما يحتاجه الإقتصاد اليوم قد لا يحتاجه فيما بعد العشر سنوات القادمة وحاجاته تتقلب وتتقدم بتقدم التكنولوجيا المعاصرة والرقمنة الشاملة.
وطبعا لا يمكن أن نغفل أن أزيد من نصف المغاربة يعيشون من المهن بين نجارة وحدادة وميكانيك وبناء وصباغة وحلاقة وفنون جميلة وجبص واختصاصيوا الماء والكهرباء والزليج وفنون الصناعة التقليدية ومهن الجزارة والمبردات والتكييف والأجهزة الالكترونية من هواتف وغير ذلك.. وعلى الدولة أن تفتح في وجههم بشراكة مع الشركات ذات الصلة مؤسسات التكوين المهني لصقل مهاراتهم و لمواكبة آخر التطورات في مختلف المهن..
إنه مما لا شك فيه أن من أساسيات بناء اقتصاد وطني مغربي مغربي هو التحرر من قيود الدين الخارجي والمؤسسات المانحة وتخفيض العجز التجاري من خلال تشجيع الصناعات والصادرات وتقوية النسيج الاقتصادي وقدرته التنافسية، دون أن يمنعنا ذلك من أن نفتح أعيننا على منجزات الاقتصاديات المتقدمة واستلهام تجاربها..
ودون الاعتناء بالتكوين المهني وحاجته لجيل جديد من المهن المعاصرة التقنية المرتبطة بدورها باقتصاد ديمقراطي متعدد وناشئ لن نستطيع استشراف المستقبل.
وكل ذلك لا يمكن ان يستقيم مع حكومة فاشلة و مع اقتصاد بطيئ ومتخلف وتابع ومثقل بالديون ويعتمد على أمطار السماء وقوة الريع والاحتكار.
لا يمكن أن نستمر في غزل الصوف بالمغزل ونحن نسمع من حولنا ضجيج الآلات تنتج آلاف الأطنان من الصوف..
لتحول مغازلنا الى معامل ولنؤهل قوة انتاجنا ولنعتن بها.
في المقال القادم سأتحدث عن مقومات تنمية حقيقية في العالم القروي.
والله المستعان. https://anfaspress.com
الإجابة عن هاته الأسئلة قد تعود بنا إلى النقاش السليم دون تبخيس للتكوين العالي والجامعي الذي يجب تشجيعه وإعادة هيكلته ليصبح محتضنا لأهم التخصصات والمهن والتي يؤدى عنها في مؤسسات ومعاهد خاصة أو السعي وراءها في دول أخرى..
إن مما هو معروف في فرنسا وسويسرا وألمانيا وغيرها من البلاد المتقدمة ، أن الباكالوريا هي أقل وأصغر شهادة تؤهلك للتكوين المهني أو العالي أو المتخصص..وتعد شرطا أساسيا لولوج التكوين المهني أو مواصلة التكوين العالي أو التأهيل المزدوج بين القطاع الخاص " المعامل والشركات" ومؤسسات الدولة كما هو الحال في ألمانيا مثلا..ولذلك فإن جودة التكوين المهني مرتبطة بجودة التعليم بمختلف اسلاكه والتي تصنع مواطنا مبدعا مواكبا لتكنولوجيا العصر وحاجة الإقتصاد المأمول ومتشبعا بقيم العصر وعلومه وليس آلة ويدا عاملة رخيصة غير مؤهلة و قابلة للاستغلال في مجتمع لا يتوفر على رؤية استراتيجية بديلة للنهوض بالاقتصاد الوطني، والرقي به إلى مصاف الاقتصاديات الناشئة.
إن التكوين المهني ليس عيبا، لكن العيب هو واقع التكوين المهني ببلادنا الذي ظل حبيس رؤية ضيقة جعلت من مؤسساته أيضا جهازا لتفريخ العطالة..فلا خريجوه اشتغلوا واندمجوا في سوق الشغل، ولا هم تلقوا تكوينا تقنيا متقدما مؤهلا..
وعلى سبيل المثال بجواري مؤسسة للتكوين المهني في ابن جرير طبيعة التخصصات بها لا تخرج عن دائرة المحاسبة الكلاسيكية وفنون الطبخ والفندقة وبعض المهن التي لا علاقة لها بحاجات المؤسسات الاستثمارية بالمنطقة كالمكتب الشريف للفوسفاط..لماذا لا يتم تكوين الشباب مثلا بتنسيق مع OCP في المهن الفسفاطية ويجد طريقه بعد التكوين إلى الشغل في التخصصات المطلوبة..بالمدينة جامعات دولية منها ما يتعلق بالطاقات المتجددة والإقتصاد الايكولوجي..لماذا لا يتم التكوين المشترك بين هاته الجامعة والتكوين المهني في المهن الطاقية ومهن البناء الايكولوجي ونؤهل الشباب تاهيلا جيدا مساعدا على الإدماج في بنية اقتصاد يتقدم طبعا وليس منهارا..
