الممثل والرئيس .بقلم : صبري يوسف.

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية الممثل والرئيس .بقلم : صبري يوسف.

الممثل والرئيس .بقلم : صبري يوسف.

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏‎Fessuoyy Yyoussef‎‏‏، و‏‏‏‏لحية‏، و‏سيلفي‏‏ و‏لقطة قريبة‏‏‏‏                                                                                                                         يتابع الشارع العربي ما يجري في مصر على عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي وأخر أزمات هذا البلد الكبير.
فقبل مدة خرج فنان مصري اسمه محمد علي ممثل ومنتج أفلام ومقاول بأشرطة متتابعة ينشرها من الأراضي الإسبانية التي طلب حق اللجوء بها، يتهم فيها العسكر ونظام السيسي بالفساد، وأنه يملك أدلة حول صحة ما يدعيه .
وفجأة تحركت المخابرات المصرية وأجهزة الدولة، واتهمت الفنان بالخيانة العظمى وسارعت إلى نفي اتهاماته التي لقيت تجاوبا كبيرا لدى الشعب المصري المنهك.
وحاول الرئيس المصري نفي كل ما جاء به الفنان خلال منتدى الشباب العالمي ..إلا أنه لم ينفي بناءه للقصور من أجل مصر وأنه سيواصل ذلك كما عبر عنه ردا على مجموعة أسئلة للشباب في ذات السياق !
الفنان لم يتوقف هنا ! بل دعا المصريين إلى الخروج يوم الجمعة المنصرم إلى الشوارع والتنديد برحيل الرئيس، ومطالبته القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير العدل إلقاء القبض على المسمى عبد الفتاح السيسي وتقديمه للقضاء، وفعلا خرجت مدن ومحافظات إلى الشوارع بما فيها ميدان التحرير، وحاولت الشرطة جاهدة إخماد هذه الانتفاضة إنما لا يزال الوضع لغاية اليوم يعد ربما بمزيد من الاحتجاجات ...فيما الرئيس المصري غادر إلى واشنطن في مهمة هناك، ما يزال لم يعد منها إلى بلده المشتعل ضد سياساته وفساده بحسب محمد علي دائما.
السؤال الأبرز هنا : لماذا لم يستطع هذا البلد مع كل إرثه التاريخي ترسيخ قيم الديمقراطية ؟
ولماذا لم يستطع المصريون بحكم الفكر والثقافة التي علمت جل بلدان العالم العربي تحصين مكتسبات الديمقراطية إن وجدت أصلا ؟
وهل فعلا عرفت مصر مفهوم الديمقراطية على امتداد تاريخها ب"العالم الشرقي " (هيجل) منذ العصور "الهلينية " وحملة بونابرت على مصر " وقبلها نزول "الكسندر المقدوني" وتأسيس الإسكندرية ونقل القيم الفلسفية والإشعاع اللاتيني إلى هناك ؟
هل تاريخ مصر العظيم على كل فتراته، منذ ما قبل حكم أسرة محمد علي إلى ثورة الضباط الأحرار ..إلى اليوم لم تكن كافية كل هذه الأزمنة على بناء وتمرين البلد الأكثر إشعاعا في الثقافة والعلم على مستوى البيئات العربية لترسيخ معاني الديمقراطية ؟
أم هل المصريون لديهم وجهات نظر حول معنى ومفهوم الحكم ؟ بمعنى هل يعقل أن لا يوزع المصريون طيلة أزمنة.. مرورا بالنهضة العربية وكتابها وشعرائها ومفكريها وفلاسفتها ومكتباتها وقانونييها وتشريعاتها، بين "أن يحكم الشعب نفسه بنفسه" وفق آلية ديمقراطية كانت ممكنة بحكم المحطات التي من المفروض أن تكون أرض "الكنانة " (المصونة والمحفوظة) قد قطعتها وهي تعلم البلدان المجاورة أصول وقواعد كل شيء؟
أم هل "الأعراف "بذلك البلد العريق لم تتعرف ب"الممارسة والتمرين "على الديمقراطية من جوارها الأوروبي قبل عهود بعيدة؟ إذا افترضنا أن الإسكندرية كانت منارة للمعرفة والعلم والترجمة ..وإذا افترضنا كذلك أن معاني الديمقراطية التي ينظر إليها اليوم داخل هذا البلد كونها من سابع المستحيلات تنزيلا .. كان الأكثر صوابا هو أن تسبق مصر الجميع في ترسيخ هذا الشرط الضروري لاستمرار الدولة بشكل مغاير لبقية الأنظمة بالمنطقة كلها .
أم هل هناك قطيعة جائزة بين أن يكون لديك مجتمع متفوق على أصعدة الفكر والثقافة والعلوم الإنسانية والاجتماعية، وأن يتخلف على مستوى تدبير الدولة لمجالها الجغرافي بمنظور قد يتناقض مع ترسيخ قيم تلك الثقافة والفكر السائدين ؟