إن التأهيل الجيد، وانفتاح الإقتصاد الوطني على محيطه الجامعي ومؤسسات التكوين وإشراكه في التكوين المزدوج كما هو الحال بالمانيا.. قد يسعف في إنتاج نخبة مهنية مؤهلة وفاعلة في إنتاج الثروة وتنشيط الإقتصاد واستقرار البنى الإجتماعية، فلا يمكن أن يستمر هدر الجهد والزمن والامكانيات في التكوين في مهن لا تفضي إلى سوق الشغل..ويجب أن تتحدد طبيعة التكوينات بناءا على دراسة مستقبلية لحاجات الإقتصاد الوطني مستقبلا..ولذلك يجب التركيز على المهن الجديدة للعصر في مجال البناء والهندسة والديكور وتقنيات الحدائق والبستنة الحديثة والكهرباء الطاقية والميكانيك الالكترونية وتقنيات الإعلام وكل المهن الالكترونية..والهندسة الميكانيكية والكهربائية والمبرمجون واختصاصيوا البيانات في مجال تقنية المعلومات..وتقنيوا المناجم والصناعات الغذائية والتقنيون الفلاحيون وتقنيوا الصناعات البحرية وغيرها من المهن التي يتطلبها الإقتصاد اليوم ومستقبلا..لا يمكن أن نستمر في إنتاج أعوان المقاهي والفندقة والطبخ..
إن التكوين والتاهيل المهني التقني والعالي لا يمكنه ان يقوم بدوره مالم يحظى بالعناية اللازمة من خلال تغيير جذري لمناهجه بناءا على تقدير مستقبلي لحاجات الإقتصاد الوطني والجهوي والمحلي..ودون أن نفتح اعيننا على الاقتصاديات العالمية وتجاربها الناجحة..ودون تغيير البرامج التعليمية في الجامعات ايضا وإضافة شعب اخرى كتجربة الإجازة المهنية مثلا..
وكل ذلك لن ينجح إلا في ظل اقتصاد وطني متجدد متحرر وشفاف وله رؤية استراتيجية للنهوض بأوضاع البلاد.
الرؤية المبسطة للتكوين المهني هي أيضا رؤية مبسطة لمستقبل الإقتصاد الوطني..
والتأهيل الجيد المواكب لروح العصر يجب أن يفتح في وجه الجميع وألا يظل حكرا داخل بعض المؤسسات أو يتطلب هجرة الشباب إلى دول اخرا طلبا للتكوين في مجال عجزنا عن توفيره ودعمه في مؤسساتنا.إ
ن تكثيف التخصصات وتنويعها بناءا على دراسة الطلب الاقتصادي والمجالي.. وجلب مؤطرين مؤهلين في المهن المعاصرة ، يعتبر من أهم التحديات التي تواجه التأهيل المهني لأن ما يحتاجه الإقتصاد اليوم قد لا يحتاجه فيما بعد العشر سنوات القادمة وحاجاته تتقلب وتتقدم بتقدم التكنولوجيا المعاصرة والرقمنة الشاملة.
وطبعا لا يمكن أن نغفل أن أزيد من نصف المغاربة يعيشون من المهن بين نجارة وحدادة وميكانيك وبناء وصباغة وحلاقة وفنون جميلة وجبص واختصاصيوا الماء والكهرباء والزليج وفنون الصناعة التقليدية ومهن الجزارة والمبردات والتكييف والأجهزة الالكترونية من هواتف وغير ذلك.. وعلى الدولة أن تفتح في وجههم بشراكة مع الشركات ذات الصلة مؤسسات التكوين المهني لصقل مهاراتهم و لمواكبة آخر التطورات في مختلف المهن..
إنه مما لا شك فيه أن من أساسيات بناء اقتصاد وطني مغربي مغربي هو التحرر من قيود الدين الخارجي والمؤسسات المانحة وتخفيض العجز التجاري من خلال تشجيع الصناعات والصادرات وتقوية النسيج الاقتصادي وقدرته التنافسية، دون أن يمنعنا ذلك من أن نفتح أعيننا على منجزات الاقتصاديات المتقدمة واستلهام تجاربها..
ودون الاعتناء بالتكوين المهني وحاجته لجيل جديد من المهن المعاصرة التقنية المرتبطة بدورها باقتصاد ديمقراطي متعدد وناشئ لن نستطيع استشراف المستقبل.
وكل ذلك لا يمكن ان يستقيم مع حكومة فاشلة و مع اقتصاد بطيئ ومتخلف وتابع ومثقل بالديون ويعتمد على أمطار السماء وقوة الريع والاحتكار.
لا يمكن أن نستمر في غزل الصوف بالمغزل ونحن نسمع من حولنا ضجيج الآلات تنتج آلاف الأطنان من الصوف..
لتحول مغازلنا الى معامل ولنؤهل قوة انتاجنا ولنعتن بها.
في المقال القادم سأتحدث عن مقومات تنمية حقيقية في العالم القروي.
والله المستعان. https://anfaspress.com
لست ربوت