يحار المتتبع للشأن المصري منذ ما قبل التاريخ إلى اليوم وهو يدرس مصر باحثا عن مرحلة زمنية أنتجت شروطا موضوعية لتكريس فعل الديمقراطية، التي تعود فيها أصول الكلمة إلى العهود اليونانية التي كان المصريون بالنسبة لهذه الثقافة جوار استراتيجي وراء المتوسط مهد "اليونانيين"، وبعده بونابرت والثورة الفرنسية وزخمهما، والتفاعل مع هذا الكم الغزير من المعطيات" الجيو استراتيجية" ..إنما لماذا مصر لم تأخذ بالنصيين الماديين اللذين تجاورت معهما على طول الجغرافيا الممتدة بين الشرق والغرب الكثير من التعايش والتناغم والتفاعل؟
تم هل يجوز القول أن هناك إشكالا نفسيا فلسفيا لدى المصريين حول مفهوم الديمقراطية ؟ وغياب التعاطي معه والإيمان به ورسوخ هذا المنحى داخل الأوساط كلها تقريبا، بالرغم كما أسلفنا من قدرة المواطن المصري الإبداع في الميادين العلمية البحتة، ووجود طاقات علمية بكل المحافل،ووجود شخصيات حصدت جوائز عالمية ..ووجود المصريين في بلدان الغرب. من علماء الفلك إلى الطب والهندسة والصورة والإنتاج والسينما والرقص وبقية المجالات المرتبطة حيويا بالتعددية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية ؟
أم هل تأخر ربط الهوة السحيقة عند أهل هذا البلد الكبير بين ماضيهم الفكري النهضوي "المستنير" بكل إنتاجاته الضخمة وما أعقب نهاية القرن التاسع عشر، والثورة العرابية من قبل، ومحمد علي المؤسس، وفتح قناة السويس ..والامتداد البريطاني والتاريخ المفعم بالوطنية والواقع الذي رهن البلد في إشكال أنظمة كلها لا تعرف للديمقراطية طريق نسبي ولا مطلق؟
تم كيف يتمثل الشارع المصري معاني الديمقراطية ؟ وهل يؤطر الجوار "الغني " تأخر الديمقراطية المصرية وعدم نضجها لإمكانية الخوف من تأثيرها العكسي ؟
وماذا ربح المصريون المنقسمون بعد ثورة 25 يناير أو ثورة "الغضب" لتنحي مبارك ونظامه؟ التي دفع فيها الشعب المصري دمائه وخيرة شبابه المتعلم،، وأطيافه المجتمعية من مثقفين وعلماء وكتاب وفنانين ونخبه ومجتمعه، وطبقاته الوسطى والفقيرة ؟
لماذا بعد كل العناء نفس الشعب ينقسم على ديمقراطيته ويغتالها في مهدها ؟ ويصبح فريق يخون أخر ..إعلام هنا وهناك ..رياضيون هنا وهناك..فنانون ومبدعون وعلماء وصناع للسينما ولدراما هنا وغيرهم هناك ..وسجون متخمة بالبشر ولا طريق ثالث للمصالحة الحقيقية .
هل الديمقراطية كمعاني ومفاهيم و"نزعات" حقيقة لم يتعرف إليها المصريون بالرغم من الزخم الكبير لهذا البلد عل كل الأصعدة؟ أم هل لغياب هذا الاتجاه في الذاكرة المصرية الأثر القوي مع كل إنتاجاتها ذات الأبعاد الإنسانية !
وبالتالي فالديمقراطية هنا تصبح خيارا رسميا وشعبيا وعيا و"أعرافا" قبل صياغتها إلى قوانين، ربما لم تتجسد قيم "الانتقال الديمقراطي" التي رافقت كل الذين حكموا، والذين كان مسيطر عليهم كذلك بحجة (ما) لم يألفوا الديمقراطية إلى حدود اليوم، حيث يصاب المتتبع للشأن المصري بالصدمة من كل ما يسمعه ويقرأه. عن بلد هو في كل شيء مزدهر إلا في فهم واستيعاب الديمقراطية ! فإن ردود أفعاله غير منسجمة ..والديمقراطية خيار لا تنقسم بشأنه الشعوب إلا فيما بعد في "كفايات" تنزيلها دستوريا وتشريعيا ..اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا و حقوقا ومساواة وما إلى ذلك .
عموما هي "كرة "أخرى هذه المرة يقودها فنان كان مقاول "النظام " الحاكم، ليصير ضد أصحاب الأمس ألذ أعداء اليوم، يسانده الضمير المتبقي في هذا الشعب الذي يريد الخلاص من سطوة حكم هو الأخر عليه أن يستعيد سيطرته ..وبين "الفنان والرئيس" قصة سنتابع أشواطها إلى الأخير. بين أن يفوز فرد منفرد مراهنته على الضمير الجماعي، ونظام قائم يراهن على القوة والماكينة العسكرية ونفوذ الأقوياء اقتصاديا، والجوار المتمسك بمصر الآن لاعتبارات بعضها في بنود "كامب ديفيد"، وأخرى في الرهان على قتل منظومة الوحدة العربية، ومهادنة إسرائيل، والمساعدات الأمريكية، والشعب الفقير والقلة الحاكمة الغنية المستبدة ..وهنا قد يجوز السؤال والاستفهام في معناه :
هل يجدر بنا القول والقبول بأن كل الطيور بمقدورها أن تسبح في النهر والبحر مهما ارتفعت عاليا في السماء ..ومهما امتلكت من الريش والأجنحة والإرادة والأمل والأمان؟
بقلم : صبري يوسف.

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button